Tuesday, January 31, 2012

قراءة في جلسة 31 يناير لمجلس الشعب المصري

بقلم: علاء بيومي

وقوف رئيس الوزراء المصري ووزيري الداخلية والعدل أمام أول مجلس شعب مصري منتخب بعد ثورة 25 يناير للحديث عن حقوق الشهداء حدث هام حرصت على متابعته كاملا خاصة بعد الانطلاقة الموفقة لمجلس الشعب المصري ومطالبة أعضائه بحقوق الشهداء في أول جلسة لهم.


وللأسف وبعد مشاهدة جلسة 31 يناير كاملة خرجت بانطباع خليط بين السلبي والإيجابي على عكس ما تمنيت، لذا رأيت أن أرصد سريعا بعض إيجابيات وسلبيات الجلسة من باب النصيحة والتطوير إذا أمكن.


على الجانب الإيجابي وقوف رئيس مجلس الوزراء المصري واثنان من أهم وزرائه أمام مجلس الشعب المنتخب واستماعهم لانتقادات النواب القوية إنجاز إيجابي يحسب لثورة يناير وثوارها الأبطال ويبشر بمناخ سياسي جديد في مصر - كما ذكر وأشاد المسئولون الحكوميون ونواب الشعب على حد سواء.

وقد سمعنا خلال اليوم البرلماني الطويل شهادات من رئيس الوزراء عن تعاطفه مع الثورة ومجلس الشعب الجديد ونوابه، وتحذيرات من الأوضاع الاقتصادية في مصر، كما سمعنا شهادات هامة من وزيري الداخلية والعدل، وخاصة فيما يتعلق بجهود وزارة الداخلية لإعادة الأمن والتحديات التي تواجهها من نقص تسليح ومعدات وخطورة بعض المجرمين ودخول أسلحة إلى مصر من المناطق الشمالية الغربية وغير ذلك.


كما سمعنا كلمات هامة من بعض النواب مثل التأكيد على حق مجلس الشعب في ممارسة دوره التشريعي كاملا، ومطالبة أحد النواب بمثول قيادات المجلس العسكري ذاته أمام مجلس الشعب بحكم أنهم المسئولون عن الحكومات الثلاثة التي توالت على حكم مصر منذ ثورة يناير وعن الأحداث التي وقعت.

وسمعنا أيضا صوت نواب سيناء وحرصهم على التعبير عن معاناة أبناء دوائرهم، كما سمعنا أيضا مطالب مختلفة بإعادة الأمن والحفاظ على سيادة مصر تجاه تدخلات السفيرة الأميركية في قضية المنظمات غير الحكومية الأجنبية، وبزيادة تعويضات أسر الشهداء والجرحى وتحسين مستويات علاج المصابين، وغير ذلك من القضايا الهامة التي أثارها النواب. 


ولكن وعلى الجانب السلبي أعتقد أن الجلسة عابها السلبيات التالية:


أولا: حضور رئيس الوزراء ووزيري الداخلية والعدل في جلسة واحدة - رغم أنها امتدت على فترتين وعلى مدى حوالي 6 ساعات - هو بمثابة ظلم للجلسة والنواب لأنه لم يتح الوقت الكافي لمناقشة الوزراء وخاصة رئيس الوزراء المصري الدكتور كمال الجنزوري، والذي لم يحدث بينه وبين النواب أي نقاش يذكر بعد إلقائه بيانه حيث استمع بعد ذلك لأسئلة النواب لننتقل بعد ذلك لتقرير وزير الداخلية ثم العدل تباعا دون نقاش يذكر.


بمعني أنه كان لدينا بالأساس شهادات من المسئولين الحكوميين وأسئلة من النواب وغاب النقاش إلا ما ندر.

ثانيا: لم تتوافر عن الجلسة قبل انعقادها معلومات كافية عن المتوقع منها وجدول أعمالها والتقارير التي قدمت فيها وما إذا كانت تلك التقارير سرية أم إنها متاحة للجماهير، وإذا ما كان مجلس الشعب قد استعان بأي خبراء أو تقارير خارجية.

ثالثا: قضية الخبراء والتقارير هامة ففي أحيان كثيرة تستمع البرلمانات لخبراء وتقارير قبيل أو بعد مناقشة المسئولين الحكوميين حتى يكون لديها معايير للحكم على تقارير الحكومة، وبهذا تكتمل الصورة أمام النائب والمواطن المهتم على حد سواء.

