موقف العرب من أوباما وجراح لوبي إسرائيل
بقلم: علاء بيومي
يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره
يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره
www.alaabayoumi.com
نص المقال
في اعتقادي أن لوبي إسرائيل في الولايات المتحدة مجروح، وأن جرح عميق يعود إلى عام 2005 على أقل تقدير، وأن الجرح لا يندمل بل ينتكس بين حين وأخر، وأن العرب يبدون غير معنيين بانتهاز الفرصة السانحة
وأصل الجرح موقف اللوبي الداعم لسياسات المواجهة التي اتبعتها إدارة بوش الجمهورية تجاه الشرق الأوسط خلال الفترة من 2002 وحتى 2006، حيث ساند اللوبي بوضوح سياسات أوباما المتشددة تجاه العراق وإيران وعملية السلام مما أسقط القناع الليبرالي الذي يحرص اللوبي على ارتداءه في الأوساط الأمريكية والغربية ليظهر بصورة لوبي ليبرالي يدافع عن دولة ديمقراطية تحارب جماعات متدينة متطرفة ونظم ديكتاتورية
ولكن وللأسف، الخاطب العربي السائد يبدو في كثير من الأحيان غير معني بفهم ما يدور داخل اللوبي وسياساته وعلاقته بالأميركيين، فالعرب مشغولون بسؤال واحد وهو هل تغيرت سياسة أميركا تجاه أهم قضاياهم وعلى رأسها فلسطين والديمقراطية أم لم تتغير؟ وهو بالطبع سؤال منطقي يعد محور العلاقة؟ ولكن الاكتفاء به هو تعبير عن العزلة أو عن عدم القدرة على التواصل مع صانع القرار الأميركي أو التأثير عليه ليس أكثر
فالخطاب العربي السائد لا يتحدث عن فرص وتحديات اللوبيات العربية أو المسلمة في واشنطن، أو عن العلاقة بين الرأي العام العربي والرأي العام الأميركي، أو عن تطور هذه العلاقة ومدى تقدمها
الخاطب العربي السائد انفصالي انعزالي غير معني تقريبا بالجماعات الأميركية المساندة للعرب وقضاياهم في أميركا، أو على الأقل المتفهمة والمتعاطفة مع هذه القضايا، ومن بين تلك الجماعات بعض طلاب الجامعات والأكاديميين وجمعيات حقوق الإنسان والحقوق والحريات المدنية والأقليات والمهاجرين والتيارات الدينية والليبرالية المنفتحة
العرب يحتفلون بكل تقرير أو مقال يصدر عن جهة أميركية يؤيد مواقفهم وأرائهم، ولكن احتفالهم هذا يتوقف عند الاحتفال أو الترجمة والنقل أحيانا، ولكنهم لا يتبعونه بتصرف واضح على الأرض يدعم كاتب المقال أو التقرير
وقد يعود السبب إلى عدم فهم طبيعة المجتمع الأميركي، فالمجتمع المدني بالولايات المتحدة قوي للغاية ويبدو في كثير من الأحيان أقوى من المجتمعات المدنية بكثير من الدول العربية، فالمجتمع الأميركي قائم بدولة ديمقراطية ومليء بالمؤسسات المختلفة، فالدولة الأميركية تعود إلى المجتمع المدني الأميركي للحصول على دعمه وأصواته وأمواله، وبالطبع لا يحدث هذا في كثير من الدول العربية
لذا يبدو أننا نعكس صورتنا على الآخرين، فمجتمعاتنا المدنية مازالت ضعيفة وتفتقر للمؤسسات الراسخة، لذا نتصور أن الوضع في أميركا كما هو الوضع عندنا
وربما يكون السبب ضعف التواصل وحواجز اللغة والثقافة وكثرة الصراعات العسكرية المسلحة والدامية التي زج بها الجيش الأميركي في العالمين العربي والإسلامي، وربما لأن العرب تركوا السياسة للحكومات ورضوا هم بالمعارضة
عموما وبغض النظر عن السبب، يبدو العالم العربي غير معني بالتأثير على ما يدور داخل واشنطن نفسها، فنحن نكتفي في أغلب الأحيان بالعناوين الرئيسية وبالمقالات التي تنشر بالجرائد الكبرى، وللأسف تصلنا الأخبار والمقالات متأخرة ومنزوعة السياق، ونفتقر نحن لمقالاتنا وأبحاثنا وكتبنا الجديدة والتي تقدم لنا شيء جديد ذو قيمة عما يدور في أميركا
ومن يختلف معي فأرجو أن يذكرني بأخر مقال عربي (رأي أو خبر) أتي بسبق صحفي أو معلوماتي أو فكري عن أميركا بمعايير الأميركيين أنفسهم أو حتى بمعايير المثقفين العرب
فرغم كل الاهتمام بالسياسة الأميركية، تبدو علاقتنا بها في أغلب الأحيان متابعة عن بعد، أو علاقة مقاطعة أشبه بمقاطعة المعارضة للانتخابات العربية
ما أود قوله هو أن هناك شواهد كثيرة تدل على تراجع لوبي إسرائيل وسطوته في السنوات الأخيرة، وذلك بسبب دعمه لسياسات بوش المتشددة وبسبب نمو أزرعه اليمينية المتطرفة مثل المحافظين الجدد ومثل الجماعات التي تحالفت مع المسيحيين الصهاينة في تحالف مصلحي غير قيمي مقزز لكثير من الأميركيين، ومثل اللوبيات الأمنية وتلك المعنية بتشويه صورة المسلمين والعرب في أميركا
وبسبب سيل الكتابات الناقدة للوبي ودوره في السياسة الأميركية منذ تراجع حرب العراق، وبسبب صعود ما يسمى بلوبيات إسرائيل الليبرالية المعارضة كجماعة "جيه ستريت"
كما أعتقد أيضا أن وعي الأميركيين بعدالة القضية الفلسطينية في تزايد وموقف الرأي العام الدولي المعارض لحرب غزة هو أكبر دليل
ومازلت مصرا على أن أوباما رئيس مختلف تعرض لنقد غير مسبوق من لوبي إسرائيل قبل توليه الرئاسة، ومازال يتعرض لنقد شديد حتى يومنا هذا، كما تحدث عن فلسطين والإسلام بشكل إيجابي غير مسبوق، وعارض إسرائيل علنا بشكل غير مسبوق أيضا ولو لعدة شهور على أقل تقدير
وأنا لا أقول أن الصورة وردية، فما عليك إلا أن تنظر للكونجرس الأميركي موقفه من عملية السلام، أو إلى لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب الأميركية وطبيعة أعضائها ومواقفهم من إسرائيل، لتدرك حجم المشكلة وحجم سطوة لوبي إسرائيل حتى يومنا هذا
كما أن اللوبي المجروح يبدو كثيرا أكثر شراسة في حربه وضراوته، ويبدو عازما على استئصال غيره والقضاء على منافسيه قبل أن تقوى شوكتهم، والحملات التي تتعرض لها بعض القيادات والمنظمات المسلمة والعربية الأميركية هي أكبر دليل على ذلك
نص المقال
في اعتقادي أن لوبي إسرائيل في الولايات المتحدة مجروح، وأن جرح عميق يعود إلى عام 2005 على أقل تقدير، وأن الجرح لا يندمل بل ينتكس بين حين وأخر، وأن العرب يبدون غير معنيين بانتهاز الفرصة السانحة
وأصل الجرح موقف اللوبي الداعم لسياسات المواجهة التي اتبعتها إدارة بوش الجمهورية تجاه الشرق الأوسط خلال الفترة من 2002 وحتى 2006، حيث ساند اللوبي بوضوح سياسات أوباما المتشددة تجاه العراق وإيران وعملية السلام مما أسقط القناع الليبرالي الذي يحرص اللوبي على ارتداءه في الأوساط الأمريكية والغربية ليظهر بصورة لوبي ليبرالي يدافع عن دولة ديمقراطية تحارب جماعات متدينة متطرفة ونظم ديكتاتورية
ولكن وللأسف، الخاطب العربي السائد يبدو في كثير من الأحيان غير معني بفهم ما يدور داخل اللوبي وسياساته وعلاقته بالأميركيين، فالعرب مشغولون بسؤال واحد وهو هل تغيرت سياسة أميركا تجاه أهم قضاياهم وعلى رأسها فلسطين والديمقراطية أم لم تتغير؟ وهو بالطبع سؤال منطقي يعد محور العلاقة؟ ولكن الاكتفاء به هو تعبير عن العزلة أو عن عدم القدرة على التواصل مع صانع القرار الأميركي أو التأثير عليه ليس أكثر
فالخطاب العربي السائد لا يتحدث عن فرص وتحديات اللوبيات العربية أو المسلمة في واشنطن، أو عن العلاقة بين الرأي العام العربي والرأي العام الأميركي، أو عن تطور هذه العلاقة ومدى تقدمها
الخاطب العربي السائد انفصالي انعزالي غير معني تقريبا بالجماعات الأميركية المساندة للعرب وقضاياهم في أميركا، أو على الأقل المتفهمة والمتعاطفة مع هذه القضايا، ومن بين تلك الجماعات بعض طلاب الجامعات والأكاديميين وجمعيات حقوق الإنسان والحقوق والحريات المدنية والأقليات والمهاجرين والتيارات الدينية والليبرالية المنفتحة
العرب يحتفلون بكل تقرير أو مقال يصدر عن جهة أميركية يؤيد مواقفهم وأرائهم، ولكن احتفالهم هذا يتوقف عند الاحتفال أو الترجمة والنقل أحيانا، ولكنهم لا يتبعونه بتصرف واضح على الأرض يدعم كاتب المقال أو التقرير
وقد يعود السبب إلى عدم فهم طبيعة المجتمع الأميركي، فالمجتمع المدني بالولايات المتحدة قوي للغاية ويبدو في كثير من الأحيان أقوى من المجتمعات المدنية بكثير من الدول العربية، فالمجتمع الأميركي قائم بدولة ديمقراطية ومليء بالمؤسسات المختلفة، فالدولة الأميركية تعود إلى المجتمع المدني الأميركي للحصول على دعمه وأصواته وأمواله، وبالطبع لا يحدث هذا في كثير من الدول العربية
لذا يبدو أننا نعكس صورتنا على الآخرين، فمجتمعاتنا المدنية مازالت ضعيفة وتفتقر للمؤسسات الراسخة، لذا نتصور أن الوضع في أميركا كما هو الوضع عندنا
وربما يكون السبب ضعف التواصل وحواجز اللغة والثقافة وكثرة الصراعات العسكرية المسلحة والدامية التي زج بها الجيش الأميركي في العالمين العربي والإسلامي، وربما لأن العرب تركوا السياسة للحكومات ورضوا هم بالمعارضة
عموما وبغض النظر عن السبب، يبدو العالم العربي غير معني بالتأثير على ما يدور داخل واشنطن نفسها، فنحن نكتفي في أغلب الأحيان بالعناوين الرئيسية وبالمقالات التي تنشر بالجرائد الكبرى، وللأسف تصلنا الأخبار والمقالات متأخرة ومنزوعة السياق، ونفتقر نحن لمقالاتنا وأبحاثنا وكتبنا الجديدة والتي تقدم لنا شيء جديد ذو قيمة عما يدور في أميركا
ومن يختلف معي فأرجو أن يذكرني بأخر مقال عربي (رأي أو خبر) أتي بسبق صحفي أو معلوماتي أو فكري عن أميركا بمعايير الأميركيين أنفسهم أو حتى بمعايير المثقفين العرب
فرغم كل الاهتمام بالسياسة الأميركية، تبدو علاقتنا بها في أغلب الأحيان متابعة عن بعد، أو علاقة مقاطعة أشبه بمقاطعة المعارضة للانتخابات العربية
ما أود قوله هو أن هناك شواهد كثيرة تدل على تراجع لوبي إسرائيل وسطوته في السنوات الأخيرة، وذلك بسبب دعمه لسياسات بوش المتشددة وبسبب نمو أزرعه اليمينية المتطرفة مثل المحافظين الجدد ومثل الجماعات التي تحالفت مع المسيحيين الصهاينة في تحالف مصلحي غير قيمي مقزز لكثير من الأميركيين، ومثل اللوبيات الأمنية وتلك المعنية بتشويه صورة المسلمين والعرب في أميركا
وبسبب سيل الكتابات الناقدة للوبي ودوره في السياسة الأميركية منذ تراجع حرب العراق، وبسبب صعود ما يسمى بلوبيات إسرائيل الليبرالية المعارضة كجماعة "جيه ستريت"
كما أعتقد أيضا أن وعي الأميركيين بعدالة القضية الفلسطينية في تزايد وموقف الرأي العام الدولي المعارض لحرب غزة هو أكبر دليل
ومازلت مصرا على أن أوباما رئيس مختلف تعرض لنقد غير مسبوق من لوبي إسرائيل قبل توليه الرئاسة، ومازال يتعرض لنقد شديد حتى يومنا هذا، كما تحدث عن فلسطين والإسلام بشكل إيجابي غير مسبوق، وعارض إسرائيل علنا بشكل غير مسبوق أيضا ولو لعدة شهور على أقل تقدير
وأنا لا أقول أن الصورة وردية، فما عليك إلا أن تنظر للكونجرس الأميركي موقفه من عملية السلام، أو إلى لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب الأميركية وطبيعة أعضائها ومواقفهم من إسرائيل، لتدرك حجم المشكلة وحجم سطوة لوبي إسرائيل حتى يومنا هذا
كما أن اللوبي المجروح يبدو كثيرا أكثر شراسة في حربه وضراوته، ويبدو عازما على استئصال غيره والقضاء على منافسيه قبل أن تقوى شوكتهم، والحملات التي تتعرض لها بعض القيادات والمنظمات المسلمة والعربية الأميركية هي أكبر دليل على ذلك
ولكني أرفض الخطاب العربي الذي يتبنى فكرة الصراع كبداية ونهاية في العلاقة مع أميركا، أو الذي ينتظر أن تغير أميركا مواقفها بين عشية أو ضحاها انطلاقا من عدالة القضايا العربية كما يراها هو، أو الذي يتبنى خطابا تشاؤميا تأليبا مع الولايات المتحدة دون أن ينظر بداخلها، أو الذي يهمل بما يدور داخل واشنطن ويبحث في عناوين الصحف والمجلات العربية عن سطور تبرر قناعاته المسبقة دون أن يبذل جهدا حقيقا للتواصل مع الأخر وشرح قضاياه بأسلوب يفهمه الأخر الأميركي، أسلوب تبناه لوبي إسرائيل وبرع فيه منذ عقود