Saturday, June 30, 2012

قراءة في خطاب مرسي الرسمي الأول

باختصار مرسي يتفوق على مبارك ونظامه رمزيا حتى الآن، ولكن لم يقدم الكثير على المستوى السياسي.


مرسي يتفوق على مبارك لأنه منتخب وأكثر شبابا (أصغر من مبارك بأكثر من عشرين سنة) وأستاذ جامعي يجيد التحدث للجماهير ويتحدث بنبرة قوية ومهادنة في نفس الوقت.


كما أنه يتحدث بلغة جديدة فلا يجد غضاضة في الاعتذار لطلاب بجامعة القاهرة ألغيت امتحاناتهم بشكل مفاجئ بسبب خطابه بالجامعة والترتيبات الأمنية المرتبطة به.


لكن على المستوى السياسي، مرسي لم يقدم جديدا حتى الآن خاصة على مستوى السياسة الداخلية، للأسباب التالية:

أولا: مرسي حريص على الحديث بلغة توافقية، لذا كرر أكثر من مرة في خطابه وبأساليب مختلفة احترامه للدولة المصرية ومؤسساتها وتقاليدها في رسائل واضحة للداخل والخارج توضح أنه لا ينوي القيام بتغييرات مفاجئة أو كبيرة كما يحذر بعض خصومه.

ثانيا: مرسي يدرك أن الطريق أمامه مازال طويلا والتحديات كثيرة في الداخل والخارج.

ثالثا: ركز مرسي في خطابه على الخارج والذي تحدث عنه بوضوح وبشكل أكثر تحديدا مقارنة بالداخل، فعلى المستوى الداخلي أكد مرسي على ضرورة عودة المؤسسات المنتخبة وانسحاب الجيش لدوره الطبيعي في حماية الحدود، كما أكد أيضا على حرصه على النهوض بالاقتصاد وإعادة الاستثمارات وتنشيط السياحة، ولكنه لم يقدم أفكارا جديدة ولم يقل لنا كيف سيفعل ذلك.

وغابت عن أفكاره أي أفكار اقتصادية كبرى تفيد رغبته في إحداث تغييرات مؤثرة في مجالات مثل إعادة توزيع الدخول أو العدالة الاجتماعية.


رابعا: خطاب مرسي على مستوى السياسة الخارجية احتوى على نقاط جديدة على عكس خطابه الداخلي، فقد أكد مثلا على رغبته في إكمال الوحدة الوطنية الفلسطينية ووقف إراقة دماء الشعب السوري ولعب دورا في ذلك، ورغبته في حماية الأمن العربي، والدفع في اتجاه تفعيل السوق العربي المشترك وبناء دفاع عربي مشترك، ومنع تصدير الثورة المصرية للخارج. 


ولكن مرسي لم يوضح كيف سيفعل ذلك، وكيف سيتغلب على صعوبات حقيقية تعترض تحقيق الأهداف السابقة، ومال خطابه إلى بعض الشعارات المعتادة في الخطاب الإخواني بمصر.


فمثلا حديث مرسي عن الوحدة الفلسطينية سوف يستغل من قبل إسرائيل ولوبي إسرائيل في أميركا ويضخم كدليل على أن مرسي يريد تغيير سياسة مصر، ولكن الوحدة الفلسطينية تقف أمامها عقبات صعبة مثل توفير أكثر من نصف مليار دولار تدفعها أميركا كمساعدات سنويا للفلسطينيين، ومثل التعامل مع قضية التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة والتي باتت تدريب آلاف من المسئولين الأمنيين في الضفة الغربية وفقا لاتفاقات تعاون أمني بين أميركا وإسرائيل والسلطة الفلسطينية. 

وبالنسبة لسوريا، فالملف معقد، وهو محل تنازع بين قوى كبرى وعلى رأسها أمريكا وروسيا، وليس واضحا ما يمكن لمرسي ومصر تقديمه على هذا الصعيد.

أما قضية الدفاع العربي المشترك والسوق المشترك فتقف أمامها عقبات كثيرة مثل اعتماد نسبة لا يستهان بها من الدول العربية وعلى رأسها مصر على السلاح الأميركي، وهذا يثير سؤال حول كيف ستقدم مصر ضمانات أمنية لدول كدول الخليج ومصر نفسها تحتاج مساعدات وضمانات أمنية من أميركا والتي تزود دول الخليج بنظم أسلحة قد تكون أكثر تقدما أحيانا من الأسلحة التي تقدمها أميركا لمصر.

وقضية السوق المشتركة تقف أمامها عوائق مثل تفارق مستوى الثورة والدخل والخبرة والتقدم التكنولوجي والتعليمي والقوانين. 

أما القضية الأكثر واقعية والتي أثارها مرسي في خطابه فهو رفضه تصدير الثورة المصرية، وهي قضية في متناول مرسي وتمثل رسالة طمأنة لبعض الدول العربية التي تخشى من تصدير الثورة إليها أو نفوذ الإخوان المسلمين على أراضيها.

باختصار أمام مرسي تحديات كثيرة قبل أن يتمكن من إحداث تغيير حقيقي على المستوى الداخلي أو الخارجي، لكن يبدو أن لديه رؤية مختلفة وإرادة، وقد يجد طريقه سريعا للتغيير، والأيام كاشفة، والله أعلم.


علاء بيومي 

1 comment:

Umzug nach Luxemburg said...

شكراً على المجهود .. دمتم بود