Thursday, August 28, 2008


خبر نشرته الجزيرة نت عن كتابي عن جون ماكين

جون ماكين والشرق الأوسط والولاية الثالثة للمحافظين الجدد





منقول عن الجزيرة نت

نص الخبر

حذرت دراسة جديدة صدرت عن مركز الجزيرة للدراسات من تشدد المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية جون ماكين في مواقفه تجاه الشرق الأوسط، في حال فوزه بانتخابات الرئاسة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل


وأشار مركز الجزيرة في الدراسة إلى أن ماكين روّج لعدد من أكثر سياسات إدارة الرئيس الحالي جورج دبليو بوش تشددا تجاه الشرق الأوسط قبل أن يتبناها بوش نفسه

كما ذكر أن من بين تلك السياسات تغيير "النظم المارقة" وحرب العراق، وإعادة بناء الشرق الأوسط، والتخلي عن عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية في صورتها الحالية، حيث يؤمن ماكين بأن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يكمن في الفصل بين الطرفين من خلال بناء حائط الفصل واعتماد القوة الإسرائيلية
وتتكون الدراسة الصادرة تحت عنوان "جون ماكين والشرق الأوسط والولاية الثالثة للمحافظين الجدد" من ثلاثة أجزاء، يتناول أولها شخصية ماكين ومسيرته السياسية منذ عام 1983 وعلاقته بحزبه الجمهوري والأحداث السياسية الكبرى التي صاغت مواقفه السياسية

ويرصد الجزء الثاني تطور مواقف ماكين السياسية تجاه عدد من أهم قضايا الشرق الأوسط وعلى رأسها حرب العراق، وعملية السلام، والموقف من أسلحة إيران النووية، ومن قضية نشر الديمقراطية بالعالم العربي. كما يتعرض لرؤية ماكين لعلاقة أميركا تجاه الدول العربية الكبرى كمصر والسعودية وسوريا، هذا إضافة إلى تحليل صورة الإسلام في خطاب ماكين السياسي
في حين يسعى الجزء الأخير من الدراسة إلى بناء تصور عام عن نظرة ماكين للسياسة الخارجية الأميركية، من خلال رصد الدوائر السياسية المقربة منه على صعيد السياسة الخارجية وعلى رأسهم المحافظون الجدد
ويقول علاء بيومي (معد الدراسة والباحث بالشؤون الأميركية) إن "مواقف ماكين السياسية يعتريها تناقض واضح بين مواقفه الداخلية التي تميل للانفتاح والليبرالية أحيانا ونظرته للسياسة الخارجية الأميركية التي تعتريها نظرة صقورية متشددة ومستمرة منذ منتصف التسعينيات إلى الآن" مضيفا أن تقارب ماكين مع المحافظين الجدد يمثل مفتاحا هاما لفهم هذا التناقض ولفهم سياساته الخارجية بصفة عامة

ويؤكد مدير مركز الجزيرة للدراسات أن "سياسات إدارة بوش وضعت الولايات المتحدة في قلب المنطقة ووضعت قضايا عربية حيوية على أجندة الناخب الأميركي في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر عقدها في نوفمبر المقبل، ومن هذا المنطلق تأتي أهمية دراسة مواقف المرشحين الرئاسيين دراسة دقيقة من منظور عربي"

ويضيف د. مصطفى المرابط أن المركز يعتزم إصدار دراسة ثانية لمواقف المرشح الديمقراطي باراك أوباما تجاه قضايا الشرق الأوسط المحورية، حتى يتسنى للمعنيين العرب المقارنة بين مواقف ماكين وأوباما تجاه أهم قضايا العالم العربي مقارنة دقيقة


ويخلص مركز الجزيرة في دراسته إلى أن تركة بوش "السلبية الثقيلة" بالشرق الأوسط قد تضطر ماكين للمهادنة، سيما وأن الأخير معروف بالبراغماتية السياسية وأنه حريص بشدة على إنجاح المشروع الأميركي بالعراق


ولكن الدراسة حذرت من أن مهادنة ماكين قد تكون مؤقتة نظرا لمواقفه الصقورية الراسخة، والتي تؤمن بتغيير الآخر لكي يتماشى مع الرؤى الأميركية وبتحقيق الأهداف ولو بعد حين

Saturday, August 23, 2008

أوباما يغلب "الليبرالية الواقعية" باختياره بايدن نائبا له
بقلم: علاء بيومي

يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره
نص المقال

اختيار المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما للسيناتور جوزيف بايدن نائبا له هو رسالة طمأنة من قبل أوباما لنخب
ولوبيات واشنطن بأنه يغلب "الليبرالية الواقعية" على التوجهات "الليبرالية المثالية" في سياسته الخارجية

فالواضح أن "مثالية" أوباما التي ظهرت في خطابته أزعجت نخب واشنطن التقليدية التي لم يمانع بعضها وصول رئيس ديمقراطي للبيت الأبيض كبديل عن الجمهوريين الذين أضروا بصورة أميركا ومصداقيتها حول العالم، ولكنهم وجدوا صعوبة في تأييد أوباما بسبب خطابه المثالي الذي يؤكد على الحوار والدبلوماسية في التعامل مع دول كإيران وسوريا ويضع إحداث "التقدم في عملية السلام" على قمة أولوياته ويشعر "بمعاناة الفلسطينيين"

وإن كان أوباما قد غير خطابه وتحولا يمينا منذ شهور حتى أعلن في يونيو الماضي دعمه لبقاء القدس عاصمة لإسرائيل، إلا أن الصورة "المثالية" التصقت به وباتت مادة أساسية بحملات تخويف الناخبين الأميركيين من أوباما، لذا أراد أوباما اختيار نائبا يؤكد "التوجه الواقعي" في سياسته الخارجية

فجوزيف بايدن عضو بالكونجرس منذ عام 1972 ورئيس حالي للجنة "العلاقات الخارجية" بمجلس الشيوخ الأميركي، وهذا يعني أنه وجه مألوف بواشنطن ولجماعات المصالح واللوبيات، كما أنه يحظى بدعم من نخب الحزب الديمقراطي التقليدية وأن سياساته تميل للوسطية والواقعية والالتزام بالخط الديمقراطي العام، فلولا هذا لما تمكن رجل مثل بايدن من البقاء في منصبه لهذه الفترة

ويظهر منحى بايدن الواقعي في سجله بخصوص الشرق الأوسط، فمثل غالبية الديمقراطيين صوت بايدن لصالح قرار حرب العراق، ولكنه عاد وأصبح من أكبر منتقديها وذاعت شهرته بسبب رعايته خطة لتقسيم العراق إلى ثلاثة مناطق (سنية وشيعية وكردية) تربطها حكومة مركزية ضعيفة، كما طالب بايدن مثل أوباما بسحب القوات الأميركية من العراق ورفض بناء قواعد عسكرية أميركية دائمة هناك

ومثل أوباما يميل بايدن للحوار المباشر مع إيران ويرفض التسرع في اللجوء للحرب، ولكن بايدن على عكس أوباما رفض الربط بين ما يجري في العراق وضرورة الإسراع بإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي، كما أنه يصف نفسه "كصهيوني" ويرفض قيام أميركا بدور "الوسيط العادل" في الشرق الأوسط، ويرى أن تطابق موقف أميركا مع إسرائيل ضرورة لإحداث تقدم في عملية السلام لأنه يمثل عامل ضغط على العرب ويشعرهم بضرورة إحداث تقدم في عملية السلام

كما يرفض بايدن التسرع في الدفع بعجلة التغيير الديمقراطي بالعالم العربي ويفضل التعامل مع حلفاء أميركا التقليديين بالمنطقة
وهذا لا يعني بالضرورة أن أوباما سوف يلتزم بمواقف بايدن الحرفية، فدور نائب الرئيس – في أغلب الأحيان – هو موقف ثاني إن لم يكن ثانوي، ولكن المهم هنا هو مغزاه، فقد أراد أوباما من اختيار بايدن أن يقلل من المخاوف المثارة حوله بسبب خلفيته وصغر سنه وقلة سنوات خبرته السياسة وكونه غريبا على واشنطن ومثاليا في خطابه وأفكاره

لذا اختار أوباما نائبا في منتصف الستينيات يعد أحد أقدم الوجوه في واشنطن وأكثرهم دراية بقضايا السياسية الخارجية وميلا لإتباع "الخط العام" للسياسة الخارجية الأميركية المغلب "للواقعية" على "المثالية

اختيار أوباما لبايدن قد يرضى بعض منتقديه ويطمئنهم بأن أوباما يفضل الواقعية على المثالية ولكنه قد يحبط في الوقت نفسه بعض من بحثوا في أوباما عن "المثالية" والرغبة في التغيير

Sunday, August 17, 2008

فروق بين أوباما وماكين أظهرها لقاؤهما الانتخابي الأول
مقال بقلم: علاء بيومي

الناشر:
الجزيرة نت، 17 أغسطس 2008، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر

نص المقال

اللقاء الذي جمع بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري للرئاسة الأميركية فجر الأحد في أحد كنائس كاليفورينا كشف عن فروق واضحة بين المرشحين خاصة على صعيد السياسية الخارجية وموقفهما من الشرق الأوسط وقدرات كل مرشح الخطابية و"رؤية كل مرشح للعالم" بشكل عام

عسكرية ماكين

حيث بدأ ماكين حديثه بالتأكيد على أن الجنرال دايفيد بتريوس قائد القوات الأميركية بالعراق - وأحد أكبر الداعمين لإستراتيجية زيادة القوات الأميركية هناك - هو واحد من أهم ثلاثة أشخاص سوف يحرص على الإنصات لنصائحهم في حالة فوزه بالرئاسة الأميركية

كما تحدث ماكين بصفة عامة عن الواجب الوطني من منطلق وطني عسكري، وأشار تكرارا إلى خبرته خلال حرب فيتنام حيث وقع في الآسر لأكثر من خمس سنوات، وكيف ثقلت هذه الخبرة أفكاره على المستويين الشخصي والسياسي

كما بدا ماكين أكثر حدة في الإجابة عن سؤال طرحه القس "ريك وارن" - الذي أدار الحوار - حول إيمان المرشحين بوجود الشر في العالم وبسبل مواجهته، حيث أسرع ماكين بالقول بأن موقفه من الشر هو ضرورة "هزيمته"، وتحدث عن ضرورة حشد قوى أميركا في حرب كبرى ضد ما اسماه "بالإرهاب الإسلامي الراديكالي" مؤكدا على أن الحرب السابقة هي أهم تحدي يواجهه الجيل الأميركي الراهن، وعلى أن العراق هو ساحة الحرب "المركزية"، وعلى أن القاعدة مازالت تسعى لبناء قواعد لها في أميركا

وردا على سؤال حول أهمية تنويع مصادر الطاقة الأميركية ذكر ماكين أن أميركا في حاجة لتنويع مصادر الطاقة والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي حتى تتخلص من دفع أموال طائلة "لبلاد لا تحب" أميركا، أموال قد تقع في أيدي إرهابيين، في إشارة ضمنية إلى بعض بلدان الشرق الأوسط

دبلوماسية أوباما

في المقابل بدا أوباما أكثر تريثا في الرد على السؤال الخاص بوجود الشر في العالم وسبل مواجهته، ففي حين أكد أوباما أن الشر موجود، فقد ذكر أنه كرئيس لأميركا سوف يفكر مليا قبل إرسال الجنود الأميركيين للحرب مؤكدا أن "سؤال الحرب والسلام" هو من أصعب الأسئلة التي يمكن أن تواجه أي رئيس للولايات المتحدة

كما ذكر أنه ينبغي علي أي شخص أن يحرص على "التواضع" في تفكيره حول سبل مواجهة الشر، لأن البشر في سعيهم لمواجهة الشر قد يرتكبون شرورا أكبر من الشر الذي هددهم في البداية، وذلك في إشارة ضمنية إلى سياسات إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش بما في ذلك حرب العراق التي عارضها أوباما منذ البداية

حيث أشار أوباما إلى أن قرار معارضته لحرب العراق في أواخر عام 2002 كان من أصعب القرارات التي اتخذها كسياسي نظرا لما حظي به الرئيس بوش من دعم جماهيري وسياسي في ذلك الحين وأنه حرص على الحديث مع عدد من الخبراء والناصحين قبل اتخاذ هذا القرار

