Sunday, May 26, 2013

التأسيس لديمقراطية عرجاء في مصر

حمى الشعبوية التي تجتاح أهل الحكم والمعارضة في مصر تؤسس لديمقراطية عرجاء.

باختصار ليس كل شيء في الديمقراطية بالانتخاب، هناك سلطات غير منتخبة وهي لا تقل أهمية عن السلطات المنتخبة، وحشد العداء ضدها خطأ قاتل.

في الديمقراطية ثلاث سلطات على الأقل وربما أربعة، هناك التنفيذية والتشريعية والقضائية، وبالبعض يضيف الإعلام، السلطات القضائية والإعلامية لا تنتخب، لأن الانتخاب تحيز وتحزب.

كما أن حكم المنتخبين وحدهم للسطلات التشريعية والتنفيذية مهلك لو لم يعتمدوا على الخبراء.

في بلد في مصر منع الناس ممارسة السياسية، والناس انتخبت في أحيان كثيرة أتباع علماء دين ومؤسسات خيرية وفضائيات ليس لهم علاقة بالسياسة من قريب أو بعيد.

انتخبنا ناس قليلة الخبرة في السياسة ولا يعرفون الكثير عن كيفية إدارة شئون البلاد، ويتعلمون بالتجربة والخطأ، ونحن بكل شعبوية منقسمين لفريقين، مع وضد، والسؤال أليس الأولى أن نطالب المنتخبين بالاستعانة بأهل الخبرة.

ثانيا: ماذا عن السلطات غير المنتخبة هل نهدمها ونهدم الدولة، هل نجعل السلطة القضائية بالانتخاب لكي يضمن أهل الحكم أن يوافق القضاء على جميع القوانين التي يصدرونها بغض النظر عن دقتها؟

هل نجعل وسائل الإعلام بالانتخاب لكي يضمن أهل الحكم التطبيل والتبرير طوال الوقت؟ ولكي ينشر أبتاعهم أي كلام في الصحف والجرائد مادام يأتي على هواهم؟

هل نأمم البلاد ونجعل مؤسسات الاقتصاد بالانتخاب لكي يضمن أهل الحكم آلا يمول معارضيهم أحد وأن ينساق الجميع وراء خططهم الاقتصادية غير الواضحة لهم أصلا.

إنها الشعبوية من ميراث الشمولية والانسياق ورائها يقود بدون شك لديمقراطية عرجاء تقوم على ساق (سلطة) أو ساقين (سلطتين) على الأكثر، هذا لو قاد لديمقراطية أصلا، والله أعلم، ما رأيكم!؟

Thursday, May 23, 2013

الطريق إلى نجاح المعارضة المصرية


يبدأ بعكس سلم ألوياتها ليتوافق مع أولويات المواطن المصري العادي.


فلو حاولنا رسم سلم أولويات الناخب المصري العادي - كما تشير إليه شواهد كثيرة من بينها استطلاع مركز بيو الأميركي للدراسات الصادر منتصف هذا الشهر - لوجدنا أن المواطن المصري تحركه ثلاثة أولويات أساسية:


(1)   الهم الاقتصادي الذي يؤرق باله ويخيفه بخصوص المستقبل، ويشغل بال المصريين أكثر من أي قضية أخرى (بنسبة 80% أو أكثر كما يشير استطلاع بيو)، ويمثل التهديد الأهم للديمقراطية وحكم الإخوان في مصر.


(2)   المحافظة السياسية والاجتماعية، فالمواطن المصري عاش طوال حياته في نظام سياسي محافظ على مختلف المستويات، وهو متدين يحب الجيش والاستقرار والوظائف العامة .... ألخ. وبالمناسبة المحافظة السياسية والدينية منتشرة بوضوح لدى حوالي 60% من الشعب المصري.


(3)   القضايا السياسية الليبرالية مثل قضايا الدستور والأقليات وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، وهي قضايا منتشرة في فئة أقل من المصريين تتراوح بين 30-45% من المصريين.

وفي الغالب ترى أولويات المعارضة المصرية مقلوبة لأنها تتمركز بالأساس في المدن الكبرى والفئات الأكثر حظا تعليميا واقتصاديا، وهو أمر تشير له ظواهر عديدة، من بينها دراسة صدرت لمؤسسة راند الأميركي في شهر فبراير الماضي عن الخريطة الانتخابية لمصر، والدراسة تثبت ما ذكرت اعتمادا على أنماط تصويت المصريين.

المعارضة المصرية غالبا ما تهتم بالقضايا السياسية الليبرالية وهي هامة بدون شك، ولكنها ليست أولوية المصريين، بعض فئات المعارضة تهاجم الايدلوجية المحافظة وهذا حقها، ولكنه يتضارب مع معتقدات كتلة ضخمة من المصريين تمثل الأغلبية.
أما الخطاب الاقتصادي الجاد فهو ضعيف للغاية على الطرفين (أهل الحكم والمعارضة)، فالصراع السياسي الاستقطابي في مصر يدور حاليا بين الأفكار المحافظة والأفكار الليبرالية دون تعرض جاد للاقتصاد وقضاياه الصعبة.


وقد يكون التركيز على الحل الاقتصادي هي الطريق الأفضل للمعارضة المصرية، فقد تكون الأولوية هو التركيز على الخطاب الاقتصادي وكيفية النهوض بالبلاد، فالإخوان يسعون لذلك ومصر أمامها على الأقل عقد من العمل الشاق لو قدر لها أن تنهض، وهذا يعني أن هناك فرصة للجميع للتنافس على مخاطبة أهم قضية تشغل المصريين وهي الأوضاع الاقتصادية.

هناك دور سياسي هام وكبير للنخب الاقتصادية ورجال الاقتصاد والجمعيات الأهلية كبير في الفترة المقبلة لمصر، من يستطيع أن يطور رؤية اقتصادية لمصر ويوحد حولها رجال الإعمال والناس ويصل بها من خلال الجمعيات الأهلية لمصر قد يستطيع فك رموز الانتخابات المصرية وتغيير أولويات المصريين، وهي عملية ليست سهلة.

والله أعلم، ما رأيكم!؟ 

Saturday, May 18, 2013

قراءة في أهم نتائج استطلاع مركز بيو الأميركي لآراء المصريين

مركز بيو للأبحاث من أهم وأكثر مراكز الأبحاث الأميركية مصداقية، وهو يجري بشكل منتظم استطلاعات رأي عام دولية لمساعدة المسئولين الأميركيين على فهم كيف تفكر الشعوب الأخرى في قضاياهم الداخلية وفي علاقتهم مع أميركا.

وبالنسبة لمصر يجرى المركز استطلاعات سنوية لرأي المصريين قد تعود لعقد مضى، ويستخدم هذه المعلومات للمقارنة ليفهم كيف تتغير نظرة المصريين لأنفسهم ولأميركا، وقد أجرى أحدث استطلاعاته لآراء المصريين السياسية في شهر مارس الماضي وأعلن عنها هذا الشهر منذ أيام (16 مايو).

نتائج الاستطلاع قد تكون صادمة للبعض أو مفرحة، ولكنها في النهاية قد تعبر عن الواقع بكل تناقضاته.

وحتى لا نحول هذا المقال المختصر لجدول من الأرقام أو لنسخة أخرى من التقرير، سوف نحاول أن نركز على مغزى التقرير وأهم خلاصاته، وما يمكن أن يخرج به قارئ موضوعي لنتائج الاستطلاع عن الأوضاع في مصر حاليا.

الاستطلاع يقول أولا أن مصر بلد محافظ دينيا وسياسيا، فالناس متدينة وتحترم المؤسسات الدينية وعلماء الدين بشكل كبير (75% يرون أن تأثير علماء الدين إيجابي)، والناس أيضا يحترمون مؤسسات الدولة والجيش (73% يرون أن تأثيره إيجابي) ومؤسسات السلطة المختلفة بما في ذلك القضاء والإعلام إلى حد ما.

التقرير يقول أيضا أن الناس منقسمة وأن الانقسامات باتت واضحة، فأتباع جبهة الإنقاذ سيقولون لك أن مصر تسير في الطريق الخطأ والديمقراطية في خطر وأنهم يريدون دورا أقل للدين في الحياة العامة وللجيش في الحياة السياسية، وفي المقابل سيقف التيار المقابل من الإخوان والسلفيين على النقيض.

وهنا من الواضح أن الإخوان والسلفيين يستفيدون من عقود كاملة وتراث عميق من التدين والحركات الدينية في مصر، كما يستفيدون أيضا من تراث يدعم الاستقرار ومؤسسات الدولة والحاكم، ولذا يمثل التيار المحافظ أغلبية، وتجد المحافظة السياسية رواجا وزواجا غير تقليديا حاليا بين أنصار التيارات الدينية وأنصار الاستقرار.

ثالثا: الزواج الراهن في مصر بين التيارات الدينية وتيار الاستقرار أو بين المحافظة الدينية والمحافظة السياسية يمثل معضلة للتيارات الدينية قبل غيرهم، فقبل عامين ربما وقف عدد لا بأس به من الإخوان والسلفيين ضد سياسات الدولة المختلفة، كما أن أغلبية المصريين تنظر حاليا نظرة سلبية تجاه مؤسسة الشرطة، ولكن تجد أن الإخوان والسلفيين أكثر دعما لسياسات الدولية تجاه المرأة والأقليات وأكثر رضا عن سياسات الرئيس محمد مرسي وتفاؤلا بمستقبل مصر.

وهنا يثور السؤال التالي: هل رضا أنصار الإخوان والسلفيين عن الوضع القائم في مصر هو نتاج لأنهم (1) يعيشون فترة صعود سياسي وهم من المستفيدين من السلطة، (2) لأن مصر تعيش فترة استقطاب شديدة ويجد الإخوان والسلفيون أنفسهم في موقع دفاع محتم عليهم في مواجهة من يهاجمونهم، أم أن (3) الإخوان والسلفيين وقعوا سهوا في فخ دعم السلطة ومساندة حزب الاستقرار نتيجة لترسخ فكرة الاستقرار في الوعي المصري وأن الإخوان والسلفيين سوف يندمون على ذلك في المستقبل.

رابعا: ما يبشر بالأمل هنا هو أن المصريين متمسكين بالديمقراطية رغم شعورهم بعدم تحسن أحوال البلاد، فأغلبية تصل لحوالي الثلثين (66%) تفضل الديمقراطية عن أي نظام حكم أخر وتقول أنها لا تريد العودة لعصر الحاكم القوي على حساب الديمقراطية، وهنا يتضح أن نسبة كبيرة من الإخوان والسلفيين وهم الأغلبية يقفون مع التحول الديمقراطي الراهن.

ما يبشر أيضا بالأمل أن الكتل ليست صماء، فهناك إخوان لا يشعرون بالرضا عن الأوضاع في مصر حاليا أو عن وجهة البلاد السياسية (38%)، وهناك أيضا أنصار لجبهة الإنقاذ يريدون دورا فعالا للدين في الحياة العامة المصرية (46%)، وهنا يتضح أن حالة الاستقطاب الراهنة في مصر أعمت كل فريق عن شركاءه في الفريق المنافس، فالواضح أن هناك نقاط تلاقي كثيرة من الطرفين.

كما أن هناك عدو مشترك فالناس تشعر أن الوضع الاقتصادي بات أسوأ (76%)، وهي لا تفضل شيء على الديمقراطية بقدر ما تفضل الحياة في وضع اقتصادي أفضل، وهنا يثور السؤال حول إذا ما كانت خلافات المعسكرات الإيديولوجية في مصر سوف تأتي على حساب الوضع الاقتصادي مما قد يدفع الناس بشكل عام للتخلي عن الديمقراطية تحت ضغط لقمة العيش.

خلاصة أخرى نهائية، من الواضح أن التيارات غير المحافظة سياسيا في مصر تسبح ضد التيار، فهي تعمل في بلد محافظ للغاية دينيا وسياسيا، ويواجهون زواجا صعبا حاليا بين المحافظة السياسية (حزب الاستقرار) والمحافظة الدينية (الإخوان والسلفيين)، وهذا يعني أن أراء الناس لن تتغير بسهولة، فالناس ربما باتت أكثر نقدا للإخوان والسلفيين، ولكنهم مازالوا يتمتعون بثقة أتباعهم وثقة غيرهم من المحافظين وهم كثر في مصر (63% ينظرون نظرة إيجابية للإخوان)، والله أعلم، ما رأيكم!؟

علاء بيومي