بات روبرتسون
مقال بقلم: علاء بيومي
نص المقال التعريفي
ولد ماريون جوردون روبرتسون الشهير ببات روبرتسون في الثاني والعشرين من مارس عام 1930 في مدينة ليكسينجتون بولاية فيرجينيا الأمريكية لعائلة معروفة بنشاطها السياسي إذ عمل والده آبسلوم ويليز روربتسون كعضو ديمقراطي محافظ بمجلس الشيوخ الأمريكي
تلقى روبرتسون تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس تابعة للجيش الأمريكي، كما التحق في عام 1948 بسلاح مشاة البحرية الأمريكية، وأرسل في عام 1951 للخدمة في اليابان لمدة أربعة شهور عمل خلالها في تدريبات إعادة تأهيل جرحي الجيش الأمريكي في كوريا، ثم أرسل بعد ذلك إلى كوريا، حيث يوجد خلاف حول طبيعة المهام التي كلف بها بكوريا ومدى التزامه كجندي بالجيش الأمريكي
بعد عودته من كوريا سعى روبرتسون الحصول على شهادة في القانون من جامعة يال الأمريكية ولكنه فشل في عام 1955، ثم مر روبرتسون بعد ذلك بفترة تحول فكري توجه بعدها لدراسة الدين حيث تمكن من الحصول على ماجستير في الدراسات الدينية من إحدى جامعات نيويورك في عام 1959
بدأ روبرتسون عمله كقس معمداني جنوبي في عام 1961 واستمر في منصب الكنسي حتى عام 1987 حيث تخلي عن منصبة كقس عندما رشح نفسه للمنافسة على بطاقة الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 1988 ومنذ ذلك الحين لم يعيد روبرتسون مؤهلاته الكنسية وإن أصبح عبر إنجازاته المختلفة واحد ممن يمكن تسميتهم بقادة اليمين المسيحي الأمريكي عبر الولايات المتحدة
عبقرية روبرتسون التنظيمية
تكمن عبقرية روبتسون في كاريزميته كداعية وفي قدراته التنظيمية كإعلامي وكقائد وكرجل أعمال حيث تمكن روبرتسون من تأسيس إمبراطورية من المؤسسات اليمينية المسيحية يأتي على رأسها منظمة التحالف المسيحي المعنية بتشجيع مشاركة المسيحيين المتدينين في الحياة السياسية الأمريكية، وقد أسس روبرتسون التحالف المسيحي في عام 1988 بعد أن فشل في الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية في عام 1988، ويقدر عدد أعضاء التحالف المسيحي حاليا بحوالي 1.2 مليون عضو، وقد تخلى روبتسون عن رئاسة التحالف المسيحي في عام 2001
كما أسس روبرتسون وكالة البث المسيحية (CBN) والتي تحولت إلى إمبراطورية إعلامية ضخمة لروبرتسون وللمسيحيين المتدينين بأمريكا، وقد أسس ربرتسون الوكالة في عام 1960 بمدينة فيرجينيا بيتش بولاية فيرجينيا بإمكانيات محدودة، وتحولت عبر الزمن إلى وكالة ضخمة تشاهد برامجها في 180 دولة وتذاع برامجها بـ 71 لغة
كما ساعدت أنشطة روبرتسون الإعلامية على تكوين ثروة شخصية له جمعها من شراء محطات إذاعية بأثمان بخثة في الستينات ثم بيعها في الثمانينات مقابل أموال طائلة، فعلى سبيل المثال بيعت إحدى محطات روبرتسون التلفزيونية الخاصة بقضايا الأسرة وهي قناة التسلية الدولية للأسرة "إنترناشيونال فاميلي إنترتاينمت" لقناة فوكس للأطفال في عام 1997 بمبلغ 1.9 بليون دولار أمريكي، هذا إضافة إلى امتلاك روبرتسون حصصا في هيئات إعلامية في أسيا وبريطانيا وأفريقيا
إضافة إلى المؤسستين السابقتين أسس روبرتسون جامعة باسم جامعة وكالة البث المسيحية في عام 1977 في مدينة فيرجينيا بيتش ثم أعاد تسمية الجامعة إلى جامعة ريجينت في عام 1989، وعمل روبرتسون كعميدها، كما أسس روبرتسون وكالة إغاثة خيرية تعرف باسم وكالة عملية الرحمة الدولية للإغاثة والتنمية، ومكتب قانون يعرف باسم مركز الأمريكي للقانون والعدالة للدفاع عن قضايا المسيحيين المتدينين في الحياة العامة الأمريكية
كما يقدم روبتسون برنامج نادي السبعمائة والذي يعد أحد أشهر برامج اليمين المسيحي في أمريكا والذي يذاع مرتين يوميا وتنقله قنوات أمريكية مختلفة
روبرتسون المرشح السياسي
إضافة إلى قدراته التنظيمية وكاريزميته تركت طموحات روبرتسون السياسية وتصريحاته النارية علامة فارقة على تاريخه كأحد قيادات اليمين المسيحي المتدين في أمريكا
ففي عام 1986 أعلن روبرتسون نيته ترشيح نفسه للمنافسة على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية في عام 1988، واشترط روبرتسون لتأكيد نيته أن يقوم ثلاثة ملايين شخص من مسانديه بالتطوع للمساعدة في الحملة، وفي سبتمبر 1987 تمكن روبرتسون من تحقيق هدفه السابق إضافة إلى حصده ملايين الدولارات كتبرعات لحملته، لذا أعلن ترشيحه في الانتخابات مستقيلا عن منصبه كقس وعن رئاسته لوكالة البث المسيحية ومتحديا سياسيين كبار وعلى رأسهم جورج بوش الأب (نائب الرئيس رونالد ريجان)
ركز روبرتسون في أجندته على قضايا تهم المسيحيين المتدينين في الحياة العامة الأمريكية كحظر الإباحية، كما ركز على قضايا تهم اليمين التقليدي مثل إصلاح النظام التعليمي والمطالبة بوضع تعديل دستوري يفرض على الحكومة بناء ميزانيات فيدرالية متوازنة، كما تبنى قضايا تعبر عن عما يمكن تسميته باليمين المنغلق أو شديد المحافظة السياسي مثل إزالة بعض الوزارات كالتعليم والطاقة
وبدوران عجلة الانتخابات داخل الحزب الجمهوري عجز روبرتسون عن منافسة بقية المرشحين خاصة بوش الأب، وفي مؤتمر الحزب الجمهوري لعام 1988 أعلن روبرتسون تأييده لبوش مطالبا مسانديه بالتصويت لبوش الأب في الإنتخابات الرئاسية
إتخذ روبرتسون من التأييد والزخم السياسي الذي حصده خلال حملته الإنتخابية قاعدة لإطلاع منظمة التحالف المسيحي لكي تعمل على تشجيع مشاركة المسيحيين المتدينين في الحياة السياسية الأمريكية
روبرتسون المثير للجدل
إشتهر بات روبرتسون عبر تاريخه كشخصية عامة أمريكية بتصريحاته المثيرة للجدل لما تضمنه من هجوم قوي على خصومه وإدعائه بأن الله يقف على جانبه في مقابل خصومه
المثير هنا أن خصوم روبرتسون لم يتقصروا على الأجانب أو غير المسيحيين بل شملوا طوائف مسيحية وحركات أمريكية أيضا، ففي يناير 1991 هاجم طوائف بروتستينية أخرى ووصفهم بأنه "معادين للمسيح"، كما هاجم روبرتسون الحركات النسوية الغربية واصفا الحركة النسوية بأنها "حركة سياسية إشتراكية معادية للأسرة تشجع النساء على ترك أزواجهن وعلى قتل نسائهن وعلى ممارسة السحر وعلى تدمير الرأسمالية والتحول إلى سحاقيات"
كما تعرض روبرتسون لإتهامات مختلفة عبر تاريخه بإستخدام الدين كغطاء لتعبئة مسانديه لتحقيق طموحات سياسية وإقتصادية خاصة به، فعلى سبيل المثال ساند روبرتسون الرئيس السابق لليبريا تشارلز تايلو ونقد التدخل الأمريكي في الحرب الأهلية ضد تايلور خلال الفترة يوينو-يوليو 2003، حيث تدخلت أمريكا لصالح معارضي تايلور مما عرض التدخل الأمريكي لإنتقادات لاذعة من قبل روبرتسون ومسانديه
وبعد ذلك تعرض روبرتسون لإنتقادات من وسائل الإعلام الأمريكية لأن روبرتسون لم يذكر في حديثه عن تشارلز تايلور أنه يمتلك إستثمارات في مناجم للذهب بليبريا تقدر بثمانية ملايين دولار أمريكي، كما أن روبرتسون لم يذكر أن تشارلز تايلور متهم من قبل الأمم المتحدة في جرائم حرب ومتهم بحماية عناصر من القاعدة
كما شملت قائمة خصوص روبرتسون الخارجية الأمريكية والقضاه الأمريكيين وبعض زعماء الدول الأجنبية، إذ سبق وأن إقترح روبرتسون ضرب الخارجية الأمريكية بقنبلة نووية صغيرة وهي تصريحات إنتقدها كولن باول وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الحين، كما قارن روبرتسون بعض القضاة الأمريكيين الليبراليين بأنهم إرهابيين، كما طالب في أحدى برامجه بإغتيال هوجو شافيز رئيس فنزويلا
وغالبا ما تحصد تصريحات روبرتسون المثيرة للجدل إنتقادات واسعة بما في ذلك إنتقادات من قيادات بالكنيسة الجنوبية المعمدانية التي ينتمي إليها روبرتسون، مثل ريتشارد لاند رئيس برامج السياسة العامة بمؤتمر الكنائس الجنوبية المعمدانية الذي سبق وإن إنتقد روبرتسون في أكثر من مناسبة
روبرتسون وإسرائيل
خلال تاريخه كاحد قيادات اليمين المسيحي الأمريكي تلقى روبرتسون أكثر من تكريم من منظمات يهودية أمريكية ومنظمات مساندة لإسرائيل، إذ تم تكريمه في عامي 1975 و1979 من قبل منظمة المؤتمر المؤتمر الوطني للمسيحيين واليهود، كما حصل في عام 1994 على تقدير "المدافعين عن إسرائيل" من حملة المسيحيين للعمل العام بخصوص إسرائيل، وهي جائزة تذهب لمن "قدموا إسهامات كبرى في تقوية العلاقات الأمريكية الإسرائيلية"، كما حصل في عام 2002 على جائزة "أصدقاء دولة إسرائيل" من المنظمة الصهيونية بأمريكا
وفي أكتوبر 2004 حذر روبرتسون خلال زيارة قام بها لإسرائيل الرئيس بوش من أي محاولة لتغيير الوضع السياسي القائم في القدس سوف تؤدي لفقدان بوش لدعم الإنجليكيين له، كما ذكر روبرتسون أن بوش لا يجب أن يطيع الضغط الدولي المطالب بجعل نصف القدس عاصمة لدولة فلسطينية
وفي يناير 2006 هاجم روبرتسون – خلال برنامجه نادي السبعمائة – آريل شارون رئيس وزراء السابق بسبب مساعيه للتخلي للإنسحاب من بعض الأراضي الفلسطينية، حيث عبر روبرتسون عن إعتقاده بأن الجلطة الدماغية التي تعرض لها شارون هي عقاب من الله له على مساعية لإعطاء مزيد من الأراضي للفلسطينيين
وقد لاقت تصريحات روبرتسون بخصوص شارون إنتقادات واسعة من إسرائيل ومسانديها بالولايات المتحدة ومن بعض القيادات الإنجليكية الأمريكية مما دفع روبرتسون إلى الإعتذار عنها في خطاب أرسل به إلى عائلة شارون بعض أيام من تلفظه بالإنتقادات الموجهة لشارون
روبرتسون والإسلام
يمتلك روبرتسون سجلا واسعا من التصريحات المسيئة للإسلام خاصة في الفترة التالية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ففي عام 2002 رفض روبرتسون تسمية الإسلام بأنه "دين سلام" وقال أن هدف الإسلام هو "التحكم، والسيطرة ثم ... التدمير"، وفي مارس 2006 ذكر روبرتسون خلال إحدى حلقات برنامج نادي السبعمائة في رد فعله بخصوص موقف المسلمين من الرسوم الدانماركية المسيئة للرسول أن هدف الإسلام هو "السيطرة على العالم" وأن الإسلام "ليس دين سلام"، كما ذكر أن رد الفعل المسلمين نحو الرسوم الدنماركية "يوضح نوع الشعوب التي نتعامل معها. هذه الشعوب هم متطرفين لحد الجنون" وأن رد فعل المسلمين يحركه "قوى شيطانية"
هذا إضافة إلى إساءات أخرى وجهها روبرتسون للإسلام وللرسول محمد صلى الله عليه وسلم – الذي وصفه روبرتسون في إحدى المناسبات بأنه "متطرف ... سارق وقاطع طريق .. وقاتل"[i]، وللمسلمين من خلال برنامجه نادي السبعمائة ومن خلال وسائل إعلام يمينية وغير يمينية أمريكية قبل وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر
وجدير بالذكر أن هجوم روبرتسون على الأديان الأخرى لم يتقصر على الإسلام إذ هاجم روبرتسون الهندوسية في أكثر من مناسبة
----
مقالات ذات صلة
دك آرمي