Sunday, December 31, 2006

رالف ريد


مقال بقلم: علاء بيومي

نص المقال التعريفي

يعد رالف ريد أحد أبرز القادة المعبرين عن التيار المسيحي المتدين بأمريكا خلال الفترة الحالية خاصة وأنه ينتمي لجيل جديد من القيادات الشابة دخل صفوف اليمين المسيحي والحزب الجمهوري مما يجعل قصة نشأة وصعود ريد هي - في أحد جوانبها - قصة صعود اليمين المسيحي في الحياة العامة الأمريكية خلال العقود الثلاثة الأخيرة

ولد رالف أوجين ريد في الرابع والعشرين من يونيو عام 1964 بمدينة بورتسموث بولاية فيرجينيا الأمريكية، تنقل ريد كطفل مع أسرته بعدة ولايات جنوبية مثل فلوريدا وجورجيا، والتحق بجامعة ولاية جورجيا لدراسة التاريخ حيث حصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ في عام 1985 بعد حوالي ستة سنوات من التحاقه بالجامعة انشغل فيها ريد بعضوية إتحاد الطلاب الجمهوريين بالجامعة وبالكتابة بإحدى صحفها وبالنشاط في اللجنة الوطنية لطلاب الجامعات الجمهوريين بواشنطن

قائد ومشاغب منذ نعومة أظافره

اشتهر ريد منذ بداية نشاطه السياسي كطالب جامعي بانتمائه لجيل جديد من القيادات الجمهورية الشابة المتميزة خاصة في ظل علاقة ريد القوية باثنين من رموز هذا الجيل وهما جاك إبراهوموف والذي عمل كرئيس للجنة الوطنية لطلاب الجامعات الجمهوريين في أوائل الثمانينات، وجروفر نوركويست المدير التنفيذي للجنة خلال الفترة ذاتها

وكان ريد قد انتقل في عام 1981 للعمل كمتدرب بمكتب إبراهوموف، وبعد رحيل نوركويست عن منصب مدير المكتب التنفيذي للجنة في عام 1983 تم ترقية ريد إلى منصبه

أتقن ريد خلال سنوات نشاطه الطلابي مهارات الجدل السياسي بالشارع ومهارات العمل السياسي وراء الستار، ولم تخل مسيرته من مواقف صعبة ومثيرة الجدل، إذ تم وقفه عن الكتابة بجريدة الجامعة بتهمة النقل من مؤلف أخر دون الإشارة إليه، كما وبخ من قبل اللجنة الوطنية لطلاب الجامعات الجمهوريين في عام 1983 بسبب دوره في التلاعب في انتخابات رئاسة إتحاد الطلبة بجامعته لصالح أحد المرشحين المساندين له، كما ألقي القبض على ريد في عام 1985 بسبب اقتحامه إحدى عيادات الأطباء الممارسين للإجهاض حيث أفرج عنه بعد توقيعه تعهدا بعدم التعرض العيادة مستقبلا

وبعد تخرج ريد من الجامعة توجه لدراسة التاريخ بجامعة إموري وحصل على الدكتوراه

التدين حول حياته

تقول بعض التقارير أن ريد كان يسعى للعمل كأستاذ جامعي ولكن الدين والسياسة غيرا حياته، ففي سبتمبر 1983 مر ريد بفترة تدين تحول بعدها للتيار الإنجليكي ولمن يسمون بالمسيحيين الذين ولدوا من جديد، وفي عام 1989 عرض بات روبرتسون على ريد العمل كمدير تنفيذي لمنظمة التحالف المسيحي التي أسسها روبرتسون لحشد قوى المسيحيين المتدينين السياسية بعد أن فشل في الفوز بترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 1998

ظل ريد في منصبة كمدير للتحالف المسيحي حتى 1977 وساهم ريد في بناء مجد التحالف وقوته السياسية وحقق معه شهرة شخصية واسعة على مستوى الولايات المتحدة، فخلال فترة عمل ريد بالتحالف كان بمثابة وجه ولسان التحالف في الإعلام، كما حرص ريد على إبعاد التحالف وأنشطته عن المظاهرات والتكتيكات الفظة مفضلا العمل من خلف الستار واستخدام التكتيكات الناعمة، كما نشط التحالف في معارضة سياسية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون باعتبارها سياسات ليبرالية على المستوى الأخلاقي، كما ساهم التحالف في تفعيل دور المسيحيين المتدينين السياسي وداخل الحزب الجمهوري مما ساهم بفوز الجمهوريين في انتخابات عام 2004 التشريعية والتي ساعدتهم على الحصول على مقاعد الأغلبية بمجلس النواب الأمريكي، لذا لم يكن من المستغرب أن تقوم مجلة تايم الأمريكية في 15 مايو 1995 بنشر صورة ريد على غلافها وتحتها تعليق يقول "اليد اليمنى لله: رالف ريد والتحالف المسيحي"

ولكن فترة وجود ريد بالتحالف لم تمر بدون تحديات ففي عام 1996 ساند التحالف بقوة المرشح الجمهوري للرئاسة بوب دول مما ساعده على الفوز بترشيح الحزب الجمهوري ثم منى بخسارة كبيرة أمام بيل كلينتون، كما قدم ريد استقالته من منصب مدير التحالف في عام 1997 بعد أن تعرض التحالف لاتهامات تتعلق بالفساد المالي، ويقول البعض أن ريد نجح كمتحدث باسم التحالف ولكنه واجه فشل كمدير مما ساهم في تراجع مكانة التحالف المسيحي تدريجيا

من التحالف المسيحي للحزب الجمهوري

بعد الاستقالة عاد ريد إلى جورجيا للعمل كمستشار سياسي، وسرعان ما خطف الأضواء بعمله كمستشار بحملة مرشح جمهوري لمنصب حاكم ولاية جورجيا، حيث تولي ريد تنظيم الحملة وظهر في إعلانات يدعم المرشح بصفته المدير السابق للتحالف المسيحي، الأمر الذي ساعد على حسم الموقف داخل الحزب الجمهوري لصالح مرشح ريد بعدما جذب أصوات المسيحيين المتدين إليه ولكنه فشل في الإنتخابات العامة وتعرض بعد ذلك لعقوبة حبس لمدة ستة أشهر للكذب على المحققين في قضية فساد

قام ريد بعد ذلك بتأسيس شركة لوبي وعلاقات عامة تدعى استراتيجيات القرن "سنشري ستراتيجيز" مستفيدا بعلاقاته بشخصيات جمهورية ذات نفوذ مثل جاك إبراهوموف وكارل روف والذين ساعدوه على الحصول على عقود علاقات عامة ولوبي مع شركات كبرى مثل إنرون وشركات تابعة لأسرة بيل جايتس

كما قام ريد بدعم عدد من المرشحين الجمهوريين الذين فازوا في الانتخابات التمهيدية – داخل الحزب الجمهوري - ولكنهم فشلوا في الإنتخابات العامة بسبب أجندتهم السلبية وهجومهم الشرس على خصومهم

وفي عام 2002 نافس ريد على منصب رئيس الحزب الجمهوري بجورجيا وهو منصب شرفي غير مدفوع الأجر تحول إلى حملة كبيرة بسبب معارضة الجمهوريين لترسيح ريد الذين طالما لاموا عليه أسلوبه الانتخابي الشرس وتركيزه على الحملات السلبية وتعاونه مع شركات ليبرالية ورأسمالية، ولاستخدامه غطاء اليمين المسيحي في مختلف أنشطته

لذا تحولت المنافسة على المنصب السابق لمنافسة شرسة شغلت الرأي العام الأمريكي، ولكن ريد فاز بها بعد أن حصل – كما يرى البعض – على دعم جماعات انفصالية متشددة

وفي فبراير 2005 أعلن ريد نيته ترشيح نفسه لمنصب حاكم ولاية جورجيا، ولم يكن ريد من المرشحين المفضلين لقادة الحزب الجمهوري بجورجيا بسبب إثارته للجدل والخلاف، ولكن ريد أخاف المرشحين المنافسين له بادعائه الحصول على دعم الرئيس بوش وحاكم ولاية جورجيا، وكان ريد قد عمل كرئيس القطاع الجنوبي الشرقي بحملة بوش-تشيني 2004، كما تمكن ريد من جمع تبرعات غير مسبوقة في منتصف عام 2005، كما حصل على تأييد رودي جولايني عمدة نيويورك السابق

وساعد ما سبق على إخافة منافسي ريد الذين أعلن بعضهم الانسحاب، ولكن الأمور تغيرت بعد أن أظهرت إستطلاعات رأي أن ريد لا يحظى إلا بتأييد ضعيف من قبل الجمهوريين بجورجيا، كما حرص حاكم جورجيا والرئيس بوش على عدم الظهور بمظهر المؤيدين لرالف ريد، كما أعلن بعض قادة الحزب الجمهوري بجورجيا معارضتهم له وأنسحب بعض مسئولي حملته وانضموا لخصومه

كما ظهرت على السطح معلومات حول ارتباط ريد بفضيحة فساد سياسية ضخمة شغلت ومازلت تشغل أمريكا بطلها هو جاك إبراهوموف صديق ريد

وقد أدت هذه العوامل إلى مطالبة بعض قادة الحزب الجمهوري بجورجيا لريد بالانسحاب من المنافسة على منصب حاكم ولاية جورجيا لأن وجوده في الإنتخابات بسيرته وعلاقاته قد تضر الجمهوريين بجورجيا بشكل عام

ريد ولوبي إسرائيل

عن دور ريد في صياغة العلاقة بين اليمين المسيحي المتدين واللوبي الموالي لإسرائيل يقول ميلتون فريدمان مؤلف كتاب ثورة المحافظين الجدد أن ريد نشأ في أحياء يهودية بفلوريدا وكون صدقات عديدة بأصدقاء يهود في مرحلة الدراسة، كما عاش في بيت جاك إبراهوموف خلال عمله معه كطالب بواشنطن وكون علاقة صداقة قوية معه حيث شعر إبراهوموف بأن ريد "مساند-للسامية"

ويقول فريدمان أن ريد كان بمثابة وجه برجماتي وتقدمي لليمين المسيحي، حيث رفض ريد فكرة إعادة بناء الدستور على أساس مسيحي، كما رفض استخدام الدولة لفرض القوانين المسيحية، كما انتقد موقف الكنيسة الإنجليكية البيضاء من حركة الحقوق المدنية بأمريكا، كما أعلن خطة في أوائل 1997 للعمل مع الكنائس الأسبانية والأفارقة الأمريكيين بمقدار مليون دولار

ويشير البعض إلى خطاب ألقاه ريد في 1995 أمام عصبة مكافحة التشويه بصفته مديرا تنفيذيا للتحالف المسيحي إعتراف في بأن بعض اللغة المستخدمة من قبل اليمين المسيحي تمثل إنذار خطر لليهود كالقول بأن "الله لا يسمع دعاء اليهود" وأن أمريكا "بلد مسيحي"

كما أسس ريد في عام 2002 بالمشاركة مع حاخام أمريكي يدعى يشيل إيكستين منظمة تدعى "الوقوف من أجل إسرائيل" تهدف إلى تعبئة القادة المسيحيين من خلال حملة جماهيرية لدعم إسرائيل، وتهدف الحملة لتزويد القادة المسيحيين بمعلومات عن إسرائيل وعن كيفية مواجهة المعلومات المعادية لإسرائيل في الإعلام

وتنظم الحملة يوميا سنويا للصلاة والدعاء من إجل إسرائيل على متوى العالم، وتقول أنه شارك في صلاة عام 2002 أكثر من 16 ألف كنيسة و5 ملايين شخص

وعن أسباب مساندته لإسرائيل كتب ريد في أبريل 2002 مقالا في صحيفة لوس أنجلوس تايمز ويقول فيه: "بالنسبة للبعض ليس هناك دليل أكبر على سيادة الله على هذا العالم في يومنا هذا أكثر من بقاء اليهود ووجود إسرائيل"، ولكنه عاد وأكد أن الحجة السابقة لا تكفي وحدها لتفسير أسباب مساندة المسيحيين المتدينيين لأسرائيل مشيرا إلى أن هذا التأييد يعود لأسباب أخرى على رأسها الدافع الإنساني لمساندة اليهود بعد ما تعرضوا له من مأسي على أيدي النازية وأن "اليهود الذين وجدوا في دولة إسرائيل الحديثة ملجأ لهم لا يحتاجون حجة دينية لتبرير (حقهم) في بلد خاص بهم"

كما تحدث ريد عن أيام طفولته وعن والدته التي كانت تدرس في حلقة لدراسة الإنجيل تابعة للطائفة المعمداينة كتابات بعض المسيحيين واليهود الذين قاوموا هيتلر، وقال أن ذلك علمه درسا يقول "أن الوقوف من أجل عقيدته يعني الدفاع عن حق اليهود في ممارسة عقيدتهم"

كما تحدث عن تحالف الدول العربية مع الإتحاد السوفيتي وأن إسرائيل "وقف بشجاعة وحدها" في المنطقة أمام أعدائها العرب، كما كرر الحجة القائلة بأن إسرائيل اليوم هي "البد الديمقراطي الحقيقي الوحيد" بالشرق الأوسط وعلى وجود قيم ديمقراطية مصالح إستراتيجية قوية بين إسرائيل وأمريكا

أما السبب الأخير الذي عدده ريد فهو أن "دعم إسرائيل نابع من حقيقة بسيطة هي أنها أرض المهد للمسيحية واليهودية"، مدعيا أن الوصول إلى الأراضي اليهودية والمسيحية في الأراضي المقدسة قبل عام 1967 كان صعبا، وأضاف قائلا أن "هناك رابطة روحانية قوية لا يمكن إنكارها بين إسرائيل والعقيدة المسيحية، إنها "البلد" الذي ولد فيه المسيح المكان الذي عقد فيه صلواته"

-----

مقالات ذات صلة

دك آرمي

No comments: