Sunday, August 17, 2014

قراءة في تقرير هيومان رايتس واتش عن فض رابعة ... 10 خلاصات أساسية بشكل مبسط


انتهيت من قراءة تقرير هيومان رايتس واتش عما حدث في رابعة والصادر في 12 أغسطس الحالي بعد عام من التحقيقات أجرتها المنظمة الحقوقية الدولية المرموقة للوقوف قدر الإمكان على حقيقة ما يحدث.

وفيما يلي بعض أهم خلاصات بشكل مبسط.

أولا: نحن نتحدث عن تقرير علمي صادر عن أحد أشهر منظمات حقوق الإنسان في العالم، تقرير هو الأهم والأشمل والأكثر جدية حتى الآن، تقرير يحترمه كل عاقل في العالم، وينكره كل عبد العاطي في مصر.

المنظمة خاطبت سلطات الانقلابات للمشاركة بشهادتها في التقرير وتحديث مع مجلس حقوق الإنسان الانقلابي وقرأت تقريره عن رابعة وتابعة ما ذكره قادة الانقلاب وإعلامهم وسفرائهم ... ألخ. 

من يقول أن التقرير لم يأخذ وجهة النظر الفلانية، جاهل أو انقلابي، التقرير هو احترافي للغاية يتحدث حتى عن الانتهاكات التي ارتكبها المعتصمون.

ثانيا: ما تم كان مذبحة، جريمة ضد الإنسانية، قتل للمعارضين السياسيين بلا سبب أمني حقيقي في وضح النهار بقلب القاهرة بالمئات، ناس قتلت بدون سبب، جرحى تم الاجهاز عليهم، قوات الأمن كانت تفتش أحيانا عن الأحياء وسط الجرحى لتقتلهم، وربما حرقت بعضهم أحياء، وتم إعدام الأخرين ميدانيا وبعد استسلامهم للسلطات.

ثالثا: الجريمة كانت منظمة، لم تكن مجرد خطأ من قوات الفض، وهذا بشهادة الببلاوي والسيسي ومحمد إبراهيم ومساعديهم، والذي قالوا أن كان هناك خطة للفض، وكل شيء تمام، وأن القتلى كان أقل مما تصورا أو استعدوا له.

يعني كانوا مستعدين لقتل أعداد أكبر، ونظرا لكفاءة القوات تم قتل المئات فقط. 


رابعا: السلطات لم تحقق ولا يعنيها التحقيق ولا يعنيها المشاركة في أي تحقيقات، من قتل قد قتل، والسلطات الراهنة ليست معنية بالعدالة، أو بحقوق الانسان، حتى مجلس حقوق الانسان الانقلابي الذي عينوه لم يردوا على استفساراته. 

قوات الأمن التي فضت الاعتصام صورت الفض بالفيديو من مختلف الزوايا، حتى من الطائرات التي كانت تحوم فوق الميدان، لديهم الصور والتوثيق، ولن يقدموا الأدلة لأحد.


خامسا: الجيش والشرطة شاركوا في الفض، قناصة كانوا على أسطح المؤسسات الحكومية وبعضها كان تابع للجيش، طائرات تابعة للجيش كانت تحوم فوق رابعة، وبعضها أطلق النار على المتظاهرين وفقا لبعض الشهادات.


سادسا: من يريد التحقيق في الأمر، من كان جادا عليه أن يواجه المسئولين عن المجزرة ويوقفهم عن العمل فورا، وعلى رأسهم السيسي ومحمد إبراهيم وربما صدقي صبحي، هناك حاجة لإصلاح كامل لأجهزة الأمن المصرية.


سابعا: ما حدث في المقابل، هو أن من شاركوا في المذبحة تم مكافئتهم وتكريمهم وترقيتهم، حتى أنهم بنوا لهم نصب تذكاري في ميدان رابعة الذي حرقوه وأعادوا بنائه فورا ليخفوا أي أدلة. 


ثامنا: القانون غائب في مصر إلى حين، لا السلطات القائمة تطبقه، ولا هي تريد تحقيق العدالة، والمحاكمات التي تقيمها هزلية، والاستهداف للمعارضين السياسيين بالقتل والسجن، وحتى للإعلام الموضوعي لو أراد نقل الحقيقة.


تاسعا: التقرير حجة دولية قوية، ولكن الخارج لم يفعل الكثير، الخارج ليس مشغولا بالاعتبارات الاخلاقية أكثر من انشغاله بالمصالح السياسية.


عاشرا: مصر دخلت عصر الجرائم ضد الانسانية لأسباب سياسية، جريمة ضد الانسانية ارتكبت على أرض مصر، والعدالة غائبة، ولا يوجد حل عادل قريب، وهناك المئات ممن شاركوا في تلك الجريمة طلقاء وبعضهم في أرفع المناصب الأمنية والسياسية، الوضع مقلوب، والقانون منتهك، وكان الله في عون مصر والمصريين.


والله أعلم. 

Tuesday, May 13, 2014

من هو حمدين صباحي؟ قراءة في أهم مواقفه السياسية

مقال بقلم: علاء بيومي 13 مايو 2014 

سياسي مصري ناصري يرفع شعارات العدالة الاقتصادية والحياة الكريمة والديمقراطية والوحدة العربية واستقلال القرار الوطني.

يخوض صباحي الانتخابات الرئاسية المقبلة في مواجهة وزير الدفاع المصري السابق عبد الفتاح السيسي والذي يعتبره صباحي "شريكا" في "ثورة 30 يونيو" و"أحد أبطالها".[i]

يؤمن صباحي بأن أحداث 30 يونيو 2013 بمصر هي ثورة شعبية كثورة يناير انحاز فيها الجيش المصري للشعب كما انحاز للشعب في ثورة يناير 2011.

ويقدم صباحي نفسه على أنه الرجل الأقدر – مقارنة بالسيسي منافسه الوحيد في الانتخابات الرئاسية –  للحفاظ على النظام الجديد في مصر والذي تشكل في أعقاب الإطاحة بالنظام الديمقراطي و محمد مرسي - أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا - في 3 يوليو.

ويرى صباحي أنه الأقدر على حماية نظام 3 يوليو 2013 لأكثر من سبب، أولها خوفه – كما عبر أكثر من مرة – من أن فوز السيسي بالرئاسة سوف يدعم مقولة أن ما حدث في 3 يوليو هو انقلاب عسكري، وهي مقولة يروجها الاخوان وأنصارهم كما يردد صباحي.

وهنا يظهر أن صباحي وأنصاره المتجمعين فيما يعرف بالتيار الشعبي قد عارضوا ترشح السيسي للرئاسة، ورأوا أن ما حدث في 30 يونيو ثورة شعبية كان يجب بعدها منح السلطة للمدنيين الذين قاموا "بثورة 30 يونيو".

أما السبب الثاني لاعتقاد صباحي بأنه الأقدر على الحفاظ على نظام 3 يوليو فهو اعتقاده بأنه صاحب مشروع ثوري وداعم للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهنا يؤكد صباحي أن مشروعه السياسي هو امتداد لثورة يناير وهو القادر على إقصاء الإخوان على المدى الطويل ومنع عودتهم للسلطة، في اتهام مبطن للسيسي بأنه لا يمتلك مشروعا منحازا لمبادئ الثورة المصرية.

وفي هذا السياق يقدم صباحي نفسه كمرشح قادم من الثورة، مرشح شارك في ثورة يناير ومعروف بمعارضته لنظام مبارك، مرشح شارك فيما يسميه بثورة 30 يونيو، ومرشح مدعوم من بعض شباب الثورة.

إقصاء الاخوان المسلمين

وللحفاظ على نظام 3 يوليو يزايد صباحي على السيسي والنظام الانتقالي في الموقف من الاخوان المسلمين حيث يعلن دعمه لحل حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي للإخوان المسلمين والذي لم يتم حله من قبل النظام الانتقالي القائم في مصر، ويقول صباحي أنه لم يعد لجماعة الاخوان مكانا في مصر ولا لحزبها والذي يصفه بحزب ديني يجب حله.[ii]

كما يلصق صباحي بالإخوان تهمة "الإرهاب" حيث ذكر في مقابلة تلفزيونية أن "الاخوان مسئولة مسئولية سياسية كاملة عن الارهاب ... مسئوليتهم الجنائية يحددها القضاء" وكأن صباحي يقول أنه يحمل الاخوان المسئولية عن "الإرهاب" بشكل منفصل عن التوصيف القانوني لما يحدث.[iii]

وعلى المنوال نفسه يعبر صباحي عن رغبته في منع التمييز ضد الاخوان كأفراد ووقف التشويه الإعلام ضدهم وضد أنصار التيارات السياسية المتدينة الداعمة لهم، ولكنه في نفس الوقت يصف مظاهراتهم بالعنف بناء على روايات الإعلام، حيث ذكر في مقابلة تلفزيونية: "كل مظاهرات الاخوان منذ 30 يونيو مليئة بالتحرش والعنف فيما تنقله كل وسائل الإعلام ... أنا طبعا ما بشوفش مظاهراتهم على الأرض". [iv]

كما يعطي صباحي دعما ضمنيا لتطبيق إجراءات سياسية قمعية يرفضها بشكل عام، ولكنها يدعمها ضمنيا لو طبقت بشكل يستهدف الاخوان المسلمين ومظاهراتهم، فصباحي يرفض قانون التظاهر ومع ذلك ذكر في مقابلة إعلامية بخصوص قانون التظاهر المثير للجدل والذي يعارضه صباحي ويطالب بإبطاله، أن القانون طبقا خطئا لأنه تطبيقه لم ينحصر على المشاركين في مظاهرات الإخوان فقط، وهي مقولات تمييزية بوضوح تفتح الباب للتطبيق الانتقائي للقوانين ولسن قوانين قمعية تعيد الديكتاتورية تحت شعارات الصراع السياسي مع الاخوان، حيث ذكر صباحي:

"الخطأ الثاني طريقة استخدام القانون. أنت عملت قانون للتظاهر، جزء من حلف 30 يونيو ضده، لم تسمعه أو تستوعبه ... الحس الأمني جعل هذا القانون المعيب – قانون التظاهر – يستمر، لكن المشكلة تبقى في توظيفه، الشعب الذي طلب أن يصدر قانون للتظاهر، كان يقصد هذه المظاهرات التي تمتلئ بالعنف أو بإحداث حالة من الاحتقان بالشارع المسئول عنها جماعة الاخوان المسلمين وحلفائهم، فهل استخدم قانون التظاهر ضدهم؟ حقيقة قانون التظاهر استخدم لا ليواجه خصوم 30 يونيو وإنما ليضرب ويشقق جبهة 30 يونيو".[v]

وجدير بالذكر أن صباحي دعم فض رابعة ولكنه انتقد وقوع عدد كبير من الضحايا، ففي 2 أغسطس كتب صباحي على حسابه على موقع تويتر ينتقد "ما يجري في سيناء من إرهاب" ويعتبر "ما يجرب في رابعة والنهضة ظهير سياسي له"، وقبل القبض كتب على الموقع نفسه معلنا رفضه للوساطة الدولية لإيجاد مخرج من الأزمة والحيلولة دون فض رابعة بالقوة، حيث قال "استمرار التدخلات الأمريكية في الشئون المصرية ومحاولات فرض تسويات على حساب العدالة والقانون إهانة لن يقبلها شعب مصر". [vi]

وفي 14 أغسطس، أي يوم فض رابعة والنهضة بالقوة، كتب يقول: "حتى اكتمال النصر من عند الله، سنقف مع شعبنا القائد وجيشنا والشرطة نواجه إرهاب الذين احتقروا إرادة الشعب واحتكروا قدسية الدين واتجروا بدم الأبرياء".

كما انتقد حمدين صباحي استقالة محمد البرادعي نائب الرئيس المؤقت عدلي منصور بعد فض رابعة بالقوة، وكتب على تويتر بعد يوم واحد من فض رابعة يقول "على أوباما أن يدرك أن مصر الثورة لن تجدي معها لغة التهديد والوعيد".

ويؤكد صباحي وأنصاره في التيار الشعبي أنهم يرفضون الحوار مع الاخوان وأنصارهم ولا يريدون دعما منهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وباختصار يمكن تلخيص موقف صباحي تجاه الاخوان المسلمين وأنصارهم هو الترحيب بهم كأفراد في نظام سياسي جديد بشرط تخليهم عن تنظيم أنفسهم داخل الجماعة والحزب معا.

السياسة الخارجية

يرفع حمدين صباحي شعارات الوحدة العربية، حيث كتب في 21 فبراير 2014 على موقعه بتويتر يقول: "في ذكرى الوحدة المصرية السورية نجدد العهد والسعي نحو وطن عربي واحد من المحيط إلى الخليج"، وخص صباحي مواقف السعودية والإمارات الداعمة للانقلاب العسكري الحاكم في مصر بكثير من الثناء، حيث كتب في 16 أغسطس  2103 على تويتر يقول "تحية لموقف العاهل السعودي والموقف الإماراتي الداعم لمصر"، كما عبر في مقابلة صحفية معه مؤخرا عن اعتقاده بأن دول الخليج الداعمة للانقلاب سوف تستمر في دعمها لمصر لو تم انتخابه رئيسا للبلاد على حساب السيسي.

حيث ذكر أن دول الخليج التي تعطي لمصر مدركة "أنه يواجه خطر، لو كان النظام الذي اسقطه المصريين في 30 يونيو استمر كان نقل الحرب على الأنظمة اللي موجودة في الخليج العربي لعقر دارها، هم يدفعوا علشان تفضل الحرب بعيدة عن بيوتهم". [vii]

وبهذا يقدم صباحي نفسه لدول الخليج الداعمة للانقلاب كرجل مستعد لخوض حربا ما طويلة على أرض مصر منعا من وصولها إلى دول الخليج وفي المقابل يستحق استمرار مساعداتهم المالية.

أما بالنسبة للموقف من سوريا فيقف صباحي ضد أي تدخل أجنبي في سوريا وضد أيضا من يسمهم "بالمنتمين للفكر التكفيري"، حيث ذكر في أحد المقابلات الصحفية:

"إذا سمحت مصر بتقسيم سوريا ارضا او شعبا، او انها تتسرق من دورها المرتبط بالحس العروبي والوطني، ستكون مصر بتفرط  في امنها وعلى مصر حماية سوريا ضد اي عدوان اجنبي، عاوزين نساعد سوريا بأن ننتمي لحلم شعبها في إقامة دولة وطنية ديمقراطية ووقف إراقة الدم السوري على يد السلطة أو العصابات الاجرامية المسلحة التي سرقت الثورة السورية لمجموعة من المنتمين للفكر التكفيري".[viii]

وجدير بالذكر أن صباحي سبق وأن ظهر في وسائل إعلام قريبة من نظام بشار الأسد كقناة الميادين، كما ظهر تامر هنداوي المتحدث باسم حملة صباحي الرئاسية في مقابلة صحفية 3 أبريل على قناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني.

كما رحب صباحي بزيارة السيسي كوزير دفاع لروسيا واعتبرها " خطوة لتصحيح دور مصر لأنها في حاجة لاتزان وتعدد الأقطاب".[ix]

وينتقد صباحي سياسات أميركا وإسرائيل بشكل متكرر في أحاديثه، ويعرف عن عزمه دعم المقاومة ضد إسرائيل، وعن رغبته أيضا في تعديل اتفاقية كامب دايفيد بين مصر وإسرائيل بما يسمح بمزيد من الوجود العسكري المصري بسيناء.

وذكر صباحي في برنامجه بالانتخابات الرئاسية لعام 2012:

"إذا كانت خيارات مصر وأولوياتها بالتأكيد لا تشمل على أي نحو الدخول في حروب خارجية على أجندتها، إلا أن إزهاق روح كامب دايفيد واتفاقية السلام مع إسرائيل ضرورة وطنية، وهناك مسافة شاسعة فاصلة بين التورط في حروب عسكرية وبين الدفاع عن الحقوق المشروعة وحفظ الكرامة ورفض سياسات المهانة والمذلة، وهناك أدوات سياسية ودبلوماسية متعددة يمكن استخدامها.

‘إننا مع دعم نضال الشعب الفلسطيني، ومن ثم يجب الوقف النهائي لسياسة بيع الغاز إلى إسرائيل وأن تتحول إلى الضفة الغربية وقاطع غزة، وأن تفتح أبواب الدخول إلى قطاع غزة بإجراءات ميسرة ووفقا للقوانين، وأن تدعم مصر النضال والمقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال وأن تدعم الوحدة الوطنية الفلسطينية وتؤكد إصرارها على تمكين الشعب الفلسطيني من الحصوص على حقوقه كاملة وخاصة حق العودة وحق إقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس."[x]

موقفه من الانتخابات المقبلة

في 14 ديسمبر 2012 وخلال حكم الرئيس محمد مرسي كتب صباحي على تويتر معلنا "لا قبول لنتائج الصندوق إلا بتوافر شروط النزاهة"، ومؤخرا ذكر في حديث صحفي أن مناخ الانتخابات الرئاسية السابقة (2012) "أكثر يسرا ومساواة من المناخ الموجود في هذه الانتخابات الرئاسية".[xi]

في 18 يناير 2014 كتب حسام مؤنس مدير حملة صباحي عن نتائج الاستفتاء على الدستور يتحدث عن " شحن وتوجيه وحشد" وعزوف للشاب عن التصويت وقال أن ما يهم هو خروج الناس للتصويت، حيث ذكر:

" اتفق أو اختلف مع ما جرى من شحن وتوجيه وحشد ، ضعه في إطار الضرورة الوطنية أو في إطار انتهاك معايير الديمقراطية .. لكن الأهم من ذلك كله ، أن الشعب المصري خرج مجددا ليملآ الشوارع ، هذه المرة أمام لجان وصناديق الاستفتاء ، ليقول رأيه وكلمته ، أسبابه ودوافعه متعددة وملتبسة ، لكن أهم وأبرز رسالة لا بد من الالتفات لها أن هذا الشعب حاضر وباق ، وسيكون دائما صاحب الكلمة الفصل ." [xii]

بمعنى أخر أن صباحي وأنصاره انتقدوا بشدة الانتخابات في عهد الاخوان حرصا على النزاهة، ولكن تسامحوا مع الانتخابات في عهد الانقلاب رغم أنها تتم في أجواء أسوأ، ورغم مخاوف من مقاطعي الانتخابات من أن تستخدم لترسيخ نظام استبدادي جديد، ويؤكد صباحي أنه لن ينسحب من الانتخابات إلا إذا تعرضت لتزوير فج مؤكدا أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر هي "استكمال للثورة (30 يونيو) عن طريق الانتخابات".[xiii]

 




[viii] صباحي يدعو السيسي لمناظرة إعلامي، 15 فبراير 2014،
[ix] صباحي يدعو السيسي لمناظرة إعلامية، 15 فبراير 2014
http://almogaz.com/news/politics/2014/02/15/1340745
[xii] حسام مؤنس يكتب رسائل الاستفتاء، موقع يناير،  18 يناير 2014

Saturday, February 22, 2014

أخطاء رباب المهدي ومأزق الشريك الثوري للانقلاب

لماذا رباب المهدي؟ ليس لأي سبب شخصي على الاطلاق، فلم يسبق لنا التواصل المباشر مع شخصها الكريم، ولا نكن لها ولأي تيار قد تعبر عنه إلا كل احترام وتقدير، وفي النهاية هي محسوبة على التيار الثوري المصري الباحث عن الديمقراطية وحقوق الانسان.

فلماذا النقد والحديث عن أخطاء وأزمة!؟ لمجرد الحوار والفهم، يعني انتقدنا الاخوان خلال فترة حكمهم ليس كراهية فيهم، ولكن للفهم والمساعدة، ولهذا السبب ننتقد الجميع، والنقد علامة على التقدير، فلولا تقديرنا لرباب المهدي ومن قد تمثل لما سعينا لنقدها أو الحوار مع أفكارها ومن يسترشد بها.

وقد سبق وأن انتقدت رباب المهدي على صفحتي وأثار نقدي لها ردودا قوية من صديق كوائل خليل، وباحث كإبراهيم الهضيبي، مما جعلني أشك في مواقفي منها، لذا رجعت لما نشرته هي بقلمها خلال الشهور الأخيرة، عدت لتعليقاتها على صفحتها على الفايسبوك حتى يناير 2013، وإلى مقالاتها بالشروق حتى فبراير 2013، وهي في الحقيقة عدد قليل من المقالات كما يرصدها أرشيف الشروق، 7 مقالات فقط، كما عدت أيضا لحوار أجرته مع الأهرام الإنجليزي في أغسطس الماضي، ولبيان للاشتراكيين الثوريين نشرته على صفحتها في يوليو الماضي مع تعليق يقول "هذا البيان يمثلني".

يعني حاولت العودة لما كتبته أو قالته بنفسها أو نسبته لنفسها، لكي أفهم منطقها منها هي وعلى لسانها، وبعيدا عن القيل والقال، وحقيقية وجدت ما عمق مخاوفي.

ولكن يجب توضيح أن قراءة هذا العدد القليل من الكتابات لا يكفي للحكم النهائي على شخص، وحقيقة أنا لا أبحث عن حكم نهائي، ولكن عن محاولة للفهم والحوار، وأتمنى أن يقرأ الجميع ما أكتب من هذا المنطلق.

أولا: رباب المهدي كشريك ثوري للانقلاب

رباب المهدي لم تدعم 30 يونيو فقط، بل دعمت 3 يوليو، دعمته قبل 14 أغسطس، وبعدها، وربما مازالت تدعم نظام 3 يوليو جزئيا ولو بدرجة قد تكون أقل حتى يومنا هذا.

قبل 30 يونيو كتبت رباب المهدي تمتدح حركة تمرد، وتتحدث عن إسقاط "حكم الاخوان"، وفي 3 يوليو كتبت بالإنجليزية على صفحتها تطالب وسائل الإعلام الأمريكية بعدم "التباكي" على ما يحدث في مصر لأن مصر في حالة ثورة وليس مجرد تحول ديمقراطي كما رأت المهدي، مؤكدة لوسائل الإعلام أن المصريين قادرين على تنظيف ما ينصعونه من فوضى.

لم تكتف رباب المهدي بذلك بل استمرت بدعم ما سمته بالشريك المدني في النظام القائم، فهي لا تسمي النظام الحاكم بالانقلاب كما يبدو من كتاباتها، وتدعم ما تسميه بالتيار المدني داخله بقيادة زياد بهاء الدين الذي استقال بعد الاستفتاء على الدستور.

وفي 31 أغسطس – أي بعد بأسبوعين فقط من مذبحة رابعة التي أثارت العالم كله ودفعت البرادعي للاستقالة – كتبت المهدي تقول في الشروق :"علينا التمسك بدعم خيار المسار الديمقراطي الذي طرحه الجناح المدني في النظام الحالي بقيادة د. زياد بهاء الدين".

يعني هي لم تطالب بهاء الدين بالاستقالة نتيجة لمذبحة رابعة كما فعل البرادعي، بل دعت الناس لدعمه ودعم المسار الذي يطرحه وهو شراكة مع النظام القائم لفرض مسار رأت المهدي أنه "مسار يؤكد على ما بدأناه في 25 يناير".

ورغم انتقاد رباب المهدي المتزايد "للنظام الذي يسعى البعض لتأسيسه في مصر" والقائم على "دولة القوة .... (التي) تركز على بناء رؤية ومؤسسات أمنية قمعية وتعتمد على الردع والخوف أكثر من القبول والانجاز"، إلا إنها لا توجه النقد مباشرة لقائد الانقلاب (السيسي) أو تطالب بشكل مباشر بحسابه بشكل فوري سياسيا أو قضائيا على انقلابه، وشجعت ضمنيا المشاركة في الاستفتاء على الدستور.

حيث كتبت رباب المهدي على صفحتها في 11 يناير تقول:

"هما الاخوان اللي شاركوا في كل انتخابات واستفتاءات مبارك محروقين ليه من الدعوة للمشاركة بلا على الدستور ... ما ترحمونا بقي، اللي عايز يقول لا يقول يقول، واللي عايز يقاطع يدعو لهذا من غير مزايدة رخيصة".

كما كتبت المهدي في 15 فبراير الحالي تذكر السيسي بدور أخرين في حصوله على السلطة، حيث كتبت تقول: "لو لم يخرج قطاع كبير من الشعب في 30 يونيو لكان مصير (الفريق) السيسي هو نفس مصير قادة الجيش في فينزويلا عام 2002 حين عزلوا الرئيس هوجو شافيز بدعم من رجال الأعمال والإعلام المملوك لهم، فأعده الشعب بمظاهرات حاشدة لم تستطع الشرطة قمعها وتمت محاكمة قيادات الجيش وهرب بعضهم طالبا اللجوء السياسي".

وبالطبع هذا لم يحدث في مصر لوجود "قطاع كبير من الشعب" دعم 3 يوليو كانت المهدي من بينهم، وتشعر الأن بأن السيسي لا يفي بالاتفاق، لذا تذكره به.

يعني باختصار رباب المهدي دعمت 30 يونيو و3 يوليو والمشاركة في حكومة الانقلاب والمشاركة في الاستفتاء على الدستور معطية دعما من الظهير "الثوري" الذي تمثله للنظام القائم في مصر والذي لا تسميه المهدي انقلابا، في وقت حرج للغاية، ورغم كل ما ارتكبه من تجاوزات دفعت البعض للاستقالة مثل البرادعي فضلت المهدي الاستمرار.

فما هي الضمانات التي تمتلكها؟ أو الرؤية أو الخطة التي تدفعها للقبول بدعم السلطة الراهنة كما تسميها من باب دعم أهداف الثورة؟

ثانيا: رباب المهدي وسياسة رد الفعل

في 15 يونيو كتبت رباب المهدي تقول "اتمنى أن نكون تعلمنا من اعتصامات سابقة منذ يوليو 2011 ويكون عندنا تصور مختلف لما بعد 30 يونيو"، مؤكدة في 30 يونيو "لن نكون مطية لسلطويين عسكر أو فلول أو إخوان".

وفكرة التحذير من العمل بلا رؤية واضحة تكررت لدى رباب المهدي، حيث كتبت في 2 مارس بالشروق تقول: "نحن في مأزق تاريخي بين سلطة رجعية لا تختلف كثيرا في مضمون سياستها عن النظام السابق، ومعارضة لا تمتلك رؤية كلية حول بدائل وسبل التغيير بعيدا عن سياسة رد الفعل وانتقاد مثالب الاخوان التي أصبحت من المعلوم بالضرورة".

فما الرؤية الكلية التي امتلكتها رباب المهدي لدعم 30 يونيو و3 يوليو والمشاركة في الحكومة وفي الاستفتاء!؟

(1) تمرد

في 18 مايو كتبت المهدي تمتدح حركة تمرد كحركة "لا تستخدم العنف ولا توقف حال حد ... متنفس للشباب للتعبير عن غضبهم"، وفي 1 يوليو كتبت تقول "تمرد أعطتنا فرصة ... فلا تضيعوها بعدم الثبات أو باستخدام العنف".

هذا في الوقت الذي ترددت فيه وسائل إعلام دولية في التعامل مع تمرد بسبب أرقامها التي كان يصعب التحقق منها على الأقل، وبعد 3 يوليو كتبت وسائل إعلام دولية كوال ستريت جورنال عن تمويل شخصيات كنجيب ساويرس لتمرد وكيف أنها حصلت على دعم من رجال أعمال معارضين لمرسي، وكتبت وسائل أخرى كوكالة رويترز عن دعم رجال الشرطة أنفسهم لتمرد، فهل تسرعت المهدي في مدح تمرد؟

في 30 أغسطس كتبت المهدي تنتقد تمرد قائلة "حماة الدولة "المدنية" تمرد وحمدين ... عايزين رئيس "عسكري"! لا فعلا تيار مدني ديمقراطي بجد"!

ألم يكن الأفضل لها التريث وعدم التسرع في الحكم على تمرد أو على الفرصة التي أعطتها تمرد لها!

(2) الحشد الجماهيري

في 32 مارس كتبت المهدي تؤكد على دور حشد الجماهير في اسقاط النظم، حيث قالت "لم نسقط الحزب الوطني بحرق مقراته، ولكن أسقطه حشد الملايين في الشوارع، وكذلك حكم الإخوان".

وفي 23 يونيو كتبت تقول "نحن في ثورة ... جماهير تصنع التاريخ بحلوه ومره ... لا نحتاج أن نعول على قضاء فاسد ولا جيش مستبد لتخليصنا من حاكم لا يصلح"

وفي اليوم نفسه كتبت تؤكد على أنه "لولا الحراك الشعبي ما كان صدر هذا البيان"، متحدثة عن مهلة الأسبوع التي تحدث عنها السيسي.

وفي 24 يونيو كتبت تحذر "محرمي الهتاف ضد الداخلية" قائلة "إن شاء الله الالتراس ينزلوا ويسمعوكم الهتاف اللي بجد".

وفي 29 يونيو كتبت تقول "الضمان الأكبر لعدم عودة سياسات مبارك ونظامه ليس الانسحاب ولكن وجود كتلة ثورية في الشارع ترفع نفس مطالب الثورة وتؤكد عليها" وذلك ردا على "وجود مخاوف عودة نظام مبارك وتدثر البعض بالعسكر".

وفي 1 يوليو كتبت تقول "نعم سيحاول رموز الثورة المضادة ركوب الموجة، ولكن الحل ليس في شيطنة هذه الموجة الثورية ... الحل يكمن في استيعابها من القوى الثورية".

وفي 2 يوليو كتبت تقول "لسنا مضطرين أن نخطب ود الجيش أو الداخلية ... أخطبوا ود الشعب ... فنزوله هو ما أجبرهم على موقفهم".

وفي 3 يوليو كتبت تقول "كتل فاعلة وحتى وإن كانت غير منظمة بشكل كافي ... هذه هي صمام الأمان ضد الاستبداد من أي نوع".

وفي اليوم نفسه كتبت بالإنجليزية مخاطبة وسائل الإعلام الأجنبية قائلة "هذه ثورة وليست مجرد تحول ديمقراطي ... رجاء اعطونا فسحة (مهلة) ... نحن نخلق أوضاع فوضاوية (عبثية) خاصة بنا ثم نقوم بتنظيفها".

باختصار عولت رباب المهدي على قوة الحشد الجماهيري، كانت ترى 30 يونيو و3 يوليو كسباق على الحشد الجماهيري، جماهير مقابل جماهير، فلول مقابل ألتراس، إعلام مقابل هتافات في الشارع.

والسؤال مرة أخرى هل تسرعت رباب المهدي في الحكم؟ وهل كان حكمها صحيح في ذلك الوقت (ألم تر الحماية الأمنية لجماهير 30 يونيو و3 يوليو؟ ألم تر الطائرات ترسم قلوبا في السماء)؟

وماذا عن الأن؟ هل تحتاج رباب المهدي مراجعة لتوصيفها لدور الحشد الجماهيري في المشهد الانقلابي؟ ألم تتضح الأن وجود عوامل أخرى غير أخطاء الإخوان (والتي لعبت دورا كبيرا بالفعل)؟ ماذا عن المؤسسة الأمنية؟ ماذا عن البيروقراطية المارقة؟ ماذا عن الدول الخليجية؟ ماذا عن رجال أعمال مبارك وفلوله؟ ماذا عن إعلام النظام؟

وفيما يبدو أنه مراجعة لأفكار سابقة، كتبت المهدي مقالا بالشروق في 15 فبراير الحالي تقول فيه: "سيردد أخرون أن السيسي هو تجسيد للإرادة الشعبية التي خرجت بالآلاف لتفويضه، وهي التي تضع صورته في كل مكان وتدافع عنه بشراسة دون أن يطلب هو ذلك. ولكن ينسى أو يتناسى من يرددون هذا الكلام أن هتلر في ألمانيا وصدام حسين في العراق في السبعينيات وحافظ الأسد كل هؤلاء خرجت من أجلهم الآلاف تهتف باسمهم وحياتهم لم يكونوا مأجورين ولا مكروهين".

مرة أخرى نحن لا نعفي الاخوان من المسئولية، ولا يعنونا في شيء أكثر من التيارات الشبابية والثورية التي قد تمثلها رباب المهدي؟ وطالبنا الاخوان بالمراجعة؟ فماذا عن المهدي ومن تمثلهم؟

(3) ثورة أم تحول ديمقراطي

في 26 يناير 2013، كتبت المهدي تقول "ما نشهده الأن هو نتيجة حتمية لمحاولات اختزال الثورة في عملية تحول ديمقراطي (مشوه) دون إحداث أي تغيرات جذرية"، والواضح هنا أن المهدي كانت محقة – كما ذكرت في مواضع أخرى – في أن الناس دعمت الثورة لأنها تطلعت لتغيرات جذرية، ولما لم يتمكن قادة الاخوان في الحكم من إجراء تلك الإصلاحات الثورية أو الجذرية السريعة أصبح طريق الثورة المصرية في اجتذاب الناس أكثر سهولة.

ولكن السؤال هل التحول الديمقراطي (المشوه) مبرر كافي للتخلي أو العصف بالتحول الديمقراطي بدون بديل واضح!؟

كتبت رباب المهدي في 8 أبريل بالشروق تحذر من أن "على قدر هوس الاخوان بصندوق الانتخابات بوصفه الآلية الوحيدة لإدارة الصراع السياسي على قدر تمترس المعارضة حول المظاهرات وكأنها السبيل الوحيد لتغيير النظام، والاثنان مهمان  بلا شك ولكن ضمن منظومة من أدوات النضال أكثر اتساعا وتشمل بالتحديد العمل النقابي والحركة الطلابية".

يعني المهدي كانت ترى أن نجاح الثورة هو بالمزج بين التحول الديمقراطي (الصندوق) والعمل الثوري (المظاهرات والعمل مع الجماهير).

لذا قالت بوضوح في المقالة نفسها "محاولة التعالي على الانتخابات بجميع أشكالها ... هو هدر لأحد الأسلحة المهمة".

ومضت تقول: "الانتخابات ليست في تعارض مع العمل الجماهيري والحشد لمظاهرات أو اعتصامات بل على العكس فإن أحدهما يكمل الأخر، وليس مصادفة أن تيار الإسلام السياسي ينجح في الصناديق كما ينجح في حشد المليونيات فهذا انعكاس لذاك بمعني ما".

وفي خاتمة المقال كتبت محذر "لا أحد يمتلك كاتالوج الثورة كما يحب بعض المحللين أن يدعوا، ولكنا نتعلم من التجربة".

ولكن بعد ذلك بشهرين ومع احتدام الصراع السياسي، كتبت المهدي تقول في 23 يوليو "نحن في ثورة ... جماهير تصنع التاريخ بحلوه ومره"، وبهذا تراجع خطاب التحول الديمقراطي أمام الخطاب الثوري (الذي لا يملك أحد كتالوجه).

بل وكتبت في 3 يوليو بالعربية تلوم "السادة المحللين يرون المشهد فقط عبر ثنائية "التحول الديمقراطي" في مقابل "الانقلاب العسكري" لأنهم لا يرون الجماهير، ولا يؤمنون أن هناك ثورة. المعادلة ليست فقط الصندوق أو السلام ... هناك بشر ... كتل جماهيرية فاعلة حتى وإن كانت غير منظمة بشكل كافي ... هذه هي صمام الأمان ضد الاستبداد من أي نوع".

وبهذا وضعت الثورة كخيار ثالث يتخطى ثنائية التحول الديمقراطي والانقلاب العسكرين وليس كخيار مكمل للتحول الديمقراطي كما ذكرت في 8 أبريل محذرة من "لا أحد يمتلك كاتالوج الثورة".

وبهذا وفي لحظة معينة قررت المهدي مساندة تعطيل التحول الديمقراطي لما رأت أنه بديل ثوري لا تمتلك "كاتالوجه" متجاهلة فكرة أن ما يحدث هو انقلاب عسكري، وبدون امتلاك خطة واضحة للتغيير، كما حذرت هي مسبقا.

هل وقعت رباب المهدي في سياسة رد الفعل!؟

ثالثا: رباب المهدي: "الإخوان كعادتهم في هذه الثورة هم حصان طروادة لكل ما هو سيء"

في 23 مارس 2013 كتبت المهدي تقول "لم نسقط الحزب الوطني بحرق مقراته، ولكن أسقطه حشد الملايين في الشوارع، وكذلك حكم الاخوان"، وفكرة اسقاط حكم الاخوان هنا تحتاج وقفه، لأنه حكم جاء عن طريق صناديق الاقتراع.

في 20 يونيو كتبت تقول "لن نكون مطية لسلطويين عسكر أو فلول أو إخوان"، وفي 26 يوليو كتبت تقول "الإخوان كعادته في هذه الثورة هم حصان طروادة لكل ما هو سيء"، يعني التيارات التي تدعي المهدي تمثيلها لن يكونوا مطية، والاخوان ليسوا مطية فقط، بل مطية "معتادة" و"لكل ما هو سيء"، فهل وقعت المهدي في خطأ التعميم والتشويه؟

وتكررت الفكرة في مقال للمهدي بالشروق في 31 أغسطس تتحدث فيه عن "استغلال أجهزة القمع للإخوان كحصان طروادة الذي عن طريقه تتم عسكر الدولة والمجتمع"، والسؤال هنا هل تقع المهدي في خطأ التبرير واستخدام الاخوان لشماعة يتم تعليق كل الأخطاء عليها؟ هل دعمها لـ 3 يوليو لم يستخدم كمطية للعسكر ورفض الاخوان له هو مطية العسكر؟ هل دعمها لمشاركة "الجناح المدني" في حكومة 14 أغسطس وقانون التظاهر ليس مطيعة لعودة الدولة البوليسية؟

في 16 أغسطس وبعد يومين فقط من قتل المئات من المتظاهرين في رابعة، وهي الحادث التي هزت منظمات حقوق الانسان الدولية، كتبت المهدي تقول "لن يستطيع تنظيم الاخوان أو الدولة البوليسية التي تحاول استعادة مجدها أن تحسموا المعركة بالعنف. الطرفان لا يملكان القوة اللازمة لسحق الأخر، والخاسر الوحيد هو من يتلمسون الحق في معركة خاسرة"، فهل وقعت المهدي في خطأ المساواة بين ضحية وجاني في لحظة إنسانية صعبة!؟

المثير هنا أنه بعد خمس أيام فقط أي في 21 أغسطس نشر الاهرام الإنجليزي حوارا للمهدي تقول فيه "لا أستطيع القول أن قوة الإخوان المسلمين تتساوى مع قوى الجيش أو البوليس".

في المقابلة نفسها تصف المهدي الإخوان قائلة "نحن لا نتحدث فقط عن مجرد حزب أخر أو منظمة أخرى، ولكن هي تيار اجتماعي".

ورغم إقرار المهدي بأن الاخوان تيار اجتماعي وليسوا مجرد حزب، عادت واستخدمت عبارات فضفاضة عن رفض المصريين لحكمهم، مثل القول  في 15 فبراير بالشروق أن "من أنقذ البلد من حكم مبارك ثم حكم مرسي ومن أنقذ المشير السيسي ذاته من مصير مظلم هو الشعب"، وتذكر في المقال نفسه "لو لم يخرج قطاع كبير من الشعب في 30 يونيو لكان مصر الفريق السيسي هو نفس مصير قادة الجيش في فنزويلا عان 2002"، وهنا نقع في إشكالية تعريف الشعب وعدد من خرج في 3 يوليو التي تدعمها المهدي وكيف يمكننا تحديد الأعداد بعيد عن المسار الديمقراطي.


رابعا: التيارات الثورية كقطب ثالث

في 31 أغسطس كتبت المهدي بالشروق تقول: "أما القوى الثورية فعليها تنظيم صفوفها بعيدا عن الاخوان وحلفائهم ولكن ليس بعيدا عن المبادئ التي قامت عليها ثورة 25 يناير، فلم يكتب علينا أن يكون خيار هذه الثورة بين نظام أمني بائس ونظام إخواني أبأس، ولكن بلورة خيار ديمقراطي جذري بعيدا عن دولة الطوائف التي سجعها الاخوان ودولة الأمن التي أسسها مبارك هي مسئولية هذه القوى".

وفي مقالها مع الأهرام الإنجليزي تؤكد المهدي على الفكرة نفسها قائلة: "نحتاج أن نرى القوى الثورية تتقارب سويا بعيد عن التحالف الحتمي المفترض مع أي من الجيش أو الإسلاميين".

