Thursday, August 19, 2010

مسجد نيويورك والموجة الجديدة للعداء للإسلام في أميركا

مقال بقلم: علاء بيومي

يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره

www.alaabayoumi.com

نص المقال

في اعتقادي أن قضية مسجد نيويورك وما يثار حولها من جدل في الآونة الأخيرة هي مؤشر على موجة جديدة وخطيرة من موجات العداء للإسلام – أو الإسلاموفوبيا – في أميركا، موجة ظن المتابعون - قبل سنوات قليلة - أنها بعيدة عن شواطئ القارة الأميركية

الظاهرة التي أتحدث عنها هي صعود اليمين الراديكالي الجديد في الولايات المتحدة - والذي بات واضحا خلال العامين الأخيرين – مما هوى بحركة العداء للإسلام في أميركا حاليا إلى مستويات غير مسبوقة تثير القلق

فمن كان يتصور قبل عامين أو ثلاثة أن تشهد المدن الأميركية مظاهرات تعج بالمتظاهرين المطالبين بوقف بناء مسجد وترفع شعارات تهاجم الإسلام ذاته وتطالب بخروجه من أميركا تحت أعين الإعلام الأميركي، بل ويخرج سياسيون كبار لدعم تلك المظاهرات ومطالبها ونشرها في ولايات مختلفة

وذلك حتى باتت قضية مسجد نيويورك – والذي يسعى بعض المسلمين الأميركيين لتأسيسه بالقرب من موقع أحداث 11-9 – قضية سياسية وطنية أميركية بامتياز استدعت تدخل الرئيس الأميركي، والذي دعم حق المسلمين الأميركيين في البناء المسجد، مما عرضه لهجوم واسع من الجمهوريين وعلى أعلى مستوي، قبل أن يتراجع باراك أوباما في اليوم التالي عن تصريحاته نسبيا، ويعلن انتقاده لفكرة بناء المسجد ذاتها كفكرة "غير حكيمة"

أكثر من ذلك باتت قضية مسجد نيويورك قضية انتخابية بامتياز حيث أعلن سياسيون جمهوريون في ولايات مختلفة عن معارضتهم لبناء مسجد نيويورك، مع أن قضية المسجد كان من المفترض أن تكون قضية محلية خاصة بولاية نيويورك ذاتها، ولا تمت بصلة لسياسي مرشح في ولاية جنوبية

كما أن مؤسس المسجد – الإمام فيصل عبد الرؤوف – سبق وإن احتفلت به وسائل الإعلام الأميركية لسنوات وقدمته على أنه مسلم "معتدل"، نظر لتوجهاته "الصوفية"، في مقابل التوجهات الإخوانية والسلفية وبعض التوجهات الإسلامية الحركية الأخرى التي عادة ما ينتقدها الإعلام الأميركي باعتبارها توجهات "متشددة"

كما بدأنا أيضا نسمع عن حملات إعلانية تحرض على "ترك الإسلام" وعن كنيسة أميركية تريد "حرق القرآن" في ذكرى 11-9، وعن تنامي متزايد لمنظمات معادية لوجود الإسلام في أميركا بشكل أساسي، وذلك على غرار منظمتي "أوقفوا أسلمة أميركا" و"ترحك من أجل أميركا"، وعن صلات تنظيمية تربط سياسيين أوربيين متطرفين – ينتمون لليمين الأوربي الراديكالي الجديد – كالسياسي الهولندي جريت ويلدرز - والمنظمات الأميركية سابقة الذكر

أكثر من ذلك خرج سياسيون أمريكيين كبار على غرار نوت جينجريتش – قائد ثورة الجمهوريين في عام 1994 والطامح للتنافس على مقعد الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة (2012) - وسارة بيلين – نائبة جون ماكين في انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة (2008) – لتأجيج الجدل الدائر حول مسجد نيويورك على الرغم مما ينطوي عليه من إساءة للإسلام

تطور حركة العداء للإسلام في أميركا

من يعتقدون أن التطورات الأخيرة عادية أو غير جديدة، وأن أنها مجرد ردة فعل لبناء مسجد بالقرب من موقع 11-9، أو أنها مجرد سوء فهم للإسلام والمسلمين، عليهم أن يعودوا بالذاكرة إلى الوراء بعض السنوات أو تحديدا لقبل أحداث 11-9

فمن خلال متابعتنا لظاهرة العداء للإسلام في أميركا على مدى أكثر من عقد، نعتقد أن تلك الظاهرة تنمو بمعدلات سريعة ومفاجئة – وربما صادمة

معدلات كان يصعب التنبؤ به في الماضي، مما يجعلنا نشعر بقلق جديد تجاه المستقبل

فقبل 11-9 لم تكن هناك "حركة" معادية للإسلام، ولم تكن هناك "إسلاموفوبيا"، فمستوى العداء للإسلام في تلك الفترة كان يدور حول مفاهيم وظواهر مختلفة تماما

