تقرير للكونجرس عن طلاب العلوم والهندسة الأجانب بالجامعات الأمريكية
بقلم: علاء بيومي
الناشر: تقرير واشنطن، 18 فبراير 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص المقال
أصدر مركز "خدمة أبحاث الكونجرس" في شهر يناير الماضي دراسة متميزة عن تواجد الطلاب الأجانب ببرامج دراسة العلوم والهندسة على مستوى الدراسات العليا بالجامعات الأمريكية وعن الجدل الدائر داخل الولايات المتحدة حول هذه القضية الهامة - خاصة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001
وقبل التفصيل في نتائج التقرير يجب التنويه بأن مركز "خدمة أبحاث الكونجرس" هو مركز أبحاث غير حزبي تابع للكونجرس الأمريكي بدأ عمله في عام 1914، ووظيفته الأساسية هي إمداد أعضاء الكونجرس بالأبحاث العلمية التي يحتاجونها لصناعة قراراتهم بخصوص القوانين والقضايا المطروحة عليهم
ويمكن لأي مراقب محايد لعمل المركز أن يلاحظ ما يتمتع به المركز من قدرة متميزة على إنتاج أبحاث علمية رصينة في قضايا صعبة ومختلفة مع تقديم توصيات بخصوص السياسات الواجب إتباعها من قبل الكونجرس الأمريكي للتعامل مع تلك القضايا، وذلك بموضوعية علمية تعد مثالا يحتذى، وهو أمر عرض الخدمة البحثية العلمية الهامة لانتقادات سياسية مختلفة كان أخرها هجوم بعض مساندي الإدارة الأمريكية على الخدمة بسبب قيامها مؤخرا بإنتاج تقرير انتقد برامج التصنت التي أقرتها الإدارة الأمريكية منذ عام 2002
عرض سريع لموضوع التقرير
مقدمة التقرير تأخذ القارئ سريعا إلى عمق التحدي الذي يواجه صانع القرار الأمريكي بخصوص طلاب الدراسات العليا الأجانب في مجالات العلوم والهندسة بالجامعات الأمريكية، إذ يشير التقرير إلى تزايد الجدل في الدوائر العلمية والسياسية الأمريكية حول تواجد الأجانب المكثف في برامج الدراسات العليا الخاصة بالعلوم والهندسة بعد أن باتوا يمثلون نسب كبيرة بين الطلاب والأساتذة والخريجين المنافسين على الوظائف الأمريكية
ويقول التقرير أن تواجد هؤلاء الطلاب يثير مخاوف مختلفة مثل المنافسة على وظائف الأمريكيين بسوق العمل، وإحداث خلل بسوق العمل الأمريكي بسبب قبول الأجانب لأجور وظروف عمل لا يقبلها الأمريكيون، ولاعتبارات سياسية – زادت بعد 11/9 – بسبب الخوف من ارتباط هؤلاء الطلاب بنظم ديكتاتورية أو جماعات إرهابية قد تستخدم معرفتهم التي حصلوا عليها بالجامعات الأمريكية في مجالات خطيرة ومدمرة كتطوير أسلحة الدمار الشامل
تطور التواجد الأجنبي
ولكي يشرح التقرير خلفية الجدل الحالي يعود إلى الثمانينات حيث يشير إلى أن أمريكا عانت خلال عقد الثمانينات من قلة أعداد العلماء والمهندسين بسوق العمل الأمريكي، الأمر الذي دفع الكونجرس إلى تغيير قوانين الهجرة في عام 1990 بشكل سمح بمضاعفة عدد العلماء الأجانب القادمين إلى أمريكا على تأشيرات عمل مؤقتة، وخاصة التأشيرة التي تسمى (H-1B) والخاصة بأصحاب المهارات النادرة، حيث رفع قانون عام 1990 سقف عدد التأشيرات التي يمكن منحها سنويا من 54 ألف تأشيرة إلى 140 ألف تأشيرة سنويا
وقد ساعد انتعاش الاقتصاد الأمريكي خلال عقد التسعينات على ترحيب أمريكا بالخبراء والطلاب الأجانب في أمريكا، ولكن بداية من عام 2000 صدرت تعديلات عديدة لقوانين الهجرة ترددت بين الترحيب بالخبراء الأجانب وبين إعاقة قدومهم من خلال زيادة تكاليف التأشيرات وتعقيد شروط الحصول عليها، ويقول التقرير أن التعديلات العديدة التي أدخلت على قوانين هجرة الخبراء الأجانب خلال السنوات الخمس الأخيرة تعكس الجدل المحتدم داخل أمريكا حلول ظاهرة تزايد التواجد الأجنبي في مجالات العلوم والهندسة بسوق العمل والجامعات الأمريكية
حجم تواجد الطلاب الأجانب حاليا
يحتوي التقرير على إحصاءات مثيرة حول حجم تواجد الطلاب الأجانب في برامج الدراسات العليا بمجالات العلوم والهندسة بالجامعات الأمريكية خلال الفترة الحالية، حيث يشير إلى أن الطلاب الأجانب حصلوا على 31.6 % من شهادات الدكتوراة التي منحتها الجامعات الأمريكية في مجالات العلوم خلال عام 2003، كما حازوا على 60.3% من شهادات الدكتوراة في مجال الهندسة
ولو نظرنا نظرة أكثر تفصيلا داخل مجالات العلوم والهندسة لوجدنا – كما يوضح التقرير – أن الطلاب الأجانب حصلوا خلال عام 2003 على 41.4 % من شهادات الكتوراة في مجال العلوم الطبيعية، و48.9% في مجال الرياضيات، و50.2% في مجال علوم الكمبيوتر، وهي بدون شك نسب مرتفعة خاصة إذا علمنا أن غالبية هؤلاء الطلاب هم طلاب متواجدين في الولايات المتحدة على تأشيرات مؤقتة، وغير حاصلين على تصريح الإقامة الدائمة (الجرين كارد) والذي يؤهل أصحابه على البقاء بشكل دائم في الولايات المتحدة
وهنا يشير التقرير إلى أن نسبة الطلاب الأجانب الحاصلين على شهادات دكتوراة في مجالات العلوم والهندسة بالجامعات الأمريكية والحاصلين على تصاريح الإقامة الدائمة مقارنة بإجمالي عدد الطلاب الأجانب قد تراجعت من أكثر من 10% في عام 1994 إلى 5% أو أقل في عام 2003
كما يذكر التقرير أن غالبية هؤلاء الطلاب يأتون من دول شرق أسيا (45.5%)، ثم دول غرب أسيا (16.7%)، ثم أوربا (16.1%)، ثم دول أمريكا الشمالية (6.4%)، ثم دول أمريكا اللاتينية (4.6%)، ثم بلدان العالم الأخرى
الحجة والحجة المضادة
من يعارضون هذا التواجد الضخم للطلاب الأجانب يذكرون عدد من الحجج الأساسية، من بينها أن الطلاب الأجانب يحصلون عن نسبة ضخمة من المساعدات التي تقدمها الجامعات الأمريكية لطلاب الدراسات العليا بها، في حين يضطر الطلاب الأمريكيين للاعتماد على مواردهم المادية الخاصة أو للعمل بجوار الدراسة لتحمل تكاليف الدراسة الباهظة بالجامعات الأمريكية، وهو أمر يشكل تحديا كبيرا خاصة لأبناء الأقليات الأمريكية كالأفارقة والأمريكيين اللاتينيين
إذ تشير الإحصاءات أن الجامعات قدمت دعما ماليا رئيسيا لنسبة تصل إلى 78.9% من الطلاب الأجانب ببرامج العلوم الطبيعية في مقابل تقديم دعم مماثل لنسبة 63.5% من الطلاب الأمريكيين الدارسين بنفس البرامج، أما في مجالات الهندسة فقد قدمت الجامعات الأمريكية دعما رئيسيا لنسبة 76.4% من الطلاب الأجانب في مقابل 48.9 % من الطلاب الأمريكيين
هناك أيضا من يرون أن الطلاب الأجانب - على الرغم من المساعدات المالية التي يحصلون عليها من الجامعات والتي يمولها بالأساس دافع الضرائب الأمريكي – يعانون من حاجز اللغة الأمر الذي يعيق قدرتهم على توصيل المعلومة للطلاب الأمريكيين في حالة عملهم كمساعدين للأساتذة في مجالات البحث أو التدريس
السبب الثالث يرتبط بتأثير الطلاب الأجانب على سوق العمل الأمريكية، حيث يرى أصحاب هذه الحجة أن الطلاب الأجانب يقبلون بعد تخرجهم وظائف بمرتبات أقل من المرتبات التي يرضى بها الأمريكيون في الوظيفة ذاتها مما يضعف من قدرة الخريج الأمريكي على التفاوض مع صاحب العمل، كما يؤدي على المدى البعيد إلى تدهور بيئة العمل الأمريكية بسبب تراجع الخدمات التي يقدمها صاحب العمل
أضف إلى ذلك تبعات أحداث الحادي عشر من سبتمبر وخوف الأمريكيين من حصول الطلاب الأجانب على معرفة بمجالات حساسة مثل مجالات تصنيع أسلحة الدمار الشامل الأمر الذي رفع بعض الأصوات المطالبة بمنع الطلاب الأجانب من دراسة مجالات معينة
في مقابل الحجج السابق ينادي تيار مقابل بضرورة الحفاظ على الجامعات الأمريكية وأسواق العمل بالولايات المتحدة مفتوحة أمام الطلاب والخبراء الأجانب لأسباب مختلفة، من بينها عدد كبير من هؤلاء الطلاب يحصلون على مساعدات من حكوماتهم ويعدون مصادر دخل إيجابية هامة للجامعات الأمريكية، كما أن نسبة كبيرة منهم تقبل على البقاء في أمريكا بعد التخرج مما يساعد على إمداد الاقتصاد الأمريكي بما يحتاجه من خبراء خاصة مع تزايد المنافسة الدولية على اجتذاب الخبراء، حيث يشير التقرير إلى أن 56% من الطلاب الحاصلين على الدكتوراة بالجامعات الأمريكية ينتهي بهم الأمر إلى الاستقرار في أمريكا، وهي نسبة ارتفعت في الأعوام الأخيرة بسبب موافقة سلطات الهجرة الأمريكية على عدد كبير من طلبات الإقامة القديمة
هذا إضافة إلى أن الطلاب الأجانب يمثلون نسبة كبيرة من العاملين بمجالات البحث (كمساعدين للأساتذة) بالجامعات الأمريكية، وهي نسبة تصل للنصف تقريبا كما يشير التقرير في إحدى صفحاته
كما يؤكد بعض مساندي هذا الاتجاه على عدم وجود تقارير محددة تبرهن على أن دخول الطلاب والخبراء الأجانب سوق العمل الأمريكية يؤثر سلبيا على الخريج الأمريكي
جدل ما بعد 11/9
يشير التقرير إلى أن نسبة الطلاب الأجانب الدارسين في الولايات المتحدة – على مختلف المستويات - تراجعت بنسبة 2.4% في عام 2004 عن العام السابق له لتصل إلى 572.509 طالبا أجنبيا، وذلك بسبب التأخر في منح تأشيرات دخول الطلاب لأمريكا بعد 11/9 نتيجة لمخاوف سلطات الهجرة، ونتيجة لتراجع الطلاب الأجانب عن الإقبال على للدراسة في أمريكا بسبب بيئة ما بعد 11/9
كما يشير التقرير أيضا إلى المطالب الخاصة بزيادة مراقبة الطلاب الأجانب من قبل سلطات الأمن والهجرة بالولايات المتحدة خلال فترة تواجدهم بالولايات المتحدة، وهي المطالب التي تبلورت في برنامج SEVIS وهو عبارة عن شبكة إلكترونية تربط الجامعات الأمريكية بسلطات الهجرة بغرض تزويد هذه السلطات بمعلومات متجددة عن الطلاب الأجانب بأمريكا، وكان مقررا أن يتم البدء في تشغيل البرنامج في أوائل عام 2003، ولكن البرنامج لم يطبق كاملا حتى الآن بسبب بعض التحديات التكنولوجية وبسبب تكلفته الباهظة للجامعات
سوف يبقى الجدل مستمرا
لا ينتهي التقرير بتوصيات معينة بقدر ما ينتهي بعدد كبير من التحديات والأسئلة الصعبة التي تواجه صانع القرار الأمريكي، إذ ينادي التقرير بضرورة تسهيل عملية حصول الطلاب الأجانب على تأشيرات الدراسة والعمل بأمريكا في الوقت الذي ينبغي على السلطات الأمريكية التأكد بشكل سريع وحاسم من أن الطلاب الجدد لا يمثلون خطرا على أمن أمريكا، كما ينبغي أيضا التنسيق بين الهيئات الأمريكية المختلفة المعنية بهذا الأمر مثل الهجرة والتعليم والأمن الداخلي، وهو تنسيق يبدو ضعيفا في الوقت الراهن، لذا يؤكد التقرير في سطوره الأخيرة على أن الجدل الخاص بقضية الطلاب الأجانب بالولايات المتحدة سوف يبقى مستمرا صعبا ومتحديا على المدى المنظور على الأقل
