ثلاثة حلول مطروحة أمام الإخوان والثوار للخروج بمصر من الأزمة الراهنة!؟
القوى الداعمة للثورة في مصر بقيادة فصيلها الأكبر – الأخوان المسلمون –
أمامها ثلاثة خيارات أو سيناريوهات رئيسية مطروحة على الساحة حاليا في هذه اللحظة
التاريخية الصعبة من عمر مصر وثورتها تحدد مستقبلها ومستقبل البلد وشعبها وعليها
الاختيار بينها، وهي كالتالي:
البديل الأول طرحه العسكر في انقلابهم الأخير على خطة نقل السلطة للمدنيين بنهاية
الشهر الحالي، ويقول سيناريو العسكر أن الرئيس الفائز في الانتخابات سيحكم مصر
لستة أشهر فقط، يتم خلالها وضع دستور يختار العسكر اللجنة التي ستكتبه أو يمتلكون
على الأقل حق الاعتراض على ما ستكتب، وبعد وضع الدستور تتم إعادة انتخاب البرلمان
والرئيس.
وسوف يبقى الرئيس خلال الشهور الستة منقوص الصلاحيات فهو لا يقر الميزانية أو يتحكم في الجيش والذي سيبقى تحت سيطرة العسكر حتى إشعار أخر وربما للأبد، فلا أحد يعرف طبيعة الدولة التي يريدها العسكر والتي سيسعون لفرضها من خلال الدستور الذي سيكتب تحت سيطرتهم.
الخيار الثاني والذي طرحته بعض القوى الثورية وتحدث عنه البرادعي بوضوح، والذي يرى أن البلاد تسير إلى صدام خطير، وأن الأفضل لمصر هو توافق الجميع (العسكر والثوار) على فترة انتقالية (عام واحد فقط) يتم خلالها كتابة الدستور وعقد انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة.
ويبدو لي مما تابعت من تصريحات البرادعي ومما أعرف عن مواقف القوى الثورية غير الإخوانية وغير السلفية في مصر أن الثوريين لن يقبلوا بدستور تحت حكم العسكر أو بإعطاء العسكر مزايا خاصة، والواضح أيضا أنهم لا يقبلون كذلك باستمرار البرلمان الحالي ولا الجمعية التأسيسية التي شكلها ولا استمرار الرئيس الفائز في الرئاسة لمدى أربع سنوات.
بمعني أن البرادعي غير راض عن البرلمان والرئيس المنتخبين ويرى أنهما مؤقتين وأنهما انتخابا في ظروف سيئة لم تسمح بصعود الأفضل لمصر، ولكنه يريد شراكة بين القوى الداعمة للثورة بما في ذلك التيار الديني لطرد العسكر خارج السلطة لكي يسيطروا هم على عملية كتابة الدستور وحكم البلاد فورا ولفترة انتقالية (عام تقريبا وهو أطول من الشهور السنة التي يقترحها العسكر) حتى إكمال مؤسسات الحكم في البلاد على أسس جديدة وسليمة.
الخيار الثالث وهو المطروح حتى الآن
من التيار الديني وخاصة الإخوان، ويرى هؤلاء أن قرار حل البرلمان سياسي وغير
مقبول، وأن البرلمان لم يحل ويجب أن يسمح له بالعودة للعمل وأن يسمح باللجنة التأسيسية
التي اختارها البرلمان قبل حله بممارسة عملها والانتهاء من كتابة الدستور، وأن
يسمح لمرشح الأخوان الفائز (محمد مرسي) بتقلد الحكم بصلاحيات كاملة ولمدته كاملة،
وهذا ما يظهر من مواقف الإخوان حتى الآن فهم على الأقل لم يقدموا رؤية بديلة.
هذا يعني في الغالب أن الأخوان يريدون أن يكمل البرلمان مدته والرئيس
ولايته، أو على الأقل أن يسمح لهما بذلك ما لم تفضل الجمعية التأسيسية والتي يمثل
التيار الديني نصفها وربما أكثر عقد انتخابات تشريعية ورئاسية فور الانتهاء من
كتابة الدستور.
وهنا يصبح السؤال المنطقي هو: أي السيناريوهات السابقة الأفضل لمصر ولثورتها
والأكثر واقعية وديمقراطية والأكثر قدرة على العبور بنا من المرحلة الانتقالية
الصعبة خاصة وأن مصر تحت ضغوط سياسية واقتصادية متزايدة!؟ وهل هناك سيناريوهات
أخرى.
وفي الحقيقة لا توجد سيناريوهات واضحة للخروج من المأزق الراهن سوى
السيناريوهات السابقة، إلا إذا افترضنا أن الارتجال هو السيناريو البديل الرابع،
بمعني أن نترك القوى السياسية تتفاعل وتتصارع مع بعضها في الميادين وفي أروقة
السياسة وأن ننتظر ما قد ينتج عن هذا الصدام من إيجابيات وسلبيات أو حتى فوضي
ونتعامل معه في حينه.
على الجانب الأخر يمكن أن نحاول في التفكير الموضوعي في السيناريوهات
الثلاثة السابقة، وقد يرى التيار الوطني أن سيناريو العسكر (البديل الأول) مرفوض
وأن على القوى الداعمة للثورة التوحد لطرد العسكر من الحكم في أقرب فرصة بغطاء
شعبي ودولي.
لذا يصبح السؤال حول البديلين الثاني والثالث وأيهما أفضل لمصر لثورتها!؟ هل خيار البرادعي أفضل أم خيار الإخوان!؟ وسوف أترك لكم الإجابة النهائية والقرار، وإن كنت أميل شخصيا للاعتقاد في الأمور التالية:
أولا: التيار الديني (الإخوان والسلفيين) في حاجة لوحدة قوية وواسعة مع التيار الثوري الحقيق الذي دعمهم في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ويضم هذا التيار بعض الجماعات الثورية (6 أبريل وغيرهم) وعبد المنعم أبو الفتوح وأنصاره بينما قاطع البرادعي وحمدين صباحي التصويت، ولكنها لم يساندا مرشح العسكر، ويبدو من حديث البرادعي على الأقل أنه مستعد للتعاون مع الإخوان للعبور بالبلاد من هذا الظرف الصعب.
ويجب الإشارة هنا إلى أن مصر أمام اختبارات اقتصادية صعبة هذا الصيف قد تفرض عليها تخفيض سعر عملتها وما قد يترتب على ذلك من تضخم والإضرار بمصالح المواطن العادي ودخله الضعيف، وقد يترتب على ذلك احتجاجات واسعة، ولهذا مصر في أحوج الظروف لحكومة وحدة وطنية تشمل الجميع، فلا يوجد تيار قادر على مواجهة ما سيحدث بمفرده، وأن من سيحاول تصدر المشهد سيكتب على نفسه الانتحار السياسي.
ثانيا: لا أعتقد أن الإخوان والسلفيين قادرون على خوض المعركة السياسية
الراهنة وحدهم، فالمعركة تحتاج توحيد الصفوف داخليا وخارجيا، وتحتاج كبار قيادات
التيار الثوري كما تحتاج شبابهم، وأعتقد أن هروب الإخوان من التفاوض مع البرادعي
وصباحي خطأ وتركهما خارج تحالف القوى المعارضة للعسكر خطأ إستراتيجي داخلي وخارجي،
فالبرادعي يكاد يكون الصوت الأهم للثورة المصرية في المجتمع الدولي ووجوده كقامة
كبيرة ضرورة لمواجهة السكر وإحراجهم، كما أن صباحي يمتلك شرعية أدائه المؤثر في
الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
ثالثا: أخطأ الإخوان والسلفيون في منافسه التيار الثوري الوطني في الماضي وأخطئوا في عدم الدخول معهم في شراكة سياسية ودعمهم انتخابيا، كما شابت الانتخابات التشريعية أخطاء سياسية وقانونية قادت إلى البنية غير المتوازنة سياسيا لمجلس الشعب.
وأنا شخصيا أعتقد أن الفرصة لم تنقض لإصلاح أخطاء الماضي وعلاجها، وأن على الإخوان والسلفيين الاعتراف بأخطائهم في حق التيار الثوري الوطني بتلبية مطالبه وإشراكه في حكومة انتقالية قصيرة العمر ثم الدخول معه في شراكة سياسية ضد فلول النظام في انتخابات تشريعية ورئاسية خلال العام المقبل وبعد كتابة دستور جديد والعسكر خارج حكم السلطة، هذا هو المخرج الأفضل للبلاد من أزمتها الراهنة كما أعتقد.
وإذا وافق عليه الإخوان والسلفيون والقوى الثورية لن يكون سوى بداية لمهمة أصعب وهي التفاوض مع العسكر لإقناعهم به، ولن يكون التفاوض سهلا، ولكنه سينطلق من أرضية وطنية قوية ومتحدة تقف عليها القوى الثورية داخل مصر وأمام العالم، والله أعلم.
علاء بيومي 20 يونيو 2012
1 comment:
تحياتى لكم .. فين الموضوعات الجديدة
Post a Comment