Monday, November 19, 2012


قراءة أولية في مسودة الدستور

هذه قراءة متواضعة وأولية لأني لست من المتخصصين في القانون الدستوري ولا في النظام السياسي المصري، وأكتب كصحفي وباحث مصري مهتم بشئون بلاده وتابعها قدر الإمكان منذ ثورة يناير المباركة.

ولهذا حرصت على قراءة المسودة الأولى والثانية من الدستور، رغم صعوبة النصوص القانونية والدستورية، كما حرصت أيضا على قراءة بعض المقالات والدراسات عما ننتظره من الدستور، ومع ذلك لم أكون ما 

يكفي من المعرفة والخبرات للحكم بشكل جيد، ولا أعتقد أن الوقت المتبقي يسمح بذلك.

ولهذا أيضا أقدر جهود أعضاء الجمعية التأسيسية وخاصة المتخصصين منهم وجهود كل من تفرغوا لدراسة هذا العمل الهام والمساعدة على إتمامه، وأخص بالشكر حزب مصر القوية على الرأي المفصل الذي نشره بخصوص مسودة الدستور والذي توافقت معه كثيرا وساعدني على فهم بعض جوانب الدستور التي استعصى علي فهمها.

وحتى لا أطيل على القارئ وأدخل نفسي في متاهات قانونية ليست من باب تخصصي، سوف أحاول تلخيص نقدي للدستور في نقاط قليلة أساسية.

أولها وبداية بباب الحريات والمقومات الأساسية للدولة، فالواضح أن بعض التيارات الدينية ذات الحضور القوي داخل الجمعية التأسيسية لم تكتف بالمادة الثانية والتي تقر أن "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لتشريع" وراحت تقيدها داخل الدستور.

والمعروف أن المادة الثانية محل إجماع كبير، ويرى كثيرون أن تطبيقها يكفي لتطبيق الشريعة الإسلامية في مصر دون الدخول في متاهات التفاصيل والحد من سعة الشريعة الإسلامية وروافدها، ومع ذلك تظهر لنا خلال الدستور مواد على سبيل "يؤخذ رأي كبار العلماء بالأزهر في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية"، و"تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التي ترسخ مساواة المرأة مع الرجل ... دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية"، وأن "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة". 

وحقيقة نرى في المحاولات السابقة مساعي لفرض فهم ضيق للشريعة الإسلامية من خلال العودة لجهة معينة لتفسيرها أو النص على تعريف محدد وضيق لها في الدستور، أو الحد منها في بعض البنود، وهي محاولات تضعف المادة الثانية وتظهر إصرار البعض على فرض هواجس معينة لن تساعد على نشر التدين في مصر، فالدين لا ينشر بقوة الدولة، ولكنه يأتي من المجتمع، الذي يجب أن يتحرر قدر الإمكان من سلطة الحكومة.

ثانيا: كما يظهر في الدستور سيطرة لتوجهات دينية ضيقة يظهر أيضا توجه لعسكرته، وهنا نتحدث عن الفصل السادس من الباب الثالث من الدستور الذي يتحدث عن مجلس الدفاع الوطني، حيث تجد أن وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة ويعين من بين ضباطها، وأن مجلس الدفاع الوطني يختص بالنظر في الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها ويسيطر عليه عسكريون، وأن موازنة القوات المسلحة تدرج رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة، وهو شيء لا يحدث في أميركا نفسها ذات التقاليد السياسية الواضحة والمستقرة وصاحبة أكبر وأقوى جيش في العالم.

وهذا يبدو أن القوى التي اقترحت هذه المواد لم تتعلم الدرس، فوضع القوات المسلحة بهذه الصورة لا يرتقي أبدا لتطلعات المصريين بعد ثورة يناير، ويعني إننا مازلنا بعيدين عن الدستور المبتغى وإننا نعود إلى الوراء بفرض وضع خاص للقوات المسلحة لا يخضعها تقريبا لسلطات المدنيين والنص عليه في الدستور.

ثالثا: تبدو السلطة القضائية وتحديدا المحكمة الدستورية العليا مفرطة في اسقلاليتها - وتحديدا عن سلطة المجالس التشريعية، فهي تختار قادتها أو يعينون وفقا لقوانين محددة بقرار من رئيس الجمهورية، وفي دولة كأميركا يسمي الرئيس الأميركي أعضاء المحكمة الدستورية العليا ويوافق عليهم مجلس الشيوخ بعد عرض تاريخهم وسجلهم على الشعب، وأعتقد أنه يجب إتباع نموذج مماثل في مصر يضمن موافقة ممثلي الشعب على قادة المؤسسات القضائية الأهم في البلاد على أن يتم تحديدها دون تهديد استقلالية القضاء.

أخيرا: يشير حزب مصر القوية إلى أن المحليات لا تحظى في الدستور بالسلطة الكافية أو الواضحة في مقابل سلطة الحكومة المركزية، وأن النظام الذي يضعه الدستور نظام رئاسي وسلطة الحكومة محدودة مقارنة بالرئيس، وقد نتفق معه في الجزء الأولى، ولا نعرف إذا كان عودة النظام الرئاسي في مصر مفيد أو مضر.

وعموما يبدو أن مسودة الدستور لا ترتقي لحجم التوقعات الكبيرة في باب الحريات والعلاقات المدنية العسكرية، وتحتاج تطويرا وإصلاحا في أبواب السلطة القضائية والتنفيذية والمحليات.

ويحتوي رأي حزب مصر القوية على شرح أطول ومفصل قد نختلف معه في أجزاء قليلة مثل الحاجة لمجلس شورى من عدمها، وعموما يبدو أن التوافق السياسي بين القوى الرئيسية لم يتحقق بشكل كافي، وأن العمل على الوصول إلى الإجماع مازال بعيدا، وأن الجمعية التأسيسية تتحمل جزءا واضحا من القصور، ولا نعرف إذا كان سيتم تلافيه في الوقت المناسب أم لا، والوقت يمر سريعا.

ونحن إذ نؤمن بالتوافق، فإننا نشعر بخيبة الأمل إذا ما تم التوافق على دستور جديد لا يرتقي للطموحات، ونرى أن الدستور ليس ساحة للصراعات السياسية، ولا للأغلبية والتنافسية، فهو بناية لنظام سياسي كامل، يجب أن يتم بموضوعية وتجرد.

لذا نرفض المسودة الراهنة للدستور بصورتها الحالية للأسباب الموضحة أعلاه، وننتظر نسخة أفضل وتلافي العيوب، ولا نقول إلا والله أعلم، ونؤكد مرة أخرى أنه رأي أولي متواضع بسيط، نقدمه من باب الواجب ليس أكثر دون فرضه على أحد، والله أعلم.

بقلم: علاء بيومي 

صعود المستوطن الإرهابي 


هو عنوان مقال بحثي مطول بدورية فورين أفايرز أو الشئون الخارجية الأميركية المعروفة الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية الأميركية في شهر سبتمبر الماضي.

المقال لأستاذ جامعي - بجامعة جورج تاون ومركز بروكينجز للأبحاث - متعاطف مع إسرائيل يدعى دانيال بيمان، وقد كتب مقاله ناصحا لإسرائيل ومسئوليها خوفا من التأثير السلبي لصعود إرهاب المستوطنين على إسرائيل وصورتها ومصالحها.

ولكنه في نفس الوقت يوثق ويؤرخ لصعود إرهاب المستوطنين بشكل يساعد على فهم الظاهرة، ويستحق وقفة سريعة.


بيمان يقول أن إرهاب المستوطنين قديم ظهر في أوائل الثمانينيات مع جماعة تدعى يهود تحت السطح أو Jewish Underground والتي قامت بسلسلة من التفجيرات ضد عمد عرب للقرى والمدن الفلسطينية وأطلقت النار على بعض الطلاب الفلسطينيين في الضفة الغربية، كما قام أحدهم باغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في 1995.


لكن الظاهرة زادت مؤخرا لأكثر من سبب.

أولا: زيادة عدد المستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية، حيث زاد عددهم من حوالي 24 ألفا في أوائل الثمانينيات إلى 300 ألف حاليا، وذلك في ظل تشجيع الدولة الإسرائيلية لحركة الاستيطان وتقديمها كثير من التخفيضات الضريبية والمساعدات والتسهيلات للمستوطنين.

ثانيا: صعود الحركات الدينية في أوساط المستوطنين اليهود والمجتمع الإسرائيلي بشكل عام، حيث يرفض المتدينون سيطرة قادة التجمعات الاستيطانية التقليدية في الضفة وهم من العلمانيين اليهود، كما يرفضون أيضا سيطرة الدولة العلمانية عليهم، ويرى دانيال بيمان في ذلك خطرا كبيرا على سيطرة وصورة الدولة الإسرائيلية.


ثالثا: صعود التيارات الدينية والحركات الاستيطانية داخل السياسة الإسرائيلية وتوغل اليمين المتطرف داخل حزب الليكود مما يوفر غطاءا سياسيا للحركات الاستيطانية الدينية واليمينية المتشددة.


رابعا: تفكيك المستوطنات في غزة في عام 2005 رغم رفض بعض الحركات الاستيطانية المتدينة المتشددة له مما أشعرهم بتخلي الدولة الإسرائيلية عنهم، وضرورة أن يحموا أنفسهم وحلمهم الاستيطاني والديني بأنفسهم.


خامسا: تراجع اهتمام المجتمع الإسرائيلي بمفاوضات السلام مع الفلسطينيين وعدم اهتمامه بالضغط على المستوطنين الراديكاليين.


سادسا: عدم تعقب قوات الأمن الإسرائيلية والقضاء جرائم المستوطنين، حيث رصدت منظمة حقوقية إسرائيلية تسمى يش دين ارتكاب المستوطنين 781 حادثة انتهاكات في حقوق الفلسطينيين منذ عام 2005 ووجدت أن السلطات الإسرائيلية أغلقت 90% منها بدون توجيه اتهام رسمي لأحد.


نتيجة لكل ما سبق صعدت ظاهرة إرهاب المستوطنين والتي تقودها حاليا جماعة تسمى نفسها Hilltop Youth أو شباب الربوة، وهي جماعة متطرفة تقوم بهجمات إرهابية ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية وقوات الأمن الإسرائيلية كذلك في بعض الأحيان.

وتعرف هجماتها باسم "السعر" أو Price Tag في إشارة إلى التكلفة التي يجب أن يدفعها الفلسطينيون بسبب تفكيك أي مستوطنات بما في ذلك بعض البؤر الاستيطانية العشوائية التي لا تعترف بها الحكومة الإسرائيلية نفسها.


ويقول المقال أن عدد أعضاء تلك الجماعة المتطرفة قد لا يتعدى ألفي شخص ولكنها "أقلية خطيرة"، لا تحترم الدولة الإسرائيلية ولا قادة المستوطنات حتى إنها اعتدت على قوات الاحتلال الإسرائيلية، مما دفع المسئول العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية وهو الجنرال نيتسان أيلون في العام الماضي بوصف عنف تلك الجماعات بأنه "إرهاب" وطالب الجيش الإسرائيلي بفعل المزيد لوقفهم.


وتقول تحقيقات للأمم المتحدة أن في عام 2011 قام مستوطنون متطرفون بحوالي 300 هجوم على الممتلكات الفلسطينية مما أدى أصاب أكثر من 100 فلسطيني وتدمير جزئي أو كلي لعشرة آلاف شجرة للفلاحين الفلسطينيين.

ويقول تقرير أخر للأمم المتحدة أن حوادث الاعتداء العنيف ضد الفلسطينيين زادت من 200 في عام 2009 إلى 400 في عام 2011.


نتيجة ما سبق – كما يرى المؤلف – هو إضعاف الدولة الإسرائيلية من الداخل وإضعاف صورتها في الخارج وإظهارها في صورة دولة ضعيفة غير قادرة على التحكم في مواطنيها والوفاء بمتطلبات السلام في حالة إذا ما قررت في المستقبل العودة للمفاوضات، وإضعاف صورة القوى الفلسطينية التي مازالت راغبة في الجلوس على طاولة المفاوضات.


لذا يطالب الكاتب الحريص على صورة إسرائيل ومصالحها الدولة الإسرائيلية بعدم التسامح مع المستوطن الإرهابي وتطبيق القانون عليه وتشجيع قادة الدين والمجتمع على الوقوف في وجهه.


بالنسبة لنا، أرى أن رصد الظاهرة بهذا الوضوح مفيد، وأنها تستحق مزيد من الرصد والتوضيح للعرب والمجتمع الدولي على حد سواء، والله أعلم.

بقلم: علاء بيومي

Monday, November 12, 2012

مرسي وحقوق الإنسان: تقرير كاشف

بمناسبة مرور مائة يوم على حكم الرئيس محمد مرسي أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان تقريرا حقوقيا يقيم فيه أداء مرسي خلال مائة يوم.


قرأت التقرير منذ فترة ولكن مغزاه الهام - الذي يتعدى موضوعه - لم يغب عن ذهني، لذا رأيت الكتابة عنه لأن دروسه تصلح لقضايا عديدة أخرى يواجهها مرسي غير قضايا حقوق الإنسان.


التقرير الصادر تحت عنوان "ما بعد المائة يوم للرئيس محمد مرسي مؤشرات سلبية على مستقبل حقوق الإنسان، وأزمات كبرى مفتوحة" يقول في خلاصته أن هناك تقدم ولكنه غير راض عن أداء مرسي لثلاثة أسباب رئيسية.


أولها أن قضية حقوق الإنسان لا تبدو من القضايا الأساسية الموجودة على أجندة مرسي للمائة يوم الأولي ومرسي يفتقر لخطة شاملة للتعامل معها. 

ثانيا: أن مرسي يرأس الآن جهاز حكومي بمؤسسات مختلفة من شرطة وجيش وبيروقراطية لها تراث من انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة.

أما السبب الثالث فهو أن هناك أيضا تراث من الاقتراحات الخاصة بسن تشريعات وقوانين وتطبيق سياسات من شأنها تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر، ولكنها لم تطبق حتى الآن في عهد مرسي.

وأعتقد أن الأسباب الثلاثة السابقة هامة وتستحق الاهتمام من مساندي مرسي وخصومه – على حد سواء - فهي تكاد تنطبق على تحديات أخرى عديدة يواجهها الرئيس الجديد.


فأصل التحدي الذي يواجهه مرسي هو أنه ورث كم هائل من المشاكل والانتهاكات، ويرأس جهاز حكومي له ميراث في زيادة تلك المشاكل بشكل مستمر، والمجتمع المدني لديه مطالب عديدة متراكمة، ويريد أن يشعر أنه صوته مسموعا لدى مرسي الذي لم تضح سياساته حتى الآن بشكل مفصل، في حين تستمر الانتهاكات وتستمر المخاوف.

وقد يقول قائل أن على الجميع الصبر، وقد يقول آخرون أن الصبر ممكن ولكن بعد التأكد من السير على الطريق الصحيح وتوافر تصور شامل للإصلاح، وهذا يعيدنا مرة أخرى للتقرير.

على الجانب الإيجابي يشيد التقرير بقرارات لمرسي مثل تشكيل لجنة لبحث أوضاع من صدر ضدهم أحكام في مجالس عسكرية أو مدنية والمعتقلين من المتظاهرين، ولجنة أخرى لجمع المعلومات وتقصي الحقائق بخصوص قتل والشروع في قتل المتظاهرين، وقرار العفو الشامل عن بعض الجرائم المرتكبة خلال الثورة بهدف مساندتها، وقرار العفو عن الحبس الاحتياطي للصحفيين في جرائم النشر.


على الجانب السلبي يشير التقرير لعدة قضايا حقوقية تسترعي انتباه الجميع، كالتالي:

أولا: غياب حل كامل لمشاكل الإعلام الحكومي وعدم تحريره في ظل شكاوى من منع بعض الكتاب والمقالات بسبب أرائهم المنتقدة لمن هم في السلطة الآن.


ثانيا: استمرار انتهاكات الشرطة لحقوق المواطنين بالاعتداء عليهم وقتل وتعذيب سجناء، مع الاعتراف بحدوث "تراجع في انتهاكات الشرطة لحقوق الإنسان بالمقارنة مع ممارسات الشرطة قبل الثورة".

ثالثا: فض بعض الاعتصامات بالقوى والاختفاء القسري لبعض الناشطين. 

رابعا: استمرار حملات التشويه التي تتعرض لها الجمعيات الأهلية من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية على غرار اتهام بعض الجمعيات تمويلا من جهات لها علاقة بإسرائيل، دون تسمية الجمعيات المقصودة مما يساهم في تشويه صورة المجتمع المدني وجمعياته.


خامسا: الاستمرار في إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية في ظل حكم مرسي.


لذا يقدم التقرير عدد من التوصيات لمرسي على أهمها تطوير "خطة متكاملة" لرعاية حقوق الإنسان في عهده، ويقول التقرير أن هناك سياسات مطلوبة مثل الشروع في إصلاح القطاع الأمني وفقا للمبادرات المقدمة من منظمات حقوق الإنسان، ووقف الحملات الأمنية الإعلامية ضد نشاط الجمعيات الأهلية، والبدء في اتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام المملوكة للدولة.

وتقول أيضا أنها هناك تشريعات مطلوبة مثل تعديل قانون القضاء العسكري لمنع مثول المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وقانون استقلال القضاء وقوانين لإصلاح عمل الجمعيات الأهلية تبنتها منظمات حقوقية في السابق وناقشتها لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب المنحل.

ويتضح مما سبق أن مرسي قد يواجه صعوبة في تطبيق تلك السياسات لأكثر من سبب مثل غياب السلطة التشريعية وإعلانه العزم على عدم استخدام صلاحياته التشريعية إلا في أضيق الحدود حرصا على عدم الطغيان عليها، أما السبب الثاني هو أن بعض الإصلاحات هي محل نقاش مجتمعي مثل تحرير الإعلام الحكومي، وبعضها يحتاج وقت مثل إصلاح الجهاز الأمني.


وهنا يظهر التحدي الذي تعيشه مصر ومؤسساتها السياسية والمدنية في الوقت الراهن، فالمشاكل كثيرة، والمطالب أكثر، ومرسي قد لا يمتلك خططا شاملة للإصلاح بعد، ومؤسسات الدولة وعلى رأسها البرلمان غير مكتملة، والقائم منها لم يتم إصلاحه بعد، ويبدو أن الحاجة هي لشراكة أكبر بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسات المدنية والسياسية المختلفة للعبور بمصر خلال هذه المرحلة الصعبة، والله أعلم. 

بقلم: علاء بيومي

للإطلاع على نص التقرير، يرجى زيارة الوصلة التالية: http://www.cihrs.org/?p=4523

Saturday, November 03, 2012

حوار مرسي المستحيل مع قادة المعارضة … هل من مخرج!؟

باختصار حوار مرسي المنتظر مع القوى السياسية وقادتها هذا الأسبوع هو أشبه بالمهمة المستحيلة للأسباب التالية:


أولا: غياب مجلس الشعب 


فالحوار أقل من الشراكة السياسية، والشراكة السياسية في الديمقراطية تأتي من خلال الانتخابات والمؤسسات التنفيذية والتشريعية، ومن خلال قواعد واضحة جدا، فالدستور يحدد من يحصل على من ومتى وكيف.

وللأسف ليس لدينا دستور ولا برلمان ولا قوى سياسية راضية بمواقعها الحالية. 

ثانيا: رفض الشراكة 


بعض قوى المعارضة كالتيار الشعبي وحزب الدستور ترفض الشراكة السياسية وفقا للنظام الحالي من خلال التعيين في رئاسة مرسي، فالتيار الشعبي يرفض الشراكة وينتظر الانتخابات المقبلة، وحزب الدستور يريد إعادة انتخاب الجمعية التأسيسية، وهي مواقف مشروعة تماما، ولكنها صعبة.


وفي غياب البرلمان والدستور والشراكة في الرئاسة والحكومة ستظل المعارضة خارج السلطة وتزداد حالة الاستقطاب التي يغذيها الجميع من خلال ممارسات وخطابات سياسية محتقنة. 

ثالثا: الحوار آلية ضعيفة

فأهم منه هو الشراكة في السلطة من خلال آليات واضحة كما شرحنا، وللأسف بدون إعداد جيد يضمن إعداد الأطراف السياسية والمجتمع لمقتضيات الحوار والتزاماته سوف يظل الحوار آلية ضعيفة، وربما يزيد من المشاكل، فسوف يأتي قادة المعارضة بمطالب كبيرة إلى الحوار، وقد يخرجون شاعرين بالإحباط لو لم يتم تنفيذ بعض مطالبهم، ويظل الحوار في ظل غياب المؤسسات قضية ذاتية يصعب تقييم مدى نجاحها بدون التزامات واضحة. 

ونلاحظ هنا أن الحوار المنتظر بين مرسي وقادة المعارضة مثل البرادعي وصباحي وأبو الفتوح ومرسي هو حوار طال انتظاره، ولكنه لم يعلن عنه ولا عن أهدافه وآليته بشكل واضح، وسوف يظل خلف أبواب مغلقة، وقد يخرج الأطراف بعد الحوار بآراء أكثر تشددا أو مرونة، وسيظل غالبية الناس بدون حد أدنى من المعلومات الموثقة عما دار خلف الأبواب المغلقة. 

رابعا: المدة الزمنية والسياق

فالحوار يتم بعد أربعة أشهر من تولي الحكم، وفي ظروف اقتصادية وسياسية صعبة، وحالة استقطاب شديدة، ويتناول قضايا محورية مثل الدستور، والذي يطالب أحد التيارات بإعادة انتخاب الجمعية التي تكتبه، كما أن الفترة الزمنية المتاحة للتوافق قصيرة للغاية، ونحن مازلنا نعيش فترة انتقالية صعبة.

المخرج

ولكن هل يعني ذلك أن مرسي أخطأ في الدعوة للحوار، بالعكس، نحن نعتقد أنه تأخر، وأن الحوار هو الوسيلة الوحيدة المتبقية في الظروف الراهنة، ولكنها آلية صعبة للغاية للأسباب التي شرحناها أعلاه.

لذا قد يتطلب الأمر ترتيب سياسي وإعلامي مكثف لتوضيح محتوى الحوار وأهدافه وأسلوبه، وربما تغيير لغة الخطاب السياسي والإعلامي من قبل الأطراف المختلفة، وقد يتطلب الأمر أكثر من لقاء واحد أو لقاءين، فقد نحتاج إلى مبادرة أكبر للحوار مع التيارات المعارضة الرئيسية، يعني إطلاق شيء أشبه بآلية للحوار الدائم بين تيارات القادة الكبار الذين سوف يجتمعون مع مرسي هذا الأسبوع بالإضافة لقادة التيار السلفي لضمان نقاش أكبر عدد من القضايا من الآن وحتى انتخاب مجلس الشعب القادم، والله أعلم، ما رأيكم!؟ 

علاء بيومي