Saturday, February 12, 2011

نصائح ضرورية وواقعية للثورة المصرية وصورتها الدولية

علاء بيومي

www.alaabayoumi.com

بعد التحية والتهنئة للثورة المصرية الخالدة، نود تذكير كل مصري بالمهمة الشاقة التي تنتظره، وهي بناء مصر ديمقراطية بما يعنيه ذلك من مؤسسات فعالة تحمي هذه الديمقراطية، كإعلام وأحزاب ومراكز دراسات ومنظمات مدنية.

فالديمقراطية لا تقوم على برلمان وقضاء وحكومة ودستور فقط، فالضامن الأهم للديمقراطية هو مجتمع مدني قوي يحميها ويزود عنها، وأن بناء مجتمع مدني حر وقوي وديمقراطي في دولة عانت من القهر لعقود هو مهمة شاقة ومضنية، فهي مثابة زرع لنبت صحي في بيئة عانت لعقود من الإهمال والتجريف المتعمد والإفساد.

وهذا يعني أن المهمة طويلة جدا وشاقة، فهي تحتاج إعادة بناء المجتمع بمؤسساته وثقافته، وإن كانت الثورة قد أرسلت رسالة هامة للعالم مفادها أن مصر نجحت في تنظيم أحد أنجح ثورات العالم المعاصرة، ثورة بيضاء سلمية شعبية مدنية ديمقراطية ضد الظلم والفساد والقهر والجهل والخوف ونصرة للكرامة الإٌنسانية المجروحة.

الثورة قالت للعالم أن شعب مصر قادر على صناعة تاريخ وعلى القيام بما لا يتوقعه أحد.

وفي هذا السياق على المصريين أن يتذكروا أن الطريق طويل وصعب، وأن للثورة أعداء كثر، وأن الثورات هي أمواج من الثورة تقابلها أمواج من الثورات المضادة العاتية، وأن للثورات أعداء في الداخل والخارج.

أما بخصوص نظرة العالم للثورة المصرية، وهي موضوع مقالنا الرئيسي، فعلى الثورة أن تتذكر أن العالم كله ينظر، وأن مصر كانت ومازالت عنوان رئيسي بكل وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث ومؤسسات الحكم الدولية.

وأن العالم مليء بتحيزاته ومخاوفه، فالعالم لا يفهم مصر والكثيرون لا يعرفون عنها شيئا، وهنا لا نعني البسطاء فقط، بل نعني المثقفين والإعلاميين وصناع القرار في العالم، فالإنسان بطبيعته لا يستطيع أن يعرف عن ما لا يخصه إلا القليل.

ومن الآن وصاعدا سوف يسعى العالم لمعرفة المزيد عن تلك الثورة، وسينطلق من منطلق شكي ناقد خائف متوجس، فسمة الغريب الاقتراب بحرص مما يجهله ورفض الإفصاح عما بداخله أو عما يحمله من تحيزات داخلية عديدة وعميقة تخيفه وتقلقه بل وترعبه أحيانا.

لذا على الثورة والمصريين التركيز على ما يلي في حديثهم للخارج.

أولا: التواضع، فالثورة المصرية لن تغير العالم ولن تغير الشرق الأوسط، وسوف تحتاج لسنوات وربما لعقود لإعادة بناء مصر، كما أن العالم مليء بالقوى الأخرى القلقة والمتحفزة، وهي لا تبحث عن دولة شابة جديدة صاعدة تريد أن تغير كل ما حولها، السياسات الدولية والإعلام والفكر السائد بطبيعته محافظ جبان يخشى القفزات السريعة.

ثانيا: التركيز على الداخل، فأمام الثورة المصرية مهمة شاقة لإعادة بناء مصر من ثقافة وتعليم وصناعة واقتصاد وهوية ومؤسسات سياسية، وبعد ذلك ووفقا لمدى نجاح مصر في صناعة مستقبلها سوف يتحكم في سياستها الخارجية والتي يجب أن تقوم على السلام والعدل والحرية للجميع.

ثالثا: على الثورة آلا تناسق لأي صراع جانبي يفرضه العالم لتفريغ طاقتها، سواء كان صراع حول الدين أو إسرائيل أو السياسة أو الأيدلوجية أو أميركا أو الغرب أو غيرها من الصراعات الجانبية التي يمكن أن تشتت انتباه المصريين، فكل هذه القضايا هامشية ولا تتعلق بجوهر الثورة وهي بناء مصر والمصريين، فعلى الثورة إغلاق أي باب يفرغ طاقتها أو يشتت انتباها أو يؤلب أعدائها.

رابعا: أن العالم سوف يبحث عن معلومات عن مصر وثورتها وقادتها وأحزابها وجماعاتها، وأن على الثورة أن تستعد للحديث للعالم وتوعيته بصورتها الصحيحة وتزويده بمعلومات كافية عنها، لذا نأمل من الثورة وكل المسئولين عنها أن تكتب عن نفسها وتحدد رسالتها الإعلامية وأن تبني صورتها قبل أن يبنيها لهم الآخرون.

خامسا: على الثورة أن تركز كما فعلت بنجاح على مفاهيم الوحدة والتسامح والسليمة واللاعنف والبناء والمستقبل والتعليم والثقافة والحرية والكرامة والمساواة والسلام.

سادسا: أن لكل كلمة تأثيرها، وأن المتربصين بمصر لا يبحثون عن الفهم بل يبحثون عن كلمة أو كلمتين، عن تصريح هنا أو هناك لكي يخدم أهدافهم ويشوهون به صورة مصر والمصرين وثورتها التي باتت عنوان لها.

سابعا: أن الوقت الحالي ليس وقت تصفية الحسابات، وليس وقت الحديث عما عانه المصريون أو عن مخاوفهم، فللأسف صبر العالم قليل وتعاطفه قصير ومخاوفه تطغي في أحيانا كثيرة على عقوله وضميره، فعلينا أن نتذكر درس الثورة الأهم وهو أن المصريين وحدهم القادرين على بناء مستقبلهم، وأن العمل أهم من الكلمات، وأن الكلمة الطيبة هي الحوار الوحيد مع الأخر.

ولتعلم الثورة أن بناء مصر قوية في هدوء وتدريج وسلام وإيجابية هو أكبر نصرة لمصر والمصريين ولكل من ينتظروا مصر قوية عزيزة وشامخة.

No comments: