انتهيت من قراءة تقرير هيومان رايتس واتش عما حدث في رابعة والصادر في 12 أغسطس
الحالي بعد عام من التحقيقات أجرتها المنظمة الحقوقية الدولية المرموقة للوقوف قدر
الإمكان على حقيقة ما يحدث.
وفيما يلي بعض أهم خلاصات بشكل مبسط.
أولا: نحن نتحدث عن تقرير علمي صادر عن أحد أشهر منظمات حقوق الإنسان في العالم،
تقرير هو الأهم والأشمل والأكثر جدية حتى الآن، تقرير يحترمه كل عاقل في العالم،
وينكره كل عبد العاطي في مصر.
المنظمة خاطبت سلطات الانقلابات للمشاركة بشهادتها في التقرير وتحديث مع مجلس حقوق
الإنسان الانقلابي وقرأت تقريره عن رابعة وتابعة ما ذكره قادة الانقلاب وإعلامهم
وسفرائهم ... ألخ.
من يقول أن التقرير لم يأخذ وجهة النظر الفلانية، جاهل أو انقلابي، التقرير هو احترافي
للغاية يتحدث حتى عن الانتهاكات التي ارتكبها المعتصمون.
ثانيا: ما تم كان مذبحة، جريمة ضد الإنسانية، قتل للمعارضين السياسيين بلا سبب
أمني حقيقي في وضح النهار بقلب القاهرة بالمئات، ناس قتلت بدون سبب، جرحى تم
الاجهاز عليهم، قوات الأمن كانت تفتش أحيانا عن الأحياء وسط الجرحى لتقتلهم، وربما
حرقت بعضهم أحياء، وتم إعدام الأخرين ميدانيا وبعد استسلامهم للسلطات.
ثالثا: الجريمة كانت منظمة، لم تكن مجرد خطأ من قوات الفض، وهذا بشهادة الببلاوي
والسيسي ومحمد إبراهيم ومساعديهم، والذي قالوا أن كان هناك خطة للفض، وكل شيء
تمام، وأن القتلى كان أقل مما تصورا أو استعدوا له.
يعني كانوا مستعدين لقتل أعداد أكبر، ونظرا لكفاءة القوات تم قتل المئات فقط.
رابعا: السلطات لم تحقق ولا يعنيها التحقيق
ولا يعنيها المشاركة في أي تحقيقات، من قتل قد قتل، والسلطات الراهنة ليست معنية
بالعدالة، أو بحقوق الانسان، حتى مجلس حقوق الانسان الانقلابي الذي عينوه لم يردوا
على استفساراته.
قوات الأمن التي فضت الاعتصام صورت الفض بالفيديو من مختلف الزوايا، حتى من
الطائرات التي كانت تحوم فوق الميدان، لديهم الصور والتوثيق، ولن يقدموا الأدلة
لأحد.
خامسا: الجيش والشرطة شاركوا في الفض، قناصة كانوا على أسطح المؤسسات الحكومية
وبعضها كان تابع للجيش، طائرات تابعة للجيش كانت تحوم فوق رابعة، وبعضها أطلق
النار على المتظاهرين وفقا لبعض الشهادات.
سادسا: من يريد التحقيق في الأمر، من كان جادا عليه أن يواجه المسئولين عن المجزرة
ويوقفهم عن العمل فورا، وعلى رأسهم السيسي ومحمد إبراهيم وربما صدقي صبحي، هناك
حاجة لإصلاح كامل لأجهزة الأمن المصرية.
سابعا: ما حدث في المقابل، هو أن من شاركوا في المذبحة تم مكافئتهم وتكريمهم
وترقيتهم، حتى أنهم بنوا لهم نصب تذكاري في ميدان رابعة الذي حرقوه وأعادوا بنائه
فورا ليخفوا أي أدلة.
ثامنا: القانون غائب في مصر إلى حين، لا السلطات القائمة تطبقه، ولا هي تريد تحقيق
العدالة، والمحاكمات التي تقيمها هزلية، والاستهداف للمعارضين السياسيين بالقتل
والسجن، وحتى للإعلام الموضوعي لو أراد نقل الحقيقة.
تاسعا: التقرير حجة دولية قوية، ولكن الخارج لم يفعل الكثير، الخارج ليس مشغولا
بالاعتبارات الاخلاقية أكثر من انشغاله بالمصالح السياسية.
عاشرا: مصر دخلت عصر الجرائم ضد الانسانية لأسباب سياسية، جريمة ضد الانسانية
ارتكبت على أرض مصر، والعدالة غائبة، ولا يوجد حل عادل قريب، وهناك المئات ممن
شاركوا في تلك الجريمة طلقاء وبعضهم في أرفع المناصب الأمنية والسياسية، الوضع
مقلوب، والقانون منتهك، وكان الله في عون مصر والمصريين.
والله أعلم.