أوباما يغلب "الليبرالية الواقعية" باختياره بايدن نائبا له
بقلم: علاء بيومي
يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره
نص المقال
اختيار المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما للسيناتور جوزيف بايدن نائبا له هو رسالة طمأنة من قبل أوباما لنخب
ولوبيات واشنطن بأنه يغلب "الليبرالية الواقعية" على التوجهات "الليبرالية المثالية" في سياسته الخارجية
فالواضح أن "مثالية" أوباما التي ظهرت في خطابته أزعجت نخب واشنطن التقليدية التي لم يمانع بعضها وصول رئيس ديمقراطي للبيت الأبيض كبديل عن الجمهوريين الذين أضروا بصورة أميركا ومصداقيتها حول العالم، ولكنهم وجدوا صعوبة في تأييد أوباما بسبب خطابه المثالي الذي يؤكد على الحوار والدبلوماسية في التعامل مع دول كإيران وسوريا ويضع إحداث "التقدم في عملية السلام" على قمة أولوياته ويشعر "بمعاناة الفلسطينيين"
وإن كان أوباما قد غير خطابه وتحولا يمينا منذ شهور حتى أعلن في يونيو الماضي دعمه لبقاء القدس عاصمة لإسرائيل، إلا أن الصورة "المثالية" التصقت به وباتت مادة أساسية بحملات تخويف الناخبين الأميركيين من أوباما، لذا أراد أوباما اختيار نائبا يؤكد "التوجه الواقعي" في سياسته الخارجية
فجوزيف بايدن عضو بالكونجرس منذ عام 1972 ورئيس حالي للجنة "العلاقات الخارجية" بمجلس الشيوخ الأميركي، وهذا يعني أنه وجه مألوف بواشنطن ولجماعات المصالح واللوبيات، كما أنه يحظى بدعم من نخب الحزب الديمقراطي التقليدية وأن سياساته تميل للوسطية والواقعية والالتزام بالخط الديمقراطي العام، فلولا هذا لما تمكن رجل مثل بايدن من البقاء في منصبه لهذه الفترة
ويظهر منحى بايدن الواقعي في سجله بخصوص الشرق الأوسط، فمثل غالبية الديمقراطيين صوت بايدن لصالح قرار حرب العراق، ولكنه عاد وأصبح من أكبر منتقديها وذاعت شهرته بسبب رعايته خطة لتقسيم العراق إلى ثلاثة مناطق (سنية وشيعية وكردية) تربطها حكومة مركزية ضعيفة، كما طالب بايدن مثل أوباما بسحب القوات الأميركية من العراق ورفض بناء قواعد عسكرية أميركية دائمة هناك
ومثل أوباما يميل بايدن للحوار المباشر مع إيران ويرفض التسرع في اللجوء للحرب، ولكن بايدن على عكس أوباما رفض الربط بين ما يجري في العراق وضرورة الإسراع بإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي، كما أنه يصف نفسه "كصهيوني" ويرفض قيام أميركا بدور "الوسيط العادل" في الشرق الأوسط، ويرى أن تطابق موقف أميركا مع إسرائيل ضرورة لإحداث تقدم في عملية السلام لأنه يمثل عامل ضغط على العرب ويشعرهم بضرورة إحداث تقدم في عملية السلام
كما يرفض بايدن التسرع في الدفع بعجلة التغيير الديمقراطي بالعالم العربي ويفضل التعامل مع حلفاء أميركا التقليديين بالمنطقة
وهذا لا يعني بالضرورة أن أوباما سوف يلتزم بمواقف بايدن الحرفية، فدور نائب الرئيس – في أغلب الأحيان – هو موقف ثاني إن لم يكن ثانوي، ولكن المهم هنا هو مغزاه، فقد أراد أوباما من اختيار بايدن أن يقلل من المخاوف المثارة حوله بسبب خلفيته وصغر سنه وقلة سنوات خبرته السياسة وكونه غريبا على واشنطن ومثاليا في خطابه وأفكاره
لذا اختار أوباما نائبا في منتصف الستينيات يعد أحد أقدم الوجوه في واشنطن وأكثرهم دراية بقضايا السياسية الخارجية وميلا لإتباع "الخط العام" للسياسة الخارجية الأميركية المغلب "للواقعية" على "المثالية
اختيار أوباما لبايدن قد يرضى بعض منتقديه ويطمئنهم بأن أوباما يفضل الواقعية على المثالية ولكنه قد يحبط في الوقت نفسه بعض من بحثوا في أوباما عن "المثالية" والرغبة في التغيير
No comments:
Post a Comment