كان الحديث في أوساط المنظمات المسلمة الأميركية المعنية والإعلام والأكاديميين عن بعض "الخبراء المتشددين" المعنيين بقضايا "الإرهاب" على غرار ستيفين إمرسون ودانيال بايبس والمرتبطين بأجندات خارجية واضحة، هذا بالإضافة إلى الحديث عن "صدام الحضارات" و"الخطر الأخضر" و"اندماج المسلمين الأميركيين" وربما "الإستشراق"

كان الأمر مختلفا تماما، ففي عقد التسعينيات كانت أميركا في زهو انتصارها في الحرب الباردة والقطبية الأحادية وثورة التكنولوجيا، كانت أميركا قوية لا تخشى أحدا

وعندما وقعت أحداث الهجوم على برج التجارة العالمي في 1993 وأوكلاهوما في 1995، توجه البعض للهجوم على الإسلام والمسلمين، وعكف البعض كإمرسون وبايبس على مهاجمة مسلمي أميركا ومنظماتهم ومحاولة ربطهم بقضايا السياسة الخارجية الأميركية كصراع الشرق الأوسط

ولكن ظل الجو العام هادئا و"تحت السيطرة"، وظل الإسلام والمسلمون في أميركا ظاهرة هادئة بعيدة عن دائرة الضوء، ظاهرة يقترب منها الخطاب السياسي الأميركي العام ببطء وتأني

فبعض المنظمات الحكومية والمدنية فتحت أبوابها أمام المسلمين وبعضها أغلقتها، لكن لم تكن قضية "وجود الإسلام والمسلمين في أميركا" قضية رأي عام أميركي، فوجودها الرئيسي كان بدوائر محدودة مهتمة ومدفوعة بأجندة خاصة سلبية أو إيجابية

قضية رأي عام

بعد 11-9 تغيرت الأمور كثيرا فقد تحولت قضية "العلاقة بين الإسلام وأميركا" إلى قضية "رأي عام أميركية" باقتدار

كما تبلور في الجدل الواسع الذي دائر بعد 11-9 تحت عنوان "لماذا يكرهوننا؟"، فهجمات 11-9 - والتي مثلت الهجوم الأكبر على الأراضي الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية - دفعت الأميركيين إلى التساؤل عن أسبابه

وبالطبع لم يكن المسلمون داخل أميركا أو خارجها مستعدين أو حتى مؤهلين بشكل كافي للارتقاء إلى مستوى الحدث أو للإجابة على هذا السؤال إجابة صحيحة وواسعة وحاسمة داخل أميركا وبلغة يفهمها الأميركيون

وحتى الآن يمكن القول أن المسلمين لم يجيبوا على السؤال السابق، فكل ما نشاهده هي محاولات محدودة – حتى لو كانت كبيرة نسبيا – لتوعية الأميركيين بموقف الإسلام والمسلمين من أحدث 11-9

بمعنى أخر فتحت أحداث 11-9 الباب على مصراعيه لكل من لديه أجندة معادية للإسلام والمسلمين لكي يروجها مستغلا جهل الأميركيين بالإسلام، وتهور قادتهم السياسيين (كما ظهر في حربي أفغانستان والعراق)، وضعف قدرة المسلمين على الرد والتعامل مع الرأي العام الأميركي

إرهاصات الإسلاموفوبيا الأميركية

في ذلك الوقت بدأت إرهاصات ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين في الظهور، وبدأت البيئة الأميركية تتشكل لاستقبال تلك الظاهرة ورعايتها

على المستوى السياسي شنت الإدارة الأميركية حربين خارجيتين على أفغانستان والعراق مما ضمن استمرار المواجهة الدامية بين أميركا ودول عربية ومسلمة لسنوات مقبلة

كما شن بوش ووزيره عدله جون أشكروفت سلسلة حملات للتضييق على منظمات إغاثة مسلمة أميركية وبعض منظمات المسلمين الأميركيين، مما أسس لظاهرة "الخوف من الإسلام الداخلي" أو "الطابور الخامس" كما يحلو للبعض تسميتها

على المستوى الأكاديمي نشر برنارد لويس مقاله "لماذا يكرهوننا" ليؤسس لموجة أبحاث أكاديمية تنشر فكرة أن الخلاف بين أميركا والعالم الإسلامي قيمي ذا جذور بعيد وراسخة

كما انتعشت صناعة "خبراء الإرهاب" وباتت كتابات إمرسون وبايبس وغيرهم تدرس وتنشر على أوسع نطاق، وبالطبع تم ذلك برعاية المحافظين الجدد وبعض قيادات المسيحيين الصهاينة المقربين لبوش

مرحلة الإسلام الفاشي

في مرحلة تالية بدأت تحالف نخبوي يتشكل في واشنطن ويساهم في نشر ثقافة الخوف من الإسلام على أوسع نطاق دون أن يروج لها علانية ودون أن يتحول إلى حركة سياسية واضحة المعالم في الشارع الأميركي

هذا التحالف تكون من بعض كتاب المحافظين الجدد المشغولين بتبرير الحروب القائمة والمزيد منها، والمسيحيين الصهاينة المنتقدين للإسلام والداعين لسياسة أكثر تشددا في الشرق الأوسط، وخبراء الإرهاب الذي توغلوا وتوغلت كتاباتهم في المؤسسات الأمنية والسياسية الأميركية، وبعض قادة الحزب الجمهوري المنتمين للجناح الأكثر يمينية من الحزب

لذا طلت بعض التصريحات المسيئة للإسلام في خطابات الإدارة الأميركية مثل مصطلح "الإسلام الفاشي" و"الإسلام الراديكالي"

وكان ذلك إذانا بتوغل أفكار قطاع متشدد من "خبراء الإرهاب" و"المحافظين الجدد" والباحثين اليمنيين في الخطاب الرسمي للدولة

الجدل حول إسلام أوباما

يمكن القول أن أخطاء الإدارة الأميركية في العراق وداخل أميركا والتي صعدت على السطح بقوة - خلال الفترة من 2005 وحتى 2007 - غطت على خطاب الفريق السابق خلال الفترة ذاتها، حيث تراجعت الإدارة الأميركية للدفاع عن نفسها وتراجع معها أصوات اليمين الأميركي الأكثر راديكالية

ولكن خلال حملة انتخابات 2008 صعدت ظاهرة العداء للإسلام بقوة وتحولت لأول مرة لقضية رأي عام أميركي، وذلك من خلال الهجوم على جذور أوباما الإسلامية بسبب أبوه المسلم ونشأته في بلد مسلم (إندونيسيا)

حيث جعل تحالف الإسلاموفوبيا من خلفية أوباما الإسلامية هدفا لحملاته، والتي تعرضت للإسلام وجعلت منه "تهمة" تتطلب التنصل منها، كما تمكنت ظاهرة الإسلاموفوبيا ومفاهيمها من الدخول في الخطاب السياسي الأميركي على أعلى مستوى دون اعتذار أو تخفي

وبهذا أصبحنا أمام أزمة حقيقية جديدة تتمثل في تراجع ما يسميه الأميركيون بظاهرة "المقبول سياسيا"، وهي ظاهرة تحدد ما هو مقبول أو غير مقبول على مستوى الخطاب السياسي الأميركي

فنقد الإسلام بعد 11-9 كان يمثل ظاهرة "غير مقبولة" سياسيا لأنها تعرض صاحبها لنقد شديد من قبل السياسيين والإعلام ومنظمات المجتمع المدني في أميركا

لذا عندما اعترض أحد القساوسة المقربين لبوش على وصفه الإسلام بأنه "دين سلام" بعد 11-9، كان من السهل انتقاد القس وتصريحاته لأنه الخطاب السياسي الأميركي في تلك الفترة كان يرى أن وصف الإسلام وهو دين بهذه الطريقة هو "أمر غير مقبول سياسيا"

ويجب هنا الإشارة إلى أن تشكيل ما هو "مقبول" أو "غير مقبول" في الخطاب السياسي في دولة كبيرة كأميركا هو أمر في غاية الصعوبة يتطلب سنوات وربما عقود من العمل السياسي والإعلامي المنظم وعلى كافة المستويات

فالتغير في الخطاب السياسي الأميركي تجاه الأفارقة الأميركيين – على سبيل المثال – احتاج لقرون لكي تحسن

اليمين الراديكالي الجديد

كان من المفترض أن يساهم فوز أوباما بالرئاسة الأميركية في تراجع ظاهرة الإسلاموفوبيا داخل أميركا بسبب تصريحات أوباما الإيجابية في حق الإسلام كدين وفي حق الشعوب الإسلامية

ولكن يبدو أن خطاب الإسلاموفوبيا ونخبه والقوى السياسية الداعمة له وجدت حليفا جديدا دفع بالإسلاموفوبيا إلى أفاق بعيدة أو هوة ساحقة كان يصعب تخليها من قبل

فقد حظرت منظمات حقوقية مختلفة من صعود جماعات "كراهية تعد أكثر تطرفا من يمين الحزب الجمهوري

الجماعات السابقة تضاعفت خلال العقد الأخير وانتشرت بقوة في العامين الأخيرين بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة بأميركا ومعدلات البطالة المرتفعة (حوالي 10%)، وهزائم أميركا في حروبها الخارجية، وتصاعد المنافسة الدولية لأميركا من الصين، وتراجع المكانة الأميركية في العام بشكل عام، وهي عوامل انعكست على ثقة الأميركيين في أنفسهم

ويبدو أن الأزمات السابقة أخلت بتوازن أميركا والمواطن الأميركي، لذا وقع بعضهم فريسة "لجماعات الكراهية" والتي تتشابه كثيرا مع ما "جماعات اليمين الراديكالي الأوربية"

