أهم عامل في انجاح أو افشال الثورات هو دور الجيوش، يمكن للجيوش أن تحافظ على جيش مستبد حتى لو خرج الشعب كله ضده، ويمكن أن تطيح بأخر لو أنشقت عنه.
الانشقاقات يمكن أن تأخذ أكثر من صورة:
في الفلبين انشق بعض القادة الكبار، فأرسل ماركوس قواته للقبض عليهم، التف حولهم الشعب وخاطب الجنود، فأنشق 80% من الجيش، انشقاق القادة الكبار شجعهم.
في ألمانيا الشرقية، عدد كبير من الجنود كانوا غير نظاميين (احتياط) رفضوا ضرب النار على المتظاهرين، رأوا أنهم يرفعون نفس مطالبهم في حياة كريمة والحق في الهجرة بحثا عن ظروف أفضل للحياة.
في تشيلي، لم ينشق أحد، قادة القوات العسكرية رفضوا الانصياع لأوامر بينوشيه، رأوا أن الشعب لن يطيعه بعد اليوم، فرفضوا أوامره بقمع المظاهرات، وهذا سيناريو أشبه بما حدث في مصر في يناير 2011 تقريبا.
ولكن ما هي العوامل التي تدفع الجيوش للانشقاق والانضمام للثورات، ويلاحظ هنا أن انشقاق الجيوش في الثورات الشعبية يأتي نتيجة للثورة وليس العكس، الانشقاق يحدث كنتاج لحركة معارضة طويلة، وليس بمبادرة من بعض قادة الجيش كما يحدث في الانقلابات العسكرية.
في هذا السياق، وفي ظل بعض التجارب، تنضم الجيوش للثورات السلمية لو توافرت العوامل الستة التالية:
1) شعور الجيوش بأن الثورات تحمل نفس مطالبهم، وهنا يمكن الإشارة مرة أخرى لحالة ألمانيا الشرقية، فالمظاهرات كانت تطالب بالحريات السياسية والاقتصادية وبحياة كريمة والحق في الهجرة بحثا عن الرزق، وهي نفس مطالب الجنود والشعب بشكل عام.
2) كلما زاد عداء المتظاهرين للجيش أو عنفهم ضد أعضاءه قلت فرص الانشقاق، لأن الاعتداءات تكون هوية جماعية مضادة داخل صفوف الجيش ضد المتظاهرين.
3) تمكن المتظاهرين من التغلب على دعاية النظام والوصول لفئات الجيش وشرح أنهم مجرد ناس عاديين وجزء واسع من الشعب، وليس فئة بعينها تريد فرض أجندة خاصة، يجب أن يشعر الجنود والضباط أن الثورة قام بها أباءهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأولادهم.
4) عدم وجود انقسامات عرقية أو دينية أو مذهبية ضخمة بين الجيش وقادته من ناحية والشعب من ناحية أخرى، ولهذا يحرص بعض المستبدين على أن يكون قادة الجيش من أبناء أقلية أو طائفة بعينها يحميها النظام، وفي هذه الحالة سوف يقاتلون بجوار النظام حتى النهاية.
5) امتلاك المتظاهرين المثل الأخلاقي الأعلى، فهم لا يمتلكون أسلحة الجيش ولا أموال النظام، لذا عليهم أن يقدموا النموذج الأخلاقي الإيجابي الأعلى، يعني ينبغي على الثوار أن يوضحوا للجيش والشعب أنهم يقفون في صف حياة أفضل، وسلمية وديمقراطية ورخاء اقتصادي، في حين يقف المستبد في صف الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
تحويل الصراع السياسي لصراع صفري مدمر يصب في صالح المستبد لأنه يصعب من عملية انشقاق الجيوش وفئات كثيرة من الشعب خوفا من عدم الاستقرار.
6) انشقاق عدد قليل من قادة الجيش يمكن أن يساعد في انشقاق أعداد كبيرة من الجنود، أعضاء الجيوش يخشون دائما الانشقاق وعقوبته، لذا يفضلون آلا يكونوا أول من يبدأ به.
وكما قلنا من قبل انشقاق الجيوش في الثورات السلمية هو قمة جبل الجليد وتأتي في النهاية ويقوم على عوامل كثيرة مثل وحدة المعارضة، وقدرتها على الحفاظ على سلمية مظاهراتها وعدم الانجرار في دائرة العنف والعنف المضاد والحروب الأهلية، وقدرته على الوحدة في وجه محاولات النظام المستبد لشق صفوفها وضمان ولاء الجيش ومفاجئة الثورات بتحركات غير متوقعة مثل اتهامها بالعمالة للخارج أو عقد انتخابات شكلية أو الاستعانة بدعم خارجي.
ما رأيكم!؟
المصدر
http://www.amazon.com/gp/product/0199778213/ref=ox_sc_act_title_3?ie=UTF8&psc=1&smid=ATVPDKIKX0DER
http://www.amazon.com/gp/product/0199778213/ref=ox_sc_act_title_3?ie=UTF8&psc=1&smid=ATVPDKIKX0DER
No comments:
Post a Comment