سياسة أميركا لنشر الديمقراطية بالشرق الأوسط: معضلة الإسلاميين
عرض بقلم: علاء بيومي
الناشر: الجزيرة نت، 17 يوليو 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص العرض
تـنبع أهمية هذا التقرير من رافدين أولها كونه صادرا عن "خدمة أبحاث الكونجرس" وهي هيئة أبحاث غير حزبية تابعة للكونجرس الأميركي أسست في عام 1914 للعمل على إمداد أعضاء الكونجرس بالأبحاث العملية التي يحتاجونها لبناء قرارتهم
أبحاث الهيئة موجهة بالأساس لأعضاء الكونجرس بناء على طلباتهم، لذا يتم تجديدها بإستمرار، كما تتميز بقدراتها العلمية الكبيرة وبموضوعيتها وبعدم ترددها في نقد سياسات الحكومة الأميركية وبسعيها للوصول إلى الحقائق ولتوعية أعضاء الكونجرس بما يجري حولهم وبما يمكنهم القيام به
الرافد الثاني هو موضوع التقرير نفسه والذي يشغل الرأي العام العربي والأميركي، إذ يحاول التقرير أن يشرح لأعضاء الكونجرس حقيقة الإلتزام الأميركي بنشر الديمقراطية في العالم العربي، وتأثر هذا الإلتزام بأحد أهم الظواهر السياسية العربية وهي ظاهرة صعود الحركات الإسلامية وإستفادتها سياسيا من التحولات الديمقراطية التي جرت ببعض الدول العربية مؤخرا، وما إذا كان صعود الحركات الإسلامية في العالم العربي بصفة عامة - وفي فلسطين بصفة خاصة - سوف يثني أميركا عن الالتزام الذي قطعته على نفسها بخصوص نشر الديمقراطية في العالم العربي، وحقيقة موقف الجماعات الإسلامية تجاه السياسة الأميركية كما يراه المسئولون والخبراء في واشنطن، وما يمكن لأعضاء الكونجرس فعله في ضوء ما سبق
كما يحاول التقرير عبر صفحاته تحديد طبيعة ومستقبل موقف أميركا الحالي من الجماعات الإسلامية غير العنيفة في العالم العربي في ضوء الظروف السياسية المستجدة بالمنطقة، ولا يتعرض التقرير لسياسة أمريكا تجاه الجماعات الإسلامية المسلحة
تعريف الجماعات الإسلامية
يحاول التقرير – في بدايته - أن يشرح لأعضاء الكونجرس طبيعة الجماعات الإسلامية العربية، حيث يذكر أنها صعدت في المرحلة التالية لهزيمة النظم القومية في عام 1967 رافعة شعار تطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف جوانب حياة المجتمعات العربية بدرجات مختلفة مستفيدة من الخلفية الإسلامية المتدينة والإجتماعية المحافظة للمجتمعات العربية، وبمرور الوقت باتت تلك الجماعات تمثل قوى المعارضة الجماهيرية الرئيسية بعدد كبير من الدول العربية
ويصف التقرير علاقة الجماعات الإسلامية غير العنيفة بالنظم العربية بأنها علاقة "غامضة"، وذلك لأن الدول العربية عادة ما "تعظم من تهديد الإسلاميين لإستقرار الدولة"، ولكنها في نفس الوقت للجماعات الإسلامية بممارسة ما يسميه التقرير "بالمعارضة المحدودة" لتخفيف الضغوط التي تتعرض لها النظم العربية في أوقات الأزمات الإقتصادية والسياسية الداخلية والضغوط الدولية الكبيرة، كما يرى التقرير أن بعض الحكومات العربية تستخدم صعود المعارضة الإسلامية "المحدودة" بهدف "منع جماعات المعارضة العلمانية من تحدي الحزب الحاكم"
علاقة أمريكا بالإسلاميين
يقول التقرير أن علاقة أميركا بالإسلاميين في الشرق الأوسط قامت منذ عام 1979 على أساس معارضة صعودهم لما سيترتب عليه من تحدي لمصالح أميركا وعلى رأسها حماية إسرائيل والنفط والتعاون العسكري مع دول المنطقة، وإنطلاقا من هذا الموقف ركزت أميركا في ضغوطها الإصلاحية على الحكومات العربية على قضايا تحرير الإقتصاد وتحرير التجارة بدلا من قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، وفي المقابل اكتفت النظم العربية – كما يرى التقرير - بإجراء إصلاحات ديمقراطية "رمزية" بهدف "تشتيت الإنتباه الدولي الموسمي لنقص الحريات السياسية"
ويقول التقرير أن الرؤية السابقة إستمرت مسيطرة على السياسة الأميركية تجاه الديمقراطية العربية حتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث بدأ الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في إستخدام مبدأ يرى أن قيام "شرق أوسط ديمقراطي سوف يكون أقل هشاشة أمام قوى التطرف"، وبهذا أصبح نشر الديمقراطية في العالم العربي أحد ركائز الحرب على الإرهاب، حيث رأي بوش أن نشر الديمقراطية وإشراك الشعوب المسلمة والعربية بما في ذلك قوى المعارضة في الحياة السياسية سوف يسحب البساط تدريجيا من تحت أقدام الجماعات العنيفة والراديكالية وسوف يزيد قوى المعارضة العربية واقعية
وجاءت الحرب على العراق لتؤكد الالتزام الأميركي بنشر الديمقراطية في العالم العربي حيث استخدم بوش مبدأ نشر الديمقراطية لتبرير الحرب على العراق موضحا أن الحرب تصب في النهاية في صالح الديمقراطية العربية ومن ثم في صالح الحرب على الإرهاب
ويقول التقرير أن إدارة بوش قطعت على نفسها التزاما يصفه التقرير بأنه "التزام خطابي" بتغيير "الوضع القائم" في الشرق الأوسط، وسعت الإدارة لتطبيق هذا الالتزام من خلال عدة أساليب أساسية، يأتي على رأسها
إعطاء قضية الإصلاح العربي مزيد من الموارد والأهمية
الدبلوماسية الثنائية والاستمرار في مطالبة المسئولين العرب بالإصلاح عند اللقاء معهم
التصريحات الرسمية المطالبة بالديمقراطية العربية والقادمة من كبار قادة الإدارة كخطاب وزيرة الخارجية كونداليزا رايس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في يوليو 2005
إطلاق عدد من البرامج والمبادرات الأمريكية والدولية لدعم برامج نشر الديمقراطية في العالم العربي مثل مبادرة الشراكة الشرق أوسطية والتي تدعم من خلالها الخارجية الأمريكية بعض منظمات المجتمع المدني العربية، ومبادرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة لمجموعة دول الثمانية والساعية لدعم الليبرالية السياسية والاقتصادية بالشرق الأوسط
المعضلة وكيفية التعامل معها
الناشر: الجزيرة نت، 17 يوليو 2006، حقوق الطبع والنشر محفوظة للناشر
نص العرض
تـنبع أهمية هذا التقرير من رافدين أولها كونه صادرا عن "خدمة أبحاث الكونجرس" وهي هيئة أبحاث غير حزبية تابعة للكونجرس الأميركي أسست في عام 1914 للعمل على إمداد أعضاء الكونجرس بالأبحاث العملية التي يحتاجونها لبناء قرارتهم
أبحاث الهيئة موجهة بالأساس لأعضاء الكونجرس بناء على طلباتهم، لذا يتم تجديدها بإستمرار، كما تتميز بقدراتها العلمية الكبيرة وبموضوعيتها وبعدم ترددها في نقد سياسات الحكومة الأميركية وبسعيها للوصول إلى الحقائق ولتوعية أعضاء الكونجرس بما يجري حولهم وبما يمكنهم القيام به
الرافد الثاني هو موضوع التقرير نفسه والذي يشغل الرأي العام العربي والأميركي، إذ يحاول التقرير أن يشرح لأعضاء الكونجرس حقيقة الإلتزام الأميركي بنشر الديمقراطية في العالم العربي، وتأثر هذا الإلتزام بأحد أهم الظواهر السياسية العربية وهي ظاهرة صعود الحركات الإسلامية وإستفادتها سياسيا من التحولات الديمقراطية التي جرت ببعض الدول العربية مؤخرا، وما إذا كان صعود الحركات الإسلامية في العالم العربي بصفة عامة - وفي فلسطين بصفة خاصة - سوف يثني أميركا عن الالتزام الذي قطعته على نفسها بخصوص نشر الديمقراطية في العالم العربي، وحقيقة موقف الجماعات الإسلامية تجاه السياسة الأميركية كما يراه المسئولون والخبراء في واشنطن، وما يمكن لأعضاء الكونجرس فعله في ضوء ما سبق
كما يحاول التقرير عبر صفحاته تحديد طبيعة ومستقبل موقف أميركا الحالي من الجماعات الإسلامية غير العنيفة في العالم العربي في ضوء الظروف السياسية المستجدة بالمنطقة، ولا يتعرض التقرير لسياسة أمريكا تجاه الجماعات الإسلامية المسلحة
تعريف الجماعات الإسلامية
يحاول التقرير – في بدايته - أن يشرح لأعضاء الكونجرس طبيعة الجماعات الإسلامية العربية، حيث يذكر أنها صعدت في المرحلة التالية لهزيمة النظم القومية في عام 1967 رافعة شعار تطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف جوانب حياة المجتمعات العربية بدرجات مختلفة مستفيدة من الخلفية الإسلامية المتدينة والإجتماعية المحافظة للمجتمعات العربية، وبمرور الوقت باتت تلك الجماعات تمثل قوى المعارضة الجماهيرية الرئيسية بعدد كبير من الدول العربية
ويصف التقرير علاقة الجماعات الإسلامية غير العنيفة بالنظم العربية بأنها علاقة "غامضة"، وذلك لأن الدول العربية عادة ما "تعظم من تهديد الإسلاميين لإستقرار الدولة"، ولكنها في نفس الوقت للجماعات الإسلامية بممارسة ما يسميه التقرير "بالمعارضة المحدودة" لتخفيف الضغوط التي تتعرض لها النظم العربية في أوقات الأزمات الإقتصادية والسياسية الداخلية والضغوط الدولية الكبيرة، كما يرى التقرير أن بعض الحكومات العربية تستخدم صعود المعارضة الإسلامية "المحدودة" بهدف "منع جماعات المعارضة العلمانية من تحدي الحزب الحاكم"
علاقة أمريكا بالإسلاميين
يقول التقرير أن علاقة أميركا بالإسلاميين في الشرق الأوسط قامت منذ عام 1979 على أساس معارضة صعودهم لما سيترتب عليه من تحدي لمصالح أميركا وعلى رأسها حماية إسرائيل والنفط والتعاون العسكري مع دول المنطقة، وإنطلاقا من هذا الموقف ركزت أميركا في ضغوطها الإصلاحية على الحكومات العربية على قضايا تحرير الإقتصاد وتحرير التجارة بدلا من قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، وفي المقابل اكتفت النظم العربية – كما يرى التقرير - بإجراء إصلاحات ديمقراطية "رمزية" بهدف "تشتيت الإنتباه الدولي الموسمي لنقص الحريات السياسية"
ويقول التقرير أن الرؤية السابقة إستمرت مسيطرة على السياسة الأميركية تجاه الديمقراطية العربية حتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث بدأ الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في إستخدام مبدأ يرى أن قيام "شرق أوسط ديمقراطي سوف يكون أقل هشاشة أمام قوى التطرف"، وبهذا أصبح نشر الديمقراطية في العالم العربي أحد ركائز الحرب على الإرهاب، حيث رأي بوش أن نشر الديمقراطية وإشراك الشعوب المسلمة والعربية بما في ذلك قوى المعارضة في الحياة السياسية سوف يسحب البساط تدريجيا من تحت أقدام الجماعات العنيفة والراديكالية وسوف يزيد قوى المعارضة العربية واقعية
وجاءت الحرب على العراق لتؤكد الالتزام الأميركي بنشر الديمقراطية في العالم العربي حيث استخدم بوش مبدأ نشر الديمقراطية لتبرير الحرب على العراق موضحا أن الحرب تصب في النهاية في صالح الديمقراطية العربية ومن ثم في صالح الحرب على الإرهاب
ويقول التقرير أن إدارة بوش قطعت على نفسها التزاما يصفه التقرير بأنه "التزام خطابي" بتغيير "الوضع القائم" في الشرق الأوسط، وسعت الإدارة لتطبيق هذا الالتزام من خلال عدة أساليب أساسية، يأتي على رأسها
إعطاء قضية الإصلاح العربي مزيد من الموارد والأهمية
الدبلوماسية الثنائية والاستمرار في مطالبة المسئولين العرب بالإصلاح عند اللقاء معهم
التصريحات الرسمية المطالبة بالديمقراطية العربية والقادمة من كبار قادة الإدارة كخطاب وزيرة الخارجية كونداليزا رايس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في يوليو 2005
إطلاق عدد من البرامج والمبادرات الأمريكية والدولية لدعم برامج نشر الديمقراطية في العالم العربي مثل مبادرة الشراكة الشرق أوسطية والتي تدعم من خلالها الخارجية الأمريكية بعض منظمات المجتمع المدني العربية، ومبادرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة لمجموعة دول الثمانية والساعية لدعم الليبرالية السياسية والاقتصادية بالشرق الأوسط
المعضلة وكيفية التعامل معها
يقول التقرير أن التزام الإدارة بنشر الديمقراطية في العالم العربي بدأ يواجه "معضلة" تمثلت في أن إستمرار الضغط من أجل الديمقراطية قد يدعم صعود الجماعات الإسلامية سياسيا، وهي جماعات معارضة في أغلب مواقفها للسياسات الأميركية، كما أن صعودها سوف يؤثر سلبيا على علاقة أميركا بالنظم العربية مما سوف يؤثر على تعاونها في الحرب على الإرهاب، وقد ترتب على هذه المعضلة ظهور "جدل جاري وقوي حول قضية التعامل مع الجماعات الإسلامية (الشرق أوسطية)" في واشنطن وحول ماذا كانت "المخرجات السياسية" لأي عملية "إصلاح سياسي حقيقي" بالشرق الأوسط سوف تكون "مفضلة" لصانع القرار الأميركي
ويقسم التقرير هذا الجدل إلى ثلاثة مواقف رئيسية وهي مواقف قادمة من مراكز الأبحاث الأميركية ومن المسئولين بواشنطن على حد سواء، ويلاحظ هنا أن التقرير تعامل مع الخبراء ومراكز الأبحاث بأهمية لا تقل عن أهمية مواقف مسئولي الإدارة، وقد يعود ذلك إلى غموض موقف الإدارة مما دفع التقرير إلى التركيز على أراء الخبراء الساعية لشرح مواقف المسئولين غير الواضحة، وقد يعود إلى أهمية مواقف الخبراء وإلى أن هؤلاء الخبراء يمثلون عاملا هاما في صياغة الرأي العام والسياسة الأميركية
الموقف الأول يرى أن جميع الإسلاميين "مشكوك فيهم"، وهو موقف خبراء مثل مارتين كرايمر وانيال بايبس كما يسميهم التقرير، والمعروف أن الكاتبين السابقين من أكثر الكتاب المساندين لإسرائيل تشددا، حيث يرى الأول أن "كل الإسلاميين أصوليون معادون للديمقراطية وللغرب بطبيعتهم"، ويرى الثاني أن "تسهيل مشاركة الإسلاميين السياسية" هو نوع من "مساعدة الأعداء"، ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن الحل يكمن في تقوية المجتمع المدني والحركات العربية العلمانية
الاتجاه الثاني ينادي بالعمل مع الجماعات السياسية غير العنيفة ويقول التقرير أن هذا الاتجاه يسانده "العديد" من الخبراء والأكاديميين بأميركا، وهو اتجاه يرى أن مشاركة الإسلاميين في الحكم سوف تزيدهم واقعية وسوف تحرم الراديكاليين تدريجيا من الأتباع
التيار الثالث يرفع شعار البراجماتية ويطالب الإدارة الأمريكية بإتباع منهج "التعامل الانتقائي" مع الجماعات الإسلامية غير العنيفة، وعدم الاهتمام بالاتهامات الخاصة بازدواجية المعايير مادامت الانتقائية سوف تخدم مصالح أمريكا بدون الإضرار بعلاقتها مع شركائها الأساسيين بالمنطقة وهم النظم
تحديات الديمقراطية وعلاقة أمريكا بالإسلاميين
بعد ذلك يدرس التقرير ثلاثة حالات وهي المغرب ومصر والأردن كما يحاول أن ينصح الكونجرس بخصوص ما يمكنه القيام به في كل حالة بصفة خاصة وتجاه العالم العربي بصفة عامة، ومن خلال قراءة هذه الحالات والتقرير يمكن القول أن التقرير في مجمله يقود قارئه إلى خلاصتين
الخلاصة الأولى هي أن المساعي الأميركية لنشر الديمقراطية في العالم العربي فقدت الزخم الذي اكتسبته في عهد ولاية بوش الأولى، وهو زخم قد لا يعود في المستقبل المنظور لأسباب مختلفة على رأسها قصر عمر الالتزام الأميركي بنشر الديمقراطية في العالم العربي، وكونه يتناقض مع سياسات أميركية راسخة تعود لعام 1979، ولأن الجدل الراهن حول سياسة نشر الديمقراطية العربية وتأثيرها على صعود الإسلاميين هو جدل ضخم لن يحل بسهولة في وقت تمر فيه الإدارة بتحديات داخلية وخارجية ضخمة
الخلاصة الثانية تتعلق بعلاقة أميركا بالإسلاميين، وهنا يشير التقرير في مغزاه إلى أن هذه العلاقة تمر بتحديات أربعة رئيسية
التحدي الأول هو توقعات الإدارة الأمريكية، فالإدارة تريد جماعات إسلامية وجماعات معارضة عربية لا تعارض سياستها وعلى رأسها تلك الخاصة بفلسطين وبالعراق، وتنظر الإدارة إلى مظاهر معارضة هذه السياسات على أنها رسائل سلبية موجهة ضدها، ومن المعروف أن هذه السياسات تلاقي معارضة قوية داخل أميركا ذاتها وعبر العالم، مما يثير التساؤل حول إمكانية عثور أمريكا على المعارضة العربية التي تنشدها
القضية الثانية تتعلق بموقف الحكومات العربية ذاتها من تعامل الإدارة الأمريكية مع الإسلاميين حيث تعارض الحكومات العربية تقارب الأمريكيين مع الإسلاميين، وهي معارضة تختلف درجاتها باختلاف الدول العربية، فهي أكبر - كما يرى التقرير - في حالة مصر والتي تعارض بقوة اتصال الأمريكيين بالإسلاميين وأقل في حالة المغرب التي سمحت - في بعض الأحيان - لبعض قادة الجماعات الإسلامية المغربية بزيارة أمريكا ضمن برامج ترعاها الخارجية الأمريكية
ويرى التقرير أن قوة معارضة الحكومات العربية لاتصال الأمريكيين بالحركات الإسلامية لا تمنع هذا الاتصال على المستوى غير الرسمي ولكنه تحد منه بشكل كبير على المستوى الرسمي
العامل الثالث يتعلق بموقف الحركات الإسلامية ذاتها، حيث ينظر التقرير إيجابيا لموقف بعض قيادات الحركات الإسلامية بالمغرب والتي اعترفت في تصريحات علنية بالنفوذ الأمريكي وبالحاجة لبناء حوار تعاوني مع المسئولين الأمريكيين حول هذا النفوذ، في حين يعطي التقرير انطباعا بأن بعض الجماعات الإسلامية مازالت تقتصر في علاقتها بالمسئولين الأمريكيين على الاتصالات الفريدة غير الرسمية
العامل الرابع الذي يتواجد عبر التقرير هو القرب من الصراع العربي الإسرائيلي، فالواضح أن قرب أي دولة عربية جغرافيا من الصراع العربي الإسرائيلي ونشاط تلك الدولة في المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية يزيد من تعقيد موقف الإدارة الأميركية من الجماعات الإسلامية بتلك الدولة في ظل التزام أمريكا القوي بحماية أمن إسرائيل ونظرا لنشاط اللوبي الموالي لإسرائيل في معارضة علاقة أمريكا بالإسلاميين في العالم العربي كما ظهر في أسماء ومناصب الخبراء الذين عاد إليهم التقرير دون أن يربطهم بلوبي إسرائيل
أما بالنسبة لدور الكونجرس المحتمل فيمكن لأعضاء الكونجرس الضغط على الإدارة لتوضيح سياستها الغامضة تجاه الديمقراطية العربية والإسلاميين، كما يمكنه معارضة المعونات الاقتصادية التي تقدمها أمريكا لبعض الدول العربية ووضع شروط ترتبط المعونات بالإصلاح السياسي، وهي مواقف لن تتبلور في المستقبل المنظور للأسباب التي شرحناها سالفا
------
مقالات ذات صلة
أمريكا على مفترق الطرق: الديمقراطية، القوة، وميراث المحافظين الجدد
لوبي إسرائيل وسياسة أمريكا الخارجية
فشل بناء الأمم الديمقراطية: الإيديولوجيا تقابل التطور
الفرصة: لحظة أمريكا المواتية لتغيير مسار التاريخ
1 comment:
Thanks for your report. Although I did not get the chance to read the original Congressional report, the analysis your conducted is reasonable.
Post a Comment