كيف نراقب الإعلام المصري؟
بقلم: علاء بيومي
البعض يشتكي من الإعلام المصري الخاص والعام ويرى أنه لا يخدم الثورة ولا مصر، ثم يبادر بكتابة عدد من النصائح والتي تبدو وكأنها خطب عصماء يطالب فيها الإعلاميين المصريين بالتحلي بالقيم الإيجابية والأخلاق الحميدة.
من عمل بالإعلام أو يفهم طبيعة العمل الإعلامي يدرك أن النصائح المباشرة والخطب العصماء لا تجدي مع الصحفي، بل تأتي في الغالب بنتائج عكسية، فهي تقول له إننا أفضل منك، وإن عليك أن تتبنى أفكارنا حتى تكون إعلامي صاحب قيم وتخدم الثورة كما نفهمها، وهذا بالطبع كلام مرفوض من قبل أي صحفي يلتزم بأسس وظيفته التي تسعى للوصول إلى الحقيقة من خلال عرض وجهات النظر المختلفة وتوجيه الأسئلة الصحيحة عن علم ومعرفة.
هذا لا يعني أن الإعلام المصري بلا أخطاء، أحيانا ترى مذيع يخطب في الناس وكأنه تحول إلى ضيف لا مذيع يسأل ويساعد على كشف جوانب الحقيقية بحيادية، تشاهد أيضا صحفيين معروفين بولائهم لنظام مبارك يتم استضافتهم للحديث باسم الثورة، ترى أيضا مقالات تدعي أن فلان من الناس قال شيء ما أو أدلى بتصريح خطير دون أدني إحالة أو استشهاد أو دقة في نقل التصريح.
بعض وسائل الإعلام الإلكترونية تجري استطلاعات للرأي لقرائها ثم تنشر نتائجها وكأنها استطلاعات ذات أدني قيمة علمية، مع العلم أنها لا تقوم على أي أساس علمي وهناك طرق إلكترونية سهلة للغاية تساعد من يريد على التصويت أكثر من مرة إذا أراد، يكفي أن تمتلك جهازي كمبيوتر لتصوت مرتين، وربما تصوت مرة ثالثة من جهاز صديقك.
هذا ناهيك عن نشر عناوين رئيسية ببعض الصحف واسعة الانتشار والتي يشك الناس في دقتها ونواياها.
إذن ما الحل، أحد الحلول البسيطة التي توجد في أي مجتمع ديمقراطي هو منظمات المجتمع المدني المتخصصة في مراقبة الإعلام، والفكرة بسيطة.
كل ما تحتاجه هو مؤسسة يعمل في صحفيين أو أكثر وبعض الباحثين، وتكون مهمتهم مراقبة بعض وسائل الإعلام ولو حتى صحيفة أو فضائية واحدة كبداية، ويتم مراقبة تلك الوسيلة الإعلامية وفقا للمعايير الصحفية المتعارف عليها، ويمكن أيضا جمع معلومات بحثية موثقة عن خلفية الوسيلة الإعلامية ومموليها وتيارها العام.
مثلا إذا أذاعت الوسيلة الإعلامية خبرا خاطئا يتم تسجيله وتصحيحه ونشر التصحيح على الملأ من خلال موقع منظمة مراقبة الإعلام وبيانات تذهب لوسائل الإعلام المختلفة وناشطي المجتمع المدني، وبهذا تتعلم الوسيلة الإعلامية وغيرها أن هناك من يراقبها فتكن حذرة في المرة الأخرى.
ممكن أيضا مراقبة الضيوف وهي يتم تقديمهم بالشكل الصحيح، وهل تتاح الفرصة لوجهة النظر الأخرى، وهل تساعد المقابلات على كشف حقيقة مواقفهم، أم يتم استضافة متحدث رسمي باسم الحزب الوطني على أنه متحدث باسم الثوار!؟
وهكذا، يتم مراقبة مزيد من وسائل الإعلام وتصحيح أخطائها وتوعية المشاهد والرأي العام بطبيعة هذه الوسيلة، وهذا كله من خلال جهود المجتمع المدني، فمصر لا تحتاج وزارة إعلام أخرى أو شرطة إعلام تقول للصحفي أفعل ولا تفعل.
كما أن الإعلام العربي مليء بمقالات تتحدث عن الإعلام بدون أدنى قدر من العمق، فهذا يمتدح قناة لأنها أذاعت أخبار على هواة، وأخر يمتدح مذيعة، وثالث يمتدح تقرير خطابي لا علاقة له بالأخبار، وبذلك تميع المعايير ويختلط الأمر على الناس، ويظن كثيرون أن العمل الصحفي فهلوة وخطابة وصراخ وصراع كما يظن البعض.
إذا أردنا تطوير أي مجتمع فعلينا آلا ننسى تطوير الإعلام، وهذه فكرة بسيطة نتمنى أن تجد من يرعاها في مصر الثورة، وإذا كان هناك من يقوم بمثل هذه الوظيفة ولا نعلم به فأرجو أن يساعدنا على التعرف على جهوده وتوعية الآخرين بدوره إذا أمكن، والله أعلم.
No comments:
Post a Comment