Saturday, September 27, 2008

بعد المناظرة الرئاسية الأولى ... هل أحبط أوباما مسانديه
مقال بقلم: علاء بيومي

نص المقال

المناظرة الرئاسية الأولى بين باراك أوباما وجون ماكين والتي أجريت مساء أمس الجمعة السادس والعشرين من سبتمبر الحالي لم تكشف عن أي مواقف جديدة للمرشحين الرئاسيين خاصة على صعيد السياسية الخارجية، حيث اكتفى كل مرشح بتكرار مواقفه المعروفة منذ بداية السباق الرئاسي في أوائل عام 2007 وحتى الآن

الجديد هو أن المناظرة وضعت المرشحين الرئاسيين أمام بعضهما في مواجهة كان ينتظرها الناخب الأميركي وكثير من المتابعين عبر العالم، وذلك لكي يشاهدوا كيف سيتعامل المرشحان مع بعضهما بعضا، ومن سيمتلك الكلمة العليا

وهنا يبدو أن كثير من أنصار المرشح الديمقراطي باراك أوباما قد أصيبوا بالإحباط أو خيبة الأمل بعد أدائه في مناظرة الأمس، وذلك لأن أوباما لجأ في كثير من الأحيان للدفاع عن مواقفه واتهام ماكين بالكذب ولي عنق الحقيقية وتصريحات أوباما في مواجهة اتهامات ماكين المتواصلة والتي كانت بمثابة لكمات قوية يوجهها ملاكم محترف لأوباما المثقف الأكاديمي الذي ألقى بنفسه في حلبه مصارعة سياسية

وقد بدا هذا واضحا عند مناقشة مواقف المرشحين من إيران، حيث سخر ماكين من أوباما لأنه يريد اللقاء مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد "بلا شروط"، وهو أمر وضع أوباما في موقف الدفاع عن أرائه أمام ماكين، مؤكدا أنه لن يلتقي مع أحمدي نجاد بدون ترتيب مسبق

وقد حاول أوباما الهجوم على ماكين في أكثر من مناسبة خاصة فيما يتعلق بموقف ماكين المساند لحرب العراق منذ بدايتها وبسبب تجاهله لمشكلة أفغانستان وأهمية القضاء على القاعدة والقبض على قادتها قبل فتح جبهة جديدة بالعراق

وعلى الرغم من أن أوباما بدا في كثير من الأحيان وأنه يمتلك الحقيقية من وجهة نظر معارضي الحرب، إلا أنه بدا على شاشات التلفاز هادئا وكأنه أستاذ جامعي يلقي محاضرة في مواجهة سياسي شرس يكيل له الاتهامات واللكمات وهو جون ماكين

وهو أمر أزعج وربما أحبط كثير من مناصري أوباما والذين كانوا يتمنون أن يوجه أوباما في مناظرة الأمس ضربة قاضية لماكين الذي يعاني في عيون الناخبين الأميركيين - وفقا لأحدث الاستطلاعات - بسبب أزمة الاقتصاد الأميركي الحالية والتي تذكر الأميركيين بأخطاء بوش والجمهوريين العديدة والمستمرة

لذا بدا ماكين في بداية المناظرة دفاعيا مضطربا لأن الجزء الأول من المناظرة خصص للحديث عن أوضاع الاقتصاد الأميركي، ولكنه عاد ليمتلك ناصية الحديث وليضع أوباما في موقف الدفاع في نهاية المناظرة والتي ركزت على قضايا السياسية الخارجية

فهل يعني ذلك أن أوباما خسر أمام ماكين؟ وأن الأخير قد وضع نفسه على بداية الطريق للبيت الأبيض من خلال أدائه المتميز في مناظرة الأمس؟

الإجابة هي بلا لأسباب عديدة، أولها أن أوباما على الرغم من لجوئه للدفاع في أحيان كثيرة فإنه بدا هادئا غير غاضبا، معتدلا غير ثائرا، وهي صورة يحرص على الظهور بها في مواجهة الشائعات التي تروج حول خلفيته وتحاول تصوريه كسياسي أسود من أصول مسلمة يريد تقويض النظام الأميركي وإحلاله بنظام جديد ليبرالي يرضي أعداء أميركا

بمعني أخر، كثير من الجمهوريين والمستقين الذين شاهدوا لقاء الأمس سوف يخرجون بشعور مفاده أن أوباما سياسي هادئ له وجهة نظر مخالفة لنظرة ماكين والجمهوريين، ولكنه سياسي معتدل يميل للدبلوماسية بوضوح ولكنه لا تبنى أي سياسات راديكالية معادية لأميركا

ثانيا: كثير من المتابعين عبر العالم تغافلوا قدرات جون ماكين منذ بداية السباق لكونه يعبر عن الحزب الجمهوري الغارق حتى قمة رأسه في فضائح ومشاكل إدارة بوش العديدة، والحقيقة أن ماكين سياسي مختلف، وقد أكدنا ذلك في مرات عديدة، وتعرضنا له بالتفصيل في دراستنا الأخيرة "جون ماكين والشرق الأوسط والولاية الثالثة للمحافظين الجدد"، وقلنا أن الحزب الجمهوري دفع بماكين مضطرا في الانتخابات الحالية، لأن ماكين سياسي جمهوري غير تقليدي، وأنه قادر على جذب أصوات المستقلين وبعض الديمقراطيين، وأن خلفية ماكين السياسية تجعل منه سياسي صعب المنال، فالرجل صاحب مواقف ذكية وشخصية مستقلة ودراية واسعة بالسياسية الخارجية الأميركية، وهو أمر ظهر بوضوح في مناظرة أمس

فقدرات ماكين السياسية تفوق كثير من قادة الحزب الجمهوري من أمثال بوش ورودي جولياني ومت رومني، فهو رجل محنك بمعنى الكلمة وصاحب مواقف مزيج بين الليبرالية والمحافظة، وأعتقد أن مهمة أوباما كانت سوف تكون أسهل لو واجه واحد من الثلاثة السابقين في مناظرة مباشرة، ولكن الجمهوريين اختاروا له شخص لا يرضون عن بشكل كامل – وهو ماكين – على أمل الحفاظ على البيت الأبيض

ثالثا: مناظرة الأمس كانت بمثابة تذكير بأن أميركا والرأي العام الأميركي تحركا نحو اليمين في السنوات الأخيرة، وأن الحديث عن الشر وأعداء أميركا الخارجيين وتسميتهم والتأكيد على أهمية مواجهتهم هو أمر مازال يلقى رواجا لدى الأميركيين أو لدى قطاع كبير منهم، لذا لم يجد ماكين غضاضة في التأكيد على مواقف المتشددة ضد روسيا وإيران أو عن رغبته في إعادة بناء النظام الدولي ضمن ما يسميه بعصبة الديمقراطيات، وهي أحلام يمينية كبرى، يروجها ماكين وعجز عن فضحها أوباما وكأن الدبلوماسية - من وجهة نظر الأميركيين - باتت عيبا وإستراتيجية ضعيفة يجب تبريرها قبل اللجوء إليها

رابعا: ماكين مازال يواجه مشاكل عديدة على رأسها وضع الاقتصاد الأميركي المتردي وحالة الغضب التي تجتاح المجتمع الأميركي بسبب سياسات الجمهوريين وبوش، وهو أمر سوف يفيد أوباما، وبالطبع سوف يطالبه مستشاريه بالتخلي قليلا عن هدوءه وقبعته الجامعية، والنزول للمعترك السياسي ومهاجمة ماكين في المناظرتين المتبقيتين واللتين سوف تركزان على قضايا السياسة الخارجية

بقى أن نقول أن أحد مميزات الانتخابات الرئاسية الحالية هو طبيعتها الدراماتيكية، فقد فاز أوباما بترشيح الديمقراطيين بعد صراع طويل داخل الحزب مع أحد أشهر قياداته وهي هيلاري كلينتون وزوجها واللذان يتمتعان بشهرة عالمية، ولكي يصبح أوباما أول أفريقي أميركي يصل لهذا الموقع في التاريخ

وبعد فوزه الصعب بترشيح الديمقراطيين وجد أوباما نفسه متقدما بفارق واضح على ماكين والذي فاز بسهولة بترشيح حزبه الجمهوري، ولكن ماكين عادة واستعاد مكانته في الانتخابات الرئاسية قبيل مؤتمرات الحزبين في نهاية يوليو الماضي ليعود ويفقدها مجددا بسبب الأزمة الطاحنة التي يتعرض لها الاقتصاد الأميركي، ثم يعود ليجدد أماله بعد مناظرة الأمس التي حاول تأجيلها بحجة التركيز على حل أزمة الاقتصاد الأميركي بواشنطن، إنها حقا إثارة كبيرة تضاف إلى أهمية الانتخابات التاريخية التي تحظى بمتابعة كبيرة عبر العالم من الآن وحتى الرابع من نوفمبر المقبل

علاء بيومي، باحث في الشئون الأميركية، ومؤلف كتاب "جون ماكين والشرق الأوسط والولاية الثالثة للمحافظين الجدد"، مركز الجزيرة للدراسات، أغسطس 2008

Thursday, September 18, 2008




للحصول على النص الكامل لكتاب جون ماكين والشرق الأوسط والولاية الثالثة للمحافظين الجدد، اضغط هنا

للحصول على صورة لغلاف الكتاب، اضغط
هنا

لقراءة عرض الجزيرة نت المفصل للكتاب (1500 كلمة)، اضغط
هنا

للحصول على بيان الناشر للإعلان عن صدور الكتاب، اضغط
هنا


تقرير من إعداد علاء بيومي، صادر عن مركز الجزيرة للدراسات، 24 أغسطس 2008
للإطلاع على نص التقرير إضغط هنا

Wednesday, September 17, 2008


صورة لغلاف كتاب جون ماكين والشرق الأوسط والولاية الثالثة للمحافظين الجدد




Tuesday, September 16, 2008

جون ماكين والشرق الأوسط والولاية الثالثة للمحافظين الجدد
عرض منقول عن الجزيرة نت

معلومات الكتاب: علاء بيومي، جون ماكين والشرق الأوسط والولاية الثالثة للمحافظين الجدد، مركز الجزيرة للدراسات، أغسطس 2008، الدوحة، قطر


نص العرض

جون ماكين المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية في العام 2008، نادى بحرب العراق وإعادة بناء الشرق الأوسط وبالتخلي عن عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية القائمة على أساس من اتفاقات أوسلو، قبل الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش الابن، والسبب في ذلك هو التقارب بين ماكين والمحافظين الجدد منذ منتصف التسعينيات وحتى الآن

وكان المحافظون الجدد قد ساندوا ماكين عندما كان مرشحا للرئاسة في الانتخابات الجمهورية التمهيدية عام 2000 في مواجهة بوش الذي لم يرض عنه عدد كبير من المحافظين الجدد بسبب خلفيته السياسة المتواضعة وضعف درايته بالسياسة الخارجية وخطابه الذي مال إلى الواقعية والحذر

ماكين الثائر على بوش


لذا التف المحافظون الجدد حول ماكين وروجوا لحملته وهللوا بانتصاراته الأولية وحزنوا لهزيمته أمام بوش، وطالبوا الأخير بضمه إلى إدارته في منصب مرموق كوزارة الخارجية أو الدفاع، ولكن بوش رفض أن يضم ماكين منافسه اللدود وفضل عزله

لذا ثار ماكين على بوش وعلى الجمهوريين وعلى قيادات اليمين المسيحي التي تحالفت مع كارل روف مستشار بوش السياسي ومهندس حملاته الانتخابية ضد ماكين في الانتخابات التمهيدية مستخدمة أرخص الوسائل في تشويه سمعته، حتى أن بعضهم شكك في سجل ماكين خلال حرب فيتنام التي وقع فيها أسيرا لأكثر من خمس سنوات

وخلال الفترة بين عامي 2000 و2004 وضع ماكين يده في أيدي كبار الديمقراطيين والليبراليين بمجلس الشيوخ الأميركي مثل إدوارد كيندي وراسل فاينغولد وجون إدواردز وجوزيف ليبرمان (صديقه القديم)، لترويج سياسات داخلية تتعلق بقضايا كالبيئة والرعاية الصحية والتبرعات السياسية مثلت تحديا كبيرا لقيادات الجمهوري بالكونغرس وبالبيت الأبيض، حيث اعتبر بعض الجمهوريين ماكين خائنا بكل المقاييس ولا يستحق أن يكون جمهوريا

وهو اعتقاد ما زال قائما في بعض أوساط الجمهوريين، حتى أن بعضهم أعلن أنه يفضل التصويت لمرشح ديمقراطي مثل السيناتور هيلاري كلينتون على التصويت لجون ماكين

وقد استمر الخلاف بين ماكين والجمهوريين مشتعلا حتى انتخابات عام 2004 الرئاسية بسبب مواقف ماكين الخارجة عن الإجماع الجمهوري على الساحة الداخلية، رغم التقارب أو ربما التطابق بين مواقف ماكين وبوش على ساحة السياسة الخارجية، حيث سبق ماكين بوش إلى الدعوة لحرب العراق وإعادة بناء الشرق الأوسط والتخلي عن عملية السلام بصورتها القائمة

ومع ذلك لم يغفر الجمهوريون لماكين معارضته لهم ولبوش الذي رفعه اليمين المسيحي إلى السماء خاصة بعد هجمات 11سبمتبر/ أيلول 2001، كما أن الإعلام الليبرالي احتفل بماكين كثيرا في تلك السنوات (2000-2004) بسبب معارضته لسياسات بوش الداخلية ونقده أسلوب إدارته لحرب العراق

وفي عام 2004 حدث ما لم يكن متوقعا، إذ سعى المرشح الديمقراطي للرئاسة في ذلك الحين جون كيري، إلى إقناع ماكين بالانضمام إلى حملته كنائب للرئيس

وحدث ما لم يتوقعه كيري أو يتمناه حيث رفض ماكين العرض وارتمى في أحضان بوش وكارل روف اللذين استغلا مساندته لهما كل استغلال

وفتح ماكين صفحة جديدة في علاقته بالجمهوريين انتهت بترشيحهم له في الانتخابات الرئاسية عام 2008 بعدما رفضوه عام 2000 وحاربوه منذ ذلك الحين وحتى العام 2004، ولم يرضوا عنه بشكل كامل حتى الآن إذ ما زالوا يشعرون بأن سجله ليبرالي أكثر من اللازم على ساحة السياسة الداخلية وأنه رجل متمرد ثائر يصعب التنبؤ بسياسته

ازدواجية جون ماكين

في هذا السياق يؤكد هذا الكتاب أهمية تناول الخلفية الشخصية والسياسية لجون ماكين ومسيرته السياسية بالشرح والتحليل كمدخل لفهم سياساته الخارجية المتوقعة تجاه الشرق الأوسط

ويشير مؤلفه إلى أن مواقف ماكين تعتريها ازدواجية واضحة بين مواقفه السياسية الداخلية التي تميل إلى الانفتاح والليبرالية والاستعداد للتعاون مع الأخر ومع الديمقراطيين، وبين مواقفه على الساحة الخارجية والتي تميل إلى اللتشدد والصقورية بشكل يفوق بوش نفسه

فماكين سبق بوش في صقوريته ومطالبته بالعديد من السياسات الخارجية المتشددة التي طبقها بوش بعد الهجمات على نيويورك وواشنطن قبل أن يطالب بها بوش نفسه، لذا رأى بعض المراقبين أن بوش فاز على ماكين ليطبق سياسات الأخير

