Saturday, April 28, 2012


قراءة أولية في خطابات حملة د. محمد مرسي الرئاسية 


في محاولة أولية للتعرف على الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الأخوان المسلمين وحزبهم للرئاسة في مصر وأفكاره وخطابه السياسي شاهدت البث المباشر لخطابه اليوم في الشرقية، والتسجيلات الكاملة لخطابيه في البحيرة والمنصورة خلال الأيام القليلة الماضية.

هدفي كان التعرف على أفكار د. مرسي وشخصيته وقبول الجماهير له وأفكاره وكيف يقدم نفسه كمرشح رئاسي، بشكل أولي بالطبع لأنه يصعب الحكم على أي مرشح من مشاهدته لمدة ساعتين أو ثلاثة ساعات فقط.

ملاحظاتي الأولية هي أن د. مرسي كان في أفضل حالاته في خطابه أمام جمهور الشرقية، فهو من الشرقية وكان يتحدث بخطاب غارق في المحلية، وهو أمر إيجابي بلا شك لأن د. مرسي تحدث عن مشاكل جمهوره الحياتية بشكل ينم عن معرفة واسعة وقريبة من مشاكل الناس، فقد تحدث بلغة سهلة وواضحة عن الحاجة لطرقات سريعة وحل مشكلة المرور وحل مشاكل الفلاحين والبطالة وغيرها.

وبالطبع الوعي بهذه القضايا التي تمس حياة أبناء محافظة من محافظات مصر ضرورة ويساعد على الوصول للناس بسرعة وقوة، وبالطبع شعرت أن د. مرسي – كمرشح رئاسي – وليس مرشح لمنصب برلماني عن إحدى دوائر الشرقية – يحتاج أن يتحدث عن قضايا أكبر من قضايا محافظة الشرقية بشكل تفصيلي ودقيق، ولكن عزائي كان أن الدكتور يخاطب جمهوره وأهل محافظته وأنه قد يغير خطابه عند مخاطبة جمهور محافظات أخرى.

وكانت مفاجئتي عند مشاهدة خطابيه في البحيرة والمنصورة كاملين حيث شعرت أن خطاب د. مرسي شديد العمومية بشكل سلبي، فهو عام للغاية يتحدث عن تاريخ الحملة الفرنسية مرة، وعن أخطاء نظام مبارك مرة، وعن نقص الأدوية مرة أخرى، وعن الفساد تارة رابعة, وعن رغبته في النهضة مرة خامسة، أو عن تاريخ الجماعة (الأخوان) وتعاليم مؤسسها الأول رحمة الله عليه، أو عن دور الرجل والمرأة والطفل والشيخ والأستاذ والطبيب والعامل في النهضة أو عن مصر لن تعود لعهدها السابق، كلها أفكار عامة غير محددة وإنشائية إلى حد كبير.

وفي الحقيقة لم أشعر أن هناك رابط أو ناظم واضح يربط أفكار د. مرسي في البحيرة أو المنصورة، وشعرت في أحيان كثيرة أنه يمارس عادة بعض السياسيين العرب السلبية في الخطابة الإنشائية بدون تدريب على خطاب محدد الوقت والهدف وبدون هدف دعائي واضح.

فالدكتور مرسي والمهندس خيرت الشاطر والإخوان يقولون أن لديهم مشروع للنهضة وأن هذا المشروع هو هدفهم ومحركهم، وللأسف لم نتمكن حتى الآن من العثور على نسخة من نص المشروع رغم إننا بحثنا عنه على موقع الحزب والجماعة وسئلنا بعض أصدقائنا من الباحثين عنه، وقال لنا البعض أن المشروع هو برنامج الحزب، وأحالنا آخرون إلى صورة غلاف لكتاب مسجل بعنوان النهضة على موقع تابع للحزب أو الجماعة حيث لا يتوفر نصه الكامل.

وإذا كان لدى الإخوان هذا المشروع فمن المفترض أن حملتهم الدعائية الرئاسية تدور وتتمحور حوله، يعني من المفترض أن يوزع على أوسع نطاق، وأن تدور جميع خطوات الحملة وخطابات د. مرسي حوله، وأن يكون الهدف منها ترسيخ عناصر المشروع الذي تقدمه الجماعة ويميزها – كما تقول – في عقول الناخبين.

على أن يتم ذلك بشكل منظم وعلمي ومتكامل يضمن للجماعة ولدكتور مرسي شرح المشروع بوضوح أو على الأقل عناصره الأساسية للشعب المصري قبل الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها خلال أسابيع قليلة.

وإذا كان هذا المشروع لا يمثل محور خطة د. مرسي الدعائية، وهو ما سيمثل في هذه الحالة تناقضا واضحا، فمن المفترض على الأقل أن يحرص د. مرسي على تطعيم خطاباته ببعض الحقائق والأرقام والرؤى المحددة لمستقبل مصر.

يعني نريد أن نعرف خططه الواضحة لقضايا كعلاج مشاكل الاقتصاد المصري والسياسة الخارجية المصرية والعلاقة مع الجيش في النظام الجديدة وكيفية تحقيق التوافق السياسي بين القوى السياسية المختلفة وكيفية دفع عجلة الديمقراطية والتحول الديمقراطي في مصر، وكيفية إعادة بناء المؤسسات الأمنية، وغيرها من القضايا التي تشغل بال المصريين.

صحيح أن المواطن العادي قد لا يهتم بهذه القضايا بالضرورة أو بالتفصيل، ولكن يمكن تقسيم خطابات د. مرسي – إذا أراد ورأى في ذلك فائدة وضرورة - بين العموميات الشديدة التي طغت على خطابيه في البحيرة والمنصورة وبين بعض الأفكار المحددة التي تخاطب عقل بعض مشاهديه خاصة وأن خطاباته تبث مباشرة على قناة 25 يناير مصر التابعة للجماعة، وتتوافر على الإنترنت للجميع.

وهذا يقودنا إلى ملاحظة تالية فالواضح أن د. مرسي يعتمد في حملته على دعم جمهور الإخوان القوي والقادر على الحشد في المحافظات، ولكني أعتقد أن الحملات الرئاسية فرصة كذلك للخروج للناس وكسب مؤيدين جدد لدكتور مرسي وللحزب وللجماعة على حد سواء – كما هو الحال لأي مرشح أو جماعة في موسم انتخابات رئاسي، خاصة وأن الأضواء تسلط في الانتخابات الرئاسية على عدد قليل من المرشحين، لذا شعرت أن حشود د. مرسي وخطابه طغى عليها اللون الإخواني لدرجة أشعرتني بأن الجماعة لا تريد الخروج للناس ولكنها تريد أن يأتي الناس إليها.

أضف إلى ذلك شعوري بأن خطابات د. مرسي وجماعة الإخوان تميل في الفترة الأخيرة إلى الخلط الشديد أو إلى تقويض أي فوارق تفصل الجماعة عن حزبها المفترض أنه منظمة مستقلة، فخطاب د. مرسي ينطلق من الجماعة ويقود إليها، حتى إنك تشعر بأنك في حفل انتخابي لجماعة الإخوان المسلمين وليس في مؤتمر جماهيري لمرشح رئاسة جمهورية مصر العربية، ولا أعرف إذا كان الفارق واضح لعدد كبير من الناس أو هام لهم أصلا، أو هام لأعضاء الجماعة، فقد بت أعتقد أن المعايير السياسية السائدة في مصر متنوعة للغاية لدرجة أن ما قد يبدو لي منطقيا قد لا يفهم لدى أشخاص كثيرين على النحو نفسه.

وأنا شخصيا أعتقد – وهذا رأيي – أن العمل الحزبي هو مسئولية الأحزاب المعنية بالعمل على الوصول للسلطة وتقديم برامج سياسية وعملية للناخبين، وأنه عمل لا يجب خلطه بالمؤسسات الدينية والدعوية والتي يجب أن تبقى دائما مفتوحة أمام الجميع تقدم خدماتها لكل محتاج بلا تردد أو تحزب، كما أعتقد أيضا أن الخلط بين الحزب والجماعة في حالة أخوان مصر مضر لهما معا لأنه يعني أن لأكبر حزب مصري قيادة مزدوجة، واحدة معروفة للناس والأخرى غير معروفة، وتزداد الأمور تعقيدا لكون قيادة الحزب منتخبة من الجماعة ولم تمر عبر الانتخاب المباشر من قبل القواعد الجماهيرية للحزب حتى الآن مما يعطي انطباعا بأن الجماعة وقادتها هي من سيحكم مصر لا الحزب أو قادته.

وأعود في النهاية إلى التأكيد على أن انطباعاتي أولية أكتبها لنفسي ولكن من قد يهمه الأمر وقد يجد فيها بعض الفائدة، والله أعلم.

علاء بيومي – 24 أبريل 2012

الدور المأمول لحزب النور في تحقيق المصالحة الفلسطينية


توقفت كثيرا أمام تصريح أدلى به أمس الدكتور عماد عبد الغفور رئيس حزب النور السلفي – ثاني أكبر الأحزاب المصرية حاليا – والعائد مؤخرا من زيارة لقطاع غزة دامت ثلاثة أيام - عن رغبة حزبه في لعب دور في تحقيق المصالحة الفلسطينية. 

وبالطبع من حق د. عبد الغفور تفعيل دور حزبه على كافة المستويات الداخلية والخارجية، ومن المفيد أيضا أن يكون لدى مصر قيادات سياسية لها علاقات دولية واسعة وقدرة على التدخل في قضايا صعبة كقضية المصالحة الفلسطينية التي تهم كل المصريين.

وقد أوضح د. عبد الغفور في تصريحاته أنه "متأكد من أن الحزب سيستطيع تحقيق ما عجز عنه الكثيرون في هذا الملف البالغ الحساسية"، وهي فقرة استوقفتني لأنها خرجت بالتصريح من جانب الأماني والأمنيات التي قد لا تليق بالضرورة برؤساء الأحزاب الكبرى - والذين ينتظر منهم أكثر من الأمنيات الطيبة - ودخلت في إطار الوعد السياسي أو البيان السياسي المعبر عن نوايا الحزب وتوجهاته ومن ثم التزاماته أمام أتباعه والمصريين على حد سواء، وهو تصريح يستحق التوقف أمامه بسبب مصدره.

فرئيس ثاني أكبر حزب في مصر يقول أنه متأكد من أن حزبه قادر على تحقيق ما عجز عن تحقيقه الكثيرون في ملف المصالح الفلسطينية والذي يدرك أنه بالغ الحساسية.

وبالطبع لدى الحزب أنصار كثيرون وناخبون أكثر بات مسئولا عنهم وأمامهم، وعندما يقول أنه قادر على شيء يجب أن يحاسبوه عليه.
ولهذا نذكر الحزب ورئيسه الموقر بالتالي:

أولا: المصالحة الفلسطينية كما ذكرتم ملف شديد الحساسية لأنه يرتبط بتقاطع مصالح قوى دولية وعلى رأسها الولايات المتحدة والتي تضخ نحو نصف مليار دولار سنويا في السلطة الفلسطينية وتدرب الآلاف من جنودها وتشرف على تسليحهم وتخضع في ذلك لرقابة قوية من لوبي إسرائيل وحلفاء إسرائيل حول العالم.

لذا الملف صعب وقد حاولت فيه مصر والسعودية وقطر وتركيا وقوى أخرى ومع ذلك تجد صعوبة في التعامل معه بسبب ثقله السياسي والاقتصادي والدولي.

وحتى لا يتحول تصريح رئيس حزب النور لمجرد أمنيات – وحتى يخضع لتدقيق جاد يتناسب مع مكانة الحزب كثاني أكبر الأحزاب المصرية حاليا وما يترتب على ذلك من مسئوليات – يجب طرح السؤال التالي: ماذا أعددتم في حزب النور وماذا تمتلكون لتقولوا أنكم قادرون على تحقيق ما عجز الأخرون عن تحقيقه كما صرحتم للمصريين!؟

كيف ستتعاملون مع ملف المساعدات المالية والعسكرية الأميركية!؟ من أين ستوفرون الدعم المالي المطلوب وما هو الحل للدور العسكري الأميركي وكيف ستتخلصون منه!؟ كيف ستتعاملون مع لوبي إسرائيل ونفوذه وحزبكم لا يمتلك حتى صفحة على الانترنت باللغة الانجليزية!؟ وكيف ستتعاملون مع السلطة الوطنية الفلسطينية بخلفيتها السياسية والتاريخية والايدلوجية وصراعها المعروف - والعنيف أحيانا - مع التيارات الدينية الفلسطينية!؟

ثانيا: كما تعرفون فاقد الشيء لا يعطيه، وتقريب وجهات النظر بين القوى المتناحرة ايدلوجيا وعسكريا وسياسيا مثل فتح وحماس يحتاج قوى سياسية أو فاعلين سياسيين لديهم خبرة كافية في هذا المجال، يعني يحتاج سياسيين قادرين على الحديث للعلماني واليساري والديني بلغة يفهمها وقدرة على الحديث العابر للإيدلوجيات.

وكنا نظن أن على حزب النور أن يبدأ بنفسه وأن يبدأ في مصر، فإذا كان حزب النور يريد أن يلعب دورا في المصالحة الوطنية فعليه أن يبدأ في مصر وبمصر، وأنتم تعرفون أن حزب النور يقف حتى الآن على يمين القوى السياسية المصرية، ومؤخرا وفي قضية هامة كقضية تشكيل لجنة كتابة الدستور وقف حزب النور على يمين الإخوان وطالب بتخصيص نسبة أكبر (60%) من مقاعد اللجنة لنواب مجلسي الشعب والشورى عكس نصيحة كثير من الأصوات المستقلة والحزبية التي حذرت من تبعات ذلك.

وفي النهاية توصل الإخوان والسلفيون إلى تخفيض النسبة إلى 50% وهي نسبة أعلى مما طالب به الإخوان في البداية (40%)، وأنتهي الأمر بما وصلنا إليه حاليا من تأزم سياسي.

كنا نأمل أن يبدأ حزب النور جهوده لتحقيق المصالحة الوطنية داخل مصر، وأن يبحث عن صيغة توافقية بين التيارات السياسية المختلفة في مصر أولا قبل خارجها، وأن يساعد التيار السلفي أولا على بناء جسور أفضل مع القوى السياسية المختلفة عنه ومعه كبعض التيارات الليبرالية واليسارية والقبطية وأن يبحث عن صيغة مناسبة لاقتسام السلطة والساحة السياسية المصرية معها، فإذا نجح في تحقيق وحدة الصف الداخلي انطلق وانطلقت مصر معه لمساعدة الأخرين على توحيد صفوفهم.

ثالثا: وحديثي هنا لأنصار وناخبي حزب النور وخاصة الشباب منهم، يجب أن نعلم جميعا أن حياتنا السياسية كبقية جوانب حياتنا المختلفة لن يستقيم حالها ما لم نتعامل معها بكل جدية، فالنجاح في أي مجال لا يأتي صدفة ولا يتحقق بدون إعداد كافي وموارد يحتاج توفير بعضها لسنين.

ونحن نأمل من جميع سياسيينا الجدد والقدامى على حد سواء أن يأخذوا تصريحاتهم على محمل الجد، وآلا يعدوا الناس بما لا يقدرون عليه، ونطالب الناخب المصري الواعي أن يتذكر جيدا كل وعد سياسي وخاصة الوعود التي تصدر من أحزاب المقدمة والتي منحها صوته وثقته، وأن يحاسب أصحابها بعد فترة مناسبة بلا إفراط أو تفريط، وذلك حتى يتأكد سياسيونا من أنهم محاسبون على وعودهم ومن أن لأصوات المصريين ثمن.

وفي النهاية نحن في انتظار خطة حزب النور التفصيلية وجهود العملية لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية والتي طال انتظارها، ونتمنى له ولغير التوفيق، والله أعلم.

علاء بيومي – 27 أبريل 2012