Saturday, April 28, 2012


الدور المأمول لحزب النور في تحقيق المصالحة الفلسطينية


توقفت كثيرا أمام تصريح أدلى به أمس الدكتور عماد عبد الغفور رئيس حزب النور السلفي – ثاني أكبر الأحزاب المصرية حاليا – والعائد مؤخرا من زيارة لقطاع غزة دامت ثلاثة أيام - عن رغبة حزبه في لعب دور في تحقيق المصالحة الفلسطينية. 

وبالطبع من حق د. عبد الغفور تفعيل دور حزبه على كافة المستويات الداخلية والخارجية، ومن المفيد أيضا أن يكون لدى مصر قيادات سياسية لها علاقات دولية واسعة وقدرة على التدخل في قضايا صعبة كقضية المصالحة الفلسطينية التي تهم كل المصريين.

وقد أوضح د. عبد الغفور في تصريحاته أنه "متأكد من أن الحزب سيستطيع تحقيق ما عجز عنه الكثيرون في هذا الملف البالغ الحساسية"، وهي فقرة استوقفتني لأنها خرجت بالتصريح من جانب الأماني والأمنيات التي قد لا تليق بالضرورة برؤساء الأحزاب الكبرى - والذين ينتظر منهم أكثر من الأمنيات الطيبة - ودخلت في إطار الوعد السياسي أو البيان السياسي المعبر عن نوايا الحزب وتوجهاته ومن ثم التزاماته أمام أتباعه والمصريين على حد سواء، وهو تصريح يستحق التوقف أمامه بسبب مصدره.

فرئيس ثاني أكبر حزب في مصر يقول أنه متأكد من أن حزبه قادر على تحقيق ما عجز عن تحقيقه الكثيرون في ملف المصالح الفلسطينية والذي يدرك أنه بالغ الحساسية.

وبالطبع لدى الحزب أنصار كثيرون وناخبون أكثر بات مسئولا عنهم وأمامهم، وعندما يقول أنه قادر على شيء يجب أن يحاسبوه عليه.
ولهذا نذكر الحزب ورئيسه الموقر بالتالي:

أولا: المصالحة الفلسطينية كما ذكرتم ملف شديد الحساسية لأنه يرتبط بتقاطع مصالح قوى دولية وعلى رأسها الولايات المتحدة والتي تضخ نحو نصف مليار دولار سنويا في السلطة الفلسطينية وتدرب الآلاف من جنودها وتشرف على تسليحهم وتخضع في ذلك لرقابة قوية من لوبي إسرائيل وحلفاء إسرائيل حول العالم.

لذا الملف صعب وقد حاولت فيه مصر والسعودية وقطر وتركيا وقوى أخرى ومع ذلك تجد صعوبة في التعامل معه بسبب ثقله السياسي والاقتصادي والدولي.

وحتى لا يتحول تصريح رئيس حزب النور لمجرد أمنيات – وحتى يخضع لتدقيق جاد يتناسب مع مكانة الحزب كثاني أكبر الأحزاب المصرية حاليا وما يترتب على ذلك من مسئوليات – يجب طرح السؤال التالي: ماذا أعددتم في حزب النور وماذا تمتلكون لتقولوا أنكم قادرون على تحقيق ما عجز الأخرون عن تحقيقه كما صرحتم للمصريين!؟

كيف ستتعاملون مع ملف المساعدات المالية والعسكرية الأميركية!؟ من أين ستوفرون الدعم المالي المطلوب وما هو الحل للدور العسكري الأميركي وكيف ستتخلصون منه!؟ كيف ستتعاملون مع لوبي إسرائيل ونفوذه وحزبكم لا يمتلك حتى صفحة على الانترنت باللغة الانجليزية!؟ وكيف ستتعاملون مع السلطة الوطنية الفلسطينية بخلفيتها السياسية والتاريخية والايدلوجية وصراعها المعروف - والعنيف أحيانا - مع التيارات الدينية الفلسطينية!؟

ثانيا: كما تعرفون فاقد الشيء لا يعطيه، وتقريب وجهات النظر بين القوى المتناحرة ايدلوجيا وعسكريا وسياسيا مثل فتح وحماس يحتاج قوى سياسية أو فاعلين سياسيين لديهم خبرة كافية في هذا المجال، يعني يحتاج سياسيين قادرين على الحديث للعلماني واليساري والديني بلغة يفهمها وقدرة على الحديث العابر للإيدلوجيات.

وكنا نظن أن على حزب النور أن يبدأ بنفسه وأن يبدأ في مصر، فإذا كان حزب النور يريد أن يلعب دورا في المصالحة الوطنية فعليه أن يبدأ في مصر وبمصر، وأنتم تعرفون أن حزب النور يقف حتى الآن على يمين القوى السياسية المصرية، ومؤخرا وفي قضية هامة كقضية تشكيل لجنة كتابة الدستور وقف حزب النور على يمين الإخوان وطالب بتخصيص نسبة أكبر (60%) من مقاعد اللجنة لنواب مجلسي الشعب والشورى عكس نصيحة كثير من الأصوات المستقلة والحزبية التي حذرت من تبعات ذلك.

وفي النهاية توصل الإخوان والسلفيون إلى تخفيض النسبة إلى 50% وهي نسبة أعلى مما طالب به الإخوان في البداية (40%)، وأنتهي الأمر بما وصلنا إليه حاليا من تأزم سياسي.

كنا نأمل أن يبدأ حزب النور جهوده لتحقيق المصالحة الوطنية داخل مصر، وأن يبحث عن صيغة توافقية بين التيارات السياسية المختلفة في مصر أولا قبل خارجها، وأن يساعد التيار السلفي أولا على بناء جسور أفضل مع القوى السياسية المختلفة عنه ومعه كبعض التيارات الليبرالية واليسارية والقبطية وأن يبحث عن صيغة مناسبة لاقتسام السلطة والساحة السياسية المصرية معها، فإذا نجح في تحقيق وحدة الصف الداخلي انطلق وانطلقت مصر معه لمساعدة الأخرين على توحيد صفوفهم.

ثالثا: وحديثي هنا لأنصار وناخبي حزب النور وخاصة الشباب منهم، يجب أن نعلم جميعا أن حياتنا السياسية كبقية جوانب حياتنا المختلفة لن يستقيم حالها ما لم نتعامل معها بكل جدية، فالنجاح في أي مجال لا يأتي صدفة ولا يتحقق بدون إعداد كافي وموارد يحتاج توفير بعضها لسنين.

ونحن نأمل من جميع سياسيينا الجدد والقدامى على حد سواء أن يأخذوا تصريحاتهم على محمل الجد، وآلا يعدوا الناس بما لا يقدرون عليه، ونطالب الناخب المصري الواعي أن يتذكر جيدا كل وعد سياسي وخاصة الوعود التي تصدر من أحزاب المقدمة والتي منحها صوته وثقته، وأن يحاسب أصحابها بعد فترة مناسبة بلا إفراط أو تفريط، وذلك حتى يتأكد سياسيونا من أنهم محاسبون على وعودهم ومن أن لأصوات المصريين ثمن.

وفي النهاية نحن في انتظار خطة حزب النور التفصيلية وجهود العملية لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية والتي طال انتظارها، ونتمنى له ولغير التوفيق، والله أعلم.

علاء بيومي – 27 أبريل 2012

2 comments:

Umzugsunternehmen Wien said...

Thanks to the effort .. I wish you luck

Umzugsunternehmen Wien said...

Thanks to the effort .. I wish you luck