لماذا رفضت وسائل الإعلام الأمريكية إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول؟
بقلم: علاء بيومي
الناشر: الجزيرة نت، 4 مارس 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص المقال
الأزمة الثقافية الدولية المترتبة على نشر صحيفة جيلاندز بوستن الدانماركية رسوما كاريكاتيرية مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم - والتي شغلت العالم خلال الأسبوع الأول من شهر فبراير 2006 - على الأقل - ذات أبعاد عديدة وهامة يأتي على رأسها موقف الإعلام الغربي تجاهها، ففي حين أقدمت صحف أوربية عديدة على إعادة نشر الرسوم المسيئة بدعوى الدفاع عن حرية الصحافة امتنعت الغالبية العظمى من وسائل الإعلام الأمريكية – بما في ذلك أكبرها – عن إعادة نشر الرسوم لأسباب مختلفة
موقف وسائل الإعلام الأمريكية الرافض لإعادة نشر الرسوم المسيئة يحتاج إلى وقفة تحليلية للنظر في أسبابه المعلنة والأخرى البعيدة، على أمل فهم الخلفية الثقافية للإعلام الأمريكي بما يساعد على التعاون الإيجابي معه في المستقبل، وذلك مع تركيز خاص على وسائل الإعلام الأمريكية المكتوبة
الأسباب المعلنة للرفض
في الثامن من فبراير 2006 نشرت صحيفة يو إس إيه توداي الأمريكية مقالا إخباريا لكاتب يدعى بيتر جونسون يتحدث عن موقف الإعلام الأمريكي من قضية إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول (ص)، المقال أشار إلى امتناع غالبية وأكبر وسائل الإعلام الأمريكية عن إعادة نشر الرسوم بما في ذلك شبكات تلفزيونية كبرى مثل شبكات سي إن إن CNN وسي بي إس CBS وإن بي سي NBC، ووكالة أسوشياتد برس، والجرائد الكبرى مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز ويو إس إيه توداي، مؤكدا على أن قرار عدم إعادة النشر أصبح القرار السائد وسط وسائل الإعلام الأمريكية، وإن كان هذا القرار لم يمنع قلة من وسائل الإعلام الأمريكية من إعادة نشر بعض أو كل الرسوم المسيئة، ومن بينها جريدة فيلادلفيا إنكويرير وجريدة نيويورك صن وقناة فوكس نيوز الأمريكية اليمينية المعروفة، هذا إضافة إلى قناة إيه بي سي ABC الأمريكية التي بثت أحد الرسوم ثم أوقفت نشره
قرار قناة إيه بي سي بنشر أحد الرسوم ثم سحبه يعبر في جوهره عن صعوبة قرار عدم النشر على وسائل الإعلام الأمريكية التي اتخذته، لذا أشار بيل كيلر - محرر صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية - في معرض حديثه عن أسباب رفض صحيفته لإعادة نشر الرسوم – إلى أنه دخل مع مساعديه في "جدل طويل وحماسي" قبل إتخاذ قرار نهائي بعدم نشر الرسوم على أساس من أن نشرها سوف "يرى على أنه إهانة متعمدة" للمسلمين مضيفا أن قرار عدم نشر الرسوم "مثل أي قرار أخر بحظر جوانب إحدى القصص الإعلامية ليس قرار سهلا أو مرضيا بشكل كلي"
ولو حاولنا تلخيص الأسباب التي أعلنتها وسائل الإعلام الأمريكية الرافضة لإعادة نشر الرسوم لأمكننا الإشارة إلى عوامل أربعة رئيسية
الأصوات المطالبة بإعادة النشر
في مقابل المواقف السابقة أصرت قلة محدودة من وسائل الإعلام الأمريكية – 12 هيئة إعلامية على الأقل من بين آلاف الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية – على إعادة نشر الرسوم المسيئة، كما نشرت وسائل الإعلام الأمريكية المختلفة – بما في ذلك الرافضة لإعادة نشر الرسوم – مقالات وتقارير لمحللين وخبراء نادوا بإعادة نشر الرسوم لاعتبارات مختلفة، وذلك انطلاقا من مبدأ "حرية الرأي والرأي الأخر"
وفيما يتعلق بحجج أصحاب هذا التوجه فقد ادعوا أن الجريدة الدانماركية نشرت الرسوم حرصا على حرية التعبير وليس بناء على رغبتها في الإساءة للمسلمين، كما رأوا أن إعادة نشر الرسوم هو أمر ضروري تفرضه الدواعي المهنية لمهنة الصحافة التي تحتم تغطية مختلف جوانب الحدث أو الخبر الإعلامي خاصة لو كان هذا الخبر بحجم قضية الرسوم المسيئة التي أصبحت قضية ثقافية دولية، كما رأوا أن المشكلة هي في الشعوب المسلمة والعربية التي لا تفهم مبدأ حرية الصحافة
فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة وال ستريت جورنال
الأسباب البعيدة
الأصوات المطالبة بإعادة نشر الرسوم المسيئة لا يجب أن تمنعنا من البحث عن الأسباب الكامنة في ثقافة وسائل الإعلام الأمريكية والتي دفعتها لاتخاذ قرار عدم النشر الصعب، وسوف نلخص الأسباب السابقة في ثلاثة أسباب رئيسية
أول هذه الأسباب يتعلق بفهم الأمريكيين للعلمانية بصفة خاصة ولقضية التعددية الدينية بشكل عام، فالملاحظ أن وسائل الإعلام الأمريكية انحازت للمسلمين في أوائل عام 2004 بخصوص قضية حظر الحجاب في فرنسا، حيث اجتمعت غالبية وسائل الإعلام الأمريكية على رفض الموقف الفرنسي انطلاقا من الفهم الأمريكي للعلمانية والذي يحرص على حرية التدين وحماية الدين من الدولة ومن تعصب الأغلبية، ومن المنطلق نفسه رأت وسائل الإعلام الأمريكية أن الرسوم الدانماركية غير مبررة ومسيئة للأقلية المسلمة بالدانمارك ورفضت الإنجرار وراء المطالبين بإعادة نشرها
ثانيا: يرتبط بالقضية السابقة قضية متشابكة وهي موقف الإعلام الأمريكي من قضية الهوية والاندماج داخل المجتمعات الغربية، إذ رأت بعض التحليلات الأمريكية – مثل مقال نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز في السابع من فبراير لكاتبة تدعى سارا مولر – أن الأزمة في جوهرها هي أزمة هوية داخل المجتمعات الأوربية ترتبط بنمو الإسلام والمسلمين داخل تلك المجتمعات، مشيرة إلى أن لكل نموذج من نماذج الاندماج تبعاته.
ثالثا: يمكن أيضا الإشارة إلى صعود أحزاب اليمين الراديكالي ببعض المجتمعات الأوربية بما في ذلك
في الخاتمة يجب التأكيد على أن الأسباب السابقة
للإطلاع على النص الكامل للمقال، يرجى زيارة
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/C3EEABFA-70BB-4ADB-A014-DC481FDED263.htm
الناشر: الجزيرة نت، 4 مارس 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص المقال
الأزمة الثقافية الدولية المترتبة على نشر صحيفة جيلاندز بوستن الدانماركية رسوما كاريكاتيرية مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم - والتي شغلت العالم خلال الأسبوع الأول من شهر فبراير 2006 - على الأقل - ذات أبعاد عديدة وهامة يأتي على رأسها موقف الإعلام الغربي تجاهها، ففي حين أقدمت صحف أوربية عديدة على إعادة نشر الرسوم المسيئة بدعوى الدفاع عن حرية الصحافة امتنعت الغالبية العظمى من وسائل الإعلام الأمريكية – بما في ذلك أكبرها – عن إعادة نشر الرسوم لأسباب مختلفة
موقف وسائل الإعلام الأمريكية الرافض لإعادة نشر الرسوم المسيئة يحتاج إلى وقفة تحليلية للنظر في أسبابه المعلنة والأخرى البعيدة، على أمل فهم الخلفية الثقافية للإعلام الأمريكي بما يساعد على التعاون الإيجابي معه في المستقبل، وذلك مع تركيز خاص على وسائل الإعلام الأمريكية المكتوبة
الأسباب المعلنة للرفض
في الثامن من فبراير 2006 نشرت صحيفة يو إس إيه توداي الأمريكية مقالا إخباريا لكاتب يدعى بيتر جونسون يتحدث عن موقف الإعلام الأمريكي من قضية إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول (ص)، المقال أشار إلى امتناع غالبية وأكبر وسائل الإعلام الأمريكية عن إعادة نشر الرسوم بما في ذلك شبكات تلفزيونية كبرى مثل شبكات سي إن إن CNN وسي بي إس CBS وإن بي سي NBC، ووكالة أسوشياتد برس، والجرائد الكبرى مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز ويو إس إيه توداي، مؤكدا على أن قرار عدم إعادة النشر أصبح القرار السائد وسط وسائل الإعلام الأمريكية، وإن كان هذا القرار لم يمنع قلة من وسائل الإعلام الأمريكية من إعادة نشر بعض أو كل الرسوم المسيئة، ومن بينها جريدة فيلادلفيا إنكويرير وجريدة نيويورك صن وقناة فوكس نيوز الأمريكية اليمينية المعروفة، هذا إضافة إلى قناة إيه بي سي ABC الأمريكية التي بثت أحد الرسوم ثم أوقفت نشره
قرار قناة إيه بي سي بنشر أحد الرسوم ثم سحبه يعبر في جوهره عن صعوبة قرار عدم النشر على وسائل الإعلام الأمريكية التي اتخذته، لذا أشار بيل كيلر - محرر صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية - في معرض حديثه عن أسباب رفض صحيفته لإعادة نشر الرسوم – إلى أنه دخل مع مساعديه في "جدل طويل وحماسي" قبل إتخاذ قرار نهائي بعدم نشر الرسوم على أساس من أن نشرها سوف "يرى على أنه إهانة متعمدة" للمسلمين مضيفا أن قرار عدم نشر الرسوم "مثل أي قرار أخر بحظر جوانب إحدى القصص الإعلامية ليس قرار سهلا أو مرضيا بشكل كلي"
ولو حاولنا تلخيص الأسباب التي أعلنتها وسائل الإعلام الأمريكية الرافضة لإعادة نشر الرسوم لأمكننا الإشارة إلى عوامل أربعة رئيسية
الأصوات المطالبة بإعادة النشر
في مقابل المواقف السابقة أصرت قلة محدودة من وسائل الإعلام الأمريكية – 12 هيئة إعلامية على الأقل من بين آلاف الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية – على إعادة نشر الرسوم المسيئة، كما نشرت وسائل الإعلام الأمريكية المختلفة – بما في ذلك الرافضة لإعادة نشر الرسوم – مقالات وتقارير لمحللين وخبراء نادوا بإعادة نشر الرسوم لاعتبارات مختلفة، وذلك انطلاقا من مبدأ "حرية الرأي والرأي الأخر"
وفيما يتعلق بحجج أصحاب هذا التوجه فقد ادعوا أن الجريدة الدانماركية نشرت الرسوم حرصا على حرية التعبير وليس بناء على رغبتها في الإساءة للمسلمين، كما رأوا أن إعادة نشر الرسوم هو أمر ضروري تفرضه الدواعي المهنية لمهنة الصحافة التي تحتم تغطية مختلف جوانب الحدث أو الخبر الإعلامي خاصة لو كان هذا الخبر بحجم قضية الرسوم المسيئة التي أصبحت قضية ثقافية دولية، كما رأوا أن المشكلة هي في الشعوب المسلمة والعربية التي لا تفهم مبدأ حرية الصحافة
فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة وال ستريت جورنال
الأسباب البعيدة
الأصوات المطالبة بإعادة نشر الرسوم المسيئة لا يجب أن تمنعنا من البحث عن الأسباب الكامنة في ثقافة وسائل الإعلام الأمريكية والتي دفعتها لاتخاذ قرار عدم النشر الصعب، وسوف نلخص الأسباب السابقة في ثلاثة أسباب رئيسية
أول هذه الأسباب يتعلق بفهم الأمريكيين للعلمانية بصفة خاصة ولقضية التعددية الدينية بشكل عام، فالملاحظ أن وسائل الإعلام الأمريكية انحازت للمسلمين في أوائل عام 2004 بخصوص قضية حظر الحجاب في فرنسا، حيث اجتمعت غالبية وسائل الإعلام الأمريكية على رفض الموقف الفرنسي انطلاقا من الفهم الأمريكي للعلمانية والذي يحرص على حرية التدين وحماية الدين من الدولة ومن تعصب الأغلبية، ومن المنطلق نفسه رأت وسائل الإعلام الأمريكية أن الرسوم الدانماركية غير مبررة ومسيئة للأقلية المسلمة بالدانمارك ورفضت الإنجرار وراء المطالبين بإعادة نشرها
ثانيا: يرتبط بالقضية السابقة قضية متشابكة وهي موقف الإعلام الأمريكي من قضية الهوية والاندماج داخل المجتمعات الغربية، إذ رأت بعض التحليلات الأمريكية – مثل مقال نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز في السابع من فبراير لكاتبة تدعى سارا مولر – أن الأزمة في جوهرها هي أزمة هوية داخل المجتمعات الأوربية ترتبط بنمو الإسلام والمسلمين داخل تلك المجتمعات، مشيرة إلى أن لكل نموذج من نماذج الاندماج تبعاته.
ثالثا: يمكن أيضا الإشارة إلى صعود أحزاب اليمين الراديكالي ببعض المجتمعات الأوربية بما في ذلك
في الخاتمة يجب التأكيد على أن الأسباب السابقة
للإطلاع على النص الكامل للمقال، يرجى زيارة
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/C3EEABFA-70BB-4ADB-A014-DC481FDED263.htm
No comments:
Post a Comment