أخطاء رباب المهدي ومأزق الشريك الثوري للانقلاب
لماذا رباب المهدي؟ ليس
لأي سبب شخصي على الاطلاق، فلم يسبق لنا التواصل المباشر مع شخصها الكريم، ولا نكن
لها ولأي تيار قد تعبر عنه إلا كل احترام وتقدير، وفي النهاية هي محسوبة على
التيار الثوري المصري الباحث عن الديمقراطية وحقوق الانسان.
فلماذا النقد والحديث عن أخطاء وأزمة!؟ لمجرد الحوار والفهم، يعني انتقدنا الاخوان خلال فترة حكمهم ليس كراهية فيهم، ولكن للفهم والمساعدة، ولهذا السبب ننتقد الجميع، والنقد علامة على التقدير، فلولا تقديرنا لرباب المهدي ومن قد تمثل لما سعينا لنقدها أو الحوار مع أفكارها ومن يسترشد بها.
وقد سبق وأن انتقدت رباب المهدي على صفحتي وأثار نقدي لها ردودا قوية من صديق كوائل خليل، وباحث كإبراهيم الهضيبي، مما جعلني أشك في مواقفي منها، لذا رجعت لما نشرته هي بقلمها خلال الشهور الأخيرة، عدت لتعليقاتها على صفحتها على الفايسبوك حتى يناير 2013، وإلى مقالاتها بالشروق حتى فبراير 2013، وهي في الحقيقة عدد قليل من المقالات كما يرصدها أرشيف الشروق، 7 مقالات فقط، كما عدت أيضا لحوار أجرته مع الأهرام الإنجليزي في أغسطس الماضي، ولبيان للاشتراكيين الثوريين نشرته على صفحتها في يوليو الماضي مع تعليق يقول "هذا البيان يمثلني".
يعني حاولت العودة لما كتبته أو قالته بنفسها أو نسبته لنفسها، لكي أفهم منطقها منها هي وعلى لسانها، وبعيدا عن القيل والقال، وحقيقية وجدت ما عمق مخاوفي.
ولكن يجب توضيح أن قراءة هذا العدد القليل من الكتابات لا يكفي للحكم النهائي على شخص، وحقيقة أنا لا أبحث عن حكم نهائي، ولكن عن محاولة للفهم والحوار، وأتمنى أن يقرأ الجميع ما أكتب من هذا المنطلق.
أولا: رباب المهدي كشريك ثوري للانقلاب
رباب المهدي لم تدعم 30 يونيو فقط، بل دعمت 3 يوليو، دعمته قبل 14 أغسطس، وبعدها، وربما مازالت تدعم نظام 3 يوليو جزئيا ولو بدرجة قد تكون أقل حتى يومنا هذا.
قبل 30 يونيو كتبت رباب المهدي تمتدح حركة تمرد، وتتحدث عن إسقاط "حكم الاخوان"، وفي 3 يوليو كتبت بالإنجليزية على صفحتها تطالب وسائل الإعلام الأمريكية بعدم "التباكي" على ما يحدث في مصر لأن مصر في حالة ثورة وليس مجرد تحول ديمقراطي كما رأت المهدي، مؤكدة لوسائل الإعلام أن المصريين قادرين على تنظيف ما ينصعونه من فوضى.
فلماذا النقد والحديث عن أخطاء وأزمة!؟ لمجرد الحوار والفهم، يعني انتقدنا الاخوان خلال فترة حكمهم ليس كراهية فيهم، ولكن للفهم والمساعدة، ولهذا السبب ننتقد الجميع، والنقد علامة على التقدير، فلولا تقديرنا لرباب المهدي ومن قد تمثل لما سعينا لنقدها أو الحوار مع أفكارها ومن يسترشد بها.
وقد سبق وأن انتقدت رباب المهدي على صفحتي وأثار نقدي لها ردودا قوية من صديق كوائل خليل، وباحث كإبراهيم الهضيبي، مما جعلني أشك في مواقفي منها، لذا رجعت لما نشرته هي بقلمها خلال الشهور الأخيرة، عدت لتعليقاتها على صفحتها على الفايسبوك حتى يناير 2013، وإلى مقالاتها بالشروق حتى فبراير 2013، وهي في الحقيقة عدد قليل من المقالات كما يرصدها أرشيف الشروق، 7 مقالات فقط، كما عدت أيضا لحوار أجرته مع الأهرام الإنجليزي في أغسطس الماضي، ولبيان للاشتراكيين الثوريين نشرته على صفحتها في يوليو الماضي مع تعليق يقول "هذا البيان يمثلني".
يعني حاولت العودة لما كتبته أو قالته بنفسها أو نسبته لنفسها، لكي أفهم منطقها منها هي وعلى لسانها، وبعيدا عن القيل والقال، وحقيقية وجدت ما عمق مخاوفي.
ولكن يجب توضيح أن قراءة هذا العدد القليل من الكتابات لا يكفي للحكم النهائي على شخص، وحقيقة أنا لا أبحث عن حكم نهائي، ولكن عن محاولة للفهم والحوار، وأتمنى أن يقرأ الجميع ما أكتب من هذا المنطلق.
أولا: رباب المهدي كشريك ثوري للانقلاب
رباب المهدي لم تدعم 30 يونيو فقط، بل دعمت 3 يوليو، دعمته قبل 14 أغسطس، وبعدها، وربما مازالت تدعم نظام 3 يوليو جزئيا ولو بدرجة قد تكون أقل حتى يومنا هذا.
قبل 30 يونيو كتبت رباب المهدي تمتدح حركة تمرد، وتتحدث عن إسقاط "حكم الاخوان"، وفي 3 يوليو كتبت بالإنجليزية على صفحتها تطالب وسائل الإعلام الأمريكية بعدم "التباكي" على ما يحدث في مصر لأن مصر في حالة ثورة وليس مجرد تحول ديمقراطي كما رأت المهدي، مؤكدة لوسائل الإعلام أن المصريين قادرين على تنظيف ما ينصعونه من فوضى.
لم تكتف رباب المهدي
بذلك بل استمرت بدعم ما سمته بالشريك المدني في النظام القائم، فهي لا تسمي النظام
الحاكم بالانقلاب كما يبدو من كتاباتها، وتدعم ما تسميه بالتيار المدني داخله
بقيادة زياد بهاء الدين الذي استقال بعد الاستفتاء على الدستور.
وفي 31 أغسطس – أي بعد بأسبوعين فقط من مذبحة رابعة التي أثارت العالم كله ودفعت البرادعي للاستقالة – كتبت المهدي تقول في الشروق :"علينا التمسك بدعم خيار المسار الديمقراطي الذي طرحه الجناح المدني في النظام الحالي بقيادة د. زياد بهاء الدين".
يعني هي لم تطالب بهاء الدين بالاستقالة نتيجة لمذبحة رابعة كما فعل البرادعي، بل دعت الناس لدعمه ودعم المسار الذي يطرحه وهو شراكة مع النظام القائم لفرض مسار رأت المهدي أنه "مسار يؤكد على ما بدأناه في 25 يناير".
ورغم انتقاد رباب المهدي المتزايد "للنظام الذي يسعى البعض لتأسيسه في مصر" والقائم على "دولة القوة .... (التي) تركز على بناء رؤية ومؤسسات أمنية قمعية وتعتمد على الردع والخوف أكثر من القبول والانجاز"، إلا إنها لا توجه النقد مباشرة لقائد الانقلاب (السيسي) أو تطالب بشكل مباشر بحسابه بشكل فوري سياسيا أو قضائيا على انقلابه، وشجعت ضمنيا المشاركة في الاستفتاء على الدستور.
حيث كتبت رباب المهدي على صفحتها في 11 يناير تقول:
"هما الاخوان اللي شاركوا في كل انتخابات واستفتاءات مبارك محروقين ليه من الدعوة للمشاركة بلا على الدستور ... ما ترحمونا بقي، اللي عايز يقول لا يقول يقول، واللي عايز يقاطع يدعو لهذا من غير مزايدة رخيصة".
كما كتبت المهدي في 15 فبراير الحالي تذكر السيسي بدور أخرين في حصوله على السلطة، حيث كتبت تقول: "لو لم يخرج قطاع كبير من الشعب في 30 يونيو لكان مصير (الفريق) السيسي هو نفس مصير قادة الجيش في فينزويلا عام 2002 حين عزلوا الرئيس هوجو شافيز بدعم من رجال الأعمال والإعلام المملوك لهم، فأعده الشعب بمظاهرات حاشدة لم تستطع الشرطة قمعها وتمت محاكمة قيادات الجيش وهرب بعضهم طالبا اللجوء السياسي".
وبالطبع هذا لم يحدث في مصر لوجود "قطاع كبير من الشعب" دعم 3 يوليو كانت المهدي من بينهم، وتشعر الأن بأن السيسي لا يفي بالاتفاق، لذا تذكره به.
يعني باختصار رباب المهدي دعمت 30 يونيو و3 يوليو والمشاركة في حكومة الانقلاب والمشاركة في الاستفتاء على الدستور معطية دعما من الظهير "الثوري" الذي تمثله للنظام القائم في مصر والذي لا تسميه المهدي انقلابا، في وقت حرج للغاية، ورغم كل ما ارتكبه من تجاوزات دفعت البعض للاستقالة مثل البرادعي فضلت المهدي الاستمرار.
فما هي الضمانات التي تمتلكها؟ أو الرؤية أو الخطة التي تدفعها للقبول بدعم السلطة الراهنة كما تسميها من باب دعم أهداف الثورة؟
ثانيا: رباب المهدي وسياسة رد الفعل
في 15 يونيو كتبت رباب المهدي تقول "اتمنى أن نكون تعلمنا من اعتصامات سابقة منذ يوليو 2011 ويكون عندنا تصور مختلف لما بعد 30 يونيو"، مؤكدة في 30 يونيو "لن نكون مطية لسلطويين عسكر أو فلول أو إخوان".
وفكرة التحذير من العمل بلا رؤية واضحة تكررت لدى رباب المهدي، حيث كتبت في 2 مارس بالشروق تقول: "نحن في مأزق تاريخي بين سلطة رجعية لا تختلف كثيرا في مضمون سياستها عن النظام السابق، ومعارضة لا تمتلك رؤية كلية حول بدائل وسبل التغيير بعيدا عن سياسة رد الفعل وانتقاد مثالب الاخوان التي أصبحت من المعلوم بالضرورة".
فما الرؤية الكلية التي امتلكتها رباب المهدي لدعم 30 يونيو و3 يوليو والمشاركة في الحكومة وفي الاستفتاء!؟
(1) تمرد
في 18 مايو كتبت المهدي تمتدح حركة تمرد كحركة "لا تستخدم العنف ولا توقف حال حد ... متنفس للشباب للتعبير عن غضبهم"، وفي 1 يوليو كتبت تقول "تمرد أعطتنا فرصة ... فلا تضيعوها بعدم الثبات أو باستخدام العنف".
هذا في الوقت الذي ترددت فيه وسائل إعلام دولية في التعامل مع تمرد بسبب أرقامها التي كان يصعب التحقق منها على الأقل، وبعد 3 يوليو كتبت وسائل إعلام دولية كوال ستريت جورنال عن تمويل شخصيات كنجيب ساويرس لتمرد وكيف أنها حصلت على دعم من رجال أعمال معارضين لمرسي، وكتبت وسائل أخرى كوكالة رويترز عن دعم رجال الشرطة أنفسهم لتمرد، فهل تسرعت المهدي في مدح تمرد؟
في 30 أغسطس كتبت المهدي تنتقد تمرد قائلة "حماة الدولة "المدنية" تمرد وحمدين ... عايزين رئيس "عسكري"! لا فعلا تيار مدني ديمقراطي بجد"!
ألم يكن الأفضل لها التريث وعدم التسرع في الحكم على تمرد أو على الفرصة التي أعطتها تمرد لها!
(2) الحشد الجماهيري
في 32 مارس كتبت المهدي تؤكد على دور حشد الجماهير في اسقاط النظم، حيث قالت "لم نسقط الحزب الوطني بحرق مقراته، ولكن أسقطه حشد الملايين في الشوارع، وكذلك حكم الإخوان".
وفي 23 يونيو كتبت تقول "نحن في ثورة ... جماهير تصنع التاريخ بحلوه ومره ... لا نحتاج أن نعول على قضاء فاسد ولا جيش مستبد لتخليصنا من حاكم لا يصلح"
وفي اليوم نفسه كتبت تؤكد على أنه "لولا الحراك الشعبي ما كان صدر هذا البيان"، متحدثة عن مهلة الأسبوع التي تحدث عنها السيسي.
وفي 24 يونيو كتبت تحذر "محرمي الهتاف ضد الداخلية" قائلة "إن شاء الله الالتراس ينزلوا ويسمعوكم الهتاف اللي بجد".
وفي 29 يونيو كتبت تقول "الضمان الأكبر لعدم عودة سياسات مبارك ونظامه ليس الانسحاب ولكن وجود كتلة ثورية في الشارع ترفع نفس مطالب الثورة وتؤكد عليها" وذلك ردا على "وجود مخاوف عودة نظام مبارك وتدثر البعض بالعسكر".
وفي 1 يوليو كتبت تقول "نعم سيحاول رموز الثورة المضادة ركوب الموجة، ولكن الحل ليس في شيطنة هذه الموجة الثورية ... الحل يكمن في استيعابها من القوى الثورية".
وفي 2 يوليو كتبت تقول "لسنا مضطرين أن نخطب ود الجيش أو الداخلية ... أخطبوا ود الشعب ... فنزوله هو ما أجبرهم على موقفهم".
وفي 3 يوليو كتبت تقول "كتل فاعلة وحتى وإن كانت غير منظمة بشكل كافي ... هذه هي صمام الأمان ضد الاستبداد من أي نوع".
وفي اليوم نفسه كتبت بالإنجليزية مخاطبة وسائل الإعلام الأجنبية قائلة "هذه ثورة وليست مجرد تحول ديمقراطي ... رجاء اعطونا فسحة (مهلة) ... نحن نخلق أوضاع فوضاوية (عبثية) خاصة بنا ثم نقوم بتنظيفها".
باختصار عولت رباب المهدي على قوة الحشد الجماهيري، كانت ترى 30 يونيو و3 يوليو كسباق على الحشد الجماهيري، جماهير مقابل جماهير، فلول مقابل ألتراس، إعلام مقابل هتافات في الشارع.
والسؤال مرة أخرى هل تسرعت رباب المهدي في الحكم؟ وهل كان حكمها صحيح في ذلك الوقت (ألم تر الحماية الأمنية لجماهير 30 يونيو و3 يوليو؟ ألم تر الطائرات ترسم قلوبا في السماء)؟
وماذا عن الأن؟ هل تحتاج رباب المهدي مراجعة لتوصيفها لدور الحشد الجماهيري في المشهد الانقلابي؟ ألم تتضح الأن وجود عوامل أخرى غير أخطاء الإخوان (والتي لعبت دورا كبيرا بالفعل)؟ ماذا عن المؤسسة الأمنية؟ ماذا عن البيروقراطية المارقة؟ ماذا عن الدول الخليجية؟ ماذا عن رجال أعمال مبارك وفلوله؟ ماذا عن إعلام النظام؟
وفيما يبدو أنه مراجعة لأفكار سابقة، كتبت المهدي مقالا بالشروق في 15 فبراير الحالي تقول فيه: "سيردد أخرون أن السيسي هو تجسيد للإرادة الشعبية التي خرجت بالآلاف لتفويضه، وهي التي تضع صورته في كل مكان وتدافع عنه بشراسة دون أن يطلب هو ذلك. ولكن ينسى أو يتناسى من يرددون هذا الكلام أن هتلر في ألمانيا وصدام حسين في العراق في السبعينيات وحافظ الأسد كل هؤلاء خرجت من أجلهم الآلاف تهتف باسمهم وحياتهم لم يكونوا مأجورين ولا مكروهين".
مرة أخرى نحن لا نعفي الاخوان من المسئولية، ولا يعنونا في شيء أكثر من التيارات الشبابية والثورية التي قد تمثلها رباب المهدي؟ وطالبنا الاخوان بالمراجعة؟ فماذا عن المهدي ومن تمثلهم؟
(3) ثورة أم تحول ديمقراطي
في 26 يناير 2013، كتبت المهدي تقول "ما نشهده الأن هو نتيجة حتمية لمحاولات اختزال الثورة في عملية تحول ديمقراطي (مشوه) دون إحداث أي تغيرات جذرية"، والواضح هنا أن المهدي كانت محقة – كما ذكرت في مواضع أخرى – في أن الناس دعمت الثورة لأنها تطلعت لتغيرات جذرية، ولما لم يتمكن قادة الاخوان في الحكم من إجراء تلك الإصلاحات الثورية أو الجذرية السريعة أصبح طريق الثورة المصرية في اجتذاب الناس أكثر سهولة.
ولكن السؤال هل التحول الديمقراطي (المشوه) مبرر كافي للتخلي أو العصف بالتحول الديمقراطي بدون بديل واضح!؟
كتبت رباب المهدي في 8 أبريل بالشروق تحذر من أن "على قدر هوس الاخوان بصندوق الانتخابات بوصفه الآلية الوحيدة لإدارة الصراع السياسي على قدر تمترس المعارضة حول المظاهرات وكأنها السبيل الوحيد لتغيير النظام، والاثنان مهمان بلا شك ولكن ضمن منظومة من أدوات النضال أكثر اتساعا وتشمل بالتحديد العمل النقابي والحركة الطلابية".
يعني المهدي كانت ترى أن نجاح الثورة هو بالمزج بين التحول الديمقراطي (الصندوق) والعمل الثوري (المظاهرات والعمل مع الجماهير).
لذا قالت بوضوح في المقالة نفسها "محاولة التعالي على الانتخابات بجميع أشكالها ... هو هدر لأحد الأسلحة المهمة".
ومضت تقول: "الانتخابات ليست في تعارض مع العمل الجماهيري والحشد لمظاهرات أو اعتصامات بل على العكس فإن أحدهما يكمل الأخر، وليس مصادفة أن تيار الإسلام السياسي ينجح في الصناديق كما ينجح في حشد المليونيات فهذا انعكاس لذاك بمعني ما".
وفي خاتمة المقال كتبت محذر "لا أحد يمتلك كاتالوج الثورة كما يحب بعض المحللين أن يدعوا، ولكنا نتعلم من التجربة".
ولكن بعد ذلك بشهرين ومع احتدام الصراع السياسي، كتبت المهدي تقول في 23 يوليو "نحن في ثورة ... جماهير تصنع التاريخ بحلوه ومره"، وبهذا تراجع خطاب التحول الديمقراطي أمام الخطاب الثوري (الذي لا يملك أحد كتالوجه).
بل وكتبت في 3 يوليو بالعربية تلوم "السادة المحللين يرون المشهد فقط عبر ثنائية "التحول الديمقراطي" في مقابل "الانقلاب العسكري" لأنهم لا يرون الجماهير، ولا يؤمنون أن هناك ثورة. المعادلة ليست فقط الصندوق أو السلام ... هناك بشر ... كتل جماهيرية فاعلة حتى وإن كانت غير منظمة بشكل كافي ... هذه هي صمام الأمان ضد الاستبداد من أي نوع".
وبهذا وضعت الثورة كخيار ثالث يتخطى ثنائية التحول الديمقراطي والانقلاب العسكرين وليس كخيار مكمل للتحول الديمقراطي كما ذكرت في 8 أبريل محذرة من "لا أحد يمتلك كاتالوج الثورة".
وبهذا وفي لحظة معينة قررت المهدي مساندة تعطيل التحول الديمقراطي لما رأت أنه بديل ثوري لا تمتلك "كاتالوجه" متجاهلة فكرة أن ما يحدث هو انقلاب عسكري، وبدون امتلاك خطة واضحة للتغيير، كما حذرت هي مسبقا.
هل وقعت رباب المهدي في سياسة رد الفعل!؟
ثالثا: رباب المهدي: "الإخوان كعادتهم في هذه الثورة هم حصان طروادة لكل ما هو سيء"
في 23 مارس 2013 كتبت المهدي تقول "لم نسقط الحزب الوطني بحرق مقراته، ولكن أسقطه حشد الملايين في الشوارع، وكذلك حكم الاخوان"، وفكرة اسقاط حكم الاخوان هنا تحتاج وقفه، لأنه حكم جاء عن طريق صناديق الاقتراع.
في 20 يونيو كتبت تقول "لن نكون مطية لسلطويين عسكر أو فلول أو إخوان"، وفي 26 يوليو كتبت تقول "الإخوان كعادته في هذه الثورة هم حصان طروادة لكل ما هو سيء"، يعني التيارات التي تدعي المهدي تمثيلها لن يكونوا مطية، والاخوان ليسوا مطية فقط، بل مطية "معتادة" و"لكل ما هو سيء"، فهل وقعت المهدي في خطأ التعميم والتشويه؟
وتكررت الفكرة في مقال للمهدي بالشروق في 31 أغسطس تتحدث فيه عن "استغلال أجهزة القمع للإخوان كحصان طروادة الذي عن طريقه تتم عسكر الدولة والمجتمع"، والسؤال هنا هل تقع المهدي في خطأ التبرير واستخدام الاخوان لشماعة يتم تعليق كل الأخطاء عليها؟ هل دعمها لـ 3 يوليو لم يستخدم كمطية للعسكر ورفض الاخوان له هو مطية العسكر؟ هل دعمها لمشاركة "الجناح المدني" في حكومة 14 أغسطس وقانون التظاهر ليس مطيعة لعودة الدولة البوليسية؟
في 16 أغسطس وبعد يومين فقط من قتل المئات من المتظاهرين في رابعة، وهي الحادث التي هزت منظمات حقوق الانسان الدولية، كتبت المهدي تقول "لن يستطيع تنظيم الاخوان أو الدولة البوليسية التي تحاول استعادة مجدها أن تحسموا المعركة بالعنف. الطرفان لا يملكان القوة اللازمة لسحق الأخر، والخاسر الوحيد هو من يتلمسون الحق في معركة خاسرة"، فهل وقعت المهدي في خطأ المساواة بين ضحية وجاني في لحظة إنسانية صعبة!؟
المثير هنا أنه بعد خمس أيام فقط أي في 21 أغسطس نشر الاهرام الإنجليزي حوارا للمهدي تقول فيه "لا أستطيع القول أن قوة الإخوان المسلمين تتساوى مع قوى الجيش أو البوليس".
في المقابلة نفسها تصف المهدي الإخوان قائلة "نحن لا نتحدث فقط عن مجرد حزب أخر أو منظمة أخرى، ولكن هي تيار اجتماعي".
وفي 31 أغسطس – أي بعد بأسبوعين فقط من مذبحة رابعة التي أثارت العالم كله ودفعت البرادعي للاستقالة – كتبت المهدي تقول في الشروق :"علينا التمسك بدعم خيار المسار الديمقراطي الذي طرحه الجناح المدني في النظام الحالي بقيادة د. زياد بهاء الدين".
يعني هي لم تطالب بهاء الدين بالاستقالة نتيجة لمذبحة رابعة كما فعل البرادعي، بل دعت الناس لدعمه ودعم المسار الذي يطرحه وهو شراكة مع النظام القائم لفرض مسار رأت المهدي أنه "مسار يؤكد على ما بدأناه في 25 يناير".
ورغم انتقاد رباب المهدي المتزايد "للنظام الذي يسعى البعض لتأسيسه في مصر" والقائم على "دولة القوة .... (التي) تركز على بناء رؤية ومؤسسات أمنية قمعية وتعتمد على الردع والخوف أكثر من القبول والانجاز"، إلا إنها لا توجه النقد مباشرة لقائد الانقلاب (السيسي) أو تطالب بشكل مباشر بحسابه بشكل فوري سياسيا أو قضائيا على انقلابه، وشجعت ضمنيا المشاركة في الاستفتاء على الدستور.
حيث كتبت رباب المهدي على صفحتها في 11 يناير تقول:
"هما الاخوان اللي شاركوا في كل انتخابات واستفتاءات مبارك محروقين ليه من الدعوة للمشاركة بلا على الدستور ... ما ترحمونا بقي، اللي عايز يقول لا يقول يقول، واللي عايز يقاطع يدعو لهذا من غير مزايدة رخيصة".
كما كتبت المهدي في 15 فبراير الحالي تذكر السيسي بدور أخرين في حصوله على السلطة، حيث كتبت تقول: "لو لم يخرج قطاع كبير من الشعب في 30 يونيو لكان مصير (الفريق) السيسي هو نفس مصير قادة الجيش في فينزويلا عام 2002 حين عزلوا الرئيس هوجو شافيز بدعم من رجال الأعمال والإعلام المملوك لهم، فأعده الشعب بمظاهرات حاشدة لم تستطع الشرطة قمعها وتمت محاكمة قيادات الجيش وهرب بعضهم طالبا اللجوء السياسي".
وبالطبع هذا لم يحدث في مصر لوجود "قطاع كبير من الشعب" دعم 3 يوليو كانت المهدي من بينهم، وتشعر الأن بأن السيسي لا يفي بالاتفاق، لذا تذكره به.
يعني باختصار رباب المهدي دعمت 30 يونيو و3 يوليو والمشاركة في حكومة الانقلاب والمشاركة في الاستفتاء على الدستور معطية دعما من الظهير "الثوري" الذي تمثله للنظام القائم في مصر والذي لا تسميه المهدي انقلابا، في وقت حرج للغاية، ورغم كل ما ارتكبه من تجاوزات دفعت البعض للاستقالة مثل البرادعي فضلت المهدي الاستمرار.
