طيب تعالوا نتعامل بشيء من الجدية مع صفقة السلاح المزعومة التي تنوي حكومة الانقلاب شرائها من روسيا للرد على قرار أميركا تجميد بعض المساعدات وموازنة الضغط الأميركي.
طبعا سيحتفل الإنقلابيون بالصفقة على إنها إنجاز استراتيجي، وبعيدا عن المزيدات أو التهويل والتبرير - وما قد يرافقهما من تطبيل - يجب تذكر الحقائق التالية:
أولا: روسيا وهي الضامن الأهم لحليفها الأهم في المنطقة وهي إيران رفضت بيع صواريخ اس 300 التي تحتاجها إيران بشدة في الفترة الحالية كرادع ضد التهديدات الإسرائيلية والغربية، وبالمناسبة روسيا وقعت عقدا مع إيران منذ عدة سنوات لتوريد الصواريخ الدفاعية ورفضوا إتمام الاتفاق، يعني لو كانت روسيا قادرة على تقديم أسلحة استراتيجية تقلب المعادلة لحليف في المنطقة لقدمتها لإيران، وبالمناسبة أيضا إيران لديها أموال البترول والغاز جاهزة للدفع وهي الداعم الأكبر لحلفاء الروس بالمنطقة كنظام الأسد.
ثانيا: مبلغ المليارات الأربعة ضئيل للغاية لو قورن بصفقات الأسلحة، السعودية مثلا وقت منذ عامين صفقات مع أميركا بستين مليار دولار، وأعتقد أن ميزانية الإمارات العسكرية السنوية حوالي عشرة مليار دولار سنويا في الوقت الحالي.
ثالثا: القضية ليست شراء بعض الأسلحة، ولكن القضية أن منظومات الأسلحة المصرية أميركية منذ ثلاثين عاما، وتغيير تلك المنظومة لا يحتاج 4 مليار، فقد تقدر المبالغ التي أنفقت على أمركة منظومة الأسلحة المصرية بالكامل بحوالي عشرين ضعف هذا المبلغ وربما أكثر لو أخذنا في الاعتبار السعر الحقيقي للدولار وتكلفة التدريب على منظومات الأسلحة، لذا تحتاج مصر سنوات وربما عقود لتغيير منظومات الأسلحة.
لذا أغلب الظن نحن أمام مناوشات ليس أكثر.
رابعا: من سيمول تلك المشتريات الروس أم أطراف خليجية – كما تقول بعض المصادر – وما هو الثمن السياسي لذلك!؟
خامسا: تقول بعض المصادر أن الثمن السياسي هو دعم الانقلاب لموقف الروس من سوريا، وهو ما سيتعارض مع موقف السعودية، وهنا نطرح السؤال حول إمكانية التعارض بين مصالح داعمي الانقلاب الإقليميين والدوليين.
سادسا: الدول التي تريد تحقيق طفرة استراتيجية في سلاحها لا تعتمد فقط على الشراء فالأهم هو التصنيع، مثل تركيا التي تصنع حاليا نصف سلاحها على ما أتذكر وفقا لدراسات قرأتها بهذا الخصوص، أو إسرائيل التي تدخل في شراكات تكنولوجية وعسكرية مع أميركا في تطوير أسلحة تكنولوجية متقدمة.
القضية ليست شراء أسلحة بأربعة مليار أو بأربعين مليار، الأهم هو تطوير القاعدة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية لتطوير السلاح، وهو ما يحتاج نظام جاد يبني دولة، لا انقلاب يرهنها للخارج.
مصر تعتمد على أميركا في 85% من سلاحها، ولو حولت هذه النسبة إلى 80% فلن يتغير استراتيجيا الكثير، سيظل القرار الاستراتيجي النهائي في يد مورد السلاح، يعني في النهاية سيتلاعب الأمريكان والروس بالقرار المصري، كما يتلاعبان بالملف السوري حاليا رغم عدم رضا الحلفاء الإقليميين عما يحدث.
سابعا: منذ عامين تقريبا قرر العسكر بالتعاون مع أحد شيوخ السلفية جمع المعونة الأميركية من الشعب كبديل للمعونة الأمريكية ... ومازلنا لا نعرف مصير النقود التي جمعت من بعض الناس الغلابة الذين تبرعوا للحملة بوازع وطني أو ديني.
ثامنا: الحل هو بناء دولة محترمة تحترم أبنائها وتطلق طاقاتهم في البناء والتقدم والتصنيع والتكنولوجيا، وليس تحويل البلاد لمرفأ خاص بالنظام يشتري فيه الأسلحة بديون من الخارج ليكدسها حتى تصدأ أو يستخدمها ضد شعبه من قوته وقوت أولاده وصحتهم وتعليمهم ومستقبلهم.
والله أعلم، ما رأيكم!؟
No comments:
Post a Comment