وقد نلتمس العذر للمجلس في أن الجلسة كانت افتتاحية وأنه قد يستعين بخبراء وتقارير مستقلة فيما بعد.

رابعا: بسبب عدم توافر التقارير والخبراء وجدول الأعمال ووقت النقاش بدت كثير من تعليقات النواب سيئة للغاية وربما محبطة للأسباب التالية:

-        كان هناك تسابق بين النواب على الحديث، ولكن قليل منهم من أتي بجديد على مستوى المعلومة أو الفكرة.

-        بعض النواب تحدث خارج الموضوع وتطرق لموضوعات بدت بعيدة عن حقوق الشهداء مثل المعاشات وأمثلة تاريخية ليس لها علاقة بالجلسة ومثلت مضيعة لوقت المشاهد والنائب على حد سواء خاصة في ظل الفترة الزمنية المحدودة للغاية الممنوحة لكل نائب لإتمام مداخلته.

-        للأسف ندر الحديث بالأرقام والتقارير وساد الحديث الخطابي والإنشائي وربما الزاعق، لدرجة أننا شعرنا بأن الأسلوب الذي يتعامل به النواب مع مداخلاتهم لا يمثل أي تحدي أو تهديد يذكر للمسئولين الحكوميين، فالحديث الإنشائي مهما كان زاعقا ومستفزا لا يضيف للنقاش شيئا ولا يساعد في الكشف عن معلومة جديدة.

-        كنا نتمنى من بعض النواب - وبما إننا نتحدث عن حقوق الشهداء - أن يكون لديه أمثلة حقيقية من أبناء دائرته أو يكون قد حرص على قراءة بعض تقارير المنظمات الحقوقية أو قراءة التقارير الحكومية جيدا ولديه تعليقات محددة أو أسئلة قوية بخصوصها، ولكن هذا لم يحدث.

-        وللأسف بدا واضحا أن النواب أو عدد لا بأس منهم - كما ظهر من مداخلاتهم - غير واعين بأبعاد السياسات التي يناقشونها، فعلى سبيل المثال لم نعرف بالضبط مناحي القصور في سياسات الحكومة لرعاية أسر الشهداء والجرحى أو في توفير الأمن والعدالة؟ وهل هذا القصور يتعلق بالإرادة السياسية فقط؟ أم أنه يرتبط التمويل أم التشريعات أم البيروقراطية؟ أم بماذا بالضبط؟


فمداخلات النواب كانت عامة بشكل واضح ولم يكن هناك تسلسل منطقي أو سياسي واضح لتلك المداخلات وإدراك للأبعاد المختلفة لكل سياسة (من قانوني ومالي وسياسي وبيروقراطي).


وقد يقول البعض أن هذه البداية وأن هناك جلسات أخرى عديدة، وأن نواب الشعب يعبرون عن الشعب، ولكن للأسف أعتقد أن هناك أوجه قصور مؤسساتية واضحة وأن هناك درجة من اللوم يجب أن توجه للأحزاب الكبرى في البرلمان، قبل الأحزاب الصغيرة والمستقلين.

فقد كنا نتوقع من الأحزاب الرئيسية - كالحرية والعدالة والنور والوفد - أن توفر لأعضائها بعض التقارير والأرقام والحقائق والأسئلة الجيدة، والتي كان يمكن أن يلقيها نائب أو نائبان نيابة عن الحزب وبقية أعضائه في المجلس بدلا من إهدار الوقت في سماع عشرات النواب الذين لا يأتون بجديد، ولكن للأسف بدت الأحزاب داخل البرلمان متفرقة وعبارة عن عدد من النواب يعمل كل منهم بمفرده ويغرد على هواه ويبدأ المشوار من جديد ولا يصل لشيء.


لذا أتمنى من كل ناخب أن يراقب النائب أو الحزب الذي يمثله في البرلمان وآلا يتردد في إرسال ولو رسالة صغيرة لهما يقيم فيها أدائهما في جلسة اليوم أو أي جلسة مستقبلية ويطالبهما بأداء أفضل. 

هذه هي ملاحظاتنا الأولية والتي لم نقصد بها النقد بقدر ما قصدنا النصيحة، ونتمنى لأول برلمان بعد ثورة 25 يناير أداء أفضل، والله أعلم. 

No comments: