Wednesday, November 23, 2011

تقديرا للإخوان

مرة أخرى أعتقد أن بعض شباب التحرير والثوار يقعون في خطأ إستراتيجي يتعلق بعلاقتهم مع الإخوان ولا يضعون الجماعة - الغير منزهة عن الخطأ – حق موضعها ومكانتها الصحيحة.


ولنبدأ من أميركا، فعندما ينتخب أوباما أو بوش فهم ليسا فردين يختار بينهما الشعب، بل أن الشعب يختار في كل انتخابات بين تنظيمات سياسية كبرى، وهذه هي الفكرة الغائبة عن بعض الثوار المصريين. 

بوش أو أوباما يعبران عن رجال أعمال وعن سياسيين كثر وعن قيادات جماهيرية وشعبية عبر الولايات المتحدة، وعن مؤسسات أحزابها بقدراتها التنظيمية وعن ملايين الناخبين.


هذا يعني أن الديمقراطية تحتاج لركائز، والركائز تحتاج تنظيمات أو حركات ومنظمات سياسية كبرى. 

الإخوان مثلا فازوا بنسبة كبيرة من مقاعد النقابات المهنية التي أجريت مؤخرا، فهل سئلنا أنفسنا لماذا؟ ولماذا لم تظهر قوة حقيقية تنافسيهم – في حدود علمي – من الثوار أو التيارات العلمانية.

الإخوان لا يخلون من عيوب، ولكنهم تنظيم سياسي حقيقي وهذا هو إسهامهم لمصر والمصريين والذي يجب فهمه جيدا وتقديره والتمسك به والاحتكام إليه ومطالبة الآخرين بالالتزام به ومحاسبة الإخوان على أساسه.


ففي حدود علمي عن الإخوان - مما قرأت وسمعت عنهم - أنهم منظمون اجتماعيا وسياسيا وماليا وهي قضايا هامة للغاية يجب التوقف عندها كثيرا.

فالجماعة دعوية تربط أعضائها برباط ديني قد نختلف أو نتفق بخصوص طبيعته ومغزاه، ولكنهم يعرفون بعضهم ويتزاورون ولديهم برامج ثقافية واجتماعية تزيد من تماسكهم.

أفهم أيضا أنهم يتبرعون بجزء من دخلهم بشكل منتظم للجماعة وهذا يعني مصدر دخل هام للغاية وإيجابي يندر وجوده في الأحزاب الأخرى التي تعاني من الشخصنة وسيطرة بعض رجال الأعمال.


الإخوان أيضا لديهم خبرة سياسية طويلة وتنظيم سياسي مجرب على الرغم من أنهم عملوا في ظروف صعبة قد تضعف قدرتهم وقدرة أي جماعة سياسية مصرية أخرى على الوصول إلى الموقف السياسي الأفضل. 

هذا ما يقدمه الإخوان لمصر والمصريين، تنظيم سياسي حقيقي متماسك سياسيا وماليا وثقافيا، لذا عندما أسمع بعض المثقفين أو النشطاء الجماهيريين ينتقدونهم في وسائل الإعلام، أسئل نفسي أحيانا: هل تجوز المقارنة؟ بمعني أن من يريد أن ينتقد الإخوان فعليه أن يقدم لنا بديلا أو تنظيم مشابه؟


فالإخوان ليسوا فقط نشطاء جماهيريين أو مثقفين أو كتاب أو صحفيين أو مفكرين أو رجال أعمال معنيين بقضايا الوطن، الإخوان فصيل سياسي يجمع كل ما سبق بين أعضائه، وهو ما نفتقده في مصر. 

لذا أقول أتمنى أن يفهم الشباب أن على التحرير التوحد والتماسك وتحويل أبنائه الراعين الأحرار وكل مؤيديه وهم كثر إلى فصيل سياسي يتمتع بتماسك التمويل والحركة السياسية ينافس الإخوان وأي قوى أخرى منافسة شريفة قوية لمصلحة مصر. 

أما أن ننظر للتحرير على أنه مجال للتغيير الجذري فهذه مثالية لن تتحق، وللأسف سمعت البعض يقول أنهم منذ أن تركوا التحرير في فبراير الماضي انعزلوا عن السياسة والحركة السياسية وإنهم لم يعودوا إلا بعد أن عاد التحرير مرة أخرى خلال الأيام الأخيرة. 


هذا هو جوهر المشكلة، المشكلة في ضعف تنظيمنا السياسي، المشكلة في عدم الثقة وفي الميل للعمل كأفراد وليس كجماعات، المشكلة في ثقافة الفريدة وضعف الإدراك العميق لأهمية العمل السياسي والجماعي المنظم. 

لذا يجب على المصريين والثوار تقدير الإخوان وإنزالهم منزلتهم الحقيقية العادلة دون مبالغة أو تقليل، ومنافستهم بفصائل سياسية أخرى حقيقية أقوى بما فيه صالح مصر. 

وحتى ذلك الحين أعتقد أن الحل هو بمزيد من التقارب بين شباب الثوار والإخوان وأمثالهم وبين المزاوجة بين التحرير والانتخابات كمنهج عمل سياسي لمصر، والله أعلم.

بقلم: علاء بيومي



No comments: