حكم أميركا: تاريخ الثروة والقوة في دولة ديمقراطية
عرض بقلم: علاء بيومي
الناشر: الجزيرة نت، 1 مايو 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص العرض
الكتاب الراهن يحاول الإجابة على سؤال على أعلى قدر من الأهمية وهو "من يحكم أمريكا؟"، وذلك من خلال منهج يترفع عن التفاصيل ويحاول تسليط الضوء على الصورة الكبرى من خلال تتبع خصائص النخب الأمريكية وتطورها على مدى التاريخ الأميركي
ويجمع الكتاب – الصادر عن مطابع جامعة هارفرد الأميركية - بين صفحاته ثمانية أبحاث رئيسية يغطي كل منها النخب الأميركية خلال فترة تاريخية معينة بداية من نشأة أميركا وحتى الوقت الراهن، كما يتضمن الكتاب مقدمة وخاتمة - بأقلام محرريه - تحاولان تفسير الخصائص المشتركة للنخب الأمريكية
منهج الكتاب ضد نظرية المؤامرة
في مقدمة الكتاب يتحدث محرراه – وهما ستيف فارسر المحرر والكاتب الأمريكي وجاري جرستيل أستاذ التاريخ بجامعة ميرلاند الأميركية – عن ندرة الدراسات الأميركية التي تتحدث عن دور النخب في التأثير على سياسة أميركا، ويقولان أن ذلك يرجع لعدة أسباب رئيسية من بينها تأكيد الثقافة الشعبية الأميركية على مفاهيم معينة مثل تساوي الأميركيين، وسهولة الحراك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي داخل المجتمع الأميركي، وطبيعة المجتمع الأميركي كبوتقة صهر كبيرة تذوب فيها الأعراق والثقافات والطبقات
كما دفعت الحرب الباردة الأميركيين لرفض الاشتراكية وتركيزها على الصراع الطبقي داخل المجتمعات، أضف إلى ذلك دور النخب الأميركية في نبذ الحديث عن نفوذها وسطوتها داخل المجتمع
ونتيجة للعوامل السابقة يرى محررا الدراسة أن الحديث عن دور النخب الأميركية قد ينظر إليه باستهجان على أنه انخراط في نظرية المؤامرة أو على أنه محاولة لإثارة الصراع الطبقي داخل أميركا
في المقابل يرى المحرران أن التاريخ الأميركي يؤكد على وجود النخب وعلى دورها المحوري، كما يؤكدان على أنها منهج كتابهما بعيد كل البعد عن نظرية المؤامرة
كما يؤكد المحرران على أن النخب الأميركية تعرف كيف تتكيف وكيف تحاول تغيير نفسها تفاديا لثورة الجماهير، وكيف تنظم النخب الإميركية أحيانا الثورات المضادة للرد على الثورات الجماهيرية والشعبية كما حدث في العقود الثلاثة الأخيرة.
الجذور التاريخية للنخب الأميركية الحاكمة
لو حاولنا العودة تاريخيا للوراء – مستفيدين من الكتاب – للبحث جذور النخب الأمريكية الحاكمة حاليا لكان مفيدا لنا أن نبدأ بأواخر القرن التاسع عشر الميلادي، حيث يركز أكثر من فصل من فصول الكتاب - من الرابع وحتى السابع - على تلك المرحلة، والتي شهدت تبلور نخبة أمريكية تعيش في الشمال الشرقي من الولايات المتحدة وخاصة في مدينة نيويورك والتي تحولت إلى المركز المالي بأمريكا وفي مدينة بوسطن والمدن الشمالية الصناعية، كما شهدت نمو مساعي تلك النخب إلى التأثير على العاصمة الأمريكية واشنطن بعد أن بدأت الأخيرة تتمتع بقدر متزايد من النفوذ والسلطة داخل أمريكا بعدما كان يستخف بها في الماضي
وتتحدث فصول الكتاب عن أسر أمريكية معينة مثل أسرة جي بي مورجان والتي كونت ثرواتها من مجال البنوك الإقراض، وأسرة روكفلر العاملة في مجال النفط، وأسرة كارنيجي العاملة في مجال التعدين، وهي جميعها أسر صناعية مالية تمركزت في الشمال الشرقي للولايات المتحدة في مقابل نخب الجنوب والغرب الإقطاعية والاستعبادية الأقل حظا من الثروة والنفوذ في ذلك الحين
وتشير فصول الكتاب إلى أن أسر تلك النخبة تزاوجت فيما بينها، وبنت نواديها الخاصة، ومولت الجامعات الكبرى مثل هارفرد وبرينستون ويال ومن بعدهم كولومبيا وتركزت فيها، كما رفضت تلك النخب البيضاء الأنجلو-بروتستانتينية أن يدخل اليهود والسود والكاثوليك والفقراء نواديها، وتعاملت باستعلاء مع المجتمع في أواخر القرن التاسع عشر، ولكنها شعرت في نفس الوقت بالخوف من الجماهير وبعدم الأمان النابع من تفشي الأخلاق المظهرية والسلبية وعدم الكفاءة داخلها
لذا سعت تلك النخب لإنشاء مدارس خاصة لتعليم أولادها تتميز بالقواعد الأكاديمية والأخلاقية الصارمة، كما بحثت عن ثقافة جديدة تقوم على الرجولة والقوة الجمسانية وتناسق الجسد ورشاقته وعلى حدة الفكر وقوة القرار والشخصية، فنموذج تلك النخب الأخلاقي المثالي هو نموذج السياسي أو الثري المحنك الذي يتمتع بقدر عالي من العلم والذكاء والحكمة والكفاءة، ويتمتع في الوقت نفسه بقوة جسمانية لا تخلو من عصبية وحماس وعدم التردد في منازلة خصومه بالأيدي إذا تطلب الأمر
لذا يرى مؤلفو فصول الكتاب أن هذه الثقافة لم تخلو من نزعة
الناشر: الجزيرة نت، 1 مايو 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص العرض
الكتاب الراهن يحاول الإجابة على سؤال على أعلى قدر من الأهمية وهو "من يحكم أمريكا؟"، وذلك من خلال منهج يترفع عن التفاصيل ويحاول تسليط الضوء على الصورة الكبرى من خلال تتبع خصائص النخب الأمريكية وتطورها على مدى التاريخ الأميركي
ويجمع الكتاب – الصادر عن مطابع جامعة هارفرد الأميركية - بين صفحاته ثمانية أبحاث رئيسية يغطي كل منها النخب الأميركية خلال فترة تاريخية معينة بداية من نشأة أميركا وحتى الوقت الراهن، كما يتضمن الكتاب مقدمة وخاتمة - بأقلام محرريه - تحاولان تفسير الخصائص المشتركة للنخب الأمريكية
منهج الكتاب ضد نظرية المؤامرة
في مقدمة الكتاب يتحدث محرراه – وهما ستيف فارسر المحرر والكاتب الأمريكي وجاري جرستيل أستاذ التاريخ بجامعة ميرلاند الأميركية – عن ندرة الدراسات الأميركية التي تتحدث عن دور النخب في التأثير على سياسة أميركا، ويقولان أن ذلك يرجع لعدة أسباب رئيسية من بينها تأكيد الثقافة الشعبية الأميركية على مفاهيم معينة مثل تساوي الأميركيين، وسهولة الحراك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي داخل المجتمع الأميركي، وطبيعة المجتمع الأميركي كبوتقة صهر كبيرة تذوب فيها الأعراق والثقافات والطبقات
كما دفعت الحرب الباردة الأميركيين لرفض الاشتراكية وتركيزها على الصراع الطبقي داخل المجتمعات، أضف إلى ذلك دور النخب الأميركية في نبذ الحديث عن نفوذها وسطوتها داخل المجتمع
ونتيجة للعوامل السابقة يرى محررا الدراسة أن الحديث عن دور النخب الأميركية قد ينظر إليه باستهجان على أنه انخراط في نظرية المؤامرة أو على أنه محاولة لإثارة الصراع الطبقي داخل أميركا
في المقابل يرى المحرران أن التاريخ الأميركي يؤكد على وجود النخب وعلى دورها المحوري، كما يؤكدان على أنها منهج كتابهما بعيد كل البعد عن نظرية المؤامرة
كما يؤكد المحرران على أن النخب الأميركية تعرف كيف تتكيف وكيف تحاول تغيير نفسها تفاديا لثورة الجماهير، وكيف تنظم النخب الإميركية أحيانا الثورات المضادة للرد على الثورات الجماهيرية والشعبية كما حدث في العقود الثلاثة الأخيرة.
الجذور التاريخية للنخب الأميركية الحاكمة
لو حاولنا العودة تاريخيا للوراء – مستفيدين من الكتاب – للبحث جذور النخب الأمريكية الحاكمة حاليا لكان مفيدا لنا أن نبدأ بأواخر القرن التاسع عشر الميلادي، حيث يركز أكثر من فصل من فصول الكتاب - من الرابع وحتى السابع - على تلك المرحلة، والتي شهدت تبلور نخبة أمريكية تعيش في الشمال الشرقي من الولايات المتحدة وخاصة في مدينة نيويورك والتي تحولت إلى المركز المالي بأمريكا وفي مدينة بوسطن والمدن الشمالية الصناعية، كما شهدت نمو مساعي تلك النخب إلى التأثير على العاصمة الأمريكية واشنطن بعد أن بدأت الأخيرة تتمتع بقدر متزايد من النفوذ والسلطة داخل أمريكا بعدما كان يستخف بها في الماضي
وتتحدث فصول الكتاب عن أسر أمريكية معينة مثل أسرة جي بي مورجان والتي كونت ثرواتها من مجال البنوك الإقراض، وأسرة روكفلر العاملة في مجال النفط، وأسرة كارنيجي العاملة في مجال التعدين، وهي جميعها أسر صناعية مالية تمركزت في الشمال الشرقي للولايات المتحدة في مقابل نخب الجنوب والغرب الإقطاعية والاستعبادية الأقل حظا من الثروة والنفوذ في ذلك الحين
وتشير فصول الكتاب إلى أن أسر تلك النخبة تزاوجت فيما بينها، وبنت نواديها الخاصة، ومولت الجامعات الكبرى مثل هارفرد وبرينستون ويال ومن بعدهم كولومبيا وتركزت فيها، كما رفضت تلك النخب البيضاء الأنجلو-بروتستانتينية أن يدخل اليهود والسود والكاثوليك والفقراء نواديها، وتعاملت باستعلاء مع المجتمع في أواخر القرن التاسع عشر، ولكنها شعرت في نفس الوقت بالخوف من الجماهير وبعدم الأمان النابع من تفشي الأخلاق المظهرية والسلبية وعدم الكفاءة داخلها
لذا سعت تلك النخب لإنشاء مدارس خاصة لتعليم أولادها تتميز بالقواعد الأكاديمية والأخلاقية الصارمة، كما بحثت عن ثقافة جديدة تقوم على الرجولة والقوة الجمسانية وتناسق الجسد ورشاقته وعلى حدة الفكر وقوة القرار والشخصية، فنموذج تلك النخب الأخلاقي المثالي هو نموذج السياسي أو الثري المحنك الذي يتمتع بقدر عالي من العلم والذكاء والحكمة والكفاءة، ويتمتع في الوقت نفسه بقوة جسمانية لا تخلو من عصبية وحماس وعدم التردد في منازلة خصومه بالأيدي إذا تطلب الأمر
لذا يرى مؤلفو فصول الكتاب أن هذه الثقافة لم تخلو من نزعة
من يحكم أميركا الآن؟
يقودنا هذا إلى الحديث عن بداية تبلور النخب التي تحكم أمريكا في يومنا هذا كما يحددها مايكل ليند - الباحث بمركز نيو أمريكان فاوندايشين بواشنطن - في الفصل الأخير من الكتاب، حيث يقول ليند أن جذور النخبة الأمريكية الحالية تعود إلى المرحلة التالية لفترة الكساد الكبير والتي شهدت تدخل الدولة للحد من نفوذ نخب الشمال الشرقي الصناعية والمالية والتي قادت تصرفاتها الأنانية إلى الكساد الكبير، حيث تدخلت الدولة من خلال برامج حكومية كبرى لإعادة توزيع الثروة داخل المجتمع الأميركي - عن طريق نشر الصناعة والتصنيع في الجنوب والغرب الأميركيين، وهي برامج عرفت باسم "العهد الجديد"
ولكي تنجح برامج "العهد الجديد" احتاجت الحكومة الأميركية - تحت قيادة الرئيس فرانكلين روزفلت - إلى بناء تحالف جديد من النخب الأميركية لمواجهة تحالف نخب الشمال الشرقي، وقد تكون التحالف الجديد من نخب شمالية تقدمية معنية بالحقوق المدنية ومعارضة لأنانية نخب الشمال الشرقي التقليدية، ومن نخب جنوبية وغربية أميركية رجعية رافضة لإنهاء نظام العبودية فعليا رغم القوانين والسياسات التي تناهضه، ولكنها في نفس الوقت تريد إنهاء سيطرة الشمال الشرقي الليبرالي على مقاليد الصناعة والبنوك
وكان روزفلت يأمل في أن تؤدي سياسات "العهد الجديد" لتحجيم نفوذ الشمال الصناعي وفي تغيير ثقافة الجنوب والغرب الأميركيين، إذ توقع روزفلت أن يؤدي انتشار الصناعة في الجنوب الأميركي إلى تقوية الأفارقة الأميركيين وتغيير ثقافة الجنوب الرجعية القائمة على رفض حقوق الأقليات والمهاجرين وعلى التشدد الديني والثقافي
ولكن ما حدث لم يكن في الحسبان، إذا أدت سياسات "العهد الجديد" بعد مرور عقود عليها إلى توزيع الصناعات والثروة بنشرها في الجنوب الذي أصبح أكثر ثراءا ولكنه حافظ على ثقافته الرجعية ولم يغير من موقفه ضد الأفارقة الأمريكيين الذين هربوا للشمال في ظروف صعبة متجمعين في المدن الكبيرة التي تدهورت ظروفها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بسبب نزوح أعداد كبيرة من أفارقة الجنوب المشردين إليها وتجمعهم في أحياء غلب عليها الفقر والبطالة والجريمة، مما أدى بدوره إلى نزوح بيض المدن الكبرى إلى الضواحي والمناطق الريفية ومن ثم إلى مدن الجنوب، وبهذا حدث تغير ديمغرافي ضخم نما باستمرار خلال العقود الأخيرة وساعد على إعادة توزيع الثروة والنفوذ السياسي داخل أميركا
ويقول ليند أن عقد الستينات شهد نهاية التحالف بين نخب "العهد الجديد"، إذ ساندت النخب التقدمية ثورة الحقوق المدنية وبقت في الحزب الديمقراطي، أما نخب الجنوب وولايات الوسط الغربي فقد عارضت ثورة الحقوق المدنية وثقافة اليسار الجديد فتركت الحزب الديمقراطي إلى الحزب الجمهوري، حيث أخذت معها ثرواتها التي حققتها منذ الثلاثينات
ويقول ليند أن تحالف جديد بين نخب الجنوب وولايات الغرب والوسط الأميركي من ناحية وقيادات الجماعات الدينية المسيحية من ناحية أخرى بدأ في الظهور منذ أوائل السبعينات، وانضم الحزب الجمهوري في عهد ريجان بقوة لهذا التحالف، كما وجد هذا التحالف في المحافظين الجدد حليفا قويا على ساحة السياسة الخارجية بسبب نشاطهم الفكري والإعلامي
ويرى ليند أن التحالف الجديد سيطرت عليه داخليا ثقافة الجنوب التي تميل إلى التركيز على الصراعات العرقية والإثنية والدينية، إضافة إلى نزعة تلك الثقافة المعادية للأفكار والمثقفين، وإلى ميل تلك الثقافة إلى التحزب والصراع، وبفعل تحالف النخبة الجديد أصحبت ثقافة الجنوب الثقافة السياسية السائدة في أمريكا
أما الديمقراطيون فقد مالوا في المقابل إلى
للإطلاع على النص الكامل للعرض، يرجى زيارة
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/022AAD10-E66C-4939-87C4-4A925B81965E.htm
يقودنا هذا إلى الحديث عن بداية تبلور النخب التي تحكم أمريكا في يومنا هذا كما يحددها مايكل ليند - الباحث بمركز نيو أمريكان فاوندايشين بواشنطن - في الفصل الأخير من الكتاب، حيث يقول ليند أن جذور النخبة الأمريكية الحالية تعود إلى المرحلة التالية لفترة الكساد الكبير والتي شهدت تدخل الدولة للحد من نفوذ نخب الشمال الشرقي الصناعية والمالية والتي قادت تصرفاتها الأنانية إلى الكساد الكبير، حيث تدخلت الدولة من خلال برامج حكومية كبرى لإعادة توزيع الثروة داخل المجتمع الأميركي - عن طريق نشر الصناعة والتصنيع في الجنوب والغرب الأميركيين، وهي برامج عرفت باسم "العهد الجديد"
ولكي تنجح برامج "العهد الجديد" احتاجت الحكومة الأميركية - تحت قيادة الرئيس فرانكلين روزفلت - إلى بناء تحالف جديد من النخب الأميركية لمواجهة تحالف نخب الشمال الشرقي، وقد تكون التحالف الجديد من نخب شمالية تقدمية معنية بالحقوق المدنية ومعارضة لأنانية نخب الشمال الشرقي التقليدية، ومن نخب جنوبية وغربية أميركية رجعية رافضة لإنهاء نظام العبودية فعليا رغم القوانين والسياسات التي تناهضه، ولكنها في نفس الوقت تريد إنهاء سيطرة الشمال الشرقي الليبرالي على مقاليد الصناعة والبنوك
وكان روزفلت يأمل في أن تؤدي سياسات "العهد الجديد" لتحجيم نفوذ الشمال الصناعي وفي تغيير ثقافة الجنوب والغرب الأميركيين، إذ توقع روزفلت أن يؤدي انتشار الصناعة في الجنوب الأميركي إلى تقوية الأفارقة الأميركيين وتغيير ثقافة الجنوب الرجعية القائمة على رفض حقوق الأقليات والمهاجرين وعلى التشدد الديني والثقافي
ولكن ما حدث لم يكن في الحسبان، إذا أدت سياسات "العهد الجديد" بعد مرور عقود عليها إلى توزيع الصناعات والثروة بنشرها في الجنوب الذي أصبح أكثر ثراءا ولكنه حافظ على ثقافته الرجعية ولم يغير من موقفه ضد الأفارقة الأمريكيين الذين هربوا للشمال في ظروف صعبة متجمعين في المدن الكبيرة التي تدهورت ظروفها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بسبب نزوح أعداد كبيرة من أفارقة الجنوب المشردين إليها وتجمعهم في أحياء غلب عليها الفقر والبطالة والجريمة، مما أدى بدوره إلى نزوح بيض المدن الكبرى إلى الضواحي والمناطق الريفية ومن ثم إلى مدن الجنوب، وبهذا حدث تغير ديمغرافي ضخم نما باستمرار خلال العقود الأخيرة وساعد على إعادة توزيع الثروة والنفوذ السياسي داخل أميركا
ويقول ليند أن عقد الستينات شهد نهاية التحالف بين نخب "العهد الجديد"، إذ ساندت النخب التقدمية ثورة الحقوق المدنية وبقت في الحزب الديمقراطي، أما نخب الجنوب وولايات الوسط الغربي فقد عارضت ثورة الحقوق المدنية وثقافة اليسار الجديد فتركت الحزب الديمقراطي إلى الحزب الجمهوري، حيث أخذت معها ثرواتها التي حققتها منذ الثلاثينات
ويقول ليند أن تحالف جديد بين نخب الجنوب وولايات الغرب والوسط الأميركي من ناحية وقيادات الجماعات الدينية المسيحية من ناحية أخرى بدأ في الظهور منذ أوائل السبعينات، وانضم الحزب الجمهوري في عهد ريجان بقوة لهذا التحالف، كما وجد هذا التحالف في المحافظين الجدد حليفا قويا على ساحة السياسة الخارجية بسبب نشاطهم الفكري والإعلامي
ويرى ليند أن التحالف الجديد سيطرت عليه داخليا ثقافة الجنوب التي تميل إلى التركيز على الصراعات العرقية والإثنية والدينية، إضافة إلى نزعة تلك الثقافة المعادية للأفكار والمثقفين، وإلى ميل تلك الثقافة إلى التحزب والصراع، وبفعل تحالف النخبة الجديد أصحبت ثقافة الجنوب الثقافة السياسية السائدة في أمريكا
أما الديمقراطيون فقد مالوا في المقابل إلى
للإطلاع على النص الكامل للعرض، يرجى زيارة
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/022AAD10-E66C-4939-87C4-4A925B81965E.htm
No comments:
Post a Comment