Tuesday, June 07, 2011

مشروع نجم سياسي مصري شاب



بقلم: علاء بيومي

د. معتز عبد الفتاح – المستشار السياسي لرئيس وزراء مصر الحالي عصام شرف – يمتلك قدرات سياسية واضحة تؤهله للعب دور هام في الفترة المقبلة لو أحسن توظيف قدراته وطورها في الاتجاه الصحيح، ولدي أسبابي:

أولا: د. عبد الفتاح أستاذ علوم سياسية وكاتب رأي يكتب بأسلوب سهل ممتنع لا يخلو من العمق والدقة، فالرجل يجيد بمهارة أستاذ الجامعة تحويل الأفكار السياسية الصعبة إلى مادة سهلة تنشر في مقال صغير للغاية ويفهمها القارئ العادي.

ثانيا: وهو الأهم، عبد الفتاح ينتمي إلى تيار سياسي مصري مفصلي في الفترة القادمة، وهو ما يجعلني أنتظر منه الكثير، فهو ينتمي ليمين وسط السياسة المصرية، وهو الحلقة الأهم والمفقودة بين التيارات السياسية الحالية، فالرجل يكتب بلغة لا تسيء لأحد، وأعتقد أنها تلقى قبولا لدى الكثيرين، فمقالاته تتضمن الكثير من الأفكار والقيم الدينية، ولكنه يتحدث بسلاسة عن القيم الليبرالية والغربية التي تفيد واقعنا العربي.

بمعنى أخر سياسيين يتحدثون بلغة عبد الفتاح يمكنهم تجميع المصريين لا تفريقهم، ومخاطبة الأطراف المختلفة من التيارات السياسية المصرية وشدهم نحو وسط السياسة المصرية لا أطرافها، فهو يستطيع أن يخاطب الإسلامي والعلماني والليبرالي واليساري – في نفس الوقت وبنجاح – كما أتصور.

الرجل نشأ في مصر وتخرج من أحدى جامعاتها، ودرس في أميركا وعمل بإحدى جامعاتها، وتستفيد من مقالاته عندما يتحدث عن الإسلام أو الأفكار السياسية الغربية، وهو شيء نادر وسط الكتاب السياسيين المصريين حاليا، خاصة وأن مقالاته تتميز بالعمق والدقة في أغلب الأحيان.

ومصر في حاجة لسياسيين مثله قادرين على التحدث للمواطن البسيط والمثقف والإسلامي والعلماني وللعالم الخارجي بمقدرة وفهم ووعين، فمصر الصورة تحتاج لسياسيين قادرين على الحديث لمصر وللعالم، وليس لفئة محدودة من المصريين فقط.

ثالثا: عبد الفتاح ينتمي لجيل الشباب، بما يعنيه ذلك من طاقة ونشاط وإجادة لأدوات التواصل الحديثة وقدرة على التواصل بين الأجيال العمرية والسياسية المختلفة، وقد تحدث عبد الفتاح في بعض مقالاته عن انتمائه لجيل وسط (الثمانينيات والتسعينيات) وعن رغبته في أن يلعب جيله دور الوسيط بين الأجيال الأكبر عمرا وشباب مصر صانع ثورتها.

رابعا: عمل عبد الفتاح كمستشار سياسي لعصام شرف لابد وأن يصقل مهاراته السياسية ويمنحه خبرة في فهم المجال التنفيذي من السياسة، وربما يؤهله بعد ذلك للعب دورا سياسيا أكبر في المستقبل.

خامسا: رأيت الرجل وسمعته يتحدث في بعض الأحيان في برامج تلفزيونية وفي مواد تعليمية مسجلة على شبكة الانترنت، وأعجبني حديثه كسياسي لأنه يتحدث بقدر كبير من الحكمة والدبلوماسية والحرص، وإن كنت لم أشاهده يتحدث أمام جماهير غفيرة، وكنت أتمنى ذلك لأبني فكرة عن قدرته على تحريك الجماهير، وهو أمر ضروري لكل سياسي ناجح.

على الجانب الأخر يعاني مستقبل د. عبد الفتاح السياسي من بعض التحديات، أولها خلفيته الأكاديمية والتي أتمنى آلا تطغى عليه وتحرمه من العمل وسط الجماهير وعدم الاكتفاء فقط بتقديم النصح السياسي، فالعمل الجماهيري ضروري لأي سياسي ناجح قادر على تطوير السياسة المصرية، فالمصريون ملوا – كما أعتقد – من السياسيين الهابطين عليهم من السماء بلا شعبية أو تاريخ سياسي.

وهذا يقودنا إلى التحدي الثاني أمام د. عبد الفتاح، وهو أنه لا يمتلك تاريخ من العمل السياسي في مصر، فالرجل – رغم أنه عاش وتربي في مصر وتخرج من جامعاتها، إلا أنه أقام لفترة في الولايات المتحدة وعاد مؤخرا إلى القاهرة، وقد لا يعرفه الكثيرون آلا بعض من تابعوا كتاباته أو مشاركاته الإعلامية.

وقد يفسر هذا بعض الانتقادات التي وجهت لتعيينه مستشارا لشرف، فالبعض رأى أنه أميركي الهوى، وآخرون انتقدوه بصفات ليست فيه – كما أتصور وأعتقد، والسبب في ذلك – من وجهة نظري – هو أن عبد الفتاح لا يمتلك تاريخ سياسي كافي في مصر، وأعتقد أنه عليه أن يسعى لبناء مثل هذا التاريخ في أقرب فرصة.

التحدي الثالث: هو عدم انتماء عبد الفتاح لحركة أو تيار سياسي بعينه، وقد يعود ذلك لتصوره لأخلاق السياسة العامة، فالرجل ينطلق من فهم "إسلامي" لأخلاق السياسي، يرى أن السياسي عمله كله لله، وأنه ليس طالب سلطة أو شعبية، أو حتى دور سياسي.

وهي أفكار ممتازة وتختلف عن الأخلاق السياسية الأميركية الأكثر شيوعا في عالمنا المعاصر، والتي تتميز بالتأكيد على التنافس والصراع والحروب الإعلامية والدعاية والإعلان واغتيال الشخصيات المنافسة إعلاميا وسياسيا إذا أمكن.

معتز عبد الفتاح يقول لك: لا أنا زاهد في كل هذا، ولا أريده، وحقيقة هذا منطق رائع يستحق التشجيع، ولكنه يعيبه شيء أساسي، وهو أن عبد الفتاح كمعلم للسياسة ابتغاء لوجهة الله وكرجل يريد مساعده بلده في تخصصه، لن يتمكن من ذلك لو استمر على هذا النهج.

ففاقد الشيء لا يعطيه، ومعلم السياسية لن يفهمها لو استمر يقرأ عنها ولا يمارسها، وأنا ألوم بعض أستاذة العلوم السياسية المصريين الذي ركزوا على الجامعة والكتب وتركوا الشارع والجماهير.

ثانيا: أن مساعدة مصر لن تكون من خلال الكتابة في الصحف والمجلات فقط، فالسياسة تعترف بالحركات الكبرى والتي تمتلك المؤسسات والمنظمات والأموال والأصوات ووسائل الإعلام، ولو قلنا إن فلان زاهد ولا يريد كل هذا، فهو كمن يقول: أنا أحب العمل منفردا ... سأترككم وأكتفي بالمراقبة.

لهذا أعتقد أن كتاب وسياسيين بقدرات د. عبد الفتاح ينبغي عليهم – لو أرادوا خدمة مصر – أن يدخلوا الساحة السياسة المصرية من أبوابها الطبيعية والأساسية، فمصر في حاجة إلى حركات جماهيرية ومؤسسات سياسية راسخة وذات تقاليد، وذلك قدر حاجتها لأمثال د. عبد الفتاح.

وأنا شخصيا أتمنى أن يتوقف معتز عبد الفتاح عن الكتابة في الصحف لفترة أو يقلل منها، وأن ينفق وقت أكبر في العمل الجماهيري والسياسي الصرف، كما أتمنى أيضا أن يخطط لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة ولبناء مؤسسة سياسية تفيد العمل السياسي في مصر.

وهذا ليس محاولة منا لمديح شخص أو ذمه، ولكن محاولة للمساعدة والتركيز على القضايا والشخصيات المصرية التي نتوسم فيهم القدرة على مساعدة مصر والمصريين في الفترة الهامة الراهنة، والله أعلم.

1 comment:

Anonymous said...

ليكون مستشارا حقيقياً ربما يحتاج المذكور للهامش الذي هو فيه الان من استقلالية تمنحه التحرر من ضغوط التحزب بل وحتى ضغوط المصالح المتضاربة احيانا من الجماهير نفسها التي يريد ان يخدمها. بهذا يمكنه ان يفكر بروية لتشخيص الحالات وتحليلها وبرمجة حلولها ومنافذها. مثلكم يعرف ان المستشارين هم الأكثر قدرة على توجيه القرار وهم البطانة المؤثرة في الخارج. ربما نحتاج بالدرجة الأولى في عالمنا العربي لمثل هؤلاء المخلصين، حيثما هم، أفضل من أن تحرقهم اضواء المداهنة والرياء والضعف. ومادام الشخص يريد ان يعمل لوجه الله فلماذا نضعه في واجهة مدافع الشياطين؟