Saturday, November 23, 2013

أزمات الحقبة السعودية


العالم العربي يعيش الحقبة السعودية منذ زمن طويل قد يعود لعقدين أو أكثر، وعلى العرب أن ينظروا الأن في خصائص القيادة السعودية ويفكروا بهدوء في كيفية علاج مشاكل تلك المرحلة. 

السعودية هي الاقتصاد العربي الأكبر والحليف الأهم لأميركا في المنطقة بعد إسرائيل وهي قائدة الخليج وصاحبة الإمبراطورية الاقتصادية والإعلامية العربية الهائلة، والسؤال هو إلى أين أوصلت القيادة السعودية العرب

على المستوى الاقتصادي العالم العربي مازال يقبع في مكانة متأخرة علميا وثقافيا واقتصاديا، والبطالة منتشرة حتى في السعودية نفسها والتي تحتاج لإعادة هيكلة جادة لاقتصادها.

على المستوى السياسي، العالم العربي يفتقر لايدلوجية جادة للتنمية أو التحول السياسي، الايدلوجية السياسية السعودية ترفض التحول السياسي الديمقراطي وتدعم الوضع السياسي القائم وتخشى مختلف الحركات السياسية دينية كانت أو علمانية، والسؤال إلى أين ستصل بالعرب تلك المرحلة!؟

القيادة السعودية تعاملت أيضا ببطء وبافتقاد الحسم مع أزمات عميقة عصفت بالعرب مؤخرا.

العراق مازال غير مستقر بعد سنوات من دعم السعودية لإسقاط صدام حسين، في سوريا عجزت السعودية حتى الآن عن تقديم دعم حاسم للثورة السورية سواء مباشرة أو عن طريق حليفتها أميركا، في ليبيا دعمت السعودة التخلص من القذافي ولكنها لم توفر دعم كافي لإعادة بناء ليبيا، في مصر دعمت السعودية مبارك والانقلاب على مرسي وتغاضت عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وقد تسير مصر لعدم استقرار مقلق.

السعودية تفتقر لايدلوجية سياسية قادرة على التغيير، السعودية أيضا تفتقر للحسم السياسي، قرأت مؤخرا أحد التقارير الصحفية الأجنبية عن قدرة إيران على التحرك السياسي الفعال مقارنة بالسعودية، فإيران تمتلك ايدلوجية واضحة وتمتلك دعم شعبي لتلك الايدلوجية، بل تمتلك أيضا قوات إيرانية قادرة على التدخل في الدول الأخرى تحت راية ايدلوجية النظام الإيراني.

السعودية تفتقر تلك العوامل، فأيدولوجيتها مختلطة بين الإطاحة بالنظم المعارضة لها والحفاظ على النظم الديكتاتورية الحليفة لها، ولا تمتلك دعم شعبي لأيدولوجيتها السياسية، وإذا أرسلت قوات للخارج بشكل شعبي أو بتنسيق أمني ما سرعان ما تصطدم معها.

تأثير السعودية لا يتوقف داخل حدودها بل يتخطاه لحدود الدول الأخرى، وهي تهرب من المسائلة أو المحاسبة، فالنظام العربي يفتقر لآليات المحاسبة الجادة، والسيطرة الإعلامية والسياسية السعودية قوية، والسعودية كبقية النظم العربية ترفض أن تناقش سياساتها في العلن.

وهي أيضا لا تتحمل المسئولية وحدها ففي النهاية تعاني مختلف الدول العربي من نخب تساير السياسات السعودية السابقة وتسير في ركابها لأسباب خاصة بها قبل أن تكون ضغوط خارجية.

ولكن كل هذا لا يخفي التحديات التي تعانيها الحقبة السعودية في العالم العربي وتستدعي وقفة جادة في أوساط المسئولين السعوديين قبل غيرهم.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

Monday, November 18, 2013

الأعمدة السبعة لنظام مبارك الذي قامت لإسقاطه الثورة


إحدى أهم مزايا الانقلاب هو أنه كشف حقيقة نظام مبارك الذي قامت الثورة لإسقاطه والذي يتخطى شخص الحاكم أو المحيطين به، الانقلاب كشف أن نظام مبارك يقوم على عدد كبير من الأعمدة، ويأتي على رأسها ما يلي:

أولا: المؤسسات الأمنية وعلى رأسها المخابرات والجيش ثم الشرطة، وهي يد النظام الباطشة المستعدة لقمع الثورة لو تمكنت منها.

ثانيا: الدولة العميقة، والنخب البيروقراطية المتنفذة في مفاصل الدولة والرافضة للتحديث أو الإصلاح.

ثالثا: النخب الاقتصادية التي تسيطر على الاقتصاد والإعلام وكثير من مؤسسات المجتمع المدني.

رابعا: كثير من النخب الفكرية والثقافية والسياسية الطفيلية والتي تدور في فلك المؤسسات الأمنية والنخب الاقتصادية ولا تمتلك دعم جماهيري يذكر.

خامسا: الثقافة المحافظة المتغلغلة في المجتمع المصري بمختلف فئاته بما في ذلك المعارضة الدينية والتي تميل للاستقرار والطاعة والاتباعية وتحارب التغيير والتعددية.

ويجب هنا ملاحظة كيف غذى التيار الديني الثقافة المحافظة خلال فترة وجوده في الحكم القصيرة من خلال المشاركة في الحملة التي قادتها المؤسسات الأمنية ونخب مبارك الإعلامية للهجوم على شباب الثورة، هذا بالإضافة لمشاعر الخوف والقلق التقليدية التي يكنها التيار الديني لأفكار كالحريات والتي ترتبط في مخيلة الشعب الجمعية بدلالات سلبية أكثر منها إيجابية.

سادسا: الديكتاتوريات العربية، التي تدعم النظام بالمال والضغط الدولي لإجهاض الديمقراطية.

سابعا: القوى الدولية، وعلى رأسها أميركا والغرب التي ستفضل في النهاية مصالح إسرائيل والديكتاتوريات العربية ولن تغامر كثير من أجل الديمقراطية.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

Friday, November 15, 2013

هل خشى الإنقلابيون من نجاح مرسي اقتصاديا!؟


بمرور الوقت يتضح كيف شعر الانقلاب بإمكانية نجاح الإخوان اقتصاديا مما سيدعم أركان حكمهم لذا بذلوا ما في وسعهم لإفشالهم وسارعوا بالانقلاب عليهم قبل ظهور النتائج الإيجابية لجهودهم الاقتصادية، وفيما يلي بعض المؤشرات على ذلك. 

أولا فيما يتعلق بإفشال مرسي اقتصاديا فكان واضحا إحجام دول الخليج الثلاث الداعمة للانقلاب عن دعم مصر الثورة وخاصة منذ بداية حكم مرسي، وربما لو اسرعت تلك الدول بتقديم المساعدات التي قدمتها للانقلاب لمصر منذ بداية الثورة لكانت مصر في وضع اقتصادي أفضل بكثير.

أضف لذلك المظاهرات شبه المستمرة التي نظمها الإنقلابيون ضد مرسي وخاصة في قلب القاهرة وأمام الفنادق الرئيسية لنشر صورة من عدم الاستقرار عن مصر وخاصة من خلال إعلامهم والذي فشل في ذلك دوليا حيث استمرت السياحة في الزيادة، ولذا لجأ الإنقلابيون للتلاعب بالأسواق والتي شهدت اختفاء لسلع رئيسية خاصة وقود السيارات قبل عزل مرسي بفترة قليلة وسرعان ما عادت بعد عزله كما أشارت تقارير صحفية دولية مختلفة أشارت أيضا لدور كبار رجال الأعمال كنجيب ساويرس والشرطة في دعم حركة الاحتجاج ضد مرسي منذ بداتيها.

تحدثت تقارير أيضا عن هروب رؤوس أموال بعد الثورة مباشرة وخلال حكم مرسي، وأتذكر هنا تقرير أشار لهروب ثلاثة آلاف مليونيرا مصريا خلال حكم مرسي، ناهيك عن بعض أكبر رجال الأعمال وعلى رأسهم العائلة الاقتصادية الأكبر في مصر وهي عائلة نجيب ساويرس والتي نقلت كثير من أنشطتها الاقتصادية خارج مصر خلال فترة صعود الإخوان وشاركت في تمويل حركة تمرد وذكر نجيب ساويرس بعد سقوط مرسي أنه عائد و"سيستثمر في مصر كما لم يستثمر من قبل".

ثانيا: لو قارنا الأن بين سياسة مرسي وسياسة الانقلاب لوجدنا أن مرسي تفوق في أكثر من مجال.

1) مرسي كان يسعى للقيام بالمهام الأصعب في الاقتصاد المصري وعلى رأسها هيكلة دعم الطاقة، والتي كان من المتوقع أن تحدث بعد الانتخابات البرلمانية وكان هناك دور نشط لصندوق النقد الدولي ومفاوضاته مع مصر في ذلك، وقد تراجعت تلك المفاوضات بعد الانقلاب، والذي وضع قضية إعادة هيكلة دعم الطاقة الهامة على الرف إلى حين، وفضل الانقلاب في المقابل الاعتماد على المساعدات الخليجية الداعمة للانقلاب.

2) مرسي حقق أيضا نجاحات على سبيل جمع الضرائب وذلك ظهر في الكميات الضخمة التي جمعتها الحكومة خلال عامه في الحكم، وربما لو استمر في الحكم أكثر لتمكن من زيادة الحصيلة الضريبية بشكل غير مسبوق عن طريق المتابعة الإدارية الجادة لعملية التحصيل والقضاء تدريجيا على الفساد والتهرب الضريبي وكذلك توسيع المجتمع الضريبي وزيادة الضرائب تدريجيا، حيث كان الإخوان ينون زيادة الضرائب بشكل تدريجي ولم يكن يعيقهم سوى الخوف من تبعات مزيد من التقشف خلال فترة أزمة اقتصادية وكذلك مخاوفهم من هروب مزيد من رؤوس الأموال، الإخوان كانوا يدركون مدى التحدي الذي يواجهونه، وسعوا للتدريج ولكن الانقلابيين الإقصائيين لم يرضوا بذلك.

3) سار مرسي في الطريق الصحيح بخصوص مشاريع هامة وعلى رأسها محور قناة السويس والتمويل الإسلامي، وواجه حملات إعلامية وسياسية ضخمة بهذا الخصوص، وربما لو توفرت لمرسي فرصة أطول أو ظروف أفضل للعمل لتمكن من تحقيق إنجازات على الجبهتين الهامتين.

4) الصادرات المصرية حققت قفزة في عهد مرسي كما أشارت تقارير حديثة، وظهر كبير في صادرات دول مثل تركيا التي حلت ثانية كوجهة للصادرات المصرية بزيادة قدرها 40%، وفي الوقت الحالي تعادي حكومة الانقلاب تركيا لأسباب سياسية مهددة العلاقات الاقتصادية معها والتي شهدت ازدهارا في عهد مرسي بما يعود بعائد إيجابي هام على الاقتصاد المصري في فترة مليئة بالتحديات.

5) سياسيا، اشتكى الإنقلابيون من مرسي لم يشرك خصومهم ولم يحاورهم، وربما يكون هذا صحيح نسبيا، ولكن لو قارنا منهج مرسي بمنهج الإنقلابيين الأن لوجدنا أن عهد مرسي أفضل بمراحل، ففي عهد مرسي توفرت حريات لمعارضيه لم تتوافر لمعارضي الانقلاب الأن، كما نجح مرسي في تهدئه جبهات مثل سيناء أشعلها الإنقلابيون بمنهجهم الأمني حاليا، كما تميز مرسي بتبني منهج تدريجي لم يعجب الإنقلابيين في النهاية الذين يبدو أنهم لم يكونوا يبحثون عن شراكة من أساسه كما يتضح من منهجهم الإقصائية حاليا.

6) ساهم الاستقرار النسبي الذي تحقق في عهد مرسي في ضمان تدفق أفضل للسياحة مقارنة بالوضع الحالي وبتراجع السياحة في أعقاب ثورة يناير كما تشير تقارير مختلفة.

7) اشتكى البعض من عدم سعي مرسي لإعادة هيكلة الاقتصاد بالتركيز على التصنيع والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وحقيقة مرسي مثل مرحلة انتقال تدريجية وربما بطيئة نسبيا من عهد مبارك الذي اعتمد على دائرة محدودة من رجال الأعمال النافذين، وربما لو توافرت لمرسي فترة أطول وفي ظل حالة النقاش والحيوية والانفتاح التي توافرت في حكمه لربما تحولت وجهة حكومته في اتجاه إعادة هيكلة الاقتصاد المصري برمته.

تميز عهد مرسي بدور أكبر للبرلمان والشعب والأحزاب في رقابة ما يحدث على مختلف مستويات الدولة، فمجلس الشورى ناقش الميزانية وناقش الإعلام الخطط الاقتصادية باستفاضة ورد مسئولو الحكومة على استفسارات الإعلاميين في جو أكثر حرية بكثير مما يوفره الانقلاب حاليا، وكلها كانت مؤشرات إيجابية للغاية صبت بدون شك في صالح الاقتصاد المصري وجهود إعادة هيكلته وتطويره.

ثالثا: تشير تقارير دولية عديدة إلى أن مصر تمتلك مقومات النهوض والنمو، وأن أزمتها الاقتصادية الراهنة طارئة، وأنها قادرة على التحرك للأمام ببعض الاستقرار وجهود الإصلاح المخلصة، ويبدو أن الانقلاب ضن على مصر ومرسي والإخوان بذلك، ورأي أن مرسي ماضي في طريق الاستقرار وجهود الإصلاح فقرر القضاء عليه سريعا لضمان الحفاظ على دولة مبارك ورجال أعماله ووكلاءه ومقاوليه.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

عن التقارب المصري الروسي في ظل الانقلاب



عندما تسمع عن تقارب مصري روسي في ظل الانقلاب فمن السهل التنبؤ بأنه لن يصب في مصلحة مصر أو المصريين لسبب بسيط وهو أن الانقلاب لا يمثل الناس ولا مصالحهم.

الانقلاب يمثل مصالح دوائر مصالح صغيرة من الجماعات المسيطرة على مقدرات الشعب بغير حق ولابد أن يتضح أمرها ولو بعد حين، وهي لا تسعى إلا لضمان مصالحها وليس ضمان مصالح الشعب.

لذا فهي كأي نظام مستبد أخر لا يسعى لمصالح شعبه ولا يمثلها ومستعد للتنازل عن كل شيء بما في ذلك سلاحه من أجل البقاء.

الانقلاب أعاد مصر لبعض أسوأ سنوات التبعية، فلم يعد تابعا لأميركا نفسها بل تابعها لحلفاء أميركا في المنطقة وهم بعض دول الخليج وإسرائيل.

وبالطبع لن يتوجه الانقلاب لروسيا لضمان مصالح مصر أو المصريين، ولكن لضمان بعض الدعم الدولي الإضافي لبقائه مغتصبا للسلطة.

لذا لن يحترمه الغرب ولا الشرق، سيتعاملون معه كمجموعة صغيرة سطت على السلطة ومستعدة لدفع أبهظ ثمن نظير توفير أدنى غطاء له، لذا هي مزيد من التبعية وإهدار موارد المصريين.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

في خذلان النخب العلمانية والغرب للليبرالية في مصر



النخب العلمانية والغرب خذلوا الليبرالية وقيمها في مصر أكثر من مرة منذ بداية الثورة:

أولا: النخب العلمانية خذلت الليبرالية بالعجز عن الفوز في الانتخابات والفشل في الوصول للناس وبقائها نخب فوقية فضائية عاجزة عن التواصل مع المجتمع وقطاعات واسعة من المواطنين.

ثانيا: تحالف النخب العلمانية مع العسكر ليس فقط في الإطاحة بأول رئيس مصري منتخب في التاريخ ولكن أيضا – وهو أخطر – في ارتكاب جرائم مفجعة في حق المصريين وعلى رأسها رابعة والتي صنفتها منظمات حقوق الإنسان الدولية كأحد أخطر الجرائم في حق المصريين في التاريخ الحديث.

ثالثا: خذل الغرب الليبرالية وقيمها بعجزه عن الوقوف من أجل الديمقراطية والحريات في مصر وخضوعه لضغوط الديكتاتوريات العربية وإسرائيل المساندة للانقلاب العسكري الراهن في مصر، وممالأة الانقلاب كما هو حادث حاليا خاصة بعد الزيارة الفاشلة والمؤسفة لوزير الخارجية الأميركي لمصر وما ورد فيها من دعم مبطن للانقلاب بدلا من الوقوف الصريح أمام جرائمه الحقوقية على أقل تقدير.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

رسالة أحمد عبد الظاهر



رسالة أحمد عبد الظاهر ومن قبل محمد يوسف وغيرهم أن رابعة لم تكن ذلك الأخر المصري الذي يحاولون تشويه صورته وحصاره ونزعه الإنسانية عنه، عبد الظاهر يقول للسيسي أن رابعة هم أبطال مصر في كل المجالات، وأن من قتلوا المصريين في رابعة أخطأوا في حق كل المصريين. 

ثانيا: مواقف عبد الظاهر وتريكة ويوسف هي محاولة لإيقاظ الضمائر، ضمائر تحاول أن تنسى وتتغاضى وتخلط الأمور، الجرائم لا تسقط، ورابعة جريمة غير مسبوقة في حق المصريين، وما مات حق وراءه مطالب، والمصريون لن ينسوا، ومن ارتكبوا رابعة وخاصة كبار قادة الانقلاب مصيرهم السجون.

ثالثا: أن هناك نفوس عزيزة أبية ترفض أدوار الخانعين الخائفين الأذلاء المستأسدين على الضعيف والذين شغلوا أنفسهم بالبلطجة على فئة من المصريين أو الاستئساد على المحاصرين في غزة، هناك أبطال كعبد الظاهر وتريكة ويوسف، أبطال لأنهم تمسكوا بالفطرة، تمسكوا بضمائرهم، أبطال لا يحملون سوى ضمير حي.

رابعا: أن قادة الانقلاب مرعوبون وهم في حصون مشيدة، ويكفي أن يرعبهم شخص حر، ضمير مستيقظ، أو شارة باليد ترفع.

خامسا: أن الرعب والزيف والدعاية السوداء لن تدوم ولابد أن تنحسر، ومع استعادة المصريين حريتهم يقترب قادة الانقلاب من السجون، حتى ملاعب الكرة تذكرهم بذلك.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

كراهية الإخوان السلاح السياسي الأهم في معركة عودة نظام مبارك



مرة أخرى ما يحدث في مصر هو جزء من معركة سياسية كبرى للحفاظ على نظام مبارك وأهم أركانه، وما يحدث منذ يناير 2011 هو تنويع لأسلحة وأدوات الفلول للعودة للانفراد بالحكم مجددا. 

الإخوان أخطئوا، وكل فصيل سياسي في مصر أخطأ، ونخص هنا بالذكر التيارات الداعمة لثورة يناير، وحسابها يكون بالعدل وليس بالكراهية والانتقام. 

أما الموجة الهائلة لكراهية الإخوان في مصر فليس لها مبرر إلا لكونها "سلاح سياسي" يدار بإحكام من قبل الفلول لتحقيق الأهداف التالية:

أولا: تصفية الفصيل الأكبر الداعم لثورة يناير، من خلال استخدام أبشع الوسائل وعلى رأسها قتل المئات من أفضل أعضاءه في الشوارع في وضح النهار دون أن يتحرك المصريون.

ثانيا: ردع القوى الثورية بسبب حالة الكراهية الهائلة تحت غطاء كراهية الإخوان وما يسمى "بالحرب على الإرهاب" والنزعة الانتقامية من الإخوان، والتنكيل بهم، فكلما زادت "كراهية الإخوان" ونجحت كسلاح سياسي كلما راجت فكرة استخدام السلاح نفسه تجاه مختلف القوى الثورية، حيث تتحول "الكراهية" للسلاح السياسي الأهم في مصر.

ثالثا: الحيلولة دون قيام جبهة موحدة للقوى الداعمة لثورة يناير، فكراهية الإخوان تظل عائقا ضد تعاطف الشعب والقوى الثورية معهم، وتنتشر الكراهية في أوساط الإخوان أنفسهم تجاه بقية القوى الثورية والمجتمع بشكل عام، وبهذا تسهل السيطرة على المجتمع من قبل الفلول وهم ناشروا الكراهية من البداية.

رابعا: مساعدة الفلول للعودة سياسيا واستخدام سلاح الكراهية لتغطية مختلف مراحل العملية السياسية، حيث تتحول كراهية الإخوان لشعار سياسي وأجندة سياسية تغطي على فشل الفلول للنهوض بالبلاد على مدى عقود، وعجزهم عن التواصل مع الناس وعدم رغبتهم في خدمتهم، وبهذا تتحول كراهية الإخوان لمنبر انتخابي أساسي حتى يفيق الناس من الوهم وتتضح لهم طبيعة الكراهية المدمرة وغياب البديل وتدهور أوضاع البلاد.

مرة أخرى نحن لا نطالب بمعاملة خاصة بأحد، لو تورط مرشد الإخوان في قتل متظاهر في مصر فيجب تقديمه لمحاكمة عادلة فورا على أن تتضمن تلك المحاكمة كل من قتل متظاهر في مصر بغض النظر عن موقعه في مصر حتى لو كان السيسي نفسه.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

التناصح المجاني على حساب الإخوان وعقدة الضحية في تفكير التيارات الثورية



أسهل أساليب النفاق السياسي في مصر اليوم وأكثرها انتشارا منذ الثورة تقريبا هو ذلك التناصح المجاني على حساب الإخوان، والذي أصبح بمثابة جواز مرور لنخب النقاء الثوري المنتشرة في بلادنا. 

كل ما يحتاجونه هو أن يقولوا أخطأ الإخوان، وقد نصحناهم، ألم نقل لكم كذا، أنظروا مصيركم الأن. 

وبهذا تصبح من نخبة الأنقياء الثوريين، وتعفي نفسك من مسئولية ما حدث، ومن مسئولية مواجهة ما يحدث، وأهم من ذلك يصبح الإخوان هم المطالبون بالمراجعة، والنقد الذاتي، هم من أخطئوا، ويخطئوا، وعليهم مهمة الإصلاح.

هو نوع من الهروب "الشيك" من مسئولية كافة التيارات السياسية في مصر عما يحدث حاليا:

وبعيدا عن الفلول والعسكر وأبناء مبارك وشفيق وعمر سليمان، دعونا نتوقف قليلا أما حاملي رخص لنقاء الثوري ومشعل الثورة والوسطية السياسية.

لماذا لا يسأل أتباع أبو الفتوح أنفسهم، كيف نزلوا في 30 يونيو بجوار الفلول؟ وهل كان هناك بديل أخر؟ وإلى أي مدى يتحملون مسئولية ما يحدث حاليا؟ ولماذا ذهب أبو الفتوح بعد الانقلاب بأيام قليلة ليجلس مع ما يسمى بالرئيس المؤقت ليمنح الانقلاب دعما كبيرا في وقت حساس، ويعود خالي الوفاض، وينتظر من بعيد، ثم يندم الأن؟ أين المراجعة؟

لماذا لا يسأل أتباع البرادعي أنفسهم، عن عجز البرادعي عن تولي منصب سياسي منذ الثورة إلى في لحظة الانقلاب على رئيس منتخب؟ وكيف انبرى للدفاع عن الانقلاب أمام العالم مستخدما سمعته الدولية التي قال أنها على المحك؟ كيف شارك بدون ضمانات مع مجموعات سياسية وصفها بعد ذلك بأنها يغلب عليها التشدد والرغبة في سحق الخصوم؟ ليستقيل بعد ذلك؟ ويهرب إلى منفاه الاختياري في الخارج يشتكي على تويتر ممن يشوهون سمعته؟ هل خدع البرادعي؟ هل استغله الإنقلابيون لتحقيق غايتهم ثم تخلصوا منه؟ هل شارك عن قلة وعي وضعف خبرة؟ أين المراجعة؟

لماذا يسأل شباب الثورة و6 أبريل عن مشاركتهم في 30 يونيو بجوار الشرطة الي صدعونا بخلافهم معها والعسكر والفلول وأبناء مبارك وعمر سليمان، وبرعاية حملة شفيق؟ أين الوعي الثوري وحق الشهداء وعدم مهادنة الشباب؟ وأين هم الأن مما يحدث أصلا؟ أم أن المبادئ تتجزأ؟ وما هو حرام على الإخوان حلال لهم؟ أين المراجعة؟

الأسطورة الشماعة تقول أن الإخوان هم من يمتلكون التنظيم والموارد والقدرة، لذا عليهم المراجعة، والسؤال إذا كان الإخوان يمتلكون كل شيء وأنتم لا تمتلكون شيء، فلماذا ثرتم عليهم أصلا؟

الأسطورة الشماعة تقول ولكن الإخوان أخطئوا، وأنتم ألم تخطئوا؟ أين المراجعة؟

في الأمم المحترمة والمتقدمة تختفي الشماعات أو تقل، كل طرف يواجه مسئولياته، ويواجه نفسه، ويبدأ بالنقد الذاتي، والمراجعة، ويرى ذلك من متطلبات القيادة والمسئولية الأخلاقية.

في الأمم التي تعاني مثل بلادنا يبحث الجميع أن طرف يلومونه ويلقون عليه كل المسئولية ليشعروا بشعور رائع هو محور خداع النفس وهو الشعور بالضحية، والذي يبدو شعورا مركزيا في تفكير التيارات الثورية في بلادنا.

إنها شماعة الإخوان التي لن يتنازل عنها أحد في بلادنا، فبدونها يتعرى الجميع.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

ملحوظة: كاتب هذه السطور وجه آلاف الانتقادات للإخوان قبل غيرهم، وطالبهم بالمراجعة مليون مرة، فرجاء لا يتهرب أحد بإتهامنا بإعفاء الإخوان من المسئولية ومن ضرورة المراجعة والنقد الذاتي.

في جدوى سياسة الانقلاب الاقتصادية



في اعتقادي أن سياسة الانقلاب الاقتصادية ستفشل وأنها تمثل تعميقا لمشاكل مصر الاقتصادية وتأجيلا لحلها، للأسباب التالية: 

أولا: مشاكل مصر لا تحل بمزيد من المساعدات وحزمة تحفيزية بخمسة مليار دولار، مصر بلد ضخم ومشاكله كبيرة، ويحتاج حلول جادة.

ثانيا: السياحة المصرية في ظل عدم الاستقرار الراهن تخسر مبالغ ضخمة قد تقدر بحوالي نصف مليار دولار شهريا، وهي مبالغ ستعادل خلال شهور قليل نسبة كبيرة من المساعدات التي حصلت عليها مصر من الخارج، ناهيك عن تأثير ضخ تلك الأموال وسط قطاعات واسعة من الناس، وأثرها التنشيطي.

ثالثا: مصر في حاجة لإصلاحات هيكلية جادة، هيكلة دعم الطاقة، استراتيجية للتصنيع، استقرار سياسية وتنشيط للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتكامل اقتصادي مع دول المنطقة.

كل هذه المشاريع تحتاج الاستقرار واشراك الناس، وهي الحل الأهم للقضاء على البطالة ووضع البلاد على الطريق الصحيح، وتأخيرها هو تأجيل لحل المشكلة.

رابعا: ضخ بعض المليارات على مشاريع ضخمة توظف أعداد قليلة من الناس وتوزع عوائدها بالأساس على المقاولين والمستثمرين الكبار لن يعود على مصر بالكثير.

خامسا: الديون المصرية في تزايد وتقترب من 2 ترليون جنيه، وتركة سداد الديون ستكون كبيرة، وقد تفوق ربع ترليون جنيه سنويا قريبا، وهو ما يقترب من حوالي 35% من الموازنة، والحل ليس بمزيد من الاقتراض، الحل بخطة جادة لإخراج مصر من أزمتها.

سادسا: خطة الانقلاب التحفيزية لن تترك أثرا يذكر على البطالة أو على معدلات النمو أو على الاحتياجات الضخمة للمواطنين على أصعدة مختلفة من تعليم وصحة وأجور وغيرها، وسوف يواجه الانقلاب نفس التحدي الذي واجهه مرسي، وهو أن مشاكل الاقتصاد هائلة، والحل ليس في السير في المنظومة نفسها، ولا بنفس الأدوات الإعلامية والسياسية، مرسي حاول تطوير موازنة مبارك قدر طاقته، والحل هو في نظام يواجه الشعب في الحقيقة ويوحده ويعيد توجيه طاقاته.

سابعا: يجب إصلاح الشرطة لعودة السياحة والاستثمارات وحركة الاقتصاد، أما التحالف الراهن بين الشرطة والبلطجية في مصر فيصلح لهدم دول وخرابها وليس لإعادة بنائها.

ثامنا: يجب إطلاق طاقات المصريين، يجب اشعارهم بالأمان في بلادهم، وتشجيعهم على الاستقرار والانتاج والتطوير بكل حرية وبدون شروط واختبارات سياسية تفرض على رقابهم ولو على حساب البلد وقدرتها على الاستفادة من ابنائها.

تاسعا: المنطقة العربية تواجه تحديات اقتصادية مختلفة من عدم استقرار سياسي، وارتفاع فاتورة دعم الطاقة، وتنافس اقتصادي دولي، وحاجة دول الخليج لإعادة هيكلة اقتصاداتها، وهي تحديات متسارعة وقد نشعر بتأثيرها قريبا، وبدلا من مزيد من العبث، تحتاج مصر وقفة جادة مع النفس قبل فوات الأون.

عاشرا: التضحية بمستقبل المصريين من أجل مستقبل النظام عادة سيئة تعود عليها ابناء مبارك ونظامه المتحكمين في مصر الأن، والناس اعتادت أن تفرط في كل حرياتها من أجل الاستقرار، ولم تحصل على الحرية ولا على الوظائف ولا الاستقرار، والسؤال هو متى سيستيقظ المصريون من الوهم، ويقفون لأنفسهم!؟

والله أعلم، ما رأيكم!؟

صفقة الأسلحة الروسية المزعومة بعيدا عن التطبيل



طيب تعالوا نتعامل بشيء من الجدية مع صفقة السلاح المزعومة التي تنوي حكومة الانقلاب شرائها من روسيا للرد على قرار أميركا تجميد بعض المساعدات وموازنة الضغط الأميركي. 

طبعا سيحتفل الإنقلابيون بالصفقة على إنها إنجاز استراتيجي، وبعيدا عن المزيدات أو التهويل والتبرير - وما قد يرافقهما من تطبيل - يجب تذكر الحقائق التالية:

أولا: روسيا وهي الضامن الأهم لحليفها الأهم في المنطقة وهي إيران رفضت بيع صواريخ اس 300 التي تحتاجها إيران بشدة في الفترة الحالية كرادع ضد التهديدات الإسرائيلية والغربية، وبالمناسبة روسيا وقعت عقدا مع إيران منذ عدة سنوات لتوريد الصواريخ الدفاعية ورفضوا إتمام الاتفاق، يعني لو كانت روسيا قادرة على تقديم أسلحة استراتيجية تقلب المعادلة لحليف في المنطقة لقدمتها لإيران، وبالمناسبة أيضا إيران لديها أموال البترول والغاز جاهزة للدفع وهي الداعم الأكبر لحلفاء الروس بالمنطقة كنظام الأسد.

ثانيا: مبلغ المليارات الأربعة ضئيل للغاية لو قورن بصفقات الأسلحة، السعودية مثلا وقت منذ عامين صفقات مع أميركا بستين مليار دولار، وأعتقد أن ميزانية الإمارات العسكرية السنوية حوالي عشرة مليار دولار سنويا في الوقت الحالي.

ثالثا: القضية ليست شراء بعض الأسلحة، ولكن القضية أن منظومات الأسلحة المصرية أميركية منذ ثلاثين عاما، وتغيير تلك المنظومة لا يحتاج 4 مليار، فقد تقدر المبالغ التي أنفقت على أمركة منظومة الأسلحة المصرية بالكامل بحوالي عشرين ضعف هذا المبلغ وربما أكثر لو أخذنا في الاعتبار السعر الحقيقي للدولار وتكلفة التدريب على منظومات الأسلحة، لذا تحتاج مصر سنوات وربما عقود لتغيير منظومات الأسلحة.

لذا أغلب الظن نحن أمام مناوشات ليس أكثر.

رابعا: من سيمول تلك المشتريات الروس أم أطراف خليجية – كما تقول بعض المصادر – وما هو الثمن السياسي لذلك!؟

خامسا: تقول بعض المصادر أن الثمن السياسي هو دعم الانقلاب لموقف الروس من سوريا، وهو ما سيتعارض مع موقف السعودية، وهنا نطرح السؤال حول إمكانية التعارض بين مصالح داعمي الانقلاب الإقليميين والدوليين.

سادسا: الدول التي تريد تحقيق طفرة استراتيجية في سلاحها لا تعتمد فقط على الشراء فالأهم هو التصنيع، مثل تركيا التي تصنع حاليا نصف سلاحها على ما أتذكر وفقا لدراسات قرأتها بهذا الخصوص، أو إسرائيل التي تدخل في شراكات تكنولوجية وعسكرية مع أميركا في تطوير أسلحة تكنولوجية متقدمة.

القضية ليست شراء أسلحة بأربعة مليار أو بأربعين مليار، الأهم هو تطوير القاعدة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية لتطوير السلاح، وهو ما يحتاج نظام جاد يبني دولة، لا انقلاب يرهنها للخارج.

مصر تعتمد على أميركا في 85% من سلاحها، ولو حولت هذه النسبة إلى 80% فلن يتغير استراتيجيا الكثير، سيظل القرار الاستراتيجي النهائي في يد مورد السلاح، يعني في النهاية سيتلاعب الأمريكان والروس بالقرار المصري، كما يتلاعبان بالملف السوري حاليا رغم عدم رضا الحلفاء الإقليميين عما يحدث.

سابعا: منذ عامين تقريبا قرر العسكر بالتعاون مع أحد شيوخ السلفية جمع المعونة الأميركية من الشعب كبديل للمعونة الأمريكية ... ومازلنا لا نعرف مصير النقود التي جمعت من بعض الناس الغلابة الذين تبرعوا للحملة بوازع وطني أو ديني.

ثامنا: الحل هو بناء دولة محترمة تحترم أبنائها وتطلق طاقاتهم في البناء والتقدم والتصنيع والتكنولوجيا، وليس تحويل البلاد لمرفأ خاص بالنظام يشتري فيه الأسلحة بديون من الخارج ليكدسها حتى تصدأ أو يستخدمها ضد شعبه من قوته وقوت أولاده وصحتهم وتعليمهم ومستقبلهم.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

كراهية الإخوان السلاح السياسي الأهم في معركة عودة نظام مبارك

مرة أخرى ما يحدث في مصر هو جزء من معركة سياسية كبرى للحفاظ على نظام مبارك وأهم أركانه، وما يحدث منذ يناير 2011 هو تنويع لأسلحة وأدوات الفلول للعودة للانفراد بالحكم مجددا. 

الإخوان أخطئوا، وكل فصيل سياسي في مصر أخطأ، ونخص هنا بالذكر التيارات الداعمة لثورة يناير، وحسابها يكون بالعدل وليس بالكراهية والانتقام. 

أما الموجة الهائلة لكراهية الإخوان في مصر فليس لها مبرر إلا لكونها "سلاح سياسي" يدار بإحكام من قبل الفلول لتحقيق الأهداف التالية:

أولا: تصفية الفصيل الأكبر الداعم لثورة يناير، من خلال استخدام أبشع الوسائل وعلى رأسها قتل المئات من أفضل أعضاءه في الشوارع في وضح النهار دون أن يتحرك المصريون.

ثانيا: ردع القوى الثورية بسبب حالة الكراهية الهائلة تحت غطاء كراهية الإخوان وما يسمى "بالحرب على الإرهاب" والنزعة الانتقامية من الإخوان، والتنكيل بهم، فكلما زادت "كراهية الإخوان" ونجحت كسلاح سياسي كلما راجت فكرة استخدام السلاح نفسه تجاه مختلف القوى الثورية، حيث تتحول "الكراهية" للسلاح السياسي الأهم في مصر.

ثالثا: الحيلولة دون قيام جبهة موحدة للقوى الداعمة لثورة يناير، فكراهية الإخوان تظل عائقا ضد تعاطف الشعب والقوى الثورية معهم، وتنتشر الكراهية في أوساط الإخوان أنفسهم تجاه بقية القوى الثورية والمجتمع بشكل عام، وبهذا تسهل السيطرة على المجتمع من قبل الفلول وهم ناشروا الكراهية من البداية.

رابعا: مساعدة الفلول للعودة سياسيا واستخدام سلاح الكراهية لتغطية مختلف مراحل العملية السياسية، حيث تتحول كراهية الإخوان لشعار سياسي وأجندة سياسية تغطي على فشل الفلول للنهوض بالبلاد على مدى عقود، وعجزهم عن التواصل مع الناس وعدم رغبتهم في خدمتهم، وبهذا تتحول كراهية الإخوان لمنبر انتخابي أساسي حتى يفيق الناس من الوهم وتتضح لهم طبيعة الكراهية المدمرة وغياب البديل وتدهور أوضاع البلاد.

مرة أخرى نحن لا نطالب بمعاملة خاصة بأحد، لو تورط مرشد الإخوان في قتل متظاهر في مصر فيجب تقديمه لمحاكمة عادلة فورا على أن تتضمن تلك المحاكمة كل من قتل متظاهر في مصر بغض النظر عن موقعه في مصر حتى لو كان السيسي نفسه.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

كيف سقط مرسي ... "استراتيجية بتمهل لكن بثبات"

هذا ما كتب رفيق حبيب نائب رئيس الحرية والعدالة في الشهر الذي أطيح به بمرسي من الحكم:

" ومع أول حكومة يشكلها الرئيس، أتضح بالفعل أنه يركز على الخبراء المستقلين كاختيار أول، ثم خبراء حزب الحرية والعدالة كاختيار ثاني. أما مسألة المشاركة السياسية مع المنتمين لقوى سياسية أخرى، فجعلها محصورة في الفريق الرئاسي، وأبعدها عن العمل التنفيذي". 

" وبالمتابعة لتفاصيل الواقع الحياتي، نلحظ أن الدولة العميقة تتقلص فعلا، وبشكل مستمر، ولكنها في الوقت نفسه، تمكنت من تأزيم الأوضاع في البلد عدة مرات، وأخرت برنامج الرئيس والحكومة، وأشاعت الفوضى والعنف، ومع هذا لم تعد الدولة العميقة قادرة على البقاء، ومقاومة عملية تقليصها المستمر."

" وفي نفس الوقت، كان الرئيس يؤهل أيضا الكوادر الفنية من حزب الحرية والعدالة، والتي تتمتع بالكفاءة والخبرة، وإن كانت خبراتها من خارج جهاز الدولة، من خلال تكليفهم بمساعدة الوزراء أو المحافظين، أو العمل في مكتب الرئيس، حتى إذا توفرت لهم الخبرة بأوضاع الدولة، كلفوا بعد ذلك بالمناصب الوزارية، أو تولوا منصب المحافظ. ومرة أخرى، تؤكد التعديلات الوزارية، أن الأولوية كانت للخبراء من داخل جهاز الدولة، ثم الخبراء من حزب الحرية والعدالة، مما يجعل المستقلين لهم أغلبية في الحكومة."

" ويضاف لهذا، أن الرئيس أتبع تقليدا في اختيار عدد من الوزراء من داخل أجهزة الوزارة نفسها، مثل الدفاع وهو ما أصبح قاعدة دستورية في الدستور الجديد، وأيضا الخارجية والداخلية. مما أرسى قاعدة تجعل بعض الوزراء يأتون من داخل الوزارة نفسها، وهو ما يعطي مساحة في أي حكومة، للوزراء الخبراء، أصحاب الكفاءة والخبرة في جهاز الدولة. وهذه السياسة، ترسخ لدور مستمر للوزراء الخبراء، حتى وإن توسع دور الوزير السياسي."

" لم يحاول الرئيس شغل عامة الناس بالمعارك، خاصة مع الثورة المضادة، ولم يحاول شغلهم بخطاب ثوري حماسي، ولا بخطاب عاطفي. كما لم يحاول الرئيس كشف دور النظام السابق قبل وبعد الثورة، ودور القوى السياسية المناوئة له، ليشغل عامة الناس بالمعارك السياسية. فأصبحنا أمام حماس ثوري، لا يجد تغيرات واسعة تشبعه، مما ساعد على تفشي الإحباط أحيانا كثيرة."

" خلاصة استراتيجية بتمهل لكن بثبات، أنها تركز راهنها الأساسي على ما يتحقق على المدى المتوسط والطويل، أكثر مما يتحقق على المستوى قصير الأجل، أي أن تلك الاستراتيجية تراهن على تحقيق إنجاز في المدى المتوسط، ثم المدى الطويل، حتى إذا حدثت عرقلة أو تأخر في تحقيق الانجازات على المدى القصير. وهذا التصور، يستوعب ما يحدث من مخاطر في المدى القصير، في مقابل تقليل نسبة المخاطر في المدى المتوسط والطويل.

وبالطبع فإن في كل استراتيجية نسبة مخاطرة، وفي استراتيجية الرئيس، تتمثل أكبر درجة من المخاطرة، في ما يتحقق في المدى المتوسط. لأن ما يتحقق في المدى المتوسط، يمكن أن يزيل أثر ما لم يتحقق في المدى العاجل، وأيضا يعطي أملا كبيرا، في ما يمكن أن يتحقق في المدى الطويل. وتأخر ظهور نتائج المدى المتوسط، تعمق ما يحدث من إحباط في المدى القصير، كما تقلل الأمل في ما يمكن أن يحدث من إنجاز في المدى الطويل.

وهذه الاستراتيجية في كل الأحوال، تلقي عبئا ثقيلا على حزب الحرية والعدالة، بل وعلى جماعة الإخوان المسلمين، حيث يكون عليهما توسيع قاعدتهم الشعبية، بجهدهم الذاتي، وبدون الاعتماد على ما يحققه الرئيس في المدى القصير، بل ويكون عليهما تجاوز أي أثر سلبي للمشكلات التي لا تحل في المدى القصير. مما يعني، أن استراتيجية بتمهل لكن بثبات، تؤدي فعليا إلى عبئ شعبي على الرئيس وحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، وتتطلب عملا جماهيرا واسعا من الحزب والجماعة، حتى تمر المرحلة الأولى، وتظهر ثمار هذه السياسة."

- المصدر: رفيق حبيب، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، "بتمهل لكن بثبات ... استراتيجية الرئيس"، يونيو 2013.

-----

ويبقى السؤال: هل أتبع مرسي الاستراتيجية الخطأ؟ هل أخطأ في حق نفسه والمصريين؟ هل سولت له جماعته الاعتماد عليها وعلى الدولة العميقة؟ من المسئول عن تلك الاستراتيجية؟ وما هو دور الإخوان ومنظريهم في تحذير مرسي وتقويم مساره!؟

ما رأيكم!؟ 

Saturday, October 05, 2013

قراءة تاريخية في الاستراتيجية السياسية لقادة الجيش المصري منذ 1952



انتهيت من قراءة فصل عن مصر في كتاب عن الجيوش والثورات حول العالم لدار نشر بريطانية، الفصل مكتوب في يوليو 2012 لأستاذ جامعي بريطاني بجامعة شرق لندن يسمى فيليب مارفليت.

الفصل في عنوانه ومضمونه يقول أن الجيش والشعب في مصر "لم يكونا أبدا يد واحدة"، وذلك للأسباب التالية:

1) الجيش يرى أنه البلد، هو مصر، وهو الذي يعرف مصلحة مصر، وأن مصر مدانة له باستحقاق ما، وأن ثروته الاقتصادية هي حق له، وهنا يقصد بالجيش قادته المسيطرين عليه.

وقد ذكر باحث أخر بكارنيجي وهو يزيد صايغ في دراسة له بعنوان "دولة الضباط" أن الترقية في الجيش للمناصب العليا تخضع لاعتبارات سياسية تتعلق برضا قيادات الجيش عن اللواءات الجدد.

2) قادة الجيش منذ عبد الناصر وهم مشغولون بالسيطرة على البلد ليس فقط أمنيا وسياسيا ولكن أيضا لهم نصيب كبير من الكعكة الاقتصادية.

3) تظل سيطرة قادة الجيش سرية للغاية ولا يقبلون بنشر أي معلومات عنهم أو عن طبيعة سيطرتهم الاقتصادية والسياسية.

4) في أحيان كثيرة استدعي الجيش لقمع الانتفاضات، مثل قمع بعد الناصر لانتفاضة العمال في كفر الدوار، والتي افتتح بها عهده وقام بتعليق أجساد قادة الحراك على المشانق لعدة أيام، وقمع السادات انتفاضة الخبز، كما استخدم مبارك الجيش لقمع الأمن المركزي، وقتل الجيش عشرات الثوار بعد ثورة يناير وقام بالقبض على آلاف منهم.

5) بمرور الوقت وبسبب الهزائم العسكرية والفشل السياسي والأزمات الاقتصادية تراجعت شعبية قادة الجيش، وباختفاء عبد الناصر، تحول السادات إلى السيطرة بلا شعبية، أما مبارك فتحول للتحكم فقط، وهكذا الجيل الجديد من قادة الجيش فليس لديهم شعبية، ولا يعرفون إلا الأفكار التي تربوا عليها في عهد مبارك من تحكم واستعلاء وفوقية وسيطرة على الناس والسرية ودوائر المقربين.

6) الحفاظ على مزايا قادة الجيش مصلحة أساسية تحرك قياداته، ونفوذهم الاقتصادي كبير، وهم يرون أنه حق لهم، وينزعجون بشدة من أي محاولة للاقتراب منها، وقد حاولوا منذ الثورة الحفاظ على مكانتهم بمختلف السبل.

وقد حافظ قادة الجيش على مزاياهم ووضعهم النخبوي رغم التحولات السياسية والاقتصادية المختلفة بين عهود ناصر والسادات ومبارك، ففي كل مرة حافظوا على موقعهم الخاص والتميز وعلى علاقاتهم بنخب النظام الجديدة.

ويرى المؤلف أن قادة الجيش قرروا التخلص من مبارك بعد أن بات الدفاع عن مستحيلا حفاظا على مكاسبهم ومزاياهم، وربما لأنهم أرادوا أيضا التخلص من منافسيهم داخل نظام مبارك (أمثال أحمد عز)، كما حاولوا تدريجيا القضاء على الضغط الشعبي من خلال قتل المتظاهرين وسجن الآلاف منهم وحل البرلمان والإعلانات الدستورية وكأن أخرها ما سبق انتخاب مرسي حيث تحولوا لسلطة موازية.

7) يرى المؤلف أن قادة الجيش توصلوا لاتفاق مع الإخوان يضمن تعاونهم بشكل يسمح للإخوان بالصعود السياسي على ألا يقترب الإخوان لمزايا الجيش وعلى ألا يتعرضوا لسمعته.

8) يتنبأ المؤلف في نهاية الفصل الذي كتبه في يوليو 2012 ما يلي:

"إنها مجرد قضية وقت، قبل أن تواجه الحركة الثورية قيادة جيش في قلب النظام الديكتاتوري وفي قلب بنية المزايا الاقتصادية".

ولا ينسى التأكيد على أن قادة الجيش حريصين على قمع الحركات الشعبية، ويبدو أن هذا ما حدث في رابعة، فيبدو أن قادة الجيش بعد أن حققوا مرادهم من التحالف مع الإخوان أو التعاون معهم، وبعد أن استعادوا بعض السمعة والتأييد الشعبي قرروا التخلص من الإخوان للانفراد أو ربما البحث عن صيغة جديدة للحكم أقل تهديدا لمزاياهم ووضعهم الخاص بالسلطة.

ما رأيكم!؟

Sunday, September 29, 2013

بعد ثلاثة شهور نسأل: هل 30 يونيو 2013 خطأ وجب تصحيحه!؟



كل الأحداث التاريخية والأفعال البشرية محل سؤال، موضوع للمراجعة والشك والتمحيص، والأن وبعد مرور حوالي ثلاثة شهور من حقنا - بل من صميم حقنا - أن نسأل هل كانت 30 يونيو خطأ يجب العودة عنه وتصحيحه!؟ 

ألم يقع أنصار 30 يونيو في الأخطاء التالية: 

1) التظاهر دون بناء تحالف جاد، فالتظاهرات شملت بجوار بعض أفضل التيارات الثورية وشبابها، الفلول وأتباع العسكر وكارهي الثورة!

ولن نخوض حاليا فيما تبين بعد من حقيقة تمرد وفكرها المؤسف وطبيعة تمويلها، والظهور الفج لقوى الفلول والمواطنين الشرفاء والتشدد بعد 30 يونيو.

2) التظاهر بلا ضمانات حقيقية أو حتى تصور موحد ومضمون لما بعد التظاهر، فقد طرح أكثر من سيناريو، مثل انتخابات رئاسية في ستة أشهر، ولكن في النهاية قطف العسكر وبعض متطرفي جبهة الإنقاذ الحكم، وبتنا تحت حكم أقلية معسكرة متشددة، حتى البرادعي استقال بعد الانقلاب بشهر ونصف ولم يملك ضمانات.

هل أخطأت القوى الثورية في المشاركة في 30 يونيو بدون أدنى ضمانات!؟

3) منذ الثورة كانت هناك حجة رائجة تقول أن علينا أن نتأكد أن من يصل للحكم يمكن نزعه منه، بمعنى أن نساعد من نكون قادرين على نزعه من الحكم، وكان البعض يشكك ويقول أن الإخوان لو انفردوا بالحكم فلن ينزعوا منه أبدا، وكان هناك في المقابل من يكون أن نزع الإخوان سهل، وهو ما ظهر واتضح فعلا بعد 30 يونيو.

ولكن هل نزع السيسي والانقلاب العسكري سهل، أيهما أسهل مقاومة، السيسي أم الإخوان، هل تخلص البعض من الإخوان ليأتوا بمنهم أكثر خطرا وسيطرة وتشددا منهم!؟ ما رأيكم!؟

4) أجندة الثورة تعطلت تقريبا، أين إصلاح مؤسسات الأمن؟ أو إخراج العسكر من السياسة؟ أو توحيد الشعب؟ أو إصلاح الاقتصاد أو التعليم أو الصحة؟ أين إصلاح الإعلام الذي يعيش بعض أسوأ مرحله رعاية متشددين جدد!؟

5) أين المسار الديمقراطي كله؟ أين الحريات والديمقراطية التي بشرتنا بها الثورة؟ أين الانتخابات وممثلي الشعب وإرادة الناس!؟

كيف سيقف المصريون في طابور الانتخابات بعد كل هذا القتل والقمع والانتهاكات؟ ومن سيقف في طابور الانتخابات والمواطنين الشرفاء طلقاء في الشوارع ينتقمون ممن يعارضونونهم؟ هل نضحك على أنفسنا؟ من سيقبل بدستور الإنقلاب!؟ هل خداع النفس ممكن أن يطول!؟

هل ما يقوم به السيسي وأعوانه من قمع وحلول أمنية له علاقة من قريب أو بعيد بالمسار الديمقراطي؟ هل حكم الأقلية المتشددة التي يمثلها بعض شخصيات جبهة الإنقاذ بالحكومة الانتقالية ولجنة كتابة الدستور والذين لا يعرفهم أحد هو ما كانت تريده التيارات الثورية من خلال مشاركتها في 30 يونيو!؟

هل ما حدث خطأ وجب التراجع عنه أو على الأقل إصلاحه بشكل جذري!؟

6) دوليا ظهر جليا الدعم الذي يحظى به الانقلاب من لوبي إسرائيل واليمين الغربي المتشدد والديكتاتوريات العربية التي امتنعت عن تمويل الثورة تقريبا اسقاطا للإخوان ولعبت دورا كبيرا وهاما في دعم الانقلاب وتمويله.

الإنقلاب منبوذ حول العالم تقريبا ويسيء لسمعة مصر كل يوم إلا في الدوائر المتشددة الداعمة للوبي إسرائيل والمصالح الفجة والديكتاتوريات العربية.

نعلم أن المراجعة صعبة، ومؤلمة للنفس، ولكن الأمم القوية هي التي تعيش في مرحلة مراجعة صادقة مع الذات، هي التي ترفض تمجيد حدث أو أشخاص، هي التي تعيش في حالة مراجعة ونقد ذاتي شجاعة!

وأنا أعيد عليكم السؤال، هل أخطأت التيارات الثورية في المشاركة في 30 يونيو!؟ هل 30 يونيو خطأ يجب تصحيحه!؟

ما رأيكم!؟ وما الحل!؟

Saturday, September 28, 2013

نحو أجندة سياسية لكل المصريين


ما هي المصالح العامة لكل المصريين؟ ماذا يحتاجه كل المصريين أو أغلبهم حاليا!؟ 

دعوني أحاول ... 

أولا: نبذ الفرقة، ورفض الصراع حول شعارات، رفض تقسيم الناس وفقا للدين أو الوطنية أو أي معيار أخر قدر الإمكان، رفض حروب الهوية والحروب الأمنية، نريد التوحد حول ما يجمع أغلب المصريين. 

ثانيا: حل سياسي يشرك الجميع، لا يستثني أحد، دستور توافقي مؤقت حتى تستقر الأوضاع وتنتخب المؤسسات، ويعود الناس للانتخابات، وبعد عن العنف والمواجهة الأمنية والصدام. 

ثالثا: إصلاح الشرطة المصرية، إعادة الأمن للشوارع ولكن ليس على طريق مبارك، إعادة الأمن بدون حالة طوارئ وأمن دولة، إصلاح الشرطة وفقا لمعايير حقوق الإنسان، لكي يعود الأمن والسياحة والاستثمارات. 

رابعا: عودة الجيش إلى ثكناته وتحجيم إمبراطورتيه الاقتصادية، وإخضاع الجيش والمخابرات لسلطة المدنيين، وطوي صفحة السيطرة العسكرية على الحياة السياسية والاقتصاد للأبد، بناء جيش احترافي يخضع لسيطرة المدنيين. 

خامسا: علاج مشاكل الاقتصاد المصري، بناء اقتصاد جديد يقوي الطبقات الفقيرة والمتوسطة، ويحولهما لطبقات منتجة ومصدرة، وعدم الاكتفاء فقط بتنشيط الأنشطة الخدمية كالسياحة أو جذب استثمارات أجنبية توظيف بضعة آلاف، يجب تغيير نمط الانتاج والتوجه نحو التصنيع والتصدير. 

سادسا: إعادة بناء المنظومة التعليمية، تطوير المناهج والإنفاق وحال المدرس، وحالة العملية التعليمية بمختلف مراحلها. 

سابعا: تطوير القطاع الصحي، وجعل صحة المواطن أولوية. 

ثامنا: الاهتمام بالأطراف والعشوائيات والمناطق المحرومة والأكثر فقرا، وإعادة دمجها في اقتصاد أكثر عدلا ودولة أكثر احتراما للقانون.
قد يكون الاتفاق على أجندة مشتركة ترضي الأغلبية وسيلة أولوية لتجميع الناس. 

والله أعلم، ما رأيكم!؟ هل نسيت شيء!؟ 

في النهاية الحزينة لثورة عرابي ومسار ثورة يناير


انتهيت من قراءة كتاب "فصل في تاريخ الثورة العرابية" للمحمود الخفيف، وهو كتاب قصير (حوالي 100 صفحة) مؤلم مبكي من فرط ما تعرض له عرابي وثورة المصريين الوطنية الأولى من خيانة وإهدار. 

مشكلة عرابي هو أنه فلاح كبقية المصريين أراد أن يمنح المصريين دستورا وحياة نيابية وحقوق، ولما وقف هو وزملائه أمام الخديوي يقدمون مطالب المصريين تحولت البلاد لأفراح لمدة ثلاثة شهور كان المصريون يعانقون بعضهم - وحتى الغريب - في الطرقات من شدة الفرح كما يقول الكتاب.

ولكن سرعان ما تأمر على عرابي وثورة المصريين النخب بانقسامهم، والخديوي باستعانته بالإنجليز، والإنجليز والذي قضوا على الثورة الوطنية بالسلاح والرشاوي والمؤامرات.

ولما نفي عرابي حرص الإنجليز كل الحرص على تغيير صورته وسط الناس، فلما عاد من المنفى بعد حوالي عقدين من الزمن وجد أن الجيل الجديد يعتقد أنه سبب المشاكل والكوارث التي حلت بمصر والمصريين وعلى رأسها الاحتلال.

ولكنه لما مات بعد عودته لمصر بحوالي عقد من الزمن لم يشارك أي مسئول رسمي في جنازته خوفا من الإنجليز ولكن آلاف من ابناء وطنه شيعوا جثمانه إلى مثواه الأخير في التفاف تلقائي حول الزعيم الوطني المصري الأول.

ويقول بعض كتاب الإنجليز المنصفين – في شهادات سجلها الكتاب – أنه لو خاض عرابي انتخابات حرة أمام الخديوي لفاز عليه، وأنه لما سجن عاشت أسرته على معونات خيرية يقدمها له بعض أصدقائه سرا، وأنه لما نفي لم يكن يملك مالا يشتري به ملابس لنفسه، وأن مقاومة المصريين للغزو الإنجليزي لم تكلف خزينة الدولة مليما واحدا وأنها قامت على تبرعات المصريين.

وأن المصريين التفوا حول عرابي يقاومون الإنجليز ومدافعهم المتقدمة بصدورهم العارية في معارك غير متكافئة متسلحين بحبهم بوطنهم وإيمانهم بالله، حيث تعجب بعض الإنجليز من سهر الجنود المصريين في دوائر الذكر قبل المعارك المفصلية.

وكان يمكن أن يكتب لعرابي النصر ودحر الاحتلال الانجليزي لولا الخيانة وتقديم خطط قتاله للأعداء.

أما خزائن الدولة فقد أفرغها ممثلون إنجليز نيابة عن الخديوي الذي دخل إلى قصره بعد هزيمة عرابي في حماية الإنجليز وأقام لهم الاحتفالات وأنعم عليهم بالأوسمة لأنهم هزموا عرابي، وذلك لأن الخديوي لم ينس أبدا يوم وقف عرابي أمامه في القصر هو وجنوده يطالبونه بالدستور والبرلمان.

أما الانجليز فقد قالوا في البداية ان احتلالهم مؤقت، ودام بعد ذلك سبعة عقود، وأول ما فعلوه هو حل الدستور والبرلمان واستبدالهما بقوانين ومجلس بلا أسنان.

ولكي يبدأ الإنجليز مهاجمة مصر تذرعوا بأن عرابي الذي كان وزيرا للحربية في ذلك الوقت يزيد من تحصين أسوار الإسكندرية بمدفعين أو ثلاثة، وأن هذه الزيادات هي تهديد لسفنهم أو استفزاز لها، يعني وجود سفنهم حول سواحل مصر لم يكن عملا استفزازيا، وقيام أبناء البلد بتحصين أرضهم ضد الغزو بمدفعين عملا استفزازيا.

وبرر الإنجليز غزوهم بحماية الخديوي ورحب هو بالغزو للقضاء على جيش عربي ورجاله.

أم النخبة فكانت منقسمة، فهي تارة مع عرابي، وتارة مع الخديوي، وتارة مع التهدئة، وتارة مع الخوف من تدخل الإنجليز، وتارة مع السلطان العثماني الذي أعلن انشقاق عرابي عن أوامره خلال مقاومته للإنجليز، ناهيك عن رشاوى قدمت لقادة الجنود وخيانات حدثت خلال المعارك.

مشكلة عرابي ومن معه أنهم فلاحون من أبناء البلد، ذاقوا الأمرين على ايادي الضباط الأجانب المسيطرين على الجيش، ولكن بعضهم نبغ، وأجاد وأصبح خبيرا في عمله وعلى رأسهم عرابي، وضاق بالتمييز ضد ابناء البلد وبتدخل الخارج في شئونها وبتراجع الحقوق والحريات والفقر والديون، وأرادوا وضع البلد على طريق التقدم.

ولم يكونوا ضد السلطة القائمة بالضرورة، فقد عاملوا الخديوي بكل احترام يوم أن قدموا له مطالب الثورة، وظلوا حريصين عليه وعلى مصالح السلطان العثماني، ولكن كل ذلك لم يغفر لهم، فقد فضل الخديوي أن يدخل قصره في حماية الضباط الإنجليز على أن يصبر على حركة وطنية مصرية.

أما محاكمة عرابي بعد القبض عليه فقد كانت مهزلة، كانت مسرحية لإدانته والتخلص منه، ومواقف الدول الغربية التي كانت تسمى نفسها "متمدنة" فقد كانت أيضا مهزلة، فهي تتصرف كالذئاب للفوز بفريستها، أعلنت وعودا وخالفتها، واستخدمت الخداع والرشاوى في حروبها، ولم ترحم البلاد من أسلحتها المدمرة التي كانت تسبقها قبل كل معركة.

وبعض المنصفين الإنجليز قالوا أن عرابي كان مواطنا حريصا على بلده، وأنه كان زعيما وطنيا حقيقا لثورة وطنية عالمية الخصائص، وأنه وزملائه كانوا على قدر مناسب من التعليم، وأنهم كانوا يمثلون حركة وطنية حقيقة، وأن الشعب كان ملتفا فعلا حولهم، وأنه لو أتيحت لهم الفرصة لربما بنوا مصر، ولربما كانت مصر بلدا أخر غير الذي لم نعرفه اليوم.

ولكن لم يصبر أحد على عرابي وثورته التي لم يطل عمرها أكثر من حوالي 3 سنوات، انتهت بنفيه واحتلال مصر.

ويحسب لعرابي ومن حوله أنه كان حريص كل الحرص على توحيد المصريين، وأنه لم يسع لسلطة وإنما كان صعوده تلقائيا وسط الناس التي التفت من حوله، وقد كتب في خاتمة مذكراته يوصى من سيأتي بعده بالحرص كل الحرص على وحدة المصريين وتقوية صفهم الداخلي.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

نصائح سياسية من جدكم سعد زغلول باشا



انتهيت من قراءة كتاب "بطل النهضة المصرية الكبرى ... سعد زغلول باشا" لعباس حافظ، وهو كتاب قصير (حوالي 50 صفحة) عن السيرة الذاتية لسعد زغلول لا تخلو صفحة من صفحاته من الإطراء والمديح. 

ما يهمنا هنا أن سعد زغلول تمتع بالقدرات التالية:

أولا: قدرات بشرية عالية على الخطابة كمحامي وقاضي، أبهرت أبناء عصره كما يقول الكتاب.

ثانيا: التعلم والرغبة في المزيد من التعلم، فهو أزهري أجاد القوانين وعمل محاميا وقاضيا بدون ليسانس أداب، وهو أيضا خطيب مفهوه، كما عمل وزيرا ونائبا عن الشعب في البرلمان، ويقول المؤلف أن سعد زغلول تعلم الفرنسية في الأربعينيات والألمانية في الستينيات من عمره، وأن زوجته وهي إبنة أحد الباشوات أجادت العربية والتركية والفرنسية وشجعته على العلم والتعلم. 

ثالثا: سعد زغلول كان من رواد عصره، فهو من أوائل من اشغلوا بالمحاماة وبالقضاء، ولعب دورا هاما في تطوير سمعة المحاماة كمهنة في مصر في نهاية القرن الـ 19. 

رابعا: هو تلميذ جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، حيث عمل مع الأخير في الوقائع المصرية لفترة، وعاني بسبب دعمه لثورة عرابي، ولكنه أجاد اللغة وفنونها والقوانين، وأجاد في كل مهنة تولاها. 

خامسا: يبدو سعد زغلول من كلماته رجلا صاحب مبدأ، ونختتم الكتاب بسلسلة من مقولاته – كما وردت نصا – توضيحا لرؤيته السياسية واستفادة مما تضمنه من نصائح مازالت صالحة ليومنا هذا:

كلمات مأثورة لسعد زعلول:

- "أعطونا برلمانًا مثل برلمانات أوروبا يكون له الكلمة الأخيرة في كل شيء ونحن نقبل أن يكون في يدكم من السلطة ما تشاءون."

- "إننا إن لم نحافظ على الصدق والأمانة في جميع أعمالنا ضعنا وضاعت آمال الأمة فينا."

- "لا عيب علينا في الرجوع إلى الحق متى ظهر لنا؛ لأننا ما جئنا هنا لندافع عن أنفسنا وأنانيتنا بل لندافع عن الحق ونؤيده."

- "الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة."

- "ليس للحكومة أن تغضب كلما قلنا لها إنها مخطئة، فإننا ما جئنا هنا إلا لننبهها على خطئها."

- "إنا إذا احترمنا أمرًا للحكومة نحترمه لأنه نافع للأمة لا لأنه صادر من تلك القوة المسيطرة."

- "يظهر لي أن العدالة الحقيقية لم توجد حتى اليوم في أي قانون من قوانين العالم، وإنما تتفاضل القوانين فيما بينها بالعدالة النسبية."

- "من الخطر العظيم على العدالة أن تستسهل الحكومة وضع القوانين الاستثنائية كلما خطر في بالها أن تفعل ذلك."

- "كل أمر يقف في طريق حريتنا لا يصح أن نقبله مطلقًا مهما كان مصدره عاليًا ومهما كان الآمر به."

- "قد عاهدت الله مذ نشأت على أن أصرح بما في ضميري وهذه هي لذتي في حياتي."

- "إنني رجل قد وطدت نفسي على الدفاع عن الحق، وأن أتحمل فيه كل مكروه ولو كان آتيًا من الذين أدافع عنهم."

- "لم أرسم لنفسي في الجمعية (البرلمان) خطة معارضة الحكومة ولا مسالمتها، وإنما رسمت خطتي مع الحق نفسه، فإن رأيت أن الحكومة تؤدي واجبها حق الأداء وتقوم بالمسئولية الملقاة على عاتقها نحو الأمة حق القيام كنت أول المسالمين لها والواقفين بجانبها، وإن رأيت أنها تعمل على خلاف ذلك وهو ما لا أريد تصوره فإني لا أتردد في أن أكون أول المعارضين لها."

- "إن كانت الحكومة تريد أن نكون في صفها مدافعين عنها فما عليه إلا أنه تتبع الحق والعدل وتحترم القانون."

- "إن من الناس ناسًا إذا رأوا ضاربًا يضرب ومضروبًا يبكي قالوا للباكي لا تبكِ قبل أن يقولوا للضارب لا تضرب وهو منتهى ما يتصور من الظلم والحيف."

- "ما أنا بسبَّاب ولا شتَّام وإني أقر واعترف بأني لا أملك في هذا الميدان قوة أستطيع بها أن أقاوم أضعف إنسان."

ما رأيكم!؟

Sunday, September 08, 2013

ماذا فعل السيسي بموجة 30 يونيو الثورية!؟ حولها لانقلاب



يعني لو كنت تعتقد أن 30 يونيو موجة من موجات 25 يناير قامت للثورة على أخطاء الإخوان، وهو ممكن ومشروع وجائز، فهي للأسف لم تحكم، ووقعت مرة أخرى في قبضة قوى غير ثورية مثل العسكر وبعض متشددي جبهة الإنقاذ
. 


كل الأخطاء التي كنا نشتكي من وقوع الإخوان فيها وقع فيها الانقلاب العسكري وأكثر.



- إعلام التطبيل والتبرير الإخواني تحول لإعلام الحرب الأهلية
 و"الحرب على الإرهاب" و"إحنا شعب وانتم شعب"، و"تسلم الأيادي".


-
الشرطة التي كنا نشتكي من عدم إصلاحها أطلقت النار على مئات المتظاهرين في الشوارع، وتلقت الشكر من النظام الحاكم على ذلك، وعادت جيوش البلطجية للشوارع.


-
الاقتصاد الذي كنا نخشى عليه من عدم التوافق السياسي وعدم الاستقرار الداخل دخل في نفق مظلم، والاعتماد على القروض مستمر وفي زيادة مستمرة، ومستقبل السياحة والاستثمارات الأجنبية بات مقلق حقا.


-
نقد الإخوان للإٌعلام المعادي لهم تحول لإغلاق أكثر من عشرة قنوات في عهد السيسي، حتى الأصوات الإعلامية والصحفية المحترمة الداعمة لثورة 25 يناير اختفت. 


-
عشرات المتظاهرين الذين قتلوا عهد الإخوان تحولوا لمئات في عهد الانقلاب، ناهيك عن آلاف المعتقلين، وحالة الطوارئ.



-
الفلول الذين اشتكينا من تصالح مرسي معهم عادوا بقوة وباتوا من دعائم نظام السيسي.



-
الانقسام زاد، الجيش أصبح الحاكم الحقيقي للبلاد، وبدلا من استبداد الأغلبية بتنا نشتكي مما هو أسوأ وهو استبداد أقلية لا يعرفها أحد، من هو الببلاوي أو المسلماني أو مصطفى حجازي، من انتخبهم وما هي أحزابهم، وهل لهم قواعد جماهيرية!؟



- بالنسبة للسياسة الخارجية فيجب أن نسأل أين قضية ماء النيل؟ أين استقلال القرار الوطني؟ أين دعم القضية الفلسطينية؟ أين دعم الثورة السورية والربيع العربي؟ أين دعم كرامة المواطن المصري!؟ من تخدم سياسة السيسي الخارجية؟


لقد عدنا لسياسة مبارك الخارجية، سياسة الدفاع عن وجه النظام القمعي المستبد، سياسة الدور "الرائد" في عملية السلام وحلف الموالاة والتبعية الإقليمية والدولية والتقارب مع إسرائيل ولوبي إسرائيل في الخارج و مع اليمين الأميركي المتشدد، سياسة التودد لليمين الغربي المتشدد من خلال رفع شعار "الحرب على الإرهاب"!؟ 


30
 يونيو كانت للتغيير للأفضل، كانت لإصلاح أخطاء الإخوان لا للوقوع فيما هو أسوأ منها، 30 يونيو كانت لمزيد من الحريات والاستقرار والشراكة السياسية والتوافق. 



30 يونيو كانت للضغط على الأغلبية لإشراك الأقلية، وليس لتمكين أقلية سياسية متشددة لاستبعاد الأغلبية.
 


يبدو أن السيسي اختطف 30 يونيو كما اختطف طنطاوي 25 يناير حتى لو حاول الاختباء وراء وجوه شبابية كحركة تمرد - وهي أسوأ تمثيل ممكن للشباب المصري - أو خلف وجوه هرمة من قيادات جبهة الإنقاذ التي لا يعرفها أحد.


السيسي هو أكبر خطر على 25 يناير و30 يونيو، هو يريد اختطاف ثورة الشعب المصري لخدمة النظام القديم الذي يتبع له. 


السيسي وقادة المؤسسات الأمنية الحاكمة في مصر والتي لم تطالها ثورة يناير بتغيير يذكر هم جزء من نظام مبارك كبقية قيادات النخبة التقليدية الهرمة في مصر، هم جزء نخبوي يبدو أنه يدين بالولاء لنظام مبارك ويحاول الحفاظ عليه حفاظا على مزاياه أكثر من ارتباطه بأغلبية المصريين وحركة مجتمعهم الراغب في الثورة والحرية والتغيير.


يبدو أن كل ما يحاوله السيسي هو تعطيل الثورة والتغيير ولن يفلح.


أفيقوا يرحمكم الله، ذكروا الناس بأهداف الثورة الحقيقة، وكيف ابتعدنا عنها، والناس ستشعر بما خسرنا وهو كثير وعزيز، وستسعى للعودة إليها بكل قوتها، عودة الوعي بداية الحل.



والله أعلم، ما رأيكم!؟






Monday, August 12, 2013

الجنرال المتدين: قراءة في رؤية عبد الفتاح السيسي للتحول الديمقراطي بالشرق الأوسط



ليس لدينا كثير من المصادر المنشورة للوقوف على فكر عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري الحالي والطريقة التي يفكر من خلالها في السياسة والمفاهيم الرئيسية التي تتحكم في تفكيره وممارساته السياسية.

وذلك لأن في مصر لا تنشر معلومات كافية عن قادة الجيوش ولا طريقة تفكيرهم، لذا منحنا الأميركيون فرصة نادرة لفهم كيف يفكر السيسي حين نشروا لنا دراسة أعدها خلال فترة دراسته هناك في 2006 عن الديمقراطية في الشرق الأوسط بأهم كلية من كليات الجيش الأميركي.

الدراسة كانت محظورة النشر، ولكن يبدو أن بعض المنظمات المعنية بمكافحة السرية بأميركا استطاعت الحصول على نسخة منها، فهم لا يحبون أن تحتفظ حكومتهم بأسرار حتى لو كانت مرتبطة بالخارج، ونحن كل شيء لدينا سر حتى لو كان له علاقة بالداخل.

عموما الدراسة بعنوان "الديمقراطية في الشرق الأوسط" وكتبها السيسي في مارس 2006 لكلية الحرب التابعة للجيش الأميركي بولاية بنسلفانيا الأميركية.

وهي تظهر بعض المفاهيم السياسية التي يفكر من خلالها، خاصة لو قارناها ببعض المؤتمرات الصحفية القليلة التي أجراها في مصر ومقابلة صحفية أجراها مع الواشنطن بوست في مطلع الشهر الحالي.

في البداية نحن أمام رجل متدين، وهذا ليس مستبعدا، فالمجتمع المصري أغلبه متدين، والتدين هو السمة الغالبة في مصر بتعريفات مختلفة، والأيدولوجيات العلمانية تراجعت كثيرا في مصر وحول العالم منذ السبعينيات.

السيسي يؤمن بدور للدين في السياسة على غرار النموذج الأميركي الذي لا يعادي الدين أو التدين، ويريد بناء ديمقراطية على أساس من العقيدة الإسلامية.

فهو يريد دورا للإسلام في الدستور، ويريد سلطات تطبق مبادئ الإسلام في عملها، ويريد دورا للعلماء وقادة التيار الديني في شرح العلاقة بين الديمقراطية والدين الإسلامي، ويريد أيضا مشاركة التيار الديني في السياسة.

وهنا يرى أكثر من باحث أميركي تناولوا دراسة السيسي بالتحليل أن تدينه قد يكون السبب الذي شجع الإخوان على التعاون معه في البداية، وقد يكون أيضا سبب انفتاحه على السلفيين، ويقولون أن من عرفوه خلال فترة دراسته بأميركا أشاروا إلى أنه متدين وأن أسرته متدينة.

ويكاد بعضهم يحذر من تدين السيسي، ويقول أنه يسعى لإنشاء دولة عسكرية متدينة!؟

للاطلاع على تصريحات السيسي التفصيلية بخصوص دور الدين في السياسة، رجاء قراءة:
https://www.facebook.com/AlaaBayoumi/posts/10151820240196271

ثانيا: يطالب السيسي بما يسميه بالإسلام الوسطي، وهو مفهوم لا يشرحه السيسي بوضوح في دراسته صغيرة الحجم (حوالي 11 صفحة من الحجم الكبير)، ولكنه يقول أنه الجماعات "المتطرفة" تريد عودة "الخلافة" أما الجمعات "الوسطية" فهي تريد دول ديمقراطية مبنية على التعاليم الإسلامية.

وهنا يتحدث السيسي عن رغبته في انتشار الديمقراطية بالدول العربية، ورغبته أيضا في ظهور اتحاد بين الدول العربية أشبه بالاتحاد الأوربي، يعني هو يتحدث عن صورة أكثر "عصرانية" أو "حداثة" من الإسلام ويخشى من المطالبين بصور تقليدية للإسلام والوحدة الإسلامية.

ثالثا: يخشى السيسي بوضوح من صعود جماعات مثل حماس بسبب امكانية تعرضها للعزلة الدولية بسبب عدم استعداد الغرب لها، ويقول أنه يجب إعطائها فرصة، ولكنه يعبر شكوك في إمكانية قبول المجتمع الدولي بها.
وهنا يتحدث السيسي عن ثلاثة سيناريوهات أمام التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط، حيث يقول:

" لو ظهرت ديمقراطيات (في الشرق الأوسط)، فكيف سيكون شكلها!؟ أتصور أن هناك ثلاثة بدائل:

الأول هو ديمقراطيات بتوجه متطرف، مثل حماس، يمكن أن تقود لأنهم ينظمون أنفسهم ويوفرون احتياجات المواطنين الذين يمثلون. والتحدي سيكون إذا كانوا سيتمكنون من المنافسة على الساحة الدولية بدون أن يقطعوا أنفسهم عن البيئة الدولية مما يؤدي في النهاية لعزل المواطنين الذين يمثلون.

الصيغة الثانية هي التقليد الوسطي كما في مصر ولبنان، حيث لا يوجد جاهزية لقبول أيدولوجيات متطرفة. وهنا نجد أن مشكلات الفساد داخل الحكومة غير معبر عنها بشكل كافي وليست مفهومة من الناس العادية. ولتجنب الانجذاب نحو الأيديولوجيات المتطرفة يجب على تلك النماذج أن توفر أسلوبا افضل للحياة لمواطنيها من خلال حكومات تمثيلية.

الصيغة الأخيرة والأقل احتمالا هي الديمقراطية الغربية. هي بديل سيمثل نموذجا للديمقراطية في الشرق الأوسط، ولكن تعقيدات الشرق الأوسط من الصعب أن تعكس الصورة الغربية (للديمقراطية)".

رابعا: يرى السيسي أن الديمقراطية يجب أن يتم تطبيقها بتدرج، فهو يرى أنها تحتاج نظام اقتصادي وتعليمي وإعلامي مساعد، فهو يرى أن الفقر قد يؤدي لشراء الأصوات من قبل الحكومة أو الأثرياء وتركيز السلطة، ويرى أن التنمية الاقتصادية وتحرير الاقتصاد سيصب في صالح عدم المركزية.

يرى أيضا ضرورة تحرير الإعلام، ويقول أن الإعلام في بلادنا "علماني" وأنه ينشر نظرة "ليبرالية" عن الحياة وأنها تتنافي مع الإسلام الوسطي وتعطي فرصة للتيارات "المتطرفة" لاستغلال وسائل إعلام مقابلة في نشر رؤى "متطرفة".

لقراءة تصريحات السيسي بخصوص الإعلام "العلماني" بالشرق الأوسط، يرجى زيارة:
https://www.facebook.com/AlaaBayoumi/posts/10151820151351271

يرى السيسي أيضا أن نشر التعليم ضرورة لنشر الديمقراطية.

ويخشى السيسي من أن التحول الديمقراطي السريع قد يؤدي لانفلات عقد الدول العربية وتفتتها ومواجهتها لصراعات داخلية كثيرة، لأن الديمقراطية تفتح الباب لصراعات وخلافات كثيرة في بداية التحول الديمقراطية  لم تعتاد عليها دول الشرق الأوسط.
كما يثير السيسي في دراسته مخاوف من عدم استعداد المؤسسات الأمنية للقبول بالتحول الديمقراطية وبسلطة الحكومات المنتخبة.

خامسا: لا يبدي السيسي ثقة كبيرة في الدور الدولي، ويقول أن الغرب يدعم إسرائيل ودول ديكتاتورية بالشرق الأوسط، وأنه يفضل استخدام القوة لتحقيق أهدافه، فقد أنفق مليارات في غزو العراق كان الأولى توفيرها لدعم التنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط والتي كانت ستصب في مصلحة تحرير الاقتصاد ومن ثم السياسية، ويرى أيضا أن الغرب يشك في الثقافة الإسلامية ولا يرحب بصعود ديمقراطيات إسلامية وهو مشغول أساسا بمصالح إسرائيل.

أخيرا بقى لنا أن نشير إلى أمرين، أولهما أن الدراسة قديمة، وأنها قد لا تكفي لفهم كيف يفكر السيسي؟ ولا كيف تطور تفكيره منذ ذلك الحين؟ ولا كيف ينظر لدوره في السياسة المصرية حاليا وفي المستقبل؟

ثانيا: الدراسة توضح أن السيسي لديه أفكار معينة ولا نعرف إذا كان الإخوان درسوا هذه الأفكار جيدا قبل تعيينه في منصبه، ومن حللوها من الأميركيين يشيرون لشخص يمتلك رؤية سياسية من المهم فهمها حاليا لعلنا نتوقع تصرفاته أو توجه مصر السياسي في الفترة المقابلة.

والله أعلم، ما رأيكم!؟