Monday, November 12, 2012

مرسي وحقوق الإنسان: تقرير كاشف

بمناسبة مرور مائة يوم على حكم الرئيس محمد مرسي أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان تقريرا حقوقيا يقيم فيه أداء مرسي خلال مائة يوم.


قرأت التقرير منذ فترة ولكن مغزاه الهام - الذي يتعدى موضوعه - لم يغب عن ذهني، لذا رأيت الكتابة عنه لأن دروسه تصلح لقضايا عديدة أخرى يواجهها مرسي غير قضايا حقوق الإنسان.


التقرير الصادر تحت عنوان "ما بعد المائة يوم للرئيس محمد مرسي مؤشرات سلبية على مستقبل حقوق الإنسان، وأزمات كبرى مفتوحة" يقول في خلاصته أن هناك تقدم ولكنه غير راض عن أداء مرسي لثلاثة أسباب رئيسية.


أولها أن قضية حقوق الإنسان لا تبدو من القضايا الأساسية الموجودة على أجندة مرسي للمائة يوم الأولي ومرسي يفتقر لخطة شاملة للتعامل معها. 

ثانيا: أن مرسي يرأس الآن جهاز حكومي بمؤسسات مختلفة من شرطة وجيش وبيروقراطية لها تراث من انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة.

أما السبب الثالث فهو أن هناك أيضا تراث من الاقتراحات الخاصة بسن تشريعات وقوانين وتطبيق سياسات من شأنها تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر، ولكنها لم تطبق حتى الآن في عهد مرسي.

وأعتقد أن الأسباب الثلاثة السابقة هامة وتستحق الاهتمام من مساندي مرسي وخصومه – على حد سواء - فهي تكاد تنطبق على تحديات أخرى عديدة يواجهها الرئيس الجديد.


فأصل التحدي الذي يواجهه مرسي هو أنه ورث كم هائل من المشاكل والانتهاكات، ويرأس جهاز حكومي له ميراث في زيادة تلك المشاكل بشكل مستمر، والمجتمع المدني لديه مطالب عديدة متراكمة، ويريد أن يشعر أنه صوته مسموعا لدى مرسي الذي لم تضح سياساته حتى الآن بشكل مفصل، في حين تستمر الانتهاكات وتستمر المخاوف.

وقد يقول قائل أن على الجميع الصبر، وقد يقول آخرون أن الصبر ممكن ولكن بعد التأكد من السير على الطريق الصحيح وتوافر تصور شامل للإصلاح، وهذا يعيدنا مرة أخرى للتقرير.

على الجانب الإيجابي يشيد التقرير بقرارات لمرسي مثل تشكيل لجنة لبحث أوضاع من صدر ضدهم أحكام في مجالس عسكرية أو مدنية والمعتقلين من المتظاهرين، ولجنة أخرى لجمع المعلومات وتقصي الحقائق بخصوص قتل والشروع في قتل المتظاهرين، وقرار العفو الشامل عن بعض الجرائم المرتكبة خلال الثورة بهدف مساندتها، وقرار العفو عن الحبس الاحتياطي للصحفيين في جرائم النشر.


على الجانب السلبي يشير التقرير لعدة قضايا حقوقية تسترعي انتباه الجميع، كالتالي:

أولا: غياب حل كامل لمشاكل الإعلام الحكومي وعدم تحريره في ظل شكاوى من منع بعض الكتاب والمقالات بسبب أرائهم المنتقدة لمن هم في السلطة الآن.


ثانيا: استمرار انتهاكات الشرطة لحقوق المواطنين بالاعتداء عليهم وقتل وتعذيب سجناء، مع الاعتراف بحدوث "تراجع في انتهاكات الشرطة لحقوق الإنسان بالمقارنة مع ممارسات الشرطة قبل الثورة".

ثالثا: فض بعض الاعتصامات بالقوى والاختفاء القسري لبعض الناشطين. 

رابعا: استمرار حملات التشويه التي تتعرض لها الجمعيات الأهلية من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية على غرار اتهام بعض الجمعيات تمويلا من جهات لها علاقة بإسرائيل، دون تسمية الجمعيات المقصودة مما يساهم في تشويه صورة المجتمع المدني وجمعياته.


خامسا: الاستمرار في إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية في ظل حكم مرسي.


لذا يقدم التقرير عدد من التوصيات لمرسي على أهمها تطوير "خطة متكاملة" لرعاية حقوق الإنسان في عهده، ويقول التقرير أن هناك سياسات مطلوبة مثل الشروع في إصلاح القطاع الأمني وفقا للمبادرات المقدمة من منظمات حقوق الإنسان، ووقف الحملات الأمنية الإعلامية ضد نشاط الجمعيات الأهلية، والبدء في اتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام المملوكة للدولة.

وتقول أيضا أنها هناك تشريعات مطلوبة مثل تعديل قانون القضاء العسكري لمنع مثول المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وقانون استقلال القضاء وقوانين لإصلاح عمل الجمعيات الأهلية تبنتها منظمات حقوقية في السابق وناقشتها لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب المنحل.

ويتضح مما سبق أن مرسي قد يواجه صعوبة في تطبيق تلك السياسات لأكثر من سبب مثل غياب السلطة التشريعية وإعلانه العزم على عدم استخدام صلاحياته التشريعية إلا في أضيق الحدود حرصا على عدم الطغيان عليها، أما السبب الثاني هو أن بعض الإصلاحات هي محل نقاش مجتمعي مثل تحرير الإعلام الحكومي، وبعضها يحتاج وقت مثل إصلاح الجهاز الأمني.


وهنا يظهر التحدي الذي تعيشه مصر ومؤسساتها السياسية والمدنية في الوقت الراهن، فالمشاكل كثيرة، والمطالب أكثر، ومرسي قد لا يمتلك خططا شاملة للإصلاح بعد، ومؤسسات الدولة وعلى رأسها البرلمان غير مكتملة، والقائم منها لم يتم إصلاحه بعد، ويبدو أن الحاجة هي لشراكة أكبر بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسات المدنية والسياسية المختلفة للعبور بمصر خلال هذه المرحلة الصعبة، والله أعلم. 

بقلم: علاء بيومي

للإطلاع على نص التقرير، يرجى زيارة الوصلة التالية: http://www.cihrs.org/?p=4523

No comments: