بعيدا عن المركز: الثورة الجمهورية وتآكل الديمقراطية الأمريكية
عرض بقلم: علاء بيومي
الناشر: الجزيرة نت، 26 أبريل 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص العرض
الكتاب الراهن مفيد للغاية صعب القراءة نظرا لما يتضمنه من معلومات مرصوصة بعناية فائقة وكثافة عالية تدفع القارئ لقراءة الكتاب من الغلاف إلى الغلاف حتى لا تفوته أي من النقاط العديدة المفيدة التي يتضمنها عن حال الديمقراطية الأمريكية في الفترة الراهنة وتأثير صعود قوى اليمين الأمريكي والحزب الجمهوري على ذلك الحال
الحكمة القديمة باتت أسطورة
الكتاب الصادر عن مطابع جامعة يال الأمريكية - في علامة على دقته وأهميته العلمية - يتحدث بحسرة عن الحكمة القديمة المفسرة للديمقراطية الأمريكية والتي تقول أن عدم مركزية السلطة داخل النظام السياسي الأمريكي هي الضمانة الرئيسية للديمقراطية الأمريكية
عدم المركزية السياسية - في الحكمة القديمة - تأتي من طبيعة المجتمع الأمريكي المليء بالمؤسسات الأهلية والجماهيرية العديدة والمتعارضة والمتصارعة في كثير من الأحيان، ومن التوازن بين السلطات الفيدرالية، ومن ضعف الأحزاب، ومن قوة الإعلام، ومن العدد الكبير من الساسة ومراكز الأبحاث والنخب الفكرية الموجودة على الساحة الأمريكية، ومن الناخب الأمريكي الواعي القادر على عقاب الساسة الأمريكيين المنحرفين عن نقطة الوسط أو المركز
مؤلفا الكتاب – جاكوب هاكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة يال وبول بيرسون أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية كاليفورنيا ببيركلي – يؤكدان على أن الحكمة السابقة باتت بالية غير قادرة على تفسير ما يحدث في النظام السياسي الأمريكي الآن لأنها تهمل تحولات كبرى خالطت الديمقراطية الأمريكية على مدى العقود الثلاثة الأخيرة على الأقل
كفانا حديثا عن المحافظين الجدد وبوش
مقدمة الكتاب تحمل نبرة نقد مكتومة وحزينة لمن يركزون في نقدهم للسياسات الأمريكية الراهنة على الرئيس الأمريكي أو على المحافظين الجدد أو على حروب الإدارة الأمريكية أو حتى على صعود اليمين الأمريكي
وهنا يرى المؤلفان أن المرض الذي أصاب النظام السياسي الأمريكي مرض كبير يفوق جماعة أو مؤسسة بعينها فهو مرض أصاب الناخب الأمريكي نفسه وأصاب العلاقة بين الفقراء والأغنياء بأمريكا وقدرة المؤسسات السياسية الأمريكية والنظام السياسي الأمريكي بشكل عام على الحفاظ على التوازن بين نفوذ الجماعات المختلفة المشكلة للمجتمع الأمريكي
الكتاب يقول أن المجتمع الأمريكي منذ أوائل السبعينات من القرن العشرين يمر بحالة إستقطاب مستمرة تزداد فيها الهوة بين الفقراء والأغنياء، فالفقراء يزدادون فقرا والأغنياء يزدادون ثراءا وشيء أخر أخطر من ذلك، وهو النفوذ السياسي
صفحات الكتاب المرصوصة بعناية والمليئة بكم هائل من الحجج والأرقام والأفكار تقول أن التوازن الحاكم للنظام السياسي الأمريكي إختل خلال العقود الأخيرة
أمريكا لم تتحرك نحو اليمين
يرفض الكتاب الأطروحة التي إنتشرت مؤخرا والتي تقول أن أمريكا بلد يميني متدين بطبيعته وأن إنتشار نفوذ الجمهوريين سياسيا نابع من إنتشار الأفكار اليمينية بشكل طبيعي داخل المجتمع الأمريكي، وهي حجة نادت بها وروجتها بعض الكتب الحديثة وعلى رأسها كتاب "أمة اليمين: قوة المحافظين في أمريكا" لمراسلي صحيفة ذا أكونوميست البريطانية في الولايات المتحدة إدريان ولدريدج وجون مايكلثويت والصادر في عام 2004
في المقابل يرى المؤلفان أن ما حدث هو شيء أخر، ما حدث هو أن قيادات اليمين الأمريكي والحزب الجمهوري تحولت نحو اليمين إيدلوجيا بقوة غير مسبوقة وبشكل يفوق تحرك النخب الليبرالية نحو اليسار، بمعنى أخر يرى المؤلفان أن الإحتقان الإيدلوجي الراهن داخل النظام السياسي الأمريكي هو نابع من تطرف النخب اليمينية والجمهورية بالأساس وليس من تحول الشعب الأمريكي إيدلوجيا نحو اليمين أو من تحول النخب الليبرالية القوي نحو اليسار
أين الخلل
وهنا يطرح المؤلفان سؤال هام وهو ماذا حدث؟ كيف سمح النظام السياسي الأمريكي بهذا التطرف الإيدلوجي والسياسي اليميني
يطرح المؤلفان فكرة - رئيسية بالكتاب – تقول أن النخب السياسية الأمريكية المسيطرة باتت تحرص على إضعاف قدرة المواطن الأمريكي على فهم ما يحدث في واشنطن من خلال عدد من الحيل السياسية الخطيرة، من بين هذه الحيل أسلوب تسويق السياسات والذي يتم بعناية وبتنسيق بين النخب السياسية اليمنية ووسائل الإعلام المساندة لها والنخب الثرية المستفيدة من سياستها، وهو تسويق يركز على أبعاد السياسات الجذابة للمواطن العادي والطبقة الفقيرة ويخفي عنه أثار تلك السياسات الحقيقي عليها وعلى أبناءه في المستقبل
ومن بين تلك الحيل تصميم التشريعات بشكل يخفي مضمونها إذ يعجل بفوائد الفقراء المحدودة ويؤخر عوائد الأثرياء المهولة حتى لا يثير الرأي العام الأمريكي، وعادة ما تتضمن التشريعات بنودا خفية ولكنها خطيرة ذات أبعاد هائلة في المستقبل، كما قد يتضمن تشريعا ما خاص بقضية معينة تشريعات خطيرة مثيرة للجدل تتعلق بقضية أخرى بعيدة تماما عن عنوان التشريع المطروح بهدف إخفاء القضايا المثيرة للجدل عن عيون المواطن الأمريكي
في الفصل الثالث يقول المؤلفان أن الجمهوريين يمارسون الحيل السابقة بنجاح لعدة أسباب رئيسية من بينها سيطرتهم على الكونجرس بمجلسية وقدرتهم على التحكم في الأجندة السياسية وطبيعة التشريعات المطروحة ومواعيد طرحها وعناوينها
في الفصل الرابع يبدأ المؤلفان في تفسير مكمن الخلل بالنظام السياسي الأمريكي، فقولان أنه يبدأ بزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء في أمريكا خلال العقود الثلاثة الأخيرة بشكل مستمر، كما أنه يرتبط بتحول الجنوب الأمريكي بعيدا عن الحزب الديمقراطي ونحو الحزب الجمهوري مما قاد إلى إختلال موازين القوى السياسية لصالح الأخير، كما نجح اليمين الأمريكي في بناء شبكة قوية من المؤسسات السياسية الجديدة المساندة له، وتتكون هذه الشبكة من مؤسسات جماهيرية إيدلوجية ذات علاقات وثيقة بالناخبين اليميين المخلصين مثل الناخبين المسيحيين المتدينين، مرورا بمنظمات اليمين الأمريكي البحثية بواشنطن والتي تركز على نشر الأفكار اليمينية، وانتهاءا بمنظمات النخب اليمينية الثرية والتي تركز على ضخ ملايين الدولارات الأمريكية – في صورة إعلانات أو تبرعات سياسية – للتأثير على الحياة السياسية الأمريكية
ويقول المؤلفان أن سر قوة اليمين الأمريكي يكمن في
يتحدث الفصل الخامس عن الحزب الجمهوري من الداخل فيقول أن الحزب منذ أوائل التسعينات بدأ يتميز بدرجة عالية من المركزية نتيجة لقوة نفوذ قياداته بسبب علاقتهم القوية بالنخب الثرية وبقواعد الحزب الإيدلوجية المتشددة، لذا تمكن القادة من إضعاف نفوذ القوى التقليدية داخل الحزب، وعادة ما تصيغ تلك القيادات سياسات الحزب بالتعاون مع النخب اليمينية الثرية ومنظماتها وشركات اللوبي التابعة لها، ثم تفرض هذه النخب تلك السياسات على أعضاء الحزب الأخرين داخل الكونجرس وفي العادة ما يستجيب هؤلاء الأعضاء للقيادات لواحد من الأسباب الثلاثة التالية: أولا
الناشر: الجزيرة نت، 26 أبريل 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص العرض
الكتاب الراهن مفيد للغاية صعب القراءة نظرا لما يتضمنه من معلومات مرصوصة بعناية فائقة وكثافة عالية تدفع القارئ لقراءة الكتاب من الغلاف إلى الغلاف حتى لا تفوته أي من النقاط العديدة المفيدة التي يتضمنها عن حال الديمقراطية الأمريكية في الفترة الراهنة وتأثير صعود قوى اليمين الأمريكي والحزب الجمهوري على ذلك الحال
الحكمة القديمة باتت أسطورة
الكتاب الصادر عن مطابع جامعة يال الأمريكية - في علامة على دقته وأهميته العلمية - يتحدث بحسرة عن الحكمة القديمة المفسرة للديمقراطية الأمريكية والتي تقول أن عدم مركزية السلطة داخل النظام السياسي الأمريكي هي الضمانة الرئيسية للديمقراطية الأمريكية
عدم المركزية السياسية - في الحكمة القديمة - تأتي من طبيعة المجتمع الأمريكي المليء بالمؤسسات الأهلية والجماهيرية العديدة والمتعارضة والمتصارعة في كثير من الأحيان، ومن التوازن بين السلطات الفيدرالية، ومن ضعف الأحزاب، ومن قوة الإعلام، ومن العدد الكبير من الساسة ومراكز الأبحاث والنخب الفكرية الموجودة على الساحة الأمريكية، ومن الناخب الأمريكي الواعي القادر على عقاب الساسة الأمريكيين المنحرفين عن نقطة الوسط أو المركز
مؤلفا الكتاب – جاكوب هاكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة يال وبول بيرسون أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية كاليفورنيا ببيركلي – يؤكدان على أن الحكمة السابقة باتت بالية غير قادرة على تفسير ما يحدث في النظام السياسي الأمريكي الآن لأنها تهمل تحولات كبرى خالطت الديمقراطية الأمريكية على مدى العقود الثلاثة الأخيرة على الأقل
كفانا حديثا عن المحافظين الجدد وبوش
مقدمة الكتاب تحمل نبرة نقد مكتومة وحزينة لمن يركزون في نقدهم للسياسات الأمريكية الراهنة على الرئيس الأمريكي أو على المحافظين الجدد أو على حروب الإدارة الأمريكية أو حتى على صعود اليمين الأمريكي
وهنا يرى المؤلفان أن المرض الذي أصاب النظام السياسي الأمريكي مرض كبير يفوق جماعة أو مؤسسة بعينها فهو مرض أصاب الناخب الأمريكي نفسه وأصاب العلاقة بين الفقراء والأغنياء بأمريكا وقدرة المؤسسات السياسية الأمريكية والنظام السياسي الأمريكي بشكل عام على الحفاظ على التوازن بين نفوذ الجماعات المختلفة المشكلة للمجتمع الأمريكي
الكتاب يقول أن المجتمع الأمريكي منذ أوائل السبعينات من القرن العشرين يمر بحالة إستقطاب مستمرة تزداد فيها الهوة بين الفقراء والأغنياء، فالفقراء يزدادون فقرا والأغنياء يزدادون ثراءا وشيء أخر أخطر من ذلك، وهو النفوذ السياسي
صفحات الكتاب المرصوصة بعناية والمليئة بكم هائل من الحجج والأرقام والأفكار تقول أن التوازن الحاكم للنظام السياسي الأمريكي إختل خلال العقود الأخيرة
أمريكا لم تتحرك نحو اليمين
يرفض الكتاب الأطروحة التي إنتشرت مؤخرا والتي تقول أن أمريكا بلد يميني متدين بطبيعته وأن إنتشار نفوذ الجمهوريين سياسيا نابع من إنتشار الأفكار اليمينية بشكل طبيعي داخل المجتمع الأمريكي، وهي حجة نادت بها وروجتها بعض الكتب الحديثة وعلى رأسها كتاب "أمة اليمين: قوة المحافظين في أمريكا" لمراسلي صحيفة ذا أكونوميست البريطانية في الولايات المتحدة إدريان ولدريدج وجون مايكلثويت والصادر في عام 2004
في المقابل يرى المؤلفان أن ما حدث هو شيء أخر، ما حدث هو أن قيادات اليمين الأمريكي والحزب الجمهوري تحولت نحو اليمين إيدلوجيا بقوة غير مسبوقة وبشكل يفوق تحرك النخب الليبرالية نحو اليسار، بمعنى أخر يرى المؤلفان أن الإحتقان الإيدلوجي الراهن داخل النظام السياسي الأمريكي هو نابع من تطرف النخب اليمينية والجمهورية بالأساس وليس من تحول الشعب الأمريكي إيدلوجيا نحو اليمين أو من تحول النخب الليبرالية القوي نحو اليسار
أين الخلل
وهنا يطرح المؤلفان سؤال هام وهو ماذا حدث؟ كيف سمح النظام السياسي الأمريكي بهذا التطرف الإيدلوجي والسياسي اليميني
يطرح المؤلفان فكرة - رئيسية بالكتاب – تقول أن النخب السياسية الأمريكية المسيطرة باتت تحرص على إضعاف قدرة المواطن الأمريكي على فهم ما يحدث في واشنطن من خلال عدد من الحيل السياسية الخطيرة، من بين هذه الحيل أسلوب تسويق السياسات والذي يتم بعناية وبتنسيق بين النخب السياسية اليمنية ووسائل الإعلام المساندة لها والنخب الثرية المستفيدة من سياستها، وهو تسويق يركز على أبعاد السياسات الجذابة للمواطن العادي والطبقة الفقيرة ويخفي عنه أثار تلك السياسات الحقيقي عليها وعلى أبناءه في المستقبل
ومن بين تلك الحيل تصميم التشريعات بشكل يخفي مضمونها إذ يعجل بفوائد الفقراء المحدودة ويؤخر عوائد الأثرياء المهولة حتى لا يثير الرأي العام الأمريكي، وعادة ما تتضمن التشريعات بنودا خفية ولكنها خطيرة ذات أبعاد هائلة في المستقبل، كما قد يتضمن تشريعا ما خاص بقضية معينة تشريعات خطيرة مثيرة للجدل تتعلق بقضية أخرى بعيدة تماما عن عنوان التشريع المطروح بهدف إخفاء القضايا المثيرة للجدل عن عيون المواطن الأمريكي
في الفصل الثالث يقول المؤلفان أن الجمهوريين يمارسون الحيل السابقة بنجاح لعدة أسباب رئيسية من بينها سيطرتهم على الكونجرس بمجلسية وقدرتهم على التحكم في الأجندة السياسية وطبيعة التشريعات المطروحة ومواعيد طرحها وعناوينها
في الفصل الرابع يبدأ المؤلفان في تفسير مكمن الخلل بالنظام السياسي الأمريكي، فقولان أنه يبدأ بزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء في أمريكا خلال العقود الثلاثة الأخيرة بشكل مستمر، كما أنه يرتبط بتحول الجنوب الأمريكي بعيدا عن الحزب الديمقراطي ونحو الحزب الجمهوري مما قاد إلى إختلال موازين القوى السياسية لصالح الأخير، كما نجح اليمين الأمريكي في بناء شبكة قوية من المؤسسات السياسية الجديدة المساندة له، وتتكون هذه الشبكة من مؤسسات جماهيرية إيدلوجية ذات علاقات وثيقة بالناخبين اليميين المخلصين مثل الناخبين المسيحيين المتدينين، مرورا بمنظمات اليمين الأمريكي البحثية بواشنطن والتي تركز على نشر الأفكار اليمينية، وانتهاءا بمنظمات النخب اليمينية الثرية والتي تركز على ضخ ملايين الدولارات الأمريكية – في صورة إعلانات أو تبرعات سياسية – للتأثير على الحياة السياسية الأمريكية
ويقول المؤلفان أن سر قوة اليمين الأمريكي يكمن في
يتحدث الفصل الخامس عن الحزب الجمهوري من الداخل فيقول أن الحزب منذ أوائل التسعينات بدأ يتميز بدرجة عالية من المركزية نتيجة لقوة نفوذ قياداته بسبب علاقتهم القوية بالنخب الثرية وبقواعد الحزب الإيدلوجية المتشددة، لذا تمكن القادة من إضعاف نفوذ القوى التقليدية داخل الحزب، وعادة ما تصيغ تلك القيادات سياسات الحزب بالتعاون مع النخب اليمينية الثرية ومنظماتها وشركات اللوبي التابعة لها، ثم تفرض هذه النخب تلك السياسات على أعضاء الحزب الأخرين داخل الكونجرس وفي العادة ما يستجيب هؤلاء الأعضاء للقيادات لواحد من الأسباب الثلاثة التالية: أولا
طريق الإصلاح
في الفصل الأخير من الكتاب يتحدث المؤلفان عن فرص الإصلاح معبرين عن إعتقادهما بأن
للإطلاع على النص الكامل للعرض، يرجى زيارة
في الفصل الأخير من الكتاب يتحدث المؤلفان عن فرص الإصلاح معبرين عن إعتقادهما بأن
للإطلاع على النص الكامل للعرض، يرجى زيارة