ويقول المؤلف إن فهم هذا التناقض يتطلب الوعي بشخصية ماكين ومسيرته السياسية، وهما موضوع الجزء الأول من الكتاب والذي يتناول مسيرة ماكين السياسية منذ عام 1983 وهو العام الذي شهد انضمامه إلى عضوية الكونغرس الأميركي عن ولاية أريزونا

كما يتناول التحديات التي واجهها في مسيرته السياسية وعلاقته السلبية مع قيادات الجمهوريين بالكونغرس لأسباب مختلفة

أما تفسير هذا التناقض فيكمن في إيمان ماكين بما يسمى سياسات "العظمة الأميركية" التي تؤمن ببناء أميركا عظيمة ليبرالية في الداخل يخشاها أعداؤها في الخارج

لذا يرحب ماكين بتبني سياسات داخلية ليبرالية ترحب بالمهاجرين وبحقوق الأقليات وبمصالح الطبقات الفقيرة والمتوسطة إلى حد ما، وتتعالى عن الحروب الثقافية الداخلية الضيقة وعن الصراع التقليدي بين اليسار واليمين الأميركيين

في الوقت نفسه يريد ماكين الحفاظ على الأحادية الأميركية والسيادة على العالم، كما يطمح إلى إعادة بناء العالم على شاكلة ترضي أميركا وتضمن إطالة عصر القطبية الأحادية، وذلك من خلال إطلاق مشاريع دولية عملاقة مثل "تحالف الديمقراطيات" الذي يدعو ماكين إلى تشكيله ليضم الدول الديمقراطية ويكون بديلا عن الأمم المتحدة في القضايا الكبرى المستعصية عليها مثل قضية إيران، وكي يوحد جهود الدول الحليفة لأميركا في مواجهة الدول الكبرى المواجهة لها كروسيا والصين والدول التي قد تتحالف معها

الشرق الأوسط

أما مواقف ماكين تجاه الشرق الأوسط فيتناولها الكتاب بالتفصيل في جزئه الثاني، حيث يؤكد المؤلف في بدايته أن الفصل مخصص للرصد المتمهل لمواقف ماكين منذ عام 1983 وحتى الآن تجاه عدد من أهم قضايا الشرق الأوسط الحالية، دون التسرع في إصدار الأحكام على تلك المواقف أو محاولة وضع تفسيرات شاملة لها

فهدف الجزء الثاني هو الرصد والتوثيق والتنقيب في مواقف ماكين وجذورها

أما الحكم على تلك المواقف فمتروك إلى الجزء الثالث والأخير الذي يسعى إلى وضع تصور عام عن رؤية ماكين للسياسة الخارجية الأميركية بشكل عام ولدور أميركا في العالم، وعن الدوائر السياسية المحيطة بماكين والمؤثرة على مواقفه تجاه السياسة الخارجية والشرق الأوسط

وفيما يتعلق بتشدد ماكين تجاه قضايا الشرق الأوسط فهو يبرز على عدة مستويات، يأتي على رأسها ما يلي

أولا: وقوف ماكين موقفا متشددا من العراق مطالبا بتغيير نظام الرئيس العراقي صدام حسين منذ عام 1998

كما برز ماكين كأحد أهم الداعين إلى حرب العراق والمساندين له خارج الإدارة الأميركية بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، واستمر دعمه للحرب بعد الغزو وبعد ارتكاب الإدارة الأميركية العديد من الأخطاء هناك، وهي أخطاء انتقدها ماكين نفسه من باب الحرص على المشروع الأميركي بالعراق

ثانيا: موقف ماكين تجاه إسرائيل غاية في التشدد، فهو لا يكاد يمتلك الإرادة أو الرغبة في الدفع بعجلة عملية السلام بالمنطقة، ويفضل -على النقيض- سياسة فصل الفلسطينيين عن الإسرائيليين حتى يغير الفلسطينيون أنفسهم

بل إن ماكين طالب بعد أحداث سبتمبر/أيلول بأن تعمل أميركا على تغيير العالم العربي كله كي يقبل بإسرائيل، وذلك حين طالب بالدفع بعجلة سياسة نشر الديمقراطية على أمل تغيير النظم العربية الدكتاتورية وإحلالها بنظم تؤمن بالحداثة والتقدم والديمقراطية والحرية وتساند أميركا وتقبل بإسرائيل وتقبل على الاعتراف بها وتحقيق السلام معها

ثالثا: يعد ماكين وفريق المستشارين المحيطين به من أشد الداعين إلى تبني سياسة المواجهة مع إيران وسوريا خارج الإدارة الأميركية، حتى أن البعض يرى أن ماكين امتداد وربما جزء من حملة الإدارة الأميركية ضد إيران

رابعا: سياسة نشر الديمقراطية التي تبناها ماكين أخذت منحنى جديدا بعد أحداث سبتمبر/أيلول ارتبط كثيرا بتصور شامل أراد فيه ماكين إعادة بناء الشرق الأوسط على شاكلة ترضي أميركا وإسرائيل، لا انطلاقا من رغبة حقيقية في إعطاء شعوب المنطقة فرصة حقيقية لممارسة الديمقراطية واختيار من يمثلونها والسياسات التي يريدونها

خامسا: فيما يتعلق بالموقف من الإسلام والمسلمين فيردد ماكين العلماني مقولات يمينية متشددة ومنغلقة تصور الصراع بين أميركا والجماعات المتشددة التي ترفع شعارات إسلامية كصراع قيمي أيدولوجي طويل المدى يشن فيه الإرهابيون حربا لتدمير الحضارة والقيم الأميركية بسبب كراهيتهم العقائدية لتلك القيم، وبذلك يهمل ماكين –كما ذكرنا– الأبعاد المختلفة للصراع ودور السياسات الأميركية الخاطئة فيه

كما يتناول الجزء نفسه تطور مواقف ماكين السياسية تجاه مصر والسعودية وسوريا والتي يخصها ماكين بقدر كبير من الاهتمام في خطابه السياسي

الولاية الثالثة للمحافظين الجدد

الجزء الثالث والأخير من الكتاب يبدأ بتعريف للمحافظين الجدد وأجيالهم المختلفة وبعض أهم رموزهم ومسيرتهم السياسية والتحديات التي واجهوها بعد تعثر المشروع الأميركي في العراق وتواجدهم في أوساط الجمهوريين خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2008

وبعد ذلك يرصد الكتاب علاقة ماكين بالمحافظين الجدد والتي تعود إلى منتصف التسعينيات، ويوضح أن ماكين ليس واحدا من المحافظين الجدد من حيث النشأة، ولكنه تبنى مواقفهم بوضوح منذ منتصف التسعينيات

وقد برز في قيادة التيار الصقوري وسط الحزب الجمهوري الأميركي، لذا ساند المحافظون الجدد ماكين في انتخابات عام 2000 وفضلوه على بوش

كما تواجدوا بكثرة في الدوائر المحيطة به وبين بعضهم أهم مستشاريه السياسيين، حيث أكد بعضهم على العلاقة المباشرة التي تربط ماكين ببعض أهم رموز المحافظين الجدد

ويضع الكتاب في صفحاته الأخيرة تصورا عاما لرؤية ماكين للسياسة الخارجية الأميركية بصفة عامة، مؤكدا على التشابه الكبير والتداخل بين رؤيته ورؤى المحافظين الجدد

ويتنبأ الكتاب بأن فوزه بالانتخابات إعلان لولاية ثالثة للمحافظين الجدد، مع احتمال أن يضطر ماكين للمهادنة في مواقفه السياسية بسبب التحديات التي تواجهها السياسة الأميركية حاليا في الشرق الأوسط، ولكن الكتاب يرى أن مثل هذه المهادنة تكتيكية مؤقتة تزول بزوال أسبابها