كما تحدث أوباما بشكل متكرر عن أهمية بناء التحالفات والمعايير الدولية التي تمكن أميركا من مواجهة مخاطر دولية كمكافحة "الإبادة الجماعية" والإيدز وحماية "الحريات الدينية

فروق في الأسلوب

وبصفة عامة بدا أوباما أكثر استعداد للحديث عن حياته الشخصية وأسرته والتجارب الإنسانية التي صاغت تفكيره، كما تحدث بشكل متكرر عن أهمية الشعور بمعاناة الآخرين وضرورة أن يتحمل الجيل الأميركي الحالي مسئولية توفير حياة أفضل للجيل الأميركي القادم

في حين بدا ماكين أقل استعداد للحديث عن خبراته الشخصية فيما عدا استخدام خبراته خلال الآسر في فيتنام التي عاد لها بشكل متكرر، كما بدا ماكين أكثر تفاؤلا بخصوص مستقبل أميركا رافضا زيادة الضرائب أو مطالبة الأميركيين بالاقتصاد في سبل معيشتهم أو تحمل أعباء إضافية مقارنة بأوباما الذي طالبهم بذلك بشكل مباشر

نفوذ اليمين المسيحي

ويشار إلى أن حضور أوباما وماكين لمثل هذا اللقاء الذي عقد بكنيسة "معمدانية" - والذي يعد الأول من نوعه - هو دليل على التنامي الواضح لنفوذ الجماعات المسيحية المتدينة بأميركا، حيث يرى الديمقراطيون أن صعود هذه القوى ساهم بوضوح في منح الجمهوريين كثير من انتصارهم الانتخابية في الفترة الأخيرة، لذا عقد بعض الديمقراطيين أمالا واسعة على أوباما في أن يساهم في تقليل الفجوة بين "المسيحيين المتدينين" والحزب الديمقراطي نظر لأن أوباما لا يجد غضاضة في الحديث بصدق عن عقيدته كمسيحي متدين

وربما استفاد أوباما نفسه من الظهور أمام التجمع الديني في مواجهة شائعات قوية تقول بأنه "مسلم"، حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو الأميركي في منتصف شهر يوليو السابق أن 12% من الناخبين الأميركيين يعتقدون أن أوباما "مسلم

أما ماكين فعلى الرغم من سجله المحافظ بشكل واضح على المستويين الديني والأخلاقي فإن علاقته سلبية ببعض رموز التيار اليميني المحافظ والذي يرفضون عدد من السياسات الليبرالية الداخلية التي سبق وتبناها ماكين في الماضي، وهو أمر حرص ماكين على مواجهته بتبني مواقف أكثر محافظة تجاه قضايا هامة كرفض زيادة الضرائب
----

Thursday, August 07, 2008

العراق بين قنوط أوباما وصقورية ماكين
مقال بقلم: علاء بيومي

الناشر:
الجزيرة نت، أغسطس 2008، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر

نص المقال

حرب العراق هي أهم قضايا السياسة الخارجية الأميركية في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة إن لم تكن أهم قضايا الانتخابات على الإطلاق، فقد يرى بعض الأميركيين أن أوضاع الاقتصاد الأميركي المتردية بات أولوية، ولكن الحرب تبقى قضية محورية قادرة على العودة بقوة والتأثير على مسار الانتخابات الرئاسية، ولم لا وحرب العراق كانت السبب الأهم وراء خسارة الجمهوريين لانتخابات 2006، وهي خسارة هزت مؤسسات اليمين الأميركي الحاكم وأشعرت بعض قادته بأفول عصر سيطرة اليمين في أميركا خلال الجيل الراهن

لذا لا يجب أن نتعجب إذا وقف المرشحان الرئيسيان للرئاسة الأميركية باراك أوباما مرشح الحزب الديمقراطي وجون ماكين مرشح الحزب الجمهوري على طرفي نقيض من القضية الهامة، فكل مرشح هو تعبير صادق عن احتياجات وظروف حزبه في المرحلة الحالية، وهذا لا يعني أن مواقف أوباما وماكين نحو العراق لا تتقاطع، فهي تتشابه في مناسبات محدودة هامة ولا تخلو من عيوب ونواقص

الانتخابات التمهيدية

في البدء يجب الإشارة إلى أن حرب العراق لعبت دورا هاما في حصول كلا من باراك أوباما وجون ماكين على ترشيح حزبيهما في الانتخابات الرئاسية، فمن بين المرشحين الديمقراطيين الرئيسيين في الانتخابات التمهيدية وهم جون إدواردز وهيلاري كلينتون وباراك أوباما برز الأخير لكونه المرشح الذي عارض الحرب منذ البداية، أما إدواردز فقد ساند قرار الحرب ثم عبر بعد ذلك عن ندمه، ووقفت هيلاري بجوار قراراها المساند للحرب ورفضت الاعتذار عنه، ويقال أن موقفها هذا كلفها ترشيح الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية الحالية والتي كانت تعتبرها أمرا مقضيا

أما ماكين فهو مرشح حزبه الأبرز في دعم الحرب، فهو أحد الداعين والداعمين لها والمساندين لإستراتيجية زيادة القوات الأميركية بالعراق، حتى يقال أن الإستراتيجية السابقة ارتبطت باسم ماكين وأنه صار أكبر داعميها خارج الإدارة الأميركية حتى ارتبطت باسمه وصار سقوطها سقوطا له ونجاها نجاحا له، لذا يشار إلى أن تردي الأوضاع في العراق في أوائل عام 2007 كاد أن يقضى على أحلام ماكين الرئاسية بسبب تردي الأوضاع في العراق وعدم تمكن إستراتيجية زيادة القوات من العودة بفوائد سريعة في تلك الفترة، حتى أن ماكين ومساعديه فقدوا الأمل في الفوز بترشيح الجمهوريين، ولكي الأوضاع تحسنت نسبيا في العراق خلال الثلث الأخير من عام 2007 فعادت معها أمال ماكين في الوصول إلى البيت الأبيض

قرار الحرب

لذا نحن أمام مرشحين متضادين تقريبا في موقفهما من حرب العراق، وهو تضاد يبدأ من قرار الحرب ذاته والذي عارضه أوباما قبل أن يدخل مجلس الشيوخ الأميركي، حيث رأى أن الحرب غير محددة التكاليف أو العواقب أو الإطار الزمني، وأنها تشتيت لأميركا عن الساحة الأهم للحرب على الإرهاب وهي ساحة حرب أفغانستان

أما ماكين فقد طالب بتغيير النظام العراقي منذ عام 1998 أي قبل أن يصبح جورج دبليو بوش رئيسا، كما طالب ماكين بالحرب قبل أحداث 11-9 وبعدها، حيث رأى ماكين بعد الأحداث أن الحرب جزء من مشروع إعادة بناء الشرق الأوسط وأن العراق بعد غزوه سيصير نواة نشر الديمقراطية والقيم الأميركية في المنطقة وسوف يعيد رسم سياسات العالم العربي ونظمه على شاكلة ترضي أميركا وتحقق أمن إسرائيل

الحرب على الإرهاب

وقد رأى ماكين منذ بداية حرب العراق أنها الجبهة الأولى والمركزية للحرب على الإرهاب، وهي حرب يرى ماكين أنها لابد وأن تنتهي بهزيمة أعداء أميركا هزيمة عسكرية وسياسية مذلة تثبت للعالم من هي أميركا وما هي تكلفة من يعصي الولايات المتحدة قطب العالم الأوحد

لذا يتحدث ماكين عن "الحرب على الإرهاب" بمفهوم عسكري تقليدي بالأساس يقوم على تغيير النظام "الراعية للإرهاب" أو المناهضة لأميركا من خلال العمل العسكري المباشر أو من خلال دعم قوى المعارضة الداخلية بتلك الدول، كما يرى ماكين ضرورة أن تصطف الدول المساندة لأميركا حولها في حلف سياسي عسكري لهزيمة الدول المناهضة لأميركا وحلفائها

أما أوباما فيرى "الحرب على الإرهاب" كنوع من التعاون الدولي لمواجهة الشبكات الداعمة للإرهاب عبر العالم، تعاون به جزء عسكري كما هو الحال في أفغانستان، والتي يرى أوباما أنها الجبهة المركزية للحرب على الإرهاب، وبه جزء بوليسي استخباراتي يتحقق من خلال تعاون الدول مع بعضها في تتبع تنظيم القاعدة والجماعات المساندة له ومصادر تمويله ودعمه، كما يشمل التعاون الدبلوماسي وأخر يتعلق بالدبلوماسية العامة يقوم على تفعيل دور مؤسسات الدبلوماسية والدعاية الأميركية في التواصل مع العالم الإسلامي

تطورات الحرب

والملاحظ هنا أن ماكين يبدو أكثر دراية بتطورات حرب العراق وتفاصيلها مقارنة بأوباما، فقد زار ماكين العراق لأول مرة في أغسطس 2003 أي بعد الحرب بخمسة أشهر وقبل دخول أوباما مجلس الشيوخ الأميركي بأكثر من عام وثلث، كما زار ماكين العراق مرات عديدة منذ ذلك الحين، وتبنى منذ عودته من الزيارة الأولى موقفا ناقدا لإستراتيجية الرئيس جورج دبليو بوش العسكرية في إدارة الحرب، حيث انتقد إستراتيجية وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد بشدة وأعرب تكرارا عن فقدانه الثقة في رامسفيلد، لأن دونالد رامسفيلد – كما رأى ماكين – مصاب بعقدة فيتنام ويخشى الدفع بمزيد من الجنود الأميركيين في العراق خوفا من وقوع خسائر كبيرة وسط الجنود الأميركيين هناك مما قد يحول العراق لفيتنام جديدة، ولكن ماكين المحارب السابق رأى أن إستراتيجية رامسفيلد هي التي ستحول العراق لفيتنام جديدة، لذا طالب بالتعجل في إرسال مزيد من القوات للعراق والإسراع في جهود إعادة الأبناء حتى لا يفقد العراقيون الثقة في أميركا ويتحولون ضدها

أما أوباما فيبدو في ذلك الحين أقل وعيا بتفاصيل الحرب وأقل دراية بتطوراتها وحاجاتها العسكرية مقارنة بماكين الطيار السابق وسليل عائلة من قادة البحرية الأميركية، كما أن أوباما أنفق عامه الأول في مجلس الشيوخ الأميركي (2005) مبتدأ يبتعد عن الأضواء ويعكف على التعلم، لذا تأخرت مبادرات أوباما السياسية الجادة تجاه الحرب - التي عارضها منذ البداية - حتى أواخر عام 2005، كما ظهرت مواقف أوباما عامة مترددة بعض الشيء ففي فترة رأي أوباما ضرورة إعطاء الفرصة للحكومة العراقية الجديدة لإثبات نفسها، ولكن مع تردي الأوضاع في العراق بدأ أوباما في النظر للحرب على أنها حرب مفقود الأمل فيها لا يرجى منها شيئا وأنها باتت تكلفة شاقة يتحملها بالأساس الجنود الأميركيين وتبدد موارد أميركا الاقتصادية والتي تحتاجها أحياء أميركا الفقيرة وتهدر سمعة أميركا ومصداقيتها حول العالم

الحكومة العراقية

والواضح هنا أن أوباما وماكين يتفقان في النظر سلبيا تجاه الحكومة العراقية والسياسيين العراقيين، حيث عبرا في أكثر من موضع عن عدم ثقتهما في الساسة العراقيين، وقد رأى ماكين أن عدم الثقة هذه تعني أن تبقى مسئولية الحرب في العراق على عاتق الجيش الأميركي نفسه، فالحرب هي حرب أميركا، وأميركا وجيشهما هما القادران فقط على تحقيق النصر في هذه الحرب، ودور الجيش العراقي هو دور مساعد فقط

أما أوباما فقد رأى أن الساسة العراقيين ميئوس منهم كالحرب تماما وأنهم لن يتحركوا ويبحثوا عن حلول لمشاكلهم العديدة إلا إذا شرعت أميركا في سحب أو إعادة نشر قواتها خارج العراق