الناشر: تقرير واشنطن، 18 فبراير 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص المقال
أصدر مركز "خدمة أبحاث الكونجرس" في شهر يناير الماضي دراسة متميزة عن تواجد الطلاب الأجانب ببرامج دراسة العلوم والهندسة على مستوى الدراسات العليا بالجامعات الأمريكية وعن الجدل الدائر داخل الولايات المتحدة حول هذه القضية الهامة - خاصة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001
وقبل التفصيل في نتائج التقرير يجب التنويه بأن مركز "خدمة أبحاث الكونجرس" هو مركز أبحاث غير حزبي تابع للكونجرس الأمريكي بدأ عمله في عام 1914، ووظيفته الأساسية هي إمداد أعضاء الكونجرس بالأبحاث العلمية التي يحتاجونها لصناعة قراراتهم بخصوص القوانين والقضايا المطروحة عليهم
ويمكن لأي مراقب محايد لعمل المركز أن يلاحظ ما يتمتع به المركز من قدرة متميزة على إنتاج أبحاث علمية رصينة في قضايا صعبة ومختلفة مع تقديم توصيات بخصوص السياسات الواجب إتباعها من قبل الكونجرس الأمريكي للتعامل مع تلك القضايا، وذلك بموضوعية علمية تعد مثالا يحتذى، وهو أمر عرض الخدمة البحثية العلمية الهامة لانتقادات سياسية مختلفة كان أخرها هجوم بعض مساندي الإدارة الأمريكية على الخدمة بسبب قيامها مؤخرا بإنتاج تقرير انتقد برامج التصنت التي أقرتها الإدارة الأمريكية منذ عام 2002
عرض سريع لموضوع التقرير
مقدمة التقرير تأخذ القارئ سريعا إلى عمق التحدي الذي يواجه صانع القرار الأمريكي بخصوص طلاب الدراسات العليا الأجانب في مجالات العلوم والهندسة بالجامعات الأمريكية، إذ يشير التقرير إلى تزايد الجدل في الدوائر العلمية والسياسية الأمريكية حول تواجد الأجانب المكثف في برامج الدراسات العليا الخاصة بالعلوم والهندسة بعد أن باتوا يمثلون نسب كبيرة بين الطلاب والأساتذة والخريجين المنافسين على الوظائف الأمريكية
ويقول التقرير أن تواجد هؤلاء الطلاب يثير مخاوف مختلفة مثل المنافسة على وظائف الأمريكيين بسوق العمل، وإحداث خلل بسوق العمل الأمريكي بسبب قبول الأجانب لأجور وظروف عمل لا يقبلها الأمريكيون، ولاعتبارات سياسية – زادت بعد 11/9 – بسبب الخوف من ارتباط هؤلاء الطلاب بنظم ديكتاتورية أو جماعات إرهابية قد تستخدم معرفتهم التي حصلوا عليها بالجامعات الأمريكية في مجالات خطيرة ومدمرة كتطوير أسلحة الدمار الشامل
تطور التواجد الأجنبي
ولكي يشرح التقرير خلفية الجدل الحالي يعود إلى الثمانينات حيث يشير إلى أن أمريكا عانت خلال عقد الثمانينات من قلة أعداد العلماء والمهندسين بسوق العمل الأمريكي، الأمر الذي دفع الكونجرس إلى تغيير قوانين الهجرة في عام 1990 بشكل سمح بمضاعفة عدد العلماء الأجانب القادمين إلى أمريكا على تأشيرات عمل مؤقتة، وخاصة التأشيرة التي تسمى (H-1B) والخاصة بأصحاب المهارات النادرة، حيث رفع قانون عام 1990 سقف عدد التأشيرات التي يمكن منحها سنويا من 54 ألف تأشيرة إلى 140 ألف تأشيرة سنويا
وقد ساعد انتعاش الاقتصاد الأمريكي خلال عقد التسعينات على ترحيب أمريكا بالخبراء والطلاب الأجانب في أمريكا، ولكن بداية من عام 2000 صدرت تعديلات عديدة لقوانين الهجرة ترددت بين الترحيب بالخبراء الأجانب وبين إعاقة قدومهم من خلال زيادة تكاليف التأشيرات وتعقيد شروط الحصول عليها، ويقول التقرير أن التعديلات العديدة التي أدخلت على قوانين هجرة الخبراء الأجانب خلال السنوات الخمس الأخيرة تعكس الجدل المحتدم داخل أمريكا حلول ظاهرة تزايد التواجد الأجنبي في مجالات العلوم والهندسة بسوق العمل والجامعات الأمريكية
حجم تواجد الطلاب الأجانب حاليا
يحتوي التقرير على إحصاءات مثيرة حول حجم تواجد الطلاب الأجانب في برامج الدراسات العليا بمجالات العلوم والهندسة بالجامعات الأمريكية خلال الفترة الحالية، حيث يشير إلى أن الطلاب الأجانب حصلوا على 31.6 % من شهادات الدكتوراة التي منحتها الجامعات الأمريكية في مجالات العلوم خلال عام 2003، كما حازوا على 60.3% من شهادات الدكتوراة في مجال الهندسة
ولو نظرنا نظرة أكثر تفصيلا داخل مجالات العلوم والهندسة لوجدنا – كما يوضح التقرير – أن الطلاب الأجانب حصلوا خلال عام 2003 على 41.4 % من شهادات الكتوراة في مجال العلوم الطبيعية، و48.9% في مجال الرياضيات، و50.2% في مجال علوم الكمبيوتر، وهي بدون شك نسب مرتفعة خاصة إذا علمنا أن غالبية هؤلاء الطلاب هم طلاب متواجدين في الولايات المتحدة على تأشيرات مؤقتة، وغير حاصلين على تصريح الإقامة الدائمة (الجرين كارد) والذي يؤهل أصحابه على البقاء بشكل دائم في الولايات المتحدة
وهنا يشير التقرير إلى أن نسبة الطلاب الأجانب الحاصلين على شهادات دكتوراة في مجالات العلوم والهندسة بالجامعات الأمريكية والحاصلين على تصاريح الإقامة الدائمة مقارنة بإجمالي عدد الطلاب الأجانب قد تراجعت من أكثر من 10% في عام 1994 إلى 5% أو أقل في عام 2003
كما يذكر التقرير أن غالبية هؤلاء الطلاب يأتون من دول شرق أسيا (45.5%)، ثم دول غرب أسيا (16.7%)، ثم أوربا (16.1%)، ثم دول أمريكا الشمالية (6.4%)، ثم دول أمريكا اللاتينية (4.6%)، ثم بلدان العالم الأخرى
الحجة والحجة المضادة
من يعارضون هذا التواجد الضخم للطلاب الأجانب يذكرون عدد من الحجج الأساسية، من بينها أن الطلاب الأجانب يحصلون عن نسبة ضخمة من المساعدات التي تقدمها الجامعات الأمريكية لطلاب الدراسات العليا بها، في حين يضطر الطلاب الأمريكيين للاعتماد على مواردهم المادية الخاصة أو للعمل بجوار الدراسة لتحمل تكاليف الدراسة الباهظة بالجامعات الأمريكية، وهو أمر يشكل تحديا كبيرا خاصة لأبناء الأقليات الأمريكية كالأفارقة والأمريكيين اللاتينيين
إذ تشير الإحصاءات أن الجامعات قدمت دعما ماليا رئيسيا لنسبة تصل إلى 78.9% من الطلاب الأجانب ببرامج العلوم الطبيعية في مقابل تقديم دعم مماثل لنسبة 63.5% من الطلاب الأمريكيين الدارسين بنفس البرامج، أما في مجالات الهندسة فقد قدمت الجامعات الأمريكية دعما رئيسيا لنسبة 76.4% من الطلاب الأجانب في مقابل 48.9 % من الطلاب الأمريكيين
هناك أيضا من يرون أن الطلاب الأجانب - على الرغم من المساعدات المالية التي يحصلون عليها من الجامعات والتي يمولها بالأساس دافع الضرائب الأمريكي – يعانون من حاجز اللغة الأمر الذي يعيق قدرتهم على توصيل المعلومة للطلاب الأمريكيين في حالة عملهم كمساعدين للأساتذة في مجالات البحث أو التدريس
السبب الثالث يرتبط بتأثير الطلاب الأجانب على سوق العمل الأمريكية، حيث يرى أصحاب هذه الحجة أن الطلاب الأجانب يقبلون بعد تخرجهم وظائف بمرتبات أقل من المرتبات التي يرضى بها الأمريكيون في الوظيفة ذاتها مما يضعف من قدرة الخريج الأمريكي على التفاوض مع صاحب العمل، كما يؤدي على المدى البعيد إلى تدهور بيئة العمل الأمريكية بسبب تراجع الخدمات التي يقدمها صاحب العمل
