مشهد أميركي لن أنساه
في حياة كل
إنسان أحداث ومشاهد لا تنسى، فمازلت أتذكر مشهد رأيته منذ عشر سنوات تقريبا حين
كنت أقف خارج مكتبة عمومية بإحدى أحياء ولاية فيرجينيا القريبة من العاصمة
الأميركية واشنطن.
إذ وقع نظري على
سيدة تخرج من المكتبة ومعها طفلها وهو في الثالثة أو الرابعة من عمره، ويحمل عددا
كبيرا من الكتب التي تبدو وكأنها كتب أطفال، وأمه تحمل بدورها العشرات منها.
ساعتها تعجبت
كثيرا، لماذا تحمل أم عشرات من كتب الأطفال لطفل صغير للغاية قد لا يتعدى عمره ثلاث
سنوات؟ ماذا سيفعل بها؟ فهو في ظني غير قادر على القراءة في هذه السن المبكرة؟ وهل
هناك كتب تصلح لطفل في الثالثة أصلا؟ ولماذا تحمل الأم العشرات منها؟
وبمرور الوقت وبقدر
من البحث والدراسة عرفت ما يلي:
أولا: أن
المكتبة العامة كانت تسمح باستخراج بطاقات استعارة لكل طفل فور ولادته، وأن كل
بطاقة تسمح للطفل باستعارة 50 كتابا في المرة الواحدة.
ثانيا: أن
المطابع الأميركية ودور النشر مليئة بالكتب التي تناسب كل الأعمار بداية من
الرضيع، وكل كتاب مصمم بعناية لكي يتماشى مع قدرات الطفل في المرحلة العمرية،
بداية من كتب المجسمات ثم الصور والأصوات مرورا بالكلمة الوحدة في الصفحة ثم
الكلمتين ثم السطر، وهكذا.
وبالطبع هذا
يعكس تقدم الأميركيين في هذا المجال وفي علوم تربية الأطفال في الأعمار المبكرة
بشكل عام.
ثالثا: من
العادي جدا والمنتشر أيضا أن تجد أصدقاء يهدون أسرة تنتظر طفلا عدة كتب للطفل
الرضيع، وهو أمر مستحب ومنتشر في بلد كأميركا، ويكاد لا يكون له وجود في
بلادنا.
رابعا: من
العادي أيضا أن تجد أم تقرأ لطفلها وهو جنين في بطنها، وهي تؤمن أنها يسمعها
ويستفيد ويتعلم، وبالطبع فور ولادته وفي أيامه الأولى تضع الأم في يد طفلها كتابا
صغيرا من القماش يتحسسه ليكون بين أول ألعابة وممتلكاته ومقتنياه المقربة إلى قلبه
وعينيه.
خامسا: المدن
الأميركية مليئة بالمكتبات العامة والخاصة بشكل كبير للغاية، وأتذكر أنه كنت أعيش
في تلك المدينة على بعد خمس دقائق بالسيارة من ثلاث مكتبات (مكتبة عامة ومكتبتان
لشركات).
وبالطبع المكتبة الخاصة في أميركا ليست فقط متجرا لبيع الكتب، فهي كمعرض واسع للكتب به جزء للقراءة، وأخر لقراءة الصحف وشرب فنجان من الشاي أو القهوة، وعشرات الرفوف المحملة بأحدث الكتب وعدد من الموظفين المتخصصين والمثقفين والمستعدين لخدمتك في أي لحظة وفي مساعدتك على الحصول على أي كتاب داخل المكتبة أو خارجها.
وبالطبع المكتبة الخاصة في أميركا ليست فقط متجرا لبيع الكتب، فهي كمعرض واسع للكتب به جزء للقراءة، وأخر لقراءة الصحف وشرب فنجان من الشاي أو القهوة، وعشرات الرفوف المحملة بأحدث الكتب وعدد من الموظفين المتخصصين والمثقفين والمستعدين لخدمتك في أي لحظة وفي مساعدتك على الحصول على أي كتاب داخل المكتبة أو خارجها.
وأتذكر كيف كنت
أنتظر بشوق صدور كتاب لأحد مشاهير الكتب أو السياسيين، لأجد في صباح يوم صدوره في
الأسواق أو قبلها هرما من عشرات النسخ من الكتاب الجديد في نافذة المكتبة الخاصة.
وفي كل مكتبة ركنا خاص بالأطفال، به كتب وألعاب، يسمح فيه باصطحاب الأطفال للعب وقراءة الكتب على أن يصاحبهم أحد الأبوين ضمانا لنظافة المكتبة وسلامة محتوياتها، فإن أرادوا شراء الكتاب بعد قراءته كان بها، وإن لم يرغبوا في ذلك تركوا الكتاب كما هو وانصرفوا للذي يليه حتى يشعر الطفل بكفايته من القراءة فيعود إلى الألعاب المعروضة أو يغادر المكتبة سعيدا ممتلئ بالمعرفة مع أبويه.
وفي كل مكتبة ركنا خاص بالأطفال، به كتب وألعاب، يسمح فيه باصطحاب الأطفال للعب وقراءة الكتب على أن يصاحبهم أحد الأبوين ضمانا لنظافة المكتبة وسلامة محتوياتها، فإن أرادوا شراء الكتاب بعد قراءته كان بها، وإن لم يرغبوا في ذلك تركوا الكتاب كما هو وانصرفوا للذي يليه حتى يشعر الطفل بكفايته من القراءة فيعود إلى الألعاب المعروضة أو يغادر المكتبة سعيدا ممتلئ بالمعرفة مع أبويه.
سادسا: لذا من
الطبيعي أن تجد في المكتبات رضع، وأطفال يخطون خطواتهم الأولى.
سابعا: الكتب
تخاطب الطفل وكل مرحلة يمر بها، فهناك كتب عن أول يوم في المدرسة، وكتب عن
الأصدقاء وكيفية اللعب معهم، وكتب عن الحيوانات الأليفة وأخرى عن الألعاب والملابس
والمشاعر والأفكار والأخ أو الأخت الجديدة، وكل شيء يتعرض له الطفل بشكل
عام.
وهكذا ينشأ
الطفل بين الكتب والمكتبات، فتصبح جزأ لا يتجزأ من حياته، يعود إليها في كل يوم
وساعة تقريبا، فالكتب هي صديقة الطفل الأميركي ورفيقته.
قيم عظيمة أتمنى
أن نتعلمها من أميركا وحضارتها، فهي قيم في جوهر حضارتنا وثقافتنا ولكننا نسيناها،
ورأيت أنه لابد من التذكرة بها في عصر الثورات العربية، لعل وعسى.
وكل عام وأنتم
بخير
مقال بقلم: علاء
بيومي
يمكن نشر
المقال مع الإشارة إلى مصدره:
No comments:
Post a Comment