Monday, January 25, 2010

قراءة في تقرير مجلس الشيوخ الأميركي عن القاعدة في اليمن والصومال
بقلم: علاء بيومي

يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره
www.alaabayoumi.com

نص المقال

تقرير مختصر يستحق القراءة لسبب رئيسي وهو الكشف عن أسلوب تفكير بعض المسئولين الأميركيين في مشكلة القاعدة عموما ووجودها في اليمين والصومال على وجه الخصوص

التقرير صادر تحت عنوان "القاعدة في اليمن والصومال: قنبلة موقوتة"، ومن تأليف موظفي لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركية والذين وضعوا تقريرهم بعد مراجعة تقارير الاستخبارات ولقاء مسئولين أمنيين وزيارة اليمن والقرن الأفريقي ومراجعة دراسات مراكز الأبحاث الأميركية بخصوص موضوع التقرير وهو نشاط القاعدة في اليمن والصومال

التقرير صدر في العشرين من يناير الحالي - صباح انعقاد جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأميركي عن موضوعة - وفي ظل اهتمام سياسي غير معتاد في واشنطن بنشاط القاعدة في اليمن منذ حادثة التفجير الفاشل لطائرة أميركية فوق ديترويت نهاية العام الماضي، والتي اتهم فيها عمر فاروق عبد المطلب الشاب النيجيري والذي زار اليمن وتلقى بعض التعليم الديني هناك، ويؤكد التقرير ذاته على أهمية محاولة عمر فاروق الفاشلة في تسليط الضوء داخل واشنطن على اليمن وخطر القاعدة فيها

لذا حاز التقرير (24 صفحة) على قدر من الاهتمام من قبل وكالات الأنباء الدولية ومن خلفها الصحف ووسائل الإعلام والتي سعت إلى إبراز أهم وأحدث نتائجه وعلى رأسها مخاوف المسئولين الأمنيين الأميركيين من نجاح القاعدة في تجنيد بعض الأميركيين في السجون (حوالي 36 شخصا وفقا للتقرير) وبعض الأميركيين الذي أسلموا وسافروا إلى اليمن لتقلي التعليم الديني الإسلامي وتزوجوا من يمنيات وأصبحوا "متشددين دينيين"

وهي ظواهر أثارت مخاوف السلطات الأميركية من "تحول" القاعدة وعملائها بشكل يسهل من مهامها في اختراق المحاذير الأمنية الأميركية ويعيق من مهمة المسئولين الأميركيين درء خطر القاعدة

كما يبرز التقرير نتائج مماثلة فيما يتعلق بالقاعدة في الصومال ونجاح حركة "شباب المجاهدين" الصومالية في تجنيد بعض الأتباع وسط مسلمي أوربا وأميركا حتى أن التقرير يبرز تحذير دبلوماسيين غربيين حكومة السويد من سياسات الهجرة لديها والتي تفتح أبواب السويد أمام ألف لاجئ صومالي شهريا في الوقت الراهن

النتائج السابقة هامة وتستحق وقفة لقيمتها الإخبارية، ولكنها في اعتقادي لا تغني عن قراءة تحليلية في التقرير تنظر في منهجه وفي أسلوب تفكير القائمين على تأليفه وفي عيوبه أيضا، ومن هذا المنطلق رأينا إبراز النقاط التالية من وحي قراءتنا للتقرير

أولا: أن الولايات المتحدة تبدو في معضلة في حربها للقاعدة، فالتقرير يبرز كيف حشدت أميركا قواها لمواجهة القاعدة في باكستان وأفغانستان والعراق، ويقول أن أميركا حققت نجاحا كبيرا وتمكنت من قتل عدد كبير من قادة القاعدة هناك والقبض على آخرين والتعاون مع الحكومات في التضييق على القاعدة أمنيا وماليا مما أضعف القاعدة في باكستان وأفغانستان إلى حد كبير وحد من قدراتها على شن هجمات خارج الحدود خلال السنوات الأخيرة خاصة ضد الأراضي الأميركية

ورغم النجاحات السابقة يعود التقرير ويؤكد على ظهور القاعدة في اليمن والصومال والمغرب العربي وجنوب شرق آسيا، وكيف تحولت القاعدة إلى شبكة دولية تحركها أيدلوجية، فعدد كبير من شباب القاعدة في المناطق السابقة لم يلتقوا بأسامة بن لادن أو بأيمن الظواهري كما أن قادتهم لم يعودوا على صلة رسمية أو مباشرة بالقاعدة وقادتها على الحدود الأفغانية - الباكستانية

فالانتماء بات أيدلوجي، والصلة الحركية ضعيفة، وقادة القاعدة الجدد باتوا فهم يجمعون التبرعات ويخططون للعمليات وينفذونها باستقلالية كبيرة، ولا يدينون لبن لادن أو الظواهري إلا "بولائهم" تجاه أفكارهم

ويقول التقرير أن مقاتلي القاعدة الجدد عادة ما يتلفون حول بعض "العائدين من أفغانستان" وهم المقاتلين الذي حاربوا ضد السوفيت في أفغانستان في الثمانينات وعادوا إلى بلدانهم في التسعينيات، وحول عدد من المقاتلين الذين فروا من أفغانستان وباكستان والعراق مؤخرا وهربوا إلى اليمين والصومال فرارا من ضغوطات المؤسسات الأمنية بدولهم الأصلية، أما الفريق الثالث – وهو الأخطر لمنحه القاعدة الاستمرارية - فهم شباب القاعدة الذين انضموا لرسالتها خلال السنوات الأخيرة وخاصة منذ عام 2004 أي بعد غزو العراق

وهكذا تبدو خطورة القاعدة جلية، وهو تتمثل في قدرتها على التحول والتطور والتمدد الأيدلوجي عبر الحدود، فلم يعد ضروريا أن يكون الشخص قد حارب بجوار بن لادن في أفغانستان أو قد قابله يوما، فالقاعدة باتت تضم جيل جديد من الشباب في اليمن والصومال وشمال أفريقا وجنوب شرق أسيا وأوربا وأميركا لم يلتقوا بن لادن ولم يذهبوا إلى أفغانستان أو باكستان، وهنا تكمن الخطورة والتي دفعت التقرير إلى الحديث عن مخاوف المسئولين الأميركيين من نجاح القاعدة في تجنيد أميركيين بالسجون أو أميركيين مسلمين أو مسلمين من الحاصلين على الجنسيات الأميركية والغربية، وهي خصائص تجعل من الصعب توقعهم ومراقبتهم أمنيا

ويقول التقرير أن أميركا لا تملك دليلا حتى الآن يثبت أن بعض الأشخاص الذي اسلموا في السجون أو خارجها وسافروا إلى اليمن و"اختفوا" هناك قد انضموا إلى القاعدة، ولكنه التفكير في "إمكانية" انضمامهم يقلق المسئولين الأميركيين بوضوح

ويبدو أن السبب ذاته هو دافع القلق الأميركي تجاه أنور العولقي الإمام اليمني - الأميركي المختفي حاليا في اليمن، والذي يقال أنه التقى عمر فاروق عبد المطلب، فالتقرير يقول أن العولقي "لم يتهم حتى الآن بجريمة ما"، ولكن وعلى الرغم مما سبق "مسئولو الجيش والاستخبارات الأميركيون يعتبرونه تهديدا مباشرا للمصالح الأميركية" ولذلك لقدراته اللغوية ولخطابه الديني "الأصولي"

ويبدو أن القاعدة قد اعتادت العيش في الظلام، فهي تزدهر في الدولة الفاشلة (الصومال) أو القريبة من الفشل (اليمن) أو الدولة الضعيفة مركزيا (باكستان)، فهي تزدهر في المناطق البعيدة عن سيطرة الحكومات المركزية مستفيدة من سخط بعض الشعوب على السياسات الأميركية

ويصف مؤلفو التقرير كيف يتحرك مسئولو القاعدة بحرية عبر حدود الصومال وكيف تعجز الدول المتعاونة مع أميركا (كجيبوتي) في حتى مراقبة كل حدوها

ثانيا: يزيد من مشاكل أميركا مع القاعدة هو بطئ ردة الفعل الأميركية نفسها وقصر نظرها تجاه القاعدة ، فالقاعدة تتمحور وتتحول وتتطور وأميركا تبدو بطيئة الرصد والفهم والتحرك لسبب غير مفهوم ولا يشرحه التقرير، فالقارئ يشعر أن هناك فجوة زمنية تفصل أميركا عن تتبع القاعدة، فأميركا لم تنبه إلى القاعدة في اليمن إلا في أواخر عام 2009 مع أن نشاطها زاد هناك منذ 2006 على أقل تقدير ما يشير التقرير نفسه

والحالة نفسها تنطبق على الصومال فحركة الشباب برزت خلال غزو أثيوبيا للصومال في أواخر عام 2006 – كما يقول التقرير - ومع ذلك لم ترد أميركا على ظهور الشباب ردا كافيا حتى الآن، حتى أن بعض السياسيين الأميركيين طالبوا الإدارة الأميركية بالتعامل مع ملف الصومال تعاملا شاملا يبحث عن جذور المشكلة ويعالجها ولا يركز فقط على خطر القاعدة والشباب

وهنا تظهر مشكلة ضعف ردة الفعل وتأخرها، فأميركا تعاملت مع القاعدة في إيران من خلال تدريب القوات اليمنية في مجال مكافحة الإرهاب وتقديم بعض المساعدات الاقتصادية والعسكرية لليمن، مساعدات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، وهي مبالغ ضئيلة للغاية إذا قورنت بما تنفقه أميركا على حرب القاعدة في أفغانستان وباكستان، كما أن أميركا تبدو غير واثقة أصلا في الحكومة اليمنية وقدراتها "كشريك" في محاربة القاعدة

أكثر من ذلك تبدو استجابة أميركا أضعف تجاه الصومال، فهي لم تقدم إلى حكومة الشيخ شريف سوى بعض الأسلحة وفرصة تدريب بعض قواته

ثالثا: يوضح التقرير أن ردة الفعل الأميركية نفسها أو السياسات الأميركية تبدو أحيانا كثيرة سبب المشكلة، وهي معضلة كبيرة لا يتوقف عنها التقرير كثيرا وإن كان يرصدها

فهو يقول أن القاعدة تستفيد من غضب الشعوب تجاه أميركا، وأن جيل القاعدة الجديد في اليمن ظهر بعد غزو أميركا للعراق، وأن حركة شباب المجاهدين في الصومال برزت بعد الغزو الأثيوبي للصومال المدعوم أميركيا في أواخر عام 2006

وبهذا دعمت أميركا غزو أثيوبيا الذي قضى على سلطة المحاكم الإسلامية والتي تتعاون أميركا حاليا مع رئيسها السابق الشيخ شريف وتعتبره أملها الأكبر في الصومال في الوقت الراهن، ومع ذلك سمحت للغزو الأثيوبي في 2006 بتدمير سلطته وتفريق قواتها مما سمح لظهور جماعة شباب المجاهدين من رحم المحاكم الإسلامية

رابعا: لا يبدو أن التقرير يلتفت للمفارقة السابقة على الإطلاق، فهو يتحرك سريعا بين المعلومات الاستخباراتية والأمنية والأسماء والتواريخ لينتهي عند ثلاثة توصيات تتعلق بتوثيق التعاون الأمني بين المؤسسات الأمنية الأميركية ومع الدول الأجنبية ودعم الحكومات الضعيفة التي تواجه مخاطر القاعدة

وبهذا يحبس مؤلفو التقرير أنفسهم في الجانب المتعلق بجمع المادة الاستخباراتية والأمنية وتصنيفها وتلخيصها والخروج منها ببعض النتائج المنطقية والواضحة للعنان، ولكنهم لا يتخطاها إلى التحليل السياسي أو إلى لوم المؤسسة السياسية الأميركية على خطأ ارتكبته أو على إستراتيجية اتبعتها سمحت بشكل مباشر أو غير مباشر للقاعدة بالانتشار، وكنا ننتظر مثل هذا التقييم من تقرير صادر عن مؤسسة سياسية وهي مجلس الشيوخ الأميركي

مما يجعلنا نقول في النهاية أننا أمام تقرير معلوماتي بالأساس ولكنه يفتقد لحس سياسي أو لنظرة إستراتيجية بعيدة المدى تسعى لتقييم الإستراتيجية الأميركية وإعادة بنائها لتلافي الوقوع مستقبلا في أخطاء مشابهة لتلك المرصودة في التقرير

---

للإطلاع على النص الكامل للتقرير، يرجى زيارة الوصلة التالية
http://foreign.senate.gov/imo/media/doc/Yemen.pdf

Saturday, January 16, 2010



الأساطير والأوهام والسلام: العثور على وجهة جديدة لأميركا في الشرق الأوسط


تأليف: دينيس روس ودايفيد ماكوفسكي، مطابع فيكينج، لندن والولايات المتحدة، يونيو 2009
عرض بقلم: علاء بيومي
الناشر:
مجلة آفاق المستقبل

مقتطفات من العرض

يرى الكتاب أن قضية الصراع العربي الإسرائيلي هي قضية رأي عام، قضية عاطفية سيكولوجية تستخدمها النظم العربية للضغط على أميركا واستنزافها فكريا وعاطفيا وسياسيا من أجل الحصول على مزيد من التنازلات منها، ولكن - في الواقع - حروب النظم العربية مع إسرائيل انتهت، كما أن حروب إسرائيل الأخيرة مع حزب الله وحماس لم تؤدي إلى سقوط أي نظام عربي أو إلي قطع النفط العربي عن واشنطن

كما أن أميركا ليست في حاجة للضغط على إسرائيل لأن العرب يقدرون دور إسرائيل في مواجهة حماس وحزب الله وإيران والجماعات الراديكالية بالمنطقة، وبدون ذلك الدور سوف تقوى تلك الجماعات وتهدد النظم العربية ذاتها

لقراءة النص الكامل، يرجى زيارة الوصلة التالية