أزمات بوش ومستقبل علمية السلام
بقلم: علاء بيومي
الناشر: صحيفة الشرق الأوسط، 7 نوفمبر 2005
نص المقال
أزمات الإدارة الأمريكية الراهنة سوف تدفعها لمزيد من التقارب مع قواعدهم الجماهيرية المحافظة، وهو ما سوف يؤثر بشكل مباشر على موقفها من عملية السلام
فالقيادات الجمهورية في البيت الأبيض والكونجرس – في ظل الأزمات التي تمر بها – تجد ملاذها الرئيسي في قواعدها الجماهيرية الأكثر ولاءا ومحافظة، وفي المقابل تميل هذه القيادات نحو إرضاء تلك القواعد الجماهيرية لأن إغضابها يصبح أمر باهظ التكلفة في أوقات الأزمات
وقد ارتكب الرئيس جورج بوش هذا الخطأ في شهر أكتوبر الماضي عندما فكر في تعيين مستشارته القانونية هاريت مايرز في المحكمة الدستورية العليا، وهو ترشيح لم يرض اليمين المسيحي المتدين بسبب موقف مايرز تجاه قضية الإجهاض
لذا قامت الدنيا ولم تقعد وثار اليمين المتدين على البيت الأبيض الذي أسرع بإعلان تراجع مايرز عن الترشيح، كما أعلن عن ترشيح مرشح أخر محافظ هللت له الجماعات اليمينية المحافظة واستقبله اليسار الأمريكي بتشاؤم كبير متنبئا بأن يؤدي ترشيحه لحرب سياسية وأيدلوجية ضروس
ما يعنينا هنا أمران، أولهما هو فهم منطق الإدارة في التعامل مع الأزمات، وكيف أن الأزمات تدفع الإدارة للتقارب مع قواعدها الجماهيرية ومحاولة إرضائها بما في ذلك الفئات الأكثر يمينية ومحافظة
الأمر الثاني هو أن قضية المحامية هاريت مايرز – على وجه الخصوص – أبرزت النفوذ الذي يتمتع به اليمين المسيحي المتدين على إدارة الرئيس جورج دبليو بوش وقيادات الجمهوريين في الوقت الراهن، وهو أمر فيه خلاف كبير
فهناك كتابات - مثل كتاب "أمة اليمين: قوة المحافظين في أمريكا"، الصادر في صيف العام الماضي لمراسلي مجلة ذا أكونوميست البريطانية في واشنطن إدريان ولدريدج وجون مايكلثويت - تؤمن بتنامي نفوذ اليمين المسيحي على جورج دبليو بوش، ولكنها تؤكد في نفس الوقت أن تدين بوش وتقاربه مع الجماعات المسيحية المتدينة يمثل مصدر إزعاج دائم وقلق كبير للجماعات اليمينية العلمانية
أما كتاب "ثورة المحافظين الجدد: المثقفون اليهود وتشكيل السياسة العامة" الصادر في صيف العام الحالي للمؤرخ والناشط اليهودي الراحل مروي فريدمان، فهو يتحدث عن التقارب بين اليمين المسيحي المتدين واليهود الأمريكيين على أساس أنه أمر لم يكن متوقعا في الماضي بسبب ميل غالبية اليهود الأمريكيين خلال معظم فترات القرن العشرين للتوجهات الفكرية والسياسية الليبرالية العلمانية المناهضة للجماعات المتدينة
ولكن فريدمان عاد وأكد على حدوث تقارب متزايد في السنوات الأخيرة بين نسبة متزايدة من اليهود الأمريكيين بما في ذلك قيادات المنظمات اليهودية الكبرى مثل اللجنة اليهودية الأمريكية وعصبة مكافحة التشويه من جهة وقيادات اليمين المسيحي المتدين من جهة أخرى
وهنا يجب الإشارة إلى مقال نشرته جريدة واشنطن بوست في السابع والعشرين من مارس عام 2004 لصحفي يدعى بيل برادواي بعنوان "الصلة الإنجليكية الإسرائيلية: النصوص الدينية تلهم المسيحيين لدعم الصهيونية سياسيا وماليا"
إذ يتحدث المقال بعجالة عن تبرعات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات الأمريكية تقدمها منظمات مسيحية متدينة لإسرائيل سنويا مدفوعة في تصرفاتها تلك بمعتقداتها الدينية التي تحتم عليها مساندة إسرائيل تحقيقا لنبوءة عودة المسيح (عليه السلام) وهي نبوءة في ظاهرة مساندة لإسرائيل وفي باطنها تحمل رسالة سلبية لليهود لأن النبوءة تتوقع أن تقترن عودة المسيح بتعرض اليهود لمحن قاسية
لذا تثير المقالة بعض علامات الاستفهام حول موقف القيادات اليهودية الأمريكية من تلك النبوءة الإيجابية والسلبية في آن واحد
وهنا تذكر المقالة أن "غالبية القادة اليهود لا يهملون الأسباب الدينية لدعم العديد من الإنجليكيين لإسرائيل، ولكنهم يفضلون آلا يركزوا على الخلافات الدينية"، كما أشارت المقالة في خاتمتها إلى قول إبراهام فوكسمان زعيم عصبة مكافحة التشويه أن "إسرائيل تحارب من أجل الأمن، وهي معزولة في عالم منافق ... ليس هذا الوقت الذي يقال فيه (للإنجليكيين) أنتم لستم أصدقاء مثاليين"
عموما لا تقدم الكتابات السابقة تقديرا محددا لحجم نفوذ اليمين المسيحي المتدين، وهي قضية يصعب حسمها، وإن كان موري فريدمان يعتقد أن اليمين المسيحي يتمتع بمساندة حوالي 15% من الناخبين الأمريكيين، كما يعتقد أيضا بأن اليمين المتدين تراجع سياسيا منذ أواخر التسعينات بسبب استمرار سيطرة قياداته المسنة - من أمثال بات روبرتسون وجيري فالويل - على منظماته
ولكن فريدمان يعود ليؤكد على أن اليمين المسيحي رغم تراجعه على الساحة السياسية كقوة سياسية جماهيرية منذ أواخر التسعينات مازال يمثل قوة سياسية خاصة في الجنوب الأمريكي وكتكتل "فيتو" قوي بالحزب الجمهوري، وكحليف قوى لإسرائيل
وهنا يجدر الإشارة إلى ندوة متميزة عقدها مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن في الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي تحت عنوان "الإنجليكيون والشرق الأوسط" حاضر فيها ريتشارد لاند وهو زعيم ديني إنجليكي وصفته مجلة تايم المعروفة في فبراير 2005 بأنه واحد من أقوى 25 زعيم إنجليكي بأمريكا
لاند دعا الإعلام الأمريكي - في بداية حديثه - لعدم الحديث عن الإنجليكيين على أنهم كتلة واحدة صماء لا تعرف الانقسامات والخالفات الداخلية، ولكنه عاد وأكد أنه يمكنه القول بأن "غالبية الإنجليكيين ... يدعمون إسرائيل بقوة"، أما سبب هذا الدعم فقد وصفه ريتشارد لاند بأنه "أسباب دينية"، حيث قال أن الإنجليكيين يؤمنون بأن "الرب أعطى عهدا خاصا لليهود، وأن هذه العلاقة مازالت مصانة"
وفي شرح هذا العهد ذكر لاند "الرب أعطى أرض إسرائيل لليهود، والرب لابد وأن يصدق وعده"، لذا بادر مقدم الندوة لاند بسؤال حول انسحاب حكومة شارن الأخير من غزة، وإذا كان هذا الانسحاب يمثل من وجهة نظر الإنجليكيين نقدا لعهد الله
وهنا رد ريتشارد لاند بدبلوماسية – ساعيا لحل هذا التناقض – قائلا "لا يمكنك أن تكرم اليهود بأن تطلب لهم أكثر مما يطلبون لأنفسهم، فلو أمنت حكومة إسرائيل – التي انتخبها الشعب الإسرائيلي – بأن هذا في مصلحة إسرائيل وفي مصلحة اليهود الذين يعيشون بالأرض، فليكن الأمر كذلك"
بمعني أخر أن موقف الإنجليكيين يكمن في حماية إسرائيل والحيلولة دون ممارسة أية ضغوط عليها من قبل أي جهة بما في ذلك الحكومة الأمريكية نفسها
لذا عاد ريتشارد لاند ليؤكد بنبرة لا تخلو من تهديد "إذا رأي (الإنجليكيون) أن حكومتنا الأمريكية تضع ضغطا على الحكومة الإسرائيلية لصناعة قرارات يشعر الشعب الإسرائيلي وحكومتهم بأنها تهدد أمنهم، فإن ذلك سوف يسبب انهيارا خطيرا وكارثيا في مستوى دعمنا لجورج دبليو بوش أو أي حكومة أمريكية تفعل ذلك
لو حاولنا تطبيق الأفكار السابقة على موقف الإدارة الأمريكية الراهن من عملية السلام فيجب علينا أن نشير إلى أن الرئيس بوش في لقاءه الأخير مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والذي عقد في واشنطن في العشرين من أكتوبر الماضي أشار إلى حائط العزل الإسرائيلي على أنه "عازل أمني"
وعندما سئل احد الصحفيين العرب بوش عن إمكانية وضع جدول زمني لتنفيذ خارطة الطريق رد الرئيس الأمريكي قائلا أنه يتمنى أن يرى نهاية سعيدة لعملية السلام قبل أن يترك مكتبه
وذلك في إشارة مباشرة لرفض بوش وضع جدول زمني لتنفيذ الخطة الرباعية أو خارطة الطريق أو غيرها من التزامات عملية السلام، وفي إشارة غير مباشرة لرفضه الضغط على إسرائيل، وهو أمر يتشارك فيه بوش ليس فقط مع قيادات حزبه ولكن مع قيادات الحزب الديمقراطي أيضا
ويكفي هنا أن نشير إلى جلسة استماع عقدتها اللجنة الخاصة بالشرق الأوسط ووسط أسيا بمجلس النواب الأمريكي في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي حول عملية السلام وأوليات السياسة الخارجية الأمريكية بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة
حيث شهدت اللجنة تباري أعضاء الكونجرس الديمقراطيين مع نظرائهم الجمهوريين في مساندة إسرائيل، واتهام الديمقراطيين للإدارة الأمريكية الجمهورية بأنها لا تفعل ما يكفي لمساندة إسرائيل في ظل انشغالها بإعادة بناء العراق وأفغانستان
موقف الديمقراطيين وأزمات بوش وعلاقته بالإنجليكيين وموقف الإنجليكيين أنفسهم تجاه إسرائيل هي مجموعة عوامل تجعلنا نتفهم مصير علمية السلام خلال الفترة المقبلة خاصة لو استمرت أزمات بوش
الناشر: صحيفة الشرق الأوسط، 7 نوفمبر 2005
نص المقال
أزمات الإدارة الأمريكية الراهنة سوف تدفعها لمزيد من التقارب مع قواعدهم الجماهيرية المحافظة، وهو ما سوف يؤثر بشكل مباشر على موقفها من عملية السلام
فالقيادات الجمهورية في البيت الأبيض والكونجرس – في ظل الأزمات التي تمر بها – تجد ملاذها الرئيسي في قواعدها الجماهيرية الأكثر ولاءا ومحافظة، وفي المقابل تميل هذه القيادات نحو إرضاء تلك القواعد الجماهيرية لأن إغضابها يصبح أمر باهظ التكلفة في أوقات الأزمات
وقد ارتكب الرئيس جورج بوش هذا الخطأ في شهر أكتوبر الماضي عندما فكر في تعيين مستشارته القانونية هاريت مايرز في المحكمة الدستورية العليا، وهو ترشيح لم يرض اليمين المسيحي المتدين بسبب موقف مايرز تجاه قضية الإجهاض
لذا قامت الدنيا ولم تقعد وثار اليمين المتدين على البيت الأبيض الذي أسرع بإعلان تراجع مايرز عن الترشيح، كما أعلن عن ترشيح مرشح أخر محافظ هللت له الجماعات اليمينية المحافظة واستقبله اليسار الأمريكي بتشاؤم كبير متنبئا بأن يؤدي ترشيحه لحرب سياسية وأيدلوجية ضروس
ما يعنينا هنا أمران، أولهما هو فهم منطق الإدارة في التعامل مع الأزمات، وكيف أن الأزمات تدفع الإدارة للتقارب مع قواعدها الجماهيرية ومحاولة إرضائها بما في ذلك الفئات الأكثر يمينية ومحافظة
الأمر الثاني هو أن قضية المحامية هاريت مايرز – على وجه الخصوص – أبرزت النفوذ الذي يتمتع به اليمين المسيحي المتدين على إدارة الرئيس جورج دبليو بوش وقيادات الجمهوريين في الوقت الراهن، وهو أمر فيه خلاف كبير
فهناك كتابات - مثل كتاب "أمة اليمين: قوة المحافظين في أمريكا"، الصادر في صيف العام الماضي لمراسلي مجلة ذا أكونوميست البريطانية في واشنطن إدريان ولدريدج وجون مايكلثويت - تؤمن بتنامي نفوذ اليمين المسيحي على جورج دبليو بوش، ولكنها تؤكد في نفس الوقت أن تدين بوش وتقاربه مع الجماعات المسيحية المتدينة يمثل مصدر إزعاج دائم وقلق كبير للجماعات اليمينية العلمانية
أما كتاب "ثورة المحافظين الجدد: المثقفون اليهود وتشكيل السياسة العامة" الصادر في صيف العام الحالي للمؤرخ والناشط اليهودي الراحل مروي فريدمان، فهو يتحدث عن التقارب بين اليمين المسيحي المتدين واليهود الأمريكيين على أساس أنه أمر لم يكن متوقعا في الماضي بسبب ميل غالبية اليهود الأمريكيين خلال معظم فترات القرن العشرين للتوجهات الفكرية والسياسية الليبرالية العلمانية المناهضة للجماعات المتدينة
ولكن فريدمان عاد وأكد على حدوث تقارب متزايد في السنوات الأخيرة بين نسبة متزايدة من اليهود الأمريكيين بما في ذلك قيادات المنظمات اليهودية الكبرى مثل اللجنة اليهودية الأمريكية وعصبة مكافحة التشويه من جهة وقيادات اليمين المسيحي المتدين من جهة أخرى
وهنا يجب الإشارة إلى مقال نشرته جريدة واشنطن بوست في السابع والعشرين من مارس عام 2004 لصحفي يدعى بيل برادواي بعنوان "الصلة الإنجليكية الإسرائيلية: النصوص الدينية تلهم المسيحيين لدعم الصهيونية سياسيا وماليا"
إذ يتحدث المقال بعجالة عن تبرعات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات الأمريكية تقدمها منظمات مسيحية متدينة لإسرائيل سنويا مدفوعة في تصرفاتها تلك بمعتقداتها الدينية التي تحتم عليها مساندة إسرائيل تحقيقا لنبوءة عودة المسيح (عليه السلام) وهي نبوءة في ظاهرة مساندة لإسرائيل وفي باطنها تحمل رسالة سلبية لليهود لأن النبوءة تتوقع أن تقترن عودة المسيح بتعرض اليهود لمحن قاسية
لذا تثير المقالة بعض علامات الاستفهام حول موقف القيادات اليهودية الأمريكية من تلك النبوءة الإيجابية والسلبية في آن واحد
وهنا تذكر المقالة أن "غالبية القادة اليهود لا يهملون الأسباب الدينية لدعم العديد من الإنجليكيين لإسرائيل، ولكنهم يفضلون آلا يركزوا على الخلافات الدينية"، كما أشارت المقالة في خاتمتها إلى قول إبراهام فوكسمان زعيم عصبة مكافحة التشويه أن "إسرائيل تحارب من أجل الأمن، وهي معزولة في عالم منافق ... ليس هذا الوقت الذي يقال فيه (للإنجليكيين) أنتم لستم أصدقاء مثاليين"
عموما لا تقدم الكتابات السابقة تقديرا محددا لحجم نفوذ اليمين المسيحي المتدين، وهي قضية يصعب حسمها، وإن كان موري فريدمان يعتقد أن اليمين المسيحي يتمتع بمساندة حوالي 15% من الناخبين الأمريكيين، كما يعتقد أيضا بأن اليمين المتدين تراجع سياسيا منذ أواخر التسعينات بسبب استمرار سيطرة قياداته المسنة - من أمثال بات روبرتسون وجيري فالويل - على منظماته
ولكن فريدمان يعود ليؤكد على أن اليمين المسيحي رغم تراجعه على الساحة السياسية كقوة سياسية جماهيرية منذ أواخر التسعينات مازال يمثل قوة سياسية خاصة في الجنوب الأمريكي وكتكتل "فيتو" قوي بالحزب الجمهوري، وكحليف قوى لإسرائيل
وهنا يجدر الإشارة إلى ندوة متميزة عقدها مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن في الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي تحت عنوان "الإنجليكيون والشرق الأوسط" حاضر فيها ريتشارد لاند وهو زعيم ديني إنجليكي وصفته مجلة تايم المعروفة في فبراير 2005 بأنه واحد من أقوى 25 زعيم إنجليكي بأمريكا
لاند دعا الإعلام الأمريكي - في بداية حديثه - لعدم الحديث عن الإنجليكيين على أنهم كتلة واحدة صماء لا تعرف الانقسامات والخالفات الداخلية، ولكنه عاد وأكد أنه يمكنه القول بأن "غالبية الإنجليكيين ... يدعمون إسرائيل بقوة"، أما سبب هذا الدعم فقد وصفه ريتشارد لاند بأنه "أسباب دينية"، حيث قال أن الإنجليكيين يؤمنون بأن "الرب أعطى عهدا خاصا لليهود، وأن هذه العلاقة مازالت مصانة"
وفي شرح هذا العهد ذكر لاند "الرب أعطى أرض إسرائيل لليهود، والرب لابد وأن يصدق وعده"، لذا بادر مقدم الندوة لاند بسؤال حول انسحاب حكومة شارن الأخير من غزة، وإذا كان هذا الانسحاب يمثل من وجهة نظر الإنجليكيين نقدا لعهد الله
وهنا رد ريتشارد لاند بدبلوماسية – ساعيا لحل هذا التناقض – قائلا "لا يمكنك أن تكرم اليهود بأن تطلب لهم أكثر مما يطلبون لأنفسهم، فلو أمنت حكومة إسرائيل – التي انتخبها الشعب الإسرائيلي – بأن هذا في مصلحة إسرائيل وفي مصلحة اليهود الذين يعيشون بالأرض، فليكن الأمر كذلك"
بمعني أخر أن موقف الإنجليكيين يكمن في حماية إسرائيل والحيلولة دون ممارسة أية ضغوط عليها من قبل أي جهة بما في ذلك الحكومة الأمريكية نفسها
لذا عاد ريتشارد لاند ليؤكد بنبرة لا تخلو من تهديد "إذا رأي (الإنجليكيون) أن حكومتنا الأمريكية تضع ضغطا على الحكومة الإسرائيلية لصناعة قرارات يشعر الشعب الإسرائيلي وحكومتهم بأنها تهدد أمنهم، فإن ذلك سوف يسبب انهيارا خطيرا وكارثيا في مستوى دعمنا لجورج دبليو بوش أو أي حكومة أمريكية تفعل ذلك
لو حاولنا تطبيق الأفكار السابقة على موقف الإدارة الأمريكية الراهن من عملية السلام فيجب علينا أن نشير إلى أن الرئيس بوش في لقاءه الأخير مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والذي عقد في واشنطن في العشرين من أكتوبر الماضي أشار إلى حائط العزل الإسرائيلي على أنه "عازل أمني"
وعندما سئل احد الصحفيين العرب بوش عن إمكانية وضع جدول زمني لتنفيذ خارطة الطريق رد الرئيس الأمريكي قائلا أنه يتمنى أن يرى نهاية سعيدة لعملية السلام قبل أن يترك مكتبه
وذلك في إشارة مباشرة لرفض بوش وضع جدول زمني لتنفيذ الخطة الرباعية أو خارطة الطريق أو غيرها من التزامات عملية السلام، وفي إشارة غير مباشرة لرفضه الضغط على إسرائيل، وهو أمر يتشارك فيه بوش ليس فقط مع قيادات حزبه ولكن مع قيادات الحزب الديمقراطي أيضا
ويكفي هنا أن نشير إلى جلسة استماع عقدتها اللجنة الخاصة بالشرق الأوسط ووسط أسيا بمجلس النواب الأمريكي في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي حول عملية السلام وأوليات السياسة الخارجية الأمريكية بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة
حيث شهدت اللجنة تباري أعضاء الكونجرس الديمقراطيين مع نظرائهم الجمهوريين في مساندة إسرائيل، واتهام الديمقراطيين للإدارة الأمريكية الجمهورية بأنها لا تفعل ما يكفي لمساندة إسرائيل في ظل انشغالها بإعادة بناء العراق وأفغانستان
موقف الديمقراطيين وأزمات بوش وعلاقته بالإنجليكيين وموقف الإنجليكيين أنفسهم تجاه إسرائيل هي مجموعة عوامل تجعلنا نتفهم مصير علمية السلام خلال الفترة المقبلة خاصة لو استمرت أزمات بوش
No comments:
Post a Comment