الجماعات الأوربية انتشرت بوضوح في أوربا في أوائل العقد الحالي، وهي أحزاب تمثل امتداد للأحزاب العنصرية والفاشية والنازية الأوربية التي انتشرت في فترة ما بين الحربين العالميتين

الجماعات الأوربية الجديدة تبنت شعارات يمينية وطنية متطرفة معادية للأجانب، ولكنها رفعت في نفس الوقت شعارات الديمقراطية وحرية الرأي وحقها في تمثيل نفسها

بمعني أخر طالبت أحزاب اليمين الراديكالي الأوربي الجديد بحقها في النزول إلى الشارع وتمثيل أنفسها والعمل على السطح وخوض الانتخابات وفقا لمبادئ الديمقراطية

فلم ترفض الأحزاب الجديدة الديمقراطية أو تحاول الانقلاب عليها بل طالبت الديمقراطية الأوربية بأن تضمن لها حقها في العمل على السطح وتنظيم المظاهرات وتعبئة الناخبين لأجنداتها المتطرفة

أميركا ليست كفرنسا

الأميركيون كانوا ينظرون إلى تلك الجماعات على أنها بعيدة عن شواطئ أميركا، لذا عندما فرضت فرنسا قوانين تحد من حق مسلمات فرنسا في ارتداء الحجاب في المدارس العامة في عام 2004 كان رد الفعل الأميركي الرسمي والعام بالتندر والسخرية

بل عقد الأميركيون مئات المقارنات في وسائل الإعلام، وأرسلوا مسلمون أميركيون إلى أوربا ليشرحوا لمسلمي أوربا والعالم كيف أن أميركا لا تقبل بهذا التمييز ولا تعرف علمانية كعلمانية فرنسا ولا جماعات معادية للأجانب والمسلمين مثل فرنسا وبعض دول أوربا

الأميركيون كانوا يرون أن علمانيتهم ليست معادية للدين، وأن الحقوق والحريات المدنية والدينية مكفولة بالدستور، وأن البيئة الأميركية لا ترحب بالأحزاب اليمينية الراديكالية، وأن النظام الحزبي الأميركي لا يعرف سوى حزبين رئيسيين هما الحزب الجمهوري والديمقراطي، وأن إمكانية ظهور أحزاب يمينية راديكالية صغيرة على غرار ما يحدث في أوربا هو أمر مستبعد إن لم يكن من رابع المستحيلات

في المقابل رأي البعض أن ظروف الحزب الجمهوري الأميركي باتت متشددة بشكل يثير للقلق، وأن صعود الحزب الجمهوري خلال العقود الثلاثة الأخيرة جاء على حساب تنازله عن الوسطية والتحرك نحو مزيد من اليمينية والشعوبية والعداء للدولة

حفلات الشاي الأميركية

خلال عام 2009 عرفت أميركا ظاهرة ما عرف بحركة "حفلة الشاي" الأميركية، وهي حركة يمينية تقع سياسيا على يمين الحزب الجمهوري بسبب أفكارها الراديكالية والتي تكاد ترفض الحكومة وسياسياتها بشكل كامل

وهي حركة جماهيرية عرفت من خلال مظاهراتها وخلال قربها من سياسيين يمينيين - مثل سارة بالين - ومن خلال رفضها لمختلف سياسات الرئيس أوباما، وقد رأى البعض أن الحركة باتت تثمل الامتداد الراديكالي الأكثر شهرة لليمين الأميركي

ما نراه حاليا، هو أن جماعات "كحفلات الشاي" الأميركي والتي تلعب دوارا متزايدا في أوساط اليمين الأميركي وفي أزمة مسجد نيويورك، وأن بعض الجماعات المعادية للإسلام مثل "أوقفوا أسلمة أميركا" و"الحملات الإعلانية المسيئة للإسلام، هي جميعها مظاهر لدور اليمين الأميركي الراديكالي الجديد والذي كان يخشى من ظهوره في أميركا

ظهور تلك الحركات يعني أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تحولت إلى "حركة جماهيرية" لها وجود على الساحة السياسة الأميركية، وتخطت حواجز ظاهرة "المقبول سياسيا" والتي تحطمت خلال حملة انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة

هذا يعني أن ظاهرة الإسلاموفوبيا أو "العداء للإسلام" تطورت خلال السنوات التسعة الأخيرة بسرعة كبيرة، حيث تحولت من كتابات وتصريحات إعلامية يطلقها بعض "خبراء الإرهاب المتشددين" قبل 11-9، إلى بعض المصطلحات في خطاب الإدارة الأميركية وكتابات الأكاديميين بعد 11-9، ثم إلى قضية سياسية في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، ثم إلى حركة سياسة جماهيرية في الوقت الراهن

نظرة قلقة نحو المستقبل

تبلور الإسلاموفوبيا بهذا الشكل وفي فترة وجيزة نسبيا – لا تتعدى 9 سنوات - يعني أننا أمام "حيوان سياسي" ينمو بسرعة مقلقة، وإننا قد نشاهد قريبا تطورات أخرى أكثر خطورة لظاهرة الإسلاموفوبيا في أميركا

فدخول مرشحي اليمين الراديكالي للمؤسسات السياسية الأميركية الكبرى مثل الكونجرس وربما البيت الأبيض قد يساعد على تحول أفكارهم إلى سياسات معادية للإسلام والمسلمين في أميركا وخارجها عن طريق سن قوانين وتشريعات معادية للأقلية المسلمة الأميركية أو للمهاجرين المسلمين إلى الولايات المتحدة، ناهيك عن تبعاتها على السياسة الخارجية الأميركية

وهنا يشير البعض أن موجة التشريعات السلبية الخاصة بالمهاجرين غير الشرعيين في ولايات مثل أريزونا قد لا تكون سوى مقدمة لحركات جديدة تستهدف الأجانب والمهاجرين، حملات بدأت بالأميركيين من أصل لاتيني وقد تضم المسلمين والمهاجرين من بلدان مسلمة في وقت قريب

كما نخشى أن تستفحل الظاهرة خلال حملة الانتخابات الأميركية المقبلة في نهاية العام الحالي، بأن تتحول ظاهرة بناء المساجد – على سبيل المثال – أو أي مظهر إسلامي أخر – إلى قضية سياسية يتنافس عليها المرشحون

وبهذا قد نسمع قريبا عن مرشح مع بناء مسجد وأخر ضده، أو عن مرشح مع بناء مدرسة إسلامية وأخر ضده، أو مرشح يسئ للإسلام وأخر ضده

نمو الإسلاموفوبيا بهذه السرعة يستدعي التدخل بكافة الوسائل لمواجهتها، وربما يكون أضعف الإيمان حاليا هو دراسة تلك الظاهرة وجذورها وعلاقاتها البينية

فنحن نعتقد أن دراسة العلاقات التي تربط بين الفاعلين الرئيسين في ظاهرة العداء للإسلام سوف يساعدنا على الأقل في فهم كيفية نمو هذه الجماعات بسرعة، وكيف تدعم بعضها بعضا، وكيف تتعاون مع نظيرتها الأوربية

أما العمل على الأرض الأميركية لمواجهة تلك الظاهرة فسوف يحتاج لمؤسسات وجهد منظم وأموال طائلة نخشى من عدم توافرها بسهولة مما قد ينذر بمستقبل أكثر تشاؤما

Tuesday, August 03, 2010


مأزق الحركة الشيوعية المصرية: الجذور التاريخية .. والخيارات المستقبلية
عرض بقلم: علاء بيومي

يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره

http://www.alaabayoumi.com/

نص العرض

كتاب يستحق القراءة والإشادة والتقييم، وأبرز ما فيه أسلوب مؤلفه، فهو أشبه بمرافعة فكرية مفيدة ومسلية في آن واحد، كتبت على مهل لتثبت وجهة نظر مؤلفها والذي يحتفظ بخلاصة أفكاره حتى نهاية الكتاب في أسلوب لا يخلو من تشويق ورشاقة يحسد عليه المؤلف

طلعت رميح – مؤلف الكتاب – يحاول أن يجيب على سؤال أساسي يتعلق بالأسباب الحقيقية لمأزق الحركة الشيوعية المصرية، ويتبع في ذلك أسلوب مميز يعتمد على قدرة واضحة على كتابة الأفكار البحثية بلغة صحفية سلسلة وواضحة

بين العرض والمرض

فعلى مدار صفحات الكتاب يطرح رميح سببا تلو الأخر من أسباب أزمة الشيوعية المصرية، ثم يثبت للقارئ أن السبب الهام ليس إلا عرضا من أعراض المرض، وأن المرض أعمق كثيرا من السبب الشائع والهام في حد ذاته

وهو يرصد على مدار كتابه عددا لا يستهان به من أسباب تأزم الحركة الشيوعية المصرية، فيقول للقارئ أن الحركة الشيوعية المصرية فشلت في تطوير نظرية شيوعية تتعلق بالواقع المصري، فهي في حقيقة الأمر مجرد ترجمات لأفكار ولدت – ومات بعضها بمرور الزمن - في الخارج، أفكار مكتوبة بلغات أجنبية عن واقع أجنبي روسي أو أوربي أو صيني، أو غير ذلك

ولكنها في النهاية لم تدرس المصريين، ولا حياتهم، ولا احتياجاتهم، فماركس كتب عن الواقع الأوربي، ومؤلفو الروس كتبوا عن واقعهم من منطلق مصالحهم الوطنية الضيقة، والصينيون رفضوا الروس وماركس معا وطوروا نظرية خاصة بهم

أما الشيوعيون المصريون فظلوا يبحثون عن تطبيق حرفي للنظريات الشيوعية القديمة، والتي تتحدث عن ثورة العمال، مع أن العمال في مصر ليسوا أكثر الطبقات فقرا ولا ثورية، فالفلاحون في مصر كان يمكن أن يلعبوا دورا بديلا للعمال في نظريات ماركس عند تطبيقها في مصر، ومع ذلك لم يهتم قيادات الماركسية المصرية ومنظروها بالفلاح المصري ودوره

عرض رميح لمأزق الشيوعية المصرية شيق ولكنه يشعرك بالشفقة - وربما السخرية أحيانا - من ضياع الحركة الشيوعية المصرية بالشكل الذي تظهر عليه في الكتاب

فالحركة بدأت مبكرا في مصر وكونت حزبا في العشرينيات وكان لها وجود قوي في الأربعينيات، ولكنها حلت نفسها وانضمت لحزب ناصر الاشتراكي في الستينيات، ولم يعد لها تأثير يذكر في الشارع المصري منذ أعادها السادات وأعاد التعددية المصرية - الشكلية - في السبعينيات، ويكاد يقتصر نشاطهم حاليا على انتقاد الإسلاميين

مقارنة مع الإخوان

وهنا يعقد رميح عدد من المقارنات المثيرة بين الشيوعيين والإخوان في مصر، والتي تصب في صالح الإخوان، فهو يقول أن الإخوان تعرضوا للقمع الأمني أكثر مما تعرض له الشيوعيون، ولكن الإخوان كانوا دائما أقرب للمصريين وأكثر نضالا، فقد حاربوا مع المصريين ضد الاستعمار وهو شيء لم يفعله الشيوعيون، كما أن الإخوان لم يعلنوا أبدا حل أنفسهم أو الانضمام إلى السلطة

ولما أعاد السادات الإخوان في السبعينيات إلى الساحة السياسية المصرية العلنية كما أعاد اليسار وسمح لهم بالعمل السياسي، تمكن الإخوان في البقاء سياسيا وفي الشارع وعلى المستوى الجماهيري وعجز عن ذلك الشيوعيون

وهنا يتناول طلعت رميح قضية تاريخية ويحسمها لصالح الإخوان، فهو يقول أن السادات أعاد الإخوان إلى الحياة السياسية وسمح لهم بالعمل لمواجهة نفوذ الشيوعيين مما أثار حفيظة الشيوعيين ضد الإخوان وجعل منهم مناهضا واضحا للإخوان باستمرار، ولكن الإخوان انتصروا في معركة أهم وهي معركة الجماهير والتي فشل فيها الشيوعيون

فالإخوان كما يرى رميح تحالفوا مع السادات تحالف "مصالح" أو "التقاء مصالح" في السبعينيات، ولكنهم لم يذوبوا في حزبه ولم يذوبوا في سلطته ولم ينسلخوا عن الجماهير، لذا بقى الإخوان بعد السادات بينما عجز الشيوعيين عن البقاء

انقطاع بلا استمرارية

ويبدو من الكتاب أن مشكلة استمرارية الشيوعيين وبقائهم هي مشكلة تاريخية، فتاريخهم في مصر هو تاريخ انقطاع وتفرق لا استمرارية وتواصل

فحركة الشيوعيين في مصر – كما يصورها المؤلف – هي حركة غريبة من الصعود ثم الظهور على الساحة السياسية ثم التشرذم والخلاف والصراع، ثم التراجع والانقطاع، فحتى أجيال الشيوعيين لا تتعلم من بعضها ولا تتواصل – كما يصورها الكتاب

وهنا يقول المؤلف أن ظهور الشيوعيين وصعودهم في مصر في العشرينيات – لأول مرة – ثم في الأربعينيات – خلال فترة صعودهم الثانية – ارتبط بظروف الحرب بالأساس، فخلال الحربين العالميتين الأولى والثانية أضطر الاستعمار إلى الاعتماد على المصانع المصرية التي كانت بعيدة عن الحرب، مما ساعد على نموها ونمو فئات واسعة من العمال

ومع انتهاء الحروب يعود الاستعمار إلى مصانعه الوطنية ويضغط على الصناعة المصرية الوليدة فتنهار، ويتم تسريح آلاف العمال فيثورا وتلتقي مصالحهم مع مصالح النخب السياسية الشيوعية في مصر والتي تصعد سياسيا لفترة مؤقتة ثم تعود للانشقاق والخلاف والانقسام والتراجع السياسي خلال فترة وجيزة

وهنا يتعجب المؤلف من طبيعة الحركة الشيوعية المصرية والتي تعجز عن الاستمرارية رغم قدم جذورها السياسية في مصر (بنت أول أحزابها في العشرينيات)، كما يتعجب أيضا من فترات الانقطاع شبه الكاملة التي تمر بها ومن عدم تواصلها تاريخيا

نخب أجنبية

ويقول أيضا أن الحركة ظلت دوما مقصورة على نخب من المثقفين القادرين على فهم أدبيات الحركة الأجنبية وأفكارها الغريبة عن الواقع المصري

أكثر من ذلك سيطر على الحركة في موجتي صعودها الأولى والثانية - في العشرينيات والأربعينيات من القرن العشرين - نخب أجنبية وبعضها يهودي وصهيوني، ويقول أن ذلك رجع إلى بعض النخب اليهودية في مصر والتي عجزت عن الذوبان في الحركة الوطنية المصرية - والتي ذاب فيها مسلمو ومسيحيو مصر ضمن أحزاب مصرية مختلفة

أما اليهود فقد عجزوا عن ذلك وفضلوا فكرة وحركة سياسية علمانية بعيدة عن الدين، ووجدوا ضالتهم في الشيوعية

لذا ربط شيوعيو مصر أنفسهم – تحت قياداتهم الأجنبية واليهودية الصهيونية أحيانا – بالإتحاد السوفيتي خلال العشرينيات وربطوا أنفسهم بأفكاره وبحزبه الشيوعي واعتبروا أنفسهم جزءا من الأمة الشيوعية ينتمون إليها ويدينون بالولاء لإخوانهم الشيوعيين وأحزابهم وأفكارهم في الإتحاد السوفيتي وحول العالم

وخلال الحرب العالمية الثانية التقت مصالح قيادات الحركة الشيوعية المصرية - وهم يهود وبعضهم صهيوني - مع مصالح الاستعمار البريطاني لدرجة ما

وهنا يؤكد المؤلف على أنه لا يتهم جميع أبناء الحركة الشيوعية المصرية بالخيانة أو بالولاء للخارج أو بالعمالة للصهيونية، ولكنه يؤكد على التوجهات الأجنبية لقيادات الحركة خلال النصف الأول من القرن العشرين

لذا يقول أن الشيوعيين لم يحاربوا الاستعمار البريطاني كباقي المصريين، وأنهم هادنوه نسبيا وفقا لمواقفه تجاه إسرائيل، وعلاقة مع الإتحاد السوفيتي

وهنا يظهر مأزق الشيوعيين المصريين المرتبطين بالخارج بالأساس كمصدر للفكر والدعم والتوجهات والهوية كذلك، وربما يفسر هذا عجزهم عن تطوير أفكار خاصة بالواقع المصري

ويقول طلعت رميح أن الثورة نقت الحركة الشيوعية المصرية من الوجود الصهيوني واليهودي، وأن الحركة حلت نفسها وانضمت للحزب الاشتراكي في واقعة تثير التعجب – وربما السخرية – من حزب ثوري يدعم الجماهير ضد السلطة

وهنا يشير رميح إلى مفارقة أخرى من مفارقات الشيوعيين في مصر، فيقول أن حركتهم السياسية ظلت دوما "إصلاحية" غير ثورية، فهدفهم ظل دائما نظريا أكاديميا نخبويا ثقافيا بعيدا كل البعد عن الحركة الشيوعية الثورية التي تتحدث عنها مؤلفاتهم، وهذا لا يعني أن المؤلف ينظر إلى الثورة السياسية كأداة وحيدة للإصلاح، ولكنه يسعى إلى إبراز تناقض واضح من تناقضات الحركة الشيوعية المصرية

التناقضات السابقة يرصدها المؤلف بالتفصيل على مدى صفحات الكتاب (208 صفحة) بلا تكرار أو تسرع، فأسلوبه الرشيق لا يسمح للممل بالتسرب إلى عقل القارئ

ففي كل فصل يرصد رميح عرضا من أعراض مرض الشيوعية المصرية، ثم يرصد أبعاده التاريخية، ويتبع ذلك بعدد من الأسئلة والتي تشعرك بأن المشكلة أعمق بكثير ويستمر الحال على نفس المنوال حتى الربع الأخير من الكتاب تقريبا

المأزق التاريخي للحركة الشيوعية المصرية

وفي النهاية يبلغك المؤلف بأن مأزق الحركة الشيوعية المصرية هو مأزق تاريخي يرتبط بأسباب وظروف وطبيعة نشأتها وفشلها في تخطي تلك الظروف، فالحركة نشأت في فترة هزيمة مصر والأمة الإسلامية، فترة تراجعت فيها مصر سياسيا وثقافيا وحضاريا، ففي البداية هاجم الاستعمار مؤسسة الخلافة، ثم هاجموا الدين، وسعوا إلى فصله عن العلوم الطبيعية وعن السياسية، ثم سعوا إلى فصله عن الثقافة وحياة المصريين

لذا ظهر الإخوان كرد فعل لفترة الهجوم على الدين ذاته وليس الخلافة العثمانية وحدها، فقد بات الإسلام والمجتمع الإسلامي والتدين هدفا للاستعمار في العشرينيات بعدما نجح في فك الارتباط بين الدول الإسلامية وبعضها بعضا

ولهذا ظهرت حركات تدافع عن الدين والتدين والمتدينين ودورهم في مجتمع إسلامي كان من المفترض آلا يشهد تناقضا بين الدين والمجتمع خاصة وأن الدين الإسلامي لم يكن جزءا من مشكلة المجتمعات الإسلامية كما كانت الحال بالنسبة للمسيحية في أوربا

في تلك الفترة نشأت الشيوعية المصرية على أيدي أجانب ويهود وصهاينة رفضوا الانخراط في الحركة الوطنية المصرية، وفضلوا حركة علمانية لا دينية ترتبط بالخارج لا بالداخل

وهكذا ظلت الشيوعية المصرية في صدام مع الداخل وفي تبعية للخارج، تحاول أن تربط نفسها بالسوفيت مرة، ثم تهادن الاستعمار مرة أخرى، وأحيانا تتفق مصالحها مع الحضارة الغربية – الموطن الأصلي لأفكارها النظرية، وأحيانا أخرى تهاجم التدين والدين والحركات الإسلامية، وهي في كل ذلك عاجزة عن الارتباط بمصر والمصريين كحركة سياسية قادرة على النمو والبقاء

ويقول رميح أن أزمة الشيوعية المصرية تأزمت في التسعينيات مع انهيار الاتحاد السوفيتي ذاته، وتحول الدول الاشتراكية نحو الرأسمالية، وتبني الغرب لنظرية صراع الحضارات في إدارة علاقاته الدولية مع العالم الإسلامي، مما حتم على الشيوعية المصرية إعادة البحث في توجهها الحضاري وهويتها

تقدير لإنجازات الشيوعية واليسار

خلال ذلك يكن رميح قدرا من التقدير للشيوعية المصرية وبعض رموزها الوطنية ودورها في نقد الرأسمالية الغربية وتبعاتها في الداخل، كما يقدر دورها في "بلورة ملامح البرنامج السياسي للحركة الوطنية المصرية عبر تاريخها على نحو أو آخر"

وهنا يبدو أن هدف رميح الأساسي هو بيان المأزق الحضاري الذي وقعت فيه الحركة الشيوعية المصرية على مدى تاريخها، والذي منعها من الارتباط بمصر والمصريين

فرميح – فيما يبدو – يكن قدرا كبيرا من الاحترام لليسار المصري ولكنه يشعر أن "الحركة الشيوعية" فشلت كحركة سياسية مصرية لأنه وضعت نفسها منذ البداية في صدام مع قيم وهوية وثقافة وواقع المجتمع المصري وربطت نفسه بحركة وأفكار وتوجهات جهات أجنبية لها مصالحها الخاصة، فالسوفيت استغلوا الشيوعية المصرية في مهادنة الغرب والاستعمار عندما اقتدت مصالحهم ذلك

وكان حري بالشيوعيين المصريين ربط أنفسهم بمصر والمصريين منذ البداية، وإدارة ظهورهم نحو الخارج، والتوجه نحو الداخل بالدراسة والفهم والاحترام الضروريين لبناء حركة شيوعية مصرية قدرة على الاستمرارية والمنافسة

نقد وخاتمة

وفي النهاية بقى لنا أن نشير إلى بعض عيوب الكتاب – من وجهة نظرنا والتي لا تقلل من قيمته

ومنها أن الكتاب يشير على فترات متقطعة لمنجزات الشيوعية المصرية دون أن يفصل في أهمية هذه المنجزات وتأثيرها المحدد على اليسار المصري بشكل خاص وعلى بقية الحركات المصرية بشكل عام

ثانيا: ينتهي الكتاب بعدد من الأسئلة المتعلقة بمستقبل الحركة الشيوعية المصرية دون الإجابة عليها مما يشعرك بأن المؤلف تجنب تقديم إجابة واضحة فيما يتعلق برؤيته لمستقبل الحركة بناء على فهمه لتاريخها وطبيعة قيادتها الحالية

أخيرا، تمنينا عبر الكتاب أن يتناول المؤلف بقدر من التفصيل العلاقة بين الحركة الشيوعية المصرية واليسار المصري – وهو الرحاب الأوسع للحركة الشيوعية وغيرها من الحركات اليسارية في أي بلد

فهل تنسحب أزمة الشيوعية المصرية على أزمة اليسار المصري بشكل عام؟ وهل تتطابق معها؟ وما هو الفارق بينهما؟ وهل تختلف إنجازات اليسار المصري عن إنجازات الشيوعية المصرية والتي يتركك الكتاب بانطباع أنها فشلت في تحقيق أهدافها بشكل كبير في الماضي وربما في المستقبل أيضا؟

وفي الختامة لا ننسى الإشادة مرة أخرى بما يقدمه الكتاب من قراءة مفيدة في تاريخ وواقع الحركات السياسية المصرية من خلال تناول مأزق الحركة الشيوعية المصرية التاريخي بأسلوب رشيق يحسد عليه

----

معلومات الكتاب

مأزق الحركة الشيوعية المصرية: الجذور التاريخية .. والخيارات المستقبلية

المؤلف: طلعت رميح

الناشر: مركز الأهرام للنشر والترجمة والتوزيع

الطبعة الأولى: 2010