Monday, November 29, 2010
Egypt's winners and losers
Alaa Bayoumi, 29 Nov 2010, AlJazeera.net, http://english.aljazeera.net/indepth/features/2010/11/2010112912557915300.html
The early results from Egypt's parliamentary elections are hardly surprising. Most observers expected the ruling National Democratic Party (NDP) to keep its two-thirds majority; the banned Muslim Brotherhood to lose its one-fifth strong opposition bloc; and a better but still humble performance from the smaller opposition parties who participated in the vote.
Essam Elerian, a Muslim Brotherhood spokesman, says: "We lost seats and a much deserved representation in the parliament. But we won people's love and support and a media battle that exposed [irregularities in] the elections."
Elerian blames his group's loss on "clear vote-rigging" that amounted to "an obvious election scandal by all measures".
His group and other civil society organisations have complained that the NDP used violence to prevent representatives of the Brotherhood and other opposition candidates from monitoring the vote.
Their presence inside the polling stations offered one of the few guarantees against vote-rigging after the outgoing parliament, which is dominated by the ruling party, introduced a series of changes that minimised the role of judges in monitoring the elections and put the ministry of interior in charge of much of the election process.
'A comforting majority'
Representatives of the NDP acknowledged that some violations took place but insisted that they were minimal. "The general view of the elections before final results are declared emphasise that the elections went [smoothly] in an unexpected way," says Magdy ElDakkak, a member of the NDP's political education committee, adding that: "Some violations took place here and there in some districts, especially in rural areas .... But the elections did not turn into a heated [violent] battle as some rumours predicted."
Where skirmishes did take place, ElDakkak says they were between different groups of supporters and "not between supporters and the security forces".
He says he expects the NDP to achieve a "comforting majority" because of "all its achievements", adding: "What is surprising [is that] the illegal and illegitimate Brotherhood movement has admitted defeat."
He put the defeat of the Brotherhood, which he refuses to call the 'Muslim' Brotherhood, down to the "heavy participation [of] legal parties [in the election]" and suggests the results showed that "Egyptian politics is no longer a dichotomy or dual game between the NDP and the Brotherhood".
"The Brotherhood's efforts to provoke people and clashes have motivated people against them," he says. "We are getting a new elected civil parliament with no religious and divisive forces."
'All Egyptians lost'
But the Muslim Brotherhood has challenged this view.
"All Egyptians lost yesterday, the NDP lost, and the opposition lost," Elerian says. "The NDP could have achieved their victory through [a] better way .... We have a dilemma; a ruling party that wants to rule alone ... the regime wants our elections result to be a zero."
"The big looser is the Egyptian people who will further hate and distance themselves from politics."
Amr Hamzaway, a senior researcher at the Carnegie Endowment for International Peace, believes "all Egyptian political groups have lost in a way or another".
He believes that the Muslim Brotherhood lost their position as the largest opposition group inside parliament, that those opposition parties who participated gained seats but lost popularity by participating in unfair elections, and that those who refused to participate in the elections, such as the National Association for Change, which is affiliated with former UN nuclear chief Mohammed ElBaradei, failed in educating voters and monitoring the elections.
However, he argues that "the biggest loser in yesterday's elections is the NDP".
"The NDP has fully lost its credibility when it comes to its ability and willingness to conduct fair elections ... all NDP promises to the Egyptian people were proven false."
The Brotherhood's dilemma
Hamzaway also feels that the Muslim Brotherhood failed in two key strategic areas. Firstly, it did not solve the dilemma of being a religious group that acts as a political party within a political system that does not recognise it.
And, secondly, it has failed to convince its followers of the importance of political participation, which was reflected in their poor showing on election day.
But Elerian is not convinced that the group's defeat will hinder its political participation or lead to divisions.
"No rifts will take place ... those who opposed our decision to participate in the elections said that they will respect it. We will not look inward as some people wish," he says. "Our religious education encourages us to play an active role in public life."
For its part, ElDakkak says that the NDP believes the vote was the "right start for Egypt's political forces and pluralistic political life".
Tuesday, November 23, 2010
يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره:
www.alaabayoumi.com
نص المقال:
أبحث منذ فترة عن دراسة تساعدني على فهم انتخابات مجلس الشعب المصري المقبلة، دراسة تخرج عن إطار القيل والقال، وتوفر لي الحقائق الأساسية (معلومات وتواريخ وإحصاءات) عما يدور في انتخابات مصر النيابية.
وبعد جهد وجدت ضالتي في دراسة لم تلق حظها من الاهتمام الإعلامي على الرغم مما توفره من إحصاءات يندر وجودها مجتمعة في مكان واحد، ومن فرط إعجابي بالدراسة بت أعتقد أنها قراءة ضرورية لكل معني بانتخابات مجلس الشعب المصري المقرر عقدها يوم الأحد المقبل.
الدراسة التي أقصدها هي تقرير "المشاركة السياسية في الانتخابات النيابية 2005: العوائق والمتطلبات" الصادر عن الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية في عام 2006 للباحث الدكتور سامر سليمان أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة الأميركية بالقاهرة.
الدراسة صدرت في عام 2006 - والتي لم تلق حقها من الاهتمام الإعلامي – كما يبدو من بحث سريع عنها على شبكة الانترنت، ومع ذلك تعد نموذجا يحتذي في الدراسات التي يحتاجها المشهد السياسي والإعلامي العربي عموما.
مؤلف الدراسة د. سليمان لا يتحدث عبرها إلا من خلال أرقام وإحصاءات جمعها من سجلات رسمية ودولية عن مشاركة المصريين في انتخابات مجلس الشعب المصري منذ عام 1984 - حين عقدت أول انتخابات برلمانية في عهد الرئيس المصري الحالي حسنى مبارك - وحتى انتخابات عام 2005.
هذا يعني أن الدراسة تقارن بين ستة انتخابات برلمانية عقدت على مدى عشرين عاما، وتلخص في محتواها أهم معالم المشاركة في الانتخابات البرلمانية في عهد مبارك.
حجم ما توفره الدراسة من معلومات عن تلك المرحلة مفيد للغاية، ويجعلها منطلقا هاما لفهم ما يدور في انتخابات مجلس الشعب المصري، كما يجعلنا نتمنى أن يتبع د. سليمان أو "جمعية النهوض بالمشاركة" الدراسة الحالية بدراسة جديدة تتضمن نتائج الانتخابات الراهنة في أقرب فرصة.
عموما ما تتضمنه الدراسة مفيد بما يكفي كمفتاح لفهم انتخابات الأحد المقبل، وفيما يلي عرض لأهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة.
أولا: مجلس الشعب المصري بلا سلطات تقريبا، فهو خاضع للسلطة التنفيذية التي تتقدم بمشاريع القوانين وتمررها من خلال أغلبية أعضاء الحزب الوطني في البرلمان.
وهذا يعني - كما يقول التقرير - أن النخبة السياسية المصرية لا توجد في البرلمان، وأن مجلس الشعب المصري ليس ساحة نقاش أو جدل وتفاوض حقيقي حول القوانين أو السياسات، إنما هو في الحقيقة ساحة نقاش عام للتنفيس عن المعارضة ضمن إطار ترتضيه النخبة الحاكمة.
كما أن انتخابات مجلس الشعب ليست إلا ساحة يجدد الحزب الحاكم من خلالها نخبه، فمن يسقط في الانتخابات يتوارى عن الأضواء، والنخب الجديدة تصعد وتفوز في الصراع الانتخابي، كما أنها ساحة أيضا لتحسين صورة النظام بعض الشيء.
ثانيا: غالبية الشعب المصري أو 80 % منه لا يشاركون في الانتخابات، وهذه حقيقة هامة للغاية، فمن يشارك هم حوالي ربع المسجلين في السجلات الانتخابية، والمسجلون في السجلات الانتخابية يمثلون حوالي ثلاثة أرباع من يحق لهم التصويت، وهذا يعني أن ربع من يحق لهم التصويت - حوالي 9 ملايين مصري - غير مسجلين، كما أن غالبية الشعب والمسجلين لا يشاركون.
سبب عدم المشاركة هام للغاية فالشعب يدرك – كما يوضح الكتاب - أن البرلمان ليست ساحة صناعة السياسة، كما أن الشعب يرفض الخوض في الانتخابات بسبب تكلفتها المرتفعة.
فالكتاب يقول أن الانتخابات تحسم بالقوة - قوة المال والعنف الجسدي - فالأثرياء يستخدمون المال والعنف (استئجار الفتوات والبلطجية) للفوز بالانتخابات، هذا إضافة إلى استخدام أجهزة الدولة نفسها و في أحيان كثيرة للعنف لصالح مرشحيها المفضلين، هذا ناهيك عن عمليات التزوير الواسعة التي تشهدها العملية الانتخابية بداية من سجلات الناخبين، وقيد المرشحين، والتصويت يوم الانتخابات.
ولهذا لا يجد المواطن العادي مبررا كافيا للمشاركة في الانتخابات وتحمل تكلفتها الكبيرة خاصة فيما يتعلق بإمكانية تعرضه للعنف من قبل أجهزة الأمن أو "بلطجية" المشرحين، لذا يفضل البقاء في البيت كما فعل ويفعل غالبية الشعب المصري على مدى انتخابات مجلس الشعب خلال عهد مبارك.
ثالثا: من يشاركون في الانتخابات وهم حوالي 20 % من الشعب يشاركون فيها لأنهم مضطرون لذلك، وهم في الغالب الطبقات الأكثر فقرا والأقل تعليما. هؤلاء يضطرون للمشاركة في الانتخابات أملا أو طمعا، فالبعض يحصل على ثمن مباشر لمشاركته (بيع الأصوات) وآخرون يتم حملهم على المشاركة من خلال الوعود أو من خلال حافلات المؤسسات التي يعملون بها.
لذا ترتفع نسب المشاركة في القرى والأحياء الفقيرة ووسط بعض موظفي الحكومة وعمال شركات القطاع الخاص.
وهذا يعني أننا أمام عملية سياسية منقلبة رأسا على عقب، فالمفترض في غالبية الدول أن عاتق المشاركة السياسية يقع على أكتاف الطبقات المتعلمة والوسطى التي تريد المشاركة حماية لانجازاتها ولنظام دولتها وقيمها.
ولكن يبدو في مصر أن المرشحون أثرياء يعبرون عن أقلية في الشعب المصري، والمصوتون فقراء يستخدمهم الأثرياء كمستودع للأصوات يوم الانتخابات.
الكتاب يحتوي على عدد كبير من الإحصائيات عن حجم التصويت في كل محافظة من محافظات مصر، والتي تكشف عن عزوف عام عن التصويت بكل أنحاء الجمهورية، وعن ارتفاع ملحوظ في التصويت بالمحافظات الريفية والمناطق الأكثر فقرا (تصوت بنسبة حوالي 30%)، أما المحافظات الأكثر تنمية كالعاصمة القاهرة فلا يصوت فيها سوى 12% تقريبا من السكان.
رابعا: تتراجع أعداد المصوتين كلما زاد الإشراف القضائي على الانتخابات مما يحد من عمليات التلاعب في كشوف المصوتين، ولكن زيادة الرقابة القضائية تزيد من ظاهرة الرشاوى الانتخابية، فزيادة الإشراف القضائي يقلل من إمكانية تزوير كشوف الناخبين ويدفع بعض أثرياء المرشحين لشراء مزيد من الأصوات التي كان يمكن أن يحصلوا عليها مجانا أو بتكلفة أقل لو توفرت لهم فرصة تزوير أكبر عدد من السجلات في غياب الرقابة القضائية.
خامسا: لم يحدث تغييرا كبيرا في أعداد المرشحين لخوض الانتخابات على مدى عهد مبارك والتي تتراوح حوالي 6-8 مرشحين لكل مائة ألف مواطن.
المهم هنا هو هو تغير طبيعة المرشحين أنفسهم، فأعداد المرشحين المستقلين في تزايد بشكل مستمر، وهذا على حساب مرشحي الأحزاب بما فيها الحزب الوطني، وهذا يعني أن ثقة النخب السياسية والاقتصادية الجديدة في الأحزاب القائمة في تراجع وأنها تفضل خوض الانتخابات مستقلة.
سادسا: تمتلك أجهزة الدولة أساليب كثيرة للتأثير على نتائج الانتخابات قبل أن تبدأ، وذلك من خلال التحكم في آليات هامة مثل تسجيل المرشحين وتقسيم الدوائر الانتخابية، فإذا أرادت الأجهزة الأمنية إسقاط مرشح ما لحساب أخر مفضل لديها قامت برسم دائرته بشكل يفقده مناصريه أو يضمن مؤيدين لمنافسه.
وهذه قضية على أعلى قدر من الأهمية لا يتم التعامل معها كثيرا من قبل وسائل الإعلام، وتستحق الاهتمام في موسم الانتخابات الراهن وفي المستقبل.
الكتاب يقول أيضا أن دوائر الانتخابات لم تقسم في الماضي بشكل متساوي بين المرشحين، وهذا يعني هدم قاعدة التمثيل المتساوي، فمن المفترض أن يمثل أعضاء البرلمان الشعب المصري بشكل متساوي، وذلك عن طريق تقسيم الدوائر الانتخابية لتضمن أعداد متقاربة من المواطنين، وهو ما لم يحدث في مصر في الانتخابات السابقة، فبعض الدوائر تضم 18 ألف ناخب فقط، وبعضها يضمن أكثر من 350 ألف ناخب، مما يعني أن هناك اختلاف في نسبة التمثيل تتراوح بين 1-20 مرة.
سابعا: بما أن الحزب الوطني هو الحزب الحاكم والمسيطر على الدولة والحكومة والبرلمان في آن واحد، فلا مانع من أن تستخدم سياسات الدولة نفسها لخدمة أهداف الحزب، فقبل الانتخابات تبادر الدولة بإعلان عدد لا بأس به من السياسات والعلاوات والمزايا التي تصب في صالح موظفي الدولة والطبقات الفقيرة التي تمثل المستودعات الأساسية لناخبي الحزب الوطني الحاكم.
وهنا يرصد الكتاب بالأرقام ظاهرة على أعلى قدر من الأهمية وهي ظاهرة تراجع قدرة الدولة على التوظيف وتقديم الدعم وتوفير الموارد اللازمة لإرضاء قطاعات واسعة من المواطنين، وذلك في مقابل تزايد قدرات القطاع الخاص، ولهذا صعد نجم رجال الأعمال والمستقلين خلال العقدين الماضيين، فالدولة لم تعد قادرة على شراء الرضا والأصوات كما كان الحال في الماضي، وعمال القطاع العام في تراجع، في حين أن عمال القطاع الخاص في تزايد.
لذا صعدت طبقة رجال الأعمال، واتجه الحزب الوطني نحوهم لضمهم تحت قيادة ما يسمى بمجموعة "الفكر الجديد".
ويقول الكتاب أن مجموعة "الفكر الجديد" داخل الحزب الوطني ضمت مجموعة من المثقفين لتحسين صورة الحزب، وهؤلاء المثقفون لا حول لهم ولا قوة عندما يتعلق الأمر بالمشاركة السياسية أو الترشيح للبرلمان، أو خوض الانتخابات، فهم لا يمتلكون المال أو أدوات العنف اللازمة لخوض تلك الانتخابات، ويقتصر دورهم على التنظير والإعلام وتحسين الصورة.
أما المجموعة الثانية فهم رجال الأعمال، والذين يمتلكون المال لشراء الأصوات والأتباع والبلطجية إذا لزم الأمر، لذا بات الحزب في توجهه الجديد وكأنه حزب رجال الأعمال الذين يتزايد تمثليهم في البرلمان والحكومة بشكل مضطرد.
ثامنا: أحزاب المعارضة كالوفد والتجمع وغيرهم في تراجع مستمر وتلاقي الهزيمة بعد الأخرى، وذلك لأسباب داخلية مثل غياب الديمقراطية الداخلية، وأسباب خارجية مثل قبضة الدولة الشديدة على الانتخابات والحياة السياسية بشكل عام.
تاسعا: الأخوان هم الأقدر سياسيا حاليا على منافسة الحزب الحاكم، بل يبدون أحيانا أكثر نظاما وانضباطا من الحزب الوطني، فالأخوان – كما ترصد الدراسة - يخوضون الانتخابات موحدون، والسياسة المصرية لا تعرف حتى الآن ظاهرة "مرشح الأخوان المستقل"، في حين يعاني الحزب الوطني بشكل متزايد كل موسم انتخابات من منافسة مئات المرشحين المستقلين المنشقين عن الحزب.
كما أن الأخوان الأكثر قدرة على الوصول إلى الطبقة الوسطى على عكس الحزب الوطني، وهم الفئة الغائبة في الانتخابات المصرية، والفئة الأهم، ويقول الكتاب أن مرشحي الأخوان ينتمون في غالبيتهم للطبقة الوسطى، وأنهم ينجحون في حشدها وفي حشد الناخبات أيضا، وهذا يرجع إلى إستراتيجية الإخوان منذ الثمانينات وهي إستراتيجية انتخابية بامتياز حرصت على التواصل مع الناخبين من خلال مشاريع خدمية مباشرة.
وتقول الدراسة أن الإخوان لا يدفعون برجال أعمالهم إلى الانتخابات، ويفضلون خوضها بمرشحين يمثلون الطبقة الوسطى كأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين خاصة من تدربوا منهم على العمل النقابي، وهذا لا يعني أن الإخوان لا يمتلكون مناصرين في طبقة رجال الأعمال والأثرياء، فهم يعتمدون في حملاتهم على إمكانات مادية كبيرة، ولكن من الواضح أن الإخوان لم يدفعون بأثريائهم إلى مقدمة العمل السياسي.
وتشير الدراسة إلى أن الأخوان لم يحشدوا دعم غالبية الشعب المصري، فالغالبية العظمى تقاطع الانتخابات، وما حصل عليه الإخوان في انتخابات عام 2005 لا يتعدى 1.9 مليون صوت بعد الضغوط الكثيرة التي تعرضوا إليها خاصة في المرحلة الثانية والثالثة من التصويت، وهذا يعني أن الصراع على غالبية الناخبين المصريين مازال مفتوحا على مصراعيه.
عاشرا: المصريون الأقباط يشعرون بالتهميش وبقدر كبير من الإحباط، فهم مستبعدون تقريبا عن البرلمان منذ عام 1957 والذي شهد أول انتخابات برلمانية في عهد ثورة يوليو، والتي قضت على الأحزاب الليبرالية كالوفد التي كانت قادرة على ضم الأقباط والصعود بهم إلى قبة البرلمان في إطار من التسامح الديني.
أما الحزب الوطني فلا يبدو معنيا بالدفع بعدد أكبر من الناخبين الأقباط بين صفوفه، فهو مشغول بالسلطة بالأساس وبالدفع بمرشحين قادرين على الفوز في الانتخابات كما يشير الكتاب ضمنا، كما يرفض الحزب الوطني إجراء الانتخابات وفقا لنظام القائمة النسبية، والذي يمكن أن يسمح بتمثيل متزايد للفئات المهمشة كالنساء والأقباط.
في المقابل تعيش الكنيسة المصرية حالة من التعبئة السياسية الحريصة على تسجيل أكبر عدد من الناخبين الأقباط في السجلات الانتخابية وتشجيعهم على التصويت على أمل إحداث الفارق وتمثيل أنفسهم أو إجبار الآخرين - وخاصة الحزب الوطني - على تمثيلهم.
وهنا يشير التقرير إلى مظاهر عديدة للدعم المباشر من قبل كنائس مصرية ورجال دين مسيحيين لمرشحي الحزب الوطني في انتخابات سابقة، ويقول أن استمرار الكنيسة في جهودها الرامية لتسجيل أكبر عدد من الناخبين الأقباط وحثهم على المشاركة قد يعني قريبا أننا أمام كتلة ناخبين أقباط تبلغ 3-4 ملايين ناخب قادرة على إحداث الفارق في أي انتخابات.
في النهاية لا ننسى أن نؤكد على أهمية الكتاب، وعلى أهمية ما ورد فيه من معلومات وإحصاءات عديدة ومفيدة يستحيل إيفائها حقها من العرض والتحليل في مقال واحد.
كما نأمل أن نكون قد ساهمنا – من خلال مقالنا هذا - في لفت الأنظار إلى الدراسة الهامة وتشجيع أكبر عدد من المعنيين على قراءتها والاستفادة منها في فهم الموسم الحالي من انتخابات مجلس الشعب المصري.
----
للإطلاع على النص الكامل للمقال، يرجى زيارة الموقع التالي:
http://www.mosharka.org/index.php?newsid=172
Monday, November 22, 2010
Has Egypt's ruling party grown fat?
http://english.aljazeera.net/indepth/2010/11/201011211241793913.html
By: Alaa Bayoumi, AlJazeera.net, 22 Nov 2010
Egypt's ruling National Democratic Party (NDP) surprised many observers earlier this month, when it announced that it had chosen approximately 800 of its members to compete for the 508 seats in the lower house of parliament in upcoming legislative elections.
It is a decision that means more than 50 per cent of NDP candidates will be competing against members of their own party.
"The NDP is making history," wrote Waheed Abd El-Majeed in the independent daily newspaper Al-Masry Al-Youm.
"The history of political parties around the world does not know a party that had more than one candidate competing over the same seat in the same election .... What is happening means that the NDP is running against itself."
Disunity
The move may also reflect the NDP's failure to unite competing forces within the party ahead of the crucial vote that could set the political scene for a presidential election next summer.
The NDP, which has been in power since its inception in 1978, is widely seen as a loose political body, lacking in unity and ideological cohesion, which Egyptians join not out of support for its policies or ideological affiliation but because they want to enjoy the benefits that come from being close to the ruling elite.
"The party of the government ... is capable of attracting hundreds of thousands of fake members who join it for selfish interests or political immunity," wrote Amr al-Shobaki in Al-Masry Al-Youm. "This is what happened to the NDP, which opened up to diverse members from all political colours to the extent that it became unable to meet the demands of its thousands of members seeking their own selfish interests.
"Instead of educating them politically and teaching them about the values of civil state, the party did nothing. It left its millions of members in a state of chaos and self-contradiction."
In the last two parliamentary elections hundreds of NDP members suffered humiliating defeats at the hands of former colleagues who had left the party after failing to win its nomination. Choosing to run as independents, they then re-joined the NDP after successfully defeating their former colleagues at the polls.
In the 2005 legislative elections, 166 former NDP members ran and won as independents and then re-joined the party, compared to the 145 NDP candidates who were elected. In the 2000 elections, the gap was wider still - 170 NDP nominated candidates were elected, compared to 218 who ran as independents.
An identity crisis
This phenomenon has left a deep scar on the image of NDP, revealing, according to Abd El-Majeed, that "the party that is supposed to lead the country is incapable of leading itself".
"The NDP is not a party whose members agree on common principles and goals, as we expect from parties around the world," he noted. "In contrast, it is a tool in the hands of its members to achieve their own selfish and personal interests."
It is this image that the party has been trying to fight - through its media and political machines - over the past decade.
"In contrast to other parties, the NDP has not known internal divisions," wrote Ali Eldin Hilal, the head of the NDP's media committee, in his recently published book The Egyptian political system: 1981-2010.
"The presence of the head of the state on the top of the party had a decisive role in ending disputes and preventing them from going beyond (normal) limits. Yet, it is expected that opinion differences among NDP members will increase with the rise in party activism. It is also expected that such difference will be reflected in party discussions and debates. But, they will not lead to splits. This is because of the structural flexibility of the party and its internal political culture, which could contain difference within the core principles of the party."
New guard
The presence of the president at the head of the party may, as Hilal writes, have prevented leadership disputes or significant splits in the party, but it may also be responsible for the failure of the party to develop a strong sense of identity or mission.
As a result - and under the influence of the so-called new guard, including Hilal and Ahmed Ezz, the influential head of the party's organisational committee, and led by the president's son, Gamal Mubarak - the NDP went through a "review process" in 2000.
The new guard wanted to reflect a new, modern image for the NDP. They opened its executive office to more members, created more decision making bodies and instituted periodical elections as a way of selecting its local and national leaders.
According to Hilal, the NDP held elections in 6,662 local units last year and 64 per cent of those elected were new party executives.
Ahead of this year's parliamentary elections, the party's organisational committee organised, for the first time, a three-level process to select party nominees. This selection process included a public vote by the party's 2.5 million members, which was intended to ensure that the will of party members was reflected in the nominations and to end the phenomenon of party defectors running as independents.
To guarantee that only those selected by the party would be able to run, the NDP did not submit its list of candidates to the electoral commission until November 7, the last day of the registration period.
Despite this, when the party announced that it was nominating approximately 800 candidates from the 4,000 initial contenders, it became clear that it would be unable to contain its competing forces.
Many of those excluded protested. Some said they would cancel their party memberships, while others announced that they would support the opposition in the upcoming vote.
Elections without politics
Some analysts have branded the NDP's decision to field candidates against each other as the latest manifestation of the identity crisis of an "obese" party that is incapable of controlling its membership. But others have noted that the party is only fielding more than one candidate in less important districts where there is no senior NDP candidate or serious opposition contender running.
Yasser Hassan, a senior member of al-Wafd party,
Hassan does not believe this policy will damage the party's campaign. "The leaders of the ruling party support their candidates in two stages. First, they announce several candidates running for the same seat. At a later stage and shortly before election day the party will choose one candidate from all the contenders and support him based on his popularity inside his district."
Safwat al-Sahrif, the general secretary of the NDP, has also justified the decision, telling the party's newspaper Al-Watani Al-Youm: "The party introduced more than one candidate in some districts ... to give the voters the opportunity to express their will in choosing their representative."
An anonymous senior NDP leader told the London-based al-Hayat newspaper that "having several candidates run for the same seat is a way to gain voters' support through offering them more than one choice to select from .... We also thought that we should avoid more internal divisions and the need to pressure winning independent candidates to join the party after the elections in order to secure [a] ... majority".
But, the heated debate over the NDP's election strategy may only have served to further alienate Egyptians and to deepen their mistrust of the political process.
"Citizens, in any election around the world, listen to party programmes and compare ... the approaches and performances of the candidates. But, in
"You could see bullies not voters ... An election without voters will only mean more chaos, violence and vote rigging .... It is sad to see elections without politics."
Saturday, November 13, 2010
قراءة في كتاب: مراجعات الحركة الإسلامية السودانية: عشرون عاما في السلطة .. المسيرة، التجرية، المستقبل
يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره:
www.alaabayoumi.com
نص العرض:
كتاب "مراجعات الحركة الإسلامية السودانية" لو تحول إلى فيلم لفاز بأحد جوائز أوسكار ككتاب صغير مميز عن الحركات الإسلامية في العالم العربي لعام 2010، فالكتاب كتبه إسلاميون سودانيون عن الإسلاميين في السودان ونشره إسلاميون، ومع ذلك يحتوي على نقد لاذع للإسلاميين لو كتبه علمانيون لاتهموا بالتربص بالحركات الإسلامية في السودان وعبر العالم العربي.
الكتاب يقول أن ثورة الإنقاذ الإسلامية في السودان (1989) هي الثورة الإسلامية الأولي في العام الإسلامي السني، وأنها توفر لها من المقومات الشكلية الكثير، فقد جاءت إلى الحكم بانقلاب عسكري يقوده إسلاميون من خلف الستار على رأسهم شيخ كاريزمي (حسن الترابي) يحرك قيادات الجيش التي استولت على الحكم نيابة عن الشيخ كعرائس مسرح في سرية واقتدار، وذلك بعد أن قضى الترابي ورفاقه عقود في قيادة الحركة الإسلامية على المستوى الطلابي والشعبي وفي صفوف المعارضة.
وسرعان ما أنقلب السحر على الساحر لينقسم الإسلاميون السودانيون على أنفسهم ويزجوا بعضهم في السجون، وتبقي الحركة بعد أكثر من عشرين عاما في الحكم في حالة حيرة وأزمة هوية عميقة يتساءل أبنائها حول ما إذا كانوا حركة إسلامية حقيقية تؤمن بقيم الإسلام وتسعى إلى تطبيقها بعيدا عن شغف الدنيا، أم أنهم كغيرهم تاهوا في السلطة فأفقدتهم إسلاميتهم فصاروا في مرتبه ربما أقل من الساسة العلمانيين.
هذه المقدمة الدراماتيكية هي أحد الخلاصات التي يمكن أن تخرج منها من قراءة الكتاب، والذي يتميز بسهولة أسلوبه وصغر حجمه، فهو عبارة عن عدد من المقالات القصيرة والمتوسطة الحجم التي نشرت على موقع إسلام أون لاين بالأساس في فترات متقاربة حول عام 2008، وتم جمعها في كتاب بمناسبة مرور 20 عاما على حكم الإسلاميين في السودان.
عيوب منهجية
ويعيب الكتاب منهجه القائم على تجميع مقالات صحفية أو بحثية قصيرة ونشرها في كتاب واحد، وهو منهج يبدو منتشرا في بعض الكتب العربية بدون سبب علمي واضح، فمقال الصحافة يظل دائما مقالا مختصرا مقتضبا يثير من الأسئلة أكثر ما يقدم من الإجابات، بل أنه أحيانا يؤدي إلى خلط الأمور على القارئ لتركيزه على قضايا بعينها وتضخيمه لها كطبيعة أي مقال صحفي.
لذا نشعر في نهاية الكتاب أن منهجه القائم على المقالات الصحفية أضره وأنه تركنا في حيرة من أمرنا حول ما إذا كان ينبغي علينا تصديق كل ما جاء فيه والاطمئنان إليه، وسبب حيرتنا هو أن الكتاب لم يغط بعمق مختلف الجوانب المتعلقة بالحركة الإسلامية في السودان فهو لا يتضمن تأريخا واضحا لجذورها أو لإنجازاتها في الحكم أو للبيئة الداخلية التي عملت فيها أو الدولية التي تحركت في ظلها.
فالكتاب يتناول جميع النقاط السابقة في مقالاته الصحفية المختصرة تناولا سريعا يشعرك بأنك مررت عليها مرور الكرام دون التعمق في أي منها كالمسافر في قطار سريع، بعكس ما تنتظر عادة من الكتب التي تسير بك ببطء وتمكن وعمق، لهذا يمكن النظر إلي الكتاب كمقدمه عن حصاد الحركة الإسلامية في السودان دون أن يكون نقدا منهجيا شاملا لتجربتها.
عموما الكتاب مكتوب بأقلام إسلاميين سودانيين مما يعطيه مصداقية خاصة، كما أنه يؤكد عدد من المخاوف السائدة عن الإسلاميين في أوساط الإعلام العربي، ويأتي على رأسها ضعفهم المؤسسي وسطحية فكرهم السياسي وأزمة الهويات المتصارعة التي يعانون منها.
ثورة الإنقاذ
الكتاب يقول أن الحركة الإسلامية في السودان هي خليط من الإخوان المسلمين والحركات الصوفية والسلفيين والحركات الدينية التقليدية، وأن وجودهم التنظيمي والحركي في السودان يعود للأربعينيات كردة فعل على حالة التغريب التي سيطرت على الحياة العامة السودانية، والتي أتت بأحزاب شيوعية إلى الحكم في بلد عربي مسلم، وأن وجودهم ظهر في الجامعات والمساجد ومؤسسات المجتمع، واستمروا في حالة تفاعل – تتراوح بين المعارضة والصدام والمشاركة - مع الحكومات السودانية المتعاقبة حتى قرروا الثورة العسكرية عليها في عام 1989، ونجحوا.
الكتاب يقول أن الإسلاميين في السودان لم يسعوا إلى انقلاب عسكري بالضرورة، ولكنهم اضطروا إليه بعد أن أيقنوا - خلال تجربتهم السياسية الطويلة - أن أفضل وسيلة لحمايتهم حركتهم هي التوغل داخل مؤسسات الحكم وعلى رأسها الجيش، ولم أحسوا بقرب الانقلاب عليهم وزجهم في السجون كما حدث سابقا – قاموا بالثورة وأطاحوا بحكومة الصادق المهدي في 1989 واستولوا على الحكم.
الثورة قادها على السطح عسكريون يقودهم الرئيس السوداني الحالي عمر البشر، وشيوخ من خلف الستار يقودهم حسن الترابي (القائد التاريخي للحركة الإسلامية السودانية).
حسن الترابي ظل خلف الستار يحرك البشير وأصحابه لفترة حتى لا يكتشف العالم الطبيعة الإسلامية للثورة خوفا من الإطاحة بها في مهدها، وحتى يتمكن الإسلاميون أولا من "تمكين أنفسهم" في السلطة ومؤسسات الحكم والتخلص من المعارضين لهم ومن يمثلون خطرا على قيمهم ودولتهم.
مشيخة بلا شورى أو مؤسسات
وهنا تظهر مشاكل عديدة تمحورت حول شخصية الترابي وأسلوب إدارته للثورة، فالكتاب يقول أن الترابي رجل يشعر بثقة مفرطة في النفس وفي إمكاناته وفي قدرته على قيادة الآخرين، فقد قاد الثورة من خلف الستار "كشيخ" لها وليس كحاكم مسائل يعمل بشفافية.
كلمة شيخ هنا تستخدم – كما ورد في بعض أجزاء الكتاب - بمعناها النمطي السلبي، والذي يعني أن الترابي – كما يقول الكتاب – رأي في نفسه شيخ الثورة الملهم غير المسائل، والذي يحق له أن يفعل ما يشاء بدون نقاش أحيانا، وأن يسلط على أتباعه غضبه العلني ونقده اللاذع أحيانا بلا رابط، وقد فعل ذلك من منطلق أخلاقي وإيمان بأنه على حق.
وهذا بالطبع يجسد أكبر المخاوف من تسلم الإسلاميين للسلطة في أي بلد كما يشاع عنهم في وسائل الإعلام العربية على أيدي كتاب علمانيين في أغلب الأحيان.
ولكننا هنا أمام كتاب كتبه إسلاميون سودانيون بالأساس، فالكتاب يقول أن الترابي أدار الثورة بدون شفافية وجمع خيوط اللعبة المعقدة والمتناقضة في يديه فلما تعرض لحادث اعتداء في كندا عام 1992 - غاب الترابي بسببه عن الساحة السياسية لفترة – ظهرت على السطح أسرار عديدة وخيوط متضاربة كثيرة كان الترابي وحده الذي يمسك بأطرافها مما خلق حالة من التشاحن والصدمة والتضارب والصدام بين أتباعه. (أنظر المقال الخامس: الحركة الإسلامية السودانية مرونة البدايات، بقلم د. مصطفى إدريس بشير)
هذا يعني أننا أمام قائد لم يسعى لبناء مؤسسات واضحة للحكم، ولا لإرساء تقاليد ديمقراطية أو شورى إسلامية شفافة، بل على النقيض فعل كما يفعل غيره وأمسك بخطوط اللعبة في يديه وحده في سرية تامة.
حركة استيلاء على السلطة
الخطيئة الثانية للإسلاميين في السودان وتجربتهم السياسية – والتي تطل عبر صفحات الكتاب – هي ضعف فهمهم للسياسة.
فالكتاب يكاد يصور الحركة الإسلامية بأنها "حركة استيلاء على السلطة" مثلها مثل عدد كبير من الحركات السياسية العربية السلطوية، ونعني بذلك أن الحركة سعت بالأساس للاستيلاء على السلطة ظنا منها بأنها أحق بالسلطة من غيرها، وأنها أقدر على إدارة دفة الحكم من معارضيها.
وهنا انطلق الإسلاميون في السودان مرة أخرى من شعور أخلاقي متعالي يجعلهم يشعرون بأنهم أفضل من غيرهم، وأنهم لو وصلوا للسلطة لحققوا الحكم الرشيد دون فهم حقيقي لمعنى السلطة أو لمعني الحكم الرشيد.
فالكتاب يتحاور ويستكتب أكثر من مؤلف يصفهم بأنهم مفكرون إسلاميون سودانيون، ويجمع هؤلاء على أن الحركة الإسلامية السودانية بقيادة الترابي لم تملك فكرا سياسيا واضحا أو عميقا، بل أنها حاربت الفكر السياسي خاصة والفكر الإنساني عامة.
فالحركة – كما يؤكد الكتاب – كانت تنظر للفكر السياسي كنوع من السفسطة التي لا طائل منها، والتي لن تؤدي إلا إلى الانقسام والفرقة بين أتباعها، ورأت في المقابل أن من الأفضل لها التركيز على التربية الدينية لكوادرها وعلى التنظيم الحركي لهم.
بمعني أخرى فرضت الحركة الإتباع على أبنائها، ولم تعطهم الفرصة لفهم ما يجري أو للمشاركة في عملية شورى حقيقة، وكيف يمكن ممارسة الشورى والحركة يقودها شيخ ملهم يضع نفسه فوق الجميع، فالشورى تكون بالأساس بين أفراد متساويين في الحقوق والواجبات والمعلومات أيضا.
وهنا يقول الكتاب أن الحركة رفضت الفكر السياسي وقمعته، لذا عندما وصلت للسلطة وجدت نفسها في حالة بدائية فكرية سياسية، فالحركة أمنت دوما بأفكار إسلامية عامة مستقاة من النموذج الإسلامي التاريخي (عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين)، وهو عهد بعيد عنا بقرون، كما أن المفاهيم الإسلامية الأصيلة لا تطبق نفسها بنفسها في الوقت الحاضر.
لذا وجد الإسلاميون أنفسهم في حالة ارتباك أمام مؤسسات الدولة العديدة التي لم يدرسوها في أدبياتهم البسيطة، وأمام المعاهدات والمؤسسات الدولية المعقدة، وأمام أزمات السودان المتفاقمة.
ويقول الكتاب أن الحركة نجحت في نشر مظاهر التدين في الحياة العامة السودانية، ونجحت في إدارة بعض جوانب الاقتصاد السوداني، وفي حشد السودانيين للقتال ضد تمرد الجنوبيين، ولكنه يبدو أنها فشلت في نواحي سياسية أخرى عديدة.
فقد فشلت في بناء مؤسسات سياسية ديمقراطية وفي إرساء التقاليد الديمقراطية بين أبناءها ووسط صفوفها وأنتهي بها الحال إلى الانقسام والصدام مع بعضها بعضا والشعور المؤلم بالفشل.
وهنا يقول الكتاب أن هناك فارق بين التدين والسياسة، فالمتدين المخلص ليس بالضرورة سياسيا ناجحا أو طبيبا ماهرا أو عالم فضاء نابغا، فمن أراد العمل في السياسة أو الطب أو الهندسة فعليه تعلم السياسة أو الطب أو الهندسة، فالتقوى وحدها لا تكفي.
ونظرا لأن الحركة الإسلامية في السودان افتقرت إلى فهم سياسي عميق، فأنها تحولت للأسف إلى حركة للاستيلاء على السلطة سعت فور الاستيلاء عليها للتخلص من المعارضين لها بغض النظر عن كفاءتهم وسرعان ما حاربت بعضها بعضا. (أنظر المقال الحادي عشر: الحركة الإسلامية السودانية برجماتية أكثر منها نظرية، حوار مع د. محمد وقيع الله)
أزمة هوية وشعور بالغربة
وهذا يقودنا إلى عرض أخر وخطير من أعراض أزمة الحركة الإسلامية في السودان، وهو أزمة الهوية التي تمر بها الحركة الإسلامية السودانية في الفترة الحالية، والتي تبدو أزمة كلاسيكية تطل برأسها في الكتابات العربية عن الإسلاميين.
فالكتاب يؤكد عبر صفحاته وبشكل ملفت للنظر لشعور الإسلاميين بالإحباط واليأس والانكفاء على الذات والندم، فهم يشعرون أنهم خانوا مبادئهم، وأنهم لم يعودوا أتقياء ورعين إسلاميين كما كانوا في الماضي، وأنه كان الأفضل لهم البعد عن السياسة والسياسيين والحكم والسلطة الملوثة والتي لا طائل من ورائها، وكأن لسان حلهم يقول أن لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين.
وهنا تشير بعض مقالات الكتاب (أنظر على سبيل المقال مقال د. غازي صلاح الدين: دعوة لإحياء العمل الإسلامي الوطني) إلى أن المشكلة تكمن في الضعف الفكري للحركة والذي لم يعد أبنائها للتعامل مع الواقع، وجعلهم ينظرون إليه من خلال مفاهيم سطحية براقة مستمدة بعدم فهم من التاريخ الإسلامي الأصيل، فالمفاهيم الإسلامية الأصلية انقطعت عنا تاريخيا بقرون ومع ذلك استعارتها الحركة الإسلامية في السودان في أدبياتها كما هي، ولما وصل الإسلاميون السودانيون إلى الحكم في نهاية الثمانينيات لم يجدوا تلك المفاهيم أمامهم ولا وجود المؤسسات والظروف والمؤسسات التي تسمح لهم بتطبيق تلك المفاهيم ووجدوا على العكس السلطة والمال والسياسة والمصالح فغرق بعضهم في المادية، وشعر بعضهم بغربة شديدة وانقسام على الذات.
وهنا ينصح غازي صلاح الدين وغيره من المؤلفين بالكتاب بضرورة فهم السياسية وتجديد الفهم الديني والبناء على ما قدمه الآخرون، فليس كل ما أنتجه الآخرون من نظم سياسية عربية ومؤسسات دولية أجنبية غير إسلامي، فكثير منه مفيد مما يتطلب فهمه والبناء عليه وليس رفضه وتصور إمكانية البناء الجديد الخالص من كل شوائب، وأن العبرة هي ببناء المؤسسات وتقاليد الحكم الرشيد، والعبرة أيضا بالصبر على العمل العام ومفهمه وتطبيق المبادئ الإسلامية دون العزلة أو الانعزال.
بقى لنا في النهاية أن نؤكد على طبيعة الكتاب الصحفية والتي لم تسمح لنا بفهم تجربة الإسلامية في السودان فهما علميا شاملا، كما أنها لم تقارن بينهم وبين أوضاح نظم الحكم العربية الأخرى، ولكن يبقى الكتاب مقدمه مفيدة وسلسلة عن تجربة الإسلاميين السودانيين في الحكم وأخطائهم كما يراها الإسلاميون أنفسهم.
-----
معلومات الكتاب:
العنوان: مراجعات الحركة الإسلامية السودانية: عشرون عاما في السلطة .. المسيرة، التجرية، المستقبل
إعداد: وليد الطيب
تقديم: د. حسن مكي
الناشر: مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الأولى 2010