Wednesday, January 14, 2015

دروس بنما وتشيلي ودور الجيوش في الثورة على الأنظمة العسكرية


في بنما وشيلي لم تتمكن الثورة السلمية من الاطاحة بديكتاتور عسكري بسبب الجيش.

في بنما فعلت المظاهرات البيضاء كل شيء تقريبا على مدى عامين (1987-1989) ولم تتمكن من الاطاحة بنرويجا بسبب تمسك الجيش به.

الجيش البنمي تحول خلال حكم نوريجا لمافيا موازية لمافيا المخدرات والتهريب عبر الحدود، من دخل فيها لا يخرج خوفا من الاغتيال من المافيا الموازية.

الجيش البنمي كان له اقتصاده الخاص وثروته لذا لم يتأثر بالعقوبات، ولم يتخل عن نرويجا، وافشل الثورة البيضاء، حتى تدخلت أمريكا عسكريا لتدمير الجيش والقبض على نرويجا.

في تشيلي نظر الجيش لنفسه كمؤسسة من مؤسسات الدولة وليس كجيش الشعب، وسعى الديكتاتور الدموي وقائد الانقلاب العسكري بينوشيه (1973-1988) بكل السبل لضمان سيطرته على القوات المسلحة من خلال فصل الضباط المعارضين، واغداق التعيينات والمزايا على الموالين، وزيادة عدد جنرالات الجيش حتى لا ينقلبوا عليه.

المعارضة السلمية التي ضمت الكنائس وعمال وقوى يسارية لم تتمكن من اسقاطه ولكنها حافظت على سلميتها ورفضت حمل السلاح.

اللحظة الحاسمة في حكم بينوشيه جاءت عندما رفض قادة الجيش الانصياع لأوامره للأسباب التالية:

أولا: شعور قادة الجيش (أسلحة الطيران والبحرية) بأن بينوشيه يميز ضدهم، ويفضل أسلحة على أخرى.

ثانيا: سمح بينوشيه بإجراء استفتاء على حكمه، خسره أمام المعارضة، وقد وثقت المعارضة والمؤسسات التي راقبت الانتخابات خسارة الجنرال الدموي للانتخابات، وأقتنع الشعب بذلك، فلما قرر بينوشيه إلغاء الاستفتاء شعر قادة الجيش أن الشعب لن يقبل ذلك، فرفضوا الانصياع لأموار بينوشيه والبطش بالمعارضين مجددا.

ثالثا: ضمن الدستور قدر كبير من المزايا والامتيازات والاستقلالية للجيش، لذا شعر قادة الجيش أن امتيازاتهم لن تمس بعد التخلي عن قائد الانقلاب العسكري، ففعلوا ذلك.

في بنما وتشيلي لم تتمكن المعارضة السلمية من الوصول لقادة الجيش ولا التأثير على القوات، ولم يتصرف الجيش كمؤسسة تمثل الشعب، في بنما تصرف كمافيا للمخدرات والتهريب والثراء السريع، وفي تشيلي تصرف كمؤسسة من مؤسسات النظام تابعة له وليس للشعب والناس.

في الحالتين ارتكب الجيش مجازر في حق المواطنين، واطلقت يد قوات الأمن في القتل والتعذيب، والشرطة والمخابرات في السجن والاغتيالات، ومع ذلك لم تتراجع القوات المسلحة بسهولة رغم ثورة الشعب.

الفرق في تشيلي أن الجيش عاني من انشقاقات داخلية وبأن الديكتاتور يعامل القوات بشكل تمييزي ففتح الباب لانقلابهم عليه.

وهذا يوضح الدور المحوري لانشقاق القوات المسلحة في الثورات ضد الانقلابات العسكرية والأنظمة العسكرية، وهي دروس يجب الوعي بها.

والله أعلم، ما رأيكم!؟
http://www.amazon.com/gp/product/0199778213/ref=ox_sc_act_title_3?ie=UTF8&psc=1&smid=ATVPDKIKX0DER

No comments: