Tuesday, February 24, 2009

تعيين دينيس روس واكتمال عقد الليبراليين الجدد حول أوباما
مقال بقلم: علاء بيومي

يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره

www.alaabayoumi.com

نص المقال

تعيين دينيس روس مستشارا للخارجية الأميركية بخصوص منطقة الخليج وإيران لم يكن مستغربا بل جاء تأكيدا لوجهة نظر تقول بأن إدارة باراك أوباما وضعت ملف السياسة الخارجية في أيدي الليبراليين الجدد الذين لا يقلون خطورة أحيانا كثيرة عن المحافظين الجدد الذين انشغل العالم بهم خلال عهد جورج دبليو بوش

فأوباما حير العالم خلال حملته الانتخابية بسبب خلفيته السياسية غير المعروفة وخطابه البراق، ويبدو أن أوباما - ومن خلفه مستشاره دايفيد أكسلرود - باعا للعالم خطابا براقا خلال الحملة الانتخابية، خاصة وأن أكسلرود معروف بقدرته على إدارة حملات انتخابية "ما بعد حداثية" تركز على شخصية المرشح لا على سياساته حتى أنه يمتلك شركة دعاية خاصة تتخصص في تصوير مصالح الشركات الخاصة على أن مصالح سياسية عامة تخدم المجتمع

وعندما فاز أوباما فضل السلامة ووضع سياسته الخارجية في أيدي الصقور وهم كثيرون حوله، وعلى رأسهم هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية وجوزيف يايدن نائب الرئيس ورام إيمانويل كبير موظفي البيت الأبيض وريتشارد هولبروك مبعوث أفغانستان ودينيس روس مستشار الخليج وإيران

المثير في هؤلاء جميعا هو أنهم ينتمون لنفس المدرسة الأيدلوجية ويسيطرون على أهم الملفات حساسية في عهد أوباما

فهم ينتمون جميعا لتيار الليبراليين الجدد والذي يتشابه كثيرا من حيث نشأته وأفكاره مع المحافظين الجدد، فالتياران ينتميان لمجموعة "البيض الليبراليين المحافظين" الذين رفضوا انحياز الحزب الديمقراطي منذ منتصف الستينيات لليسار الجدد، وكان المحافظون الجدد – وأبرز قادتهم من اليهود الأميركيين - أقل صبرا وأكثر ضيقا بهذا الانحياز فتركوا الحزب سريعا وانضموا للحزب الجمهوري خاصة عندما يرى أن اليسار الجدد ينحاز مع الاتحاد السوفيتي والعرب ضد أميركا وإسرائيل

أما الليبراليون الجدد فكانوا أكثر صبرا، لذا قرروا البقاء في الحزب الديمقراطي وتغييره من الداخل، وبالفعل تحقق لهم ذلك منذ منتصف الثمانينيات ومع صعود جيل جديد من القادة الشباب على رأسهم بيل كلينتون وآل جور وجوزيف ليبرمان، وتمكن كلينتون من الفوز بالرئاسية الأميركية في عام 1992 وبدأ في صياغة مبادئ الكلنتونية في فترة النظام العالمي الجديد

وقد دارت الكلنتونية على مستوى السياسية الخارجية حول أفكار تتشابه كثيرا مع أفكار المحافظين الجدد وعلى رأسها إعادة صياغة النظام العالم على شاكلة ترضي أميركا، والحفاظ على الأحادية القطبية لأطول فترة ممكنة، وتفضيل سياسة خارجية أميركية أكثر تدخلية

لذا أيد المحافظون الجدد بيل كلينتون لتدخله في الصومال والبوسنة وغيرها من مناطق الصراع الساخنة في التسعينيات، ولكنهم انتقدوه لأنه كان أقل طموحا منهم وأكثر ترددا في استخدام القوة العسكرية مقارنة معهم وفضلوا عليه صقور الحزب الجمهوري الصاعدين من أمثال جون ماكين والذي انتقد كلينتون بشدة لتردده في شن حرب حاسمة ضد النظام العراقي

الفارق هنا ضئيل للغاية بين الليبراليين الجدد والمحافظين الجدد، فالفارق يدور حول رفض الليبراليين الجدد لنزعة المحافظين الجدد العسكرية المفرطة، فهم يرون أن الميل المفرط للنزعة العسكرية يضر بصورة أميركا ومصالحها، ويفضلون في المقابل تغليب الدبلوماسية أو القوة الناعمة مع الاحتفاظ بتوجه صقوري تدخلي في السياسة الخارجية لا يتردد في خوض الحروب وهي المدرسة التي تمثلها بوضوح هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية حاليا ومنافسة أوباما اللدودة في انتخابات 2008 الرئاسية

ومن يرفض هذه الفكرة عليه أن يتذكر أن الليبراليين الجدد بقيادة هيلاري وبايدن وقيادات الديمقراطيين بالكونجرس أيدوا قرار حرب العراق، ورام إيمانويل والذي يعد أحد مهندسي صعود الديمقراطيين في انتخابات 2006 قال أنه كان سيدعم غزو العراق حتى لو علم مسبقا بعدم امتلاكه أسلحة دمار شامل، كما ساند إيمانويل بشدة جوزيف ليبرمان صقر الحزب الديمقراطي الذي دعم جون ماكين في انتخابات 2008، والمعروف أن ليبرمان ترك الحزب الديمقراطي بسبب صقوريته الأول المفرطة في انتخابات عام 2006، ولكن إيمانويل كبير موظفي البيت الأبيض وأحد المقربين لأوباما ساند ليبرمان في انتخابات 2006 على حساب هاورد دين رئيس لجنة الحزب الديمقراطي الأميركي المركزية في ذلك الحين وأحد أهم زعامات تيار اليساريين الجدد داخل الحزب

ولما فاز أوباما وتحول إيمانويل لكبير موظفي البيت الأبيض قرر هاورد دين زعيم تيار اليساريين الجدد وأكبر ناقدي حرب العراق منذ عام 2004 الاستقالة بعدما تحول الحزب الديمقراطي لحزب أغلبية بفضله وبفضل التيار المعادي للحرب لا بفضل أمثال إيمانويل كما يري الكثيرون، ولكن يبدو أن ثورة هاورد دين ورثها رام إيمانويل وجوزيف بايدن وهم أحد أكثر الديمقراطيين خبرة بقضايا السياسة الخارجية ومع ذلك دعم حرب العراق في 2002 وطرح خطة لتقسيمه بعد ذلك ووصف نفسه بأنه "صهيوني

أما هولبروك فهو أحد أهم دعاة الليبرالية الجديدة على ساحة السياسة الخارجية منذ أوائل الثمانينات حيث كتب يطالب الديمقراطيين بتبني سياسة خارجية صقورية توازي تشدد الجمهوريين في عهد ريجان، وذلك لكي يتمكنوا من العودة سياسيا بقوة وسحب البساط الجماهيري من تحت أقدام الجمهوريين الأكثر تشددا ضد الإتحاد السوفيتي في ذلك الحين، لذا لم يكن مستغربا أن تمنحه إدارة هيلاري وبايدن ملف أفغانستان وهو الملف الأكثر حساسية في عهد أوباما

أما روس فاسمه يرتبط مؤخرا بتقرير متشدد صدر بخصوص إيران صادر عن مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدني ويركز على ضرورة التنسيق بين أميركا وإسرائيل بخصوص إيران، ومن المثير أن التقرير حاز بتوقيع سوزان رايس سفيرة أوباما للأمم المتحدة، وجايمس جونز مستشار السياسة الخارجية، ومنذ ذلك الحين والتوقعات تشير لتولي روس ملف إيران في إدارة أوباما بشكل من الأشكال، وصدقت هذه التوقعات بإعلان تعيين روس لمنصب مستشار الخليج وإيران في وزارة الخارجية

هذا يعني أن أوباما وضع سياسته الخارجية في أيدي الليبراليين الجدد، وفضل السلامة على المخاطرة، ومال إلى السيناريو الأكثر تشددا، والذي ينادي بسحب القوات الأميركية من العراق في أسرع وقت لا لتصحيح أخطاء الاحتلال ولكن لتحريرها من قيود العراق واستخدامها كعامل ضغط على إيران، كما وضع أوباما الملفات الأكثر صعوبة مثل إيران وأفغانستان في أيدي صقور مثل روس وهولبروك، وترك إدارتهم لبايدن وهيلاري كلينتون

أما ملف الشرق الأوسط فتركه أوباما لجورج ميتشل الأقل صقورية وربما كمحالة لطمأنة العرب، ولكنه قد يعني في الحقيقة أن أوباما يريد تحريك ملف عملية السلام فقط لا حله فأولويته هي إيران وأفغانستان

ويبدو أن الإسرائيليين أدركوا ذلك سريعا وبكفاءة فدفعوا بصقورهم إلى الأمام في الانتخابات الأخيرة بتفضيل بنيامين نتانياهو، وفي ذلك رسالة هامة وقوية لأوباما مفادها "لا تعبث معنا، فنحن لسنا معنيين بخطابك البراق، ولا نريد أن نقدم لك أي تنازلات، فرجاء لا إزعاج، وإن كنت تريد العمل معنا، فنحن كذلك نريد العمل معك ولكن بخصوص إيران

والطريف أن إعلان تعيين روس جاء بعد فوز نتانياهو رغم أن التوقعات الخاصة بترشيحه قديمة للغاية، وكأن تعيين روس جاء طمأنة لنتانياهو بأن عين أميركا والليبراليين الجدد الحقيقية هي على إيران

Sunday, February 15, 2009

تقرير عن تراجع المساواة والعدالة الاجتماعية في إسرائيل يكشف حالة التمييز المجتمعي ضد فلسطينيي الداخل
مقال بقلم: علاء بيومي

يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره
www.alaabayoumi.com

نص المقال

استوقفني تقرير لمركز أبحاث إسرائيلي معني بقضايا المساواة والعدالة الاجتماعية في إسرائيل يؤكد تنامي الفجوة بين الفقراء والأغنياء في إسرائيل خلال العقد الأخير (1998-2007) لأسباب اقتصادية وسياسية مختلفة تصب في غير صالح الطبقات الفقيرة داخل إسرائيل وعلى رأسها المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل الذين تراجعت حظوظهم الاقتصادية والتعليمية بشكل واضح

التقرير الصادر عن "مركز معلومات حول المساواة والعدالة الاجتماعية في إسرائيل (أدفا)" في ديسمبر 2008 يؤكد أن تنامي الفجوة بين الفقراء والأغنياء هي ظاهرة قديمة في إسرائيل تعود بشكل واضح إلى منتصف الثمانينات لأسباب مختلفة يأتي على رأسها تولي حكومات محافظة لمقاليد الحكم هناك وسعي تلك الحكومات لمنح مزيد من المزايد لرجال الأعمال والأثرياء على حساب الطبقات الفقيرة وذلك من خلال خفض الضرائب وخفض الميزانية الحكومية وخفض الإنفاق على الخدمات العامة

وتوضح الدراسة أن الاقتصاد الإسرائيلي الذي يمر بفترات صعود وهبوط متأثرا بتقلبات الاقتصاد العالمي وبالصراع مع الفلسطينيين وبقضايا أخرى كالهجرات اليهودية لإسرائيل يعاني بوضوح من عدم قدرته على تحسين أوضاع الطبقات الفقيرة لسببين أولهما خفض الإنفاق على الخدمات العامة خلال بعض الفترات الزمنية مما يؤدي إلى تدهور تلك الخدمات بشكل واضح ويجعل من إصلاحها مهمة صعبة إذا ما قررت الحكومة الإسرائيلية ذلك

أما السبب الثاني والذي يبدو واضحا للعيان في الدراسة فهو حالة التمييز المجتمعية الواضحة ضد المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل، فهم يقبعون في أسفل الهرم الطبقي داخل إسرائيل، ويتلقون أضعف الدخول (30% أقل من المتوسط العام للدخل)، ويقع نصفهم تحت خط الفقر مقارنة بخمس الإسرائيليين فقط، ولا يحصل على التعليم الجامعي من شبابهم سوى 15% مقارنة بنسبة 30% داخل إسرائيل

وتقول الدراسة أن انحياز إسرائيل للأثرياء واضح من خلال إحصاءات الجهات الإسرائيلية المعنية عن الفترة التي تغطيها الدراسة (1998-2007) وهي فترة صعود اقتصادي فيما عدا الفترة من 2000-2001 والتي شهدت تراجع معدلات النمو الاقتصادي في إسرائيل بسبب انتفاضة الأقصى وما ترتب عليها من زيادة الإنفاق العسكري وعدم استقرار وتراجع للسياحة في إسرائيل

ولكن الصعود الاقتصادي لم يصب في صالح المساواة والعدالة الاجتماعية بإسرائيل لأن الأثرياء كانوا الأكثر استفادة من النمو الاقتصادي، حيث زاد نصيب الفئة الأعلى دخلا في إسرائيل بمعدل 28% في حين تراجع نصيب الشرائح الأكثر فقراء من الدخل القومي

هذا يعني أننا أمام دولة تنحاز للأثرياء بشكل مستمر من خلال سياسات مثل خفض الضرائب المفروضة عليهم وخفض الإنفاق الحكومي على البرامج العامة وخفض الميزانية العامة كذلك، وقد أدى الانحياز المستمر لمصالح الطبقة العليا إلى زيادة الفقراء فقرا وإلى التراجع المستمر في حجم ومكانة الطبقة الوسطى بإسرائيل

فدخول الفقراء في تراجع لأن في عام 1998 كانت نسبة الإسرائيليين الحاصلين على الحد الأدنى من الدخل هي 28.8% وقد زادت هذه النسبة إلى 35.1% في عام 2006

وحجم الطبقة المتوسطة تراجع بنسبة 16% منذ عام 1988، كما تراجع نصيبها من الدخل القومي خلال الفترة نفسها بنسبة 25%

كما صعدت على السطح ظاهرة رجال الأعمال ودخولهم المرتفعة بشكل غير منطقي، ففي عام 2007 بلغ متوسطة دخول رؤساء كبار 25 شركة إسرائيلية ما يعادل 17 ضعف متوسط دخول أبناء الطبقة الأعلى دخلا في إسرائيل نفسها، وهو ما يوضح حجم التحيز للأثرياء ورجال الأعمال

وقد ترتب على ذلك زيادة عدد العائلات تحت خط الفقر والذين وصلت نسبتهم إلى 20% في عام 2005 نصفهم تقريبا من الفلسطينيين الإسرائيليين

كما تضاعفت تكاليف الرعاية الصحية والتعليم حتى اقتصرت نسبة الملتحقين بالتعليم الجامعي على 25% من الشباب الإسرائيلي فقط

هذا يعني إننا أمام أوضاع متردية للمساواة والعدالة الاجتماعية في إسرائيل مرشحة للتزايد في السنوات المقبلة بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية وتعثر عملية السلام وميل الإسرائيليين المتزايد بشكل مقلق نحو اليمين، ويكشف التقرير الحالي العلاقة القوية بين الداخل والخارج فإسرائيل المتشددة ضد الفلسطينيين خارجها منحازة أيضا ضد حقوق الفقراء ومحدودي الدخل داخلها.

للإطلاع على النص الكامل للتقرير يرجى زيارة الوصلة التالية

Wednesday, February 04, 2009

ماذا حدث للمصريين؟
عرض بقلم: علاء بيومي

يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره
www.alaabayoumi.com

نص العرض

كتاب "ماذا حدث للمصريين؟" ممتع ومخيف في آن واحد، فهو ممتع لما يتضمنه من نظرات وأفكار ثاقبة على أوضاع المصريين خلال العقود الأخيرة، وهو مخيف لأنه يشعرك بالخوف على المصريين ومنهم بعدما تحولوا إلى شعب مشغول بالإستقواء أو الإستعلاء على بعضهم البعض كما يرى مؤلف الأستاذ الكبير جلال أمين

حيث يرى أمين – في خلاصة كتابه الأساسية - أن المصريين باتوا مشغولين بأمر واحد وهو سر تعاستهم، آلا وهو الاستعلاء والتفاخر والتكابر والاستقواء على بعضهم البعض حتى ولو استعانوا بالغريب لغلبة أبناء جلدتهم، بل أن المصريين باتوا فعلا مشغولين نهارا مساء بالاستعانة بكل هو غريب وأجنبي من عملات وألفاظ وعادت غربية كانت أو خليجية للإستقواء على بعضهم البعض ولإشعار من هم دونهم أو أعلى منهم دخلا ومكانة اجتماعية بأنهم أفضل منهم

ويبدو أن جلال أمين يأس من علاج المصريين من هذا المرض العضال على المدى المنظور مما دفعه إلى التعبير في بداية كتابه عن اعتقاده بأن مرض المصريين "بالحراك الاجتماعي" متوغل متجذر لن يشفى سريعا، وأنه يعيق تقدم المجتمع ويعد سببا رئيسيا في تعاسته على المستويات الثقافية والسياسية والاجتماعية، وأن علاج السياسات الحكومية لن يجدي وحده لوقف تدهور المصريين، وذلك لأن مرض المصريين ليس سياسيا محضا بل هو اجتماعي اقتصادي متوغل في أوساط المصريين وفي قلب المجتمع المصري بشكل يحتاج عقود لعلاجه

سبب المرض – كما يراه أمين – يعود للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى التي تعرض لها المصريون منذ عام 1952 حيث دفعت الثورة عجلة الحراك الاجتماعي في مصر بشكل غير مسبوق وبسرعات عالية وبدون وعي بتبعاتها الاجتماعية والثقافية نظرا لضعف الخلفية الفكرية والثقافية لقادة الثورة المصرية أنفسهم، حتى أن جلال أمين يسخر من هؤلاء القادة لأنهم لم يجيدوا الحديث في خطاباتهم باللغة العربية ولم يكونوا معنيين بالاستقلال الفكري والثقافي في الوقت الذي كانوا مشغولين فيه باللحاق بالغرب سياسيا واقتصاديا

الثورة وما تبعها من سياسات اقتصادية وسياسية كبرى مثل التصنيع والإصلاح الزراعي ثم الانفتاح والهجرة الخارجية والعولمة قلبت الهرم الطبقي في مصر رأسا على عقب لأنها دفعت بفئات واسعة من الطبقات الفقيرة والمتوسطة المصرية إلى أعلى السلم الاجتماعي المصري بشكل سريع وغير مسبوق

انقلاب الهرم الطبقي

وللأسف جاء صعود تلك الفئات إلى أعلى كارثة ولعنة حلت بالمصريين لأن تلك الفئات صعدت في غالبية الأحيان إلى أعلى السلم الطبقي في مصر دون جهد يذكر ودون وعي كافي مما جعلها مشغولة بإثبات مكانتها الجديدة بشكل مرضي أحيانا كثيرة نابع من "عقدة نقص" ركزت بسببها تلك الفئات على إذلال إخوانها المصريين من أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي كانوا جزءا منها حتى عهد قريب

وبهذا تحول المصريون إلى فئات محظوظة اعتلت قمة الهرم الطبقي في زمن قياسي وبدون جهد يذكر وباتت مشغولة بالتعالي على من هم دونهم وإذلالهم، وفئات أقل حظا لم يسعفها الحظ للصعود الاجتماعي وباتت هي أيضا مشغولة بالصعود الاجتماعي وبكراهية من هم أفضل منها لأنهم لا يستحقون - من وجهة نظرها - هذا الثراء، وبإذلال من هم دونها لتفريغ ما لديها من غضب وسخط على الأوضاع القائمة، وبالاستعلاء على من هم في نفس مكانتها لأنهم يذكرونها بأوضاعها الحالية أو لأنهم باتوا مثل بقية المصريين حاقدين غاضبين وكارهين ومتحاسدين

ونسى الجميع – كما يرى أمين – قيم العمل والكفاح والرضا والقناعة التي كانت منتشرة في أوساط المصريين قبل الثورة على الرغم من أن الحراك الاجتماعي في مصر كان منعدما في تلك الأوقات، وعلى الرغم من أن السور الذي كان يفصل الطبقات المصرية قبل الثورة كان سورا حديديا يصعب اختراقه

فالغالبية العظمي من المصريين (80%) كانت قبل الثورة مسحوقة تماما تنتمي لطبقة فقيرة معدمة تكاد تكفي قوتها اليومي، والطبقة العليا في مصر كانت صغيرة (1%) تنعم بكل شيء ولا تحتاج حتى أن تعمل بسبب شدة ثرائها الناجم في أغلب الأحيان عن عوامل طبيعية تلقائية كالوراثة، أما الطبقة المتوسطة (14%) من الشعب المصري فكانت صغيرة أيضا مقارنة بالطبقة السفلى وكانت قانعة بأحوالها لا تطمح للترقي والصعود كثيرا

ثورة ثم إحباط

ولكن المصريين كانوا على موعد في النصف الثاني من القرن العشرين مع تغيرات كبرى عصفت بالمجتمع المصري وبالعلاقة بين طبقاته، فقد دفعت الثورة بقاع المجتمع إلى أعلى بشكل غير مسبوق، وكان جيل الثورة هو أخر الأجيال المحظوظة في مصر كما يرى أمين، لأنه ولد في فترة حراك اجتماعي لأعلى غير مسبوقة، ووجد نفسه جزء من مشروع وطني كبير للنهضة الاقتصادية استفاد منه غالبية المصريين بسبب انتشار التصنيع وقوانين الإصلاح الزراعي ومشاريع البنية التحتية العملاقة التي تبنتها الثورة المصرية

ويقول أمين أن غالبية المصريين كانوا سعداء بهذا الصعود الذي صب في صالحهم وأن معاناة بعض المثقفين والسياسيين مع العهد الناصري - الذي اضطهد معارضيه السياسيين - لم تؤثر على سعادة المصريين خلال تلك الفترة لأنه الفئات المثقفة والنشطة سياسيا كانت صغير جدا مقارنة بغالبية المصريين الذي استفادوا من الثورة اقتصاديا وباتوا يتمتعون بخدمات حكومية وأوضاع اقتصادية لم يحلموا بها

ويقول أمين – سبيل المثال - أن أغاني جيل الثورة ومطربيها مثل عبد الحليم حافظ كانت تعبر عن هذه السعادة بوضوح، فقبل الثورة كانت الأغاني إما حزينة تعبر عن أوضاع الفقراء المعدمين قليلي الأمل والحظ من الدنيا وهم غالبية الشعب، أو أغاني غريبة موجهة لأثرياء القوم تتحدث بلغة أجنبية أو بلغة عربية فصحى لا يفهمها غالبية المصريين، أما أغاني عبد الحليم القادم من أفقر طبقات المصريين فكانت مليئة بالسعادة والأمل والطموح على الرغم من ملامح عبد الحليم الحزينة والمرض القديم الذي كان ينخر في جسده، وكأن خلفية حليم الفقيرة أبت آلا تهزمه في النهاية

وهكذا يبدو أن سعادة جيل الثورة كانت قصيرة فسرعان ما أتت هزيمة 1967 والتي فتحت باب معاناة طويلة للمصريين فقد أوقفت مشاريع الثورة التنموية العملاقة وأثقلت عبئ المصريين بتبعات اقتصادية وعسكرية مهولة، وجاءت بعهدها سياسة الانفتاح الاقتصادي والتبعية السياسية للغرب في عهد السادات والتي فتحت الباب على مصراعيه – كما يرى أمين – للثراء السريع غير المبرر وتسببت هجرة العمالة المصرية غير المتقدمة إلى الخليج بعد الثورة النفطية في تعميق عصر ثراء المصريين السريع وغير المبرر

وبالطبع لم يكن ذلك ليستمر كثيرا وكان لابد من أن يواجه الثراء السريع وغير المبرر عقبات في منتصف الثمانينات والتسعينيات بسبب مشاكل الاقتصاد المصري وتراجع أسعار النفط والكساد العالمي، وهذا يعني إصابة المصريين بإحباط شديد وواسع النطاق لأن غالبية المصريين الذين لم يلحقوا بفرص الثراء السريع وغير المبرر فقدوا هذه الفرصة ولم يتبقى لهم سوى مشاعر الندم والسخط على المجتمع

البحث عن كنز علي بابا

ويبدو أن مشكلة الثراء السريع وغير المبرر هذه كانت واسعة النطاق للغاية في مصر خلال العقود الستة الأخيرة لأسباب مختلفة وأنها قادت إلى صعود فئات كبيرة من أدنى طبقات المجتمع المصري إلى أعلاها بدون تفسير منطقي

فبعد الثورة استفاد الضباط وكبار رجال وموظفي الدولة بشكل غير مسبوق واحتلوا قمة الهرم الطبقي دون أن يمتلكوا الوعي الكافي بذلك، وخلال الانفتاح استفاد رجال البنوك والتجارة والعاملين في الشركات الأجنبية، كما استفاد العاملون في السياحة بشكل لا يتناسب مع الجهد الذي يبذلونه ومع طبيعة نشاطهم الخدمي غير المنتج

أما العمالة المؤقتة في الخليج فقد ساهمت في صعود فئات من أدنى السلم الطبقي إلى قمته ليس بسبب مستواهم الفكري أو الثقافي أو بسبب طبيعة مهنهم المنتجة أو بسبب تطورهم المهني أو الاجتماعي، ولكن لأنهم فازوا بفرصة السفر التي استقدمت بعض أقل العمالة المصرية كفاءة وتعليما وثقافة ومنحتهم أموال طائلة لا تتناسب مع مستواهم الثقافي أو مع طبيعة مهنهم أو مع طبيعة الجهد الذي يبذلونه للفوز بتلك الأموال في المهجر

هذا إضافة إلى أصحاب الحرف الذين أصبح من الصعب استئجارهم داخل مصر بعدما هاجر أفواجا إلى الخارج، وبالإضافة إلى العاملين في مجال البناء والتأجير والتمليك وفي مجال العقارات بشكل عام والتي أقبل المصريون على امتلاكها بشكل غير مسبوق فدفع أسعار العقارات إلى عنان السماء وبدون مبرر

ويقول جلال أمين أن الفئات السابقة تشابهت في شيء واحد وهو أنها صعدت السلم الاجتماعي بشكل سريع للغاية وبدون وجه حق وبدون وعي ثقافي كافي مما جعلها تتعمد التمايز والاستعلاء على المصريين بكل ما هو غريب، فالعائدون من الخليج جلبوا معهم أحدث الأجهزة وأغلى البضائع للتمايز على المصريين، والوزراء وكبار رجال الدولة باتوا يخلطون حديثهم بكلمات أجنبية للتمايز على المصريين وكأن اللغة العربية لا تمتلك عدد كافي من الكلمات القادرة على التعبير على أفكارهم البسيطة بوضوح، وأثرياء العقارات والسياحة والاستيراد والتصدير باتوا يشترون أغلى السيارات والمنازل والمصايف للتمايز على المصريين

والمصري العادي بات مشغولا بشراء كل الأجهزة الكهربائية بمنزله وبالسكان في أرقى الأحياء حتى ولو استدان طوال حياته للتمايز والتعالي على المصريين

وبهذا أصبح شغل المصريين الشاغل هو التعالي على بعضهم البعض عن طريق امتلاك كل الكماليات وأدوات الرفاهية خاصة الغريب منها وغير المنتج، فغالبية المصريين باتوا يحلمون بشراء سيارة بغض النظر عن حاجتهم الحقيقة لها، وباتوا يرغبون في امتلاك أحدث الإلكترونيات والأجهزة المنزلية بغض النظر عن احتياجهم الحقيقي لهم وعلى الرغم من أنهم وإبائهم عاشوا حتى عهد قريب دون أن يفكروا في امتلاك هذه الأشياء التي قد لا تسد حاجة حقيقية لدى الشعب المصري

وما يعمق المشكلة هو أن المصريين باتوا يحلمون بامتلاك كل هذه الأشياء بشروط واحد، وهو أن تأتي بسهولة وبدون جهد كبير، لأنهم باتوا مقتنعين بأن كثير ممن حولهم يتمتعون بكل تلك الأشياء الكمالية وبأكثر منها بدون جهد يذكر وبدون أن يمتلكوا أي مهارات حقيقية تميزهم عنهم، وبهذا تحول أغلبية المصريين إلى "علي بابا" يبحث عن "مغارة" يكبش منها ذهبا في رحلة سريعة وخاطفة وبلا مجهود ليعيش سعيدا بقية العمر

وقد أضافت الدولة أو الحكومة المصرية لهذه المشكلات بأنها أصبحت "هشة" كما يسميها جلال أمين، فالحكومة المصرية وقفت عاجزة أمام تلك التحولات ورفعت يدها عن الاقتصاد وعن التخطيط الاقتصادي لفترة طويلة وتركت المصريين يصارعون أمواج الحراك الاجتماعي والتغيرات الاقتصادي الطاغية والطاحنة وبعضهم بعضا

ثقافة الطبقات الدنيا

ويقول جلال أمين أن انقلاب الهرم الطبقي في مصر رأسا على عقب بالشكل السابق روج في مصر ثقافة تعكس حالة الصراع الطبقي والشغف بالحراك الاجتماعي التي تلخص هذه المرحلة، وقد انعكس ذلك على مختلف أوجه الحياة المصرية

فاللغة المصرية باتت ضحية لكلمات مقتضبة مثل "ماشي" و"يلا" و"فوت" و"خلص" وغيرها من الكلمات التي تلخص الرغبة في الصعود السريع بلا مجهود وبدون التزام بأي قيم

والأغاني الشعبية باتت أكثر رواجا بين مختلف طبقات الشعب بعدما فرض الطبقات الدنيا ثقافيا والعليا اقتصاديا إرادتها على المصريين

والأفلام المصرية لم تعد تمجد حياة الفقراء السعداء كأفلام الماضي، بل باتت تتحدث عن سعي الجميع للثراء السريع والأثرياء الجدد وثقافتهم الغريبة المدمرة دون أن تجد مشكلة في ذلك

وأساتذة الجامعات والمدارس حولوا مهنهم لسلع ولوسيلة استرزاق من خلال الدروس الخصوصية والكتب الجامعية وغيرها من وسائل مضاعفة الدخل بشكل سريع

وانتشرت المحلات التجارية غير المنتجة و"المشاريع" التي تبيع كل ما هو استهلاكي وغير ذي قيمة إنتاجية للمصريين

حتى الدين بات أداة في يد الطبقات الدنيا الصاعدة للتمايز على الطبقات المتوسطة والعليا باعتبار أن المتدينين ولو فقراء أفضل ممن هم سواهم

والأفراح المصرية البسيطة اختفت لتحل محلها الأفراح الصاخبة بالفنادق والنوادي المكلفة كتعبير عن رغبة المصريين في التعالي والتفاخر

كما بنى المصريون مصايف جديدة مكلفة لا يرتادوها إلا لأسابيع أو أيام كل عام للتعبير عن رغبتهم في التمايز والنأي بأنفسهم عن المصايف التي يرتاد عليها غالبية الشعب

وبهذا تحول الحديث عن القيم والمثل إلى نوع من "ثقل الدم" لدى المصريين الذي باتوا مشغولين ليلا نهارا بالحراك الاجتماعي السريع

نقد وتقييم

كتاب "ماذا حدث للمصريين" يمتلك مزايا عديدة على رأسها سهولة لغته وامتلائه بأفكار ثاقبة عن المصريين يمزج فيها الأستاذ الكبير جلال أمين بين الإحصاءات والتحليل العلمي والأفكار التحليلية الثاقبة والأمثلة التي تعبر عن قلب المجتمع المصري ونبضاته

وبهذا يجد القارئ نفسه وسط سيل مستمر من الأفكار والمقارنات الممتعة التي تدفعه للتفكير والتأمل والتوقف بشكل متكرر لإبداء الإعجاب بأفكار المؤلف أو التأمل فيها أو نقدها، بمعني أخر أن الكتاب الصغير (180 صفحة) مليء بالأفكار المثيرة للتأمل والإعجاب

وتصب جميع هذه الأفكار والأمثلة في نظرية واحدة وهي نظرية الكتاب وأطروحته الرئيسية المتعلقة بسيطرة فكرة "الحراك الاجتماعي" على حياة وتفكير المصريين، حيث يدور الكتاب حولها بشكل بعيد كل البعد عن الملل، فالمؤلف يضرب عبر صفحات الكتاب مثالا بعد الأخر ويأتي بدليل تلو الأخر وبإحصائية ثم مثال من حياته الشخصية دون أن يمل أو يعطي القارئ فرصة للشعور بالملل، وكل هذه الأفكار تصب في نفسه الاتجاه وفي نفس الأطروحة

لذا تشعر وأنت تقرأ الكتاب بأنك أمام مؤلف كبير متمكن من مادته يعرضها بأقل مجهود بشكل يقصد به إمتاع القارئ وجلب انتباهه حتى أخر سطر من سطور الكلمات دون عناء أو مجهود من قبل المؤلف، فالكتاب وأسلوبه ينتميان لتلك الفئة من الكتابة التي يطلق عليها أحيانا مسمى "السهل الممتنع" فهي في غاية السهولة والعمق في أن واحد

ولعل هذا ما يفسر طباعة 6 طبعات من الكتاب الصادر لأول مرة في عام 1998، كما يفسر أيضا المتعة التي يحصل عليها القارئ من قراءة كتاب صدر لأول مرة منذ عشر سنوات كاملة، وذلك لأن أفكار الكتاب ثاقبة مازالت تنطبق إلى حد كبير على حياة المصريين

ولكن الكتاب كأي عمل أخر لا يخلو من عيوب يأتي على رأسها أنه يبدو كتجميع لمقالات كتبها الكاتب على فترات متفرقة ثم قام بتجميعها في كتابه هذه وهو أمر يشير إليه المؤلف في مقدمة كتابه، وعلى الرغم من أن ذلك الأمر ليس عيبا في حد ذاته وأن الكاتب أجاد في جمع تلك المقالات وربطها وكون المقالات تصب جميعها في أطروحة الكتاب الرئيسية إلا أن القارئ يشعر أحيانا بأن الكتاب ينتهي فجأة بلا تمهيد وأن بعض فصوله كالفصل قبل الأخير الذي يتحدث عن أوضاع الاقتصاديين المصريين لا يتماشى مع تسلسل الكتاب الهادئ ومواضيعه البسيطة

هناك أيضا مشكلة تتعلق بمنهج المؤلف الذي تعتريه نزعة مادية واضحة تركز على الاقتصاد والاجتماع في تفسير ماذا يحدث للمصريين، وتهمل الجانب القيمي أو الثقافي إلى حد ما، حتى أن المؤلف لا يتحدث عن الدين إلا في سياق كونه أداة في يد بعض أبناء الطبقات الدنيا يسخدمونه من أجل التعالي والتمايز على الطبقات الأخرى الأكثر حظا اقتصاديا

وقد يرد المؤلف على ذلك بالقول أن تركيزه لم يكن على دور الدين من البداية، وأنه فضل التركيز في المقابل على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتي لا تهمل العامل الثقافي ولكنها لا تركز عليه، وأن من يريدون دراسة دور الدين والثقافة فعليهم أن يفعلوا ذلك في دراسة مستقلة ولا يطلبوا منه ذلك في دراسته الخاصة بالطبقات المصرية والحراك الاجتماعي

ولكن هذا الرد قد لا يقلل من شعور القارئ بأن الكتاب يهمل العامل الثقافي والقيمي وتأثيره على أوضاع المصريين وأن المؤلف يقدم الاقتصاد على الثقافة في تحليله

ثالثا: يشعر القارئ أحيانا أن المؤلف يتعالى على الطبقات الدنيا والمتوسطة ويجحفها حقها ويفضل عليها الطبقات العليا في مصر ما قبل الثروة والتي يصفها الكاتب عبر كتابه بأوصاف إيجابية حيث يرى أنها طبقات واثقة من نفسها أكثر استقلالية فكرية وثقافية وقدرة على تمييز الخبيث من الطيب وذلك مقارنة بالطبقات العليا الحالية القادمة من قاع المجتمع والتي تبدو غير مستقرة أو مستقلة أو واثقة من نفسها، وهي أوصاف تشعرك أحيانا بتحامل جلال أمين على الطبقات العليا الجديدة وبتحيزه ضد الفقراء والطبقات الدنيا وكأنه كتب عليهم أن يظلوا أبدا في قاع المجتمع، أو كأن الفقر المدقع الذي عاشوا فيه قبل الثروة وفقدان أملهم في الحراك الاجتماعي على أيدي طبقات ما قبل الثورة - التي يمتدحها جلال أمين - كان شيئا إيجابيا

ولكن وللعدالة يمتدح أمين إنجازات الثورة وقدرتها على رفع مستوى معيشة قطاعات واسعة من المصريين وقدرتها أيضا على خفض حجم الطبقة الدنيا ومضاعفة حجم الطبقة المتوسطة، كما أنه يتحدث إيجابيا عن الأجيال الجديدة وكيف أنها أكثر حرية وأكثر تعلما وإنجازا من إبائها، ولكنه يبدو غير راض عن حالة عدم الثقة والتوتر التي تعيشها تلك الأجيال ويقول أن ذلك ثمن الحرية وثمن الصعود السريع وثم ثورة التطلعات

فيبدو أن أمين يقول أن الصعود والحراك الاجتماعيين ليسا عيبا، ولكن العيب يكمن في ثورة التطلعات التي تصاحب صعود المصريين حاليا

أخيرا الكتاب المنشور في عام 1998 يحتاج إلى تحديث كما يحتاج أيضا إلى بعض الدعم البحثي والمعلوماتي خاصة فيما يتعلق بالإحصاءات والدراسات التي قد تدعم رؤى المؤلف الثاقبة، ويشتكي المؤلف في بداية كتابه من ندرة الدراسات الخاصة بالحراك الاجتماعي في مصر، وفي الحقيقة أن دراسته هذه تمثل مساهمة هامة، ولكنها تترك القارئ في النهاية ولسان حاله يقول "هل من مزيد!؟"

-----

معلومات الكتاب

العنوان: ماذا حدث للمصريين؟ تطور المجتمع المصري في نصف قرن

المؤلف: جلال أمين

الناشر: دار الشروق، الطبعة السادسة، 2008

عدد الصفحات: 188