Saturday, February 22, 2014

أخطاء رباب المهدي ومأزق الشريك الثوري للانقلاب

لماذا رباب المهدي؟ ليس لأي سبب شخصي على الاطلاق، فلم يسبق لنا التواصل المباشر مع شخصها الكريم، ولا نكن لها ولأي تيار قد تعبر عنه إلا كل احترام وتقدير، وفي النهاية هي محسوبة على التيار الثوري المصري الباحث عن الديمقراطية وحقوق الانسان.

فلماذا النقد والحديث عن أخطاء وأزمة!؟ لمجرد الحوار والفهم، يعني انتقدنا الاخوان خلال فترة حكمهم ليس كراهية فيهم، ولكن للفهم والمساعدة، ولهذا السبب ننتقد الجميع، والنقد علامة على التقدير، فلولا تقديرنا لرباب المهدي ومن قد تمثل لما سعينا لنقدها أو الحوار مع أفكارها ومن يسترشد بها.

وقد سبق وأن انتقدت رباب المهدي على صفحتي وأثار نقدي لها ردودا قوية من صديق كوائل خليل، وباحث كإبراهيم الهضيبي، مما جعلني أشك في مواقفي منها، لذا رجعت لما نشرته هي بقلمها خلال الشهور الأخيرة، عدت لتعليقاتها على صفحتها على الفايسبوك حتى يناير 2013، وإلى مقالاتها بالشروق حتى فبراير 2013، وهي في الحقيقة عدد قليل من المقالات كما يرصدها أرشيف الشروق، 7 مقالات فقط، كما عدت أيضا لحوار أجرته مع الأهرام الإنجليزي في أغسطس الماضي، ولبيان للاشتراكيين الثوريين نشرته على صفحتها في يوليو الماضي مع تعليق يقول "هذا البيان يمثلني".

يعني حاولت العودة لما كتبته أو قالته بنفسها أو نسبته لنفسها، لكي أفهم منطقها منها هي وعلى لسانها، وبعيدا عن القيل والقال، وحقيقية وجدت ما عمق مخاوفي.

ولكن يجب توضيح أن قراءة هذا العدد القليل من الكتابات لا يكفي للحكم النهائي على شخص، وحقيقة أنا لا أبحث عن حكم نهائي، ولكن عن محاولة للفهم والحوار، وأتمنى أن يقرأ الجميع ما أكتب من هذا المنطلق.

أولا: رباب المهدي كشريك ثوري للانقلاب

رباب المهدي لم تدعم 30 يونيو فقط، بل دعمت 3 يوليو، دعمته قبل 14 أغسطس، وبعدها، وربما مازالت تدعم نظام 3 يوليو جزئيا ولو بدرجة قد تكون أقل حتى يومنا هذا.

قبل 30 يونيو كتبت رباب المهدي تمتدح حركة تمرد، وتتحدث عن إسقاط "حكم الاخوان"، وفي 3 يوليو كتبت بالإنجليزية على صفحتها تطالب وسائل الإعلام الأمريكية بعدم "التباكي" على ما يحدث في مصر لأن مصر في حالة ثورة وليس مجرد تحول ديمقراطي كما رأت المهدي، مؤكدة لوسائل الإعلام أن المصريين قادرين على تنظيف ما ينصعونه من فوضى.

لم تكتف رباب المهدي بذلك بل استمرت بدعم ما سمته بالشريك المدني في النظام القائم، فهي لا تسمي النظام الحاكم بالانقلاب كما يبدو من كتاباتها، وتدعم ما تسميه بالتيار المدني داخله بقيادة زياد بهاء الدين الذي استقال بعد الاستفتاء على الدستور.

وفي 31 أغسطس – أي بعد بأسبوعين فقط من مذبحة رابعة التي أثارت العالم كله ودفعت البرادعي للاستقالة – كتبت المهدي تقول في الشروق :"علينا التمسك بدعم خيار المسار الديمقراطي الذي طرحه الجناح المدني في النظام الحالي بقيادة د. زياد بهاء الدين".

يعني هي لم تطالب بهاء الدين بالاستقالة نتيجة لمذبحة رابعة كما فعل البرادعي، بل دعت الناس لدعمه ودعم المسار الذي يطرحه وهو شراكة مع النظام القائم لفرض مسار رأت المهدي أنه "مسار يؤكد على ما بدأناه في 25 يناير".

ورغم انتقاد رباب المهدي المتزايد "للنظام الذي يسعى البعض لتأسيسه في مصر" والقائم على "دولة القوة .... (التي) تركز على بناء رؤية ومؤسسات أمنية قمعية وتعتمد على الردع والخوف أكثر من القبول والانجاز"، إلا إنها لا توجه النقد مباشرة لقائد الانقلاب (السيسي) أو تطالب بشكل مباشر بحسابه بشكل فوري سياسيا أو قضائيا على انقلابه، وشجعت ضمنيا المشاركة في الاستفتاء على الدستور.

حيث كتبت رباب المهدي على صفحتها في 11 يناير تقول:

"هما الاخوان اللي شاركوا في كل انتخابات واستفتاءات مبارك محروقين ليه من الدعوة للمشاركة بلا على الدستور ... ما ترحمونا بقي، اللي عايز يقول لا يقول يقول، واللي عايز يقاطع يدعو لهذا من غير مزايدة رخيصة".

كما كتبت المهدي في 15 فبراير الحالي تذكر السيسي بدور أخرين في حصوله على السلطة، حيث كتبت تقول: "لو لم يخرج قطاع كبير من الشعب في 30 يونيو لكان مصير (الفريق) السيسي هو نفس مصير قادة الجيش في فينزويلا عام 2002 حين عزلوا الرئيس هوجو شافيز بدعم من رجال الأعمال والإعلام المملوك لهم، فأعده الشعب بمظاهرات حاشدة لم تستطع الشرطة قمعها وتمت محاكمة قيادات الجيش وهرب بعضهم طالبا اللجوء السياسي".

وبالطبع هذا لم يحدث في مصر لوجود "قطاع كبير من الشعب" دعم 3 يوليو كانت المهدي من بينهم، وتشعر الأن بأن السيسي لا يفي بالاتفاق، لذا تذكره به.

يعني باختصار رباب المهدي دعمت 30 يونيو و3 يوليو والمشاركة في حكومة الانقلاب والمشاركة في الاستفتاء على الدستور معطية دعما من الظهير "الثوري" الذي تمثله للنظام القائم في مصر والذي لا تسميه المهدي انقلابا، في وقت حرج للغاية، ورغم كل ما ارتكبه من تجاوزات دفعت البعض للاستقالة مثل البرادعي فضلت المهدي الاستمرار.

فما هي الضمانات التي تمتلكها؟ أو الرؤية أو الخطة التي تدفعها للقبول بدعم السلطة الراهنة كما تسميها من باب دعم أهداف الثورة؟

ثانيا: رباب المهدي وسياسة رد الفعل

في 15 يونيو كتبت رباب المهدي تقول "اتمنى أن نكون تعلمنا من اعتصامات سابقة منذ يوليو 2011 ويكون عندنا تصور مختلف لما بعد 30 يونيو"، مؤكدة في 30 يونيو "لن نكون مطية لسلطويين عسكر أو فلول أو إخوان".

وفكرة التحذير من العمل بلا رؤية واضحة تكررت لدى رباب المهدي، حيث كتبت في 2 مارس بالشروق تقول: "نحن في مأزق تاريخي بين سلطة رجعية لا تختلف كثيرا في مضمون سياستها عن النظام السابق، ومعارضة لا تمتلك رؤية كلية حول بدائل وسبل التغيير بعيدا عن سياسة رد الفعل وانتقاد مثالب الاخوان التي أصبحت من المعلوم بالضرورة".

فما الرؤية الكلية التي امتلكتها رباب المهدي لدعم 30 يونيو و3 يوليو والمشاركة في الحكومة وفي الاستفتاء!؟

(1) تمرد

في 18 مايو كتبت المهدي تمتدح حركة تمرد كحركة "لا تستخدم العنف ولا توقف حال حد ... متنفس للشباب للتعبير عن غضبهم"، وفي 1 يوليو كتبت تقول "تمرد أعطتنا فرصة ... فلا تضيعوها بعدم الثبات أو باستخدام العنف".

هذا في الوقت الذي ترددت فيه وسائل إعلام دولية في التعامل مع تمرد بسبب أرقامها التي كان يصعب التحقق منها على الأقل، وبعد 3 يوليو كتبت وسائل إعلام دولية كوال ستريت جورنال عن تمويل شخصيات كنجيب ساويرس لتمرد وكيف أنها حصلت على دعم من رجال أعمال معارضين لمرسي، وكتبت وسائل أخرى كوكالة رويترز عن دعم رجال الشرطة أنفسهم لتمرد، فهل تسرعت المهدي في مدح تمرد؟

في 30 أغسطس كتبت المهدي تنتقد تمرد قائلة "حماة الدولة "المدنية" تمرد وحمدين ... عايزين رئيس "عسكري"! لا فعلا تيار مدني ديمقراطي بجد"!

ألم يكن الأفضل لها التريث وعدم التسرع في الحكم على تمرد أو على الفرصة التي أعطتها تمرد لها!

(2) الحشد الجماهيري

في 32 مارس كتبت المهدي تؤكد على دور حشد الجماهير في اسقاط النظم، حيث قالت "لم نسقط الحزب الوطني بحرق مقراته، ولكن أسقطه حشد الملايين في الشوارع، وكذلك حكم الإخوان".

وفي 23 يونيو كتبت تقول "نحن في ثورة ... جماهير تصنع التاريخ بحلوه ومره ... لا نحتاج أن نعول على قضاء فاسد ولا جيش مستبد لتخليصنا من حاكم لا يصلح"

وفي اليوم نفسه كتبت تؤكد على أنه "لولا الحراك الشعبي ما كان صدر هذا البيان"، متحدثة عن مهلة الأسبوع التي تحدث عنها السيسي.

وفي 24 يونيو كتبت تحذر "محرمي الهتاف ضد الداخلية" قائلة "إن شاء الله الالتراس ينزلوا ويسمعوكم الهتاف اللي بجد".

وفي 29 يونيو كتبت تقول "الضمان الأكبر لعدم عودة سياسات مبارك ونظامه ليس الانسحاب ولكن وجود كتلة ثورية في الشارع ترفع نفس مطالب الثورة وتؤكد عليها" وذلك ردا على "وجود مخاوف عودة نظام مبارك وتدثر البعض بالعسكر".

وفي 1 يوليو كتبت تقول "نعم سيحاول رموز الثورة المضادة ركوب الموجة، ولكن الحل ليس في شيطنة هذه الموجة الثورية ... الحل يكمن في استيعابها من القوى الثورية".

وفي 2 يوليو كتبت تقول "لسنا مضطرين أن نخطب ود الجيش أو الداخلية ... أخطبوا ود الشعب ... فنزوله هو ما أجبرهم على موقفهم".

وفي 3 يوليو كتبت تقول "كتل فاعلة وحتى وإن كانت غير منظمة بشكل كافي ... هذه هي صمام الأمان ضد الاستبداد من أي نوع".

وفي اليوم نفسه كتبت بالإنجليزية مخاطبة وسائل الإعلام الأجنبية قائلة "هذه ثورة وليست مجرد تحول ديمقراطي ... رجاء اعطونا فسحة (مهلة) ... نحن نخلق أوضاع فوضاوية (عبثية) خاصة بنا ثم نقوم بتنظيفها".

باختصار عولت رباب المهدي على قوة الحشد الجماهيري، كانت ترى 30 يونيو و3 يوليو كسباق على الحشد الجماهيري، جماهير مقابل جماهير، فلول مقابل ألتراس، إعلام مقابل هتافات في الشارع.

والسؤال مرة أخرى هل تسرعت رباب المهدي في الحكم؟ وهل كان حكمها صحيح في ذلك الوقت (ألم تر الحماية الأمنية لجماهير 30 يونيو و3 يوليو؟ ألم تر الطائرات ترسم قلوبا في السماء)؟

وماذا عن الأن؟ هل تحتاج رباب المهدي مراجعة لتوصيفها لدور الحشد الجماهيري في المشهد الانقلابي؟ ألم تتضح الأن وجود عوامل أخرى غير أخطاء الإخوان (والتي لعبت دورا كبيرا بالفعل)؟ ماذا عن المؤسسة الأمنية؟ ماذا عن البيروقراطية المارقة؟ ماذا عن الدول الخليجية؟ ماذا عن رجال أعمال مبارك وفلوله؟ ماذا عن إعلام النظام؟

وفيما يبدو أنه مراجعة لأفكار سابقة، كتبت المهدي مقالا بالشروق في 15 فبراير الحالي تقول فيه: "سيردد أخرون أن السيسي هو تجسيد للإرادة الشعبية التي خرجت بالآلاف لتفويضه، وهي التي تضع صورته في كل مكان وتدافع عنه بشراسة دون أن يطلب هو ذلك. ولكن ينسى أو يتناسى من يرددون هذا الكلام أن هتلر في ألمانيا وصدام حسين في العراق في السبعينيات وحافظ الأسد كل هؤلاء خرجت من أجلهم الآلاف تهتف باسمهم وحياتهم لم يكونوا مأجورين ولا مكروهين".

مرة أخرى نحن لا نعفي الاخوان من المسئولية، ولا يعنونا في شيء أكثر من التيارات الشبابية والثورية التي قد تمثلها رباب المهدي؟ وطالبنا الاخوان بالمراجعة؟ فماذا عن المهدي ومن تمثلهم؟

(3) ثورة أم تحول ديمقراطي

في 26 يناير 2013، كتبت المهدي تقول "ما نشهده الأن هو نتيجة حتمية لمحاولات اختزال الثورة في عملية تحول ديمقراطي (مشوه) دون إحداث أي تغيرات جذرية"، والواضح هنا أن المهدي كانت محقة – كما ذكرت في مواضع أخرى – في أن الناس دعمت الثورة لأنها تطلعت لتغيرات جذرية، ولما لم يتمكن قادة الاخوان في الحكم من إجراء تلك الإصلاحات الثورية أو الجذرية السريعة أصبح طريق الثورة المصرية في اجتذاب الناس أكثر سهولة.

ولكن السؤال هل التحول الديمقراطي (المشوه) مبرر كافي للتخلي أو العصف بالتحول الديمقراطي بدون بديل واضح!؟

كتبت رباب المهدي في 8 أبريل بالشروق تحذر من أن "على قدر هوس الاخوان بصندوق الانتخابات بوصفه الآلية الوحيدة لإدارة الصراع السياسي على قدر تمترس المعارضة حول المظاهرات وكأنها السبيل الوحيد لتغيير النظام، والاثنان مهمان  بلا شك ولكن ضمن منظومة من أدوات النضال أكثر اتساعا وتشمل بالتحديد العمل النقابي والحركة الطلابية".

يعني المهدي كانت ترى أن نجاح الثورة هو بالمزج بين التحول الديمقراطي (الصندوق) والعمل الثوري (المظاهرات والعمل مع الجماهير).

لذا قالت بوضوح في المقالة نفسها "محاولة التعالي على الانتخابات بجميع أشكالها ... هو هدر لأحد الأسلحة المهمة".

ومضت تقول: "الانتخابات ليست في تعارض مع العمل الجماهيري والحشد لمظاهرات أو اعتصامات بل على العكس فإن أحدهما يكمل الأخر، وليس مصادفة أن تيار الإسلام السياسي ينجح في الصناديق كما ينجح في حشد المليونيات فهذا انعكاس لذاك بمعني ما".

وفي خاتمة المقال كتبت محذر "لا أحد يمتلك كاتالوج الثورة كما يحب بعض المحللين أن يدعوا، ولكنا نتعلم من التجربة".

ولكن بعد ذلك بشهرين ومع احتدام الصراع السياسي، كتبت المهدي تقول في 23 يوليو "نحن في ثورة ... جماهير تصنع التاريخ بحلوه ومره"، وبهذا تراجع خطاب التحول الديمقراطي أمام الخطاب الثوري (الذي لا يملك أحد كتالوجه).

بل وكتبت في 3 يوليو بالعربية تلوم "السادة المحللين يرون المشهد فقط عبر ثنائية "التحول الديمقراطي" في مقابل "الانقلاب العسكري" لأنهم لا يرون الجماهير، ولا يؤمنون أن هناك ثورة. المعادلة ليست فقط الصندوق أو السلام ... هناك بشر ... كتل جماهيرية فاعلة حتى وإن كانت غير منظمة بشكل كافي ... هذه هي صمام الأمان ضد الاستبداد من أي نوع".

وبهذا وضعت الثورة كخيار ثالث يتخطى ثنائية التحول الديمقراطي والانقلاب العسكرين وليس كخيار مكمل للتحول الديمقراطي كما ذكرت في 8 أبريل محذرة من "لا أحد يمتلك كاتالوج الثورة".

وبهذا وفي لحظة معينة قررت المهدي مساندة تعطيل التحول الديمقراطي لما رأت أنه بديل ثوري لا تمتلك "كاتالوجه" متجاهلة فكرة أن ما يحدث هو انقلاب عسكري، وبدون امتلاك خطة واضحة للتغيير، كما حذرت هي مسبقا.

هل وقعت رباب المهدي في سياسة رد الفعل!؟

ثالثا: رباب المهدي: "الإخوان كعادتهم في هذه الثورة هم حصان طروادة لكل ما هو سيء"

في 23 مارس 2013 كتبت المهدي تقول "لم نسقط الحزب الوطني بحرق مقراته، ولكن أسقطه حشد الملايين في الشوارع، وكذلك حكم الاخوان"، وفكرة اسقاط حكم الاخوان هنا تحتاج وقفه، لأنه حكم جاء عن طريق صناديق الاقتراع.

في 20 يونيو كتبت تقول "لن نكون مطية لسلطويين عسكر أو فلول أو إخوان"، وفي 26 يوليو كتبت تقول "الإخوان كعادته في هذه الثورة هم حصان طروادة لكل ما هو سيء"، يعني التيارات التي تدعي المهدي تمثيلها لن يكونوا مطية، والاخوان ليسوا مطية فقط، بل مطية "معتادة" و"لكل ما هو سيء"، فهل وقعت المهدي في خطأ التعميم والتشويه؟

وتكررت الفكرة في مقال للمهدي بالشروق في 31 أغسطس تتحدث فيه عن "استغلال أجهزة القمع للإخوان كحصان طروادة الذي عن طريقه تتم عسكر الدولة والمجتمع"، والسؤال هنا هل تقع المهدي في خطأ التبرير واستخدام الاخوان لشماعة يتم تعليق كل الأخطاء عليها؟ هل دعمها لـ 3 يوليو لم يستخدم كمطية للعسكر ورفض الاخوان له هو مطية العسكر؟ هل دعمها لمشاركة "الجناح المدني" في حكومة 14 أغسطس وقانون التظاهر ليس مطيعة لعودة الدولة البوليسية؟

في 16 أغسطس وبعد يومين فقط من قتل المئات من المتظاهرين في رابعة، وهي الحادث التي هزت منظمات حقوق الانسان الدولية، كتبت المهدي تقول "لن يستطيع تنظيم الاخوان أو الدولة البوليسية التي تحاول استعادة مجدها أن تحسموا المعركة بالعنف. الطرفان لا يملكان القوة اللازمة لسحق الأخر، والخاسر الوحيد هو من يتلمسون الحق في معركة خاسرة"، فهل وقعت المهدي في خطأ المساواة بين ضحية وجاني في لحظة إنسانية صعبة!؟

المثير هنا أنه بعد خمس أيام فقط أي في 21 أغسطس نشر الاهرام الإنجليزي حوارا للمهدي تقول فيه "لا أستطيع القول أن قوة الإخوان المسلمين تتساوى مع قوى الجيش أو البوليس".

في المقابلة نفسها تصف المهدي الإخوان قائلة "نحن لا نتحدث فقط عن مجرد حزب أخر أو منظمة أخرى، ولكن هي تيار اجتماعي".

ورغم إقرار المهدي بأن الاخوان تيار اجتماعي وليسوا مجرد حزب، عادت واستخدمت عبارات فضفاضة عن رفض المصريين لحكمهم، مثل القول  في 15 فبراير بالشروق أن "من أنقذ البلد من حكم مبارك ثم حكم مرسي ومن أنقذ المشير السيسي ذاته من مصير مظلم هو الشعب"، وتذكر في المقال نفسه "لو لم يخرج قطاع كبير من الشعب في 30 يونيو لكان مصر الفريق السيسي هو نفس مصير قادة الجيش في فنزويلا عان 2002"، وهنا نقع في إشكالية تعريف الشعب وعدد من خرج في 3 يوليو التي تدعمها المهدي وكيف يمكننا تحديد الأعداد بعيد عن المسار الديمقراطي.


رابعا: التيارات الثورية كقطب ثالث

في 31 أغسطس كتبت المهدي بالشروق تقول: "أما القوى الثورية فعليها تنظيم صفوفها بعيدا عن الاخوان وحلفائهم ولكن ليس بعيدا عن المبادئ التي قامت عليها ثورة 25 يناير، فلم يكتب علينا أن يكون خيار هذه الثورة بين نظام أمني بائس ونظام إخواني أبأس، ولكن بلورة خيار ديمقراطي جذري بعيدا عن دولة الطوائف التي سجعها الاخوان ودولة الأمن التي أسسها مبارك هي مسئولية هذه القوى".

وفي مقالها مع الأهرام الإنجليزي تؤكد المهدي على الفكرة نفسها قائلة: "نحتاج أن نرى القوى الثورية تتقارب سويا بعيد عن التحالف الحتمي المفترض مع أي من الجيش أو الإسلاميين".

ومشكلة هذا التصور أنه يضع ما تسميهم المهدي "بالإسلاميين" وهم تيار واسع للغاية في سلة واحدة، وحتى الإخوان، حيث يفرق البعض بين الاخواني العادي وقادة التنظيم، كما أن يحول ما تسميهم المهدي بالقوى الثورية لقطب ثالث أو إضافي بدلا من أن يكون قطب يجتمع على أجندة ثورية ويرحب بالجميع بدرجة من المرونة.

أما الأغرب فهو على الرغم من تأكيد المهدي على أهمية استقلال القطب الثوري عن الإخوان والعسكر، نجدها تتحدث في مقال الشروق نفسه عن "التمسك بدعم خيار المسار الديمقراطي الذي طرحه الجناح المدني في النظام الحالي بقيادة د. زياد بهاء الدين، فهذا أكبر من فكرة المصالحة مع الاخوان أو محاولة دمجهم في الحياة السياسية (التي مازالت غير ممكنة) ولكنه مسار يؤكد على ما بدأناه في 25 يناير 2011 وتحالف الاخوان مع المجلس العسكري لإسقاطه. هو مسار بناء دولة في خدمة مواطنيها والخروج بالديمقراطية لما هو أبعد من فكرة الصناديق الانتخابية (وإن كان يشملها)، مسار سياسي يضمن أن تكون هناك قواعد تمكننا من محاسبة كل مخطئ دون اللجوء لفكرة العقاب الجماعي وتضمن أن تكون هناك مؤسسات لا يملكها فصيل بعينه، وعلى الرغم من أن هذا المسار يظل مجرد خطوطا عامة إلا إنها مسئولية القوى السياسية ترجمته لمطالب وآليات محددة ورفع سقف طموحاتها بعيدا عن تصور أن ما تحتاجه مصر هو فقط الحل الأمني".

وهنا يظهر مرة أخرى عدة اشكاليات، وهو رفض المهدي للتحالف مع العسكر ولكن قبولها بالمشاركة في حكومته؟ وثانيا: استمرارها في تلك الشراكة بعد كل ما حدث وعلى حساب بديل ديمقراطي رأت المهدي أنه مكملا للمسار الثوري، وثالثا: اصرار المهدي على الاستمرار في حكومة الانقلاب بعد ما ارتكبه من انتهاكات، ورابعا: عدم امتلاكها لضمانات واضحة تضمن نجاح هذه الشراكة، وهو ما تجلى باستقالة بهاء الدين نفسه.

فهل تحتاج رباب المهدي ومن تعبر عنهم مراجعة أنفسهم وموقفهم من النقاط السابقة!؟


خاتمة وتساؤلات

إذا كانت رباب المهدي ومن تمثلهم تيار ثالث يرفض أن يكون "مطية" للإخوان أو العسكر، فلماذا دعمت 3 يوليو؟ ولماذا قبلت بدعم المشاركة في حكومة 3 يوليو والاستفتاء الذي نظمته؟

ثانيا: ما هي الضمانات التي امتلكتها رباب المهدي ومن قد تمثلهم للمشاركة في نظام 3 يوليو؟ يعني آلا يفرض في الفاعلين السياسيين والكتاب بعض العقلانية التي تحميهم من الوقوع في "رد الفعل" كما تطالب المهدي نفسها؟ فأي الضمانات امتلكت لكي تشارك في نظام 3 يوليو!؟

ثالثا: ما هو الدور الذي تلعبه مبادئ أساسية كحقوق الانسان، ونقصد هنا حقوق الجميع بما فيهم الاخوان، في مواقف المهدي وأنصارها؟ يعني كيف تبرير دعم من استمروا في حكومة نظام 3 يوليو بعد مذبحة رابعة!؟

رابعا: دعمت المهدي تمرد وتنازلت عنها، طالبت بأن يكون المسار الثوري داعما لمسار التحول الديمقراطي، ثم تخلت عن ما تم تحقيقه على مسار التحول الديمقراطي في 3 يوليو وبشكل سريع وربما مفاجئ، وبدون بديل واضح، وهو ما ثبت باستقالة البرادعي ثم زياد بهاء الدين، فهل اعتذرت المهدي بشكل واضح، أم أنها تكتفي فقط بمطالبة الاخوان بالمراجعة والاعتذار!؟

خامسا: هل أصبحت التيارات التي تطلق على نفسها اسم "شبابية وثورية" قطب ثالث؟ هل باتت منطقة تلاقي للتيارات الدينية والعلمانية الداعمة للثورة؟ أم أنها تقف الأن على قطيعة من بعض التيارات مضيفة قطب جديد لأقطاب الاستقطاب السياسي في مصر.

والله أعلم، ما رأيكم!؟ 

Friday, February 14, 2014

4 نقاط ضعف للانقلاب

مبدئيا الانقلاب يعاني من نقاط ضعف نذكر منها التالي:

1) الأفكار، طبيعة النظم المستبدة تقوم على الحفاظ على السلطة، والدوران حول شخص الحاكم، مبارك حكم 30 عاما دون فكر تقريبا. 

ولكي يستفيد أنصار الديمقراطية بهذا العيب عليهم أن يطوروا أفكار واضحة عما يريدونه، عن الديمقراطية والتغيير المنشود، ويسعون لنشرها بين الناس، وكلما تميز الفكر بالوضوح والتماسك الداخلي والتمسك بالمبادئ كلما زادت قوته.

2) العمل المباشر مع الجماهير، فالنظم المستبدة لا تمتلك أحزابا حقيقية أو حركات جماهيرية، النظم المستبدة تعجز على العمل مع الناس، وهنا يجب الوصول إلى المواطن العادي، والحديث معه في كل مكان، فالحركات السياسية الحقيقية هي الموجودة في الشارع وليس الانقلاب.

3) الإعلام من نقاط ضعف الانقلاب الاساسية، فهز يتميز بالتعددية، ومهما فعل الانقلاب لن يستطيع إسكات صوت وسائل الإعلام المعارضة، فلو أغلقها في الداخل ستعود له من الخارج، وهنا يجب انتهاز فرصة انكشاف مساندي الانقلاب، وبناء أكبر عدد من وسائل الإعلام الجديدة الصادقة المعبرة عن روح التغيير وصاحبة الرسالة الصادقة الأخلاقية المتماسكة.

4) المصريون في الخارج، وغالبيتهم كما تشير إرقام مختلفة هم من معارضي الانقلاب، وهنا يظهر الدور الذي يمكن أن يقوم به المصريون في الدول الغربية على وجه الخصوص، فهي الدول التي يخطب الانقلاب ودها، ويمكن للمصريين في الخارج التحرك فيها بحرية وإزعاج الانقلاب، وهنا نحتاج مرة أخرى لفكر جديد متماسك داعم للديمقراطية والحقوق والحريات وتيارات سياسية تعبر عنه.

يمكن بمزيد من التنظيم أن يتحول المصريون في الخارج لمصدر إزعاج أكبر للانقلاب.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
الممول عايز كده

معتز عبد الفتاح قالها لزميله عمرو أديب صريحة "أنت معتمد في اللي بتعمله على ناس بتديك فلوس علشان متشوفش إخوان تاني".

يعني إيه؟ 

يعني أولا أن الممول شريك أساسي؟ صاحب المال حر فيه؟ والشريك المصري المستبد على مدى العصور رهن البلاد للشريك الأجنبي وفتحها له على مصراعيها ليستغل ثرواتها لكي يبقى المستبد المحلي في الحكم؟ وما يحدث الأن امتداد لتقاليد سحيقة.

ثانيا: يعني انسوا موضوع الحوار مع الانقلاب والمبادرات ... ألخ، الشريك المصري مش صاحب قراره أصلا، الشريك الأجنبي مش عايز إخوان، يعني الراجل الكبير يعمل إيه؟ يموت نفسه علشان خاطركم؟ هما قالوله مش عاوزين إخوان!؟

موضوع الحوار ده خيالات ممكن نتسلى بيها؟ الناس دي مش بتحاور؟ اللي عايز الفلوس يقبل الشروط؟ واللي مش عاجبه يدور له على ممول تاني ويرجع فلوسنا. خاصة إن اللي عايزين تمويل كتير.

ثالثا: الناس مش عايزة تشوف إخوان أصلا، يعني ما ينفعش شرعية ولا برلمان ولا حكومة ... ألخ، الممول مش عايز يشوف إخوان، الأمور واضحة، وطلبات الممول أوامر، والشريك المصري يجب أن يرضى الشريك الأجنبي ويكرمه، أصل الكرم ده طبع مصري أصيل، بس الشريك الأجنبي يأمر.

السؤال هو ما هو حدود الاستئصال اللي عايزه الشريك الأجنبي؟ سيبك من الناس اللي ماتت، الله يرحمها، ويكرمها في جناته، السؤال عن الناس اللي لسه عايشة، وهم كتير.

يعني ينفع نسيب الإخوان بره السجون ولا نلمهم كلهم؟ طيب نعمل فيه إيه بعد عدة أشهر؟ طيب نطلع قرار نجردهم من حقوقهم السياسية (زي قرار الإرهاب كده) ولا نجردهم من الجنسية المصرية كلها ونستريح؟

يا ريت حد يقول للشريك المصري يسأل الشريك الأجنبي هو عايز إيه بالضبط علشان نعرف ونستريح؟

ولا إيه رأيكم!؟
دولة ضعيفة أم تتمارض؟ 

يقولون أن الدولة ضعيفة وتحتاج حاكم قوي، ونقول الدولة ليست ضعيفة ولكنها تتمارض.

الشرطة المكسورة أمام البلطجية تحشد قواتها بالعشرات للقبض على فتيات صغيرات في طريقهن للمدرسة.

الأقلام المقصوفة أمام الحاكم العسكري هي كالرماح ضد القوى السياسية الفائزة في الانتخابات الديمقراطية.

رجال الأعمال الذين راكموا الثروات في عهد مبارك هربوا خلال حكم المنتخبين ليعودا للاستثمار في عهد الانقلاب.

الدبلوماسية المصرية التائهة بعد الثورة والرافضة للتعاون مع المنتخبين، تحشد قواها في "الحرب على الإرهاب".

الاقتصاد الذي كان على شفا الانهيار حي يرزق وأزمة الطاقة وجدت لها "الدولة" حلول.

الدولة تتمارض كما تمارضت على مدى عقود في عهد الاستبداد على المواطن الغلبان لتظهر صحتها وقوتها وحسنها في أحضان الحاكم المستبد.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
ملاك دولة جمهورية مصر العربية

المهم يا سيدي إننا اكتشفنا أنها ليست دولتنا، يعني مصر ليس ملكا لي ولك أو للمواطن الفقير والعادي، ليست ملكا للعمال أو الفلاحين أو ملايين الناخبين الذين صوتوا لهذا أو ذاك، الدولة في النهاية ملكا لعدد قليل من الأفراد الذين يسمحون أو لا يسمحون لنا بالعيش فيها.

هي ملك للسيسي وهو رجل متوسط الحظ من التعليم يتحكم في جيش مليء بالسلاح ويرى أنه صاحب الحق في تحديد هوية الدولة ومن يحكمها وطريقة حكمها.

هي ملك محمد إبراهيم والذي يرى أن من حقه التعاون أو عدم التعاون مع من يختاره الناس ليحكم مصر، ومن حقه أيضا أن يسجن "الإسلاميين" وآلا يراهم في الحكم، "الإسلاميون" بالنسبة له مكانهم السجون وليس القصور.

هي ملك لأصحاب الذوات المتضخمة من أمثال حازم الببلاوي ومصطفى حجازي وبعض مثقفي القاهرة الذي لا يعرفهم إلا بضع مئات من الأشخاص ولم يخض أي منهم انتخابات في حياته، ولكن يرى أنه عبقري زمانه، وأن المصريين مدينين له باستحقاق ما، وأن عدم توليه منصب جريمة في حق المصريين تسمح له بالتعاون مع العسكر في الانقلاب على المسار الديمقراطي، بل تسمح له أيضا بأن يوفر غطاء سياسي لقتل المئات من أبناء الشعب الذي لم يقدره حق قدره.

هي ملك لأصحاب المليارات التي كونوها في عهد مبارك ويمثلون وكلاء لدول الاستبداد الإقليمية في مصر والذين يرون أن دورهم هو إنفاق مليارات بالوكالة لتقويض فرص الديمقراطية وتجويع الناس لو تطلب الأمر واختلاق الأزمات وتجهيل المصريين لكي يظلوا بلا حقوق في بلادهم، مجرد عمال تراحيل لا أكثر ولا أقل.

هناك من يحاول أن يقنعنا بأنها دولتهم وليست دولاتنا، وللأسف كثير من يقتنع من فرط الظلم والقمع والتجهيل.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
دولة الدعاة التي لم يكن لها أن تستمر

ماذا يحدث في الديكتاتوريات؟ يقضي الدكتاتور على فرص العمل السياسي فيلجأ الناس للمؤسسات الأساسية في المجتمع كالأسرة والقبلية والمؤسسات الدينية.

فيتحول رئيس القبيلة أو إمام المسجد أو القس بالكنيسة لرجل سياسة، وطبعا مشاركة أي منهم في السياسة ضروري ومفيد فللأخلاق والدين دور هام في السياسة، ولكن في النهاية هذا ليس تخصصهم.

عمرو خالد أنشأ حزبا ثم اعتزل السياسة ثم صوت بنعم على الاستفتاء.

برهامي وزملائه ارتبكوا كل الأخطاء السياسية الممكنة تقريبا، تشددوا في التعامل مع رئيس ديمقراطي، وتحولوا لنعام مع الانقلاب، واضروا كثيرا بالتيار السلفي بمصر وأرهقوا شبابه.

بعض قادة الكنيسة تحولوا بشكل مؤسف لدعم الانقلاب، بدلا أن يكونوا كرجال دين مع الحقوق والحريات، تحولوا في بلد منكوب كمصر لداعمين "للحرب على الإرهاب".

محمد حسان لا يحرمنا من مواقف بائسة في دعم السلطة، من حملة المعونة الأميركية لجريدة الرحمة لمؤتمر سوريا.

محمد عبد المقصود شكل حزبا وأضر هو وحسان بمرسي شر ضرر خلال مؤتمر سوريا، خطاب مذهبي وطائفي في حضور رئيس دولة كمصر، الأسف نفسه.

الإخوان بدلا من أن يوحدوا القوى السياسية حالوا توحيد الدعاة في هيئة أو جبهة ما، في النهاية انقسمت بسبب مواقف حزب النور، والسؤال هل هذه كانت الأولوية، أين الوعي؟

عاصم عبد الماجد ووجدي غنيم وغيرهم من اصحاب الخطاب اللاذع المتشدد.

التيارات الدينية لو كانت مصرة على العمل السياسي لا تحتاج لمزيد من الدعاة، هي تحتاج لإعلاميين محترفين ولمنظمات حقوق إنسان ومنظمات سياسية، دولة الدعاة هي نتاج لدولة الاستبداد، ونحتاج جميعا تخطيهما.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
أسوأ سيناريو لتقسيم مصر

قادة الانقلاب الأرعن يطبقون أسوأ سيناريو لتقسيم مصر منذ عقود، مصر المريضة بالاستبداد والتي تعاني من قمع نظام مبارك وغياب الفكرة والمشروع وتزييف الوعي وسيطرة الأقلية المستبدة ورجال أعمال النظام القديم منذ عقود، تعاني الأن من مشروع أسوأ للتقسيم. 

الانقلاب الأرعن يحاول فرض أقلية من المتشددين على غالبية الشعب من خلال مشروع سياسي متشدد بامتياز، عسكرة الدولة وقومية شيفونية زائفة وهستيريا جماعية هوجاء وعودة مصر لاحضان الاستبداد الداخلي والأقليمي.

الانقلاب الغبي يدفع الأغلبية السياسية في مصر للانعزال والشعور بالظلم والقهر في بلادها، يهدم شعورها بالانتماء لبلدها لافتقارها العدل، يدفعهم للشعور بالاغتراب والحاجة للبحث عن وطن بديل حتى داخل وطنهم.

إعلام مجرم يتخصص في تزييف الوعي يتماشى مع موجة الهستيريا الجماعية والوطنية الكاذبة ويرسخ نفس المفاهيم المتطرفة "انتوا شعب واحنا شعب" و"الحرب على الارهاب".

قوات أمن عصية على الحكم الديمقراطي متورطة في قتل العشرات بسيناء والمئات عبر محافظات مصر مما يعرض البلد لعدم استقرار هائل وموجة تشدد واستقطاب لا نهاية له بسبب الدماء التي تسيل.

أدنى شعور واعي بالمسئولية أو بالوطنية كان يجب أن يقف حائلا قويا ضد تلك الممارسات المتشددة التي تزعزع استقرار الوطن، وتعصف بكل معاني الهوية الوطنية والتماسك الاجتماعي.

ولكن ماذا تفعل عندما يسيطر الجهل والتشدد ويقل الوعي السياسي لحدود مخيفة وتنفلت مؤسسات الدولة وتصبح عصية على الحكم الديمقراطي وتتواجد أقليات متشددة انتهازية ودعم خارجي كبير من نظم مستبدة تدفع المليارات لوقف التمدد الديمقراطي في مصر.

ما يحدث في مصر كثير، والأمل هو في وعي الناس بخطورته وافاقتهم على حقيقة القيادات المتشددة الجاهلة للانقلاب التي تعرض البلاد لمخاطر لا حصر لها، والوقوف في وجههم.

أما قادة الانقلاب فهم من يجب أن يحاسب على تعريض أمن وسلامة ووحدة البلاد للخطر، فهم يطبقون أسوأ سيناريو لتقسيم مصر وتهدديها وتعريض أمنها ومجتمعها للخطر منذ عقود إن لم يكن قرون.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
ضعف المعسكر الديمقراطي وإعلامه في بلادنا

الهجوم كله هذه الأيام في مصر ودول عربية كثيرة على صوت المعارضة، ذلك الصوت الذي يدعو للتغيير السياسي والانتخابات الحرة وفرصة صعود تيارات جديدة للسلطة. 

هذا التيار بات خطرا وعميلا للخارج يحاول تقسيم البلاد، في المقابل يبقى الطرف المستبد على السلطة والذي يدور بشكل رسمي في معسكري الاستبداد الأقليمي واليمين الغربي. 

عموما موضوعنا هنا أن السنوات الثلاثة الأخيرة أثبتت مدى ضعف صوت التغيير، هو أقلية صغيرة للغاية تعاني داخليا وخارجيا.

داخليا هو يعاني من حلفاء اختلط عليهم الأمر، فتيار التغيير يعاني من أمراض كالشعبوية ودعاة المذهبية والطائفية والحروب الدينية، وقلة الوعي بالديمقراطية ومتطلبات التحول الديمقراطي.

وخارجيا، يعاني تيار التغيير من حملة مهولة تعاني من نفسه أمراضه وأكثر، فهي حملة مريضة نفسيا كعادة الاستبداد الذي يعاني بشكل مستمر من انفصام في الشخصية، فهو أصل المصائب ويأتي بكل الموبقات السياسية ثم يكتفي بلوم الطرف الأخر والضحية.

خارجيا تيار التغيير أقلية صغيرة في بحر من الاستبداد العربي الخالص، بنية متكاملة من الاستبداد بإعلامه ومؤسساته الدينية والتعليمية والأمنية والاقتصادية.

العالم العربي في حاجة لعشرات إن لم يكن مئات من المؤسسات الديمقراطية الجديدة، كل الموجود أثبتت التجربة أنه ضعيف للغاية، حتى القنوات الكبرى المحسوبة على معسكر التغيير هي نفطة أما طوفان من القنوات الداعمة للاستبداد.

المطلوب كثير، والتغيير ليس سهلا، يجب إدراك الواقع، والعمل بأمل وجدية لبناء عشرات المؤسسات الديمقراطية الجديدة، يجب تشييد مزيد من وسائل الإعلام والمنظمات المدنية ومراكز الدراسات والحركات الشبابية والسياسية والاجتماعية.

يجب المراهنة على الأجيال الجديدة وعلى العمل مع الناس وعلى المبادئ الواضحة.

يجب أيضا علاج أمراض تيار التغيير، من مذهبية وطائفية وحروب دينية وهوياتية وقلة وعي بحقوق الانسان والديمقراطية ومتطلبات التحول الديمقراطي.

يجب التركيز على أفكار جديدة وعلى رأسها التعددية والحريات وسبل التحويل الديمقراطي، وكيف ننشر الوعي بها وسط الانسان العادي.

لا داعي لليأس أبدا، فما تم انجازه قليل للغاية، وعدم يقوم أنصار التغيير بما عليهم ثم يفشلوا يوما يمكن أن يقولوا أنهم قاموا بالواجب، والوقت مبكر للغاية لادعاء ذلك.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
سفينة نوح

المطالبون بالتغيير الحقيقي والجاد في بلادنا كبناة سفينة نوح (في فروقات التشبيه) فيما يتعلق بالسير ضد التيار. 

الحديث عن التغيير الحقيقي والجاد كمن يبني سفينة في الصحراء منتظرا لحظة التغيير الجاد لكي تسعفه وتسعف من حوله، وفي سبيل ذلك لابد أن يسخر منه كل من يمر به.

بالنسبة لكثير من الناس بعض العبودية (الرضا بالاستعباد) تكفي، بعض الشعوبية تكفي، بعض المذهبية أو الطائفية أو الكراهية السياسية أو الحروب الدينية تكفي.

كفاية كلمتين عن الغرب والحرب على الإسلام أو على الإرهاب أو بعض مظهر التقوى أو الوطنية وهو "كله ينفع وماشي".

يعني الكل سيسخر منك، الكل يريدك أن تترك السفينة وأن تتنازل عن قناعاتك وأحلامك وأن تشارك معهم في شيء ما هم لا يعرفون طبيعته على وجه التحديد، حاجة وخلاص.

القضية هي أنه لما سيأتي التغيير لن نجد سفينة، لن نجد أفكار لإصلاح الشرطة والإعلام والجيش، سنجد دعاة وتيارات متصارعة وبيروقراطية مارقة وأمن باطش وخارج متحفز ضد الديمقراطية، ولن نجد سفينة نتمسك بها، أو تمتلك القدرة على الابحار وسط الطوفان.

رحم الله نوح (عليه السلام) وأتباعه، أكيد نالهم الكثير من الكل، السخرية كانت سهلة، وصناعة سفينة في وسط الصحراء لابد وأنه قد عرضهم لكثير من السخرية والأذى وحملات التشوية وربما بعض الحملات الأمنية والثورة المضادة.

مع التأكيد مرة أخرى على فارق التشبيه وأن الهدف ليس القول بالمساوة مع الأنبياء وأتباعهم، ولكنها استعارة للفكرة الخالدة ومعانيها الهامة للفهم.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

Thursday, February 06, 2014

الدور السعودي في دعم الاستبداد بمصر

العاهل السعودي اتصل بأوباما ليضغط عليه لعدم التنازل عن مبارك.

الإمارات والكويت لم يدعما مصر إقتصاديا إلا بعد الانقلاب والسعودية تبرعت بالقليل. 

الدول الثلاثة دعمت الانقلاب ماديا وصمتت على أي انتهاكات يرتكبها ضد المصريين.

هناك تقارير تتحدث عن دور إماراتي رافض لأي حل للأزمة المصرية ينتهي بالتوافق بين الاخوان والقائمين على السلطة حاليا. 

السعودية ضغت على أميركا مؤخرا لكي تظهر مزيد من الدعم للإنقلاب.

دول الدول الثلاثة لا يضاهيه في المنطقة سوى دور إسرائيل التي رفضت عزل مبارك وتدعم الانقلاب بكل قوة حاليا في الدوائر السياسية الأميركية.

السؤال هو أي نظام عربي يعيشه العرب، ولماذا تتخذ الدول الثلاث هذه المواقف ضد الثورة المصرية التي لم تكن موجهة ضد أحد؟

إلى أي مدى ستدعم الدول الثلاث انتهاكات حقوق المصريين وستحمي الانقلاب ونظامه؟

هل تلك السياسات تفيد الدول الثلاث أم تضر بمصالحها الحقيقية في مصر على المدى الطويل!؟

لا أعتقد أن الثورة المصرية قامت ضد أي دولة أجنبية، هي فقط قامت لحماية حقوق المصريين المهدرة منذ عقود، فلماذا هذا الموقف السلبي من حقوق وحريات شعب عربي كبير وشقيق؟

والله أعلم، ما رأيكم!؟
خطأ شائع في تحليل المعارضة في بلادنا

يقولون أن المعارضة السورية في الخارج تنفق وقتها في الفنادق وغرف الطعام وفتحت الباب للقاعدة في الداخل.

يقولون أن معارضو ليبيا حولوا البلد لميلشيات.

يقولون أن الاخوان فشلوا في الحكم في مصر. 

يا سيدي كان الأولى ببشار أن يحتض شعبه، وبالقذافي بأن يعطي شعبه فرصه يتنفس، ولمبارك أن يدرب الاخوان على فنون الحكم.

يا سيدي نظمنا الفاشلة المسيطرة على الحكم منذ عشرات السنين قتلت معارضيها قتلا وأودعتهم السجون، حتى التعليم شوهته لكي لا ينشأ جيل جديد يعرف منى الحرية أو الكرامة.

يا سيدي اعتدنا الهروب من مواجهة الجاني بلوم الضحية، نفعل ذلك في بيوتنا وأسرنا ومجتمعاتنا، وكل جوانب حياتنا تقريبا.

الحكم ليس لهذه الصعوبة وللتحليل أصول.

بشار لم يكن في حاجة لقتل الآلاف من شعبه لكي يحميهم من خطر القاعدة، القذافي لم يكن في حاجة لأن يدر البلاد بكل هذه الفوضى المضحكة حول العالم لكي يحميهم من الارتباك بعد رحيله، العسكر في مصر لم يكونوا في حاجة للانقلاب على أول رئيس منتخب وقتل المئات من مؤيديه في الشوارع لكي يحموا مصر من العنف وعدم الاستقرار.

يا سيدي، للتحليل أصول، لا نستطيع أن نفهم ما يحدث اليوم ما لم نعرف ماذا حدث أمس والأسبوع الماضي وقبل عام، لا نستطيع أن نقيم أعوام الربيع العربي الثلاثة دون أن نفهم عقود الاستبداد في بلادنا.

يا سيدي الحكم ليس بهذه الصعوبة، بلاد الغرب بها مظاهرات وأحزاب ومؤسسات مدنية ولا يسجن أو يقتل أو يعذب أحد.

نطالب من حرموا من السياسة بكل شيء ونتسامح مع المستبدين الذي حرموا الجميع من المشاركة ومازالوا يفعلون.

إصراركم على لوم الضحية دون وضع الأمور في سياقها ليس إلا دليلا على مرض مستعصي وهو الخضوع للاستبداد والاذعان له ولحججه الخاطئة.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
في ضرورة أن يرفض العالم الحل السعودي بمصر

لو تركت مصر للقوى الإقليمية بقيادة السعودية فلن يختلف مصيرها عن العراق أو لبنان، دولة غير مستقرة لا تعرف للاستقرار الحقيقي أو الوحدة السياسية معنى، مقسمة بين طوائف وأحزاب سياسية معتمدة على الخارج وساحة للصراعات السياسية بالوكالة.

هذا ما حدث في دول كثيرة خضعت للحل الإقليمي، اليمن نموذجا، والعراق ولبنان وسوريا حاليا، الحل الإقليمي لم ينتج أفضل من ذلك، ولما تراجع قليلا ظهر لدينا نموذج كتونس التي حباها الله بموقع بعيد نسبيا عن قلب العالم العربي بكل صراعاته الاقليمية.

قلت من قبل أن الحل الذي قدمته مرحلة القيادة السعودية للنظام العربي ليس مناسبا، فهو حل قديم يقوم على شراء مراكز القوى ويفتقر لقيم وأليات واضحة أو حتى مؤسسات.

علاقات قوى تدار بين نخب تصنع على عين نخب أخرى، والديمقراطية وحقوق الانسان والحريات غائبة، الشعوب غائبة، المؤسسات والاستقرار الحقيقي غائبين.

مصر تحتاج أن ترفض الحل السعودي، وتبني ديمقراطية حقيقية مستقرة مفتوحة أمام الجميع للمشاركة في بنائها وليس لتحويلها لساحة صراع داخلي.

للأسف متشددون مثل السيسي ونبيل فهمي لا يدركون ذلك، هم يلعبون لعبه صراع القوى القديمة المدمرة، لعبة التحالفات وشراء الأسلحة من ذاك والبحث عن كفيل قوي بالمنطقة.

بنظرهم القاصر وأيدولوجياتهم المتشددة يريدون تحويل مصر للبنان أخر أو عراق أخر تدوم لهم فيه السلطة بالمساعدات الخارجية.

للأسف الانسحاب الأميركي من المنطقة يساعد على ذلك، ونتمنى أن ينتبه العالم والمصريون لمخاطر الحل الإقليمي قبل فوات الأون.

أتمنى أن تنتبه القوى الإقليمية ذاتها إلى أن هذا الحل لا يصب في صالحها، ولا نعلم لماذا تصر على العودة للنظم القديمة البالية ولماذا لا ترحب بصعود قوى مجاورة منفتحة تشارك في صناعة مستقبلها بدلا من أن تشارك في سجنها في ماضيها.

والله أعلم، ما رأيكم!
هل المصريون مسلمون أم عرب أم أقباط أم فراعنة؟ إجابة جمال حمدان 

"تكوين مصر الجنسي سابق على تكوينها الديني بنحو 3000-4000 سنة على الأقل، فالأساس لأنثروبولوجيتها أسبق كما رأينا من المسيحية بأكثر من 3200 سنة ومن الاسلام بأكثر من 4000 سنة على أقل تقدير ... "الطابع الجنسي العام للمصريين قد وجد واتخذ صورته قبل أن يكون هناك أقباط ومسلمون". 

وفي هذا، بالمناسبة، رد ضمني وتوضيحي أيضا على النظرية الشائعة من أن الأقباط أقرب إلى تمثل المصريين القدماء من المسلمين، ولا شك أن هذا صحيح – وانما بالنسبة إلى جزء من المسلمين وليس كلهم، فليس كل المسلمين بالضرورة قد داخلتهم دماء عربية أو غير عربية، فهؤلاء إذن لا يقلون قربا من المصريين القدماء عن الاقباط والأصح ايضا أن نقول عن معظم الاقباط لا كلهم ذلك لأن الأقباط هم أيضا قد داخلتهم بعض مؤثرات خارجية، وان تكن غير عربية أو إسلامية بالطبع، وذلك من خلال الزواج المختلط مع بعض العناصر والجاليات المسيحية اللفانتية والأوربية.

بل أن المسلمين الذين انحدروا من الأصل المصري الأول دون التأثر بالدم العربي هم ببساطة شديدة أضعاف أضعاف أولئك الذين تأثروا به، وهم بالتالي عشرات أضعاف الأقباط أنفسهم، وهم ومن ثم ليسوا "دخلاء" على مصر في أي معنى ولا هم أقل "مصرية" في الاصل عن الأقباط – وإلا لكان معنى هذا أن الغالبية العظمى من المصريين "دخلاء" وهو توهم مختل على النقيض المطلق من الحقيقية العلمية التاريخية وانحراف منطقي على النقيض المطلق مع أولويات العقل."

المصدر: جمال حمدان، شخصية مصر، دراسة في عبقرية المكان، الجزء الثاني، ص 519-520.
موقف العفو الدولية من إعلان الإخوان منظمة إرهابية 

تقول منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر في 22 يناير الحالي بعنوان "خريطة طريق القمع ... لا نهاية في الأفق لانتهاكات حقوق الانسان" التالي: (ص 24)

"تخشى العفو الدولية من أن قرار (إعلان الاخوان منظمة إرهابية) مدفوع بدوافع سياسية بهدف الموافقة على مزيد من القمع في حق الاخوان، حيث فشلت السلطات في تقديم أي دليل قائم على حقائق يربط بين الاخوان المسلمين وأي هجوم إرهابي وقع منذ 3 يوليو 2013.

مفوض الأمم المتحدة لحماية حقوق الانسان يؤكد أنه في حالة مواجهة الارهاب لا يجب منع جماعة بحجة كونها إرهابية إلا إذا أقرت بوضوح في وثائقها التأسيسية أنها تنوي استخدام وسائل إرهابية لتحقيق أهدافها، وفيما عدا ذلك لا يمكن حظرها إلا بناء على دليل على أنشطتها قائم على الحقائق ولا يجب أن يصدر قرار الحظر إلا من خلال هيئة قضائية مستقلة مع السماح دوما باستئناف قرار الحظر أمام هيئة قضائية."

وهذا يكشف بوضوح أن حكومة الانقلاب الشرعية لم تراع المعايير القانونية الدولية في إعلانها المسيس، وإنه لا يصمد في أي نظام محترم، وهو وصف لا ينطبق بالطبع على الانقلاب العسكري الحاكم.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
الجيش المصري كضحية رئيسية للانقلاب

الجيش المصري وصورته ومكانته لدى المصريين ربما يأتي على قمة ضحايا الانقلاب العسكري الراهن. 

البعض بات ينظر للجيش كحزب سياسي وقادته كمكتب سياسي للحزب مشغول بالحفاظ على مصالحه الخاصة. 

الشباب والفئات الأكثر وعيا وحماسة للحريات والديمقراطية في مصر باتت تنظر للقوات المسلحة بقيادتها الحالية كعقبة رئيسية أمام الديمقراطية والحريات والتقدم في مصر. 

الدعاية السوداء التي يروجها قادة الانقلاب كسلاح ذي حدين مسموم لابد وأن يصيب صاحبه ولو بعد حين، ونشر التخوين ومنطق القوة وغياب العقل سيضر قادة الجيش المشاركين في الانقلاب عاجلا أو أجلا.

وسيحتاج المصريون بعدها لسنوات طويلة حتى يستعيدوا ثقتهم في القوات المسلحة كمؤسسة وطنية من ناحية بعد أن بإصلاحها أولا.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
سلاح الوعي

لا تستهينوا أبدا بالأفكار والمعلومات، انظروا حجم الموارد الموجهة في بلادنا لتزييف الوعي. 

نشر الوعي والمعرفة والحقائق يظل سلاحا أساسيا في معركة بلادنا ضد الاستبداد.

وهو سلاح متواضع يعترف دائما بعيوبه قبل مزاياه، ويبحث دائما في النقد الذاتي لذا هو يهدم منظومة الاستبداد من الداخل لأنه يرفض الرقابة، بما في ذلك الذاتية منها.

يرفض أن يكون هناك رقيب على المعلومة ويرفض أن يتحول صاحب الكلمة والرأي لرقيب على المعرفة والحقيقية.

هي حالة شراكة وتعاون وحرية كبديل عن قمع الاستبداد ونظامه الواحد.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
حكم الأقلية السياسية الإقصائية في مصر

تقول التقارير الصحفية أن سبعة أحزاب تطالب عدلي منصور المعين من الانقلاب العسكري بحوار حول قانون الانتخابات البرلمانية. 

والأحزاب هي " الوفد والتجمع والتحالف الشعبي الاشتراكي والكرامة والمصري الديمقراطي الاجتماعي والمؤتمر". 

دعنا ننسى ولو للحظة أن انقلابا عسكريا حدث، وأن وثيقة دستورية جديدا مررت في جو من الدعاية السوداء ودون رقابة من المعارضة مما منع العالم الحر من وصف الاستفتاء بالحرية والنزاهة.

دعنا ننسى كل أجواء القمع والانتهاكات وغياب الحريات الموجودة في مصر، وللنظر في المقابل في طبيعة الأحزاب السبعة التي تريد الحوار حول من يمتلك بالقوة السلطتين التنفيذية والتشريعية في مصر.

الاحزاب السبعة هي بوضوح أحزاب أقلية سياسية، أدائها في الانتخابات الحرة التي عقدت في مصر منذ الثورة كان ضعيف، وربما لا تتخطى جميعا 20-30 % من أصوات الناخبين على أقصى وأكرم تقدير، وبعضها حديث للغاية، وبعضها أيضا محسوب على النظام القديم كحزبي الوفد والتجمع، وبعضها قد لا يكون معروفا أصلا للناس.

يعني نحن أمام أقلية سياسية واضحة للغاية، وهي تعرف ذلك، وتريد أن تشارك في صنع نظام يعطيها حقوقا ليست من حقها، تعلم أن النظام الحالي غير شرعي، وأنه يستبعد الأكثرية السياسية وأحزابها، ويقوم باستخدام السلطات التي يمتلكها قصرا لتجريم الأكثرية من أجل الفوز بما لا يستحق، من أجل الفوز بسلطة لا يستحقها.

يعني نحن أمام أقلية لا تؤمن بالديمقراطية وتنظر نظر استعلائية استبعادية للأخر، هذه الأقلية كانت من 7 أشهر فقط تملأ الدنيا ضجيجا بأن الأكثرية الشرعية لا تتحاور أو تتعاون معها ولا تشركها السلطة، كانت تشتكي من أن الأكثرية تقصيها وتستعلي عليها وتميز ضدها وضد قاعدة ديمقراطية تفرض على الأغلبية إدماج الأقلية وإعطائها أكثر من حقها من باب التسامح والتنازل وتوحيد المجتمع.

أما الأن فالأقلية نفسها تحاول أن تستخدم ظروف خاطئة وغير سليمة حقوقيا وقانونيا وسياسيا لإقصاء الأكثرية والمشاركة في قهرها وإضفاء شرعية وهمية على نظام يستحيل وصفه بالديمقراطي.

يعني الأقلية الإقصائية في مصر تمارس خطايا سياسية متعددة في حق البلد والناس قبل الأكثرية نفسها، فهي تدمر معنى الديمقراطية وتسيء إليه، وتدفع الناس لرفضها وتتنازل عن المبادئ وتخنق الحلول الوسط.

كل هذا إهدار لفرص الديمقراطية الحقيقية ولموارد البلد والناس الأمر الذي يحتاج لوقفة جادة تبدأ بأن تعي الأجيال الجديدة بحقيقة تلك الأقلية الاستعلائية القمعية الإقصائية وتواجهها بحقيقتها.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
ماذا سيستفيد العرب من اضطهاد إخوان مصر!؟ 

ما الفائدة التي ستعود على مصر أو العرب أو العالم من قمع إخوان مصر والتنكيل بهم بهذه الطريقة؟ 

أولا: لا أعتقد أنه هناك أي سبب سياسي أو قانوني يفسر ما يتعرضون له من قمع واضطهاد تعجز عن وصفه الكلمات، الأخطاء السياسية لا تعالج بهذه الطريقة وكذلك الأخطاء القانونية. 

أما موضوع وصمهم بالإرهاب فهو إساءة لأي حكومة مصرية، لأنه قرار غير قانوني كما تشير العفو الدولية في تقريرها الأخير، ولأنه مؤشر واضح على الاستهداف السياسي كما تشير المنظمة نفسها.

نأتي لطبيعة وحجم القمع المخيف الذي يتعرض له إخوان مصر وهم مجموعة من أفضل أبناء الوطن، قتلى بالمئات ومعتقلين بالآلاف وقمع بلا سقف وإهانة لكل معاني القانون والقضاء والدولة والحقوق والحريات في التعامل معهم.

إقصاء ورفض للحوار أو حتى لتخفيض مستوى القمع، وبلا سبب واضح سوى محاولة غبية للتخلص منهم سياسيا، وهو أمر مستحيل أصلا.

والسؤال ما هو العائد؟ القمع الهائل الذي يتعرضون له يصعب تفسيره، وكان الأمل هو أن يحتضن الجميع الجميع لنتحرك سويا نحو الديمقراطية التعددية الاحتوائية، أما ما يحدث حاليا فهو طرد للإخوان من عالم النظم المسيطرة على مقاليد الأمور في بلادنا لعقود والتي لا تعرف بدورها معنى للديمقراطية أو الحقوق والحريات والتعددية.

ما يحدث هو دفع الإخوان دفعا للراديكالية وتشجيع الجماعات الراديكالية في مصر والعالم العربي لتبرير مزيد من القمع وبقاء الاستبداد في السلطة.

كيف سيعود هذا على المواطن العادي أو على بلادنا بالخير؟ لا أحد يعرف؟ كيف سيستفيد المصريون من تدمير قوى وسطية كالإخوان وقمعهم؟ لا أحد يعرف. وفي الغالب، العكس هو الصحيح. سنتضرر كلنا.

الإخوان أخطئوا ويخطئون مثل غيرهم، والواضح حاليا أنهم أكثر ديمقراطية من غالبية إن لم يكن جميع خصومهم. خصومهم الذين يضربون الأن أسوأ الأمثلة في القمع والاستئصال واستغلال الدين في السياسة والدعاية السوداء وحروب الهوية والكراهية.

لو كان يجب محاسبة الإخوان فيجب ان يحاسب الجميع بنفس المعيار، وفي جميع الأحوال مرحبا بمحاسبة الجميع، فالعدل أساس الملك.

أما حملة الاستهداف والقمع الحالية فهي مضرة بمصر والعرب والمنطقة والعالم، هو خسارة لأحد أهم القوى الوسطية في بلادنا وهم الاخوان المسلمون لصالح القمع والاستبداد.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
سبعة مستويات لتدخل الجيوش في الحياة السياسية ... أين مصر!؟ 

مرتبة من الأقل تدخلا إلى الأسوأ:

أولا: تحكم ديمقراطي مدني في القوات المسلحة 

في تلك الحالة تحدد السلطة المدنية السياسة العسكرية، يقود وزير الدفاع القوات المسلحة، يتحكم البرلمان في الجيش والسلطة التنفيذية، ويتم دمج النظام القضائي العسكري في النظام القضائي للدولة ضمن كيان واحد. 

وهذا مستوى جيد، ولكن يبقى دائما خطر تدخل الجيش في السياسة موجود.

ثانيا: الاحتفاظ بالسيطرة الايدلوجية على الجيش

وهنا يسمح الجيش للمدنيين بأن يسيطروا على المؤسسة والعمليات العسكرية ولكنه يحتفظ بالهيمنة على تعريف الدور المهني للجيش والقيم التي يؤمن بها أفراده، وذلك من خلال التحكم في التعليم والتدريبات التي تحصل عليها القوات المسلحة والتحكم كذلك في من يمكنه التعامل مع العسكريين والوصول إليهم.

ثالثا: القبول الرسمي ولكن الجزئي لسيادة المدنيين

في تلك الحالة لا يصدر الجيش أي إعلانات أو تصرفات ضد القوانين المتعلقة بسيادة المدنيين، ولكنه لا يطيع بعض الأوامر أو يبادر بالتصرف بطريقة لا تريدها أو لم تطلبها السلطات المدنية.

رابعا: استقلالية الجيش التنظيمية والحركية

عندما يشعر الجيش باحتمال فقدانه التدخل في السياسة وإدارة الدولة يبادر لمنح نفسه الاستقلالية لمنع تدخل السلطات المدنية في شئونه، حيث يقوم بتحديد عدد من المجالات العسكرية المحفوظة فقط للجنرالات.

خامسا: الجيش كقيد على سياسات الحكومة

حيث يقوم بالحد من الإصلاحات والاحتفاظ بحق الفيتو على بعض القضايا، وهنا يحتفظ الجيش لنفسه باستقلالية تامة ومستويات من التدخل في إدارة الدولة.

سادسا: الجيش كحامي للمقدرات الوطنية

أن يعتبر الجيش نفسه فوق السياسة والأحزاب وليس مجرد مؤسسة هي جزء من السلطة التنفيذية، وفي هذه الحالة يحتفظون دائما بتهديد التدخل - والذي يعتبرونه حقا لهم – لتنفيذ مهمتهم ومتطلباتها (وفقا لتعريفهم)، ولا ينظرون لأنفسهم كأحد أذرع الحكومة.

سابعا: التحكم في السلطة السياسية

بأن يتولى الرئاسة أو الحكم عضو بالقوات المسلحة بشكل معتاد، وأن يحتل عسكريون مناصب سياسية عديدة وقيادة المؤسسات الأمنية الداخلية كالاستخبارات ووزارة الإعلام، والتي تمتلئ بعسكريين.

والسؤال هو أين مصر من هذه المستويات؟ في أي مرتبة نحن؟ وإلى أي حد تتوافر فيها مظاهر تدخل الجيش السلبي في السياسة أو تنعدم؟ ونترك لكم المقارنة والاجابة.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

---
المصدر:

Narcis Serra, The Military Transition: Democratic Reform of the Armed forces, Cambridge University Press, 2010, P.44
تفسير أكاديمي أجنبي لكارت الدولة الذي يرفعه الانقلاب وأنصاره في مصر

يقول المؤلف (المصدر في نهاية التعليق):

"الحركات المعارضة في النظم السلطوية تتعامل مع شعور كبير من عدم الأمان يتعلق بموضوع ما تتنافس عليه، لأن الأشخاص الموجودين في الحكومة يدعون تمثيل النظام السياسي والدولة والايدلوجية المهيمنة. 

منذ نشأة النظام من خلال انقلاب الضباط الأحرار وأصحاب السلطة في مصر يخلطون بين سيطرتهم على إجراءات الحكم ومسئولية يدعونها عن مصر نفسها.

وهذا يعني أن منافسة أي شخص معارض لمن هم في السلطة ستكون عرضة لأن يصورها خصمه الموجود في السلطة على أنها هجوم على الدولة نفسها."

يعني باختصار كارت الدولة الذي يرفعونه لإرهاب خصومهم هو بالفعل كارت إرهاب سياسي قديم وعلامة على الاستبداد، باختصار هم يدعون احتكار الدولة منذ عقود رغم كل الضرر الذي ألحقوه بها، من يرفع لك هذا الكارت أعلم أنه يدعم الاستبداد.

والله أعلم، ما رأيكم!؟

المصدر:
Holger Albrecht, Political opposition under authoritarianism in Egypt, Syracuse University Press, 2013, P.3.
تحديد طبيعة الصراع في مصر وسبل حله

تحديد المشكلة أول خطوات الحل، والتعامل مع المشكلة الخطأ إهدار لكل فرص حلها.

مشكلة مصر الحقيقية هي الاستبداد، الفرعونية السياسية، السلطوية، الضاربة في البلاد منذ قرون، وسبب مشاكل عديدة، وليس شيء أخر. 

مشكلة مصر ليست المذهبية أو الطائفية أو الصراع بين الإسلام والعلمانية أو حروب الهوية الدينية أو العلمانية، كل هذه مشاكل حقيقية ولكنها تابعة للمشكلة الأصلية، جوهر الأزمة الذي حول الفرص لتحديات والمزايا لعيوب وقوض الأخلاق.

علاج مشكلة مصر لا يكون وراء السير خلف المشاكل الثانوية وتوجيه كل الطاقة إليها، العلاج يكون بفهم المشكلة وتحديد العلاج.

والعلاج في مصر يكمن في حقوق الانسان، في التعددية السياسية والثقافية، في الديمقراطية، في القيم الحضارية المنفتحة والليبرالية السياسية.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
ماذا نحتاج لتغيير مقادير الثورة في مصر!؟

نحتاج للتعامل مع تحدياتها الحقيقية والقوى الداعمة للاستبداد، والتي كشفت عنها الأحداث الأخيرة، نحتاج لعكس القوى الداعمة للثورة المضادة في مصر وإيجاد إجابات جادة في التعامل معها، تلك القوى هي:

1) المؤسسات الأمنية الثلاث
2) القضاء 
3) إسرائيل والدول الخليجية الداعمة للانقلاب بالمال
4) البيروقراطية المصرية 
5) الإعلام 
6) الثقافة الرجعية (حروب الهوية الدينية والسياسية، المذهبية، الطائفية، ثقافة الوضع القائم ورفض التغيير)
7) دوائر المال ورجال الأعمال التابعة للنظام والمسيطرة على الاقتصاد

تحديات ضخمة بدون شك، وهي سر ما تواجهه مسيرة الثورة من عوائق ضخمة، والتظاهر فقط، أو العمل الإعلامي فقط، لن يحققان التغيير المنشود.

هناك حاجة لعكس تأثير العوامل السبعة السابقة بشكل منتظم ومستمر، نحتاج للتفكير في بدائل وقوى بديلة، العمل على جبهة أو جهتين أو ثلاثة لا يكفي، نريد العمل الجاد على الجبهات السبع في وقت واحد وبجهود أكبر وفكر واعي.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
لا يوجد "إسلاميون" في مصر

أنا عند رأيي أنه لا يوجد إسلاميون في مصر، هنا; مسلمون، وهناك متدينون، أما الإسلاميون فهم كل أهل مصر تقريبا، فالإسلام ليس ملكا لأحد دون الأخر، الإسلام ليس حكرا لأحد، والإسلام كحضارة يشمل المسيحيين أيضا. 

تحويل المعركة في مصر إلى معركة بين الإسلام وخصومه خاطئ ومضلل، فلا أحد يمتلك حق التمثيل الحصري للإسلام، ومن يشعر بأنه يتحرك بوازع أخلاقي إسلامي فالإسلام يعلمنا الحياء ونكران الذات، والأولى به آلا يرفع الإسلام شعارا فإذا أخطأ أصاب الإسلام نصيب من أخطاءه.

كما أن تديين الصراع خطر لأنه يحوله لصراع وجودي، وهو من أصعب أنواع الصراعات.

الإخوان والسلفيون في مصر ليسوا تيارات إسلامية، هم تيارات دينية، ومعاركهم على السلطة سياسية يخوضونها لمكافحة الاستبداد.

والإسلام يشمل كل حياتنا، نستمد منه كل القيم والأفكار، ولكنه ليس حكرا لأحد، هو الحقيقة التي يسعى إليها الجميع، ولا يدعيها أحد.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
ألاحظ ثلاثة عيوب بالقوى المعارضة للانقلاب في مصر

1) عدم الوحدة والتفرق، فلها أكثر من تيار وفريق، وهناك اتفاق واضح على الحفاظ على الانقسامات الأساسية، وربما أصبحت الأن الحاجة ملحة لخطاب واستراتيجية عمل جديدة تحترم هذا الاختلاف وتتعايش معه وتعطيه تفسيرا إيجابيا. 

2) غياب الصوت الموحد أو القوي على الساحة الدولية، فلمعارضي الانقلاب أصوات عديدة تظهر على الفضائيات وتشارك في فعاليات جماهيرية دولية، ولكنها لا تقدم بديلا أو صوت دبلوماسي قوي، ومع استمرار ذلك سيحصل الانقلاب على فرصة الاستحواذ الدبلوماسي.

3) عدم تجديد الخطاب وتطويره، وتظهر هنا أهمية فكرة التعددية والديمقراطية، وأهمية نبذ الأفكار الشمولية المتشددة كالطائفية والمذهبية والحروب الدينية والسياسية والايدلوجية والكراهية السياسية.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
من يتحمل مسئولية تردي الأخلاق تحت الانقلاب في مصر؟

عاصرت أحداث 11 سبتمبر يوما بيوم في واشنطن على مدى عدة سنوات أخرجت من الأميركيين أسوأ ما فيهم، كراهية للأجانب، عنصرية، حروب خارجية، وإعلام أحمق، وخبراء "إرهاب"، وتسرع في إلقاء اللوم على الأخرين.

الأمريكان شعب متعلم، بلد فيه آلاف الجامعات، واقتصاده هو الأكبر في العالم، مستوى الحياة في بعض الأحياء الأميركية العادية (حيث تتوافر ملاعب التنس المجانية على ناصية الطريق) قد يفوق مستوى حياة بعض أرقى الأحياء في بلادنا.

ومع ذلك وقع الأميركيون أسرى للأزمة وللإعلام ولقادة رعناء متشددين استغلوا الأزمة لترويج الأجندات الخاصة لجماعات متشددة.

المصريون ضحية ظلم أكبر، هم يعيشون في ظل الاستبداد الفرعوني من قديم الأزل، ميزانية التعليم والصحة والمرافق العامة في بلادهم مضحكة أصلا، هي ميزانية شركات وربما أفراد في عصرنا حاليا.

إعلام معركة الجمل المسيطر في مصر منذ عقود هو من أدنى مستويات الإعلام في العالم، ولا يوازيه إلا الإعلام الرسمي في بلاد عربية مستبدة أخرى.

التجهيل في مصر لا يحدث جزافا، هو خطة منظمة من الحاكم وأعوانه في نخب الأمن والأعمال، نحن مجتمعات تعاني صناعة متقنة للاستبداد هي الأقوى، فالجزء الأكبر من الميزانيات يذهب للأمن والقمع، والمليارات تنفق على إعلام الكراهية والتجهيل ونترك التعليم ينزف.

نأتي لدور القيادات السياسية، ماذا مثلا لو خرج السيسي (رسول الانقلاب المقدس) ليطالب الاتباع والمريدين بضبط النفس وعدم التسرع في الحكم على الناس وتهدئة الخواطر، ماذا لو طالب الإعلام بالتريث في إطلاق الأحكام ونشر أفكار التسامح والتعايش.

ربما كان سيترك أثرا.

ولكن السيسي – رسول الدولة لدى أبناء الدولة في مصر – لم يفعل ذلك، هو فعل العكس، طالب بتفويض للصراع والصدام، وأطلق المواطنين الشرفاء، وأطلق حربا على "الإرهاب" وأطلق يد المؤسسات الأمنية في انتهك حقوق الانسان، وسمح بأكثر حملة كراهية وغسيل عقود تشهدها مصر منذ عقود.

ثم يخرج علينا ابناء الدولة (دولة الاستبداد بالطبع، فالدول الديمقراطية المحترمة ملك لكل أبناءها بسبب عدلها، وليست حكرا لفئة تدعم القمع وتبرر الاستبداد) ويقول أن الدولة الجديدة بقيادة السيسي ستصلح الشرطة، كيف والسيسي نفسه يجب أن يحاسب؟ هل سيحاسب نفسه؟

المهم هنا أن الحملة محكمة الأطراف، وما يحدث في المصريين كثير، هم ضحية، وبمرور الوقت يتحولون لجاني، والمسئول الأول هو النظام المستبد وعموده الفقري وهو الأجهزة السياسية (الأمنية).

والله أعلم، ما رأيكم!؟