حكومات عاجزة عن الفهم
علاء بيومي
ما يحدث حاليا في ليبيا واليمن والبحرين ومصر وتونس، وسوف يتكرر في دول عربية أخرى قريبا بإذن الله، يكشف حجم المأزق الذي تواجهه كثير من النخب العربية الحاكمة والتي تبدو عاجزة عن فهم ما يحدث.
عدم الفهم ليس غريبا عن النخب العربية الحاكمة، فهي في غالبيتها نخب غير منتخبة، لم تمارس السياسة بمعناها الحقيقي ولا تفهمها، وتعتمد في سيطرتها على دعم الخارج وعلى التجهيل والتخويف وتقسيم الشعب وعلى فئات من المنتفعين المحيطين بهم.
نخب هرمت أو تجمدت في السلطة وباتت عاجزة عن فهم لغة شعوبها الشابة التي تتحرك بسرعة فائقة بفضل التقدم في تكنولوجيا الاتصالات وحماسة الشباب.
وحقيقة لا أفهم كيف تحكم كثير من النخب العربية بدون دساتير أو برلمانات حقيقة أو أحزاب أو منظمات مجتمع مدني فاعلة في حين أن أعداد متزايدة من أبنائها يحصلون على شهادات علمية من أرقى جامعات العالم.
بعض النخب العربية الحاكمة تريد الثراء والبقاء في كراسيها إلى الأبد وشعوب تخدمها بدون مقابل، وكأنها مازالت تعيش في عالم افتراضي أو في العصور الوسطى، وفي النهاية يتهمون الشباب بأنه يعيش في عالم افتراضي!؟
مبارك لم يتعلم من بن علي، ورغم كل ما حدث لمبارك في مصر لم يتعلم حكام ليبيا والبحرين واليمن.
على العكس، لم يتوان القذافي عن إرسال المرتزقة لقتل أبناء شعبه بالعشرات وربما بالمئات كما تشير تقارير طبية وصحفية، وظهر البلطجية في اليمن، أما في البحرين فقد فتح الجيش النار على المتظاهرين.
ماذا تنتظر حكومات تقتل متظاهرين أبرياء من أبناء شعبها أمام عيون في القرن الحادي والعشرين؟ كيف تتوقع أن تحكم شعوبها بعد ذلك؟ أي شرعية تتوقع؟ وأي سلطة تنتظر؟ وكيف تتوقع أن ينظر العالم لها؟
وماذا تنتظر حكومات أخرى مازالت تمنع الأحزاب والدساتير والصحافة المستقلة، ولا تقاسم الشعب السلطة، وتلقي القبض على شبان في عمر الزهور لكتابة أرائهم على الانترنت؟
في اعتقادي، أن عليهم انتظار الموجات التالية من الثورات العربية والتي تبدو قادمة بلا محالة.
الموجات القادمة سوف تشمل دول جديدة وأخرى شهدت ثورات غير مكتملة، فحتى الدول التي شهدت ثورات واسعة كمصر يبدو أن القوى الحاكمة فيها لم تتعلم الدرس بعد.
فللأسف وبعد انقضاء حوالي أربعة أسابيع على بداية الثورة المصرية، يشعر كثير من المصريين بالإحباط لبطء تطبيق الإصلاحات الحقيقية التي يبتغونها.
ما تريده الشعوب العربية هو قطيعة كاملة وسريعة مع الماضي، ومع الديكتاتورية، ومع الفساد، ومع النخب التي تحكم بغير وجه حق.
الشعوب العربية تعلمت أن قوتها في ثورتها وأعدادها وحماسها، وأن الغرب والحكومات والجيوش تقف عاجزة أمام الشعوب الثائرة، وأن كلمة الشعب تأتي أولي ثم يتحدث بعده من يريد.
الاستجابة لمطالب الشعوب لن تتحقق من خلال قتل المتظاهرين العزل، أو إطلاق البلطجية عليهم، أو سجن أكبر عدد منهم والتشويش على وسائل الإعلام، فكل هذه الأمور مسكنات لم تعد تردع الشباب الثائر، ملايين من الشباب الذي لا يخشى أحد ولا يرغب في حياة بلا كرامة أو مستقبل.
لماذا لا تجرب الحكومات العربية القائمة أو المؤقتة صيغة أفضل؟ لماذا لا تفهم الدرس وتبادر بالتغيير سريعا قبل فوات الأوان، وقبل بدأ الموجة التالية للثورات العربية؟ أم أن فهم الشعوب والاستجابة لمطالبها المشروع ظل ويظل أمرا مستعصيا على كثير من حكومات المنطقة؟
No comments:
Post a Comment