سحب القوات

لذا طالب أوباما بإعادة نشر القوات الأميركية خارج العراق في غضون 16 شهرا منذ أوائل عام 2007، ورفض إستراتيجية زيادة القوات الأميركية بالعراق، ورأى أنها لا جدوى لها، فلا حل لمشكلة العراق دون اتفاق الساسة العراقيين، بمعنى أخر أن حل مشكل العراق سياسي في أيدي الساسة العراقيين وليس عسكري في أيدي القوات الأميركية، لذا رأى أن سحب القوات الأميركية تدريجيا سوف يكون عامل ضغط قوي على الحكومة العراقية والسياسيين العراقيين للعمل على إيجاد حل سياسي لمشاكلهم

والواضح هنا أن أوباما مرن في قضية سحب القوات فهو لا يحدد عدد القوات التي يجب سحبها أو تواريخ سحبها أو سرعة السحب

كل ما يريده هو سحب غالبية القوات في غضون 16 شهرا وفقا لما يقتضيه الواقع بالعراق ويتفق عليه قادة الجيش الأميركي هناك، والإبقاء على عدد غير محدد من القوات لفترة غير محددة لحماية مصالح أميركا ومكافحة الإرهاب وتدريب القوات العراقية

أما ماكين فسحب القوات غير وارد بالنسبة له، فهو يقول أحيانا أنه يأمل في أن يحقق النصر في العراق بنهاية ولايته الأولى كرئيس لأميركا (في حالة فوزه بالرئاسية) في عام 2013، ولكنه يرفض فكرة وضع سقف أو جدول زمني للانسحاب، بل يرى أن مجرد الحديث في الأمر هو دعم للقاعدة ولأعداء أميركا في العراق وفي الشرق الأوسط، دعم يشعرهم بأنهم ألحقوا الهزيمة والخزي والعار بأميركا في العراق وبأنهم قادرين على فعل الشيء نفسه في أفغانستان وفي أي مكان أخر بالعالم، فالانسحاب من العراق هو انهيار للمشروع الأميركي في العراق وفي بناء الشرق الأوسط الجديد وفي إعادة بناء عالم القطبية الأحادية بشكل عام، لذا يقول ماكين بشكل متكرر أن "الحرب على الإرهاب" هي حرب أجيال وأهم تحدي للجيل الأميركي الراهن وأن العراق هي ساحتها الأساسية

الحل الدبلوماسي

لذا يرفض ماكين توصيات "مجموعة دراسة العراق" الصادرة في أواخر عام 2006 والتي تنادي بالبحث عن حل دبلوماسي إقليمي لقضية العراق من خلال تحريك علمية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية والدخول في حوار مع الدول المجاورة للعراق وعلى رأسها سوريا وإيران وطلب دعمها في تحقيق استقرار العراق، وبالطبع يرفض ماكين المهادنة مع إيران أو سوريا ويرى أنها علامة ضعف لا قوة سوف يساء استغلالها، كما يفصل ماكين بين الصراع العربي الإسرائيلي والعراق، فماكين كالمحافظين الجدد يرى أن الصراع العربي الإسرائيلي له أسبابه التاريخية النابعة من موقف العرب الرافض لإسرائيل، وأن عدم استقرار الشرق الأوسط نابع من طبيعة نظم المنطقة غير الديمقراطية

أما أوباما فهو يبدي استعداده للدخول في حوار إقليمي ودولي مباشر حول سبل تفعيل الدبلوماسية الرامية لتحقيق استقرار العراق، وهو أمر يتماشى مع استعداد أوباما للدخول في حوار مباشر مع دول كإيران ومع رغبته أيضا في تفعيل الدبلوماسية الأميركية على ساحة عملية السلام

بين القنوط والصقورية

في الخاتمة لا يخلو موقف أوباما من عيوب، فهو يبدو قانطا من تحسن الأوضاع في العراق مما يدفعه لسحب القوات الأميركية هروبا من المشكلة التي باتت بدون حل لا اعترافا بحق الشعب العراقي في الحرية وبدين أميركا تجاه العراق، وإن كان أوباما قد عارض الحرب منذ البداية وأبدا استعداده لإيجاد حل دبلوماسي يضمن استقرار العراق، أما ماكين فهو صقر من أشرس صقور حرب العراق لن يتواني عن الانقضاض على معارضي الحرب وأعدائها في أميركا وخارجها لو أتيحت له الفرصة ولو بعد حين

مقالات ذات صلة

أحلام أوباما والجيل الأميركي المفقود

من لا يحب جون ماكين

ترويض أوباما