فما هي الضمانات التي تمتلكها؟ أو الرؤية أو الخطة التي تدفعها للقبول بدعم السلطة الراهنة كما تسميها من باب دعم أهداف الثورة؟
ثانيا: رباب المهدي وسياسة رد الفعل
في 15 يونيو كتبت رباب المهدي تقول "اتمنى أن نكون تعلمنا من اعتصامات سابقة منذ يوليو 2011 ويكون عندنا تصور مختلف لما بعد 30 يونيو"، مؤكدة في 30 يونيو "لن نكون مطية لسلطويين عسكر أو فلول أو إخوان".
وفكرة التحذير من العمل بلا رؤية واضحة تكررت لدى رباب المهدي، حيث كتبت في 2 مارس بالشروق تقول: "نحن في مأزق تاريخي بين سلطة رجعية لا تختلف كثيرا في مضمون سياستها عن النظام السابق، ومعارضة لا تمتلك رؤية كلية حول بدائل وسبل التغيير بعيدا عن سياسة رد الفعل وانتقاد مثالب الاخوان التي أصبحت من المعلوم بالضرورة".
فما الرؤية الكلية التي امتلكتها رباب المهدي لدعم 30 يونيو و3 يوليو والمشاركة في الحكومة وفي الاستفتاء!؟
(1) تمرد
في 18 مايو كتبت المهدي تمتدح حركة تمرد كحركة "لا تستخدم العنف ولا توقف حال حد ... متنفس للشباب للتعبير عن غضبهم"، وفي 1 يوليو كتبت تقول "تمرد أعطتنا فرصة ... فلا تضيعوها بعدم الثبات أو باستخدام العنف".
هذا في الوقت الذي ترددت فيه وسائل إعلام دولية في التعامل مع تمرد بسبب أرقامها التي كان يصعب التحقق منها على الأقل، وبعد 3 يوليو كتبت وسائل إعلام دولية كوال ستريت جورنال عن تمويل شخصيات كنجيب ساويرس لتمرد وكيف أنها حصلت على دعم من رجال أعمال معارضين لمرسي، وكتبت وسائل أخرى كوكالة رويترز عن دعم رجال الشرطة أنفسهم لتمرد، فهل تسرعت المهدي في مدح تمرد؟
في 30 أغسطس كتبت المهدي تنتقد تمرد قائلة "حماة الدولة "المدنية" تمرد وحمدين ... عايزين رئيس "عسكري"! لا فعلا تيار مدني ديمقراطي بجد"!
ألم يكن الأفضل لها التريث وعدم التسرع في الحكم على تمرد أو على الفرصة التي أعطتها تمرد لها!
(2) الحشد الجماهيري
في 32 مارس كتبت المهدي تؤكد على دور حشد الجماهير في اسقاط النظم، حيث قالت "لم نسقط الحزب الوطني بحرق مقراته، ولكن أسقطه حشد الملايين في الشوارع، وكذلك حكم الإخوان".
وفي 23 يونيو كتبت تقول "نحن في ثورة ... جماهير تصنع التاريخ بحلوه ومره ... لا نحتاج أن نعول على قضاء فاسد ولا جيش مستبد لتخليصنا من حاكم لا يصلح"
وفي اليوم نفسه كتبت تؤكد على أنه "لولا الحراك الشعبي ما كان صدر هذا البيان"، متحدثة عن مهلة الأسبوع التي تحدث عنها السيسي.
وفي 24 يونيو كتبت تحذر "محرمي الهتاف ضد الداخلية" قائلة "إن شاء الله الالتراس ينزلوا ويسمعوكم الهتاف اللي بجد".
وفي 29 يونيو كتبت تقول "الضمان الأكبر لعدم عودة سياسات مبارك ونظامه ليس الانسحاب ولكن وجود كتلة ثورية في الشارع ترفع نفس مطالب الثورة وتؤكد عليها" وذلك ردا على "وجود مخاوف عودة نظام مبارك وتدثر البعض بالعسكر".
وفي 1 يوليو كتبت تقول "نعم سيحاول رموز الثورة المضادة ركوب الموجة، ولكن الحل ليس في شيطنة هذه الموجة الثورية ... الحل يكمن في استيعابها من القوى الثورية".
وفي 2 يوليو كتبت تقول "لسنا مضطرين أن نخطب ود الجيش أو الداخلية ... أخطبوا ود الشعب ... فنزوله هو ما أجبرهم على موقفهم".
وفي 3 يوليو كتبت تقول "كتل فاعلة وحتى وإن كانت غير منظمة بشكل كافي ... هذه هي صمام الأمان ضد الاستبداد من أي نوع".
وفي اليوم نفسه كتبت بالإنجليزية مخاطبة وسائل الإعلام الأجنبية قائلة "هذه ثورة وليست مجرد تحول ديمقراطي ... رجاء اعطونا فسحة (مهلة) ... نحن نخلق أوضاع فوضاوية (عبثية) خاصة بنا ثم نقوم بتنظيفها".
باختصار عولت رباب المهدي على قوة الحشد الجماهيري، كانت ترى 30 يونيو و3 يوليو كسباق على الحشد الجماهيري، جماهير مقابل جماهير، فلول مقابل ألتراس، إعلام مقابل هتافات في الشارع.
والسؤال مرة أخرى هل تسرعت رباب المهدي في الحكم؟ وهل كان حكمها صحيح في ذلك الوقت (ألم تر الحماية الأمنية لجماهير 30 يونيو و3 يوليو؟ ألم تر الطائرات ترسم قلوبا في السماء)؟
وماذا عن الأن؟ هل تحتاج رباب المهدي مراجعة لتوصيفها لدور الحشد الجماهيري في المشهد الانقلابي؟ ألم تتضح الأن وجود عوامل أخرى غير أخطاء الإخوان (والتي لعبت دورا كبيرا بالفعل)؟ ماذا عن المؤسسة الأمنية؟ ماذا عن البيروقراطية المارقة؟ ماذا عن الدول الخليجية؟ ماذا عن رجال أعمال مبارك وفلوله؟ ماذا عن إعلام النظام؟
وفيما يبدو أنه مراجعة لأفكار سابقة، كتبت المهدي مقالا بالشروق في 15 فبراير الحالي تقول فيه: "سيردد أخرون أن السيسي هو تجسيد للإرادة الشعبية التي خرجت بالآلاف لتفويضه، وهي التي تضع صورته في كل مكان وتدافع عنه بشراسة دون أن يطلب هو ذلك. ولكن ينسى أو يتناسى من يرددون هذا الكلام أن هتلر في ألمانيا وصدام حسين في العراق في السبعينيات وحافظ الأسد كل هؤلاء خرجت من أجلهم الآلاف تهتف باسمهم وحياتهم لم يكونوا مأجورين ولا مكروهين".
مرة أخرى نحن لا نعفي الاخوان من المسئولية، ولا يعنونا في شيء أكثر من التيارات الشبابية والثورية التي قد تمثلها رباب المهدي؟ وطالبنا الاخوان بالمراجعة؟ فماذا عن المهدي ومن تمثلهم؟
(3) ثورة أم تحول ديمقراطي
في 26 يناير 2013، كتبت المهدي تقول "ما نشهده الأن هو نتيجة حتمية لمحاولات اختزال الثورة في عملية تحول ديمقراطي (مشوه) دون إحداث أي تغيرات جذرية"، والواضح هنا أن المهدي كانت محقة – كما ذكرت في مواضع أخرى – في أن الناس دعمت الثورة لأنها تطلعت لتغيرات جذرية، ولما لم يتمكن قادة الاخوان في الحكم من إجراء تلك الإصلاحات الثورية أو الجذرية السريعة أصبح طريق الثورة المصرية في اجتذاب الناس أكثر سهولة.
ولكن السؤال هل التحول الديمقراطي (المشوه) مبرر كافي للتخلي أو العصف بالتحول الديمقراطي بدون بديل واضح!؟
كتبت رباب المهدي في 8 أبريل بالشروق تحذر من أن "على قدر هوس الاخوان بصندوق الانتخابات بوصفه الآلية الوحيدة لإدارة الصراع السياسي على قدر تمترس المعارضة حول المظاهرات وكأنها السبيل الوحيد لتغيير النظام، والاثنان مهمان بلا شك ولكن ضمن منظومة من أدوات النضال أكثر اتساعا وتشمل بالتحديد العمل النقابي والحركة الطلابية".
يعني المهدي كانت ترى أن نجاح الثورة هو بالمزج بين التحول الديمقراطي (الصندوق) والعمل الثوري (المظاهرات والعمل مع الجماهير).
لذا قالت بوضوح في المقالة نفسها "محاولة التعالي على الانتخابات بجميع أشكالها ... هو هدر لأحد الأسلحة المهمة".
ومضت تقول: "الانتخابات ليست في تعارض مع العمل الجماهيري والحشد لمظاهرات أو اعتصامات بل على العكس فإن أحدهما يكمل الأخر، وليس مصادفة أن تيار الإسلام السياسي ينجح في الصناديق كما ينجح في حشد المليونيات فهذا انعكاس لذاك بمعني ما".
وفي خاتمة المقال كتبت محذر "لا أحد يمتلك كاتالوج الثورة كما يحب بعض المحللين أن يدعوا، ولكنا نتعلم من التجربة".
ولكن بعد ذلك بشهرين ومع احتدام الصراع السياسي، كتبت المهدي تقول في 23 يوليو "نحن في ثورة ... جماهير تصنع التاريخ بحلوه ومره"، وبهذا تراجع خطاب التحول الديمقراطي أمام الخطاب الثوري (الذي لا يملك أحد كتالوجه).
بل وكتبت في 3 يوليو بالعربية تلوم "السادة المحللين يرون المشهد فقط عبر ثنائية "التحول الديمقراطي" في مقابل "الانقلاب العسكري" لأنهم لا يرون الجماهير، ولا يؤمنون أن هناك ثورة. المعادلة ليست فقط الصندوق أو السلام ... هناك بشر ... كتل جماهيرية فاعلة حتى وإن كانت غير منظمة بشكل كافي ... هذه هي صمام الأمان ضد الاستبداد من أي نوع".
وبهذا وضعت الثورة كخيار ثالث يتخطى ثنائية التحول الديمقراطي والانقلاب العسكرين وليس كخيار مكمل للتحول الديمقراطي كما ذكرت في 8 أبريل محذرة من "لا أحد يمتلك كاتالوج الثورة".
وبهذا وفي لحظة معينة قررت المهدي مساندة تعطيل التحول الديمقراطي لما رأت أنه بديل ثوري لا تمتلك "كاتالوجه" متجاهلة فكرة أن ما يحدث هو انقلاب عسكري، وبدون امتلاك خطة واضحة للتغيير، كما حذرت هي مسبقا.
هل وقعت رباب المهدي في سياسة رد الفعل!؟
ثالثا: رباب المهدي: "الإخوان كعادتهم في هذه الثورة هم حصان طروادة لكل ما هو سيء"
في 23 مارس 2013 كتبت المهدي تقول "لم نسقط الحزب الوطني بحرق مقراته، ولكن أسقطه حشد الملايين في الشوارع، وكذلك حكم الاخوان"، وفكرة اسقاط حكم الاخوان هنا تحتاج وقفه، لأنه حكم جاء عن طريق صناديق الاقتراع.
في 20 يونيو كتبت تقول "لن نكون مطية لسلطويين عسكر أو فلول أو إخوان"، وفي 26 يوليو كتبت تقول "الإخوان كعادته في هذه الثورة هم حصان طروادة لكل ما هو سيء"، يعني التيارات التي تدعي المهدي تمثيلها لن يكونوا مطية، والاخوان ليسوا مطية فقط، بل مطية "معتادة" و"لكل ما هو سيء"، فهل وقعت المهدي في خطأ التعميم والتشويه؟
وتكررت الفكرة في مقال للمهدي بالشروق في 31 أغسطس تتحدث فيه عن "استغلال أجهزة القمع للإخوان كحصان طروادة الذي عن طريقه تتم عسكر الدولة والمجتمع"، والسؤال هنا هل تقع المهدي في خطأ التبرير واستخدام الاخوان لشماعة يتم تعليق كل الأخطاء عليها؟ هل دعمها لـ 3 يوليو لم يستخدم كمطية للعسكر ورفض الاخوان له هو مطية العسكر؟ هل دعمها لمشاركة "الجناح المدني" في حكومة 14 أغسطس وقانون التظاهر ليس مطيعة لعودة الدولة البوليسية؟
في 16 أغسطس وبعد يومين فقط من قتل المئات من المتظاهرين في رابعة، وهي الحادث التي هزت منظمات حقوق الانسان الدولية، كتبت المهدي تقول "لن يستطيع تنظيم الاخوان أو الدولة البوليسية التي تحاول استعادة مجدها أن تحسموا المعركة بالعنف. الطرفان لا يملكان القوة اللازمة لسحق الأخر، والخاسر الوحيد هو من يتلمسون الحق في معركة خاسرة"، فهل وقعت المهدي في خطأ المساواة بين ضحية وجاني في لحظة إنسانية صعبة!؟
المثير هنا أنه بعد خمس أيام فقط أي في 21 أغسطس نشر الاهرام الإنجليزي حوارا للمهدي تقول فيه "لا أستطيع القول أن قوة الإخوان المسلمين تتساوى مع قوى الجيش أو البوليس".
في المقابلة نفسها تصف المهدي الإخوان قائلة "نحن لا نتحدث فقط عن مجرد حزب أخر أو منظمة أخرى، ولكن هي تيار اجتماعي".
ورغم إقرار المهدي بأن
الاخوان تيار اجتماعي وليسوا مجرد حزب، عادت واستخدمت عبارات فضفاضة عن رفض
المصريين لحكمهم، مثل القول في 15 فبراير
بالشروق أن "من أنقذ البلد من حكم مبارك ثم حكم مرسي ومن أنقذ المشير السيسي
ذاته من مصير مظلم هو الشعب"، وتذكر في المقال نفسه "لو لم يخرج قطاع
كبير من الشعب في 30 يونيو لكان مصر الفريق السيسي هو نفس مصير قادة الجيش في
فنزويلا عان 2002"، وهنا نقع في إشكالية تعريف الشعب وعدد من خرج في 3 يوليو
التي تدعمها المهدي وكيف يمكننا تحديد الأعداد بعيد عن المسار الديمقراطي.
رابعا: التيارات الثورية
كقطب ثالث
في 31 أغسطس كتبت المهدي بالشروق تقول: "أما القوى الثورية فعليها تنظيم صفوفها بعيدا عن الاخوان وحلفائهم ولكن ليس بعيدا عن المبادئ التي قامت عليها ثورة 25 يناير، فلم يكتب علينا أن يكون خيار هذه الثورة بين نظام أمني بائس ونظام إخواني أبأس، ولكن بلورة خيار ديمقراطي جذري بعيدا عن دولة الطوائف التي سجعها الاخوان ودولة الأمن التي أسسها مبارك هي مسئولية هذه القوى".
وفي مقالها مع الأهرام الإنجليزي تؤكد المهدي على الفكرة نفسها قائلة: "نحتاج أن نرى القوى الثورية تتقارب سويا بعيد عن التحالف الحتمي المفترض مع أي من الجيش أو الإسلاميين".
ومشكلة هذا التصور أنه يضع ما تسميهم المهدي "بالإسلاميين" وهم تيار واسع للغاية في سلة واحدة، وحتى الإخوان، حيث يفرق البعض بين الاخواني العادي وقادة التنظيم، كما أن يحول ما تسميهم المهدي بالقوى الثورية لقطب ثالث أو إضافي بدلا من أن يكون قطب يجتمع على أجندة ثورية ويرحب بالجميع بدرجة من المرونة.
أما الأغرب فهو على الرغم من تأكيد المهدي على أهمية استقلال القطب الثوري عن الإخوان والعسكر، نجدها تتحدث في مقال الشروق نفسه عن "التمسك بدعم خيار المسار الديمقراطي الذي طرحه الجناح المدني في النظام الحالي بقيادة د. زياد بهاء الدين، فهذا أكبر من فكرة المصالحة مع الاخوان أو محاولة دمجهم في الحياة السياسية (التي مازالت غير ممكنة) ولكنه مسار يؤكد على ما بدأناه في 25 يناير 2011 وتحالف الاخوان مع المجلس العسكري لإسقاطه. هو مسار بناء دولة في خدمة مواطنيها والخروج بالديمقراطية لما هو أبعد من فكرة الصناديق الانتخابية (وإن كان يشملها)، مسار سياسي يضمن أن تكون هناك قواعد تمكننا من محاسبة كل مخطئ دون اللجوء لفكرة العقاب الجماعي وتضمن أن تكون هناك مؤسسات لا يملكها فصيل بعينه، وعلى الرغم من أن هذا المسار يظل مجرد خطوطا عامة إلا إنها مسئولية القوى السياسية ترجمته لمطالب وآليات محددة ورفع سقف طموحاتها بعيدا عن تصور أن ما تحتاجه مصر هو فقط الحل الأمني".
وهنا يظهر مرة أخرى عدة اشكاليات، وهو رفض المهدي للتحالف مع العسكر ولكن قبولها بالمشاركة في حكومته؟ وثانيا: استمرارها في تلك الشراكة بعد كل ما حدث وعلى حساب بديل ديمقراطي رأت المهدي أنه مكملا للمسار الثوري، وثالثا: اصرار المهدي على الاستمرار في حكومة الانقلاب بعد ما ارتكبه من انتهاكات، ورابعا: عدم امتلاكها لضمانات واضحة تضمن نجاح هذه الشراكة، وهو ما تجلى باستقالة بهاء الدين نفسه.
فهل تحتاج رباب المهدي ومن تعبر عنهم مراجعة أنفسهم وموقفهم من النقاط السابقة!؟
خاتمة وتساؤلات
إذا كانت رباب المهدي ومن تمثلهم تيار ثالث يرفض أن يكون "مطية" للإخوان أو العسكر، فلماذا دعمت 3 يوليو؟ ولماذا قبلت بدعم المشاركة في حكومة 3 يوليو والاستفتاء الذي نظمته؟
ثانيا: ما هي الضمانات التي امتلكتها رباب المهدي ومن قد تمثلهم للمشاركة في نظام 3 يوليو؟ يعني آلا يفرض في الفاعلين السياسيين والكتاب بعض العقلانية التي تحميهم من الوقوع في "رد الفعل" كما تطالب المهدي نفسها؟ فأي الضمانات امتلكت لكي تشارك في نظام 3 يوليو!؟
ثالثا: ما هو الدور الذي تلعبه مبادئ أساسية كحقوق الانسان، ونقصد هنا حقوق الجميع بما فيهم الاخوان، في مواقف المهدي وأنصارها؟ يعني كيف تبرير دعم من استمروا في حكومة نظام 3 يوليو بعد مذبحة رابعة!؟
رابعا: دعمت المهدي تمرد وتنازلت عنها، طالبت بأن يكون المسار الثوري داعما لمسار التحول الديمقراطي، ثم تخلت عن ما تم تحقيقه على مسار التحول الديمقراطي في 3 يوليو وبشكل سريع وربما مفاجئ، وبدون بديل واضح، وهو ما ثبت باستقالة البرادعي ثم زياد بهاء الدين، فهل اعتذرت المهدي بشكل واضح، أم أنها تكتفي فقط بمطالبة الاخوان بالمراجعة والاعتذار!؟
خامسا: هل أصبحت التيارات التي تطلق على نفسها اسم "شبابية وثورية" قطب ثالث؟ هل باتت منطقة تلاقي للتيارات الدينية والعلمانية الداعمة للثورة؟ أم أنها تقف الأن على قطيعة من بعض التيارات مضيفة قطب جديد لأقطاب الاستقطاب السياسي في مصر.
والله أعلم، ما رأيكم!؟
في 31 أغسطس كتبت المهدي بالشروق تقول: "أما القوى الثورية فعليها تنظيم صفوفها بعيدا عن الاخوان وحلفائهم ولكن ليس بعيدا عن المبادئ التي قامت عليها ثورة 25 يناير، فلم يكتب علينا أن يكون خيار هذه الثورة بين نظام أمني بائس ونظام إخواني أبأس، ولكن بلورة خيار ديمقراطي جذري بعيدا عن دولة الطوائف التي سجعها الاخوان ودولة الأمن التي أسسها مبارك هي مسئولية هذه القوى".
وفي مقالها مع الأهرام الإنجليزي تؤكد المهدي على الفكرة نفسها قائلة: "نحتاج أن نرى القوى الثورية تتقارب سويا بعيد عن التحالف الحتمي المفترض مع أي من الجيش أو الإسلاميين".
ومشكلة هذا التصور أنه يضع ما تسميهم المهدي "بالإسلاميين" وهم تيار واسع للغاية في سلة واحدة، وحتى الإخوان، حيث يفرق البعض بين الاخواني العادي وقادة التنظيم، كما أن يحول ما تسميهم المهدي بالقوى الثورية لقطب ثالث أو إضافي بدلا من أن يكون قطب يجتمع على أجندة ثورية ويرحب بالجميع بدرجة من المرونة.
أما الأغرب فهو على الرغم من تأكيد المهدي على أهمية استقلال القطب الثوري عن الإخوان والعسكر، نجدها تتحدث في مقال الشروق نفسه عن "التمسك بدعم خيار المسار الديمقراطي الذي طرحه الجناح المدني في النظام الحالي بقيادة د. زياد بهاء الدين، فهذا أكبر من فكرة المصالحة مع الاخوان أو محاولة دمجهم في الحياة السياسية (التي مازالت غير ممكنة) ولكنه مسار يؤكد على ما بدأناه في 25 يناير 2011 وتحالف الاخوان مع المجلس العسكري لإسقاطه. هو مسار بناء دولة في خدمة مواطنيها والخروج بالديمقراطية لما هو أبعد من فكرة الصناديق الانتخابية (وإن كان يشملها)، مسار سياسي يضمن أن تكون هناك قواعد تمكننا من محاسبة كل مخطئ دون اللجوء لفكرة العقاب الجماعي وتضمن أن تكون هناك مؤسسات لا يملكها فصيل بعينه، وعلى الرغم من أن هذا المسار يظل مجرد خطوطا عامة إلا إنها مسئولية القوى السياسية ترجمته لمطالب وآليات محددة ورفع سقف طموحاتها بعيدا عن تصور أن ما تحتاجه مصر هو فقط الحل الأمني".
وهنا يظهر مرة أخرى عدة اشكاليات، وهو رفض المهدي للتحالف مع العسكر ولكن قبولها بالمشاركة في حكومته؟ وثانيا: استمرارها في تلك الشراكة بعد كل ما حدث وعلى حساب بديل ديمقراطي رأت المهدي أنه مكملا للمسار الثوري، وثالثا: اصرار المهدي على الاستمرار في حكومة الانقلاب بعد ما ارتكبه من انتهاكات، ورابعا: عدم امتلاكها لضمانات واضحة تضمن نجاح هذه الشراكة، وهو ما تجلى باستقالة بهاء الدين نفسه.
فهل تحتاج رباب المهدي ومن تعبر عنهم مراجعة أنفسهم وموقفهم من النقاط السابقة!؟
خاتمة وتساؤلات
إذا كانت رباب المهدي ومن تمثلهم تيار ثالث يرفض أن يكون "مطية" للإخوان أو العسكر، فلماذا دعمت 3 يوليو؟ ولماذا قبلت بدعم المشاركة في حكومة 3 يوليو والاستفتاء الذي نظمته؟
ثانيا: ما هي الضمانات التي امتلكتها رباب المهدي ومن قد تمثلهم للمشاركة في نظام 3 يوليو؟ يعني آلا يفرض في الفاعلين السياسيين والكتاب بعض العقلانية التي تحميهم من الوقوع في "رد الفعل" كما تطالب المهدي نفسها؟ فأي الضمانات امتلكت لكي تشارك في نظام 3 يوليو!؟
ثالثا: ما هو الدور الذي تلعبه مبادئ أساسية كحقوق الانسان، ونقصد هنا حقوق الجميع بما فيهم الاخوان، في مواقف المهدي وأنصارها؟ يعني كيف تبرير دعم من استمروا في حكومة نظام 3 يوليو بعد مذبحة رابعة!؟
رابعا: دعمت المهدي تمرد وتنازلت عنها، طالبت بأن يكون المسار الثوري داعما لمسار التحول الديمقراطي، ثم تخلت عن ما تم تحقيقه على مسار التحول الديمقراطي في 3 يوليو وبشكل سريع وربما مفاجئ، وبدون بديل واضح، وهو ما ثبت باستقالة البرادعي ثم زياد بهاء الدين، فهل اعتذرت المهدي بشكل واضح، أم أنها تكتفي فقط بمطالبة الاخوان بالمراجعة والاعتذار!؟
خامسا: هل أصبحت التيارات التي تطلق على نفسها اسم "شبابية وثورية" قطب ثالث؟ هل باتت منطقة تلاقي للتيارات الدينية والعلمانية الداعمة للثورة؟ أم أنها تقف الأن على قطيعة من بعض التيارات مضيفة قطب جديد لأقطاب الاستقطاب السياسي في مصر.
والله أعلم، ما رأيكم!؟