ومشكلة هذا التصور أنه يضع ما تسميهم المهدي "بالإسلاميين" وهم تيار واسع للغاية في سلة واحدة، وحتى الإخوان، حيث يفرق البعض بين الاخواني العادي وقادة التنظيم، كما أن يحول ما تسميهم المهدي بالقوى الثورية لقطب ثالث أو إضافي بدلا من أن يكون قطب يجتمع على أجندة ثورية ويرحب بالجميع بدرجة من المرونة.

أما الأغرب فهو على الرغم من تأكيد المهدي على أهمية استقلال القطب الثوري عن الإخوان والعسكر، نجدها تتحدث في مقال الشروق نفسه عن "التمسك بدعم خيار المسار الديمقراطي الذي طرحه الجناح المدني في النظام الحالي بقيادة د. زياد بهاء الدين، فهذا أكبر من فكرة المصالحة مع الاخوان أو محاولة دمجهم في الحياة السياسية (التي مازالت غير ممكنة) ولكنه مسار يؤكد على ما بدأناه في 25 يناير 2011 وتحالف الاخوان مع المجلس العسكري لإسقاطه. هو مسار بناء دولة في خدمة مواطنيها والخروج بالديمقراطية لما هو أبعد من فكرة الصناديق الانتخابية (وإن كان يشملها)، مسار سياسي يضمن أن تكون هناك قواعد تمكننا من محاسبة كل مخطئ دون اللجوء لفكرة العقاب الجماعي وتضمن أن تكون هناك مؤسسات لا يملكها فصيل بعينه، وعلى الرغم من أن هذا المسار يظل مجرد خطوطا عامة إلا إنها مسئولية القوى السياسية ترجمته لمطالب وآليات محددة ورفع سقف طموحاتها بعيدا عن تصور أن ما تحتاجه مصر هو فقط الحل الأمني".

وهنا يظهر مرة أخرى عدة اشكاليات، وهو رفض المهدي للتحالف مع العسكر ولكن قبولها بالمشاركة في حكومته؟ وثانيا: استمرارها في تلك الشراكة بعد كل ما حدث وعلى حساب بديل ديمقراطي رأت المهدي أنه مكملا للمسار الثوري، وثالثا: اصرار المهدي على الاستمرار في حكومة الانقلاب بعد ما ارتكبه من انتهاكات، ورابعا: عدم امتلاكها لضمانات واضحة تضمن نجاح هذه الشراكة، وهو ما تجلى باستقالة بهاء الدين نفسه.

فهل تحتاج رباب المهدي ومن تعبر عنهم مراجعة أنفسهم وموقفهم من النقاط السابقة!؟


خاتمة وتساؤلات

إذا كانت رباب المهدي ومن تمثلهم تيار ثالث يرفض أن يكون "مطية" للإخوان أو العسكر، فلماذا دعمت 3 يوليو؟ ولماذا قبلت بدعم المشاركة في حكومة 3 يوليو والاستفتاء الذي نظمته؟

ثانيا: ما هي الضمانات التي امتلكتها رباب المهدي ومن قد تمثلهم للمشاركة في نظام 3 يوليو؟ يعني آلا يفرض في الفاعلين السياسيين والكتاب بعض العقلانية التي تحميهم من الوقوع في "رد الفعل" كما تطالب المهدي نفسها؟ فأي الضمانات امتلكت لكي تشارك في نظام 3 يوليو!؟

ثالثا: ما هو الدور الذي تلعبه مبادئ أساسية كحقوق الانسان، ونقصد هنا حقوق الجميع بما فيهم الاخوان، في مواقف المهدي وأنصارها؟ يعني كيف تبرير دعم من استمروا في حكومة نظام 3 يوليو بعد مذبحة رابعة!؟

رابعا: دعمت المهدي تمرد وتنازلت عنها، طالبت بأن يكون المسار الثوري داعما لمسار التحول الديمقراطي، ثم تخلت عن ما تم تحقيقه على مسار التحول الديمقراطي في 3 يوليو وبشكل سريع وربما مفاجئ، وبدون بديل واضح، وهو ما ثبت باستقالة البرادعي ثم زياد بهاء الدين، فهل اعتذرت المهدي بشكل واضح، أم أنها تكتفي فقط بمطالبة الاخوان بالمراجعة والاعتذار!؟

خامسا: هل أصبحت التيارات التي تطلق على نفسها اسم "شبابية وثورية" قطب ثالث؟ هل باتت منطقة تلاقي للتيارات الدينية والعلمانية الداعمة للثورة؟ أم أنها تقف الأن على قطيعة من بعض التيارات مضيفة قطب جديد لأقطاب الاستقطاب السياسي في مصر.

والله أعلم، ما رأيكم!؟ 

Friday, February 14, 2014

4 نقاط ضعف للانقلاب

مبدئيا الانقلاب يعاني من نقاط ضعف نذكر منها التالي:

1) الأفكار، طبيعة النظم المستبدة تقوم على الحفاظ على السلطة، والدوران حول شخص الحاكم، مبارك حكم 30 عاما دون فكر تقريبا. 

ولكي يستفيد أنصار الديمقراطية بهذا العيب عليهم أن يطوروا أفكار واضحة عما يريدونه، عن الديمقراطية والتغيير المنشود، ويسعون لنشرها بين الناس، وكلما تميز الفكر بالوضوح والتماسك الداخلي والتمسك بالمبادئ كلما زادت قوته.

2) العمل المباشر مع الجماهير، فالنظم المستبدة لا تمتلك أحزابا حقيقية أو حركات جماهيرية، النظم المستبدة تعجز على العمل مع الناس، وهنا يجب الوصول إلى المواطن العادي، والحديث معه في كل مكان، فالحركات السياسية الحقيقية هي الموجودة في الشارع وليس الانقلاب.

3) الإعلام من نقاط ضعف الانقلاب الاساسية، فهز يتميز بالتعددية، ومهما فعل الانقلاب لن يستطيع إسكات صوت وسائل الإعلام المعارضة، فلو أغلقها في الداخل ستعود له من الخارج، وهنا يجب انتهاز فرصة انكشاف مساندي الانقلاب، وبناء أكبر عدد من وسائل الإعلام الجديدة الصادقة المعبرة عن روح التغيير وصاحبة الرسالة الصادقة الأخلاقية المتماسكة.

4) المصريون في الخارج، وغالبيتهم كما تشير إرقام مختلفة هم من معارضي الانقلاب، وهنا يظهر الدور الذي يمكن أن يقوم به المصريون في الدول الغربية على وجه الخصوص، فهي الدول التي يخطب الانقلاب ودها، ويمكن للمصريين في الخارج التحرك فيها بحرية وإزعاج الانقلاب، وهنا نحتاج مرة أخرى لفكر جديد متماسك داعم للديمقراطية والحقوق والحريات وتيارات سياسية تعبر عنه.

يمكن بمزيد من التنظيم أن يتحول المصريون في الخارج لمصدر إزعاج أكبر للانقلاب.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
الممول عايز كده

معتز عبد الفتاح قالها لزميله عمرو أديب صريحة "أنت معتمد في اللي بتعمله على ناس بتديك فلوس علشان متشوفش إخوان تاني".

يعني إيه؟ 

يعني أولا أن الممول شريك أساسي؟ صاحب المال حر فيه؟ والشريك المصري المستبد على مدى العصور رهن البلاد للشريك الأجنبي وفتحها له على مصراعيها ليستغل ثرواتها لكي يبقى المستبد المحلي في الحكم؟ وما يحدث الأن امتداد لتقاليد سحيقة.

ثانيا: يعني انسوا موضوع الحوار مع الانقلاب والمبادرات ... ألخ، الشريك المصري مش صاحب قراره أصلا، الشريك الأجنبي مش عايز إخوان، يعني الراجل الكبير يعمل إيه؟ يموت نفسه علشان خاطركم؟ هما قالوله مش عاوزين إخوان!؟

موضوع الحوار ده خيالات ممكن نتسلى بيها؟ الناس دي مش بتحاور؟ اللي عايز الفلوس يقبل الشروط؟ واللي مش عاجبه يدور له على ممول تاني ويرجع فلوسنا. خاصة إن اللي عايزين تمويل كتير.

ثالثا: الناس مش عايزة تشوف إخوان أصلا، يعني ما ينفعش شرعية ولا برلمان ولا حكومة ... ألخ، الممول مش عايز يشوف إخوان، الأمور واضحة، وطلبات الممول أوامر، والشريك المصري يجب أن يرضى الشريك الأجنبي ويكرمه، أصل الكرم ده طبع مصري أصيل، بس الشريك الأجنبي يأمر.

السؤال هو ما هو حدود الاستئصال اللي عايزه الشريك الأجنبي؟ سيبك من الناس اللي ماتت، الله يرحمها، ويكرمها في جناته، السؤال عن الناس اللي لسه عايشة، وهم كتير.

يعني ينفع نسيب الإخوان بره السجون ولا نلمهم كلهم؟ طيب نعمل فيه إيه بعد عدة أشهر؟ طيب نطلع قرار نجردهم من حقوقهم السياسية (زي قرار الإرهاب كده) ولا نجردهم من الجنسية المصرية كلها ونستريح؟

يا ريت حد يقول للشريك المصري يسأل الشريك الأجنبي هو عايز إيه بالضبط علشان نعرف ونستريح؟

ولا إيه رأيكم!؟
دولة ضعيفة أم تتمارض؟ 

يقولون أن الدولة ضعيفة وتحتاج حاكم قوي، ونقول الدولة ليست ضعيفة ولكنها تتمارض.

الشرطة المكسورة أمام البلطجية تحشد قواتها بالعشرات للقبض على فتيات صغيرات في طريقهن للمدرسة.

الأقلام المقصوفة أمام الحاكم العسكري هي كالرماح ضد القوى السياسية الفائزة في الانتخابات الديمقراطية.

رجال الأعمال الذين راكموا الثروات في عهد مبارك هربوا خلال حكم المنتخبين ليعودا للاستثمار في عهد الانقلاب.

الدبلوماسية المصرية التائهة بعد الثورة والرافضة للتعاون مع المنتخبين، تحشد قواها في "الحرب على الإرهاب".

الاقتصاد الذي كان على شفا الانهيار حي يرزق وأزمة الطاقة وجدت لها "الدولة" حلول.

الدولة تتمارض كما تمارضت على مدى عقود في عهد الاستبداد على المواطن الغلبان لتظهر صحتها وقوتها وحسنها في أحضان الحاكم المستبد.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
ملاك دولة جمهورية مصر العربية

المهم يا سيدي إننا اكتشفنا أنها ليست دولتنا، يعني مصر ليس ملكا لي ولك أو للمواطن الفقير والعادي، ليست ملكا للعمال أو الفلاحين أو ملايين الناخبين الذين صوتوا لهذا أو ذاك، الدولة في النهاية ملكا لعدد قليل من الأفراد الذين يسمحون أو لا يسمحون لنا بالعيش فيها.

هي ملك للسيسي وهو رجل متوسط الحظ من التعليم يتحكم في جيش مليء بالسلاح ويرى أنه صاحب الحق في تحديد هوية الدولة ومن يحكمها وطريقة حكمها.

هي ملك محمد إبراهيم والذي يرى أن من حقه التعاون أو عدم التعاون مع من يختاره الناس ليحكم مصر، ومن حقه أيضا أن يسجن "الإسلاميين" وآلا يراهم في الحكم، "الإسلاميون" بالنسبة له مكانهم السجون وليس القصور.

هي ملك لأصحاب الذوات المتضخمة من أمثال حازم الببلاوي ومصطفى حجازي وبعض مثقفي القاهرة الذي لا يعرفهم إلا بضع مئات من الأشخاص ولم يخض أي منهم انتخابات في حياته، ولكن يرى أنه عبقري زمانه، وأن المصريين مدينين له باستحقاق ما، وأن عدم توليه منصب جريمة في حق المصريين تسمح له بالتعاون مع العسكر في الانقلاب على المسار الديمقراطي، بل تسمح له أيضا بأن يوفر غطاء سياسي لقتل المئات من أبناء الشعب الذي لم يقدره حق قدره.

هي ملك لأصحاب المليارات التي كونوها في عهد مبارك ويمثلون وكلاء لدول الاستبداد الإقليمية في مصر والذين يرون أن دورهم هو إنفاق مليارات بالوكالة لتقويض فرص الديمقراطية وتجويع الناس لو تطلب الأمر واختلاق الأزمات وتجهيل المصريين لكي يظلوا بلا حقوق في بلادهم، مجرد عمال تراحيل لا أكثر ولا أقل.

هناك من يحاول أن يقنعنا بأنها دولتهم وليست دولاتنا، وللأسف كثير من يقتنع من فرط الظلم والقمع والتجهيل.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
دولة الدعاة التي لم يكن لها أن تستمر

ماذا يحدث في الديكتاتوريات؟ يقضي الدكتاتور على فرص العمل السياسي فيلجأ الناس للمؤسسات الأساسية في المجتمع كالأسرة والقبلية والمؤسسات الدينية.

فيتحول رئيس القبيلة أو إمام المسجد أو القس بالكنيسة لرجل سياسة، وطبعا مشاركة أي منهم في السياسة ضروري ومفيد فللأخلاق والدين دور هام في السياسة، ولكن في النهاية هذا ليس تخصصهم.

عمرو خالد أنشأ حزبا ثم اعتزل السياسة ثم صوت بنعم على الاستفتاء.

برهامي وزملائه ارتبكوا كل الأخطاء السياسية الممكنة تقريبا، تشددوا في التعامل مع رئيس ديمقراطي، وتحولوا لنعام مع الانقلاب، واضروا كثيرا بالتيار السلفي بمصر وأرهقوا شبابه.

بعض قادة الكنيسة تحولوا بشكل مؤسف لدعم الانقلاب، بدلا أن يكونوا كرجال دين مع الحقوق والحريات، تحولوا في بلد منكوب كمصر لداعمين "للحرب على الإرهاب".

محمد حسان لا يحرمنا من مواقف بائسة في دعم السلطة، من حملة المعونة الأميركية لجريدة الرحمة لمؤتمر سوريا.

محمد عبد المقصود شكل حزبا وأضر هو وحسان بمرسي شر ضرر خلال مؤتمر سوريا، خطاب مذهبي وطائفي في حضور رئيس دولة كمصر، الأسف نفسه.

الإخوان بدلا من أن يوحدوا القوى السياسية حالوا توحيد الدعاة في هيئة أو جبهة ما، في النهاية انقسمت بسبب مواقف حزب النور، والسؤال هل هذه كانت الأولوية، أين الوعي؟

عاصم عبد الماجد ووجدي غنيم وغيرهم من اصحاب الخطاب اللاذع المتشدد.

التيارات الدينية لو كانت مصرة على العمل السياسي لا تحتاج لمزيد من الدعاة، هي تحتاج لإعلاميين محترفين ولمنظمات حقوق إنسان ومنظمات سياسية، دولة الدعاة هي نتاج لدولة الاستبداد، ونحتاج جميعا تخطيهما.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
أسوأ سيناريو لتقسيم مصر

قادة الانقلاب الأرعن يطبقون أسوأ سيناريو لتقسيم مصر منذ عقود، مصر المريضة بالاستبداد والتي تعاني من قمع نظام مبارك وغياب الفكرة والمشروع وتزييف الوعي وسيطرة الأقلية المستبدة ورجال أعمال النظام القديم منذ عقود، تعاني الأن من مشروع أسوأ للتقسيم. 

الانقلاب الأرعن يحاول فرض أقلية من المتشددين على غالبية الشعب من خلال مشروع سياسي متشدد بامتياز، عسكرة الدولة وقومية شيفونية زائفة وهستيريا جماعية هوجاء وعودة مصر لاحضان الاستبداد الداخلي والأقليمي.

الانقلاب الغبي يدفع الأغلبية السياسية في مصر للانعزال والشعور بالظلم والقهر في بلادها، يهدم شعورها بالانتماء لبلدها لافتقارها العدل، يدفعهم للشعور بالاغتراب والحاجة للبحث عن وطن بديل حتى داخل وطنهم.

إعلام مجرم يتخصص في تزييف الوعي يتماشى مع موجة الهستيريا الجماعية والوطنية الكاذبة ويرسخ نفس المفاهيم المتطرفة "انتوا شعب واحنا شعب" و"الحرب على الارهاب".

قوات أمن عصية على الحكم الديمقراطي متورطة في قتل العشرات بسيناء والمئات عبر محافظات مصر مما يعرض البلد لعدم استقرار هائل وموجة تشدد واستقطاب لا نهاية له بسبب الدماء التي تسيل.

أدنى شعور واعي بالمسئولية أو بالوطنية كان يجب أن يقف حائلا قويا ضد تلك الممارسات المتشددة التي تزعزع استقرار الوطن، وتعصف بكل معاني الهوية الوطنية والتماسك الاجتماعي.

ولكن ماذا تفعل عندما يسيطر الجهل والتشدد ويقل الوعي السياسي لحدود مخيفة وتنفلت مؤسسات الدولة وتصبح عصية على الحكم الديمقراطي وتتواجد أقليات متشددة انتهازية ودعم خارجي كبير من نظم مستبدة تدفع المليارات لوقف التمدد الديمقراطي في مصر.

ما يحدث في مصر كثير، والأمل هو في وعي الناس بخطورته وافاقتهم على حقيقة القيادات المتشددة الجاهلة للانقلاب التي تعرض البلاد لمخاطر لا حصر لها، والوقوف في وجههم.

أما قادة الانقلاب فهم من يجب أن يحاسب على تعريض أمن وسلامة ووحدة البلاد للخطر، فهم يطبقون أسوأ سيناريو لتقسيم مصر وتهدديها وتعريض أمنها ومجتمعها للخطر منذ عقود إن لم يكن قرون.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
ضعف المعسكر الديمقراطي وإعلامه في بلادنا

الهجوم كله هذه الأيام في مصر ودول عربية كثيرة على صوت المعارضة، ذلك الصوت الذي يدعو للتغيير السياسي والانتخابات الحرة وفرصة صعود تيارات جديدة للسلطة. 

هذا التيار بات خطرا وعميلا للخارج يحاول تقسيم البلاد، في المقابل يبقى الطرف المستبد على السلطة والذي يدور بشكل رسمي في معسكري الاستبداد الأقليمي واليمين الغربي. 

عموما موضوعنا هنا أن السنوات الثلاثة الأخيرة أثبتت مدى ضعف صوت التغيير، هو أقلية صغيرة للغاية تعاني داخليا وخارجيا.

داخليا هو يعاني من حلفاء اختلط عليهم الأمر، فتيار التغيير يعاني من أمراض كالشعبوية ودعاة المذهبية والطائفية والحروب الدينية، وقلة الوعي بالديمقراطية ومتطلبات التحول الديمقراطي.

وخارجيا، يعاني تيار التغيير من حملة مهولة تعاني من نفسه أمراضه وأكثر، فهي حملة مريضة نفسيا كعادة الاستبداد الذي يعاني بشكل مستمر من انفصام في الشخصية، فهو أصل المصائب ويأتي بكل الموبقات السياسية ثم يكتفي بلوم الطرف الأخر والضحية.

خارجيا تيار التغيير أقلية صغيرة في بحر من الاستبداد العربي الخالص، بنية متكاملة من الاستبداد بإعلامه ومؤسساته الدينية والتعليمية والأمنية والاقتصادية.

العالم العربي في حاجة لعشرات إن لم يكن مئات من المؤسسات الديمقراطية الجديدة، كل الموجود أثبتت التجربة أنه ضعيف للغاية، حتى القنوات الكبرى المحسوبة على معسكر التغيير هي نفطة أما طوفان من القنوات الداعمة للاستبداد.

المطلوب كثير، والتغيير ليس سهلا، يجب إدراك الواقع، والعمل بأمل وجدية لبناء عشرات المؤسسات الديمقراطية الجديدة، يجب تشييد مزيد من وسائل الإعلام والمنظمات المدنية ومراكز الدراسات والحركات الشبابية والسياسية والاجتماعية.

يجب المراهنة على الأجيال الجديدة وعلى العمل مع الناس وعلى المبادئ الواضحة.

يجب أيضا علاج أمراض تيار التغيير، من مذهبية وطائفية وحروب دينية وهوياتية وقلة وعي بحقوق الانسان والديمقراطية ومتطلبات التحول الديمقراطي.

يجب التركيز على أفكار جديدة وعلى رأسها التعددية والحريات وسبل التحويل الديمقراطي، وكيف ننشر الوعي بها وسط الانسان العادي.

لا داعي لليأس أبدا، فما تم انجازه قليل للغاية، وعدم يقوم أنصار التغيير بما عليهم ثم يفشلوا يوما يمكن أن يقولوا أنهم قاموا بالواجب، والوقت مبكر للغاية لادعاء ذلك.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
سفينة نوح

المطالبون بالتغيير الحقيقي والجاد في بلادنا كبناة سفينة نوح (في فروقات التشبيه) فيما يتعلق بالسير ضد التيار. 

الحديث عن التغيير الحقيقي والجاد كمن يبني سفينة في الصحراء منتظرا لحظة التغيير الجاد لكي تسعفه وتسعف من حوله، وفي سبيل ذلك لابد أن يسخر منه كل من يمر به.

بالنسبة لكثير من الناس بعض العبودية (الرضا بالاستعباد) تكفي، بعض الشعوبية تكفي، بعض المذهبية أو الطائفية أو الكراهية السياسية أو الحروب الدينية تكفي.

كفاية كلمتين عن الغرب والحرب على الإسلام أو على الإرهاب أو بعض مظهر التقوى أو الوطنية وهو "كله ينفع وماشي".

يعني الكل سيسخر منك، الكل يريدك أن تترك السفينة وأن تتنازل عن قناعاتك وأحلامك وأن تشارك معهم في شيء ما هم لا يعرفون طبيعته على وجه التحديد، حاجة وخلاص.

القضية هي أنه لما سيأتي التغيير لن نجد سفينة، لن نجد أفكار لإصلاح الشرطة والإعلام والجيش، سنجد دعاة وتيارات متصارعة وبيروقراطية مارقة وأمن باطش وخارج متحفز ضد الديمقراطية، ولن نجد سفينة نتمسك بها، أو تمتلك القدرة على الابحار وسط الطوفان.

رحم الله نوح (عليه السلام) وأتباعه، أكيد نالهم الكثير من الكل، السخرية كانت سهلة، وصناعة سفينة في وسط الصحراء لابد وأنه قد عرضهم لكثير من السخرية والأذى وحملات التشوية وربما بعض الحملات الأمنية والثورة المضادة.

مع التأكيد مرة أخرى على فارق التشبيه وأن الهدف ليس القول بالمساوة مع الأنبياء وأتباعهم، ولكنها استعارة للفكرة الخالدة ومعانيها الهامة للفهم.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

Thursday, February 06, 2014

الدور السعودي في دعم الاستبداد بمصر

العاهل السعودي اتصل بأوباما ليضغط عليه لعدم التنازل عن مبارك.

الإمارات والكويت لم يدعما مصر إقتصاديا إلا بعد الانقلاب والسعودية تبرعت بالقليل. 

الدول الثلاثة دعمت الانقلاب ماديا وصمتت على أي انتهاكات يرتكبها ضد المصريين.

هناك تقارير تتحدث عن دور إماراتي رافض لأي حل للأزمة المصرية ينتهي بالتوافق بين الاخوان والقائمين على السلطة حاليا. 

السعودية ضغت على أميركا مؤخرا لكي تظهر مزيد من الدعم للإنقلاب.

دول الدول الثلاثة لا يضاهيه في المنطقة سوى دور إسرائيل التي رفضت عزل مبارك وتدعم الانقلاب بكل قوة حاليا في الدوائر السياسية الأميركية.

السؤال هو أي نظام عربي يعيشه العرب، ولماذا تتخذ الدول الثلاث هذه المواقف ضد الثورة المصرية التي لم تكن موجهة ضد أحد؟

إلى أي مدى ستدعم الدول الثلاث انتهاكات حقوق المصريين وستحمي الانقلاب ونظامه؟

هل تلك السياسات تفيد الدول الثلاث أم تضر بمصالحها الحقيقية في مصر على المدى الطويل!؟

لا أعتقد أن الثورة المصرية قامت ضد أي دولة أجنبية، هي فقط قامت لحماية حقوق المصريين المهدرة منذ عقود، فلماذا هذا الموقف السلبي من حقوق وحريات شعب عربي كبير وشقيق؟

والله أعلم، ما رأيكم!؟