هل بات الأكراد يمثلون عبئا على أميركا في العراق!؟
عرض بقلم: علاء بيومي
يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره
www.alaabayoumi.com
نص المقال
بمناسبة انعقاد الانتخابات البرلمانية والرئاسية الكردية في الخامس والعشرين من يوليو الحالي رأينا أن تناول في هذا المقال - بالعرض والتحليل - أحدث تقارير خدمة أبحاث الكونجرس (الذراع البحثي للكونجرس الأميركي) بخصوص أكراد العراق سعيا للوقوف على ملامح الموقف الأميركي من القضية الهامة في ضوء سياسات الإدارة الأميركية الجديدة
أبرز ما وجدنا في التقرير المختصر - الصادر في الثاني والعشرين من يونيو الماضي والذي يسعى إلى توصيف السياسة الأميركية أكثر من تبريرها أو توجيهها - هو ذلك التناقض الواضح بين أمرين، أولهما تعاطف الأميركيين العام مع قضية الشعب الكردي في العراق وخارجه وتقديرهم لتعاون أكراد العراق مع "الاحتلال الأميركي" بعد سقوط نظام صدام حسين، وثانيهما شعور الأميركيين - البادي من التقرير - بالتحديات الجسيمة التي تمثلها سياسات أكراد العراق لمساعي أميركا لتهدئة الأوضاع بالعراق من ناحية أخرى، وذلك لدرجة تدفعك إلى التساؤل حول ما إذا كان الأكراد باتوا يمثلون عبئا على الأميركيين وخططهم المستقبلية في العراق
تعاطف تاريخي وتعاون في إسقاط صدام
التقرير الصادر في الثالث من يونيو الماضي تحت عنوان "الأكراد في عراق ما بعد صدام" أبرز في مقدمته كون الأكراد يمثلون "رابع أكبر جماعة أثنية في الشرق الأوسط، ولكنهم لم يحصلوا أبدا على دولة وطنية" خاصة بهم، وأن مساعيهم للحصول على دولة قومية خاصة بهم بعد الحرب العالمية الأولى باءت بالفشل مما أدى إلى تحولهم إلى "أقليات" في أربعة دول، وهي سوريا والعراق وإيران وتركيا، ولهذا يعيش اليوم 20-25 مليون كردي بالشرق الأوسط بلا دولة تجمعهم
ويتحدث التقرير أيضا عما تعرض له الأكراد من حملات عسكرية مدمرة خلال عهد صدام حسين وتحديدا خلال الحرب العراقية الإيرانية، كما حدث في حلابجة (1988) والأنفال حيث قتل أكراد يقدر عددهم بالآلاف وشرد عشرات الآلاف منهم - وفقا للتقرير
كما يشير التقرير إلى تعاون أكراد العراق مع الأميركيين والذي يعود على أقل تقدير إلى فترة ما بعد حرب تحرير الكويت، حيث انضم "قادة أكراد" إلى "المجلس الوطني العراقي" وهي جماعة معارضة عراقية اتخذت من واشنطن مركزا لها، وبهذا بدأت صفحة جديدة في علاقة أكراد العراق مع الأميركيين ضد نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين
وتوثق هذا التعاون في عام 2003 ولكنه لم يعط الأكراد كل ما يتمنونه - كما يقول التقرير ومؤلفه كينيث كاتزمان (المتخصص في شئون الشرق الأوسط)، حيث اجتمعت قيادات كردية في شمال العراق في فبراير 2003 للإعداد لفترة "ما بعد صدام"، ولكن هذه الجماعات "شعرت بخيبة الأمل بسبب قرار أميركا تشكيل سلطة احتلال بدلا من تحويل الحكم فورا للعراقيين"، وبهذا بدأت مرحلة جديدة من التنازع المبكر على السلطة بين الأكراد والأميركيين وباقي الجماعات العراقية الأخرى
ويبدو أن هذا النزاع تأجل في البداية لأن الأكراد كما يقول التقرير "دخلوا السياسات الوطنية العراقية في مرحلة ما بعد صدام على قدم المساواة مع عرب العراق لأول مرة" في تاريخهم، بل أنهم – وفقا للتقرير ومؤلفه – فازوا بمكانة سياسية تفوق قوتهم السكانية بسبب تعاونهم مع الأميركيين والجماعات السياسية الشيعية وبسبب تأخر مشاركة العرب السنة في العملية السياسية العراقية بعد الاحتلال
ولكن يبدو أن الأسباب أو العوامل الثلاثة السابقة لم تدم مجتمعة لفترة طويلة، فالعلاقة الإيجابية بالشيعة لم تستمر، والسنة عادوا إلى المشاركة مما عرض الأكراد لتراجع نفوذهم السياسي بشكل مستمر وينذر بدخولهم حقبة من الخلافات السياسية مع القوى العراقية الأخرى يحذر منها التقرير
مشاكل كردية داخلية
هذا لا يعني أن جذور الأزمة الكردية نشأت خلال السنوات القليلة الماضية، فالتقرير ومؤلفه يرسمان صورة معقدة عن ذلك بكثير، فغالبية صفحات التقرير المختصر مليئة بالقضايا الخلافية التي تشوب تاريخ العمل السياسي الكردي بالعراق
فمنذ البداية يقول التقرير أن "الأكراد حصلوا على حقوق وطنية في العراق أكثر من أي بلد أخر حتى قبل سقوط صدام حسين" مشيرا إلى أكثر من اتفاقية تاريخية وقعها الأكراد مع حكومات بغداد تمنحهم حقوق وطنية خاصة مختلفة مثل استخدام اللغة في التعليم الابتدائي (1931)، والاعتراف بالقومية الكردية (1958)، والحكم الذاتي المحدود (1974)
ويشير التقرير هنا إلى المشاكل النابعة من داخل الأحزاب الكردية الكبرى نفسها، والتي دفعتها إلى التحالف مع نظام صدام حسين ودول أجنبية ضد بعضها بعضها، فهو يقول أن صدام حسين نجح في استمالة حزب الرئيس العراقي الحالي جلال طالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني) في عام 1984 وخلال الحرب العراقية الإيرانية وإقناعه بالتوقف عن قتاله في الوقت الذي استمر فيه حزب المعارضة الكردي الأقدم والمنافس الرئيسي للاتحاد الوطني وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة آل بارزاني في محاربة صدام
وتغير الحالي في منتصف التسعينيات بعد نشوب الحرب الأهلية الكردية بين حزبي طالباني وبرزاني، حيث تعاون الأخير مع صدام حسين ضد الأول في عام 1996
وعلى الرغم من تحالف الحزبين مع بعضهما بعضا سياسيا بعد سقوط صدام إلا أن التقرير يشير في نهايته إلى شكوك الأحزاب والجماعات الكردية الأخرى الأصغر في الحزبين خلال الفترة الحالية، فهو يقول أن الحزبين المسيطرين على الحكم في كردستان العراق يطالبان الحكومة المركزية في بغداد بالحصول على حصة أكبر ما عوائد النفط وبسيطرة أكبر على مصادر النفط بالإقليم، وذلك على الرغم من "رفض أهالي الإقليم للدرجة العالية من التحكم في اقتصاد الإقليم من قبل الحزبين الكبيرين" وفقا لبعض المراقبين، والذي يرون أن عائلتي الطالباني والبارزاني "يستخدمان مواقعهما السياسية للاستفادة ماليا، ثم يستخدمان إمكاناتهما المادية في إحكام الدعم السياسي" لحزبيهما، وهذا يعني أن "العائلات المستقلة والأصغر حجما" باتت أقل حظا وقدرة على الاستفادة من موارد الإقليم والتي يطالب الحزبان الكبيران بغداد بزيادتها
وهكذا تبدو الصورة مختلطة بين أقلية كبيرة (15-20% من أهالي العراق كما يقدرها التقرير) ذات حقوق تاريخية وتعاون ممثليها مع الأميركيين بعد احتلالهما العراق من ناحية، وبين السياسات الكردية التي لا تخلوا من صراعات داخلية وتنافس على السلطة من ناحية أخرى، وهي خلافات تزداد في نظر الأميركيين إذا أضفنا بعدا ثالثا للصورة وهو البعد الخاص بالعلاقة ما بين أكراد العراق والجماعات العراقية الأخرى (شيعة وسنة وأقليات كالمسيحيين والتركمان) في عراق "ما بعد صدام حسين"
حقوق ما بعد صدام
يشير التقرير – كما ذكرنا من قبل - إلى أن تعاون الأكراد المبكر مع الأميركيين قبل سقوط صدام ومشاركتهم المبكرة في "إدارة الاحتلال" حجز لهم مكانية سياسية كبيرة، لذا شارك خمسة قادة أكراد (من بينهم جلال طالباني ومسعود بارزاني) في مجلس حكم العراق الذي شكل في يوليو 2003، وشاركوا في الحكومة الانتقالية التي شكلت في يونيو 2004 حيث عين هوشيار زيباري (أحد كبار مساعدي مسعود البارزاني) وزيرا للخارجية رغم "معارضة كثيرا من الشخصيات العراقية" كما يقول التقرير
كما حافظ الدستور الانتقالي (مارس 2004) على شبه استقلالية حكومة كردستان الإقليمية، وأعطاهم الحق في تغيير تطبيق القوانين العراقية الوطنية عند تنفيذها داخل الإقليم وفي الحفاظ على قوات أمن خاصة بهم (البشمركة) والتي يقدر عددها حاليا بحوالي 75-110 ألف مقاتل، كما أعطى الدستور الانتقالي للأكراد حق الفيتو على الدستور الدائم، والذي أقر في أكتوبر 2005 بعدما "اتفق مع غالبية مطالبهم الأكثر أهمية" وفقا للتقرير
الدستور الدائم أعطى الأكراد حكم ذاتي وقبل "بإصرارهم" على "فيدرالية" العراق، وأعترف بمحافظاتهم الثلاثة (حيث يشكلون أغلبية)، وهي دهوك وإربيل والسليمانية "كإقليم" تحكمه "حكومة كردستان الإقليمية" والتي تمتلك حق سلطة تغيير تطبيق القوانين العراقية الوطنية على المناطق الكردية
ولم يعط الدستور الانتقالي أو الدائم للأكراد السيطرة على كركوك الغنية بالنفط، ولكن الدستور الانتقالي سمح للأكراد الذين طردهم صدام من كركوك بالعودة إلى منازلهم
ووفقا للتطورات السياسية والدستورية السابقة شارك الأكراد في الانتخابات العراقية الوطنية في عام 2005 كما عقدوا انتخابات إقليمية بكردستان العراق في العام نفسها، وقد نجح تحالف سياسي بين الحزبيين الكرديين الرئيسين (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني) في إيصال رئيس الاتحاد الوطني جلال طالباني إلى رئاسة العراق، بينما فضل رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني التركيز على ترسيخ نفوذه داخل الإقليم حيث تولي رئاسة الإقليم، كما تولى أحد أقاربه (نيجيريفان بارزاني) منصب رئيس وزراء الإقليم
كما أحكمت قوات البشمركة سيطرتها على الإقليم، حيث يشير التقرير إلى أن القوات الأميركية حولت السيطرة على محافظات الإقليم الثلاثة في مايو 2007 لقوات أمن عراقية "يغلب عليها" وحدات أمن كردية
الصراع مع بغداد والأقليات
يقول التقرير أن "القوة السياسية" التي حصل عليها الأكراد في عراق "ما بعد صدام" لم ترتق إلى طموحاتهم الرامية إلى "بناء ديمقراطية متعددة الإثنيات تعطي الأكراد حقوق كاملة وتخاطب الانتهاكات التي يرى الأكراد إنهم تعرضوا لها خلال حكم صدام" ولكن تلك "القوة السياسية" ذاتها أشعرت الأقليات العراقية في الشمال العراقي وعرب العراق وجيران العراق بأن الأكراد "يؤكدون على مطالب مفرطة، ويهددون تجانس العراق"
وقد تبلورت الخلافات السابقة حول قضايا جوهرية رئيسية، نلخصها في خمسة قضايا رئيسية
أولا: الصراع مع العرب على السيطرة على عدد أكبر من المجالس المحلية بالمحافظات الشمالية (نينوى وديالي) التي لا تقع ضمن إقليم كردستان العراق لأن إحجام السنة العرب عن المشاركة السياسية في البداية سمح للأكراد بالحصول على مكانة سياسية تفوق قدرتهم التصويتية، وهي مكانة تراجعت نسبيا مع عودة العرب السنة إلى المشاركة خاصة في انتخابات يناير 2009 المحلية التي شهدت تراجع نصيب الأكراد في المجالس المحلية بنينوى وديالى
وتمثل السيطرة على كركوك وبعض مدن ديالي ونينوى جوهر هذا الصراع، فكركوك تطفو على عشر احتياطات العراق النفطية، وهي أيضا موطن أقليات عراقية تركمانية ترى تركيا أنها مسئولة عن حمايتهم
كما أن بعض مدن الشمال هي موطن لأقليات أخرى كالأقلية المسيحية وتخشى تلك الأقليات بالإضافة إلى عرب الشمال (سنة وشيعة) من وجود محاولات أو حملات أمنية كردية سرية لتهجير سكان تلك المدن غير الكردية تمهيدا لضم تلك المناطق لإقليم كردستان
وقد اتخذ التوتر الإثني داخل تلك المدن مظاهر مقلقة خلال العام الماضي مثل فرار آلاف الأسر المسيحية من الموصل في أكتوبر 2008، ومثل قرب دخول القوات الحكومية في صراع مسلح مع قوات البشمركة للسيطرة على إحدى مدن ديالى في أغسطس 2008، وهي مواجهة كارثية لم يحل دون وقوعها سوى تدخل القوات الأميركية بين الطرفين، وفي السياق نفسه يرفض الأكراد مساعي المالكي لتشكيل مجالس قبلية بمدن الشمال خوفا من أن تعمل تلك المجالس ضد عودة السكان الأكراد لتلك المدن
لذا فشلت جهود تحديد مصير مدينة كركوك سواء بالانضمام إلى بغداد أو إقليم كردستان، كما فشلت جهود عقد الانتخابات المحلية العراقية بالمدينة في يناير الماضي
ثانيا: تحالف الأكراد خلال الفترة من 2003 وحتى نهاية 2008 مع حزب الدعوة (حزب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي) وحليفه المجلس الأعلى للعراق بقيادة عبد العزيز الحكيم مما ساعد المالكي – كما يقول التقرير – ليس فقط على مواجهة "التحديات السياسية" القادمة من العرب السنة، ولكن أيضا على مواجهة التحديات القادمة من جماعات شيعية أخرى (مثل أتباع مقتدى الصدر)، ولكن التحالف بين الطرفين انتهي في أواخر 2008 بسبب شعور الأكراد بأن المالكي لا يستجيب لمطالبهم
لذا يعبر التقرير عن مخاوفه من أن تزداد الفجوة بين الأكراد وعرب العراق في الانتخابات البرلمانية المقبلة (يناير 2010)
ثالثا: رغبة بعض النواب العرب في تقليص حصة الأكراد من عوائد الحكومة العراقية من النسبة المتفق عليها وهي 17% إلى 12%، وهنا يقول الأكراد أنهم سوف يلتزمون بأي نسبة تعادل وزنهم السكاني في حالة انعقاد إحصاء للسكان
ولكن زاد من الأمر تعقيدا توقيع حكومة إقليم كردستان لعقود نفط مع شركات أجنبية في أغسطس 2007 وهو تصرف اعتبرته الحكومة العراقية "غير قانوني"، كما أنه يعزز مخاوف الدول المجاورة للإقليم من وجود نزعات انفصالية لدى قادة الإقليم
رابعا: هناك خلاف حول قوات البشمركة والصلاحيات الممنوحة لحكومة الإقليم في تسليحها، وهنا يشير التقرير إلى أن الحكومة العراقية "لم تعارض" صفقة عقدتها حكومة إقليم كردستان لشراء أسلحة من بلغاريا في نوفمبر 2008 حيث تم تصدير الأسلحة مباشرة لحكومة الإقليم
والواضح من التقرير أن البشمركة تعمل بإمرة قادة الأقليم وتسيطر عليه وتحمي الأكراد أمنيا، ولكنها في نفس الوقت جزء من القوات العراقية مما يعطيها مزايا خاصة تفوق مزايا القوات الأخرى
خامسا: يضاف إلى ما سبق مخاوف جيران العراق نزعات الإقليم "الاستقلالية" ومن نشاط جماعات مثل حزب العمال الكردستاني (الذي يهدد الأتراك) وحزب الحياة الحرة الكردستاني (الذي يهدد الإيرانيين) داخل الإقليم
صمت أوباما
ولا ينسى التقرير – الصادر في أوائل يونيو الماضي - أن يؤكد عبر صفحاته على أن الرئيس الأميركي أوباما لم يدل بأي تصريحات رسمية خاصة بإكراد العراق على الرغم من مخاوف بعض قيادات العراق من تبعات خطط أوباما لتخفيض عدد القوات الأميركية بالعراق وسحبها تدريجيا
ويقول إن إدارة بوش سعت إلى إقناع الأكراد بالتدرج في مطالبهم السياسية حفاظا على الاستقرار
وهكذا تبدو علاقة الأميركيين بأكراد مختلطة بين تعاطف تاريخي وتقدير لتعاونهم السياسي ضد نظام صدام حسين وبعد الاحتلال، وشعور بأن مطالب الأكراد تمثل عبئا إضافيا على الأميركيين في العراق قد يحرم أميركا من تحقيق هدفها الأول حاليا في العراق وهي الحفاظ على أكبر قدر من الاستقرار تمهيدا لسحب القوات لتفريغها لحرب أفغانستان ومهام أميركية أخرى
وهو تناقض يصعب استمراره دون الظهور على السطح في ظل صمت أوباما وسعيه لسحب مزيد من القوات الأميركية تدريجيا من العراق واقتراب موعد انعقاد الانتخابات البرلمانية في العراق (يناير 2010) – والتي قد يتراجع فيها نفوذ الأكراد السياسي مع مشاركة مزيد من العرب السنة في الانتخابات - وزيادة توتر العلاقة بين الأكراد، وهي عوامل سوف تدفع الأطراف السابقة مجتمعة إلى البحث عن حلول وسطية لمطالبهم المختلفة حتى يتجنبا تفجرا غير محدود العواقب للأوضاع
---
للإطلاع على النص الكامل للتقرير، يرجى زيارة الموقع التالي
http://assets.opencrs.com/rpts/RS22079_20090603.pdf
يمكن نشر المقال مع الإشارة إلى مصدره
www.alaabayoumi.com
نص المقال
بمناسبة انعقاد الانتخابات البرلمانية والرئاسية الكردية في الخامس والعشرين من يوليو الحالي رأينا أن تناول في هذا المقال - بالعرض والتحليل - أحدث تقارير خدمة أبحاث الكونجرس (الذراع البحثي للكونجرس الأميركي) بخصوص أكراد العراق سعيا للوقوف على ملامح الموقف الأميركي من القضية الهامة في ضوء سياسات الإدارة الأميركية الجديدة
أبرز ما وجدنا في التقرير المختصر - الصادر في الثاني والعشرين من يونيو الماضي والذي يسعى إلى توصيف السياسة الأميركية أكثر من تبريرها أو توجيهها - هو ذلك التناقض الواضح بين أمرين، أولهما تعاطف الأميركيين العام مع قضية الشعب الكردي في العراق وخارجه وتقديرهم لتعاون أكراد العراق مع "الاحتلال الأميركي" بعد سقوط نظام صدام حسين، وثانيهما شعور الأميركيين - البادي من التقرير - بالتحديات الجسيمة التي تمثلها سياسات أكراد العراق لمساعي أميركا لتهدئة الأوضاع بالعراق من ناحية أخرى، وذلك لدرجة تدفعك إلى التساؤل حول ما إذا كان الأكراد باتوا يمثلون عبئا على الأميركيين وخططهم المستقبلية في العراق
تعاطف تاريخي وتعاون في إسقاط صدام
التقرير الصادر في الثالث من يونيو الماضي تحت عنوان "الأكراد في عراق ما بعد صدام" أبرز في مقدمته كون الأكراد يمثلون "رابع أكبر جماعة أثنية في الشرق الأوسط، ولكنهم لم يحصلوا أبدا على دولة وطنية" خاصة بهم، وأن مساعيهم للحصول على دولة قومية خاصة بهم بعد الحرب العالمية الأولى باءت بالفشل مما أدى إلى تحولهم إلى "أقليات" في أربعة دول، وهي سوريا والعراق وإيران وتركيا، ولهذا يعيش اليوم 20-25 مليون كردي بالشرق الأوسط بلا دولة تجمعهم
ويتحدث التقرير أيضا عما تعرض له الأكراد من حملات عسكرية مدمرة خلال عهد صدام حسين وتحديدا خلال الحرب العراقية الإيرانية، كما حدث في حلابجة (1988) والأنفال حيث قتل أكراد يقدر عددهم بالآلاف وشرد عشرات الآلاف منهم - وفقا للتقرير
كما يشير التقرير إلى تعاون أكراد العراق مع الأميركيين والذي يعود على أقل تقدير إلى فترة ما بعد حرب تحرير الكويت، حيث انضم "قادة أكراد" إلى "المجلس الوطني العراقي" وهي جماعة معارضة عراقية اتخذت من واشنطن مركزا لها، وبهذا بدأت صفحة جديدة في علاقة أكراد العراق مع الأميركيين ضد نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين
وتوثق هذا التعاون في عام 2003 ولكنه لم يعط الأكراد كل ما يتمنونه - كما يقول التقرير ومؤلفه كينيث كاتزمان (المتخصص في شئون الشرق الأوسط)، حيث اجتمعت قيادات كردية في شمال العراق في فبراير 2003 للإعداد لفترة "ما بعد صدام"، ولكن هذه الجماعات "شعرت بخيبة الأمل بسبب قرار أميركا تشكيل سلطة احتلال بدلا من تحويل الحكم فورا للعراقيين"، وبهذا بدأت مرحلة جديدة من التنازع المبكر على السلطة بين الأكراد والأميركيين وباقي الجماعات العراقية الأخرى
ويبدو أن هذا النزاع تأجل في البداية لأن الأكراد كما يقول التقرير "دخلوا السياسات الوطنية العراقية في مرحلة ما بعد صدام على قدم المساواة مع عرب العراق لأول مرة" في تاريخهم، بل أنهم – وفقا للتقرير ومؤلفه – فازوا بمكانة سياسية تفوق قوتهم السكانية بسبب تعاونهم مع الأميركيين والجماعات السياسية الشيعية وبسبب تأخر مشاركة العرب السنة في العملية السياسية العراقية بعد الاحتلال
ولكن يبدو أن الأسباب أو العوامل الثلاثة السابقة لم تدم مجتمعة لفترة طويلة، فالعلاقة الإيجابية بالشيعة لم تستمر، والسنة عادوا إلى المشاركة مما عرض الأكراد لتراجع نفوذهم السياسي بشكل مستمر وينذر بدخولهم حقبة من الخلافات السياسية مع القوى العراقية الأخرى يحذر منها التقرير
مشاكل كردية داخلية
هذا لا يعني أن جذور الأزمة الكردية نشأت خلال السنوات القليلة الماضية، فالتقرير ومؤلفه يرسمان صورة معقدة عن ذلك بكثير، فغالبية صفحات التقرير المختصر مليئة بالقضايا الخلافية التي تشوب تاريخ العمل السياسي الكردي بالعراق
فمنذ البداية يقول التقرير أن "الأكراد حصلوا على حقوق وطنية في العراق أكثر من أي بلد أخر حتى قبل سقوط صدام حسين" مشيرا إلى أكثر من اتفاقية تاريخية وقعها الأكراد مع حكومات بغداد تمنحهم حقوق وطنية خاصة مختلفة مثل استخدام اللغة في التعليم الابتدائي (1931)، والاعتراف بالقومية الكردية (1958)، والحكم الذاتي المحدود (1974)
ويشير التقرير هنا إلى المشاكل النابعة من داخل الأحزاب الكردية الكبرى نفسها، والتي دفعتها إلى التحالف مع نظام صدام حسين ودول أجنبية ضد بعضها بعضها، فهو يقول أن صدام حسين نجح في استمالة حزب الرئيس العراقي الحالي جلال طالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني) في عام 1984 وخلال الحرب العراقية الإيرانية وإقناعه بالتوقف عن قتاله في الوقت الذي استمر فيه حزب المعارضة الكردي الأقدم والمنافس الرئيسي للاتحاد الوطني وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة آل بارزاني في محاربة صدام
وتغير الحالي في منتصف التسعينيات بعد نشوب الحرب الأهلية الكردية بين حزبي طالباني وبرزاني، حيث تعاون الأخير مع صدام حسين ضد الأول في عام 1996
وعلى الرغم من تحالف الحزبين مع بعضهما بعضا سياسيا بعد سقوط صدام إلا أن التقرير يشير في نهايته إلى شكوك الأحزاب والجماعات الكردية الأخرى الأصغر في الحزبين خلال الفترة الحالية، فهو يقول أن الحزبين المسيطرين على الحكم في كردستان العراق يطالبان الحكومة المركزية في بغداد بالحصول على حصة أكبر ما عوائد النفط وبسيطرة أكبر على مصادر النفط بالإقليم، وذلك على الرغم من "رفض أهالي الإقليم للدرجة العالية من التحكم في اقتصاد الإقليم من قبل الحزبين الكبيرين" وفقا لبعض المراقبين، والذي يرون أن عائلتي الطالباني والبارزاني "يستخدمان مواقعهما السياسية للاستفادة ماليا، ثم يستخدمان إمكاناتهما المادية في إحكام الدعم السياسي" لحزبيهما، وهذا يعني أن "العائلات المستقلة والأصغر حجما" باتت أقل حظا وقدرة على الاستفادة من موارد الإقليم والتي يطالب الحزبان الكبيران بغداد بزيادتها
وهكذا تبدو الصورة مختلطة بين أقلية كبيرة (15-20% من أهالي العراق كما يقدرها التقرير) ذات حقوق تاريخية وتعاون ممثليها مع الأميركيين بعد احتلالهما العراق من ناحية، وبين السياسات الكردية التي لا تخلوا من صراعات داخلية وتنافس على السلطة من ناحية أخرى، وهي خلافات تزداد في نظر الأميركيين إذا أضفنا بعدا ثالثا للصورة وهو البعد الخاص بالعلاقة ما بين أكراد العراق والجماعات العراقية الأخرى (شيعة وسنة وأقليات كالمسيحيين والتركمان) في عراق "ما بعد صدام حسين"
حقوق ما بعد صدام
يشير التقرير – كما ذكرنا من قبل - إلى أن تعاون الأكراد المبكر مع الأميركيين قبل سقوط صدام ومشاركتهم المبكرة في "إدارة الاحتلال" حجز لهم مكانية سياسية كبيرة، لذا شارك خمسة قادة أكراد (من بينهم جلال طالباني ومسعود بارزاني) في مجلس حكم العراق الذي شكل في يوليو 2003، وشاركوا في الحكومة الانتقالية التي شكلت في يونيو 2004 حيث عين هوشيار زيباري (أحد كبار مساعدي مسعود البارزاني) وزيرا للخارجية رغم "معارضة كثيرا من الشخصيات العراقية" كما يقول التقرير
كما حافظ الدستور الانتقالي (مارس 2004) على شبه استقلالية حكومة كردستان الإقليمية، وأعطاهم الحق في تغيير تطبيق القوانين العراقية الوطنية عند تنفيذها داخل الإقليم وفي الحفاظ على قوات أمن خاصة بهم (البشمركة) والتي يقدر عددها حاليا بحوالي 75-110 ألف مقاتل، كما أعطى الدستور الانتقالي للأكراد حق الفيتو على الدستور الدائم، والذي أقر في أكتوبر 2005 بعدما "اتفق مع غالبية مطالبهم الأكثر أهمية" وفقا للتقرير
الدستور الدائم أعطى الأكراد حكم ذاتي وقبل "بإصرارهم" على "فيدرالية" العراق، وأعترف بمحافظاتهم الثلاثة (حيث يشكلون أغلبية)، وهي دهوك وإربيل والسليمانية "كإقليم" تحكمه "حكومة كردستان الإقليمية" والتي تمتلك حق سلطة تغيير تطبيق القوانين العراقية الوطنية على المناطق الكردية
ولم يعط الدستور الانتقالي أو الدائم للأكراد السيطرة على كركوك الغنية بالنفط، ولكن الدستور الانتقالي سمح للأكراد الذين طردهم صدام من كركوك بالعودة إلى منازلهم
ووفقا للتطورات السياسية والدستورية السابقة شارك الأكراد في الانتخابات العراقية الوطنية في عام 2005 كما عقدوا انتخابات إقليمية بكردستان العراق في العام نفسها، وقد نجح تحالف سياسي بين الحزبيين الكرديين الرئيسين (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني) في إيصال رئيس الاتحاد الوطني جلال طالباني إلى رئاسة العراق، بينما فضل رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني التركيز على ترسيخ نفوذه داخل الإقليم حيث تولي رئاسة الإقليم، كما تولى أحد أقاربه (نيجيريفان بارزاني) منصب رئيس وزراء الإقليم
كما أحكمت قوات البشمركة سيطرتها على الإقليم، حيث يشير التقرير إلى أن القوات الأميركية حولت السيطرة على محافظات الإقليم الثلاثة في مايو 2007 لقوات أمن عراقية "يغلب عليها" وحدات أمن كردية
الصراع مع بغداد والأقليات
يقول التقرير أن "القوة السياسية" التي حصل عليها الأكراد في عراق "ما بعد صدام" لم ترتق إلى طموحاتهم الرامية إلى "بناء ديمقراطية متعددة الإثنيات تعطي الأكراد حقوق كاملة وتخاطب الانتهاكات التي يرى الأكراد إنهم تعرضوا لها خلال حكم صدام" ولكن تلك "القوة السياسية" ذاتها أشعرت الأقليات العراقية في الشمال العراقي وعرب العراق وجيران العراق بأن الأكراد "يؤكدون على مطالب مفرطة، ويهددون تجانس العراق"
وقد تبلورت الخلافات السابقة حول قضايا جوهرية رئيسية، نلخصها في خمسة قضايا رئيسية
أولا: الصراع مع العرب على السيطرة على عدد أكبر من المجالس المحلية بالمحافظات الشمالية (نينوى وديالي) التي لا تقع ضمن إقليم كردستان العراق لأن إحجام السنة العرب عن المشاركة السياسية في البداية سمح للأكراد بالحصول على مكانة سياسية تفوق قدرتهم التصويتية، وهي مكانة تراجعت نسبيا مع عودة العرب السنة إلى المشاركة خاصة في انتخابات يناير 2009 المحلية التي شهدت تراجع نصيب الأكراد في المجالس المحلية بنينوى وديالى
وتمثل السيطرة على كركوك وبعض مدن ديالي ونينوى جوهر هذا الصراع، فكركوك تطفو على عشر احتياطات العراق النفطية، وهي أيضا موطن أقليات عراقية تركمانية ترى تركيا أنها مسئولة عن حمايتهم
كما أن بعض مدن الشمال هي موطن لأقليات أخرى كالأقلية المسيحية وتخشى تلك الأقليات بالإضافة إلى عرب الشمال (سنة وشيعة) من وجود محاولات أو حملات أمنية كردية سرية لتهجير سكان تلك المدن غير الكردية تمهيدا لضم تلك المناطق لإقليم كردستان
وقد اتخذ التوتر الإثني داخل تلك المدن مظاهر مقلقة خلال العام الماضي مثل فرار آلاف الأسر المسيحية من الموصل في أكتوبر 2008، ومثل قرب دخول القوات الحكومية في صراع مسلح مع قوات البشمركة للسيطرة على إحدى مدن ديالى في أغسطس 2008، وهي مواجهة كارثية لم يحل دون وقوعها سوى تدخل القوات الأميركية بين الطرفين، وفي السياق نفسه يرفض الأكراد مساعي المالكي لتشكيل مجالس قبلية بمدن الشمال خوفا من أن تعمل تلك المجالس ضد عودة السكان الأكراد لتلك المدن
لذا فشلت جهود تحديد مصير مدينة كركوك سواء بالانضمام إلى بغداد أو إقليم كردستان، كما فشلت جهود عقد الانتخابات المحلية العراقية بالمدينة في يناير الماضي
ثانيا: تحالف الأكراد خلال الفترة من 2003 وحتى نهاية 2008 مع حزب الدعوة (حزب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي) وحليفه المجلس الأعلى للعراق بقيادة عبد العزيز الحكيم مما ساعد المالكي – كما يقول التقرير – ليس فقط على مواجهة "التحديات السياسية" القادمة من العرب السنة، ولكن أيضا على مواجهة التحديات القادمة من جماعات شيعية أخرى (مثل أتباع مقتدى الصدر)، ولكن التحالف بين الطرفين انتهي في أواخر 2008 بسبب شعور الأكراد بأن المالكي لا يستجيب لمطالبهم
لذا يعبر التقرير عن مخاوفه من أن تزداد الفجوة بين الأكراد وعرب العراق في الانتخابات البرلمانية المقبلة (يناير 2010)
ثالثا: رغبة بعض النواب العرب في تقليص حصة الأكراد من عوائد الحكومة العراقية من النسبة المتفق عليها وهي 17% إلى 12%، وهنا يقول الأكراد أنهم سوف يلتزمون بأي نسبة تعادل وزنهم السكاني في حالة انعقاد إحصاء للسكان
ولكن زاد من الأمر تعقيدا توقيع حكومة إقليم كردستان لعقود نفط مع شركات أجنبية في أغسطس 2007 وهو تصرف اعتبرته الحكومة العراقية "غير قانوني"، كما أنه يعزز مخاوف الدول المجاورة للإقليم من وجود نزعات انفصالية لدى قادة الإقليم
رابعا: هناك خلاف حول قوات البشمركة والصلاحيات الممنوحة لحكومة الإقليم في تسليحها، وهنا يشير التقرير إلى أن الحكومة العراقية "لم تعارض" صفقة عقدتها حكومة إقليم كردستان لشراء أسلحة من بلغاريا في نوفمبر 2008 حيث تم تصدير الأسلحة مباشرة لحكومة الإقليم
والواضح من التقرير أن البشمركة تعمل بإمرة قادة الأقليم وتسيطر عليه وتحمي الأكراد أمنيا، ولكنها في نفس الوقت جزء من القوات العراقية مما يعطيها مزايا خاصة تفوق مزايا القوات الأخرى
خامسا: يضاف إلى ما سبق مخاوف جيران العراق نزعات الإقليم "الاستقلالية" ومن نشاط جماعات مثل حزب العمال الكردستاني (الذي يهدد الأتراك) وحزب الحياة الحرة الكردستاني (الذي يهدد الإيرانيين) داخل الإقليم
صمت أوباما
ولا ينسى التقرير – الصادر في أوائل يونيو الماضي - أن يؤكد عبر صفحاته على أن الرئيس الأميركي أوباما لم يدل بأي تصريحات رسمية خاصة بإكراد العراق على الرغم من مخاوف بعض قيادات العراق من تبعات خطط أوباما لتخفيض عدد القوات الأميركية بالعراق وسحبها تدريجيا
ويقول إن إدارة بوش سعت إلى إقناع الأكراد بالتدرج في مطالبهم السياسية حفاظا على الاستقرار
وهكذا تبدو علاقة الأميركيين بأكراد مختلطة بين تعاطف تاريخي وتقدير لتعاونهم السياسي ضد نظام صدام حسين وبعد الاحتلال، وشعور بأن مطالب الأكراد تمثل عبئا إضافيا على الأميركيين في العراق قد يحرم أميركا من تحقيق هدفها الأول حاليا في العراق وهي الحفاظ على أكبر قدر من الاستقرار تمهيدا لسحب القوات لتفريغها لحرب أفغانستان ومهام أميركية أخرى
وهو تناقض يصعب استمراره دون الظهور على السطح في ظل صمت أوباما وسعيه لسحب مزيد من القوات الأميركية تدريجيا من العراق واقتراب موعد انعقاد الانتخابات البرلمانية في العراق (يناير 2010) – والتي قد يتراجع فيها نفوذ الأكراد السياسي مع مشاركة مزيد من العرب السنة في الانتخابات - وزيادة توتر العلاقة بين الأكراد، وهي عوامل سوف تدفع الأطراف السابقة مجتمعة إلى البحث عن حلول وسطية لمطالبهم المختلفة حتى يتجنبا تفجرا غير محدود العواقب للأوضاع
---
للإطلاع على النص الكامل للتقرير، يرجى زيارة الموقع التالي
http://assets.opencrs.com/rpts/RS22079_20090603.pdf
No comments:
Post a Comment