إدارة أوباما والإستراتيجية الأميركية: الأيام المائة الأولى
عرض بقلم علاء بيومي
يمكن نشر المقال الحالي مع الإشارة إلى مصدره
www.alaabayoumi.com
نص العرض
يتوصل التقرير الحالي الصادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن لعدد من النتائج الهامة بخصوص بصمة إدارة أوباما على الإستراتيجية الأميركية خلال أيامها المائة الأولى في السلطة، حيث يرى التقرير أن مهمة استعادة مكانة أميركا الاقتصادية الدولية سوف تطغى على ولاية أوباما الأولى، وأن التركيز على أفغانستان وباكستان هو أكبر تغيير أدخله أوباما على الإستراتيجية الأميركية في الوقت الراهن، وأن إستراتيجية أوباما في العراق تعاني من غموض ونقص واضحين خاصة في حالة تدهور الوضع الأمني هناك
وفي البداية يؤكد مؤلف التقرير أنطوني كوردسمان أنه لا يوجد رئيس أميركي قادر على تغيير إستراتيجية أميركا خلال مائة يوم لأسباب عديدة، فالرئيس يدخل الحكم بدون فريق عمل ويحتاج لشهور لبناء فريق الأمن القومي الخاص به، كما أنه يدخل الحكم في ظل ميزانية أقرت في العام السابق لتوليه الحكم، والميزانية هي من تتحكم في واقع السياسات على الأرض، كما أنه يواجه مشاكل دولية يعود بعضها لأكثر من نصف قرن على غرار أزمة الشرق الأوسط في حالة إدارة أوباما
لذا فإن أقصى ما يمكن أن يحققه الرئيس - خلال أيامه المائة الأولي بالبيت الأبيض - هو أن يعيد التفكير في أهداف ومبادئ الإستراتيجية الأميركية، ومحاولة إعادة تقييم تلك الأهداف، وفي هذا السياق يتوصل كوردسمان إلى النتائج الهامة التالية
أولا: أن حل الأزمة الاقتصادية داخليا واستعادة مكانة أميركا الاقتصادية الدولية - والتي تعد ركيزة هامة من ركائز إستراتيجية أميركا ونفوذها حول العام - سوف "تسيطر على ولاية أوباما الأولى" خاصة وأن علاج الأزمة الاقتصادية لن يكون عملية سهلة وسوف يتطلب "تجارب" أو محاولات عديدة قد يكتب لها النجاح أو الفشل
ثانيا: تحرك أوباما سريعا وبشكل يحسب له في توجيه اهتمام أميركا نحو الحرب في أفغانستان وباكستان وتغيير بعض أدوات الإستراتيجية هناك مثل المطالبة بزيادة الجنود الأميركيين، وتقديم مزيد من المساعدات لباكستان، والدعوة لدبلوماسية إقليمية نشطة لحل المشكلة الأفغانية تضم الدول المحيطة بما فيها إيران
ثالثا: على عكس أفغانستان، تعاني إستراتيجية أوباما تجاه العراق من عجز واضح، فلم يعلن أوباما عن إستراتيجية جديدة للحرب، ولم يناقش إستراتيجية الإدارة في حالة انزلاق العراق نحو مزيد من التوتر الطائفي أو العرقي مع انسحاب القوات، هذا في الوقت الذي أبدى فيه أوباما مرونة كبيرة في إتباع نصائح قادة القوات الأميركية بالعراق فيما يتعلق بوتيرة الانسحاب
رابعا: بصفة عامة نجح أوباما في التحرك سريعا لمواجهة التدهور الخطير في صورة أميركا حول العالم خلال عهد الرئيس جورج دبليو بوش، حيث نجح أوباما في تصوير إدارته على إنها أكثر استعدادا للحوار والإنصات والتعاون الدولي
خامسا: لم يحصل أوباما على دعم كبير من دول حلف الناتو من أجل مساعدته في حرب أفغانستان، ولكنه أعاد توجيه أهداف الناتو نحو الدفاع عن أمن أعضائه بدلا من التركيز بشكل أساسي على التدخل في حربي العراق وأفغانستان
سادسا: أعلن أوباما نيته المضي قدما في جهود نزع أسلحة الدمار الشامل من خلال التعاون مع روسيا بهذا الخصوص
سابعا: فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي أعلن أوباما عن نيته التركيز على إيجاد حل للصراع خلال ولايته الأولى ورفضه تسويف القضية لنهاية ولايته الثانية كحال الرؤساء الأميركيين السابقين، كما أعلن حرصه على دفع جهود السلام بين سوريا وإسرائيل ودعم مبادرة السلام العربية
ثامنا: توقف أوباما عن استخدام مصطلح "الحرب العالمية على الإرهاب" احتراما لمشاعر العالم الإسلامي، حيث رأى البعض أن المصطلح موجه ضد الإسلام والعرب في جوهره، وفي هذا السياق حرص أوباما على إبراز حرصه على التعاون مع الحكومة التركية كنموذج لدولة مسلمة تقودها حكومة إسلامية
تاسعا: بخصوص إيران، أعلنت إدارة أوباما معارضتها لشن إسرائيل ضربة جوية ضد منشئات إيران النووية، في الوقت الذي أكدت فيه الإدارة معارضتها الشديدة لاستمرار إيران في برامج التسلح النووي وفي دعم حركات كحزب الله وحماس
أخيرا: وبخصوص الجيش الأميركي طالبت إدارة أوباما بأموال إضافية خلال العام الحالي مقدرها 75.5 بليون دولار توجه بالأساس لدعم حربي أفغانستان والعراق خلال عام 2009، وذلك على الرغم من الأزمة الاقتصادية، ويفسر ذلك أن ميزانية عام 2009 والتي أقرت في عهد الرئيس بوش لم تتضمن مصاريف الحربين، وذلك كعادة إدارة بوش والتي كانت تبقي تكاليف تمويل الحرب خارج الميزانية وتمولها من خلال مخصصات مالية إضافية تطلب تباعا
لذا حرصت إدارة أوباما على أن تقر مصاريف الحربين في الميزانية الجديدة، حيث طالبت الإدارة بميزانية دفاع قدرها 663 بليون دولار في عام 2010 تخصص 130 بليون دولار منها لحربي أفغانستان والعراق في محاولة من قبل إدارة أوباما للتحكم في تكاليف الحربين من البداية وتخفيضها
كما أكدت إدارة أوباما عزمها تطوير الجيش الأميركي في اتجاه دعم قدراته في مجال حروب العصابات والحرب داخل المدن مما يستدعي الاهتمام بالقوات البرية وعدم التركيز فقط على القوات الجوية الأميركية كما كان الحال في الماضي، وكذلك التخلي عن برامج الأسلحة عالية التكنولوجيا والتكاليف (الطائرات والصواريخ) لصالح برامج الأسلحة الأقل تكنولوجيا وتكلفة والتي يحتاجها الجيش في الفترة الحالية (مثل أنظمة الاستخبارات الحربية والعربات المصفحة التي تسير عن بعد)، وهو تحول هام وضخم سوف يستغرق سنوات وخطط عديدة ودقيقة لتنفيذه
كما توقع التقرير أن يساهم تولي هيلاري كلينتون لوزارة الخارجية الأميركية في زيادة ميزانية الخارجية الأميركية وفي تنشيط دور الدبلوماسية في الإستراتيجية الأميركية بشكل عام
وفي النهاية أكد التقرير على أن إعلان النوايا وحده لا يكفي، وأن الأهم هو الميزانيات والخطط المفصلة والخطوات الحقيقية التي سوف تتخذها إدارة أوباما للتعامل مع القضايا الإستراتيجية التي تواجهها، وأن حصيلة الأيام المائة الأولي لأوباما في الحكم هي مجموعة من البدايات والمفاهيم والنوايا التي قد يحتاج بعضها لسنوات لتحقيقه وإن كان هذا لا يقلل من أهمية رصدها – كما حدث في التقرير الحالي – والبحث عن تبعاتها وتطوراتها في تقارير مستقبلية
----
للإطلاع على النص الكامل للتقرير يرجى زيارة
http://www.csis.org/component/option,com_csis_pubs/task,view/id,5411/
يمكن نشر المقال الحالي مع الإشارة إلى مصدره
www.alaabayoumi.com
نص العرض
يتوصل التقرير الحالي الصادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن لعدد من النتائج الهامة بخصوص بصمة إدارة أوباما على الإستراتيجية الأميركية خلال أيامها المائة الأولى في السلطة، حيث يرى التقرير أن مهمة استعادة مكانة أميركا الاقتصادية الدولية سوف تطغى على ولاية أوباما الأولى، وأن التركيز على أفغانستان وباكستان هو أكبر تغيير أدخله أوباما على الإستراتيجية الأميركية في الوقت الراهن، وأن إستراتيجية أوباما في العراق تعاني من غموض ونقص واضحين خاصة في حالة تدهور الوضع الأمني هناك
وفي البداية يؤكد مؤلف التقرير أنطوني كوردسمان أنه لا يوجد رئيس أميركي قادر على تغيير إستراتيجية أميركا خلال مائة يوم لأسباب عديدة، فالرئيس يدخل الحكم بدون فريق عمل ويحتاج لشهور لبناء فريق الأمن القومي الخاص به، كما أنه يدخل الحكم في ظل ميزانية أقرت في العام السابق لتوليه الحكم، والميزانية هي من تتحكم في واقع السياسات على الأرض، كما أنه يواجه مشاكل دولية يعود بعضها لأكثر من نصف قرن على غرار أزمة الشرق الأوسط في حالة إدارة أوباما
لذا فإن أقصى ما يمكن أن يحققه الرئيس - خلال أيامه المائة الأولي بالبيت الأبيض - هو أن يعيد التفكير في أهداف ومبادئ الإستراتيجية الأميركية، ومحاولة إعادة تقييم تلك الأهداف، وفي هذا السياق يتوصل كوردسمان إلى النتائج الهامة التالية
أولا: أن حل الأزمة الاقتصادية داخليا واستعادة مكانة أميركا الاقتصادية الدولية - والتي تعد ركيزة هامة من ركائز إستراتيجية أميركا ونفوذها حول العام - سوف "تسيطر على ولاية أوباما الأولى" خاصة وأن علاج الأزمة الاقتصادية لن يكون عملية سهلة وسوف يتطلب "تجارب" أو محاولات عديدة قد يكتب لها النجاح أو الفشل
ثانيا: تحرك أوباما سريعا وبشكل يحسب له في توجيه اهتمام أميركا نحو الحرب في أفغانستان وباكستان وتغيير بعض أدوات الإستراتيجية هناك مثل المطالبة بزيادة الجنود الأميركيين، وتقديم مزيد من المساعدات لباكستان، والدعوة لدبلوماسية إقليمية نشطة لحل المشكلة الأفغانية تضم الدول المحيطة بما فيها إيران
ثالثا: على عكس أفغانستان، تعاني إستراتيجية أوباما تجاه العراق من عجز واضح، فلم يعلن أوباما عن إستراتيجية جديدة للحرب، ولم يناقش إستراتيجية الإدارة في حالة انزلاق العراق نحو مزيد من التوتر الطائفي أو العرقي مع انسحاب القوات، هذا في الوقت الذي أبدى فيه أوباما مرونة كبيرة في إتباع نصائح قادة القوات الأميركية بالعراق فيما يتعلق بوتيرة الانسحاب
رابعا: بصفة عامة نجح أوباما في التحرك سريعا لمواجهة التدهور الخطير في صورة أميركا حول العالم خلال عهد الرئيس جورج دبليو بوش، حيث نجح أوباما في تصوير إدارته على إنها أكثر استعدادا للحوار والإنصات والتعاون الدولي
خامسا: لم يحصل أوباما على دعم كبير من دول حلف الناتو من أجل مساعدته في حرب أفغانستان، ولكنه أعاد توجيه أهداف الناتو نحو الدفاع عن أمن أعضائه بدلا من التركيز بشكل أساسي على التدخل في حربي العراق وأفغانستان
سادسا: أعلن أوباما نيته المضي قدما في جهود نزع أسلحة الدمار الشامل من خلال التعاون مع روسيا بهذا الخصوص
سابعا: فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي أعلن أوباما عن نيته التركيز على إيجاد حل للصراع خلال ولايته الأولى ورفضه تسويف القضية لنهاية ولايته الثانية كحال الرؤساء الأميركيين السابقين، كما أعلن حرصه على دفع جهود السلام بين سوريا وإسرائيل ودعم مبادرة السلام العربية
ثامنا: توقف أوباما عن استخدام مصطلح "الحرب العالمية على الإرهاب" احتراما لمشاعر العالم الإسلامي، حيث رأى البعض أن المصطلح موجه ضد الإسلام والعرب في جوهره، وفي هذا السياق حرص أوباما على إبراز حرصه على التعاون مع الحكومة التركية كنموذج لدولة مسلمة تقودها حكومة إسلامية
تاسعا: بخصوص إيران، أعلنت إدارة أوباما معارضتها لشن إسرائيل ضربة جوية ضد منشئات إيران النووية، في الوقت الذي أكدت فيه الإدارة معارضتها الشديدة لاستمرار إيران في برامج التسلح النووي وفي دعم حركات كحزب الله وحماس
أخيرا: وبخصوص الجيش الأميركي طالبت إدارة أوباما بأموال إضافية خلال العام الحالي مقدرها 75.5 بليون دولار توجه بالأساس لدعم حربي أفغانستان والعراق خلال عام 2009، وذلك على الرغم من الأزمة الاقتصادية، ويفسر ذلك أن ميزانية عام 2009 والتي أقرت في عهد الرئيس بوش لم تتضمن مصاريف الحربين، وذلك كعادة إدارة بوش والتي كانت تبقي تكاليف تمويل الحرب خارج الميزانية وتمولها من خلال مخصصات مالية إضافية تطلب تباعا
لذا حرصت إدارة أوباما على أن تقر مصاريف الحربين في الميزانية الجديدة، حيث طالبت الإدارة بميزانية دفاع قدرها 663 بليون دولار في عام 2010 تخصص 130 بليون دولار منها لحربي أفغانستان والعراق في محاولة من قبل إدارة أوباما للتحكم في تكاليف الحربين من البداية وتخفيضها
كما أكدت إدارة أوباما عزمها تطوير الجيش الأميركي في اتجاه دعم قدراته في مجال حروب العصابات والحرب داخل المدن مما يستدعي الاهتمام بالقوات البرية وعدم التركيز فقط على القوات الجوية الأميركية كما كان الحال في الماضي، وكذلك التخلي عن برامج الأسلحة عالية التكنولوجيا والتكاليف (الطائرات والصواريخ) لصالح برامج الأسلحة الأقل تكنولوجيا وتكلفة والتي يحتاجها الجيش في الفترة الحالية (مثل أنظمة الاستخبارات الحربية والعربات المصفحة التي تسير عن بعد)، وهو تحول هام وضخم سوف يستغرق سنوات وخطط عديدة ودقيقة لتنفيذه
كما توقع التقرير أن يساهم تولي هيلاري كلينتون لوزارة الخارجية الأميركية في زيادة ميزانية الخارجية الأميركية وفي تنشيط دور الدبلوماسية في الإستراتيجية الأميركية بشكل عام
وفي النهاية أكد التقرير على أن إعلان النوايا وحده لا يكفي، وأن الأهم هو الميزانيات والخطط المفصلة والخطوات الحقيقية التي سوف تتخذها إدارة أوباما للتعامل مع القضايا الإستراتيجية التي تواجهها، وأن حصيلة الأيام المائة الأولي لأوباما في الحكم هي مجموعة من البدايات والمفاهيم والنوايا التي قد يحتاج بعضها لسنوات لتحقيقه وإن كان هذا لا يقلل من أهمية رصدها – كما حدث في التقرير الحالي – والبحث عن تبعاتها وتطوراتها في تقارير مستقبلية
----
للإطلاع على النص الكامل للتقرير يرجى زيارة
http://www.csis.org/component/option,com_csis_pubs/task,view/id,5411/