فروق بين أوباما وماكين أظهرها لقاؤهما الانتخابي الأول
مقال بقلم: علاء بيومي
الناشر: الجزيرة نت، 17 أغسطس 2008، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص المقال
اللقاء الذي جمع بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري للرئاسة الأميركية فجر الأحد في أحد كنائس كاليفورينا كشف عن فروق واضحة بين المرشحين خاصة على صعيد السياسية الخارجية وموقفهما من الشرق الأوسط وقدرات كل مرشح الخطابية و"رؤية كل مرشح للعالم" بشكل عام
عسكرية ماكين
حيث بدأ ماكين حديثه بالتأكيد على أن الجنرال دايفيد بتريوس قائد القوات الأميركية بالعراق - وأحد أكبر الداعمين لإستراتيجية زيادة القوات الأميركية هناك - هو واحد من أهم ثلاثة أشخاص سوف يحرص على الإنصات لنصائحهم في حالة فوزه بالرئاسة الأميركية
كما تحدث ماكين بصفة عامة عن الواجب الوطني من منطلق وطني عسكري، وأشار تكرارا إلى خبرته خلال حرب فيتنام حيث وقع في الآسر لأكثر من خمس سنوات، وكيف ثقلت هذه الخبرة أفكاره على المستويين الشخصي والسياسي
كما بدا ماكين أكثر حدة في الإجابة عن سؤال طرحه القس "ريك وارن" - الذي أدار الحوار - حول إيمان المرشحين بوجود الشر في العالم وبسبل مواجهته، حيث أسرع ماكين بالقول بأن موقفه من الشر هو ضرورة "هزيمته"، وتحدث عن ضرورة حشد قوى أميركا في حرب كبرى ضد ما اسماه "بالإرهاب الإسلامي الراديكالي" مؤكدا على أن الحرب السابقة هي أهم تحدي يواجهه الجيل الأميركي الراهن، وعلى أن العراق هو ساحة الحرب "المركزية"، وعلى أن القاعدة مازالت تسعى لبناء قواعد لها في أميركا
وردا على سؤال حول أهمية تنويع مصادر الطاقة الأميركية ذكر ماكين أن أميركا في حاجة لتنويع مصادر الطاقة والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي حتى تتخلص من دفع أموال طائلة "لبلاد لا تحب" أميركا، أموال قد تقع في أيدي إرهابيين، في إشارة ضمنية إلى بعض بلدان الشرق الأوسط
دبلوماسية أوباما
في المقابل بدا أوباما أكثر تريثا في الرد على السؤال الخاص بوجود الشر في العالم وسبل مواجهته، ففي حين أكد أوباما أن الشر موجود، فقد ذكر أنه كرئيس لأميركا سوف يفكر مليا قبل إرسال الجنود الأميركيين للحرب مؤكدا أن "سؤال الحرب والسلام" هو من أصعب الأسئلة التي يمكن أن تواجه أي رئيس للولايات المتحدة
كما ذكر أنه ينبغي علي أي شخص أن يحرص على "التواضع" في تفكيره حول سبل مواجهة الشر، لأن البشر في سعيهم لمواجهة الشر قد يرتكبون شرورا أكبر من الشر الذي هددهم في البداية، وذلك في إشارة ضمنية إلى سياسات إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش بما في ذلك حرب العراق التي عارضها أوباما منذ البداية
حيث أشار أوباما إلى أن قرار معارضته لحرب العراق في أواخر عام 2002 كان من أصعب القرارات التي اتخذها كسياسي نظرا لما حظي به الرئيس بوش من دعم جماهيري وسياسي في ذلك الحين وأنه حرص على الحديث مع عدد من الخبراء والناصحين قبل اتخاذ هذا القرار
كما تحدث أوباما بشكل متكرر عن أهمية بناء التحالفات والمعايير الدولية التي تمكن أميركا من مواجهة مخاطر دولية كمكافحة "الإبادة الجماعية" والإيدز وحماية "الحريات الدينية
فروق في الأسلوب
وبصفة عامة بدا أوباما أكثر استعداد للحديث عن حياته الشخصية وأسرته والتجارب الإنسانية التي صاغت تفكيره، كما تحدث بشكل متكرر عن أهمية الشعور بمعاناة الآخرين وضرورة أن يتحمل الجيل الأميركي الحالي مسئولية توفير حياة أفضل للجيل الأميركي القادم
في حين بدا ماكين أقل استعداد للحديث عن خبراته الشخصية فيما عدا استخدام خبراته خلال الآسر في فيتنام التي عاد لها بشكل متكرر، كما بدا ماكين أكثر تفاؤلا بخصوص مستقبل أميركا رافضا زيادة الضرائب أو مطالبة الأميركيين بالاقتصاد في سبل معيشتهم أو تحمل أعباء إضافية مقارنة بأوباما الذي طالبهم بذلك بشكل مباشر
نفوذ اليمين المسيحي
ويشار إلى أن حضور أوباما وماكين لمثل هذا اللقاء الذي عقد بكنيسة "معمدانية" - والذي يعد الأول من نوعه - هو دليل على التنامي الواضح لنفوذ الجماعات المسيحية المتدينة بأميركا، حيث يرى الديمقراطيون أن صعود هذه القوى ساهم بوضوح في منح الجمهوريين كثير من انتصارهم الانتخابية في الفترة الأخيرة، لذا عقد بعض الديمقراطيين أمالا واسعة على أوباما في أن يساهم في تقليل الفجوة بين "المسيحيين المتدينين" والحزب الديمقراطي نظر لأن أوباما لا يجد غضاضة في الحديث بصدق عن عقيدته كمسيحي متدين
وربما استفاد أوباما نفسه من الظهور أمام التجمع الديني في مواجهة شائعات قوية تقول بأنه "مسلم"، حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو الأميركي في منتصف شهر يوليو السابق أن 12% من الناخبين الأميركيين يعتقدون أن أوباما "مسلم
أما ماكين فعلى الرغم من سجله المحافظ بشكل واضح على المستويين الديني والأخلاقي فإن علاقته سلبية ببعض رموز التيار اليميني المحافظ والذي يرفضون عدد من السياسات الليبرالية الداخلية التي سبق وتبناها ماكين في الماضي، وهو أمر حرص ماكين على مواجهته بتبني مواقف أكثر محافظة تجاه قضايا هامة كرفض زيادة الضرائب
الناشر: الجزيرة نت، 17 أغسطس 2008، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص المقال
اللقاء الذي جمع بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري للرئاسة الأميركية فجر الأحد في أحد كنائس كاليفورينا كشف عن فروق واضحة بين المرشحين خاصة على صعيد السياسية الخارجية وموقفهما من الشرق الأوسط وقدرات كل مرشح الخطابية و"رؤية كل مرشح للعالم" بشكل عام
عسكرية ماكين
حيث بدأ ماكين حديثه بالتأكيد على أن الجنرال دايفيد بتريوس قائد القوات الأميركية بالعراق - وأحد أكبر الداعمين لإستراتيجية زيادة القوات الأميركية هناك - هو واحد من أهم ثلاثة أشخاص سوف يحرص على الإنصات لنصائحهم في حالة فوزه بالرئاسة الأميركية
كما تحدث ماكين بصفة عامة عن الواجب الوطني من منطلق وطني عسكري، وأشار تكرارا إلى خبرته خلال حرب فيتنام حيث وقع في الآسر لأكثر من خمس سنوات، وكيف ثقلت هذه الخبرة أفكاره على المستويين الشخصي والسياسي
كما بدا ماكين أكثر حدة في الإجابة عن سؤال طرحه القس "ريك وارن" - الذي أدار الحوار - حول إيمان المرشحين بوجود الشر في العالم وبسبل مواجهته، حيث أسرع ماكين بالقول بأن موقفه من الشر هو ضرورة "هزيمته"، وتحدث عن ضرورة حشد قوى أميركا في حرب كبرى ضد ما اسماه "بالإرهاب الإسلامي الراديكالي" مؤكدا على أن الحرب السابقة هي أهم تحدي يواجهه الجيل الأميركي الراهن، وعلى أن العراق هو ساحة الحرب "المركزية"، وعلى أن القاعدة مازالت تسعى لبناء قواعد لها في أميركا
وردا على سؤال حول أهمية تنويع مصادر الطاقة الأميركية ذكر ماكين أن أميركا في حاجة لتنويع مصادر الطاقة والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي حتى تتخلص من دفع أموال طائلة "لبلاد لا تحب" أميركا، أموال قد تقع في أيدي إرهابيين، في إشارة ضمنية إلى بعض بلدان الشرق الأوسط
دبلوماسية أوباما
في المقابل بدا أوباما أكثر تريثا في الرد على السؤال الخاص بوجود الشر في العالم وسبل مواجهته، ففي حين أكد أوباما أن الشر موجود، فقد ذكر أنه كرئيس لأميركا سوف يفكر مليا قبل إرسال الجنود الأميركيين للحرب مؤكدا أن "سؤال الحرب والسلام" هو من أصعب الأسئلة التي يمكن أن تواجه أي رئيس للولايات المتحدة
كما ذكر أنه ينبغي علي أي شخص أن يحرص على "التواضع" في تفكيره حول سبل مواجهة الشر، لأن البشر في سعيهم لمواجهة الشر قد يرتكبون شرورا أكبر من الشر الذي هددهم في البداية، وذلك في إشارة ضمنية إلى سياسات إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش بما في ذلك حرب العراق التي عارضها أوباما منذ البداية
حيث أشار أوباما إلى أن قرار معارضته لحرب العراق في أواخر عام 2002 كان من أصعب القرارات التي اتخذها كسياسي نظرا لما حظي به الرئيس بوش من دعم جماهيري وسياسي في ذلك الحين وأنه حرص على الحديث مع عدد من الخبراء والناصحين قبل اتخاذ هذا القرار
كما تحدث أوباما بشكل متكرر عن أهمية بناء التحالفات والمعايير الدولية التي تمكن أميركا من مواجهة مخاطر دولية كمكافحة "الإبادة الجماعية" والإيدز وحماية "الحريات الدينية
فروق في الأسلوب
وبصفة عامة بدا أوباما أكثر استعداد للحديث عن حياته الشخصية وأسرته والتجارب الإنسانية التي صاغت تفكيره، كما تحدث بشكل متكرر عن أهمية الشعور بمعاناة الآخرين وضرورة أن يتحمل الجيل الأميركي الحالي مسئولية توفير حياة أفضل للجيل الأميركي القادم
في حين بدا ماكين أقل استعداد للحديث عن خبراته الشخصية فيما عدا استخدام خبراته خلال الآسر في فيتنام التي عاد لها بشكل متكرر، كما بدا ماكين أكثر تفاؤلا بخصوص مستقبل أميركا رافضا زيادة الضرائب أو مطالبة الأميركيين بالاقتصاد في سبل معيشتهم أو تحمل أعباء إضافية مقارنة بأوباما الذي طالبهم بذلك بشكل مباشر
نفوذ اليمين المسيحي
ويشار إلى أن حضور أوباما وماكين لمثل هذا اللقاء الذي عقد بكنيسة "معمدانية" - والذي يعد الأول من نوعه - هو دليل على التنامي الواضح لنفوذ الجماعات المسيحية المتدينة بأميركا، حيث يرى الديمقراطيون أن صعود هذه القوى ساهم بوضوح في منح الجمهوريين كثير من انتصارهم الانتخابية في الفترة الأخيرة، لذا عقد بعض الديمقراطيين أمالا واسعة على أوباما في أن يساهم في تقليل الفجوة بين "المسيحيين المتدينين" والحزب الديمقراطي نظر لأن أوباما لا يجد غضاضة في الحديث بصدق عن عقيدته كمسيحي متدين
وربما استفاد أوباما نفسه من الظهور أمام التجمع الديني في مواجهة شائعات قوية تقول بأنه "مسلم"، حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو الأميركي في منتصف شهر يوليو السابق أن 12% من الناخبين الأميركيين يعتقدون أن أوباما "مسلم
أما ماكين فعلى الرغم من سجله المحافظ بشكل واضح على المستويين الديني والأخلاقي فإن علاقته سلبية ببعض رموز التيار اليميني المحافظ والذي يرفضون عدد من السياسات الليبرالية الداخلية التي سبق وتبناها ماكين في الماضي، وهو أمر حرص ماكين على مواجهته بتبني مواقف أكثر محافظة تجاه قضايا هامة كرفض زيادة الضرائب
----
No comments:
Post a Comment