أضف إلى ذلك تبعات أحداث الحادي عشر من سبتمبر وخوف الأمريكيين من حصول الطلاب الأجانب على معرفة بمجالات حساسة مثل مجالات تصنيع أسلحة الدمار الشامل الأمر الذي رفع بعض الأصوات المطالبة بمنع الطلاب الأجانب من دراسة مجالات معينة
في مقابل الحجج السابق ينادي تيار مقابل بضرورة الحفاظ على الجامعات الأمريكية وأسواق العمل بالولايات المتحدة مفتوحة أمام الطلاب والخبراء الأجانب لأسباب مختلفة، من بينها عدد كبير من هؤلاء الطلاب يحصلون على مساعدات من حكوماتهم ويعدون مصادر دخل إيجابية هامة للجامعات الأمريكية، كما أن نسبة كبيرة منهم تقبل على البقاء في أمريكا بعد التخرج مما يساعد على إمداد الاقتصاد الأمريكي بما يحتاجه من خبراء خاصة مع تزايد المنافسة الدولية على اجتذاب الخبراء، حيث يشير التقرير إلى أن 56% من الطلاب الحاصلين على الدكتوراة بالجامعات الأمريكية ينتهي بهم الأمر إلى الاستقرار في أمريكا، وهي نسبة ارتفعت في الأعوام الأخيرة بسبب موافقة سلطات الهجرة الأمريكية على عدد كبير من طلبات الإقامة القديمة
هذا إضافة إلى أن الطلاب الأجانب يمثلون نسبة كبيرة من العاملين بمجالات البحث (كمساعدين للأساتذة) بالجامعات الأمريكية، وهي نسبة تصل للنصف تقريبا كما يشير التقرير في إحدى صفحاته
كما يؤكد بعض مساندي هذا الاتجاه على عدم وجود تقارير محددة تبرهن على أن دخول الطلاب والخبراء الأجانب سوق العمل الأمريكية يؤثر سلبيا على الخريج الأمريكي
جدل ما بعد 11/9
يشير التقرير إلى أن نسبة الطلاب الأجانب الدارسين في الولايات المتحدة – على مختلف المستويات - تراجعت بنسبة 2.4% في عام 2004 عن العام السابق له لتصل إلى 572.509 طالبا أجنبيا، وذلك بسبب التأخر في منح تأشيرات دخول الطلاب لأمريكا بعد 11/9 نتيجة لمخاوف سلطات الهجرة، ونتيجة لتراجع الطلاب الأجانب عن الإقبال على للدراسة في أمريكا بسبب بيئة ما بعد 11/9
كما يشير التقرير أيضا إلى المطالب الخاصة بزيادة مراقبة الطلاب الأجانب من قبل سلطات الأمن والهجرة بالولايات المتحدة خلال فترة تواجدهم بالولايات المتحدة، وهي المطالب التي تبلورت في برنامج SEVIS وهو عبارة عن شبكة إلكترونية تربط الجامعات الأمريكية بسلطات الهجرة بغرض تزويد هذه السلطات بمعلومات متجددة عن الطلاب الأجانب بأمريكا، وكان مقررا أن يتم البدء في تشغيل البرنامج في أوائل عام 2003، ولكن البرنامج لم يطبق كاملا حتى الآن بسبب بعض التحديات التكنولوجية وبسبب تكلفته الباهظة للجامعات
سوف يبقى الجدل مستمرا
لا ينتهي التقرير بتوصيات معينة بقدر ما ينتهي بعدد كبير من التحديات والأسئلة الصعبة التي تواجه صانع القرار الأمريكي، إذ ينادي التقرير بضرورة تسهيل عملية حصول الطلاب الأجانب على تأشيرات الدراسة والعمل بأمريكا في الوقت الذي ينبغي على السلطات الأمريكية التأكد بشكل سريع وحاسم من أن الطلاب الجدد لا يمثلون خطرا على أمن أمريكا، كما ينبغي أيضا التنسيق بين الهيئات الأمريكية المختلفة المعنية بهذا الأمر مثل الهجرة والتعليم والأمن الداخلي، وهو تنسيق يبدو ضعيفا في الوقت الراهن، لذا يؤكد التقرير في سطوره الأخيرة على أن الجدل الخاص بقضية الطلاب الأجانب بالولايات المتحدة سوف يبقى مستمرا صعبا ومتحديا على المدى المنظور على الأقل
No comments:
Post a Comment