Friday, January 27, 2006

تفسير جديد لأسباب إنتشار الإسلام بين الأفارقة الأمريكيين
بقلم: علاء بيومي

الناشر: جريدة الحياة، 28 يناير 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر

نص المقال

دأبت التفسيرات التقليدية لأسباب انتشار الإسلام بين الأفارقة الأمريكيين إلى الإشارة إلى ظواهر مثل وجود الإسلام بين الأفارقة الذين استقدموا لأمريكا قسرا ضمن موجات تجارة العبيد، وارتباط المسيحية في عقليات بعض الأفارقة الأمريكيين بالعنصرية البيضاء، كعوامل رئيسية ساعدت على رواج الإسلام بشكل سريع وكبير في أوساط الأفارقة الأمريكيين خلال النصف الثاني من القرن العشرين

شرمان جاكسون - الناشط المسلم الأمريكي المعروف وأستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة مشيجان الأمريكية - له رأي أخر بهذا الخصوص، تضمنه في كتابه الجديد "الإسلام والأمريكي الأسود: نظرة تجاه الإحياء الثالث" الصادر عن مطابع جامعة أكسفودر الأمريكية (2005)، والذي يتوقع له أن يصبح - في المستقبل القريب - أحد الدراسات الكلاسيكية الضرورية في مجال دراسات الإسلام في أمريكا

جاكسون يرى أن التفسيرات السابقة غير ديناميكية، بمعنى أنها لا ترصد التطور التاريخي لعملية اعتناق الأفارقة الأمريكيين للإسلام، ومراحل هذا التطور وعلاقاتها ببعضها بعضا، وكيف أعدت هذه التطورات الأفارقة الأمريكيين تدريجيا لاعتناق الإسلام بنسب مرتفعة في النصف الثاني من القرن العشرين

إذ يرى جاكسون أن تتبع هذه التطورات بدقة يكشف عن تفسير مختلف لأسباب انتشار الإسلام بين الأفارقة الأمريكيين، وهم محور اهتمام كتاب جاكسون الجديد لكونهم أحد أهم أسباب انتشار الإسلام وترسخه في أمريكا، فهم يمثلون نسبة كبيرة من المسلمين الأمريكيين (30-40%) وفقا لمختلف الإحصاءات المتعلقة بالتوزيع العرقي لمسلمي أمريكا، كما أن انضمامهم للإسلام بهذه الكثافة وحقيقة كونهم من أهل البلاد الأصلييين جعلا منهم سندا قويا للإسلام والمسلمين بأمريكا

وفي البداية يرفض جاكسون النظريات القائلة بأن أحد أسباب انتشار الإسلام في أوساط الأفارقة الأمريكيين يرجع إلى إنتشار الإسلام وسط العبيد الأفارقة، حيث يشير جاكسون إلى أن عدد الأفارقة المسلمين الذين استقدموا خلال موجات تجارة العبيد لم يتدعى 40 ألفا من بين 11 مليون أفريقي استعبدتهم تلك التجارة الشنيعة، وبدون شك لم يتمكن هؤلاء العبيد من الحفاظ على هويتهم الإسلامية بحكم الضغوط الرهيبة التي تعرضوا لها

كما يرى جاكسون أن القول بأن الأفارقة الأمريكيين اعتنقوا الإسلام لرسالته المعادية للعنصرية يمثل تفسيرا ناقصا للظاهرة بحكم عدم تكررها في مجتمعات عنصرية أخرى كجنوب إفريقيا

في المقابل يرى جاكسون أن نظام العبودية ذاته والأسلوب الذي تعامل به المجتمع الأمريكي مع الأفارقة الأمريكيين والخبرات التي مروا بها يشكلون معا عوامل صنعت الشخصية الأفريقية الأمريكية بشكل خاص وأعدتها تدريجيا لاعتناق الإسلام

وهنا يشير جاكسون إلى أن إعداد الأفارقة الأمريكيين لاعتناق الإسلام تم على مراحل أو محطات تاريخية وثقافية فارقة، نلخصها هنا في مراحل ثلاثة رئيسية

المرحلة الأولى هي مرحلة "الدين الأسود" وهنا يرى جاكسون أن "الدين السود" هو أول دين اعتنقه الأفارقة في أمريكا وأكثر النزعات الدينية انتشارا في أوساط الأفارقة الأمريكيين حتى يومنا هذا

الدين الأسود – في حقيقته - ليس دينا بالمعنى المتعارف عليه، فهو دين بلا كتب سماوية أو مؤسسات أو رجال دين أو تعاليم بعينها، إذ يعد الدين الأسود – في جوهره – نزعة للتدين تلخص تجربة الأفارقة الأمريكيين تحت نظام العبودية الأمريكي وتبحث عن علاج ديني لمحنة العبودية الرهيبة ذات الآثار الراسخة في الشخصية الأفريقية الأمريكية حتى يومنا هذا

المرحلة الثانية هي مرحلة المسيحية والتي أقبل عليها الأفارقة الأمريكيين بشكل متزايد في القرن التاسع عشر، وهنا يرى جاكسون أن اعتناق الأفارقة الأمريكيين للمسيحية أعدهم لدرجة ما لاعتناق الإسلام، وذلك بسبب سيطرة الدين الأسود على الأفارقة الأمريكيين خلال الفترة ذاتها

أما المرحلة الثالثة فيسميها جاكسون مرحلة "المأسلمون الأوائل"، فقد شهدت نشأة الجماعات الأفريقية الأمريكية التي وصفت نفسها بأنها مسلمة، وعلى رأس هذه الجماعات جماعة "أمة الإسلام" برئاسة آلاجا محمد

ويقول جاكسون أن هذه الجماعات لم تعتنق الإسلام ولكنها سطت عليه لرغبتها في البحث عن دين خاص بها يميزها عن المسيحية الأمريكية التي يسيطر عليها البيض، لذا لم تهتم هذه الجماعات بفهم الإسلام بقدر ما إهتمت بالسطو على رموزه الخارجية ونسبتها لأنفسها

وهنا يصف جاكسون كيف أهلت الخبرات السابقة المأسلمون "الأوائل" لاعتناق الإسلام معللا ذلك بعدة أسباب لا تخلو من تميز وإبداع، حيث يرى جاكسون أن "المأسلمين الأوائل" وجدوا أن الإسلام يتضمن عدد كبير من الخصائص التي يمكن أن تشبع احتياجات الأفارقة الأمريكيين الدينية والتي كونوها خلال المراحل السابقة

فالمأسلمون الأوائل كانوا يبحثون عن دين أفريقي، فوجدوا الإسلام أفريقيا، كما كانوا يبحثون عن دين غير أبيض أو غير أوربي على الأقل، فوجودوا الإسلام كذلك، كما بحثوا عن دين له تاريخ في المقاومة، فوجدوا الدول المسلمة مستعمرة تقاوم الغرب، فأعجبوا بدينها، كما بحثوا عن دين له تاريخ حضاري كبير مستقل عن الحضارة الأوربية، ولم يخيب الإسلام ظنهم في هذا الشرط الهام

كما بحثوا عن دين محافظ إجتماعيا، والإسلام كذلك، وبحثوا عن دين يؤمن بفكرة الأخوية بين أبناءه وهي فكرة منتشرة بين الأفارقة الأمريكيين، فوجدوا الإسلام كذلك، كما بحثوا عن دين له إهتمام خاص بقضايا العدالة الإجتماعية، فأعجبوا بحديث القرآن المتواصل عن قصة موسى عليه السلام، كما بحثوا عن دين بلا هيراركية ومؤسسات دينية، فوجدوا السلطة في الإسلام لا مركزية، مما قد يحقق حلمهم في إمتلاك دين إسلام خاص بهم يسيطرون عليه، ومع توافر كل هذه الشروط لم يتردد "المأسلمون الأوائل" في السطو على الإسلام

وهنا يرى جاكسون أن "المأسلمين الأوائل" – على الرغم مما قد يوجه لهم من نقد ديني – ساهموا إسهاما كبيرا في نشر الإسلام والمعرفة به في أوساط الأفارقة الأمريكيين مما سهل عملية اعتناق الإسلام السني بنسب مرتفعة في عقد الستينات من القرن العشرين والذي شهد زيادة أعداد المسلمين المهاجرين من العالم الإسلامي، وتحول بعض قادة الجماعات الأفريقية الأمريكية المتأسلمة – مثل الزعيم الأفريقي الأمريكي المعروف مالكوم إكس - إلى تيار الإسلام السني

بناء على الفهم السابق لأسباب إنتشار الإسلام في أوساط الأفارقة الأمريكيين يطالب شرمان جاكسون المسلمين الأمريكيين بصفة خاصة والمعنيين بنشر الإسلام في أمريكا بصفة عامة بثلاثة مطالب أساسية، أولها

للاطلاع على النص الكامل للمقال، يرجى زيارة الوصلة التالية

http://www.daralhayat.com/culture/01-2006/Item-20060127-0d3d3dbe-c0a8-10ed-0013-5f0ae59a3a65/story.html

No comments: