قطر شعرت بمرض الاقتصاد المصري الشديد وقررت تزودينا بحقنة من الدولارات في الوريد لمنع جسد الاقتصاد المصري المرهق من أزمة اقتصادية وشيكة.
وكأي علاج علينا أن نفهم فوائده وأعراضه وعيوبه لعل الله يكتب لنا الشفاء.
حقنة الدولارات القطرية جاءت في وقت هام للغاية، فقرض الصندوق ليس حتمي ولو أتى فلن يكون قبل شهر يوليو والجنيه المصري عانى كثيرا أمام الدولار في الشهر الأخير، ومحافظ البنك المركزي صرح منذ أيام يقول أنه لن يستخدم الدولارات المتبقية في البنك للدفاع عن الجنيه وأنه سيركز على حماية الاحتياطي الذي وصل لمستويات خطرة.
الحقنة القطرية سوف ترسل رسائل إيجابية كثيرة، فستخفف الضغط المفروض على الجنيه، وستقلل مخاوف المستثمرين وأصحاب الأعمال، والجانب النفسي في الاقتصاد مهم للغاية وأكثر مما يتصور البعض، فجزء كبير من الأزمات الاقتصادية بدول العالم المختلفة نفسي يرتبط بعوامل الخوف وهروب المستثمرين.
الحقنة أيضا سوف تساعد على توفير بعض الأموال لسداد الديون أو لاستيراد بضائع هامة واستراتيجية مثل القمح والسولار.
أموال قطر أيضا قد تساعد مصر على الطفو لشهرين أو ثلاثة إضافيين في حالة فشل الجولة الراهنة من المفاوضات مع الصندوق.
ولكن الحقنة القطرية ليست علاجا لمشاكل الاقتصاد المصري، فهي أشبه بحقنة منشطة أو مخفضة للآلام أو مؤجلة لأعراض مرض أكبر للأسباب الأتية:
أولا: حجم العجز في الميزانية المصرية كبير وأعتقد أنه يتراوح ما بين 15-20 مليار دولار أميركي، و3 مليارات لن تحل المشكلة.
ثانيا: السندات القطرية هي قروض إضافية على مصر وعلى مصر سدادها، وقد تسددها بفوائد وبالدولار، والبديل الأفضل هو الاستثمارات.
ثالثا: مصر في حاجة لاستثمارات ومساعدات أكبر من ذلك بكثير، فقرض صندوق النقد الدولي يبلغ 4.8 مليار دولار، وسوف ترافقه حزمة مساعدات دولية تصل إلى أكثر من 10 مليار دولار.
بمعنى أن إنعاش اقتصاد بحجم الاقتصاد المصري يحتاج أضعاف القرض القطري، وأن وظيفة القرض تبدو التهدئة وتأجيل الأزمة ولكنه لا يقضي على أسبابها ولا يعالج جذور المرض.
معنى ذلك أن قطر مشكورة أعطت لمصر واقتصادها وحكومتها 2-3 أشهر إضافية للبحث عن حل لمشاكلها الاقتصادية، وهي فرصة أشبه بالفرصة التي منحتها المحكمة الإدارية بإبطال قانون الانتخابات وتأجيله، وكلها تشير في اتجاه واحد وهو حتمية إيجاد حل سياسي لمشاكل مصر يساعد على استقرارها سياسيا ومن ثم أمنيا ومن ثم اقتصاديا.
فبغياب هذا الحل سوف تعاني مصر كثير من المشاكل المؤدية للأزمة الاقتصادية الحالية مثل تراجع الاستثمارات الدولية وتأخر المساعدات من دول معينة وانقسام الطبقة السياسية وربما تمرد بعض فئات الطبقة الاقتصادية، واستمرار أسباب المرض وعلله تنذر باستمراره وتهدد بالوصول – لا قدر الله – لمرحلة تصعب معها حقن المنشطات وخافض الألم وتأجيل الأزمة الصحية.
باختصار على الحكومة المصرية أن تشكر الله على الفرصة الجديدة وآلا تهدرها وأن تركز من الأن على إيجاد حل سياسي يمثل بداية حقيقية لحل مشاكل مصر المختلفة وعلى رأسها المشكلة الاقتصادية قبل انقضاء الأثار الإيجابية لحقنة الكاش القطرية، والله أعلم، ما رأيكم!؟
No comments:
Post a Comment