Saturday, February 23, 2008

مساندو إسرائيل بأميركا يقرون بفشل سياسة العقاب الجماعي
مقال بقلم: علاء بيومي

الناشر:
الجزيرة نت، 20 فبراير 2008

نص المقال

أجمع مساندون لإسرائيل بأميركا على أن هدم الحدود بين غزة ومصر في أواخر شهر يناير الماضي أدى لخلط الأوراق السياسية الإسرائيلية الخاصة بالقطاع، وذلك لأن "إسقاط الجدار" الفاصل بين غزة ومصر كان بمثابة إعلان لفشل "سياسة العقاب الجماعي" التي تمارسها إسرائيل بدعم من بعض المسئولين الأميركيين تجاه أهالي القطاع لإرغامهم على الثورة ضد حماس

ورغم الإجماع السابق انقسم مساندو إسرائيل تجاه مستقبل السياسة الإسرائيلية في غزة، حيث رأى فريق منهم أن سياسة الحصار "فشلت" وأن الوقت حان لكي تسعى إسرائيل "للتفاهم" مع حماس مباشرة أو عن طريق أطرف ثالثة، أما الفريق الثاني فلم يجد أمامه حل سواء المطالبة "بإعطاء غزة لمصر" مقابل ما تحصل عليه مصر من مساعدات سنوية من أميركا

الفريق الأول عبرت عنه بوضوح مجلة فوروارد اليهودية الأميركية والتي كتبت تتساءل عن فائدة المفاوضات دون أن يتم إكمالها، وعن فائدة الجدران والحدود في حالة العجز عن حراستها، وعن فائدة مهاجمة الخصم إذا كانت المهاجمة لا تؤدي سوى إلى دفع الخصم إلى الرد

تساؤلات فوروارد كانت ترمي إلى فشل إسرائيل في إتباع سياسة ناجحة مع غزة، فالجميع بات يعرف كما ترى المجلة أن "غلق إسرائيل لحدود غزة فعل غبي"، وأن "غياب بديل بناء ليس مبررا لاختيار بدائل هدامة"

وتقول المجلة أن حصار غزة كان يهدف إلى واحد من أهداف ثلاثة ثبت فشلها، الهدف الأول هو تجويع أهل غزة لإرغامهم على الثورة ضد حماس، وهو هدف ثبت فشل لأن الحصار رفع "الروح القتالية" لأهالي غزة كما تنبأت دراسات عديدة لردود أفعال السكان المدنيين في حالة إخضاعهم لحملات قصف مكثفة أو محاولات إذلال

الهدف الثاني هو اعتقاد بعض المسئولين الإسرائيليين أن الحل الوحيد لوقف صواريخ القسام هو "غزو كامل وقصير لغزة"، وأن تجويع الفلسطينيين سوف يؤدي لإطلاق مزيد من صواريخ القسام والتي سوف تزيد من "دعم" الإسرائيليين "لإعادة احتلال غزة"، وهي نظرية فشلت كما ترى المجلة اليهودية الأميركية لأنها لا تبالي بأرواح "آلاف الغزاويين ومئات الإسرائيليين" الذين سوف يقعون ضحايا لمثل هذا الغزو، هذا إضافة إلى تأثير الحصار "غير الإنساني" على صورة إسرائيل في الداخل والخارج

أما الهدف الثالث فهو أن "الرأي العام الإسرائيلي يطالب بفعل" شيئا ما للرد على صواريخ القسام، حتى ولو كان الرد مجرد رد فعل عكس انتقامي، وهو هدف بطبيعته قاصر النظر لا يصلح على المدى الطويل

لذا تقول المجلة أن "الحصار، مثل العديد من الجهود السابقة له، فشل"، وتتساءل حول ما إذا كانت إسرائيل "ملزمة" بتكرار "الجهود الدموية التي أنهكتها وشوهت صورتها في الماضي"، في المقابل طالب المجلة اليهودية واسعة الانتشار قادة إسرائيل "بالتخلي عن السياسات القديمة والسعي للتفاهم مع حماس مباشرة أو من خلال أطراف ثالثة" مؤكدة على أنه لم يعد هناك "سببا وجيها" لعدم تجربة هذا الطريق

على خلاف الموقف السابق طالب فريق أخر من الكتاب الأكثر تشددا يتزعمهم دانيال بايبس – أحد أكثر مساندي إسرائيل تطرفا – بالرد على "خرق" الفلسطينيين للحدود التي تفصل قطاع غزة عن مصر "بإعطاء غزة لمصر"

حيث كتب بايبس في الثلاثين من يناير الماضي يقول "أن التطورات الأخيرة في غزة تبرز الحاجة لتغيير في السياسات الغربية" تجاه القطاع، ومضى بايبس يقول أن القطاع كان مسئولية مصرية حتى عام 1967 حين قام قادة إسرائيل "بالسيطرة" على غزة لأسباب "دفاعية" و"بتردد"، وأن الغزاويين كانوا بشكل عام خاضعين "لحكم" إسرائيل حتى اندلاع الانتفاضة في عام 1987، والتي دفعت إسرائيل "لتحميل" القطاع لياسر عرفات وفقا لاتفاقات أوسلو

ويقول بايبس أن اتفاقات أوسلو كانت تهدف إلى جلب الاستقرار لغزة وتحويلها لبلد مزدهر ولكن القادة الفلسطينيين فشلوا في ذلك مما دفع إيهود أولمرت مؤخرا لمحاولة "عزل" غزة يقوده "الأمل بأن تدفع الظروف الاقتصادية القاسية الغزاويين للثورة على حماس"، ويقول بايبس أن "الضغط" نجح في "تقليص" شعبية حماس، ولكنه لم يتمكن من وقف الصواريخ مما أدى لتصعيد سياسات الحصار كغلق الحدود وتقليص إمدادات الوقود للقطاع، وهي إجراءات وصفها الكاتب المتطرف "بالمناسبة" على الرغم من أنها لم تعجب وسائل الإعلام

ويقول بايبس أن التصعيد من قبل إسرائيل وحماس قاد إلى حادث "خرق" الحدود بين غزة ومصر والذي يمثل "فرصة" للدول الغربية لكي تعلن نهاية تجربة "الحكم الذاتي" بغزة وإعادة وضع غزة إلى ما قبل عام 1967 والضغط على مصر للمساعدة من خلال "إعطاء غزة مزيد من الأرضي أو حتى ضمها كمقاطعة"

ويقول الكاتب المتطرف مبررا اقتراحه بأن الغزاويين يتحدثون نفس لغة أهالي سيناء وتربطهم علاقات صلة معهم أكثر مما تربطهم بأهل الضفة الغربية، كما أن أصول حماس تعود لجماعة الأخوان المسلمين المصرية، ويقول أن حدوث ذلك سوف يعود بعدد كبير من الفوائد مثل وقف إطلاق الصواريخ، وفضح سطحية الوطنية الفلسطينية وكسر حالة الجمود والمقاطعة العربية-الإسرائيلية، كما أن قيام مصر بضم غزة قد يبرر المساعدات (1.8 بليون دولار) التي تحصل عليها مصر سنويا من أميركا

المثير هنا أن أفكار بايبس السابقة تلقفتها ورددتها صحف أميركية يمينية مثل نيويورك صن تايمز وكتاب مساندون لإسرائيل في مقالات حرصت على إغفال الجانب الإنساني لمعاناة الفلسطينيين بغزة وعلى تجاهل حقيقة الاحتلال الإسرائيلي للقطاع وعلى لوم الفلسطينيين أنفسهم على تدهور ظروف القطاع

No comments: