Wednesday, February 23, 2011

الترويج للبرادعي ومركز دراسات الثورة المصرية: نصيحة ضرورية للكتل السياسية المصرية


علاء بيومي

www.alaabayoumi.com

كتبت مؤخرا مقالا أشكر فيها د. محمد البرادعي على دوره في دعم الثورة المصرية، ولفت انتباهي حجم الردود التي تلقيتها، والتي كانت مليئة بالآراء القوية في تأييد ومعارضة البرادعي على حد سواء.

البعض رأي شكره مقدرا دوره في دعم الثورة المصرية. البعض تمنى أن يصير البرادعي رئيسا لمصر.

في المقابل، رفض آخرون البرادعي بقوة ورأى بعضهم أنه دخيل يحمل أجندة أميركية.

عموما لم أكتب مقالي دعما للبرادعي رئيسا لمصر، وإنما كتبته لشكره على ما قام به حتى الآن وهو كثير من وجهة نظري، وأؤيد من اقترحوا فكرة البحث عن رئيس شاب لمصر، وأتمنى أن تعثر مصر على مثل هذا الرئيس.

المهم هنا أن قضية البرادعي التي تثير الجدل كلما طرحت تشير إلى ظاهرة هامة، وهي توحد المصريين على نقد النظام السابق واختلافهم بخصوص المستقبل وطرح البديل الإيجابي.

فالواضح أن المعارضة المصرية مقسمة، والمجمع المدني المصري عاني من سنوات من التهميش والقهر، ووسائل الإعلام المصرية منقسمة بين الحكومي والمستقل والمعارض، ونشطاء المجتمع المصري غير موحدين.

ولكن هذا كله بدأ يتغير والثورة أعطت المصريين جميعا روحا جديدة، فالمجتمع المدني يبدو أقوى مما تصورنا، ووسائل الإعلام الجديدة تغلبت على الإعلام الرسمي البائس، والشباب يملئون مصر بروح جديدة.

لذا أتمنى أن يتبنى البرادعي والوفد واليسار والإخوان وشباب الثورة نصيحة متواضعة نرى أنها ضرورية.

كل هؤلاء وكل من يتمنى المشاركة في الحياة السياسية المصرية يحتاج لأداة سياسية هامة توجد في أي دولة ديمقراطية، وهي تكاد تكون الحلقة المفقودة في مصر.

فقد عرفت مصر نموا ملحوظا لوسائل الإعلام المكتوبة والمرئية، وهناك عدد لا يستهان به من منظمات المجتمع المدني التي في حاجة لإحصاء وللتوعية بدورها الهام، وهناك عددا لا بأس به من الأحزاب والجماعات السياسية التي نتوقع لها النمو الكبير في الفترة المقبلة.

وإذا تصورنا أن بعض تلك الجماعات قد تصل البرلمان المصري الجديد أو الحكومة الجديدة، فأن تلك الجماعات لن تستطيع بناء مصر ديمقراطية اعتمادا فقط على قواعدها الجماهيرية وأذرعها الإعلامية وممثليها في الحكومة والبرلمان.

ومن جرب العمل الإعلامي والسياسي في دولة ديمقراطية يدرك أن هناك حلقة مفقودة مهمة تحتاجها مصر.

فالإعلام قصير الذاكرة، يتحرك بسرعة بين الأحداث والوقائع بشكل يصيب القارئ غير المتخصص بالارتباك في كثير من الأحيان، أما القارئ المتخصص فيحتاج لسنوات من المتابعة لفرز الحقيقة عن الباطل.

فالإعلام اليوم مهتم بمصر، وغدا مهتم بليبيا، وبعد شهر قد يهتم بخبر فني أو رياضي، والصحفي بطبيعته مطالب بالجري وراء الأحداث ووقته لا يسمح له بالتعمق في كثير من القضايا.

كما أن الإعلام لا يصنع الأخبار، من يصنعها هم السياسيون ومنظمات المجتمع المدني فهم الأكثر اقترابا من السلطة ومن المجتمع، قادة المجتمع المدني يشعرون بالمشكلة فيقوموا بتصعيدها للإعلام والذي يخاطب السياسيين، وبعد صناعة السياسيات ووصول نتائجها للمجتمعات تبدأ حلقة جديدة من الفعل ورد الفعل.

لكن لكي تتم هذه العمليات بنجاح يجب أن يكون هناك منظمات تحتفظ بذاكرة السياسة والسياسات والسياسيين والمجتمع في مصر، منظمات تراقب ما يقوله الإعلام والسياسيون وتزود الإعلام برؤى عميقة، والسياسيين بسياسات جاهزة، والمجتمع المدني بحجج قوية لقبول أو رفض ما يحدث.

هذه المنظمات تعرف باسم "مراكز الأبحاث".

فالمصريون الآن منقسمون حول البرادعي والأحزاب وعمرو موسي والإخوان وتركة مبارك وبقايا النظام المتلونة.

وكنا نأمل أن تكون هناك مراكز أبحاث تابعة للجمعية المصرية للتغيير والأحزاب المصرية المختلفة والإخوان وشباب الثورة تزودنا سريعا بالوثائق والبحوث والدراسات التي تدعم وجهة نظر تلك الجماعات.

نتمنى أن تكون هناك مراكز أبحاث تابعة لكل جماعة سياسية مصرية تراقب ما ينشر عنها وما يثار بالمجتمع من جدل سياسي وترد عليه من خلال خبراءها، من خلال باحثيها، من خلال دراساتها التي تدفعك للتوقف والإنصات وإعادة التفكير وربما الصمت لفترة طويلة حتى تقرأ وتفكر في الرد.

أما أن يتحول الجدل السياسي في مصر إلى سباق إعلامي مكتوب ومرئي وعلى صفحات الفيس بوك وتويتر، فهو أمر مفيد على المستوى القصير لأنه يساعد في نشر الوعي وتشكيل الرأي العام بسرعة فائقة، أمام على المستوى البعيد - أو حتى المتوسط - فأن الأمر يتحول إلى ضوضاء مضنية وإزعاج وربما صداع مزمن يهرب منه المواطن العادي.

وهذا لا يعني أن مصر تخلو من الباحثين الكبار والأكاديميين الرائعين، فجريدة الأهرام – على سبيل المثال - مليئة بكوكبة من الباحثين المصريين، والبعض منهم لعب دورا هاما في دعم الثورة المصرية، كما أن جامعات مصر مليئة بالأساتذة الكبار في شتى العلوم الاجتماعية.

ولكننا لا نبحث عن باحثين أو أكاديميين كبار، نحن نبحث عن شيء أخر وهو مراكز أبحاث سياسية، وهي تعني ما يلي:

أولا: نحن نتحدث عن منظمات لا أفراد، منظمات بحثية يقوم عليها جماعات وأجيال من الباحثين، منظمات ذات أذرع سياسية وإعلامية تقف بجوار كتلها السياسية وتروج لها وتدافع عنها، فلا يكفي أن يكون لديك كاتب أو عدة كتاب، أو باحث هنا ومفكر هناك، فالجماعات السياسية تحتاج مؤسسات بحثية مستقرة تعمل كذراع فكري قوي لتلك الجماعات لا تقل قوة عن الأذرع السياسية والإعلامية.

ثانيا: نحن نتحدث عن أبحاث سياسية لا كتب أكاديمية أو مقالات صحفية، أبحاث تتفاعل مع الواقع وتوصفه وترتقي به، تصدر سريعا وترد على الإعلام والخصوم السياسيين.

فأصغر كتاب يحتاج شهورا لإعداده ثم إصداره، والمقال الصحفي يخاطب العاطفة، وفي المقابل مؤسسات البحث السياسية تستعد دائما بالدراسات ثم تصدرها في صورة سيل من المقالات البحثية القصيرة للصحف ووسائل الإعلام.

ثالثا: نحن نتحدث منظمات بحثية تنصح أعضاء كتلتها بالبرلمان وتراقب السياسات والإعلام وتبحث في خلفيات القادة وتزود الإعلام بالخبراء.

بمعنى أخر نحن بحاجة إلى مركز معلومات سياسية راقي يرتبط بكل جماعة سياسية ويدفعها إلى الأمام.

وجود مثل تلك المراكز ضرورة للدفاع عن صورة أي تكتل سياسي وبلورة سياسته وتحديث خاطبه والترويج لسياسيه بشكل يركز على الجوهر لا المظهر.

وللأسف غياب تلك الجماعات يعني حصر الجدل السياسي حول الأشخاص وحول العناوين الرئيسية والأفكار النمطية السابقة وصفحات الفيس بوك وسطور التويتر بلا عمق ولا قدرة على تحويل رخم الرأي العام إلى قوة دفع سياسية ناضجة، والله أعلم.

Monday, February 21, 2011

حكومات عاجزة عن الفهم



علاء بيومي

www.alaabayoumi.com

ما يحدث حاليا في ليبيا واليمن والبحرين ومصر وتونس، وسوف يتكرر في دول عربية أخرى قريبا بإذن الله، يكشف حجم المأزق الذي تواجهه كثير من النخب العربية الحاكمة والتي تبدو عاجزة عن فهم ما يحدث.

عدم الفهم ليس غريبا عن النخب العربية الحاكمة، فهي في غالبيتها نخب غير منتخبة، لم تمارس السياسة بمعناها الحقيقي ولا تفهمها، وتعتمد في سيطرتها على دعم الخارج وعلى التجهيل والتخويف وتقسيم الشعب وعلى فئات من المنتفعين المحيطين بهم.

نخب هرمت أو تجمدت في السلطة وباتت عاجزة عن فهم لغة شعوبها الشابة التي تتحرك بسرعة فائقة بفضل التقدم في تكنولوجيا الاتصالات وحماسة الشباب.

وحقيقة لا أفهم كيف تحكم كثير من النخب العربية بدون دساتير أو برلمانات حقيقة أو أحزاب أو منظمات مجتمع مدني فاعلة في حين أن أعداد متزايدة من أبنائها يحصلون على شهادات علمية من أرقى جامعات العالم.

بعض النخب العربية الحاكمة تريد الثراء والبقاء في كراسيها إلى الأبد وشعوب تخدمها بدون مقابل، وكأنها مازالت تعيش في عالم افتراضي أو في العصور الوسطى، وفي النهاية يتهمون الشباب بأنه يعيش في عالم افتراضي!؟

مبارك لم يتعلم من بن علي، ورغم كل ما حدث لمبارك في مصر لم يتعلم حكام ليبيا والبحرين واليمن.

على العكس، لم يتوان القذافي عن إرسال المرتزقة لقتل أبناء شعبه بالعشرات وربما بالمئات كما تشير تقارير طبية وصحفية، وظهر البلطجية في اليمن، أما في البحرين فقد فتح الجيش النار على المتظاهرين.

ماذا تنتظر حكومات تقتل متظاهرين أبرياء من أبناء شعبها أمام عيون في القرن الحادي والعشرين؟ كيف تتوقع أن تحكم شعوبها بعد ذلك؟ أي شرعية تتوقع؟ وأي سلطة تنتظر؟ وكيف تتوقع أن ينظر العالم لها؟

وماذا تنتظر حكومات أخرى مازالت تمنع الأحزاب والدساتير والصحافة المستقلة، ولا تقاسم الشعب السلطة، وتلقي القبض على شبان في عمر الزهور لكتابة أرائهم على الانترنت؟

في اعتقادي، أن عليهم انتظار الموجات التالية من الثورات العربية والتي تبدو قادمة بلا محالة.

الموجات القادمة سوف تشمل دول جديدة وأخرى شهدت ثورات غير مكتملة، فحتى الدول التي شهدت ثورات واسعة كمصر يبدو أن القوى الحاكمة فيها لم تتعلم الدرس بعد.

فللأسف وبعد انقضاء حوالي أربعة أسابيع على بداية الثورة المصرية، يشعر كثير من المصريين بالإحباط لبطء تطبيق الإصلاحات الحقيقية التي يبتغونها.

ما تريده الشعوب العربية هو قطيعة كاملة وسريعة مع الماضي، ومع الديكتاتورية، ومع الفساد، ومع النخب التي تحكم بغير وجه حق.

الشعوب العربية تعلمت أن قوتها في ثورتها وأعدادها وحماسها، وأن الغرب والحكومات والجيوش تقف عاجزة أمام الشعوب الثائرة، وأن كلمة الشعب تأتي أولي ثم يتحدث بعده من يريد.

الاستجابة لمطالب الشعوب لن تتحقق من خلال قتل المتظاهرين العزل، أو إطلاق البلطجية عليهم، أو سجن أكبر عدد منهم والتشويش على وسائل الإعلام، فكل هذه الأمور مسكنات لم تعد تردع الشباب الثائر، ملايين من الشباب الذي لا يخشى أحد ولا يرغب في حياة بلا كرامة أو مستقبل.

لماذا لا تجرب الحكومات العربية القائمة أو المؤقتة صيغة أفضل؟ لماذا لا تفهم الدرس وتبادر بالتغيير سريعا قبل فوات الأوان، وقبل بدأ الموجة التالية للثورات العربية؟ أم أن فهم الشعوب والاستجابة لمطالبها المشروع ظل ويظل أمرا مستعصيا على كثير من حكومات المنطقة؟

Wednesday, February 16, 2011

مستقبل السياسة الخارجية المصرية بعد أبو الغيط


بقلم: علاء بيومي

www.alaabayoumi.com

استقالة أحمد أبو الغيط من الخارجية المصرية باتت ضرورية ومستحقة وملحة، ومن شأن تحققها إثلاج صدور كثير من المصريين.

فللأسف جسد أبو الغيط كثير من عيوب السياسة الخارجية المصرية وما لا ينبغي أن يكون عليه الدبلوماسي المصري.

أبو الغيط ظل وفيا للنظام حتى آخر لحظة، وكان واحد من هؤلاء الوزراء الذي عمل لخدمة للنظام لا في خدمة الشعب المصري.

فحتى أخر لحظة من عمر النظام السابق ظل أبو الغيط يردد حجج النظام الواهية المحذرة من الفوضى والانقلاب العسكري.

ثانيا: السيد أبو الغيط ألحق ضررا بالغا بصورة الدبلوماسي المصري لأنه باختصار عكسها أو قلبها رأسا على عقب، فالدبلوماسية هي الأداة الناعمة للسياسة الخارجية، وللأسف حولها أبو الغيط باقتدار لأداة غليظة وفظة.

فالسيد أبو الغيط صاحب أسلوب متعالي بامتياز، يعاني بشكل واضح من عدم القدرة على التواصل مع الجماهير، فأسلوبه قاسي ولغته حادة ونظراته مليئة بالجفاء وربما الغضب على مستمعيه.

وبالطبع يعود ذلك إلى أن السيد أبو الغيط وكثير من الوزراء المصريين السابقين والمسئولين السياسيين في الدول السلطوية ليسوا سياسيين بالمعنى الحقيقي للكلمة، فهم لم يضطروا يوما من الأيام لخوض الانتخابات، أو لمخاطبة ود الجماهير التي تدفع رواتبهم، أو لتعلم فنون الحديث إلى المواطن العادي البسيط والتعاطف معه.

وذلك لأن أو الغيط وغيره من المسئولين بالنظم السلطوية معينون من قبل النظام ويعملون لديه وليس لدى الشعوب كما ذكرنا من قبل.

وللأسف انعكس تعالي أبو الغيط على خطابه الخارجي حتى هدد بعض أبناء الشعب الفلسطيني المحتل بكسر أرجلهم، وهي لغة يصعب وربما يستحيل ربطها بالدبلوماسية أو بالثقافة العربية السائدة أو بمكانة مصر الإقليمية ودورها ومصالحها أو حتى صورتها.

ثالثا: السيد أبو الغيط الذي تولى الخارجية المصرية منذ عام 2004، وبذلك تربع على فترة من أسوأ فترات السياسة الخارجية المصرية التي تراجعت باستمرار في عهد مبارك.

فخلال عهد أبو الغيط انحصرت السياسة الخارجية المصرية في إدارة الحوار بين فتح وحماس، أو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أو بين الفرقاء اللبنانيين كما حدث مؤخرا وعلى استحياء، مع العلم بأننا لا يوجد حوار أصلا بين الجماعات السابقة.

كما مالت مصر بشكل مؤسف لما يعرف لمعسكر الموالاة الموالي لأميركا بما عرف عنه من سياسات قريبة للغاية من سياسات اليمين الأميركي، فأميركا نفسها بها قيادات ليبرالية تتعاطف مع ما يسمى بمعسكر المعارضة العربي والذي يحظى بدعم جماهيري لا يستهان به.

وفي الحقيقة نحن لا ننادي هنا أو في أي موضع أخر بسياسة مصرية داعمة للموالاة أو للمعارضة، بل ندعو لسياسة مصرية خارجية فاعلة تنطلق من المصالح الوطنية المصرية بالأساس، وتقف بجوار القضايا العادلة بحكمة وتريث وشجاعة.

ولهذا نعتقد أن أيام أبو الغيط في السياسة الخارجية المصرية باتت معدودة، وأن على المصريين النظر من الآن لما بعد أبو الغيط والمطالبة بثورة في السياسة الخارجية المصرية على غرار ثورتهم على السياسات الداخلية، ونتمنى أن تطالب تلك الثورة بما يلي:

أولا: تبني سياسية مصرية خارجية قائمة على الاستقلالية والمصالح القومية المصرية، سياسية أكثر تمسكا بالمبادئ الدولية وأكثر اتساقا مع نفسها، سياسة تدافع عن حقوق الشعوب وكرامتها وتقف بجوار الديمقراطيات في العالم، وترفض الخضوع لأي ضغوط قصيرة النظر عديمة المبادئ.

ثانيا: إصلاح السياسة الخارجية المصرية يتطلب الاعتماد على أصحاب الكفاءات من أبناء الدبلوماسية المصرية وإطلاق أيديهم للإصلاح، وترك المحسوبية والبيروقراطية والفساد في اختيار القائمين على تلك الدبلوماسية.

ونحن هنا نؤكد على تقديرنا لكثير من الدبلوماسيين المصريين وللدبلوماسية المصرية العريقة، ونتمنى أن تتحقق مطالبهم الخاصة بالتخلص من التأثير السلبي للمحسوبية والبيروقراطية والفساد السياسي على مهنتهم العريقة.

لذا نتمنى أن تفتح المؤسسات الدبلوماسية المصرية العريقة أبوابها أمام الكفاءات المصرية المختلفة، وأن تكون أكثر تنافسية في اختيار ممثليها، والأمر نفسه ينطبق على الجامعات المصرية، ففي أميركا مثلا لا تنحصر الوظائف الدبلوماسية والجامعية على طبقة بعينها وفقا لمعايير بيروقراطية جامدة وعقيمة، فالطريق يبقى مفتوحا أمام أصحاب الكفاءات بما يضمن التنافسية وتطبيق قاعدة الاختيار للأصلح.

ثالثا: الدبلوماسية التي تبنتها مصر خلال العقود الأخيرة نخبوية بامتياز تفتقر لأحد أهم عناصر دعم أي دبلوماسية في العالم وهي دعم الجماهير، لذا نتمنى أن تتوجه الدبلوماسية المصرية الجديدة نحو ما يعرف بالدبلوماسية الشعبية.

نتمنى أن تفتح السفارات المصرية في الخارج أبوابها أمام ملايين المصريين المهاجرين للتعاون معها في بناء دبلوماسية بلدهم وتوضيح قضاياها والدفاع عن مصالحها.

نتمنى آلا تظل السفارات المصرية قلاعا مشيدة يتجنب المهاجر المصري من التعامل معها ولا يعلم لها دورا واضحا في الدفاع عنه وعن حقوقه أو مصالحه في دول المهجر.

في الماضي كان مثل هذا التعاون مستحيلا لسبب أساسي، وهو صعوبة الدفاع عن نظام سلطوي، وصعوبة التعاون مع نظام يقوم على إخضاع المصريين لا خدمتهم أو التعاون معهم.

الآن باتت الأمر ممكننا لأكثر من سبب، فقد تركت الثورة صورة أكثر من إيجابية عن مصر والمصريين، وباتت مصر محل إعجاب العالم وتعاطفه، كما أنها وحدت المصريين بشكل غير مسبوق وقربتهم من بعضهم البعض ومن بدلهم.

لذا باتت الفرصة مواتية أكثر من أي وقت مضى لقيام لوبيات مصرية تدافع عن مصالح بلدها ببلدان المهجر، وإن كان ذلك يتطلب تبني عهد وأسلوب جديد من الدبلوماسية المصرية نأمل أن تدخله مصر قريبا جدا.

Monday, February 14, 2011

شكرا دكتور البرادعي


بقلم: علاء بيومي

www.alaabayoumi.com

هناك من يلوم البرادعي، هناك من يرى أنه عاش خارج مصر كثيرا، وأن غريب عن حس المصريين وفكرهم وأسلوب حديثهم.

هناك من يرى أن البرادعي لا يمتلك الكاريزما الكافية ولا يتقن الحديث إلى المصريين بأسلوب يجذبهم.

هناك من يرى أن البرادعي يسافر كثيرا، حتى أن الثورة بدأت والبرادعي في أوربا.

هناك من يرى أن البرادعي لا يسير في المظاهرات، ولم يشارك في الاحتجاجات، فهو لم يسجن أو يعتقل، أو حتى يصطدم ببعض رجال الأمن والشرطة، وأن البرادعي يقرر قيادة الثورة من منزله أو من برج عاجي كما يرى البعض.

هناك من يرى أن البرادعي لن يتمكن من الصمود كثيرا أمام أحزاب المعارضة المصرية وخلافاتها وانقساماتها التي لا تحصى، وأن الرجل لم يظهر حتى الآن جلدا سياسيا كافيا لمواجهة تحديات السياسة المصرية وتقلباتها.

لكن، البرادعي لعب ويلعب دورا كبيرا نأمل أن يقدره المصريون.

خلال أيام الثورة ظل البرادعي زعيما محوريا في عيون العالم، وخاصة لدى وسائل الإعلام الأجنبية والعربية، كان بمثابة صوت هادئ رصين تنصت إليه وسائل الإعلام لتعرف موقف الثوار المصريين وإلى أين وصلوا وإلى أين يسيرون.

البرادعي يكاد لا يخطئ في حديثه للإعلام العربي والأجنبي، فهو هادئ، ديمقراطي، منفتح، يعرف ما يقول، ومتريث.

لذلك عندما يتحدث البرادعي لا تخشى على مصر والمصريين أو على ثورتها.

البرادعي يتحدث ببطء شديد وبنفس متقطع، كلماته تتوقف وتتعثر كثيرا، فهو يفكر في كل ما يقول، لذا تشعر وأنت تسمعه أنه يبحث عن كلماته ويختارها ويدقق فيها بعناية.

لذا يختلف البرادعي عن الخطباء والزعماء الكاريزميين الذين تمجدهم الثقافة السياسية العربية، فالبرادعي لا يتحدث بسرعة، ولا يجيد الحديث العاطفي، ولا يتحدث بصوت عالي، كما أن لا يصب غضبه على خصوم.

على العكس، يبدو البرادعي دائما بطيئا متأنيا صادقا يبحث عن كلماته وأفكاره ويرصها بعناية وحرص نادر يثير إعجاب كل من يقدر الخطاب السياسي الهادئ.

البرادعي ظل حتى أخر يوم مؤمنا بالثورة متمسكا بمطالبها وعلى رأسها سقوط النظام مطالبا مبارك بالرحيل ومتمنيا له رحيل أفضل مما قرر هو لنفسه.

البرادعي يتمتع بحس سياسي رائع، وقد مثل للثورة صوتا دوليا كانت في أمس الحاجة إليه، ولهذا يجب شكره.

أضف إلى ذلك أن البرادعي حتى الآن أثبت حكمته في قضايا مصيرية، فهو الوحيد القادر حتى الآن على التعامل مع جميع القوى السياسية المصرية، من إسلاميين وعلمانيين وليبراليين ويساريين.

البرادعي لم يشارك في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة من البداية، والتي شارك فيها البعض كالإخوان والوفد وأحزاب أخرى قبل أن يتراجعوا بعد تحقق نبوءة البرادعي.

نبوءة البرادعي السياسية كانت بمثابة نظرية سياسية مبكرة لفكر الثورة، فقد قامت على مبدأ أساسي وهي ضرورة تغيير قواعد اللعبة السياسية المصرية بشكل كامل كشرط للمشاركة، لهذا رفض البرادعي المشاركة في الانتخابات التشريعية وقبل آخرون، ليثبت لهم في النهاية أن البرادعي - ومن قاطعوا - كان على حق.

على نفس المنوال لم يشارك البرادعي في جلسات الحوار مع عمر سليمان في أيام الثورة الأخيرة في حين شارك آخرون.

وبهذا يتضح مبدأ إضافي من مبادئ البرادعي السياسية، وهي التعالي السياسي على النظام السابق وعدم التأثر بما يمارسه من ضغوط.

البرادعي لسبب ما لم يشعر بضغوط النظام كغيره، فهو لم يهادن، ولم يشارك في حوارات النظام أو انتخاباته.

البرادعي أرسل رسالة مبكرة ومستمرة مفادها أن النظام ضعيف وهو قوي، وأن النظام لا يرتقى للمستوى المطلوب.

بمعني أخر البرادعي ساهم دوما في رفع سقف المطالب السياسية وفي أضعاف صورة النظام في عيون المصريين والعالم.

أخيرا نجح البرادعي حتى الآن فيما عجز عنه غالبية السياسيين المصريين وهو عدم الدخول في خصومة مع أحد، فهو يبدو محلقا فوق الأفق الضيق للسياسات الداخلية والحزبية المصرية.

البرادعي يبدو مبشرا بأفق جديد وواسع للسياسة في مصر، وهو أفق نبحث عنه جميعا وتحتاج له مصر كثيرا في السنوات المقبلة.

لذا شكرا دكتور البرادعي لقد حققت الكثير، وإن كنا ننتظر منك أكثر.

Saturday, February 12, 2011

نصائح ضرورية وواقعية للثورة المصرية وصورتها الدولية

علاء بيومي

www.alaabayoumi.com

بعد التحية والتهنئة للثورة المصرية الخالدة، نود تذكير كل مصري بالمهمة الشاقة التي تنتظره، وهي بناء مصر ديمقراطية بما يعنيه ذلك من مؤسسات فعالة تحمي هذه الديمقراطية، كإعلام وأحزاب ومراكز دراسات ومنظمات مدنية.

فالديمقراطية لا تقوم على برلمان وقضاء وحكومة ودستور فقط، فالضامن الأهم للديمقراطية هو مجتمع مدني قوي يحميها ويزود عنها، وأن بناء مجتمع مدني حر وقوي وديمقراطي في دولة عانت من القهر لعقود هو مهمة شاقة ومضنية، فهي مثابة زرع لنبت صحي في بيئة عانت لعقود من الإهمال والتجريف المتعمد والإفساد.

وهذا يعني أن المهمة طويلة جدا وشاقة، فهي تحتاج إعادة بناء المجتمع بمؤسساته وثقافته، وإن كانت الثورة قد أرسلت رسالة هامة للعالم مفادها أن مصر نجحت في تنظيم أحد أنجح ثورات العالم المعاصرة، ثورة بيضاء سلمية شعبية مدنية ديمقراطية ضد الظلم والفساد والقهر والجهل والخوف ونصرة للكرامة الإٌنسانية المجروحة.

الثورة قالت للعالم أن شعب مصر قادر على صناعة تاريخ وعلى القيام بما لا يتوقعه أحد.

وفي هذا السياق على المصريين أن يتذكروا أن الطريق طويل وصعب، وأن للثورة أعداء كثر، وأن الثورات هي أمواج من الثورة تقابلها أمواج من الثورات المضادة العاتية، وأن للثورات أعداء في الداخل والخارج.

أما بخصوص نظرة العالم للثورة المصرية، وهي موضوع مقالنا الرئيسي، فعلى الثورة أن تتذكر أن العالم كله ينظر، وأن مصر كانت ومازالت عنوان رئيسي بكل وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث ومؤسسات الحكم الدولية.

وأن العالم مليء بتحيزاته ومخاوفه، فالعالم لا يفهم مصر والكثيرون لا يعرفون عنها شيئا، وهنا لا نعني البسطاء فقط، بل نعني المثقفين والإعلاميين وصناع القرار في العالم، فالإنسان بطبيعته لا يستطيع أن يعرف عن ما لا يخصه إلا القليل.

ومن الآن وصاعدا سوف يسعى العالم لمعرفة المزيد عن تلك الثورة، وسينطلق من منطلق شكي ناقد خائف متوجس، فسمة الغريب الاقتراب بحرص مما يجهله ورفض الإفصاح عما بداخله أو عما يحمله من تحيزات داخلية عديدة وعميقة تخيفه وتقلقه بل وترعبه أحيانا.

لذا على الثورة والمصريين التركيز على ما يلي في حديثهم للخارج.

أولا: التواضع، فالثورة المصرية لن تغير العالم ولن تغير الشرق الأوسط، وسوف تحتاج لسنوات وربما لعقود لإعادة بناء مصر، كما أن العالم مليء بالقوى الأخرى القلقة والمتحفزة، وهي لا تبحث عن دولة شابة جديدة صاعدة تريد أن تغير كل ما حولها، السياسات الدولية والإعلام والفكر السائد بطبيعته محافظ جبان يخشى القفزات السريعة.

ثانيا: التركيز على الداخل، فأمام الثورة المصرية مهمة شاقة لإعادة بناء مصر من ثقافة وتعليم وصناعة واقتصاد وهوية ومؤسسات سياسية، وبعد ذلك ووفقا لمدى نجاح مصر في صناعة مستقبلها سوف يتحكم في سياستها الخارجية والتي يجب أن تقوم على السلام والعدل والحرية للجميع.

ثالثا: على الثورة آلا تناسق لأي صراع جانبي يفرضه العالم لتفريغ طاقتها، سواء كان صراع حول الدين أو إسرائيل أو السياسة أو الأيدلوجية أو أميركا أو الغرب أو غيرها من الصراعات الجانبية التي يمكن أن تشتت انتباه المصريين، فكل هذه القضايا هامشية ولا تتعلق بجوهر الثورة وهي بناء مصر والمصريين، فعلى الثورة إغلاق أي باب يفرغ طاقتها أو يشتت انتباها أو يؤلب أعدائها.

رابعا: أن العالم سوف يبحث عن معلومات عن مصر وثورتها وقادتها وأحزابها وجماعاتها، وأن على الثورة أن تستعد للحديث للعالم وتوعيته بصورتها الصحيحة وتزويده بمعلومات كافية عنها، لذا نأمل من الثورة وكل المسئولين عنها أن تكتب عن نفسها وتحدد رسالتها الإعلامية وأن تبني صورتها قبل أن يبنيها لهم الآخرون.

خامسا: على الثورة أن تركز كما فعلت بنجاح على مفاهيم الوحدة والتسامح والسليمة واللاعنف والبناء والمستقبل والتعليم والثقافة والحرية والكرامة والمساواة والسلام.

سادسا: أن لكل كلمة تأثيرها، وأن المتربصين بمصر لا يبحثون عن الفهم بل يبحثون عن كلمة أو كلمتين، عن تصريح هنا أو هناك لكي يخدم أهدافهم ويشوهون به صورة مصر والمصرين وثورتها التي باتت عنوان لها.

سابعا: أن الوقت الحالي ليس وقت تصفية الحسابات، وليس وقت الحديث عما عانه المصريون أو عن مخاوفهم، فللأسف صبر العالم قليل وتعاطفه قصير ومخاوفه تطغي في أحيانا كثيرة على عقوله وضميره، فعلينا أن نتذكر درس الثورة الأهم وهو أن المصريين وحدهم القادرين على بناء مستقبلهم، وأن العمل أهم من الكلمات، وأن الكلمة الطيبة هي الحوار الوحيد مع الأخر.

ولتعلم الثورة أن بناء مصر قوية في هدوء وتدريج وسلام وإيجابية هو أكبر نصرة لمصر والمصريين ولكل من ينتظروا مصر قوية عزيزة وشامخة.

Sunday, February 06, 2011

تعاطفا مع حسام بدراوي


بقلم: علاء بيومي

www.alaabayoumi.com

نص المقال:

في الحقيقة أشعر بقدر كبير من التعاطف مع الدكتور حسام بدراوي الأمين العام الجديد للحزب الوطني الديمقراطي، فقد تولي مهمة مستحيلة تقريبا، مهمة يعجز عن القيام بها أكثر الرجال همة ومهارة، وذلك لأسباب ذلك عديدة يدركها غالبية المصريين.

بداية الدكتور بدراوي تولي أمانة مؤسسة ليس لها وجود من الأساس، فغالبية الدراسات العربية والأجنبية المعنية بالحزب الحاكم في مصر تؤكد أنه ليس "حزبا" على الإطلاق، فهو أقرب إلى تجمعات شللية انضمت لكيان يسمى "حزب الرئيس" أو "حزب الحكومة" لكي تكون قريبة من النخب السياسية والاقتصادية الحاكمة في مصر على أمل أن "يصيبها من الحب جانب" كما يقول المصريون.

وللأسف فشل "الكيان" في تحقيق أي بنية أيدلوجية أو سياسية واضحة له على الرغم مما أتيح له من إمكانيات على مدى أكثر من ثلاثة عقود، فهو مسيطر على كل مؤسسات الدولة واقتصادها وإعلامها ومواردها، ومع ذلك فشل بالفوز بأي انتخابات حرة أو حتى في السماح بأي انتخابات حرة، أو في تكوين أيدلوجية واضحة له أو حتى في بناء قيادات معروفة جماهيريا، فلولا التلفزيون المحلي واضطرار وسائل الإعلام المختلفة للتعامل مع مسئولي الحزب لما سمع عنهم غالبية شعب مصر ناهيك عن العالم الخارجي.

فالحزب لا يعرف أي قيادات كاريزمية أو جماهيرية تذكر، وذلك لسبب أساسي وهو أنه كيان غير سياسي أصلا ولا يدرك معنى العمل السياسي والجماهيري، بل على العكس لعب "الكيان" دورا رئيسيا في تعطيل الحياة السياسية في مصر وفي تحويلها إلى سباق تنافسي شرس داخل مؤسساته تغلب عليه علاقات المصلحة والشللية.

لهذا يسخر غالبية المصريين عند وصف الحزب "بالديمقراطي" لأنه أساس الديكتاتورية والسلطوية في مصر، ولا يعرف الديمقراطية داخله، ولما ادعى الحزب الديمقراطية مؤخرا الديمقراطية الداخلية وقرر عقد انتخابات داخلية لاختيار مرشحيه في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة (نوفمبر 2010) وفقا لتوجهات رجال "الفكر الجديد"، انتهى به الأمر لاختيار أكثر من 800 مرشحا من أعضاءه للمنافسة على حوالي 500 مقعدا في سابقة تندرت بها وسائل الإعلام المصرية والأجنبية.

بل أن اختيارات الحزب في الانتخابات الأخيرة قادت إلى ثورة جماهيرية ضده هي الأكبر في مصر خلال العصر الحديث تقريبا، وهذا يعني أن الفكر الجديد كان أسوأ من القديم، وأن الديمقراطية تبدو فيروسا مضرا بالحزب.

ثانيا: توقيت تولي السيد بدراوي وقيادات الحزب الجديدة لمسئولياتها هو الأسوأ على الإطلاق، وتعني التضحية بهم وقذفهم في بحر من الأمواج السياسية العالية التي يصعب النجاة منها بأي معايير سياسية في العالم.

فقد أثبت "الكيان" فشله المطلق خلال الأزمة الأخيرة، بل أن معظم قياداته اختفت تماما عن الساحة ولم يسمع بها أحد لأيام تمثل قمة الأزمة، وتركت أماكنها لقيادات أمنية بالأساس، ولما عادت قيادات الحزب بعد أيام لحشد الدعم لمظاهرات "الاستقرار" فشلت بشكل يثير السخرية في حشد جموع تضاهي نصف أو ربع الجموع التي جمعها شباب التحرير في ميدان التحرير أو في مدن مصرية عديدة، حتى بدا الحزب - مقارنة بمظاهرات شباب التحرير المليونية - وكأنه أقلية مندسة متطفلة على شعب مصر، أو أقلية ذات "أجندة خاصة" تماشيا مع المصطلح الجديد الشائع حاليا.

أكثر من ذلك قادت مظاهرات "الاستقرار" وما تبعها من حشد وتعبئة وتأليب وتخويف إلى جرائم لن ينساها العالم، مثل جريمة الهجوم على شهداء التحرير الأبرياء العزل بالجمال وكرات اللهب تحت أعين كاميرات العالم، وجريمة تتبع الصحفيين من قبل بلطجية النظام.

ألم يكن الأفضل أن يحمي الحزب الدكتور بدراوي وزملائه من تولي المسئولية في هذا الوقت بالذات، أليس الدفع بهم حاليا إلى المقدمة هو حكم بالنهاية على مستقبلهم السياسي وصورتهم في مصر والعالم.

فمن يقبل تولي مسئولية حزب نظام ارتبطت صورته في عيون العالم بالجمال والخيول والسيوف والأسلحة البيضاء وكرات اللهب وضرب الصحفيين في وضح النهار؟

يا سادة: العالم لن يسأل بعد ذلك عن برامج الحزب وأعضاءه وجهوده في التثقيف السياسي وصياغة السياسات، فقد ولي هذا العهد، ولو سأل فسيكون سؤال ثانوي مقارنة بأسئلة أخرى بات ملحة وتحتاج لإجابة، وهي كم حصان يمتلك مرشحي النظام وأنصاره؟ وكم جملا؟ وكم بلطجيا؟ وما هي كلمة السر؟ وماذا لو نسى البلطجية كلمة السر!؟

لقد اشتكي المصريون لعقود من بلطجية الانتخابات المؤجرين من قبل رجال الحزب، وهي شكاوى مسجلة في دراسات وتقارير حقوقية عديدة، وقد لا يصدق البعض الكتب والمقالات، ولكنه يصعب عدم تصديق الصورة، خاصة وأن خبراء الحزب والنظام الإعلاميين فشلوا فشلا رهيبا - يستحق أن يحاكمهم الحزب عليه أولا - قبل أهل مصر، فقد اضروا بصورة الحزب ومصر والمصريين بشكل يصعب إصلاحه.

ثالثا: إذا افترضنا أن الحزب ينوي الإصلاح ودفع بأفضل عناصره لقيادة المرحلة الجديدة، وأن الشعب المصري الطيب سيتعامل معكم بالمبدأ الشائع الذي يقول "خليك مع الكذاب".

في هذه الحالة ألم يكن على الحزب محاسبة أعضاءه القدامى المطرودين والمقصرين أولا، ألم يفشل الحزب فشلا واضحا للعيان؟ ألم يقد مصر والمصريين لكوارث عديدة وثورة غضب عارمة؟

يا سادة: في اليابان، السياسي الفاشل والذي يتسبب في خسارة كبيرة لبلده أو شعبه أو حزبه ينتحر، أما في مصر فالشعب هو الذي ينتحر.

وإذا قلنا أن الثقافة المصرية ضد الانتحار، وأن الثقافة المصرية كما يقول رئيس الوزراء الجديد لها خصوصيتها، وأن المصريين ينسون الإساءة سريعا ومتسامحون كعادتهم، ألم يكن الأفضل في تلك الحالة أن تعلنوا حل الحزب وتنظروا يوم أو يومين أو عدة أسابيع قليلة على أن تقوموا بعد ذلك بإنشاء حزب جديد تحت اسم جديد لعل وعسى ينسى المصريون والعالم ما حدث أو يختلط عليهم الأمر.

في الحقيقة أنا احترت، ونصيحتي الوحيدة: استقيلوا يرحمكم الله.

Saturday, February 05, 2011

نظام فقد كل شيء


بقلم: علاء بيومي

www.alaabayoumi.com

فاقد الشيء لا يعطي، والنظام المصري الراهن فاقد المصداقية والشرعية، نظام مكروه من شعبه لم يفز في أي انتخابات حرة، نظام يعتمد على جيش من البلطجية لإرهاب شعبه، وجهاز إعلامي وفكري دعائي فاشي لتخويف المصريين وتجهيلهم وطرد أفضل من فيهم.

نظام فرغ مصر من أفضل أبنائها على مدى ثلاثة عقود، نظام قتل أفضل أبناء مصر في ميدان التحرير منذ أيام وهم عزل مسالمون أبرياء، قتل شباب هم من أفضل شباب مصر، شباب في مقتبل العمر، قتل مستقبل مصر، قتل أباء مصر الجدد المتعلمون الواعون المنفتحون على العالم، يتم أطفالهم، يتم أطفال صغار لكي يبقى في الحكم.

الآن عرفنا من أذل مصر والمصريين وأضطهدهم وقتل الهوية المصرية العريقة الشامخة وهزمها.

كيف يمكن لنظام فاقد العزة والكرامة أن يمنح شعبه الشعور بالعزة والكرامة والرضا عن النفس في الداخل أو بين الأمم، كيف يمكن لنظام فاقد الشرعية أن يمنح شعبه شرعية أو مكانة، كيف يمكن لنظام فاقد الفكر والرؤية أن يعلم أبناءه، كيف يمكن لنظام يروع شعبه أن يمنحهم الأمان ويدافع عن حقوقهم في الداخل؟

كيف يمكن لنظام يحاسب الآن رجال أعمال رباهم ورعاهم وباع لهم مصر بأرخص الأثمان - لكي يمولوا حملاته الانتخابية المزورة وحزبه الفاشل القمعي وميلشيات البلطجية الموالية له - أن يؤتمن على مستقبل مصر واقتصادها وسياساتها ولو ليوم واحد؟

كيف يمكن لنظام بلطجي يأوي اللصوص والبلطجية والفاسدين ويطلقهم على الأبرياء والنساء والأطفال العزل في شوارع مصر أن يدفع بلده إلى الأمام وأن يحقق الأمن والاستقرار؟

كيف يمكن لنظام يؤلب العالم على شعبه وعلى دينه مستخدما فزاعة "الأخوان المسلمين" - والتي تخلط بين الإسلام وكراهية الغرب بشكل مقيت - أن يثق فيه شعبه أو حتى العالم، كيف يمكن لنظام يعتقل الصحفيين ويرهبهم أن يثق المصريون أو العالم في كلامه أو أن يتحلي بأي قدر من المصداقية؟

كيف يمكن لنظام بات أضحوكة العالم ومحل سخطهم أن يتحدث باسم مصر والمصريين؟

كيف يمكن لنظام جاهل لا يعلم كيف يتحدث مع الغرب أو الخارج أو حتى الداخل أن يحكم أعرق دول العالم العربي والشرق الأوسط؟

كيف يمكن لنظام فاقد الإمكانات والفكر والقدرة والتصور أن يبقى في الحكم رغم إرادة الجميع؟

أن ثقافة مصر وتاريخ مصر وأخلاق مصر وشباب مصر يرفضون ذلك، ثقافة مصر وتاريخها مع الحق والتغيير والفكر والتقدم والشباب والحرية والانفتاح والذكاء والكفاءة والسلام والعمل السياسي الحر الشريف.

ثقافة مصر وتاريخها مع العزة والكرامة والتقدم والشرعية.

ثقافة مصر وتاريخها ضد حماية الطغاة والفاسدين والبلطجية والكاذبين والحاقدين والمأجورين.

ثقافة مصر وتاريخها ضد الاستبداد والديكتاتورية والانتخابات المزورة والسلطوية.

مصر تستحق أفضل من ذلك، مصر تستحق قانون يطبق وانتخابات حرة وبرلمان حقيقي وإعلام صادق وسجون مليئة بالبلطجية واللصوص لا بالشرفاء وأصحاب الرؤية والرسالة.

مصر تستحق أن تنضم لركب العالم المتحضر بدلا أن تبقى أسيرة نظام عجوز مريض فاقد للوعي والفهم والمصداقية والحرص على شعبه.

كيف يمكن أن يحكم مصر وشعبها وجندها - خير جنود الأرض - نظام فاقد للشرعية والكرامة؟

Friday, February 04, 2011

تهنئة إلى التلفزيون الرسمي المصري

بقلم: علاء بيومي

www.alaabayoumi.com

تهنئة إلى التلفزيون الرسمي المصري، فقد دخل التاريخ من أوسع أبوابه، ومن اليوم سوف يكون مثالا يدرس في كتب الإعلام بأكبر جامعات العالم.

فقد نجح خلال الأيام الأخيرة أن يسطر لنفسه تاريخا كجهاز دعاية شمولي كاذب باقتدار على غرار الأجهزة الدعائية بالنظم الشمولية والفاشية التي انقرضت من عقود، حتى عاد التلفزيون الرسمي المصري ليقول للعالم: عذرا نحن هنا، الدعاية الشمولية الفاشية مازالت موجودة في القرن الحادي والعشرين.

التلفزيون المصري الذي اضطررننا لمشاهدته في الأيام الأخيرة بعد توقف خدمات الإنترنت والجوال خاض ويخوض باقتدار حملة دعاية مضللة واسعة وفاشلة في آن واحد.

بعد انهيار الصف الأول من بلطجية النظام الحاكم في مصر يوم الجمعة الماضية كان التلفزيون الرسمي المصري من أول المؤسسات التي حماها الجيش، ومع ذلك كان التلفزيون المصري منهمكا في حملة دعاية كاذبة وملفقة باقتدار ضد شباب مصر وحركته وأفكاره.

حملة التلفزيون المصري بدأت بإذاعة أخبار سيئة عن حالة عدم الأمن والهجمات على المدنيين عبر مصر، حيث بدأ في تلقي رسائل من عدد كبير من المتصلين الباكين والذين يبحثون عمن يحميهم، وبدلا من أن يمرر التلفزيون تلك المكالمات مباشرة إلى الجيش - دون إذاعتها على مسامع الناس المرعوبين - بدأ في إذاعتها على الهواء مباشرة.

ألم يكن الأولى بالتلفزيون المصري الذي يدعي دفاعه عن الاستقرار في مصر أن يطمئن الناس، وأن يدعو رجال الشرطة المنسحبين - بشكل مريب يحقق فيه حاليا – أن يعودوا إلى أماكنهم، وأن ينصح الناس بتنظيم أنفسهم دفاعا عن بلدهم.

على النقيض خاض التلفزيون المصري على مدى أيام حملة لترويع الناس وتذكيرهم بأن مصر باتت فوضى بلا أمان، وأن السبب في ذلك هم المتظاهرون الذي هاجموا مصر واستقرارها ورئيسها الحامي، وأن الحل هو عودة الاستقرار والأمن والرئيس "حامي مصر الأوحد والوحيد"، حتى أن التلفزيون المصري سمى مؤيدي مبارك "مؤيدي الاستقرار" وسمي شباب مصر المتظاهرين في ميدان التحرير "دعاة الفوضى وعدم الاستقرار".

بعد ذلك وبشكل مثير للضحك وللاشمئزاز بدأ التلفزيون المصري في شن حملة على كل من تخلى عنهم النظام، وهي حملات لم يكن يتصورها أحد قبل يوم أو يومين، ففور الإعلان عن حل الحكومة بدأ التلفزيون "غير الوطني وغير المصري في رسالته" في استضافة كم هائل من "المحللين" و"المتصلين" ليكيلوا الاتهامات والهجوم على الوزراء المستقيلين وعلى أحمد عز واتهامهم بأنهم سبب مشاكل مصر، وبالطبع لم يسأل مذيعو تلفزيون التضليل والكذب أنفسهم ولا ضيوفهم أين كان هذا النقد قبل أن تصلهم الأوامر من قبل رؤسائهم بالبدء في نقد مسئولي الحكومة السابقين وأحمد عز لعل ذلك يصرف الناس عن نقد النظام نفسه والرئيس.

في مرحلة تالية عادت بقايا النظام للظهور بعد أيام من فقدان التوازن والانسحاب المهول والذي يذكر المصريين بانسحاب الخاسرين في الحروب بلا نظام ولا ترتيب بعد انهيار رأس للنظام مما يعرض النظام "لنكسة" وهزيمة ساحقة.

عاد العديد من أتباع النظام من الجهلة والبلطجية للظهور على هواتف وشاشات التلفزيون ليشجعوا مزيد من الهجوم على المتظاهرين العزل والأبرياء في ميدان التحرير ويتهمونهم بأخذ البلد رهينة بسبب ما يقومون به وتخوينهم وتأليب الناس عليهم وتصويرهم على أنهم خونة وغير وطنيين ومندسين وأتباع أجندات أجنبية وأجانب وغير مصريين وغير شرفاء وهوجاء ولا يمثلون المصريين وكم رهيب من الاتهامات والتأليب والدعاية ونشر الكراهية.

وبالطبع قادت الدعاية المؤسفة تحت أعين بلطجية النظام في التلفزيون المصري وخارجه إلى الهجوم على المتظاهرين الأبرياء وقتلهم من قبل رعاع وبلطجية وسفاحين وقطاع طرق.

هذا في الوقت الذي بدأ التلفزيون المصري في تحذير المتظاهرين بأن مثيري الشغب يتوجهون بكرات من النار إلى ميدان التحرير، وهو ما حدث وسجلته وسائل الإعلام.

وبهذا تحول التلفزيون المصري لأداة ليس فقط للتعتيم الإعلامي على غالبية المصريين، ولكن أيضا للتأليب على المتظاهرين الأبرياء والحشد ضدهم.

حدث ذلك أمام أعين العالم كله بشكل أحرج النظام ليرسل في اليوم التالي بلطجيته لترويع الصحفيين الأجناب وملاحقتهم ومنعهم من نقل الحقيقية حتى بات النظام أضحوكة العالم ومادته الصحفية الأولى وسطر لنفسه اسما بجوار كبار منتهكي الحريات المدنية في العصر الحديث.

أما بعد صمود المتظاهرين الأبرياء أمام أعين كاميرات العالم وبعدما أدرك النظام حجم الخطأ الذي ارتكبه وأعتذر رئيس الوزراء وغير نائب الرئيس من خاطبه تجاه المتظاهرين، بدأ التلفزيون المصري فورا كعادته في التلون وإتباع التعليمات وكأن شيء لم يحدث والتأكيد على أنه كان دوما مع "الحوار" دون أن يتوقف عن إذاعة التقارير المغرضة عن المتظاهرين وانضمامهم للحوار هم وبعض قادة المعارضة ورغبتهم في ترك ميدان التحرير.

حجم الحملة التي خاضها التلفزيون المصري كشف عن كثير من أخطاء النظام وجرائمه.

كشفت أولا عن عقلية البلطجة التي تسيطر على النظام وإتباعه، عقلية البلطجي هي بالطبع عقلية محدودة الثقافة والفهم والإطلاع تابعة لمن يملك النقود والقرار، تنفذ ما يطلب منها بلا ذكاء أو رؤية وبأي ثمن حتى لو كان ذلك على حساب الأبرياء وأرواحهم وعلى حساب البلد نفسها.

التلفزيون المصري ظهر تابعا للأوامر يتلون كل لحظة مع تغير وضع النظام.

التلفزيون المصري لم يتوان عن نشر الرعب بين الناس وترويعهم.

التلفزيون المصري ألب الشعب على المتظاهرين ولعب دورا يجب التحقيق فيه في تشجيع الاعتداء على المتظاهرين في ميدان التحرير.

ويبدو أن عقلية البلطجة المستمرة منعت التلفزيون المصري من امتلاك المواهب والخطط الذكية للتعامل ما حدث، وكيف يمكن لتلفزيون تابع في نظام بلطجي من تملك فكر ورؤية للتعامل مع حدث ديمقراطي حر هو الأكبر من نوعه منذ عقود.

كان يمكن للتلفزيون المصري أن يتحدث من البداية بلغة ديمقراطية وأن يعرض الرأي والرأي الأخر، كان يمكن له إدانة الاعتداء على المتظاهرين ودعوة الجميع للحوار والبعد عن الشارع والعنف، كان يمكن للتلفزيون المصري الحديث أن يتحدث لطوائف الشعب المختلفة ويعرض وجهات نظرهم.

ولكن التلفزيون المصري كان ومازال أداة دعائية في يد النظام ينبغي محاسبته كمسئول رئيسي عن الأزمة الحالية ومحاسبة مسئوليه وإعادة بناء قياداته ورسالته في أي مصر ديمقراطية حرة آتية بأذن الله.