أهداف مسلمي وعرب أمريكا من المشاركة في انتخابات 2004
بقلم: علاء بيومي
الناشر: جريدة الشرق الأوسط، 18 مارس 2004
نص المقال
مع دخول انتخابات الرئاسة الأمريكية مراحلها الجادة يكثر الحديث عن الدور التي يمكن أن يلعبه مسلمو وعرب أمريكا في التأثير على مسار الانتخابات وما ستسفر عنه من نخب وسياسات مؤثرة على قضايا المسلمين والعرب على المستويين الداخلي والخارجي، ولما كان الموضوع نفسه يشغل حيزا متزايدا من فكر ونشاطات مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) في الفترة الراهنة رأيت كتابة المقال التالي من وحي آراء ومقترحات عديدة تداولها مسئولي كير وقياداتها في الفترة الأخيرة
ومحور هذه الرؤى والمقترحات هو ضرورة عدم اختزال أهداف مشاركة مسلمي وعرب أمريكا في فعاليات موسم الانتخابات الراهن في هدف واحد أو هدفين بغض النظر عن أهميتهما، وإنما يجب النظر إلى المدى الواسع والمتنوع من الأهداف التي يمكن تحقيقها من مشاركة مسلمي وعرب أمريكا في انتخابات العام الحالي، مما قد يساعدنا فيما بعد على تقييم مدى جدوى وفعالية هذه المشاركة
وأصل القضية هو وجود عدد كبير ومتنوع من الأهداف التي يمكن أن تحققها أي جماعة أمريكية من خلال مشاركتها في سباق الانتخابات، نذكر منها اختصارا الأمثلة التالية
أولا: توعية المرشحين والناخبين على حد سواء بقضايا الجماعة الأساسية
ثانيا: إكساب أعضاء الجماعة أنفسهم خبرة المشاركة في الانتخابات وفي العملية السياسية من خلال العمل بالحملات الانتخابية سواء كمتبرعين أو كموظفين دائمين
ثالثا: التأثير على سير العملية الانتخابية بالمساهمة في إنجاح المرشحين المتعاطفين وإسقاط من دونهم
رابعا: استعراض قوة الجماعة السياسية سواء في مجال التبرع المالي أو النجاح الإعلامي أو الخبرة السياسية في مجال الحملات والتعبئة السياسية
خامسا: ممارسة حق الجماعة وواجبها الوطني المتعلق بالمشاركة في الانتخابات والتصويت والاهتمام بقضايا المجتمع الأمريكي
وجدير هنا بالذكر أن موسم الانتخابات الأمريكي يشمل الاقتراع على آلاف المناصب السياسية على مستوى المحليات والولايات وعلى مستوى أمريكا ككل، مما يعني أنه ينبغي على كل جماعة أمريكية أن تحدد المستوى أو النطاق الذي تنوى استهدافه لتحقيق أهدافها عليه، إذ يستحيل لأي جماعة خاصة وإن كانت أقلية تحقيق جميع الأهداف السابقة في جميع الحملات الانتخابية المتنافس عليها في العام الراهن أو في أي عام
كما أن الأهداف السابقة ذات طبيعة تكاملية بمعنى أن نجاح جماعة أمريكية ما في تحقيق أحدها يصب بشكل مباشر في نجاحها في تحقيق غيره من الأهداف، كما أن نجاح أي جماعة في الخروج فائزة من موسم الانتخابات يتطلب تحقيق أكبر عدد من الأهداف السابقة على أكثر من مستوى
وهنا يجدر التذكير بفكرة المقال الأساسية، وهي أن خروج المسلمين والعرب الأمريكيين فائزين من موسم الانتخابات الحالي لن يتوقف فقط على تحقيق أي هدف من الأهداف السابقة وحده بغض النظر عن أهميته، وإنما على قدرة مسلمي وعرب أمريكا على التحرك المتناغم والمتزامن لتحقيق أكبر عدد من الأهداف السابقة على مستويات مختلفة وخاصة فيما يتعلق بالأهداف التي يحتاجها مسلمو وعرب بشدة في الفترة الراهنة والمستويات التي يمكن أن تتأثر بدرجة أكبر بدور الأقليات الصاعدة كالأقلية المسلمة والعربية الأمريكية
وفيما يتعلق بحاجات مسلمي وعرب أمريكا التي ينبغي أن تحتل قمة أولوياتهم في الفترة الراهنة، يمكن سريعا الإشارة للأهداف الآتية
أولا: ضرورة النظر للحملات الانتخابية كفرصة للعمل مع أكبر عدد من الجمعيات المدنية والسياسية المنفتحة والمقبلة على اجتذاب المساندة والناخبين في ظل سعى المرشحين وحملاتهم لاجتذاب أكبر عدد من المساندين، ويجب أن ينظر للعمل مع هذه الجماعات كفرصة لإزالة ما يعلق بأذهانهم من صور نمطية تجاه المسلمين والعرب في الفترة الراهنة، إذا تشير الإحصاءات المتعلقة بنظرة الرأي العام الأمريكي للإسلام والمسلمين بشكل عام منذ أحداث سبتمبر 2001 إلى انتشار النظرة السلبية للإسلام والمسلمين والعرب في أوساط ثلث الشعب الأمريكي تقريبا مقارنة بنسبة 10-15 % قبل أحداث سبتمبر
ثانيا: مشاركة المسلمين والعرب الفعالة في الحملات الانتخابية ونشاطهم في خدمة قضايا المرشحين والمجتمع الأمريكي المختلفة خاصة في مجالات التعليم والصحة والوظائف والمعاشات والقضايا الأخلاقية وغيرها من القضايا التي تهم المواطن الأمريكي سوف تمثل أداة هامة لدحض أراء الأقليات السياسية المتشددة والنشطة في التشكيك في وطنية المسلمين والعرب الأمريكيين
ثالثا: هناك عدد من التحالفات الهامة التي دخلها مسلمو وعرب أمريكا بالفعل خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة مع خليط واسع من منظمات الحريات المدنية والأقليات الآسيوية والإفريقية الأمريكية واللاتينية واليابانية ومنظمات الأديان، وتعد الانتخابات حلقة هامة في مسيرة مسلمي وعرب أمريكا على صعيد ترسيخ تحالفاتهم الهامة الجديدة
رابعا: مسلمو وعرب أمريكا كأقلية ناشئة في حاجة إلى إكساب أكبر عدد من أبنائهم خبرة المشاركة في العملية السياسية الأمريكية بمختلف مراحلها وخاصة في الانتخابات
خامسا: مشاركة المسلمين والعرب الأمريكيين بالحملات الانتخابية المختلفة سوف تكون فرصة لتوعية الآخرين بقضاياهم وعلى رأسها رفض ما تتعرض له الحقوق والحريات الأمريكية من تدهور في فترة ما بعد أحداث سبتمبر 2001، والمطالبة بسياسة أمريكية أكثر قدرة على تحقيق العدالة والسلام الدوليين، ومكافحة ثقافة الكراهية والشك التي تروجها بعض الجماعات الأمريكية المتطرفة تجاه الأقليات بشكل عام وتجاه مسلمي وعرب أمريكا بشكل خاص
سادسا: سوف يتحتم على قيادات مسلمي وعرب أمريكا ومؤسساتهم اختيار عدد من محدود من السباقات الانتخابية الهامة والأكثر قابلية للتأثير عليها لترك بصمات قوية على مسارها
التحليل السابق يعني ضرورة التخلي عن بعض النظرات الضيقة التي تحصر موسم الانتخابات الحالي في سباق انتخابي واحد وهو سباق الرئاسة الأمريكية، وترى أن نجاح المسلمين الوحيد يتوقف فقط على قدرتهم على إحداث تغييرا كليا في مسار السباق الأكثر أهمية وصعوبة وفي مواقف مرشحي الرئاسة تجاه قضايا مسلمة وعربية محددة خاصة القضايا الدولية
انتشار النظرة الضيقة السابقة لن يؤدي إلا إلى تشتيت اهتمام مسلمي وعرب أمريكا عن أهداف هامة عديدة يمكنهم تحقيقها بالمشاركة في سباق الانتخابات الأمريكية الراهن، ولمواجهته ينبغي علينا ترويج نظرة أكثر واقعية وانفتاحا
الناشر: جريدة الشرق الأوسط، 18 مارس 2004
نص المقال
مع دخول انتخابات الرئاسة الأمريكية مراحلها الجادة يكثر الحديث عن الدور التي يمكن أن يلعبه مسلمو وعرب أمريكا في التأثير على مسار الانتخابات وما ستسفر عنه من نخب وسياسات مؤثرة على قضايا المسلمين والعرب على المستويين الداخلي والخارجي، ولما كان الموضوع نفسه يشغل حيزا متزايدا من فكر ونشاطات مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) في الفترة الراهنة رأيت كتابة المقال التالي من وحي آراء ومقترحات عديدة تداولها مسئولي كير وقياداتها في الفترة الأخيرة
ومحور هذه الرؤى والمقترحات هو ضرورة عدم اختزال أهداف مشاركة مسلمي وعرب أمريكا في فعاليات موسم الانتخابات الراهن في هدف واحد أو هدفين بغض النظر عن أهميتهما، وإنما يجب النظر إلى المدى الواسع والمتنوع من الأهداف التي يمكن تحقيقها من مشاركة مسلمي وعرب أمريكا في انتخابات العام الحالي، مما قد يساعدنا فيما بعد على تقييم مدى جدوى وفعالية هذه المشاركة
وأصل القضية هو وجود عدد كبير ومتنوع من الأهداف التي يمكن أن تحققها أي جماعة أمريكية من خلال مشاركتها في سباق الانتخابات، نذكر منها اختصارا الأمثلة التالية
أولا: توعية المرشحين والناخبين على حد سواء بقضايا الجماعة الأساسية
ثانيا: إكساب أعضاء الجماعة أنفسهم خبرة المشاركة في الانتخابات وفي العملية السياسية من خلال العمل بالحملات الانتخابية سواء كمتبرعين أو كموظفين دائمين
ثالثا: التأثير على سير العملية الانتخابية بالمساهمة في إنجاح المرشحين المتعاطفين وإسقاط من دونهم
رابعا: استعراض قوة الجماعة السياسية سواء في مجال التبرع المالي أو النجاح الإعلامي أو الخبرة السياسية في مجال الحملات والتعبئة السياسية
خامسا: ممارسة حق الجماعة وواجبها الوطني المتعلق بالمشاركة في الانتخابات والتصويت والاهتمام بقضايا المجتمع الأمريكي
وجدير هنا بالذكر أن موسم الانتخابات الأمريكي يشمل الاقتراع على آلاف المناصب السياسية على مستوى المحليات والولايات وعلى مستوى أمريكا ككل، مما يعني أنه ينبغي على كل جماعة أمريكية أن تحدد المستوى أو النطاق الذي تنوى استهدافه لتحقيق أهدافها عليه، إذ يستحيل لأي جماعة خاصة وإن كانت أقلية تحقيق جميع الأهداف السابقة في جميع الحملات الانتخابية المتنافس عليها في العام الراهن أو في أي عام
كما أن الأهداف السابقة ذات طبيعة تكاملية بمعنى أن نجاح جماعة أمريكية ما في تحقيق أحدها يصب بشكل مباشر في نجاحها في تحقيق غيره من الأهداف، كما أن نجاح أي جماعة في الخروج فائزة من موسم الانتخابات يتطلب تحقيق أكبر عدد من الأهداف السابقة على أكثر من مستوى
وهنا يجدر التذكير بفكرة المقال الأساسية، وهي أن خروج المسلمين والعرب الأمريكيين فائزين من موسم الانتخابات الحالي لن يتوقف فقط على تحقيق أي هدف من الأهداف السابقة وحده بغض النظر عن أهميته، وإنما على قدرة مسلمي وعرب أمريكا على التحرك المتناغم والمتزامن لتحقيق أكبر عدد من الأهداف السابقة على مستويات مختلفة وخاصة فيما يتعلق بالأهداف التي يحتاجها مسلمو وعرب بشدة في الفترة الراهنة والمستويات التي يمكن أن تتأثر بدرجة أكبر بدور الأقليات الصاعدة كالأقلية المسلمة والعربية الأمريكية
وفيما يتعلق بحاجات مسلمي وعرب أمريكا التي ينبغي أن تحتل قمة أولوياتهم في الفترة الراهنة، يمكن سريعا الإشارة للأهداف الآتية
أولا: ضرورة النظر للحملات الانتخابية كفرصة للعمل مع أكبر عدد من الجمعيات المدنية والسياسية المنفتحة والمقبلة على اجتذاب المساندة والناخبين في ظل سعى المرشحين وحملاتهم لاجتذاب أكبر عدد من المساندين، ويجب أن ينظر للعمل مع هذه الجماعات كفرصة لإزالة ما يعلق بأذهانهم من صور نمطية تجاه المسلمين والعرب في الفترة الراهنة، إذا تشير الإحصاءات المتعلقة بنظرة الرأي العام الأمريكي للإسلام والمسلمين بشكل عام منذ أحداث سبتمبر 2001 إلى انتشار النظرة السلبية للإسلام والمسلمين والعرب في أوساط ثلث الشعب الأمريكي تقريبا مقارنة بنسبة 10-15 % قبل أحداث سبتمبر
ثانيا: مشاركة المسلمين والعرب الفعالة في الحملات الانتخابية ونشاطهم في خدمة قضايا المرشحين والمجتمع الأمريكي المختلفة خاصة في مجالات التعليم والصحة والوظائف والمعاشات والقضايا الأخلاقية وغيرها من القضايا التي تهم المواطن الأمريكي سوف تمثل أداة هامة لدحض أراء الأقليات السياسية المتشددة والنشطة في التشكيك في وطنية المسلمين والعرب الأمريكيين
ثالثا: هناك عدد من التحالفات الهامة التي دخلها مسلمو وعرب أمريكا بالفعل خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة مع خليط واسع من منظمات الحريات المدنية والأقليات الآسيوية والإفريقية الأمريكية واللاتينية واليابانية ومنظمات الأديان، وتعد الانتخابات حلقة هامة في مسيرة مسلمي وعرب أمريكا على صعيد ترسيخ تحالفاتهم الهامة الجديدة
رابعا: مسلمو وعرب أمريكا كأقلية ناشئة في حاجة إلى إكساب أكبر عدد من أبنائهم خبرة المشاركة في العملية السياسية الأمريكية بمختلف مراحلها وخاصة في الانتخابات
خامسا: مشاركة المسلمين والعرب الأمريكيين بالحملات الانتخابية المختلفة سوف تكون فرصة لتوعية الآخرين بقضاياهم وعلى رأسها رفض ما تتعرض له الحقوق والحريات الأمريكية من تدهور في فترة ما بعد أحداث سبتمبر 2001، والمطالبة بسياسة أمريكية أكثر قدرة على تحقيق العدالة والسلام الدوليين، ومكافحة ثقافة الكراهية والشك التي تروجها بعض الجماعات الأمريكية المتطرفة تجاه الأقليات بشكل عام وتجاه مسلمي وعرب أمريكا بشكل خاص
سادسا: سوف يتحتم على قيادات مسلمي وعرب أمريكا ومؤسساتهم اختيار عدد من محدود من السباقات الانتخابية الهامة والأكثر قابلية للتأثير عليها لترك بصمات قوية على مسارها
التحليل السابق يعني ضرورة التخلي عن بعض النظرات الضيقة التي تحصر موسم الانتخابات الحالي في سباق انتخابي واحد وهو سباق الرئاسة الأمريكية، وترى أن نجاح المسلمين الوحيد يتوقف فقط على قدرتهم على إحداث تغييرا كليا في مسار السباق الأكثر أهمية وصعوبة وفي مواقف مرشحي الرئاسة تجاه قضايا مسلمة وعربية محددة خاصة القضايا الدولية
انتشار النظرة الضيقة السابقة لن يؤدي إلا إلى تشتيت اهتمام مسلمي وعرب أمريكا عن أهداف هامة عديدة يمكنهم تحقيقها بالمشاركة في سباق الانتخابات الأمريكية الراهن، ولمواجهته ينبغي علينا ترويج نظرة أكثر واقعية وانفتاحا