إليوت إبرامز: آخر قلاع المحافظين الجدد
مقال بقلم: علاء بيومي
الناشر: الجزيرة نت، 30 أكتوبر 2007
نص المقال
يستحق إليوت إبرامز نائب مستشار الأمن القومي الأميركي لقب آخر قلاع المحافظين الجدد في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، فمؤهلات إبرامز السياسية والأيدلوجية تضعه في مصاف أثقل المحافظين الجدد الذين أثروا على إدارتي الرئيس جورج دبليو بوش الأولى والثانية، وذلك على غرار ريتشارد بيرل وبول ولفويتز ودوجلاس فايث
وبتوالي أخطاء وفضائح الإدارة الأميركية والمحافظين الجدد خلال السنوات الأخيرة وعلى رأسها العراق تخلت الأسماء السابقة عن مناصبها لأسباب مختلفة وبقى إبرامز وحده قلعة صامدة يدافع عن تراث المحافظين الجدد وأفكارهم خاصة فيما يتعلق بواحدة من أهم قضاياهم وهي قضية الصراع العربي الإسرائيلي والتي يبدو أن إبرامز هو أحد أهم المؤثرين عليها داخل الإدارة الأميركية منذ نهاية عام 2002
رجل غامض
وتشير المعلومات المتاحة عن إبرامز أنه نسيب نورمان بودهوريتز أحد أهم مؤسسي تيار المحافظين الجدد، وأنه زميل قديم لبيرل وفايث وغيرهم من رموز المحافظين الجدد، كما أنه ينتمي إلى أسرة يهودية أميركية ليبرالية، وتحول في السبعينات لليمين وأصبح مساندا لريجان وعمل بإدارته كحال غالبية المحافظين الجدد
كما أدين في قضية إيران-كونترا، والتي باعت من خلالها إدارة الرئيس ريجان أسلحة لإيران واستخدمت عائدها بشكل غير قانوني لدعم متمردي الكونترا في نيكاراجوا بأميركا اللاتينية، وكان إبرامز أحد أبطال الفضيحة وأدين قضائيا بحجب معلومات عن الكونجرس، وأمضي عقد التسعينات معزولا سياسيا يعمل في مراكز أبحاث يهودية أميركية وتابعة للمحافظين الجدد، وعلى رأسها مشروع القرن الأميركي الجديد، وهو أبرز مشاريع المحافظين الجدد الفكرية
وفوجئ الكثيرون بتعيين إبرامز بمجلس الأمن القومي الأميركي في ولاية جورج دبليو بوش الأولى وتحت رئاسة مستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس، وتشير تقارير صحفية إلى أن رايس أعجبت بعمل إبرامز كثيرا بسبب خبرته الواسعة وقدرته على اتخاذ القرارت، ووعيه الإستراتيجي والذي يمكنه من النظر لأكثر من خطوة للأمام، وتقول تلك التقارير أن رايس عندما انتقلت لوزارة الخارجية في ولاية بوش الثانية أرادت اصطحاب إبرامز معها كمساعد لها ولكنها خشيت معارضة مجلس الشيوخ ووسائل الإعلام بسبب خلفية إبرامز وإدانته في فضيحة إيران كونترا، لذا فضل الجميع إبقاء إبرامز في منصبه في مجلس الأمن القومي مع ترقيته وتوليه ملف نشر الديمقراطية الذي منحه الرئيس بوش أهمية كبيرة في ولايته الثانية خاصة في منطقة الشرق الأوسط بعد أن فشلت القوات الأميركية في العثور على أسلحة دمار شامل في العراق، كما ترى كتابات مختلفة
ويعزز من قدرة إبرامز على البقاء في منصبه التزامه الصمت والبعد عن الإعلام بقدر ما أمكن، وقد يعود ذلك إلى ارتباطه بفضائح سياسية سابقة، ولكنه أمر عزز فيما يبدو بأسهمه لدى الإدارة الأميركية، ففي الوقت الذي تعرض فيه أشخاص مثل ولفويتز وفايث وبيرل لانتقادات إعلامية كبيرة خاصة بسبب حرب العراق، وهي انتقادات ساهمت بدون شك في رحيلهم، بقى إبرامز خلف الستار يعمل في صمت، لدرجة جعلت من الصعب على وسائل الإعلام تتبع أخباره ومعرفة فيما يفكر والتنبؤ بمواقفه السياسية والتي أثارت انتقادات واسعة في الفرص القليلة التي تسربت فيها لوسائل الإعلام الأميركية خلال فترة عمل إبرامز بإدارتي الرئيس جورج دبليو بوش
خوف على اليهود الأميركيين
الفرص القليلة المتاحة للتعرف على فكر إبرامز تعود إلى كتاب كتبه في التسعينات عن اليهود الأميركيين وبضع مقالات كتبها عن اليهود في السياسة الأميركية على موقع ديني أميركي يدعى بليف نت، ويبدو إبرامز في كتاباته واحدا من الأبناء المخلصين للأقلية اليهودية الأميركية الناشط في قضاياها الواعي بهمومها ومؤسساتها وقياداتها
فهو يخشى من تراجع أعداد اليهود الأميركيين وانصهارهم في المجتمع الأميركي بفعل قوى العلمانية والتزاوج المختلط، ويطالبهم بمزيد من التركيز على التعليم الديني وزيارة إسرائيل لتقوية الروابط اليهودية ومقاومة قوى الذوبان
ويعبر عن انتقاده للتوجهات العلمانية واليسارية لليهود الأميركيين، فهو يرى أن الإفراط في العلمانية أضعف الروابط اليهودية الدينية، وأن الإفراط في اليسارية يضر بعلاقة اليهود الأميركيين بالحزب الجمهوري، وبالمسيحيين المتدينين المساندين لإسرائيل في الولايات المتحدة، خاصة وأن إبرامز عبر عن انتقاده القوي للكنائس الليبرالية الأميركية والتي تساند الفلسطينيين وتعاطف معهم على حساب إسرائيل من وجهة نظره، ويقول أن إسرائيل دفعت ثمن وقوفها مع أميركا في الحرب الباردة، في حين وقف العرب مع الإتحاد السوفيتي مما جعل الكنائس الليبرالية تنظر إلى الفلسطينيين كحركة مقاومة ضد الاحتلال، ويتساءل عما إذا كان يفترض أن تقف إسرائيل مع الإتحاد السوفيتي لكي ترضي الكنائس الأميركية الليبرالية، ويقول أن تلك الكنائس تعتقد أن عنف الفلسطينيين ضد الإسرائيليين نابع من الاضطهاد، ولا تريد أن تصدق أن العنف قد يعود "للكراهية القاتلة والتحيز الديني"، ويطالب اليهود الأميركيين بالانفتاح على الجماعات المسيحية المتدنية والتي تؤمن بحق إسرائيل الديني في أرضها، كما يطالبهم بالانفتاح على الحزب الجمهوري، ويستبشر خيرا بإقبال الشباب اليهودي الأميركي على الحزب الجمهوري، ويأمل أن يمثل ذلك تيارا ينهي سيطرة اليهود الليبراليين على يهود أميركا
ويذكر أحد التقارير المكتوبة عن إبرامز وخلفيته أن ليلى المرياتي والتي عينت كعضو بلجنة الحريات الدينية الأميركية التي كان إبرامز أول رئيسا لها شعر بتحيز إبرامز حين رفض مصاحبة فريق من اللجنة إلى إسرائيل للبحث عن مشاكل الحريات الدينية هناك، باعتبار أنه لا توجد مشكلة حريات دينية بإسرائيل، ولكنه زار السعودية ومصر وكاد أن يتسبب في أزمة دبلوماسية بسبب تجاهله لأكبر قيادة دينية إسلامية في مصر لولا تدخل السفير الأميركي لدى القاهرة لإصلاح ما أفسده إبرامز
لا لعملية السلام
وينتقد إبرامز في كتاباته عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية واتفاقات أوسلو، ويقول أنها لم تعود على إسرائيل إلا بالتنازلات، وأنها كشفت حقيقة موقف الفلسطينيين وهو موقف لن يرضى بأي تنازلات إسرائيلية مهما كان حجمها، لأن موقف الفلسطينيين الحقيقي هو إزالة إسرائيل، ويقول أن عرفات رد على تنازلات إيهود باراك الكبيرة بانتفاضة الأقصى، ويرحب في مقالاته التي نشرها في أوائل عهد الرئيس جورج دبليو بوش بقدوم شارون إلى السلطة، ويقول أن شارون رجل يدرك أن السلام لن يقوم على أساس من التنازلات وأنما يقوم على أساس من القوة، وأنه قادر على أن يمنح الإسرائيليين الأمن من خلال مواجهة عنف الفلسطينيين بشد وحزم
ويقول أن العرب يهاجمون شارون بسبب مواقفه خلال حرب لبنان، ولكن المجازر التي ارتكبت في حق الفلسطينيين قامت بها كتائب لبنانية مسيحية، كما أن شارون تعرض لانتقادات واستقال من منصبة كوزير للدفاع وهذا يكفي
كما يذكر أولمرت الجميع بأن أراضي لبنان محتلة من قبل السوريين، وأن السبب الأساسي لدعم أميركا لإسرائيل هو حرص أميركا على الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن عرب إسرائيل يتمتعون بحقوق سياسية أكثر من التي يتمتع بها شعوب أي دولة عربية
مبعوث الإدارة لإسرائيل وليهود أميركا
وتقول التقارير المختلفة التي نشرت عن إبرامز أن معارضته لعملية السلام واتفاقات أوسلو هي من أساسيات تفكيره، وأن ذلك يعود إلى إيمانه القديم مثل عدد كبير من المحافظين الجدد بأن السلام يقوم على القوة وليس على أساس من التنازلات أو المفاوضات، ولكن لا يبدو أن لدى إبرامز – كما يظهر فيما هو مكتوب عنه – رؤية واضحة لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس من المفاوضات، حيث يبدو أن إبرامز يؤمن بأن مسار عملية السلام هو الفشل، وأنه لا ينبغي على أميركا بأي حال من الأحوال الضغط على إسرائيل لتقديم أي تنازلات، فقد هاجم إبرامز كلينتون بسبب دبلوماسيته النشطة في مجالات مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية، حيث رأى إبرامز أن كلينتون كان يخاطر بأمن إسرائيل من أجل بناء مجده الشخصي قبل ترك الرئاسة الأميركية
كما انتقد خارطة الطريق في بدايتها ورفض مبدأ الضغط على إسرائيل في أي حال من الأحوال، ولكنه عاد وساندها بعد ما بدا له وللمتابعين في إسرائيل أن الخارطة لا تفرض سقفا زمنيا محددا، وأنها تمنح إسرائيل لوقت والغطاء لتفادي الضغوط
وتقول التقارير المنشورة عنه أن إبرامز هو مرسال الإدارة الأميركية إلى إسرائيل والمنظمات اليهودية الأميركية، وأن بوش ينصت له، وأن المسئولين الإسرائيليين والقيادات اليهودية الأميركية يستبشرون برؤيته، وأنه مرافق دائم لرايس في رحلاتها في المنطقة وأنه في العادة ما يتخلف عنها ليبقى في المنطقة لفترات إضافية لكي يتحدث مع المسئولين الإسرائيليين، كما يرى البعض أن قوة إبرامز الإضافية تكمن في علاقاته القوية والمباشرة مع أهم مستشاري شارون وإيهود أولمرت على التوالي وبمستشاري نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني لعملية السلام والشرق الأوسط، وأنه يسافر أحيانا ليلتقي مستشاري أولمرت ومن قبله شارون في أوربا وأماكن أخرى ليستمع لرؤاهم ويطمئنهم حيث يبقى خلال ذلك على اتصال بمستشاري تشيني، ويقول البعض أن صلات إبرامز ونفوذه ومواقفه جعلته أحيانا سببا للإزعاج لكونداليزا رايس خاصة خلال حرب إسرائيل على لبنان في صيف 2006، حيث وقف إبرامز موقفا متشددا يطالب إسرائيل باستمرار الحرب وتوسيعها لتصل إلى سوريا كما تشير بعض التقارير على عكس إرادة رايس التي كانت تشعر بالخسائر التي تكلفها الحرب لأميركا وسمعتها ومصالحها لدى الدول العربية
يدري ما يفعل
كما تشير تقارير حديثة نشرتها مجلة يهودية أميركية أن أولمرت أكد خلال اجتماعه بقادة يهود أميركيين في صيف العام الحالي أن زيارات رايس المتكررة للمنطقة لإحياء عملية السلام ما هي إلا "عملية" لن تقود إلى نتائج ملموسة أكثر من فتح بعض المعابر للفلسطينيين بموافقة إسرائيل داخل الأراضي المحتلة، وهي تصريحات تنصلت منها الخارجية الأميركية
وتشير تقارير أخرى أن علاقات أولمرت الوثيقة بالقيادات الإسرائيلية ووعيه بحقيقة مواقف الإدارة الأميركية جعلته يقف أحيانا موقف النقيض مع بعض القيادات اليهودية الأميركية، حيث يرى البعض أن أولمرت ساند خطة شارون للانسحاب الأحادي من غزة في الوقف الذي عارضتها فيه منظمات يهودية أميركية أخرى، كما أنه ساند سياسات الرئيس بوش في وقت عارضتها فيه منظمات يهودية أميركية، ويقول البعض أن مواقفه السابقة أدت إلى غضب بعض المنظمات والقيادات اليهودية الأميركية منه وإعلان شكها في مواقفه ونواياه، والتساؤل حول ما إذا كانت إبرامز قد تغير
الناشر: الجزيرة نت، 30 أكتوبر 2007
نص المقال
يستحق إليوت إبرامز نائب مستشار الأمن القومي الأميركي لقب آخر قلاع المحافظين الجدد في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، فمؤهلات إبرامز السياسية والأيدلوجية تضعه في مصاف أثقل المحافظين الجدد الذين أثروا على إدارتي الرئيس جورج دبليو بوش الأولى والثانية، وذلك على غرار ريتشارد بيرل وبول ولفويتز ودوجلاس فايث
وبتوالي أخطاء وفضائح الإدارة الأميركية والمحافظين الجدد خلال السنوات الأخيرة وعلى رأسها العراق تخلت الأسماء السابقة عن مناصبها لأسباب مختلفة وبقى إبرامز وحده قلعة صامدة يدافع عن تراث المحافظين الجدد وأفكارهم خاصة فيما يتعلق بواحدة من أهم قضاياهم وهي قضية الصراع العربي الإسرائيلي والتي يبدو أن إبرامز هو أحد أهم المؤثرين عليها داخل الإدارة الأميركية منذ نهاية عام 2002
رجل غامض
وتشير المعلومات المتاحة عن إبرامز أنه نسيب نورمان بودهوريتز أحد أهم مؤسسي تيار المحافظين الجدد، وأنه زميل قديم لبيرل وفايث وغيرهم من رموز المحافظين الجدد، كما أنه ينتمي إلى أسرة يهودية أميركية ليبرالية، وتحول في السبعينات لليمين وأصبح مساندا لريجان وعمل بإدارته كحال غالبية المحافظين الجدد
كما أدين في قضية إيران-كونترا، والتي باعت من خلالها إدارة الرئيس ريجان أسلحة لإيران واستخدمت عائدها بشكل غير قانوني لدعم متمردي الكونترا في نيكاراجوا بأميركا اللاتينية، وكان إبرامز أحد أبطال الفضيحة وأدين قضائيا بحجب معلومات عن الكونجرس، وأمضي عقد التسعينات معزولا سياسيا يعمل في مراكز أبحاث يهودية أميركية وتابعة للمحافظين الجدد، وعلى رأسها مشروع القرن الأميركي الجديد، وهو أبرز مشاريع المحافظين الجدد الفكرية
وفوجئ الكثيرون بتعيين إبرامز بمجلس الأمن القومي الأميركي في ولاية جورج دبليو بوش الأولى وتحت رئاسة مستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس، وتشير تقارير صحفية إلى أن رايس أعجبت بعمل إبرامز كثيرا بسبب خبرته الواسعة وقدرته على اتخاذ القرارت، ووعيه الإستراتيجي والذي يمكنه من النظر لأكثر من خطوة للأمام، وتقول تلك التقارير أن رايس عندما انتقلت لوزارة الخارجية في ولاية بوش الثانية أرادت اصطحاب إبرامز معها كمساعد لها ولكنها خشيت معارضة مجلس الشيوخ ووسائل الإعلام بسبب خلفية إبرامز وإدانته في فضيحة إيران كونترا، لذا فضل الجميع إبقاء إبرامز في منصبه في مجلس الأمن القومي مع ترقيته وتوليه ملف نشر الديمقراطية الذي منحه الرئيس بوش أهمية كبيرة في ولايته الثانية خاصة في منطقة الشرق الأوسط بعد أن فشلت القوات الأميركية في العثور على أسلحة دمار شامل في العراق، كما ترى كتابات مختلفة
ويعزز من قدرة إبرامز على البقاء في منصبه التزامه الصمت والبعد عن الإعلام بقدر ما أمكن، وقد يعود ذلك إلى ارتباطه بفضائح سياسية سابقة، ولكنه أمر عزز فيما يبدو بأسهمه لدى الإدارة الأميركية، ففي الوقت الذي تعرض فيه أشخاص مثل ولفويتز وفايث وبيرل لانتقادات إعلامية كبيرة خاصة بسبب حرب العراق، وهي انتقادات ساهمت بدون شك في رحيلهم، بقى إبرامز خلف الستار يعمل في صمت، لدرجة جعلت من الصعب على وسائل الإعلام تتبع أخباره ومعرفة فيما يفكر والتنبؤ بمواقفه السياسية والتي أثارت انتقادات واسعة في الفرص القليلة التي تسربت فيها لوسائل الإعلام الأميركية خلال فترة عمل إبرامز بإدارتي الرئيس جورج دبليو بوش
خوف على اليهود الأميركيين
الفرص القليلة المتاحة للتعرف على فكر إبرامز تعود إلى كتاب كتبه في التسعينات عن اليهود الأميركيين وبضع مقالات كتبها عن اليهود في السياسة الأميركية على موقع ديني أميركي يدعى بليف نت، ويبدو إبرامز في كتاباته واحدا من الأبناء المخلصين للأقلية اليهودية الأميركية الناشط في قضاياها الواعي بهمومها ومؤسساتها وقياداتها
فهو يخشى من تراجع أعداد اليهود الأميركيين وانصهارهم في المجتمع الأميركي بفعل قوى العلمانية والتزاوج المختلط، ويطالبهم بمزيد من التركيز على التعليم الديني وزيارة إسرائيل لتقوية الروابط اليهودية ومقاومة قوى الذوبان
ويعبر عن انتقاده للتوجهات العلمانية واليسارية لليهود الأميركيين، فهو يرى أن الإفراط في العلمانية أضعف الروابط اليهودية الدينية، وأن الإفراط في اليسارية يضر بعلاقة اليهود الأميركيين بالحزب الجمهوري، وبالمسيحيين المتدينين المساندين لإسرائيل في الولايات المتحدة، خاصة وأن إبرامز عبر عن انتقاده القوي للكنائس الليبرالية الأميركية والتي تساند الفلسطينيين وتعاطف معهم على حساب إسرائيل من وجهة نظره، ويقول أن إسرائيل دفعت ثمن وقوفها مع أميركا في الحرب الباردة، في حين وقف العرب مع الإتحاد السوفيتي مما جعل الكنائس الليبرالية تنظر إلى الفلسطينيين كحركة مقاومة ضد الاحتلال، ويتساءل عما إذا كان يفترض أن تقف إسرائيل مع الإتحاد السوفيتي لكي ترضي الكنائس الأميركية الليبرالية، ويقول أن تلك الكنائس تعتقد أن عنف الفلسطينيين ضد الإسرائيليين نابع من الاضطهاد، ولا تريد أن تصدق أن العنف قد يعود "للكراهية القاتلة والتحيز الديني"، ويطالب اليهود الأميركيين بالانفتاح على الجماعات المسيحية المتدنية والتي تؤمن بحق إسرائيل الديني في أرضها، كما يطالبهم بالانفتاح على الحزب الجمهوري، ويستبشر خيرا بإقبال الشباب اليهودي الأميركي على الحزب الجمهوري، ويأمل أن يمثل ذلك تيارا ينهي سيطرة اليهود الليبراليين على يهود أميركا
ويذكر أحد التقارير المكتوبة عن إبرامز وخلفيته أن ليلى المرياتي والتي عينت كعضو بلجنة الحريات الدينية الأميركية التي كان إبرامز أول رئيسا لها شعر بتحيز إبرامز حين رفض مصاحبة فريق من اللجنة إلى إسرائيل للبحث عن مشاكل الحريات الدينية هناك، باعتبار أنه لا توجد مشكلة حريات دينية بإسرائيل، ولكنه زار السعودية ومصر وكاد أن يتسبب في أزمة دبلوماسية بسبب تجاهله لأكبر قيادة دينية إسلامية في مصر لولا تدخل السفير الأميركي لدى القاهرة لإصلاح ما أفسده إبرامز
لا لعملية السلام
وينتقد إبرامز في كتاباته عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية واتفاقات أوسلو، ويقول أنها لم تعود على إسرائيل إلا بالتنازلات، وأنها كشفت حقيقة موقف الفلسطينيين وهو موقف لن يرضى بأي تنازلات إسرائيلية مهما كان حجمها، لأن موقف الفلسطينيين الحقيقي هو إزالة إسرائيل، ويقول أن عرفات رد على تنازلات إيهود باراك الكبيرة بانتفاضة الأقصى، ويرحب في مقالاته التي نشرها في أوائل عهد الرئيس جورج دبليو بوش بقدوم شارون إلى السلطة، ويقول أن شارون رجل يدرك أن السلام لن يقوم على أساس من التنازلات وأنما يقوم على أساس من القوة، وأنه قادر على أن يمنح الإسرائيليين الأمن من خلال مواجهة عنف الفلسطينيين بشد وحزم
ويقول أن العرب يهاجمون شارون بسبب مواقفه خلال حرب لبنان، ولكن المجازر التي ارتكبت في حق الفلسطينيين قامت بها كتائب لبنانية مسيحية، كما أن شارون تعرض لانتقادات واستقال من منصبة كوزير للدفاع وهذا يكفي
كما يذكر أولمرت الجميع بأن أراضي لبنان محتلة من قبل السوريين، وأن السبب الأساسي لدعم أميركا لإسرائيل هو حرص أميركا على الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن عرب إسرائيل يتمتعون بحقوق سياسية أكثر من التي يتمتع بها شعوب أي دولة عربية
مبعوث الإدارة لإسرائيل وليهود أميركا
وتقول التقارير المختلفة التي نشرت عن إبرامز أن معارضته لعملية السلام واتفاقات أوسلو هي من أساسيات تفكيره، وأن ذلك يعود إلى إيمانه القديم مثل عدد كبير من المحافظين الجدد بأن السلام يقوم على القوة وليس على أساس من التنازلات أو المفاوضات، ولكن لا يبدو أن لدى إبرامز – كما يظهر فيما هو مكتوب عنه – رؤية واضحة لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس من المفاوضات، حيث يبدو أن إبرامز يؤمن بأن مسار عملية السلام هو الفشل، وأنه لا ينبغي على أميركا بأي حال من الأحوال الضغط على إسرائيل لتقديم أي تنازلات، فقد هاجم إبرامز كلينتون بسبب دبلوماسيته النشطة في مجالات مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية، حيث رأى إبرامز أن كلينتون كان يخاطر بأمن إسرائيل من أجل بناء مجده الشخصي قبل ترك الرئاسة الأميركية
كما انتقد خارطة الطريق في بدايتها ورفض مبدأ الضغط على إسرائيل في أي حال من الأحوال، ولكنه عاد وساندها بعد ما بدا له وللمتابعين في إسرائيل أن الخارطة لا تفرض سقفا زمنيا محددا، وأنها تمنح إسرائيل لوقت والغطاء لتفادي الضغوط
وتقول التقارير المنشورة عنه أن إبرامز هو مرسال الإدارة الأميركية إلى إسرائيل والمنظمات اليهودية الأميركية، وأن بوش ينصت له، وأن المسئولين الإسرائيليين والقيادات اليهودية الأميركية يستبشرون برؤيته، وأنه مرافق دائم لرايس في رحلاتها في المنطقة وأنه في العادة ما يتخلف عنها ليبقى في المنطقة لفترات إضافية لكي يتحدث مع المسئولين الإسرائيليين، كما يرى البعض أن قوة إبرامز الإضافية تكمن في علاقاته القوية والمباشرة مع أهم مستشاري شارون وإيهود أولمرت على التوالي وبمستشاري نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني لعملية السلام والشرق الأوسط، وأنه يسافر أحيانا ليلتقي مستشاري أولمرت ومن قبله شارون في أوربا وأماكن أخرى ليستمع لرؤاهم ويطمئنهم حيث يبقى خلال ذلك على اتصال بمستشاري تشيني، ويقول البعض أن صلات إبرامز ونفوذه ومواقفه جعلته أحيانا سببا للإزعاج لكونداليزا رايس خاصة خلال حرب إسرائيل على لبنان في صيف 2006، حيث وقف إبرامز موقفا متشددا يطالب إسرائيل باستمرار الحرب وتوسيعها لتصل إلى سوريا كما تشير بعض التقارير على عكس إرادة رايس التي كانت تشعر بالخسائر التي تكلفها الحرب لأميركا وسمعتها ومصالحها لدى الدول العربية
يدري ما يفعل
كما تشير تقارير حديثة نشرتها مجلة يهودية أميركية أن أولمرت أكد خلال اجتماعه بقادة يهود أميركيين في صيف العام الحالي أن زيارات رايس المتكررة للمنطقة لإحياء عملية السلام ما هي إلا "عملية" لن تقود إلى نتائج ملموسة أكثر من فتح بعض المعابر للفلسطينيين بموافقة إسرائيل داخل الأراضي المحتلة، وهي تصريحات تنصلت منها الخارجية الأميركية
وتشير تقارير أخرى أن علاقات أولمرت الوثيقة بالقيادات الإسرائيلية ووعيه بحقيقة مواقف الإدارة الأميركية جعلته يقف أحيانا موقف النقيض مع بعض القيادات اليهودية الأميركية، حيث يرى البعض أن أولمرت ساند خطة شارون للانسحاب الأحادي من غزة في الوقف الذي عارضتها فيه منظمات يهودية أميركية أخرى، كما أنه ساند سياسات الرئيس بوش في وقت عارضتها فيه منظمات يهودية أميركية، ويقول البعض أن مواقفه السابقة أدت إلى غضب بعض المنظمات والقيادات اليهودية الأميركية منه وإعلان شكها في مواقفه ونواياه، والتساؤل حول ما إذا كانت إبرامز قد تغير
وتقول تقارير أن مواقف إبرامز السابقة لم تزعج مناصريه ومتابعيه الذين يعرفونه على حقيقته من أمثال دانيال بايبس والمعروف بمواقفه المتطرفة تجاه المسلمين والعرب الأميركيين ومنظماتهم وتجاه عملية السلام وحقوق الشعب الفلسطيني، والذي كان يقف عادة في وجه منتقدي أبرامز مؤكدا لهم أن إبرامز يعرف جيدا ماذا يفعل وأنه لا داعي للقلق عليه