قراءة في خطاب "حالة الإتحاد" ونهاية طموحات بوش الخارجية
مقال بقلم: علاء بيومي
الناشر: الجزيرة نت، 30 يناير 2008
نص المقال
سيطر شعور بالواقعية والتخلي عن المبادرات السياسية الكبرى على خطاب "حالة الإتحاد" الأخير للرئيس الأميركي جورج دبليو بوش والذي ألقاه ليلة أمس
وكان بوش قد بدأ ولايته الأولى في عام 2001 بالدعوة إلى سياسة أميركية متواضعة ترفض الظهور بمظهر "شرطي العالم"
ولكن أحداث 11-9 والنخب السياسية التي أحاطت ببوش كالمحافظين الجدد والبروتستانت التبشيريين والجماعات اليمينية المتشددة دفعته إلى سياسة خارجية أكثر تشددا عرفت باسم "عقيدة بوش"
وتقوم "عقيدة بوش" على ضرورة التحرك السريع لمواجهة أعداء أميركا على أراضيهم - ضمن ما يعرف بالحرب على الإرهاب - للحيلولة دون مهاجمتهم للأراضي الأميركية، وذلك من خلال إستراتيجيات كبرى مثل الاستعداد لتوجيه ضربات عسكرية وقائية للخصوم والعمل الدولي الأحادي إذا تطلب الأمر كما حدث في حرب العراق
كما تقوم على تبني إستراتيجيات جريئة لنشر الديمقراطية تصل إلى حد الضغط لإسقاط وعزل وتغيير النظم السياسية المعارضة مع تركيز واضح على الشرق الأوسط
وبعد مرور سبع سنوات على حكم بوش وفي أخر خطاب يلقيه في مناسبة "حالة الإتحاد الأميركي" اكتفى بوش بالتأكيد على فلسفة سياساته القائمة على ضرورة "مواجهة أعداء أميركا بالخارج ونشر الحرية في مناطق العالم المنكوبة"
ولكنه أسقط الحديث عن بعض أهم استراتيجياته وعلى رأسها سياسة نشر الديمقراطية ببلدان الشرق الأوسط والتي تراجع عنها بوش منذ أوائل عام 2006
كما لم يتحدث بوش عن الجهود المبذولة للقبض على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن والذي استشهد به بوش في معرض حديثه عن التقدم الذي حققته زيادة القوات الأميركية في العراق، حيث أشار إلى أن بن لادن أصدرا تسجيلا صوتيا في الشهر الماضي "اعترف" فيه بأن "قوات التحالف تزداد قوة في العراق"، واكتفى بوش بالقول بأن أميركا تمكنت من قتل "المئات من قادة وعملاء القاعدة الرئيسيين بالعراق"
وظهر بوش متواضعا في تقييمه لنتائج حرب العراق، ففي الوقت الذي أشاد فيه بوش على النتائج الإيجابية التي حققتها زيادة أعداد قواته هناك، عاد وأكد على أن أعداء أميركا بالعراق "لم يهزموا بعد" وأن على الأميركيين أن يتوقعوا مزيد من القتال بالعراق مطالبا الأميركيين بالصبر
كما أعاد بوش التأكيد على موقفه تجاه إيران الرافض للتفاوض المباشر مع إيران قبل أن توقف إيران أنشطتها لتخصيب اليورانيوم، داعيا النظام الإيراني للتخلي عن نواياه النووية والكشف عما قام به من جهود سابقة على هذا الصعيد حتى تتمكن إيران من اللحاق بالمجتمع الدولي محذرا إيران من تهديد القوات الأميركية أو تهديد حلفاء أميركا أو مصالحها الحيوية بالخليج
وفي يتعلق بجهود إحلال السلام بالشرق الأوسط، تجنب بوش الحديث المفصل عن أن خطط أو مواقف ينوي إعلانها على هذا الصعيد مكتفيا بالقول بأن "أميركا سوف تفعل ... كل ما في وسعها للمساعدة على الوصول لاتفاق سلام يعرف دولة فلسطينية بنهاية العام الحالي"
ولم يشر بوش لمؤتمر أنابوليس الذي عقد في ولاية ميرلاند الأميركية خلال شهر نوفمبر الماضي بناء على دعوة بوش نفسه لبناء زخم دولي كافي للوصول إلى اتفاق سلام بنهاية عام 2008، ومن المعروف أن العديد من القوى اليمينية المتشددة المحيطة ببوش عارضت مؤتمر أنابوليس والجهود السياسية المرتبطة به
وقد توقع كثير من المراقبين أن يركز بوش في خطاب "حالة الإتحاد" على قضايا الداخل خاصة في ظل المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الأميركي في الفترة الأخيرة، وأن يتجنب طرح مبادرات سياسية كبرى في ظل تراجع شعبيته وانشغال الجمهوريين بالانتخابات الرئاسية المقبلة، وأن يسعى بوش للتركيز على فلسفته حكمه أملا في أن يترك انطباعا إيجابيا لدى المواطن الأميركي، وهي خاتمة لم يتمناها بوش
-----
مقالات ذات صلة
قراءة في النقد الذاتي الجمهوري
الجيل الأميركي الحاكم
الناشر: الجزيرة نت، 30 يناير 2008
نص المقال
سيطر شعور بالواقعية والتخلي عن المبادرات السياسية الكبرى على خطاب "حالة الإتحاد" الأخير للرئيس الأميركي جورج دبليو بوش والذي ألقاه ليلة أمس
وكان بوش قد بدأ ولايته الأولى في عام 2001 بالدعوة إلى سياسة أميركية متواضعة ترفض الظهور بمظهر "شرطي العالم"
ولكن أحداث 11-9 والنخب السياسية التي أحاطت ببوش كالمحافظين الجدد والبروتستانت التبشيريين والجماعات اليمينية المتشددة دفعته إلى سياسة خارجية أكثر تشددا عرفت باسم "عقيدة بوش"
وتقوم "عقيدة بوش" على ضرورة التحرك السريع لمواجهة أعداء أميركا على أراضيهم - ضمن ما يعرف بالحرب على الإرهاب - للحيلولة دون مهاجمتهم للأراضي الأميركية، وذلك من خلال إستراتيجيات كبرى مثل الاستعداد لتوجيه ضربات عسكرية وقائية للخصوم والعمل الدولي الأحادي إذا تطلب الأمر كما حدث في حرب العراق
كما تقوم على تبني إستراتيجيات جريئة لنشر الديمقراطية تصل إلى حد الضغط لإسقاط وعزل وتغيير النظم السياسية المعارضة مع تركيز واضح على الشرق الأوسط
وبعد مرور سبع سنوات على حكم بوش وفي أخر خطاب يلقيه في مناسبة "حالة الإتحاد الأميركي" اكتفى بوش بالتأكيد على فلسفة سياساته القائمة على ضرورة "مواجهة أعداء أميركا بالخارج ونشر الحرية في مناطق العالم المنكوبة"
ولكنه أسقط الحديث عن بعض أهم استراتيجياته وعلى رأسها سياسة نشر الديمقراطية ببلدان الشرق الأوسط والتي تراجع عنها بوش منذ أوائل عام 2006
كما لم يتحدث بوش عن الجهود المبذولة للقبض على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن والذي استشهد به بوش في معرض حديثه عن التقدم الذي حققته زيادة القوات الأميركية في العراق، حيث أشار إلى أن بن لادن أصدرا تسجيلا صوتيا في الشهر الماضي "اعترف" فيه بأن "قوات التحالف تزداد قوة في العراق"، واكتفى بوش بالقول بأن أميركا تمكنت من قتل "المئات من قادة وعملاء القاعدة الرئيسيين بالعراق"
وظهر بوش متواضعا في تقييمه لنتائج حرب العراق، ففي الوقت الذي أشاد فيه بوش على النتائج الإيجابية التي حققتها زيادة أعداد قواته هناك، عاد وأكد على أن أعداء أميركا بالعراق "لم يهزموا بعد" وأن على الأميركيين أن يتوقعوا مزيد من القتال بالعراق مطالبا الأميركيين بالصبر
كما أعاد بوش التأكيد على موقفه تجاه إيران الرافض للتفاوض المباشر مع إيران قبل أن توقف إيران أنشطتها لتخصيب اليورانيوم، داعيا النظام الإيراني للتخلي عن نواياه النووية والكشف عما قام به من جهود سابقة على هذا الصعيد حتى تتمكن إيران من اللحاق بالمجتمع الدولي محذرا إيران من تهديد القوات الأميركية أو تهديد حلفاء أميركا أو مصالحها الحيوية بالخليج
وفي يتعلق بجهود إحلال السلام بالشرق الأوسط، تجنب بوش الحديث المفصل عن أن خطط أو مواقف ينوي إعلانها على هذا الصعيد مكتفيا بالقول بأن "أميركا سوف تفعل ... كل ما في وسعها للمساعدة على الوصول لاتفاق سلام يعرف دولة فلسطينية بنهاية العام الحالي"
ولم يشر بوش لمؤتمر أنابوليس الذي عقد في ولاية ميرلاند الأميركية خلال شهر نوفمبر الماضي بناء على دعوة بوش نفسه لبناء زخم دولي كافي للوصول إلى اتفاق سلام بنهاية عام 2008، ومن المعروف أن العديد من القوى اليمينية المتشددة المحيطة ببوش عارضت مؤتمر أنابوليس والجهود السياسية المرتبطة به
وقد توقع كثير من المراقبين أن يركز بوش في خطاب "حالة الإتحاد" على قضايا الداخل خاصة في ظل المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الأميركي في الفترة الأخيرة، وأن يتجنب طرح مبادرات سياسية كبرى في ظل تراجع شعبيته وانشغال الجمهوريين بالانتخابات الرئاسية المقبلة، وأن يسعى بوش للتركيز على فلسفته حكمه أملا في أن يترك انطباعا إيجابيا لدى المواطن الأميركي، وهي خاتمة لم يتمناها بوش
-----
مقالات ذات صلة
قراءة في النقد الذاتي الجمهوري
الجيل الأميركي الحاكم