Saturday, May 13, 2006

سبل مكافحة الإسلاموفوبيا في البيئة الأمريكية
بقلم: علاء بيومي

الناشر: جريدة الحياة، 13 مايو 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر

نص المقال

هل هناك اقتراحات عمليه لمكافحة الإسلاموفوبيا يمكن استنباطها من خبرة الأقليات المسلمة بالغرب

الاقتراح المنطقي الأول هو أن نبني على ما انتهي إليه الآخرون فالدراسات المختلفة التي أجريت على الأقلية المسلمة بأمريكا تؤكد أن الحوار مع الأخر هو نشاط دائم لغالبية (أكثر من ثلثي) المساجد والمراكز الإسلامية بالولايات المتحدة، وأعلم من خبرات شخصية مباشرة أن المراكز والمؤسسات الإسلامية في الولايات المتحدة عادة ما تتلقى دعوات للحوار والتعريف بالإسلام تفوق طاقاتها الاستيعابية من حيث الموارد البشرية والمادية والمعرفية

هذا يعني أن فرص الحوار موجودة والمطلوب هو الاستغلال الجاد والواعي لتلك الفرص والبناء عليها من خلال جهود واعية ومنظمة

ويقودنا هذا للحديث عن الاقتراح أو الدرس الثاني، والذي يتعلق بأهمية البرامج في قضية الحوار مع الغرب والتعريف بالإسلام، فلكي تنجح أية جهود تعريفية بالإسلام - أو أي جهد بشري اجتماعي بصفة عامة - لابد وأن يعتمد هذا الجهد على منهج علمي يضع له أهداف محددة ومعايير لقياس مدى نجاح القائمين عليه أو فشلهم في تحقيق هذه الأهداف ومحاسبتهم إذا فشلوا

فالتشويه الذي تتعرض له صورة الإسلام والمسلمين بالولايات المتحدة هو نتاج لأسباب تراكمت على مدى عقود إن لم يكن قرون، ومن ثم لا يجب لأحد أن يقترح أو يتصور أن مكافحة الإسلاموفوبيا ممكنة خلال شهر أو شهرين أو عدة سنوات، فنحن بحاجة لعقود من الجهد المنظم للتعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة، ومن ثم نحن بحاجة إلى برامج ذات أهداف إستراتيجية متوسطة وأخرى بعيدة المدى تطبق على مدى سنوات وعقود مستقبلية

ثالثا: مكافحة الإسلاموفوبيا هي مهمة مؤسسات وليست مهمة أفراد، فللمؤسسة ذاكرة وقدرة على التنسيق والعمل تفوق قدرة الفرد الواحد على الرغم من أهمية المبادرات الفردية، ولكن المبادرات الفردية تظل دائما في حاجة لمؤسسات ترعاها وتساندها وتقدم لها الدعم المادي واللوجيستيكي الذي يتعدى إمكانيات الفرد المستقل

رابعا: تصميم برامج مكافحة الإسلاموفوبيا جهد متخصص يحتاج لخبرة شركات متخصصة في مجال العلاقات العامة والدعاية وذات خبرة في مجال تحسين العلاقة بين الجماعات العرقية والإثنية والدينية المختلفة بالمجتمعات الغربية المستهدفة

ويجب هنا ألا ننسى أن لكل مجتمع ثقافته وأدوات العمل السياسي والإعلامي والاجتماعي المقبولة داخله والخطوط الحمراء الثقافية العديدة المعلنة أو الضمنية التي قد لا يدركها سوى أبناء ذلك المجتمع

وبالطبع هذه الهيئات ليست جديدة على الساحة الأمريكية نظرا لأن خبرة الأقليات الأمريكية – كاليهود والأفارقة الأمريكيين - في التعامل مع هذا النوع من المنظمات وتطويرها هي خبرات واسعة ومعروفة وذات أطر علمية تدرس

ولو حاولنا – على سبيل المثال – أن نضع أطر عامة لبرنامج مقترح لمكافحة الإسلاموفوبيا لأمكننا البدء باستطلاع مفصل لموقف الرأي العام الأمريكي تجاه الإسلام والمسلمين أصدره مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) - وهو أكبر منظمات الحقوق المدنية المسلمة الأمريكية - في مارس 2006

الاستطلاع حدد بوضوح الفئات التي تميل للنظر للإسلام بشكل إيجابي، وعلى رأسها الأمريكيون الذين يمتلكون أصدقاء ومعارف مسلمين، والأمريكيون الذين يمتلكون قدرا أكبر من المعرفة بالدين الإسلامي، والأمريكيون الأعلى تعليميا، والأمريكيون من أصحاب الرؤى الليبرالية

في المقابل يميل الأمريكيون المحافظون وغير المتعلمين وقليلو المعرفة بالإسلام والأقل اتصالا بشكل مباشر بالمسلمين للنظر بشكل سلبي للإسلام والمسلمين

إضافة إلى ما سبق سئل الاستطلاع المشاركين فيه عما ينتظروه من المسلمين، فقالوا أنهم يريدون من المسلمين بأن يدينوا الإرهاب بشكل أقوى وأعلى صوتا، وأن يظهروا اهتمامهم بتحسين ظروف المرأة المسلمة، وأنه يساعدوا على تحسين صورة أمريكا في العالم الإسلامي، وأن يعبروا عن اهتمامهم بقضايا المجتمع الأمريكي الداخلية

النتائج السابقة مهمة على عدة مستويات، فهي تقول لنا أن أي برنامج ناجح لمكافحة الإسلاموفوبيا في أمريكا لابد وأن يضع من بين أهدافه إيجاد فرص للتواصل الإيجابي المباشر بين المسلمين والشعب الأمريكي، وزيادة معرفة الأمريكيين بالإسلام

كما ينبغي على هذا البرنامج أن يعمل على كسب مزيد من الأصدقاء من بين الليبراليين وأصحاب التعليم العالي بأمريكا

على صعيد رسالة هذا البرنامج الإعلامية والفكرية، يجب – كما يوضح الاستطلاع بجلاء - أن يركز على توضيح موقف الإسلام المدين للإرهاب، وعلى توضيح اهتمام المسلمين بقضايا المرأة وبقضايا المجتمع الأمريكي الداخلية، وعلى حرص المسلمين على مكافحة مشاعر العداء لأمريكا في العالم الإسلامي، هذا إضافة إلى التركيز على القيم المشتركة بين الإسلام والمسلمين من ناحية والمجتمع الأمريكي من ناحية أخرى

وبالطبع تحتاج هذه البرامج لأدوات تطبقها على أرض الواقع في مرحلة التطبيق شديدة الأهمية، وتتراوح هذه الأدوات بين الإعلانات، وحلقات النقاش، والتقارير التي ترصد الإسلاموفوبيا وترصد تطورها ومصادرها

صياغة مثل هذه الأدوات عملية صعبة تحتاج للتمكن من مهارات مختلفة تتعلق بمخاطبة الرأي العام الأمريكي، ولكنها ليست عملية مستحيلة، المهم هنا أن يقوم على ذلك مؤسسات متخصصة ذات خبرة كافية في العمل داخل المجتمع الأمريكي ذاته

في النهاية نتمنى أن تكون هذه السطور مفيدة للمنابر المتزايدة المعنية بتشجيع الحوار بين المسلمين والغرب ومكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا، كما نأمل أن تمثل هذه المقالة دافعا لتلك المنابر لكي تتحول من مستوى النقاش حول هذه الظاهرة الهامة والخطيرة، لمستوى تطوير برامج علمية عملية لعلاجها

للإطلاع على النص الكامل للمقال، يرجى زيارة

http://www.daralhayat.com/classics/05-2006/Item-20060512-29b14e93-c0a8-10ed-01d1-b9b793d4da5e/story.html

No comments: