نحو مشروع ثقافي عاجل ومتكامل لتخليد ذكرى ضحايا حرب غزة أمام الضمير العالمي
مقال بقلم: علاء بيومي
يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره
نص المقال
نحن في حاجة عاجلة إلى مشروع ثقافي متكامل لتخليد ذكرى ضحايا غزة لدى الضمير العالمي، ودعوني أفسر لماذا
أولا: دعوة عاجلة
أولا: يجب أن نتحرك بسرعة قبل أن ننسى وينسى العالم ما حدث وينشغل الجميع بجهود إعادة البناء والتبرعات والمصالحة الوطنية الفلسطينية وموقف إدارة أوباما من الشرق الأوسط وغيرها من القضايا التي قد تحول الانتباه عن المأساة الإنسانية التي حلت بالقطاع وأهله
وقبل أن تخفي جهود إعادة البناء والتنظيف وإعادة الحياة إلى سيرها الطبيعي معالم الكوارث الإنسانية التي خلفتها الحرب، بما في ذلك الدمار الذي حل بالمدارس والمساجد ومؤسسات الهلال الأحمر والأمم المتحدة والمستشفيات والمنازل والحقول
فالمواطن الفلسطيني قد تضطره الظروف القاسية إلى البناء على ركام منزله وإلى إعادة حرث حقله الذي دمرته الدبابات الإسرائيلية، فقد اعتاد على التعامل بصبر وبطولية مع مصائب لا يتحملها غالبية البشر
وقبل أن يموت الجرحى متأثرين بجراحهم وأن يتفرق المصابين بين قطاع الأرض بحثا عن علاج عز في بلادهم، وأن ينشغل الإعلام بقضية الأخرى، فالإعلام العربي الذي فعل الكثير خلال الأزمة، ولكنه قد يجد نفسه قريبا مضطرا إلى مسايرة الأخبار والأحداث والجري ورائها
ولأن من ماتوا لن يعودوا ومن قطعت أوصالهم أو فقدوا أبصارهم لن يستردوها مرة أخرى، والكوارث الإنسانية التي وقعت هي عظيمة - بما في ذلك أصغرها - وتستحق كل واحدة منها أن يتوقف العالم أمامها كثيرا
ولأن مأساة غزة هي درس للإنسانية جميعها، وأن منع تكرارها بأي مكان ولأي شعب هي مصلحة بشرية
ولكي يحدث ذلك يجب تخليد ما حدث وحفره في الضمير العالمي
ثانيا: مشروع
ويكون ذلك من خلال مشروع وليس مجرد حملة دعائية أو خطاب أمام الأمم المتحدة أو من خلال برنامج أو عدة برامج تلفزيونية حوارية كانت أو إخبارية أو من خلال كتاب أو عشرات الكتب
في المقابل نحن في حاجة إلى مشروع له بداية وأهداف وخطة عملة وإطار زمني وميزانية مناسبة وآليات تنفيذ ومحاسبة
ويجب أن يكون ذلك المشروع جزء لا يتجزأ من الجهود العربية الرامية إلى مساعدة أهالي القطاع، فالمال وحده لن يحقق العدالة والمجتمع الدولي قد ينسى أو يتناسى، وأقل ما نقدمه لضحايا الحرب هو تخليد ذكراهم
ثالثا: ثقافي
ونحن هنا نتحدث عن مشروع ثقافي لا سياسي، فالمشروع الذي نقترحه غير موجه لخدمة جماعة فلسطينية ضد أخرى أو لرفع أسهم نظام عربي على أخر، فكل ما نريده هو مشروع إنساني ناضج يخاطب الضمير العالمي، مشروع يتحدث عن معاناة أهالي القطاع عندما واجهوا على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع وهم شبه محاصرين كلية واحدا من أكبر جيوش العالم وأحدثهم تسلحا وأجرائهم في انتهاك القوانين الدولية
رابعا: متكامل
ويكون ذلك من خلال تكامل وسائط الثقافة المتعددة التي نعرفها حاليا مثل المتاحف والأفلام التسجيلية والكتب والمواقع الإلكترونية، فقد تكون البداية داخل إحدى المدارس التي دمرت أجزاء منها خلال الحرب، لنترك ما دمر منها على حاله شاهدا على ما جرى ويقام على ما بقى منها متحفا يخلد بطولات غزة خلال الحرب الأخيرة، متحف تجمع فيه ذكريات الحرب وأثارها وشهادات من بقوا على الحياة، على أن تدعم تلك الشهادات وتوثق وتروج تلفزيونيا وإذاعيا وعلى شبكة الإنترنت ومن خلال الكتب
خامسا: تخليد الذكرى
ويكون التخليد من خلال جمع صور الضحايا من جرحى ومصابين فرددا فردا، وصور منازلهم التي دمرت ومقابرهم وأكفانهم وقصص حياتهم، وشهادات من بقوا من ذويهم على قيد الحياة
فقصة مثل قصة عائلة السموني التي راح منها العشرات في قصف على منزلهم في واحدة من أخطر الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب يجب أن تخلد في حجرة كاملة من حجرات المتحف وأن تجمع شهادات من بقوا من أبناء العائلة على قيد الحياة، شهاداتهم كاملة مكتوبة ومصورة ومسموعة ومرئية، ولعل تلك الحجرة تجد مكانها يوما بين أشهر متاحف العالم كشاهدة على جريمة إنسانية بشعة، وقد تتبنى مؤسسة ثقافية دولية ما ترويج تلك الحجرة وقصة عائلة السموني عالميا من خلال استضافة من بقوا منهم على قيد الحياة في عواصم العالم الكبرى ليتحدثوا عن معاناتهم للعالم بشكل مباشر
فقصة الفتاة الصغيرة التي تحدثت للإعلام العربي عن مقتل والدتها أمامها في منزل عائلة السموني بشكل أبكانا جميعا يجب أن تخلد من خلال توثيق قصتها وترجمتها بالكلمات والصوت والصورة وإرسالها للعالم
كما يجب أن توثق الحرب وكيف بدأت، ولماذا بدأت، والأسلحة التي استخدمت فيها، وشهادات المؤسسات الدولية والأطباء والنشطاء الدوليين
كل هذه الشهادات يجب أن توثق وتدون حتى ولو كان العالم العربي قد اعتاد عليها وقنط من دعم العالم له، فالمظاهرات التي شهدها العالم خلال الحرب هي أبلغ دليل على نمو التعاطف مع الشعب الفلسطيني وقضيته عبر العالم، كما أنها دليل على أن مثل هذا المشروع عليه طلب وله فائدة عظيمة وثمار متوقعة
سادسا: أمام الضمير العالمي
ولأن العالم العربي من مؤسسات إعلامية وساسة وقادة رأي وجماهير فعلوا الكثير خلال الحرب للدفاع عن أهل القطاع وتأييدهم، وأن الهدف هنا ليس حصد مزيد من الدعم العربي، وإنما توجيه رسالة إنسانية إلى العالم، لذا يجب أن يقوم على هذا المشروع من البداية خبراء يفهمون ما حدث ويشعرون بمعاناة المواطن الفلسطيني وقادرين على الحديث إلى العالم الخارجي يفهمون لغته وثقافته وأسلوب الحديث إليه
ولا يخفى على أحد أن متابعة خطاب بعض العرب المعنيين بالقضية الفلسطينية خلال الأزمة وبعدها يظهر ضعف فهم الكثيرين للخطاب الغربي ولغته وثقافته، فكثير من العرب يستخدمون مصطلحات عربية وأجنبية تسيء لهم ولقضيتهم إذا ما ترجمت للغة أوربية، لذا يجب أن ينطلق مثل هذا المشروع من البداية نحو مخاطبة الأخر لا الذات، أو لنقل أن يتبنى المشروع منذ البداية لغة إنسانية عالمية تقوم على الحقائق وتتجنب الدخول في حقوق الألغام الفكرية واللغوية والثقافية
وفي النهاية نعود لنؤكد على رسالتنا الأساسية، وهي أننا في حاجة عاجلة وملحة إلى تخصيص جزء هام من الجهود الرامية إلى مساعدة قطاع غزة وأهله من أجل تخليد ذكرى ضحايا الحرب من خلال مشروع ثقافي متكامل موجه إلى الضمير العالم يوثق معاناة أبناء القطاع خلال الحرب الأخيرة، وذلك قبل أن ننسى أو يتناسى الآخرون وقبل أن يغطى بقصد أو بغير قصد على ما جرى ويمضي الجميع في حياتهم، وكأن شيء لم يكن،،، والله الموفق
أولا: دعوة عاجلة
أولا: يجب أن نتحرك بسرعة قبل أن ننسى وينسى العالم ما حدث وينشغل الجميع بجهود إعادة البناء والتبرعات والمصالحة الوطنية الفلسطينية وموقف إدارة أوباما من الشرق الأوسط وغيرها من القضايا التي قد تحول الانتباه عن المأساة الإنسانية التي حلت بالقطاع وأهله
وقبل أن تخفي جهود إعادة البناء والتنظيف وإعادة الحياة إلى سيرها الطبيعي معالم الكوارث الإنسانية التي خلفتها الحرب، بما في ذلك الدمار الذي حل بالمدارس والمساجد ومؤسسات الهلال الأحمر والأمم المتحدة والمستشفيات والمنازل والحقول
فالمواطن الفلسطيني قد تضطره الظروف القاسية إلى البناء على ركام منزله وإلى إعادة حرث حقله الذي دمرته الدبابات الإسرائيلية، فقد اعتاد على التعامل بصبر وبطولية مع مصائب لا يتحملها غالبية البشر
وقبل أن يموت الجرحى متأثرين بجراحهم وأن يتفرق المصابين بين قطاع الأرض بحثا عن علاج عز في بلادهم، وأن ينشغل الإعلام بقضية الأخرى، فالإعلام العربي الذي فعل الكثير خلال الأزمة، ولكنه قد يجد نفسه قريبا مضطرا إلى مسايرة الأخبار والأحداث والجري ورائها
ولأن من ماتوا لن يعودوا ومن قطعت أوصالهم أو فقدوا أبصارهم لن يستردوها مرة أخرى، والكوارث الإنسانية التي وقعت هي عظيمة - بما في ذلك أصغرها - وتستحق كل واحدة منها أن يتوقف العالم أمامها كثيرا
ولأن مأساة غزة هي درس للإنسانية جميعها، وأن منع تكرارها بأي مكان ولأي شعب هي مصلحة بشرية
ولكي يحدث ذلك يجب تخليد ما حدث وحفره في الضمير العالمي
ثانيا: مشروع
ويكون ذلك من خلال مشروع وليس مجرد حملة دعائية أو خطاب أمام الأمم المتحدة أو من خلال برنامج أو عدة برامج تلفزيونية حوارية كانت أو إخبارية أو من خلال كتاب أو عشرات الكتب
في المقابل نحن في حاجة إلى مشروع له بداية وأهداف وخطة عملة وإطار زمني وميزانية مناسبة وآليات تنفيذ ومحاسبة
ويجب أن يكون ذلك المشروع جزء لا يتجزأ من الجهود العربية الرامية إلى مساعدة أهالي القطاع، فالمال وحده لن يحقق العدالة والمجتمع الدولي قد ينسى أو يتناسى، وأقل ما نقدمه لضحايا الحرب هو تخليد ذكراهم
ثالثا: ثقافي
ونحن هنا نتحدث عن مشروع ثقافي لا سياسي، فالمشروع الذي نقترحه غير موجه لخدمة جماعة فلسطينية ضد أخرى أو لرفع أسهم نظام عربي على أخر، فكل ما نريده هو مشروع إنساني ناضج يخاطب الضمير العالمي، مشروع يتحدث عن معاناة أهالي القطاع عندما واجهوا على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع وهم شبه محاصرين كلية واحدا من أكبر جيوش العالم وأحدثهم تسلحا وأجرائهم في انتهاك القوانين الدولية
رابعا: متكامل
ويكون ذلك من خلال تكامل وسائط الثقافة المتعددة التي نعرفها حاليا مثل المتاحف والأفلام التسجيلية والكتب والمواقع الإلكترونية، فقد تكون البداية داخل إحدى المدارس التي دمرت أجزاء منها خلال الحرب، لنترك ما دمر منها على حاله شاهدا على ما جرى ويقام على ما بقى منها متحفا يخلد بطولات غزة خلال الحرب الأخيرة، متحف تجمع فيه ذكريات الحرب وأثارها وشهادات من بقوا على الحياة، على أن تدعم تلك الشهادات وتوثق وتروج تلفزيونيا وإذاعيا وعلى شبكة الإنترنت ومن خلال الكتب
خامسا: تخليد الذكرى
ويكون التخليد من خلال جمع صور الضحايا من جرحى ومصابين فرددا فردا، وصور منازلهم التي دمرت ومقابرهم وأكفانهم وقصص حياتهم، وشهادات من بقوا من ذويهم على قيد الحياة
فقصة مثل قصة عائلة السموني التي راح منها العشرات في قصف على منزلهم في واحدة من أخطر الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب يجب أن تخلد في حجرة كاملة من حجرات المتحف وأن تجمع شهادات من بقوا من أبناء العائلة على قيد الحياة، شهاداتهم كاملة مكتوبة ومصورة ومسموعة ومرئية، ولعل تلك الحجرة تجد مكانها يوما بين أشهر متاحف العالم كشاهدة على جريمة إنسانية بشعة، وقد تتبنى مؤسسة ثقافية دولية ما ترويج تلك الحجرة وقصة عائلة السموني عالميا من خلال استضافة من بقوا منهم على قيد الحياة في عواصم العالم الكبرى ليتحدثوا عن معاناتهم للعالم بشكل مباشر
فقصة الفتاة الصغيرة التي تحدثت للإعلام العربي عن مقتل والدتها أمامها في منزل عائلة السموني بشكل أبكانا جميعا يجب أن تخلد من خلال توثيق قصتها وترجمتها بالكلمات والصوت والصورة وإرسالها للعالم
كما يجب أن توثق الحرب وكيف بدأت، ولماذا بدأت، والأسلحة التي استخدمت فيها، وشهادات المؤسسات الدولية والأطباء والنشطاء الدوليين
كل هذه الشهادات يجب أن توثق وتدون حتى ولو كان العالم العربي قد اعتاد عليها وقنط من دعم العالم له، فالمظاهرات التي شهدها العالم خلال الحرب هي أبلغ دليل على نمو التعاطف مع الشعب الفلسطيني وقضيته عبر العالم، كما أنها دليل على أن مثل هذا المشروع عليه طلب وله فائدة عظيمة وثمار متوقعة
سادسا: أمام الضمير العالمي
ولأن العالم العربي من مؤسسات إعلامية وساسة وقادة رأي وجماهير فعلوا الكثير خلال الحرب للدفاع عن أهل القطاع وتأييدهم، وأن الهدف هنا ليس حصد مزيد من الدعم العربي، وإنما توجيه رسالة إنسانية إلى العالم، لذا يجب أن يقوم على هذا المشروع من البداية خبراء يفهمون ما حدث ويشعرون بمعاناة المواطن الفلسطيني وقادرين على الحديث إلى العالم الخارجي يفهمون لغته وثقافته وأسلوب الحديث إليه
ولا يخفى على أحد أن متابعة خطاب بعض العرب المعنيين بالقضية الفلسطينية خلال الأزمة وبعدها يظهر ضعف فهم الكثيرين للخطاب الغربي ولغته وثقافته، فكثير من العرب يستخدمون مصطلحات عربية وأجنبية تسيء لهم ولقضيتهم إذا ما ترجمت للغة أوربية، لذا يجب أن ينطلق مثل هذا المشروع من البداية نحو مخاطبة الأخر لا الذات، أو لنقل أن يتبنى المشروع منذ البداية لغة إنسانية عالمية تقوم على الحقائق وتتجنب الدخول في حقوق الألغام الفكرية واللغوية والثقافية
وفي النهاية نعود لنؤكد على رسالتنا الأساسية، وهي أننا في حاجة عاجلة وملحة إلى تخصيص جزء هام من الجهود الرامية إلى مساعدة قطاع غزة وأهله من أجل تخليد ذكرى ضحايا الحرب من خلال مشروع ثقافي متكامل موجه إلى الضمير العالم يوثق معاناة أبناء القطاع خلال الحرب الأخيرة، وذلك قبل أن ننسى أو يتناسى الآخرون وقبل أن يغطى بقصد أو بغير قصد على ما جرى ويمضي الجميع في حياتهم، وكأن شيء لم يكن،،، والله الموفق